تفسير سفر المزامير - الأصحاح 26 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1:
آية (1): "اقض لي يا رب لأني بكمالي سلكت وعلى الرب توكلت بلا تقلقل."

لم يكن أمام داود، وقد وجه له أعداءه اتهامات ظالمة إلا أن يلجأ لله ليشهد له أنه لم يفعل كل ما قيل عنه. واضعاً كل إتكاله على الرب وليس على إنسان.


العدد 2:
آية (2): "جربني يا رب وامتحني صف كليتي وقلبي."

جربني يا رب.. صف كليتي= جربني هنا جاءت بمعنى فحص المعادن بالنار لتنقيتها وداود هنا غير أيوب. فأيوب حين فاجأته التجارب صرخ إلى الله متسائلاً لماذا سمحت بكل هذا يا رب فأنا بار.. أما داود فصرخ لتكن هذه الآلام والتجارب لتنقيتي، فمن يحبه الرب يؤدبه.. هو هنا يريد أن تكشف التجارب له حقيقة ضعفاته ليكمل، فقوله جربني لا يعني أن يعرف الله بعد التجربة حقيقة قلبه فالله عالم بكل شئ، إنما لكي ينكشف أمام داود نفسه أخطاءه الدفينة. والكلية تشير للداخل، هي تنقي الدم وداود يريد تنقية داخله تماماً. (يع2:1،3 + 1بط8:1 + 2كو10:12).
العدد 3:
آية (3): "لأن رحمتك أمام عيني. وقد سلكت بحقك."

الأساس الذي نقبل به أي تجربة هو أن كل ما يمر بحياتنا مبنى على أساس رحمة الله، وأن كل شئ للخير للذين يحبون الله= وقد سلكت بحقك. فهو برئ من التهم التي وجهت إليه، وهو يحب الله لذلك يثق في استمرار مراحم الله كما أختبرها من قبل.


العدد 4- 5:
الآيات (4،5): "لم أجلس مع أناس السوء. ومع الماكرين لا أدخل. أبغضت جماعة الأثمة ومع الأشرار لا أجلس."

نرى نموذج لكمال داود وتدقيقه في اختيار أصدقائه. فالناس يعرفون من أصدقائهم. وهنا يدافع عن نفسه فهو مع أن إلتجأ للوثنيين إلا أنه لا يشترك في أعمالهم. هو كان محروماً بالجسد من مشاركة شعبه عبادتهم ولكن قلبه كان هناك في أورشليم.


العدد 6- 8:
الآيات (6-8): "أغسل يدي في النقاوة فأطوف بمذبحك يا رب. لأُسَمِّع بصوت الحمد وأحدث بجميع عجائبك. يا رب أحببت محل بيتك وموضع مسكن مجدك."

يعلن أنه ولو أنه هارب من أورشليم إلا أنه هو معهم، وكأنه يغسل يديه بالنقاوة، لا بماء المرحضة مع الكهنة ولكن بنقاوة القلب الداخلي، ويطوف حول المذبح لا بجسده وإنما بشوقه الداخلي، يسمع التسبيح السماوي بأذنيه الروحيتين. وغسل يديه يشير لأنه لم يشترك في عبادة الأوثان كما اتهموه ظلماً. ونحن نغسل أيادينا ونتطهر من الماء والدم اللذين فاضا من جنب المسيح (معمودية + توبة). والطواف حول المذبح= كان الكهنة يفعلون ذلك بعد تقديم الذبيحة. وكان الشعب يتابعهم مسبحاً. وهنا داود يشعر أنه بقلبه يتابع تقديم الذبائح ويسبح الله مخبراً بجميع عجائبه ومراحمه.
العدد 9- 12:
الآيات (9-12): "لا تجمع مع الخطاة نفسي ولا مع رجال الدماء حياتي. الذين في أيديهم رذيلة ويمينهم ملآنة رشوة. أما أنا فبكمالي أسلك. أفدني وارحمني. رجلي واقفة على سهل في الجماعات أبارك الرب."

صلاة يشتهي فيها داود أن يكون الله نصيبه وأن لا يُحرم من الله فيكون نصيبه مع الأشرار، هو لا يتصور أن يكون محروماً من الله هنا أو هناك فهو يحبه. أما أنا فبدعتي سلكت= هو تأكيد الولاء لله، وليس فيها نوع من الكبرياء. والدليل قوله. إفدني وارحمني. مهما كانت أعمالي مستقيمة فلا خلاص لي سوى بفدائك العظيم ورحمتك. رجلي واقفة على سهل= في السبعينية (تقف في الاستقامة). فلا تجعل نصيبي مع الشرير لأنني لا أسلك في طريقهم. هنا نرى أعماله ولكنها بدون الفداء لن تجدي نفعاً. في الجماعات أبارك الرب= نرى هنا أهمية العبادة الجماعية في الكنيسة والقداسات والاجتماعات.
أعلى