تفسير سفر المزامير - الأصحاح 29 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1- 2:
الآيات (1،2): "قدموا للرب يا أبناء الله قدموا للرب مجداً وعزاً. قدموا للرب مجد اسمه اسجدوا للرب في زينة مقدسة."

هنا يطلب المرتل من كل أبناء الله أن يسجدوا لله ويمجدوا اسمه. وفي السجود إنسحاق وشعور بالاحتياج. وكيف نمجد اسم الله؟ بأعمالنا الصالحة ليراها الناس ويمجدوه (مت16:5). وفي الترجمة السبعينية نجد قدموا للرب مجداً وعزاً= قدموا أبناء الكباش. بمعنى أن نقدم أنفسنا ذبائح حية. والكبش وظيفته أن يتقدم القطيع وهذا عمل الرؤساء كقدوة لكل مؤمن. أسجدوا للرب في زينة مقدسة= اسجدوا للرب في دار قدسه= أي الكنيسة الواحدة الوحيدة على الأرض ليكون لنا نصيب في ديار قدسه في السماء.. إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نحسب كالقيام في السماء "قطع الثالثة".


العدد 3:
آية (3): "صوت الرب على المياه. إله المجد أرعد. الرب فوق المياه الكثيرة."

هذا ما حدث يوم الخمسين. والمياه إشارة للمعمودية. وصوت العاصفة. ونرى في أول أيام الخليقة روح الرب يرف فوق المياه لتخرج حياة. وهنا خرج مؤمنين وخرجت الكنيسة. وكون أن كلمة صوت الرب تكررت 7 مرات ففي هذا إشارة لعمل الروح القدس الكامل في الكنيسة وفي السبع أسرار. وفي (رؤ1:3) نسمع عن سبع أرواح الله. كذلك نسمع عن أن اسم الرب تكرر 18 مرة 18 – 3 × 6 و(3) هي إشارة للثالوث أو الأقنوم الثالث، (6) إشارة للإنسان الذي صار هيكلاً للروح القدس. وفي معمودية المسيح حل عليه الروح القدس وسمع صوت الآب "هذا هو ابني الحبيب.. " والمياه تشير للروح القدس (يو37:7،38) لذلك صوت الرب على المياه.


العدد 4:
آية (4): "صوت الرب بالقوة. صوت الرب بالجلال."

صوت الرب ليس ضعيفاً، فكلمة بطرس في هذا اليوم آمن بسببها 3000 نفس وفي العهد القديم حينما تكلم الله أرعد الجبل وخرجت نار فخاف الجميع، وحينما تكلم بولس إرتعب فيلكس الوالي، وحينما كلم المسيح السامرية تغيرت، وشاول آمن. وصوت الرب بالجلال= شعر موسى بجلال الرب وهو أمامه في العليقة، وكان المسيح بالرغم من اتضاعه في جلال عجيب فهو مولود في مزود ولكن ملائكة السماء تزفه في جلال. يهرب إلى مصر فتتحطم أصنامها، يتجلي أمام تلاميذه، يصلبونه فتظلم الشمس ويقوم الأموات، ومن يقبل صوت الله يكون له جلال، فتلاميذ المسيح أحاطهم هذا الجلال وصنعوا المعجزات، وهكذا كل القديسين.
العدد 5:
آية (5): "صوت الرب مكسر الأرز ويكسر الرب أرز لبنان."

الأرز المتشامخ رمزاً للكبرياء وتشامخ الفكر، مثل من يريد أن تكون له أفكاره الخاصة بالانفصال عن الله، أو شاعراً ببره الذاتي. والأرز شجر معمّر إشارة إلى أن خطية الكبرياء مزمنة. وصوت الرب أول شئ يعمله يكسر هذا الكبرياء فتسقط معه باقي الخطايا ويبدأ الإنسان في الاستعداد لقبول مشيئة الله. الله لا يبدأ بأن يحارب الخطايا السهلة، بل يحارب الجبابرة ويخضعهم فهو ملك قوي.


العدد 6:
آية(6): "ويمرحها مثل عجل لبنان وسريون مثل فريز البقر الوحشي."

يمرحها مثل عجل لبنان= أشجار الأرز الضخمة تتطاير أمامه كما يجري عجل لبنان. وسريون مثل فريز البقر الوحشي= سريون جبل في لبنان.. لا شئ يثبت أمام صوت الله مهما كانت قوته. أين كانت قوة موسى الأسود وكبريائه في مشهد استشهاده النهائي.


العدد 7:
آية(7): "صوت الرب يقدح لهب نار."

هذه هي ألسنة النار التي حلَّت على التلاميذ فإلتهبوا حباً في الله، وغيرة على مجده، فتركوا كل شئ وجالوا مبشرين غير خائفين. وفي بعض الترجمات جاءت عوضاً عن يقدح يقطع لهيب نار= هنا نرى الروح القدس يطفئ لهيب الشهوة.


العدد 8:
آية(8): "صوت الرب يزلزل البرية يزلزل الرب برية قادش."

البرية عادة تكون قاحلة، لا حياة فيها، وهكذا الإنسان بدون الروح القدس يكون بلا ثمار، قلبه كبرية قاحلة، وصوت الروح القدس يحوله لجنة مثمرة، حوَّل اليهود وغير المؤمنين إلى مسيحيين، فتحولت القلوب الحجرية لقلوب لحمية حية، إذ تغير الجحود والقساوة فيها إلى حب وتوبة وإشتياق لله.


العدد 9:
آية(9): "صوت الرب يولد الأيل ويكشف الوعور وفي هيكله الكل قائل مجد."

يولد الأيل= الأيل نوع من الغزلان لها غريزة طبيعية عجيبة هي أنها تضع أنفها عند جحور الثعابين فتسرع هذه للخروج فتبطش بها الأيائل بحوافر أرجلها وتميتها، وهي تبدو في فرح بعد الانتصار فتسير كأنها ترقص وتتجمع بعد جهاد الحرب حول ينابيع المياه لتشرب، وصوت الرب ولَّدَ مؤمنين لهم سلطان أن يدوسوا على الحيات والعقارب، ويولد في نفس المؤمن الفرح والسلام والاشتياق إلى ينابيع المياه أي الامتلاء من الروح القدس. وهكذا فرح وتهلل الوزير الحبشي بعد معموديته وسجان فيلبي. يكشف الوعور أي الغابات الكثيفة. وهذه الغابات بسبب كثافة أشجارها يحجز عنها نور الشمس فتكون مظلمة، وأرضها موحلة تحيا فيها الثعابين والزواحف السامة، وداود رأى أن صوت الله يكشف هذه الغابات فيشرق فيها نور الشمس والمسيح هو شمس برنا. فهربت الحيات والعقارب وجفت المياه المتعفنة، وتحولت الطرق إلى طرق مستقيمة. خلال جلسات فحص النفس والاعتراف يستطيع صوت الرب أن يكشف الوعور ليصبح الداخل نقياً. وفي هيكله الكل قائل مجداً= هذه هي ثمار عمل النعمة في الشعوب وفي الأفراد حين يشرق نور المسيح فيهم. فنرى الآن الأرز قد تكسَّر= الكبرياء. وفي القديم نرى نتيجة الكبرياء بلبلة الألسن وفي يوم الخمسين حدث العكس إذ فهم الكل ما قاله بطرس، لقد اجتمعت الكنيسة كلها في لسان واحد يسبح الله وكل من قدَّم توبة ينطلق لسانه مسبحاً.
العدد 10:
آية(10): "الرب بالطوفان جلس ويجلس الرب ملكاً إلى الأبد."

الرب بالطوفان جلس= نرى في الطوفان هلاك العالم القديم بسبب خطاياهم وقيامة عالم جديد ممثلاً في نوح عن طريق الفلك. والفلك رمز للكنيسة، وحادثة الطوفان رمز للمعمودية (1بط20:3،21)، وهذا ما رأيناه في كلمات هذا المزمور أن صوت الرب حطّم الإنسان العتيق بكبريائه وشهواته ليقيم إنساناً جديداً (رو3:6،4) وهذا الإنسان الجديد يملك الله علي قلبه، ويعطي مجداً لله مسبحاً الله على عمله.


العدد 11:
آية(11): "الرب يعطي عزاً لشعبه. الرب يبارك شعبه بالسلام."

صوت الرب جاء ليعلن فاعليته في حياة البشر ويحول قفر العالم إلى فردوس ويعطي شعبه قوة ويمنحهم سلام "سلامي أنا أعطيكم سلامي أترك لكم"


أعلى