- إنضم
- 23 ديسمبر 2008
- المشاركات
- 1,472
- مستوى التفاعل
- 93
- النقاط
- 48
1- معجزة تحويل الماء إلى خمر فى عرس قانا الجليل
من له العروس فهو العريس (يو29:3)
القديم: ماء التطهير الناموس.
الجديد: الخمر = الدم والحياة الجديدة
الاستعلان: العريس الحقيقي يقدم دمه المسفوك لإسعاد البشرية.
لم يكن جزافاً أن يبدأ المسيح ظهوره العلني في «حفلة عرس» ويصنع أول آياته في تحويل «الماء إلى خمر», فهنا يبدأ الخدمة العلنية وانجيل آياته هكذا:
1- وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ.
فإذا علمنا أن بدء خدمة المسيح في إنجيل مرقس هكذا: «جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله» (مر14:1), وانجيل القديس متى أيضاً مثله: «من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لأنه قد اقترب ملكوت الله» (مت17:4). كذلك إذا رجعنا إلى مفهوم ملكوت الله نجده حسب التقليد الإنجيلي الرسولي هكذا: «يشبه ملكوت السموات إنساناً ملكاً صنع عرساً لابنه... » (مت22:2-4)؛ وأيضاً: «يشبه ملكوت السموات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن لاستقبال العريس...» (مت1:25-13)؛ ثم لو دققنا؛ نكتشف أن المسيح نفسه يصور كل فترة وجوده على الأرض في وأولاده وتلاميذه ومحبيه بحفلة عرس ممتدة: «فجاءوا وقالوا لماذا يصوم تلاميذ يوحنا والفريسيين وأما تلاميذك فلا يصومون, فقال لهم يسوع هل يستطع بنو العرس أن يصوموا والعريس معهم. مادام العريس معهم لا يستطيعون أن يصوموا. ولكن ستأتي أيام حين يُرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الأيام.» (مر18:2-20). وهكذا نستطيع أن نأخذ صورة مؤكدة عن ما يبدو عليه المسيح في نظر نفسه. المسيح يرى نفسه عريساً، أينما سار وأينما حل، حتى وهو في حفلة عرس لآخر، عريساً يبدأ يدشن ملكوته!
القديس يوحنا استحال عليه تحقيق الرمز بحرفيته على الواقع بأن يصور المسيح كعريس في عرس قانا الجليل، فاكتفى أن يدعى السيح إلى عرس «الجليل» كعريس حقيقي ولكن غير ظاهر إلآ لأخصائه، ولم يظهر إلا عندما قيل: «ليس لديهم خمر». قد فرغ الفرح من إسرائيل...!!، «ليس لديهم خمر» وماذا يبقى من العرس إذا لم يكن لهم خمر ؟ إنه الرمز الحقيقي لسر الشركة مع الله أو الانفتاح على الملكوت!! والخمر هو التعبير اللاهوتي عن بهجة الخلاص في الأزمنة الماسيانية!! وفي الوعي المسيحي اللاهوتي هو كأس الخلاص بعينه: «اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسُفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا.» (مت27:2-28)
ون كان قد حدث فجأة أن فرغ الخمر في عرس قانا الجليل, ولكن عند القديس يوحنا كان هذا أمراً تحتمه النبوات، لأن بهجة الخلاص قد انقطعت بالفعل من العهد القديم. ولم يكتشف أحد أن خمر العرس في عرس الناموس قد انقطع إلا أم يسوع التي أصبحت تحس بوجود الله أينما ذهبت من عدم وجوده. وفي هذا يقول النبي تعبيراً عن أواخر أيام العهد القديم: «اصحوا أيها السكارى, وابكوا وولولوا يا جميع شاربي الخمر على العصير، لأنه أنقطع عن افواهك» (يؤ5:1)
والقديس يوحنا يقدم «الأم» باعتبارها أول من اكتشف أن «ليس لهم خمراً», والخمر تعبير عن سر الشركة مع الله, كما قلنا, ولدلالتها لدى العريسين، ولدى العهدين، أي لدى عريس الناموس لأنه يبدو أنه كان أحد أقربائها، ولدى عريس الملكوت الحقيقي لأنه ابن لها بالحق, تقدمت بملتمسها: «ليس لهم خمر», ومع الطلب نظرة استعطاف من «أم إسرائيل القديم بالتمثيل» و «أم إسرائيل الجديد باللحم والدم», وكأنها تقول له: اعلن عن وجودك!! فكان أن حول عريس الملكوت ماءهم الذي للتطهير إلى «خمر على طقس عشاء الرب». هكذا شربها تلاميذه وأحباؤه «الذين تبعوه في التجديد». وهكذا وبها أظهر مجده لهم، فانفتحت أعينهم لما شربوا ورأوا هالة مجده, فآمنوا. لقد عرفوه كما عرفه تلميذا عمواس وقت كسر الخبز؛ لأنه في اثنين يستعلن السر، وقت رفع الكأس ووقت كسر الخبز، أينما كان المسيح على عشاء!!، فما بالك والمسيح يضيف إليها لمحة فصحية: «إن ساعتي لم تأت بعد»، ولكن أمه استقدمتها له!!
لقد ملأت الخمر أجرانهم وفاضت، وفي هذا يقول يوئيل النبي نفسه لما نظر بالروح عودة العريس إلى عروسه: «فتملأ البيادر حنطة وتفيض حياض المعاصر خمراً وزيتاً» (يؤ24:2). أما إشعياء النبي فشعر بالفرح الذي ملأ قلوب الداعين والمدعوين، وعبر عنه من وراء الآزمنة: «وكفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك» (إش5:62). أما بنو العرس القديم ففرحوا «بالشراب» البائد لأنهم شربوا منه فوجدوه جيداً؛ وأما بنو الملكوت فأدركوا سر حضور الله فيه, وبالتالي سر الخمر وسر الأية، وآمنوا بالمسيح؛ ولكن ظل سر العريس مكتوماً حتى يوم الصليب، ويوم استعلن كيف فدى العريس عروسته واشتراها بدمه الذي استودع سره في خمر الكرمة الذي يملأ كل أجران العالم.
1- وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ.
نحن في نهاية الرحلة التي بدأها الرب من بيت «عبارا»» عبر الأ ردن على الشاطىء الشرقي، وكان معه في بداية الرحلة التلميذان الجديدان أندراوس ويوحنا اللذان انضم إليهما سمعان بطرس ويعقوب، ثم في بداية المسيرة انضم فيلبس ثم نثنائيل، أربعة باسم يهودي واثنان باسم يوناني، وهذا ليى جزافاً في إنجيل يوحنا. والمسافة طويلة يقدرها العالم وستكوت باختباره الشخصي بحوالي 60 ميلاً، ليبلغ الناصرة أولاً ثم قانا الجليل، وكله من على الضفة الشرقية لنهر الاردن. اليوم الثالث: العدد هنا يبدأ من الأية 43:1 «وفي الغد أراد يسرع أن يخرج إلى الجليل فوجد فيلبس...»، ولكن كثيرين من الشراح الذين تستهويهم الأعداد وتأويلها يقولون إن اليوم الثالث هو القيامة التي بها استعلن المسيح ذاته. ولأنه هنا في هذه الأية يقص قصة استعلان، فقد صدرها بهذا الرقم للفت الإنتباه.
عرس في قانا الجليل: العرس عند اليهود يستمر أسبوعاً عل الأقل ويبدأ في المساء. ومعروف في التقاليد اليهودية أنه إذا كانت العروس عذراء يكون زواجها يوم الأربعاء، وإلا يكون زواجها يوم الخميس. «فجمع لابان جميع أهل المكان وصنع وليمة. وكان في المساء (في الظلام) أنه أخذ ليئة (بدل راحيل) ابنته وأتى بها إليه فدخل عليها... وفي الصباح إذا هي ليئة فقال للابان ما هذا الذي صنعت بي أليس براحيل خدمت عندك؟ فلماذا خدعتني. فقال لابان... أكمل أسبوع هذه, فنعطيك تلك أيضاً بالخدمة...» (تك22:29-27)
كذلك في قصة زواج شمشون من المرأة الفلسطينية نقرأ: «ونزل أبواه إلى المرأة فعمل هناك شمشون وليمة لأنه هكذا كان يفعل الفتيان... فقال لهم شمشون لأحاجينكم أحجية فإذا حللتموها لى في سبعة أيام الوليمة...» (قض11:14-12)
قانا الجليل: «قانا» دائمأ تُذكر باسم «الجليل» للتفريق بينها وبين قانا أخرى كانت في منطقة سوريا. وهى المكان المعروف الآن بـ «خربة» قانا، وهي عل بعد 9 أميال شمال الناصرة.
«أم يسوع»: لم يذكر اسمها القديس يوحنا قط في كل إنجيله وحتى عندها ذكر اسم يوسف (45:1) لم يذكر اسمها، فهذا هو المنهج الفكري والروحي العجيب الذي اختصه هذا الإنجيلي: لا اسمه ولا اسم أسم أمه ولا أسم العذراء مريم. ولكن ليس من الهين على القديس يوحنا أن يذكر «أم يسوع» إلا إذا كان الدور الذي ستقوم به في غاية الأهمية ويحوطه السر من كل جانب.
وفي نظرنا أن العذراء القديسة مريم في هذه القصة تقف كنبية تتوسط بين عهدين وتتوسط بين عريسين، وتتطلب المستحيل من ابنها فيعطيها!
وواضح من ملابسات القصة أنها لم تكن مدعوة بقدر ما كانت داعية وصاحبة أمر في البيت. فيبدو أن هذا الزواج كان يمت إليها بصلة أكثر من أنها كبيرة، إذ ما أن وصل المسيح إلى البيت بعد الرحلة المضنية إلا ووجد منها الرسالة أنها سبقته إلى العرس، وهي في انتظاره. فاستجاب في الحال، بالرغم من أن الرحلة كانت مضنية للغاية.