تفسير سفر أيوب - الأصحاح 15 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1- 6:
الأيات 1-6:- "فاجاب اليفاز التيماني وقال، العل الحكيم يجيب عن معرفة باطلة ويملا بطنه من ريح شرقية، فيحتج بكلام لا يفيد وباحاديث لا ينتفع بها، اما انت فتنافي المخافة وتناقض التقوى لدى الله، لان فمك يذيع اثمك وتختار لسان المحتالين، ان فمك يستذنبك لا انا وشفتاك تشهدان عليك".

العل الحكيم يجيب عن معرفة باطلة= أي إذا كنت حكيماً فعلاً، هل تتصور أن إنسان حكيم يجيب علي أسئلتنا ومنطقنا السليم، وأفكاره باطلة جوفاء، وأليفاز في كبريائه تصور أن أيوب طالما إختلف معه فكل ما يقوله أيوب صادر عن حكمة تافهة عنده، فأليفاز يظن أن حكمته لا مثيل لها. ويملأ بطنه من ريح شرقية= هذه إهانة جديدة لأيوب معناها أن كلماته فارغة بلا قيمة كالهواء (الريح) بل هي مضرة فالريح الشرقية ريح ساخنة جداً تضر بالزروع. أما أنت فتنافي المخافة. وتناقض التقوي لدي الله= وهذا إتهام لأيوب معناه أن أيوب يدعو لعدم مخافة الله وللإمتناع عن التقوي. وقد يكون أليفاز تصور هذا من قول أيوب أن الشرير يري أياماً سعيدة وأن خيام المخربين مستريحة، ويمكن أن أليفاز فهم أن أيوب قصد أنه لا شئ يمنع الناس عن الشر. وبهذا يكون أيوب قد شهد علي نفسه بأنه شرير= لأن فمك يذيع إثمك. وربما فهم أليفاز هذا من كلام أيوب الصعب السابق ضد الله. بل إتهم أليفاز أيوب بأنه غشاش إختار لسان المحتالين= فهو في بعض كلامه يشهد لله ولكن قلبه مملوء إثماً. ولكن أليفاز لم يعترف بأنه هو وزميلاه أثاروا أيوب حتي فَرَط بشفتيه بكلمات متذمرة عن الله.
العدد 7- 11:
الأيات 7-11:- "اصورت اول الناس ام ابدئت قبل التلال، هل تنصت في مجلس الله او قصرت الحكمة على نفسك، ماذا تعرفه ولا نعرفه نحن وماذا تفهم وليس هو عندنا، عندنا الشيخ والاشيب اكبر اياما من ابيك، اقليلة عندك تعزيات الله والكلام معك بالرفق".

سبق أيوب وقال لي " لي فهم مثلكم" (12: 3) فإتخذ أليفاز هذا الكلام حجة ضد أيوب بل أساء تفسيره، فهو تصور أن أيوب يدعي بأنه أحكم من أي إنسان فرد عليه بقسوة.

أصُوِرت أول الناس= هناك رأي للقدماء بأن آدم أول المخلوقات كان له حكمة إلهية فهل أنت يا أيوب هو آدم أو مثله، أو يفهم هذا كالأتي، أن الحكمة تزيد من السن فكلما زاد عمر الإنسان زادت حكمته، فهل أنت يا أيوب أول من خلقه الله فصرت أحكم الناس. أم أبدئت قبل التلال= حتي السخرية تزيد فالتلال أقدم من آدم عمراً بكثير، بل هي أقدم شئ علي الأرض. وفي سخرية أشد يقول هل تنصت في مجلس الله= أي ربما حكمتك التي تتباهي بها يا أيوب راجعة لأنك تدخل مجلس الله وتتعلم من هناك حكمة لا نعرفها نحن. عندنا الشيخ والأشيب= لا تظن نفسك أكثر حكمة منا فنحن لنا حكمة أكثر منك فعندنا شيوخ حكماء، بل هم أكبر أياماً من أبيك فكيف تدعي أنت أنك أكثر حكمة. أقليلة عندك تعزيات الله= هو تصور أن كلامه السابق كلام معزي أرسله الله علي لسانه. والكلام معك بالرفق= وتصور أليفاز أن كلامه المعزي السابق كان بالرفق.
العدد 17- 35:
الأيات 17-35:- "اوحي اليك اسمع لي فاحدث بما رايته، ما اخبر به حكماء عن ابائهم فلم يكتموه، ما اخبر به حكماء عن ابائهم فلم يكتموه، الذين لهم وحدهم اعطيت الارض ولم يعبر بينهم غريب، الشرير هو يتلوى كل ايامه وكل عدد السنين المعدودة للعاتي، صوت رعوب في اذنيه في ساعة سلام ياتيه المخرب، لا يامل الرجوع من الظلمة وهو مرتقب للسيف، تائه هو لاجل الخبز حيثما يجده ويعلم ان يوم الظلمة مهيا بين يديه، يرهبه الضر والضيق يتجبران عليه كملك مستعد للوغى، لانه مد على الله يده وعلى القدير تجبر، عاديا عليه متصلب العنق باوقاف مجانه معباة، لانه قد كسا وجهه سمنا وربى شحما على كليتيه، فيسكن مدنا خربة بيوتا غير مسكونة عتيدة ان تصير رجما، لا يستغني ولا تثبت ثروته ولا يمتد في الارض مقتناه، لا تزول عنه الظلمة خراعيبه تيبسها السموم وبنفخة فمه يزول، لا يتكل على السوء يضل لان السوء يكون اجرته، قبل يومه يتوفى وسعفه لا يخضر، يساقط كالجفنة حصرمه وينثر كالزيتون زهره، لان جماعة الفجار عاقر والنار تاكل خيام الرشوة، حبل شقاوة وولد اثما وبطنه انشا غشا". .

ملخص كلام أليفاز هنا أن الأشرار لابد أن يكونوا بؤساء ومن ثم لأن أيوب الأن في حالة بؤس فهو بالتأكيد شرير. أوحي إليك= إني أبين لك إسمع فأحدث بما رأيته. ما أخبر به حكماء. والمعني أن كلام أليفاز مبني علي خبرته الشخصية وخبرة الحكماء. فلم يكتموه= أخبروننا به. الذين لهم وحدهم أعطيت الأرض= أي أن الشهود الذين أخذ منهم حكمتهم هم شهود موثوق بهم، لهم مراكز رفيعة، وكانوا محبوبي السماء فأعطاهم الله أن يحكموا الأرض. ولم يعبر بينهم غريب= ليشترك معهم أو يزعجهم. وهنا أليفاز ضمنياً يعترض علي منطق أيوب بأن الأرض مسلمة ليد الشرير 24:9، لأنه هنا يجد أن الحكماء الأبرار يحكمون الأرض. وما هي الحكمة التي يريد أليفاز أن يوحي بها لأيوب الشرير هو يتلوي كل أيامه (في هذا إشارة لأيوب الذي يتلوي) وكل عدد السنين المعدودة للعاتي= كل إنسان له سنين معدودة. والعاتي أي الجبار الذي يتحدي الله، كل سنينه يتلوي. صوت رعوب في أذنيه= ربما بلا سبب قتايين فمن لا سلام في قلبه ناشئ عن سلامه مع الله يعيش حقاً في رعب وفي قلق بسبب قساوته التي إرتكبها والدماء التي سفكها، فخطايا الشرير تلاحقه. وهو يعلم أن السماء غير راضية عليه والبشر يكرهونه. بل حتي في أيام رخائه يكون في رعب من زوال هذا الرخاء= في ساعة سلام يأتيه المخرب= هذا هو الصوت المرعب في أذنيه، أن كل شئ معرض للزوال. إذا ما حل به الضيق في أي وقت فإنه ييأس من النجاة منه= لا يأمل الرجوع من الظلمة وهو مرتقب للسيف= وعينه ترقب السيف (الترجمة اليسوعية). هذا ناشئ عن الضمير الأثيم.

تائه من أجل الخبز= ربما تشير لإفلاسه حتي العوز للخبز، وربما تشير للهم الذي يحيا فيه بالرغم من ثروته، وهذا الهم يصور له أنه قد يفقد القدرة علي الحصول علي الخبز يوماً. ووهمه هذا يصور له أن يجب أن يعمل ويعمل ليزيد ثروته ولكنه لا يشبع ولا يحس بإطمئنان لأنه يعلم أن يوم الظلمة مهيأ بين يديه= لا يمكنه الإفلات منه، وهو معد له

يرهبه الضر والضيق= أي الضرر الداخلي وضيق النفس وهذا من نتائج سخط الله، لا راحة للضمير ولا سلام للنفس (وإن كانت هذه جهنم التي في داخله فماذا تكون جهنم التي تنتظره)

يتجبران عليه كملك مستعد للوغي= الضيق الداخلي عنده يكون متسيداً بل يكون كملك له جيوش تحاربه وتهزم سلامه. والسبب في كل هذا أن الشرير يتحدي الله= عادياً عليه أي يقاوم الله شخصياً، يقاوم وصاياه وأعمال عنايته. متصلب العنق= أي في عناد. وهو هنا يصف العاتي وصفاً صعباً كأنه محارب عنيد يحارب الله عادياً عليه. . بأوقاف مجانه معبأة فهو لغباوته يظن أنه قادر أن يعادي الله ويظن أن له مجان (ترس يدافع به عن نفسه) معبأ أي ترس غليظ سميك. وماذا يجعل الإنسان يصل لهذه الدرجة؟ الإجابة الترف للأسف!! قد كسا وجهه سمناً= أي قد كسا السمن والشحم وجهه. وسدوم وعمورة إنحرفوا بسبب كثرة الخيرات التي عاشوا فيها. ولكن كل ما للشرير يخرب بغتة وهذا ما حدث لسدوم وعمورة. وكل ما جمعه بشره يخرب، فالله يحول كل شئ عند الشرير إلي خراب

فيسكن مدناً خربة. . . عتيدة أن تصير رُجماً= حتي وإن بدت مزدهرة فستخ&
أسفار الكتاب المقدس
أعلى