تفسير سفر إرميا - الأصحاح 26 | تفسير تادرس يعقوب


العدد 1- 7:
1. إرميا في دار بيت الرب

يحوى هذا الاصحاح ملخصًا لعظة إرميا النبي في دار بيت الرب. يرى بعض المفسرين أن نص العظة ورد في الاصحاح السابع ؛أما هنا فيصف الحدث التاريخي أو أثر العظة على القيادات والشعب؛ مدللين على ذلك بأن محورالاصحاحين هو التهديد الإلهي بأن مصير الهيكل يكون كشيلوه. ويرى [i]Keil أن هذا التهديد قد تكرر كثيرًا في أحاديث إرميا خاصة في الهيكل؛ لهذا لا يؤخذ هذا دليلاً على أن ما جاء في الاصحاح السابع هو نص الحديث الوارد عنه في هذا الاصحاح . ففي الاصحاح السابع ركز على خراب الهيكل وسبي الشعب أما هنا فأضاف أيضًا خراب أورشليم .

قُدم إرميا للمحاكمة، وقد ظهرت المجموعات التالية:

ا. إرميا كنبي يحذر الشعب، وكمتهمٍ، وأيضا كمدافعٍ عن نفسه.

ب. الكهنة والأنبياء الكذبة يتهمون إرميا.

ج. القضاة.

د. الرؤساء: السلطات المدنية.

هـ. الشيوخ.

و. متهمون آخرون غير إرميا.

"في ابتداء ملك يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا صار الكلام من قبل الرب قائلاً:

هكذا قال الرب:

قف في دار بيت الرب وتكلم على كل مدن يهوذا القادمة للسجود في بيت الرب بكل الكلام الذي أوصيتك أن تتكلم به إليهم.

لا تنقص كلمة.

لعلهم يسمعون ويرجعون كل واحدٍ عن طريقه الشرير،

فأندم عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بهم من أجل شر أعمالهم.

وتقول لهم هكذا قال الرب:

إن لم تسمعوا لي لتسلكوا في شريعتي التي جعلتها أمامكم،

لتسمعوا لكلام عبيدي الأنبياء الذين أرسلتهم أنا إليكم مبكرًا ومرسلاً إياهم فلم تسمعوا،

أجعل هذا البيت كشيلوه، وهذه المدينة أجعلها لعنة لكل شعوب الأرض.

وسمع الكهنة والأنبياء وكل الشعب إرميا يتكلم بهذا الكلام في بيت الرب" ع1-7.

تمَّ الحادث الوارد هنا بعد تجليس الملك يهوياقيم على العرش على أثر ترحيل أخيه يهوآحاز إلى مصر في خريف سنة 609 ق.م، أو في الصيف والسنة التالية (حوالي سنة 608 ق.م)[ii].

يرى البعض أن تعبير "في ابتداء مُلك..." يُقصد به الفترة من تجليس الملك إلى بدء السنة الجديدة والتي تُحسب السنة الأولى للملك[iii].

كان إرميا النبي في نزاعٍ مستمرٍ مع الملك الشرير يهوياقيم (2مل36:23،37)، الذي وصفه يوسيفوس أنه لم يكن يخاف اللَّه ولا يهاب إنسانًا، وكان لزوجته نحوشتا أثرها عليه، هذه التي اشترك أبوها ألناثان في جريمة قتل أوريّا.

أحد أسباب النزاع اهتمام الملك ببناء قصرٍ فخمٍ (13:22 الخ.)، فمع ما تثقلت به مملكته من غرامة ضخمة التزم بها أمام نخو فرعون بعد هزيمة يوشيا، انشغل ببناء القصر مستخدمًا الظلم لبنائه.

كما واجه ايليا النبي آخاب الملك، هكذا واجه إرميا النبي يهوياقيم. هذا يذكرنا بموت أوريا بن شمعيا الذي نطق بكلمات قاسية ضد أورشليم وسكانها كتلك التي نطق بها إرميا، فغضب الملك حتى اضطر أوريا إلى الهروب إلى مصر، لكن الملك جاء به وضربه بحد السيف وطرح جثته في قبور عامة الشعب انتقامًا منه لجرأته. وقد حاول الملك أن يفعل ذلك بإرميا لولا تدخل أخيقام بن شافان وغيره لإنقاذه (20:26-24).

وقف إرميا في دار بيت الرب يعلن محاكمة اللَّه لشعبه مقدمًا لهم الرجاء الحيّ في العفو إن أعلنوا توبتهم وذلك عوض النظرة التفاؤلية التي قدمها الأنبياء الكذبة في رجاءٍ باطلٍ وخداعٍ.

وقف إرميا في إحدى القاعات الداخلية، أو فيما بين الردهات الخارجية والداخلية حتى يسمع له كل القادمين إما في يوم صوم أو عيد.

تعبير اللَّه لإرميا "لا تنقص كلمة" ع2 تعبير حيّ. إذ يُستخدم الفعل هنا في جز اللحية (37:48، إش2:15)، كأن اللَّه يحذر إرميا ألا يهادن الشعب بل ينطق بكل كلمات الرب لهم مهما بدت قاسية، وإلا حُسب عمله كمن يجز لحية كاهن... منتهى الاستخفاف والإهانة! وفي نفس الوقت فإن اللَّه في محبته يشتاق أن يوقف الحكم الصادر ضدهم بالتأديب، إن قدموا توبة.

هنا يؤكد اللَّه أنه يعلن عن إراداته لأنبيائه الحقيقييين وحدهم. ويميز بين أنبيائه الحقيقيين والأنبياء الكذبة، فينسب الأولين له ويدعوهم: "عبيدي" ع5، لأنهم يسمعون له ويتممون إرادته.

ما أصعب أن يسمع الكل عن الهيكل ومدينة اللَّه أن يصيرا كشيلوه هذه التي حطمها الفلسطينيون حوالي سنة 1050 ق.م (1صم4)؛ هذه التي ربما أعُيد بنائها فيما بعد لكنها عادت فخربت تمامًا وصارت مثلاً وعبرة وصورة حية للدمار في أيام إرميا.

ما أصعب على آذان الكل أن يسمعوا كلمة " لعنة" ع6 عن مدينة اللَّه التي يرى الكل انها سبب بركة للعالم كله! فإنها إذ تحولت من مركز لمجد اللَّه إلى موضع تجديف عليه، يصيّرها اللَّه لعنة لكل شعوب الأرض ع6! بقدر ما نالت المدينة كرامة في عينى اللَّه حتى أقامها لتكون أشبه بوكالة له أو سفارة عنه أو أيقونة حية عن سمواته، إذ انحرفت تحولت إلى وكالة لعدو الخير وأيقونة لمملكة ابليس تبث اللعنة على الجميع!


العدد 8- 9:
2. القبض على إرميا ومحاكمته

"وكان لما فرغ إرميا من التكلم بكل ما أوصاه الرب أن يكلم كل الشعب به أن الكهنة والأنبياء وكل الشعب أمسكوه قائلين: تموت موتًا.

لماذا تنبأت باسم الرب قائلاً مثل شيلوه يكون هذا البيت، وهذه المدينة تكون خربة بلا ساكن؟!

واجتمع كل الشعب على إرميا في بيت الرب" ع8،9.

لم يقف الأمر عند غضب الملك، وإنما رأى الشعب في مجاهرة إرميا بأن اللَّه سيجعل مقدسه - الهيكل الذي يفتخرون به - خرابًا، كما فعل لشيلوه منذ حوالي 500 سنة إهانة للَّه كأنه عاجز عن حمايتهم والدفاع عن بيته المقدس، واحتقارًا لديانتهم، ومقاومة لما أكده لهم الأنبياء (الكذبة) والكهنة بأن وجود الهيكل بينهم هو ضمان كافٍ لنجاتهم. لقد وجد إرميا نفسه فجأة أمام فوهة بركان غضب كل الشعب.

هذا ما حدث مع معلمنا بولس الرسول حيث أُتهم أنه دنّس الموضع المقدس، فهاجت المدينة كلها عليه، وجره الشعب خارج الهيكل وكاد أن يُقتل لولا تدخل الجنود الرومانيون (أع27:21-36).

ألقى القبض على إرميا بالتهم التالية، وهى ذات الاتهامات التي وجهت إلى السيد المسيح نفسه (مت60:26)؛ فكان إرميا رمزًا وظلاً لمخلصه:

ا. النطق بكلمات ضد الهيكل والمدينة المقدسة في داخل الهيكل.

ب. النطق باسم يهوه باطلاً، معلنًا أن الهيكل يصير كشيلوه، وأورشليم تصير خرابًا بلا ساكن.

ج. كان إرميا في نظر متهميه نبيًا كاذبًا، إذ كانوا يظنون أن ما نطق به أمر مستحيل، لن يصدر عن رجل اللَّه!

د. انه مجدف، ينطق باسم اللَّه بما لا يليق باللَّه!

لا تزال الاتهامات موجهة ضد المسيح في تلاميذه ومؤمنيه؛ الذين يُحسبون إلى اليوم مجدفين. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [على أى الأحوال؛ فإن يسوع يهاجمه شهود زور في كل وقت. طالما وُجد الشر في العالم فهو معرض للاتهامات بصفةٍ دائمةٍ. ومع ذلك لا يزال صامتًا أمام هذه دون أن يقدم إجابة مسموعة؛ بل يقدم دفاعه في حياة تلاميذه الحقيقيين؛ وتعتبر هذه شهادة سامية جدًا تسمو فوق كل شهادة زورٍ؛ تفند كل الهجمات والتهم التي بلا أساس وتهدمها[iv].]

جاءت كلمة "اجتمع" ع9 في العبرية qahal تشير عادة إلى تجمع دينى كما إلى تجمع للحرب (2صم14:20) أو اجتماع بنيةٍ معاديةٍ (عد3:16)، وكأن الهيكل قد تحول من اجتماع دينى إلى معركة أو ثورة غضب شعبية ضد إرميا[v].

احتمل إرميا الاتهامات والآلام رمزًا للسيد المسيح الذي قبل آلامنا فيه لكي نقبل فرحه فينا. وكما يقول القديس أمبروسيوس:

[لقد حمل في نفسه آلامي؛ لكي يمنحني فرحه!

بثقة أذكر حزنه؛ إذ أكرز بصليبه !

كان يلزم أن يحمل الأحزان لكي يغلب... أراد لنا أن نتعلم كيف نغلب الموت؛ بالأكثر نحطم الموت القادم (الأبدي)!

لقد تألمت أيها الرب لا بآلامك وإنما بآلامي؛ إذ جُرحت لأجل معاصينا...

تألم من أجل مضطهديه ليس بعيدًا عن الحق ؛ إذ يعرف أنهم يعانون العقوبة من أجل تدنيسهم للمقدسات[vi].]


العدد 10- 11:
3. صعود الرؤساء إلى بيت الرب

"فلما سمع رؤساء يهوذا بهذه الأمور صعدوا من بيت الملك إلى بيت الرب، وجلسوا في مدخل باب الرب الجديد.

فتكلم الكهنة والأنبياء مع الرؤساء وكل الشعب قائلين:

حق الموت على هذا الرجل،

لأنه قد تنبا على هذه المدينة كما سمعتم بآذانكم" ع10،11.

سمع رجال القضاء الرسميين (رؤساء يهوذا) بالأمر، سواء مباشرة أثناء وجودهم في الهيكل أو ابلغهم البعض بذلك، فأقاموا محاكمة حيث جلسوا في مدخل "الباب الجديد". هذه هى العادة أن تُقام المحاكمة عند الأبواب (تك10:23-20، را 1:4، أم23:31)، ونحن لا نعلم شيئًا عن هذا الباب إلا أنه كان في الردهة العلوية (2:20). يرى البعض ان يوثام قام ببنائه (2مل26:15-35) أو هو اسم آخر لباب بنيامين (19:17)[vii].

لماذا تمت محاكمة إرميا النبي في مدخل باب الرب الجديد؟

يبدو لي أن اللَّه قد سمح لإرميا أن تتم محاكمته في مدخل باب الرب الجديد خارج أورشليم ليدرك أنه ليس هو طرفًا في المعركة؛ ولا هو المقصود من المحاكمة؛ إنما كلمة الرب نفسه! كان ظلاً للسيد المسيح الذي ارتجت الأمم وقامت الملوك ضده؛ وصدر الحكم عليه: موتًا تموت! وصُلب على جبل الجلجثة خارج المحلة. إن كان إرميا في شجاعة لم يخف الموت مدركًا انهم إن قتلوه يسفكون دمًا بريئا؛ فإن السيد المسيح في محبته قبل الموت بارادته ليسكب بره في حياة مؤمنيه! كان إرميا ينذر أن قتله يجلب عليهم الغضب الإلهي بالأكثر؛ أما مسيحنا فكان ولا يزال يكرز خلال تلاميذه ورسله ان قتله يفتح أبواب المراحم الإلهية.

لنقف مع مسيحناعند باب الرب الجديد؛ ولنحمل معه عاره خارج المحلة (عب13:13)؛ نقدم حياتنا ذبيحة حب صادقة؛ فننعم بقوة وبهجة قيامته عاملة فينا!

وُجه الاتهام من الكهنة والأنبياء وطلبوا حكم الموت كعقوبة عادلة، وقام رجال القضاء الرسميين كقضاة.


العدد 12- 15:
4. إرميا يحذرهم من سفك دمه

"فكلم إرميا كل الرؤساء وكل الشعب قائلاً.

الرب أرسلني لأتنبأ على هذا البيت، وعلى هذه المدينة بكل الكلام الذي سمعتموه.

فالآن اصلحوا طرقكم وأعمالكم واسمعوا لصوت الرب إلهكم، فيندم الرب عن الشر الذي تكلم به عليكم.

أما أنا فهأنذا بيدكم.

اصنعوا بى كمــا هو حسـن ومستقيم في أعينكم.

لكن اعلموا علمًا أنكم إن قتلتموني تجعلون دمًا زكيًا على أنفسكم وعلى هذه المدينة وعلى سكانها،

لأنه حقًا قد أرسلني الرب إليكم لأتكلم في آذانكم بكل هذا الكلام" ع12- 15.

جاء دفاع إرميا ان ما نطق به ليس من عنده بل من قبل اللَّه، وأنه نبي حقيقي ع21، وإن قتله يعني سفك دمٍ برىء، ينتقم له الرب نفسه. كما دعى الكل إلى التوبة لخلاصهم. إنه لا يبالى بقتله لكنه يخشى هلاكهم وضياع الشعب كله والمقدسات الإلهية.

لم يكن دفاع إرميا عن ضعف ولا عن خوف من الموت، وإنما لأجل خلاص سامعيه. فان محاكماتهم لن تفقده سلامه أو سعادته، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الإنسان الفاضل، وإن كان عبدًا أو سجينًا، فهو أكثر الناس سعادة... ضعيفة هى الرذيلة وقوية هى الفضيلة[viii]!]


العدد 16- 24:
5. الرؤساء والشعب ضد الكهنة والأنبياء

"فقالت الرؤساء وكل الشعب للكهنة والأنبياء:

ليس على هذا الرجل حق الموت، لأنه إنما كلمنا باسم الرب إلهنا.

فقام أناس من شيوخ الأرض وكلموا كل جماعة الشعب قائلين:

إن ميخا المورشتي تنبأ في أيام حزقيا ملك يهوذا وكلم كل شعب يهوذا قائلاً:

هكذا قال رب الجنود إن صهيون تُفَّلح كحقلٍ وتصير أورشليم خربًا وجبل البيت شوامخ وعر.

هل قتلاً قتله حزقيا ملك يهوذا وكل يهوذا؟!

ألم يخف الرب وطلب وجه الرب فندم الرب عن الشر الذي تكلم به عليهم، فنحن عاملون شرًا عظيمًا ضد أنفسنا؟!

وقد كان رجل أيضا يتنبأ باسم الرب أوريا بن شمعيا من قرية يعاريم، فتنبأ على هذه المدينة وعلى هذه الأرض بكل كلام إرميا.

ولما سمع الملك يهوياقيم وكل أبطاله وكل الرؤساء كلامه طلب الملك أن يقتله.

فلما سمع أوريا خاف وهرب وأتى إلى مصر.

فأرسل الملك يهوياقيم أناسًا إلى مصر ألناثان بن عكبور ورجالاً معه إلى مصر،

فأخرجوا أوريا من مصر، وأتوا به إلى الملك يهوياقيم، فضربه بالسيف، وطرح جثته في قبور بني الشعب.

ولكن يد أخيقام بن شافان كانت مع إرميا حتى لا يدفع ليد الشعب ليقتلوه" ع16-24.

تدخل الرؤساء القادمون من القصر، ومنعوا قادة الثورة من قتل النبي، وعقدوا ما هو أشبه بمحكمة دُعي إليها الشعب والنبي معًا.

أوضح الكهنة والأنبياء رغبة الشعب في قتل إرميا، ثم أداروا وجوههم من المحكمة إلى الشعب يطلبون موافقتهم. لكن وقف إرميا يعلن أنه لا يمكنه إلاّ أن ينطق بكلمات الرب، مؤكدًا نبوة ميخا النبي في أيام حزقيا، مسلمًا نفسه بين أيديهم، مع تحذيرهم أن سفك دمه البريء إنما يجلب عليهم النقمة الإلهية.

قبل الرؤساء دفاع إرميا ووقفوا ضد السلطات الدينية وطالبوا الشعب بعدم التسرع، لأن إرميا ليس بمجدفٍ على اللَّه ومقدساته، إنما هو نبي حقيقي.

عادوا بالكل إلى ذكريات أو إلى حالة عبر عليها قرابة قرن من الزمان. قدموا لهم حالة ميخا المورشتي (مي12:3) مثلاً، الذي نطق بكلمات مشابهة وقد سمع له الملك حزقيا (716-687 ق.م) والشعب، ولم يزدروا بكلماته، بل خافوا الرب وطلبوا وجهه، فتمتعوا بالمراحم الإلهية. قام حزقيا بحركة اصلاح دينية (2مل14:18)، متجنبًا الشر.

ربما مقابل ما حدث لإرميا النبي إذ قدم الرؤساء دفاعًا عنه مستندين إلى ما حدث مع ميخا النبي ؛ أورد باروخ النبي مثالاً آخر وهو النبي أوريا بن شمعيا من قرية يعاريم التي تبعد حوالي ثمانية أميال شمال غربي أورشليم، وكانت إحدى مدن الجبعونيين الأربع (يش17:9) وكانت تدعى قرية بعل (يش14:18) أو بعلة (يش9:15)، وقد حُفظ فيها تابوت العهد بعد أن رده الفلسطينيون، ومنها أُرسل إلى أورشليم (1صم7:1-2؛ 2صم6). طلب الملك ورجاله قتل أوريا واذ هرب إلى مصر أرسل من يحضره حيث كانت العلاقات طيبة بين مصر ويهوذا، وقُتل النبي.

وجد إرميا مساندة من صديقه أخيقام بن شافان ع24، كان شافان كاتبًا أو سكرتيرًا ليوشيا المصلح (2مل3:22-14).

يبدو أن إرميا كان على علاقة طيبة بكل الاسرة، إذ نجد ابنًا آخر لشافان "جمريا" (10:36) يتعاطف معه (25:36) ويحث الملك يهوياقيم ألا يحرق درج إرميا؛ وثالثا "جدليا" يهتم بإرميا، مكرسًا نفسه له بعد سقوط أورشليم (14:39؛ 5:40-6). قامت هذه العائلة بمساندة إرميا كى لا يُقتل. أما علة الصداقة فربما لتعاطف إرميا مع الملك يوشيا في إصلاحاته وسياسته العامة.

إذ تكلم إرميا بجرأة حول اللَّه التيار في مصلحته وأصدر الرؤساء وكل الشعب للكهنة والأنبياء قرارًا أنه ليس على هذا الرجل حق الموت لأنه إنما يتكلم باسم الرب إلهنا.

وُجد إرميا غير مستحق للموت؛ هكذا أيضا نطق بيلاطس بنطس بخصوص السيد المسيح (لو32:23)؛ لكن إرميا لم يُقتل إلى حين؛ أما السيد المسيح فصُلب ليتمم خلاصنا فمن أجل هذا قد جاء! جاء يحمل آلامنا لكي يحملنا نحن فيه فنجد راحتنا. وكما يقول الأب قيصريوس:

[إن كنا نحنى أعناقنا باتضاع لنقبل نير المسيح؛ فإن النير نفسه بالأحرى يحملنا؛ ولسنا نحن الذين نحمله.

إن كان نير العالم يضغط دائمًا على الإنسان لينزل به إلى أسفل؛ فإن نير المسيح يرفعه إلى أعلى[ix].]

أعلى