- إنضم
- 23 ديسمبر 2008
- المشاركات
- 1,472
- مستوى التفاعل
- 93
- النقاط
- 48
28- هَذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَبْرَةَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ.
أسلوب القديس يوحنا يتميز بهذا الهدوء المفاجىء، فبعد صخب العرض المثير لأسئلة اللجنة المحرجة للمعمدان والتي أثارت القارىء بلا شك، يقطع الحديث فجأة ويذكر جملة عرضية تنهي المنظر وتٌنسي القارىء حرارة المصادمة:
«بَيْتِ عَبْرَةَ.»
واضح من الإسم فعلاً أنها عبر الأردن وكان اسمها «بيت عنيا» في معظم المخطوطات وأهمها. وهذا الإسم بيت عبرة أو عباراه أو بارة مذكور في قض 24:7, ونحن نستفيد من ذكر هذا المكان لأننا نعلم أن المعمدان بدأ كرازته في اليهودية أي على الشاطىء الغربي للأردن: «وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية» (مت1:3). ولكن يبدو أنه بدأ العماد عبر الأردن في هذا المكان: «ومضى (يسوع) أيضاً إلى عبر الأردن إلى المكان الذي كان يوحنا يعمد فيه أولآ ومكث هناك.» (يو40:10)
وهذا يعطينا توضيحاً أن عملية استجواب المعمدان تمت بعد مدة طويلة من بدء كرازته وحتى بعد بدء ممارستة للتعميد. وفي قوله: «في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه» يشير هنا إلى المسيح، وليس بالضرورة أنه كان واقفاً فعلاً في هذا الوقت ولكن يقصد أنه قائم بينكم. وفي قوله: « لستم تعرفونه»، بالرغم من الصورة المهيبة جداً التي أعطاها له في قوله أنه ليس مستحقاً أن يحل سيور حذائه، يشير المعمدان إلى جهلهم الفاضح بوجود المسيا، سواء عن عمى قلب أو تجاهل، وفي كلتا الحالتين يصرف أنظارهم من شخصه هو ليهتموا بمن يستحق الإهتمام!
مكان البشارة:
أولاً: اليهودية (29:1-51)
ج- الشهادة للمسيح ابن الله: 29:1-34
كان رد فعل حضور اللجنة واستجواب المعمدان وسط الجمح الحاشد, وعودة اللجنة دون اتحاذ أي إجراء، أن زاد حماس الشعب وارتفعت معنويات تلاميذ يوحنا بالنسبة لمعلمهم. ولكن ظهر من الحديث أمر أزهل تلاميذ المعمدان: من هذا الذي لا يستحق معلمهم أن يحل سيور حذائه؟ واضح أن اللهفة والتطلع لمعرفة «الأقوى» قد بلغت ذروتها، ولم يمد خافياً أن المعمدان عمد المسيح ربما دون أن يلاحظ ذلك أحد.
ولكن بعه إحراج أعضاء اللجنة للمعمدان واضطراره للاعلان عن هذا الرجل الذي أتى بعده وهو «قبله», الذي وإن كان يعمد فهو يعمد لحسابه ليستعلن له وللشعب؛ كان يتحتم أن يعلن عنه بسرعة ليغطي موقفه. لأن من ردود المعمدان يتضح أنه لم يجيء إلا ليعد طريقه, إن كرازة أو تعميداً, فلم يكن الثمعب وحده في لهفة أن يعرف المسيا أو تلاميذ المعمدان أيضاً، بل والمعمدان نفسه كان وهو يمارس تعميده للناس قلقا يشرئب برأسه ويتلفت يميناً ويساراً لعله يراه فيخلي ورديته ويعود من حيث أتى. ولكن هذه المرة ليس على مركبته العتيقة وفرسانه النارية الطائرة!!