تفسير سفر المزامير - الأصحاح 16 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1:
آية (1): "احفظني يا الله لأني عليك توكلت."

الكنيسة تلقي إتكالها الكامل على الرب لذلك يحفظها. ويرى أباء الكنيسة أن المسيح هو المتكلم هنا بلسان الكنيسة جسده، يسأل الآب قيامة جسده لتقوم الكنيسة كلها معه وفيه. (عب7:5) + (أش8:49). وهذه الآية يجب أن يصلي بها كل واحد لله.


العدد 2:
آية (2): "قلت للرب أنت سيدي خيري لا شئ غيرك."

خيري لا شئ غيرك= لا تحتاج إلى صلاحي (سبعينية). الصلاح هو عطية الله، والله لا يحتاج لصلاحنا، بل باتحادنا بالمسيح يهبنا الله الصلاح. وإذ تلتقي النفس بالله مصدر حمايتها وصلاحها تجد فيه كل الكفاية فتقول له أنت ربي وتسلم الحياة كلها له. ليكون هو الرب وهو القائد. ولو كان المسيح هو المتكلم في هذه الآية فهو حين يقول "ربي" يعلن عن كامل إنسانيته واتحاده ببشريتنا، وكممثل عن الكنيسة جسده يقول للآب خيري لا شئ غيرك فالكنيسة مصدر خيراتها الوحيد هو الله صانع الخيرات.


العدد 3:
آية (3): "القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مسرتي بهم."

من هم قديسيه إلا أعضاء جسده الذين تقدسوا بالاتحاد به، هؤلاء هم الكنيسة وهؤلاء قد صنع الله فيهم كل مشيئاته الصالحة وكل أعاجيبه، لذلك نصلي سبحوا الله في جميع قديسيه فالله ممجد في قديسيه، وصنع فيهم كل مشيئته لأنهم سلموا له المشيئة بالكامل "لتكن مشيئتك". ولاحظ أنهم صاروا قديسين بالرغم من أنهم مازالوا على الأرض. فالله يفعل المستحيلات وحّول شعبه إلى قديسين في وسط عالم شرير. وهذه هي مسرة الله أن يحول شعبه إلى قديسين= كل مسرتي بهم= صنع فيهم كل مشيئاته ونلاحظ أن القيامة لم يشاهدها سوى المؤمنين (لا يتعدوا 500شخص الذين رأوا المسيح بعد قيامته). وحياة القداسة التي ننعم فيها بالمسيح المقام الذي يخلصنا هي لمن يؤمن ويأخذها كهبة إلهية.


العدد 4:
آية (4): "تكثر أوجاعهم الذين أسرعوا وراء آخر. لا أسكب سكائبهم من دم. ولا أذكر أسماءهم بشفتي."

من ساروا وراء آلهة أخرى (شهوة/ مال/ كرامة زمنية..) تكثر أمراضهم وأوجاعهم فالمسيح وحده هو الشافي لأرواحنا وأجسادنا ونفوسنا. لا أسكب سكائبهم من دم= فقد كان من عادة الوثنيين أن يشربوا كأساً من الدم كتقدمة وكنوع من العبادة ولا أذكر أسماءهم= أي أسماء الآلهة الوثنية (خر13:23). فالقديسين الذين عرفوا الرب يقطعون كل علاقة لهم بالخطية والخطاة.


العدد 5- 6:
آية (5،6): "الرب نصيب قسمتي وكأسي. أنت قابض قرعتي. حبال وقعت لي في النعماء. فالميراث حسن عندي."

هذا هو صوت الكنيسة، الله هو نصيبنا وميراثنا وكأسنا الذي نشربه من الألم والمجد، والمسيح أعاد لنا ميراثنا. وكان تقسيم الأرض في الميراث يقاس بالحبال وبالقرعة (يش6:13). وداود يشعر أن الله قابض قرعته= هي ليست في يد إنسان أو بالحظ أو بالصدفة، الله هو الذي يحددها له، وطالما أن الله يحددها له فقرعته وحبال التقسيم وقعت في النعماء. وكان اللاويين لا نصيب لهم في الأرض وكان الله نصيبهم ليشرح الله أن من يكون الله نصيبه فقد فاز بالنعماء. وقد فهم داود هذا ولم يفرح بملكه ولكنه فرح بأن الرب نصيبه (مز26:73). هذه هي فرحة التمتع بالشركة مع الله. ومن يرفض أن يقبل كأس لذات العالم من يد الشيطان يصير الرب كأسه وقسمته ويكون ميراثه ثابت (1بط4:1).


العدد 7:
آية (7): "أبارك الرب الذي نصحني. وأيضاً بالليل تنذرني كليتاي."

أبارك الرب الذي نصحني (افهمني في السبعينية). وأيضاً في الليل تنذرني كليتاي= هذا هو عمل الروح القدس فهو يعلمكم كل شئ ويبكت على خطية.. ليضمن لنا ميراثنا إن لم نقاومه وفي النهار (طريق التوبة) يعلم ويكشف عن أسرار الله. وفي الليل (وقت الخطية) يبكت وينذر. والكلية ترمز للأعماق، لداخل النفس، مجال عمل الروح القدس. والروح القدس يريد أن يعلن لنا أسرار الميراث، وهذا ما جعل المسيح يفرح (لو21:10). ونلاحظ أن الكليتان تنقيان الدم، وهكذا عمل التوبة ينقي الحياة والنفس لتؤهل للميراث الأبدي.


العدد 8:
آية (8): "جعلت الرب أمامي في كل حين. لأنه عن يميني فلا أتزعزع."

الإيمان الحي، هو من يجد الرب أمامه في كل حين، يشعر أنه في حضرته فلا يخطئ (يوسف) وقوله عن يميني إشارة لمن له هذا الإيمان الحي يكون الله قوته. فاليمين لا تعني مكاناً ما وإنما هي تشير للقوة. ونلاحظ أنه حينما نقول المسيح جلس عن يمين الآب أنه يحمل قوة الآب. ولأن الآب والابن واحد، والآب في الابن والابن في الآب، نجد الآية هنا وهي بلسان المسيح تقول جعلت الرب.. عن يميني، فالآب هنا عن يمين الابن.


العدد 10:
آية (10): "لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيك يرى فساداً."

هي نبوة واضحة عن قيامة المسيح، إذ لم يكن الموت قادراً أن يمسكه للأبد.


العدد 11:
آية (11): "تعرفني سبل الحيوة. أمامك شبع سرور. في يمينك نعم إلى الأبد."

سبيل الحياة= طرق الحياة. هي الحياة المعاشة في شركة مع الله وهذه تستمر هنا على الأرض وفيما بعد الموت. والطريق هو المسيح فمن يثبت فيه يقوم معه ويصعد معه.


أعلى