تفسير سفر أيوب - الأصحاح 22 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1- 4:
الأيات 1-4:- "فاجاب اليفاز التيماني وقال، هل ينفع الانسان الله بل ينفع نفسه الفطن، هل من مسرة للقدير اذا تبررت او من فائدة اذا قومت طرقك، هل على تقواك يوبخك او يدخل معك في المحاكمة".

هل ينفع الإنسان الله= تقوي الإنسان لا تنفع الله، بل ينفع نفسه الفطن الفطن أي الحكيم هو من يتقي الله وهذا لن يزيد الله شيئاً بل هو سوف ينفع نفسه وهذا ما نقوله في القداس الغريغوري "لست أنت المحتاج إلي عبوديتي بل أنا المحتاج إلي ربوبتيك". هل من مسرة للقدير إذا تبررت= الله لن تزيد قداسته لو تقدسنا، ولن يستفيد هو شخصياً من ذلك. كما أن الله لن تضيره أثامنا. لكن الله وضع الشريعة لصالح الإنسان وسعادته. هل علي تقواك يوبخك= قطعا لا! فالله لا يوبخ سوي علي الشرور وليس علي التقوي. إذاً يا أيوب كل تعاستك سببها أن الله يوبخك علي شرورك
العدد 1- 7:
الأيات 1-7:- "فاجاب ايوب وقال، اليوم ايضا شكواي تمرد ضربتي اثقل من تنهدي، من يعطيني ان اجده فاتي الى كرسيه، احسن الدعوى امامه واملا فمي حججا، فاعرف الاقوال التي بها يجيبني وافهم ما يقوله لي، ابكثرة قوة يخاصمني كلا ولكنه كان ينتبه الي، هنالك كان يحاجه المستقيم وكنت انجو الى الابد من قاضي". نجد هنا رد أيوب علي أليفاز. ونلاحظ أن أيوب بعد أن كان قد هدأ عاد للشكوي مرة أخري والسبب إثارة أليفاز له بإصراره علي الإتهام السابق فرفض أيوب الإستسلام لإتهامات أصحابه وبدأ يدافع عن نفسه. وهذا ما يسمي صراع الروح مع الجسد. فالروح كان نشطاً بسبب عمل الروح القدس فيه الذي أعطاه رؤية الولي الحي الذي يشهد له في السماء. ولكن الجسد إستجاب مرة أخري للغضب بسبب إتهامات الأصحاب. ونلاحظ أن أيوب لو كان قد دان نفسه فعلاً وإعترف أمام الله بخطيته لما أعطي الفرصة للجسد أن يهزمه فيثور مرة أخري، بل لأعطي الفرصة للروح القدس أن يبقيه في حالة السلام والفرح.

اليوم أيضاً شكواي تمرد= لقد إعتبر الأصحاب شكوي أيوب أنها تمرد ضد الله بلا سبب. أما أيوب فيقول أأنا أشكو بلا سبب إن ضربتي أثقل من تنهدي= أي ألامي أكثر بكثير مما قلته. من يعطيني أن أجده= أيوب يتمني أن يري الله ويقف أمام كرسي قضائه فهو كان واثقاً من عدالة قضيته. وكان واثقاً أنه سوف يسمع الحكم وأنه في مصلحته فإشتاق أن يسمعه= فأعرف الأقوال التي بها يجيبني، أبكثرة قوة يخاصمني= كان أيوب هنا واثقاً أن الله لن يرهبه بمجده في تلك المحاكمة، ولن يكون قاسياً معه كما كان أصحابه في منتهي القسوة في مناقشاتهم وبالعكس فالله كان ينتبه إليَ= يشددني ويشجعني ويعطف عليَ لكي أستمر في كمالي.

ومن ثقته في نتيجة المحاكمة قال. هنالك كان يحاجه المستقيم وكنت أنجو= أي أمام محكمة الله في السماء سوف أتناقش وأثبت إستقامتي وبري. وأخذ حكم البراءة للأبد.
العدد 5- 11:
الأيات 5-11:- "اليس شرك عظيما واثامك لا نهاية لها، لانك ارتهنت اخاك بلا سبب وسلبت ثياب العراة، ماء لم تسق العطشان وعن الجوعان منعت خبزا، اما صاحب القوة فله الارض والمترفع الوجه ساكن فيها، الارامل ارسلت خاليات وذراع اليتامى انسحقت، لاجل ذلك حواليك فخاخ ويريعك رعب بغتة، او ظلمة فلا ترى وفيض المياه يغطيك".

فيها أليفاز يتهم أيوب بالسلب والنهب. وعجيب أن يتهم أليفاز أيوب بكل هذه التهم، فإن كان أيوب شريراً هكذا فلماذا أتوا ليعزوه. وكيف إستطاع أيوب أن يقول لهم إظهروا لي خطأ واحداً. والمعني أن أليفاز يتصور أن الله لا يمكن أن يعاقب أيوب بكل هذا العقاب إن لم يكن أيوب شريراً جداً. وأليفاز وبلدد وصوفر سبق لهم إن إتهموا أيوب بأنه شرير ولكن أليفاز زاد هنا بأن حدد هذه الشرور وذكر التفاصيل بينما لم يذكر أحدهم تفاصيل من قبل. وفي هذا أخطأ أليفاز خطيئة شنيعة في حق أيوب لا تقل عن خطية السبئيين والكلدانيين، فهو لم يكن عنده دليل واحد علي ما قاله. فقال عنه أنه كان قاسياً مع المساكين= لأنك إرتهنت أخاك بلا سبب= أي أخذت أخاك الذي إستدان منك ولم يكن عنده ما يسدد به الدين فأودعته السجن، أو أخذته عبداً لك وأنه كان يحابي الأغنياء= أما صاحب القوة فله الأرض= لم يسأل أيوب عن أحقيته في الأرض لكن طالما هو القوي فله الأرض، فكان يبرئ ساحة القوي وينصفه، فقط لأنه قوي. ذراع اليتامي إنسحَقَت= كانت قسوتك مع اليتامي حتي جعلتهم عاجزين غير قادرين أن يساعدوا أنفسهم. لأجل ذلك حواليك فخاخ العنآية الإلهية تقتص من الأشرار مثلك. يريعك رعب بغتة= لا يوجد خطية أشر من عدم الرحمة، ومرتكبها يفقد سلامه تماماً. وهذا الخاطئ يفقد بصيرته فيتخبط في قراراته= أو ظلمة فلا تري. وفيض المياه يغطيك= كأنك تكاد تغرق وتختنق.
العدد 8- 12:
الأيات 8-12:- "هانذا اذهب شرقا فليس هو هناك وغربا فلا اشعر به، شمالا حيث عمله فلا انظره يتعطف الجنوب فلا اراه، لانه يعرف طريقي اذا جربني اخرج كالذهب، بخطواته استمسكت رجلي حفظت طريقه ولم احد، من وصية شفتيه لم ابرح اكثر من فريضتي ذخرت كلام فيه".

اللسان بالنسبة للجسد كالدفة بالنسبة للسفينة، يقود الجسد حيث يشاء. (يع3). ولقد بدأ أيوب بلسان الشكوي ثانية وها نحن نجده يعود للكلام القاسي عن الله. وهنا يشكو أيوب من أنه لا يجد الله، هو يتمني أن يظهر أمام محكمة الله ليظهر براءته، ولكن المشكلة أنه لا يجد الله ليبرر نفسه أمامه، وهو بحث شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً فلم يجده، وكان خطأه أنه لم يبحث عن الله في الأعالي، هو لم ينظر إلي فوق، خطأ أيوب أنه بحث عن الله في مستواه. وخطأه الثاني أنه لم ينظر إلي داخله ليري شروره. والطريق للتبرير ليس بأن أدافع عن نفسي أمام الله لأثبت له بري، بل أن أقترب لله القدوس العالي الذي فوق وأشعر أنني تراب ورماد وخاطئ نجس ومحتاج للتبرير من الله، والله هو الذي يبررني، لذلك خرجت المرأة الخاطئة التي بكت وبللت قدمي المسيح بدموعها ومسحت قدميه بشعر رأسها، خرجت مبررة، أما الفريسي الذي هو في نظر نفسه بار لم يتبرر أمام الله بالرغم من أنه أولم وليمة للمسيح. وخرج العشار مبرراً حين قال اللهم إرحمني أنا الخاطئ ولم يتبرر الفريسي الذي تباهي ببره. مشكلة الإنسان أنه يريد أن يبرر ذاته أمام الله كأن البر يأتي من داخلي وبأعمالي، والحقيقة أن الله هو الذي يبرر، إذا شعر الإنسان بإحتياجه لهذا التبرير. وما صنعه أيوب هنا صنعه يوحنا أيضاً في سفر الرؤيا، فهو أخذ يبحث عمن هو مستحق أن يفتح السفر ويفك ختومه ولما لم يجد بكي كثيراً فنبهه الملاك أنه بحث كثيراً في مستواه ولم يجد، ولكن عليه أن ينظر للمسيح، الأسد الخارج من سبط يهوذا، ثم نظر يوحنا للأسد الذي قال عنه الملاك فوجد خروف قائم كأنه مذبوح، هذا هو الأسد الذي له الحق أن يفتح ولا أحد يغلق، وهو الذي يبرر بأن ذبح وإشترانا (رؤ 1:5-14). وطريق التبرير الأن أن نعترف بخطايانا، وأننا لسنا أبراراً من أنفسنا، ونشعر في داخلنا بعدم الإستحقاق، والإحتياج لدم هذا الفادي، ودمه يطهرنا (1يو 7:1-9)

هأنذا أذهب شرقاً. . . . شمالاً حيث عمله فلا أنظره، يتعطف الجنوب فلا أراه= وكلمة يتعطف الجنوب أي يستتر بالجنوب أو يتغطي به. ففي نظر القدماء أن الجنوب مجهول ومكان ظلام، أما الشمال فهو مكان العمل. فكأن المعني أنني لا أجد الله في أي مكان لا في الشرق ولا في الغرب، لا في الشمال حيث تظهر أعمال الله (ونحن يجب أن نري الله من خلال أعماله وعنايته) ولا في الجنوب حيث إرتدي ثوب الإختفاء، أو إرتدي الجنوب كثوب يختبئ فيه. ومع أنه لا يجد الله ليقدم قضيته أمامه، إلا أنه متأكد من بره وكماله. إذا جربني أخرج كالذهب. [ولنلاحظ فعلاً أن الله يختبر أولاده ويؤدبهم بالتجارب، وتكون التجارب كنار ممحصة تنقيهم كما تنقي النار الذهب من شوائبه، لكن أيوب لا يقولها بهذا المفهوم، ولكن معني كلامه أنني بار وإن إختبرني الله سيجدني باراً]

أكثر من فريضتي ذخرت كلام فيك= الفريضة هي الطعام الضروري. فأيوب يقول أنه حفظ وكنز كلام الله أكثر من قوته، اي إهتم بحفظ وصايا الله أكثر من طعامه. وهذا ما يعلمنا إياه الكتاب فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بكل كلمة تخرج من فم الله. وكلمة ذخرت تعني"كما يذخر القوم المؤونة وقت الحصار"
العدد 12- 14:
الأيات 12-14:- "هوذا الله في علو السماوات وانظر راس الكواكب ما اعلاه، فقلت كيف يعلم الله هل من وراء الضباب يقضي، السحاب ستر له فلا يرى وعلى دائرة السماوات يتمشى".

هنا يتهمه بالإلحاد الذي تسبب في فساده. هوذا الله في علو السموات. وأنظر رأس (أعلي كوكب) الكواكب ما أعلاه. حين ننظر الكواكب نجدها عالية جداً والله أعلي من أعلاها. وكان هذا دافعاً لك يا أيوب أن تخشع أمام الله، لكنك تصورت أن علو الله يجعله لا يري ما يحدث علي الأرض من ظلم فقلت كيف يعلم الله. هل من وراء الضباب يقضي= هل يري الله من وراء السحاب ومن علي هذا البعد الشاسع. ربما تصور أليفاز أن أيوب قصد هذا حين قال أن الله لا يجازي الأشرار بمعني أنه لا يري شرهم، فتمادي أيوب في شره لأن الله لا يري. علي دائرة السموات يتمشي= هو في علو مجده يمتع نفسه بمجده وكمالاته، ولا يتعب نفسه بنا. هذا فكر الحادي ومن الظلم أن ينسبه أليفاز لأيوب.
العدد 13- 17:
الأيات 13-17:- "اما هو فوحده فمن يرده ونفسه تشتهي فيفعل، لانه يتمم المفروض علي وكثير مثل هذه عنده، من اجل ذلك ارتاع قدامه اتامل فارتعب منه، لان الله قد اضعف قلبي والقدير روعني، لاني لم اقطع قبل الظلام ومن وجهي لم يغط الدجى".

لأن أيوب بدأ بالتبرم والشكوي، إنزلق لتبرير نفسه، ومن ثم هوي أكثر إلي الصدام مع الله. ولذلك علي الإنسان المتألم أن يصلي طالباً المعونة وأن يسلم لله فيجد سلاماً، هذا أفضل من الشكوي التي تزيد النفس مرارة، فالصبر يقود لحال أفضل. وهنا نجد أيوب يفسر آلامه بالرغم من بره بأن الله سيد له سلطان مطلق وفي سلطانه إن أراد أن يعذب بار ولا يستطيع أحد أن يقول له لا تفعل، وفي هذا منتهي القسوة علي الله. أما هو فوحده فمن يرده= هو له خطته التي لا تتغير ولا أحد يستطيع أن يقنعه ببري فيتوقف عن تعذيبي. لأنه يتمم المفروض علي= فهو سيتمم ويكمل كأس عذابي المفروض علي بلا رجوع. وكثير مثل هذه عنده= وما زال لديه الكثير من الآلام التي سيعذبني بها. من أجل ذلك أرتاع= مسكين أيوب فبعد أن بدأ الله يسكب تعزياته في قلبه، عاد وإنهزم وبدأ الشكوي ففقد سلامه ودخله الرعب. وهناك قانون يجب أن نعرفه. تعزيات الله وسلامه ينسكبان في النفس خلال قناة واحدة هي الثقة في الله والتسليم له= أي الإيمان بأنه إله صالح خير. أما الصدام مع الله فلا نتيجة منه سوي الإحساس بالمرارة.

لأن الله قد أضعف قلبي= بالكوارث التي أتت واحدة تلو الأخري، والخوف من كوارث أشد ينتظرها في المستقبل. وأشد كارثة في نظره أنه لم يمت حتي الأن= لأني لم أقطع قبل الظلام= أي لم يمت قبل أن تحل به متاعبه. ومن وجهي لم يغط الدجي ولا من الدجي التي تغشى وجهي (اليسوعيين). أي كنت أتمني أن أموت قبل أن تأتي علي هذه الضربات التي مثل الظلام وقبل أن تغطي وجهي مثل الدجي (الظلام)
العدد 15- 20:
الأيات 15-20:- "هل تحفظ طريق القدم الذي داسه رجال الاثم، الذين قبض عليهم قبل الوقت الغمر انصب على اساسهم، القائلين لله ابعد عنا وماذا يفعل القدير لهم، وهو قد ملا بيوتهم خيرا لتبعد عني مشورة الاشرار، الابرار ينظرون ويفرحون والبريء يستهزئ بهم قائلين، الم يبد مقاومونا وبقيتهم قد اكلها النار". هل تحفظ طريق القدم= هل تسير في شرك يا أيوب في الطريق الذي سلكه آدم، طريق السقوط الذي جلب الشقاء للبشر، أو طريق الأشرار الذين هلكوا أيام نوح، فالخطية قديمة قدم البشرية وهلاك أصحابها معروف.

الذي داسه رجال الأثم= الطريق الذي تسلك فيه يا أيوب سبق وداسه أي سلكه كل الأشرار القدماء وهلكوا. الذين قبض عليهم قبل الوقت= أي ماتوا قبل أوانهم. الغمر إنصب علي أساسهم= يقصد الطوفان. وأساسهم هو الأرض التي بنوا عليها كل أحلامهم وأمالهم. وهذا إشارة لإنقلاب سدوم وعمورة تحت مياه البحر الميت التي غمرت مدنهم التي أسسوا عليها إقامتهم وظنوها دائمة. القائلين لله إبعد عنا= هم أسكتوا ضميرهم وتحدوا الله وتركوا التدين. وماذا يفعل القدير لهم ماذا يفعل لهم سوي ان يقطعهم. فهذا رأي أصحاب أيوب أن الخاطئ لابد أن يقطع ويضرب كما حدث لأيوب. وهو قد ملأ بيوتهم خيراً= ما يزيد خطيتهم أن الله وفر لهم خيرات كثيرة (هذا ما حدث لسدوم). لتبعد عني مشورة الأشرار= هذه قالها أيوب سابقاً بمعني لا أريد طريقهم حتي ولو جاءني منها خير فنهايتها خراب. الأبرار ينظرون ويفرحون بهلاك الأشرار، لأن بذلك تمجد الله وكلمته تمت وسلطان الظالمين تحطم.

البرئ يستهزىء بهم= الأبرار حين يروا نهآية الأشرار يكتشفوا حمق طريقهم وسخافة مبادئهم. ألم يُبد مقاومونا وبقيتهم قد أكلها النار= النار أكلت سدوم وعمورة لكن الآية تنطبق أيضاً بصفة عامة علي إبادة الأشرار وفرح الأبرار بهذا.
العدد 21- 30:
الأيات 21-30:- "تعرف به واسلم بذلك ياتيك خير، اقبل الشريعة من فيه وضع كلامه في قلبك، ان رجعت الى القدير تبنى ان ابعدت ظلما من خيمتك، والقيت التبر على التراب وذهب اوفير بين حصا الاودية، يكون القدير تبرك وفضة اتعاب لك، لانك حينئذ تتلذذ بالقدير وترفع الى الله وجهك، تصلي له فيستمع لك ونذورك توفيها، وتجزم امرا فيثبت لك وعلى طرقك يضيء نور، اذا وضعوا تقول رفع ويخلص المنخفض العينين، ينجي غير البريء وينجي بطهارة يديك".

نجد هنا مشورة أليفاز الطيبة لأيوب وفيها يدعوه للتوبة.

تعرف به وأسلم= تقرب إليه وصالحه (يسوعيين) تعرف به وكن في سلام(إنجليزية) وبالتأكيد فمن يقترب إلي الله يكون في سلام (مع الله ومع نفسه ومع الناس ومع كل الخليقة). أنت يا أيوب تشكو من أن الله قد صار عدواً لك، فإقترب إليه يقترب هو إليك عوضاً عن أن تظل مصراً علي الصدام معه(وهذا كلام رائع). إقبل الشريعة من فيه لم يكن في عصر أيوب كلام إلهي مكتوب فأول كتاب إلهي كتبه موسي، ولكن فيما قبل موسي كان هنالك إعلان عن إرادة الله يتطلب من البشر أن يقبلوه، وهذا مما يثبت فكرة التقليد التي تتبعها كنيستنا الأرثوذكسية. وضع كلامه في قلبك= لا يكفي أن نقتنع عقلياً بكلام الله، بل يدخل إلي أعماقنا ونحيا به. إن رجعت إلي القدير تبني= ترجع لحالتك الأولي والأيات(24-26) معناها لو ألقيت ذهبك الذي حصلت عليه ظلماً من الفقراء عنك، ووزعته علي الفقراء الذين ظلمتهم، وتركت تمسكك وإتكالك علي ثروتك التي حصلت عليها بطرقك الشريرة، وحسبت هذه الثروة كلا شئ عندئذ تفرح وتتلذذ بالله. لقد تحصنت بثروتك سابقاً والأن أنا أدعوك أن تتحصن بالقدير فتجد سلاماً.

بل يكون القدير تبرك= التبر هو الذهب غير المضروب، والمعني يكون الله هو غناك وهو الذي يدافع عنك من السبئيين وخلافهم. وفضة أتعاب لك= سيكون الله أجرتك عن جهادك. ترفع إلي الله وجهك= ولا يكون ساقطاً كما هو الأن، بل يكون لك ثقة بالله. تصلي= تكلم الله. ونذورك توفيها= وتكون مقبولاً عند الله وصلاتك مقبولة. وكما قبل الله صلاتك إلتزم أمام الله بتعهداتك ونذورك توفيها. وآية(28) معناها تنجح كل أمورك حسب ما خططت لها، لأن الله أنار بصيرتك فتكون قراراتك صحيحة وبلا تخبط. إذا وضعوا تقول رفع= حتي في أيام المصائب العامة التي تصيب كل المحيطين يرفعك الله، وهذا حدث مع إسحق الذي أصاب 100 ضعف أثناء المجاعة تك 12:26. ويخلص المنخفض العينين= الله يرفع المتضعين ولذلك لو تواضعت فإن الله يخلص، يخلصك ويخلص من حولك ببركتك، ينجي غير البرئ وينجي بطهارة يديك أي الله يخلص وينجي جيرانك إستجابة لصلواتك الطاهرة. وفي الترجمة الإنجليزية جاءت" ينجي جزيرة البرئ فتنجو بطهارة يديك. وهذه قوة الشفاعة.
أسفار الكتاب المقدس
أعلى