تأملات وحكم

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
513 - الله كامل ُ ، كلّي الكمال ، لا نقص فيه ولا عجز ، وكل أعماله ِ كاملة . خلق الأرض كاملة ، السماء خلقها كاملة حسب مشيئته الكاملة . وبعد أن أتم خليقته وجد كل شيء حسنا ً جدا ً ، فخلق الانسان كاملا ً . خلق الانسان على صورته وشبهه ، فيه ِ كمال الله وبه مشيئة الله . وعاش الانسان الكامل في رفقة الله الكامل في جنة عدن وفي صحبته . الكل كامل ، لا شيء ناقص ، لا نقص يشوب كمال الوجود أو يلوثه . ثم دخلت الخطية الانسان ودخل معها العجز وانحرفت مشيئته عن مشيئة الله . شاب كمال الانسان قصور ٌ فسقط . فقد الجاذبية التي تجذبه نحو كمال الله . وتغيرت مشيئة الانسان ، لم تعد متفقة ً مع مشيئة الله ، ليست منطبقة ً مع إرادته . نتيجتان مروعتان حلتا بالانسان جرتهما الخطية التي دخلت حياته . فقد كماله الذي كان يرفعه الى فوق ليلتصق بالله فهوى الى اسفل ، وفقد اتفاق وتطابق مشيئته مع مشيئة الله فانفصلت التروس وانفلتت . انفك الارتباط ، تقطعت خيوط الشركة ، لم يعد الانسان متصلا ً بالله ، انحرفت اسنان التروس ، لم تعد تتكامل مع تروس مشيئة الله وتكوّن جزءا ً منه . منذ سنوات ٍ إثر حادثة ٍ ، انفصلت ذراع أحد الاشخاص عن مفصل كتفه وخرجت من موضعها ، وتدلّت الذراع عاجزة ً تهتز بجوار الجسد فاقدة ً قوتها ونفعها ، عضوا ً غريبا ً عنه ، وجاء الاطباء وأجروا عمليات أعادت الذراع الى موضعها الاصلي بالجسد .
حين يقبل الانسان المسيح ربا ً وسيدا ً ومخلّصا ً ، يتغير الانسان بحلول المسيح فيه ، يعود الى الصورة الاصلية الاولى التي خلقه الله عليها ، صورة الله ، يعود كاملا ً ، قادرا ً أن يتصل بالله الكامل ويلتصق به ويحيا فيه ، ويعود متكاملا ً مع مشيئة الله ، ذراعا ً حية ً تفعل ما يشائه وما يريده . كان المسيح يعيش على الأرض مشيئة الآب وينفذها في كل ما يعمل . أتوا اليه بالطعام فقال : " طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. " ( يوحنا 4 : 34 ) في جثسيماني صلى وقال في استسلام : " لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ " ( لوقا 22 : 42 ) هكذا تتفق وتتناسق وتتناغم مشيئة المؤمن مع مشيئة الله وارادته . فعل مشيئة الله مشتهى النفس ، يقول داود النبي : " أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ " ( مزمور 40 : 8 ) يساعدك على فعل مشيئة الله قرائتك كلامه ومعرفتك وصاياه وشريعته ، اجعل مشيئتك أن تفعل مشيئته . اعظم مشيئة أن تشاء فعل مشيئة الله .


A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
514 - في المواقف الهامة في حياة الانسان يُضطر ان يقف ليبرم مع نفسه عهدا ً ، كأن يبدأ حياته العملية ويختار مهنته أو يختار زوجته ويبني حياته الزوجية ، يقف ويتعهد بأن يكرس جهوده ليحقق لنفسه حياتا ً ناجحة . بعض المهن تحتم على صاحبها ان يقسم قسما ً خاصا ً كالطبيب وقسم ابو قراط . بعض المهام والمسؤوليات الجديدة لا تعطى لاحد قبل ان يقسم قسما ً مثل قيادة الدول او الجيوش او موقع مؤثر على مصائر الافراد . وانت حين اتبعت المسيح واصبحت ابنا ً لله وصرت عضوا ً في جسد المسيح ، هل وقفت في اول الطريق وابرمت عهدا ً مع الله وعزمت عزما ً وعقدت نية ؟ هل عرفت ان موقعك الجديد هاما ً وخطيرا ً ومؤثرا ً فاتخذت قرارك ؟ في حياتك الجديدة ومكانتك الهامة ومكانك خلف الرب وضمن خاصته ، عليك ان تتعهد وتقول : اعزم بعون الله ان اعمل كل شيء ٍ لمجد الله ، لا اسعى لمجدي الشخصي ولا لمجد اي فرد ٍ من البشر بل لمجد الله وحده . اعزم بعون الله ان اقوم بواجبي كابن ٍ لله في السعي للخير لجميع الناس ، اسعى كل ايام حياتي الى عمل الخير لوطني واهلي وكنيستي واخوتي واخواتي . اعزم بعون الله ان استثمر كل الوقت الذي وهبني الله للافضل . الافضل في عبادتي وقرائتي كلمة الله والصلاة ، والافضل في حياتي وعملي . اعزم بعون الله ان احيا محبة الله واعكس محبته على كل من حولي . احب الذين يحبونني واحب الذين لا يحبونني ، احب الله والاقرباء والاعداء . اعزم بعون الله ان احمل رسالة محبة الله وغفرانه للعالم اجمع . اجعل ارسالية الله هدفا ً امامي ، اسعى لتحقيقها وتنفيذها بكل قوتي . اعزم بعون الله ان اكون نورا ً للعالم وملحا ً للارض كما اوصاني ربي . وتكون اعمالي شهادة ً واقوالي رسالة ً وحياتي اتباعا ً لمثال المسيح . اعزم بعون الله ان تكون عبادتي حقيقية ومسيحيتي ظاهرة ً جلية بأن ابتعد عن النفاق والمرائاة الى الصلاة والصوم وتقديم الصدقة في الخفاء . اعزم بعون الله ان لا اعبد المال بجوار الله وان لا استعبد نفسي للمال ولمحبته ، بل استخدم ما يعطيني الله منه كامانة ٍ ووديعة ٍ استثمرها في رضاه . اعزم بعون الله ان انتظر برجاء واطلب بايمان مجيئه الثاني لارتفع معه فوق سحابته ليأخذني معه الى مجده وملكوته الابدي .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
515 - هرب يعقوب من وجه اخيه عيسو وغضبه وتهديده بأن يقتله . وفي طريقه الى حاران اضطجع ليستريح ونام ورأى حلما ً " وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا. وَهُوَذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا ، فَقَالَ: أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ. وَهَا أَنَا مَعَكَ ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ " ( تكوين 28 : 12 – 15 ) وبعد عشرين سنة في الغربة جمع عائلته وثروته وعاد نحو كنعان ، لكنه علم ان عيسو قادم ٌ للقائه ومعه 400 رجل يصاحبونه ، فكيف ينفذ الله قوله ؟ كيف يحقق معه وعده ؟ كيف يحفظه من اخيه ؟ بدأ يتذكر اقوال الله ويذكره بها ، رفع وجهه وقلبه وقال له : " يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ ، الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ : ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ. صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ . فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ . نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ . وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ : إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ " ( تكوين 32 : 9 – 12 ) تذكر قول الله وذكّره به ، ذكّره بقوله انه يُحسن اليه ويجعل نسله كرمل البحر . وفي الليل وهو وحده " صَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ " وضرب حق فخذه ، لكنه في النهاية باركه لانه جاهد مع الله والناس وقدر وغلب وانتصر . وتدخل الله في لقائه بأخيه وجعل عيسو يعانقه ويقع على عنقه ويقبّله . حفظ الله قوله ونفّذ وعده . الله صادق ٌ في قوله ، أمين ٌ في عهده . عدم امانتنا لا يُبطل أمانة الله ، كلام الله لا يسقط ابدا ً . وعد الله شعبه بالبركة وباركه . يقول يشوع : " تَعْلَمُونَ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَكُلِّ أَنْفُسِكُمْ أَنَّهُ لَمْ تَسْقُطْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْكَلاَمِ الصَّالِحِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَنْكُمُ . الْكُلُّ صَارَ لَكُمْ . لَمْ تَسْقُطْ مِنْهُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ." ( يشوع 23 : 14 ) الكل صار ، الكل تم ، الكل تحقق ، الله يحفظ وينفذ كل كلامه . تمسك بوعود الله ، طالبه بها ، طالبه بكل ثقة ٍ وايمان واصرار . لو لم يكن الله يقصد ما يقول ما كان قال ما قال ، الله جاد في قوله ، اعتمد على قوله . وقف بطرس يغسل الشباك بعد ليلة ٍ فاشلة ، عانى واصحابه طول الليل ولم يمسكوا شيئا ً ، خرجت شباكهم فارغة ، لكن المسيح قال له : " ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ لِلصَّيْدِ " نظر بطرس الى المسيح ، رأى وجهه حاسما ً وصدّق كلمته ونفذها والقى الشبكة " وَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ أَمْسَكُوا سَمَكًا كَثِيرًا جِدًّا " ( لوقا 5 : 5 ، 6 ) .
مهما طال الانتظار ، مهما مر الوقت ، وعده ُ لا بد ينفّذ .
 
التعديل الأخير:

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
516 - خلق الله السماوات والارض ، خلق الحيوان والنبات ، وخلق الله الانسان . " وَقَالَ اللهُ : لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا ، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ . وَكَانَ كَذلِكَ . فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ." ( تكوين 1 : 11 ، 12 ) لم يخلق الله شوكا ً وحسكا ً ، لم يخلق الله الشوك والحسك ، لم يخلق الالم ، لم يكن للموت مكانا ً في العالم . خطية آدم جعلت الارض تُنبت شوكا ً وحسكا ً ، خطية آدم جائت بالموت . ونولد نحن من صلب آدم ، من تحت ، والألم والموت يسكن داخلنا . ونولد بالنعمة في المسيح ، نولد من فوق فيحل فينا روح الله ، روح الحياة والخلود . قد نتسائل في دهشة ٍ وتعجب مع نيقوديموس : " كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هذَا ؟ " ( يوحنا 3 : 9 ) كيف ؟ " كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَد َ؟ " . ويأتي جواب المسيح : " اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ ......... اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا ، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ " " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. " هذه هي الولادة الثانية . الأيمان بابن الله ، قبول صليب المسيح ودمه " مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ " ( 1 يوحنا 5 : 12 ) وكما جاء آدم بالموت للانسان ، جاء المسيح ، آدم الثاني بالحياة للانسان . آدم الأول كان نفسا ً حية أما آدم الثاني ، المسيح ، فكان روحا ً محييا ً " صَارَ آدَمُ ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا " (1 كورنثوس 15 : 45 ) . فعندما ترفع قلبك الى الله وتقبل المسيح بالايمان يحل فيك روح الله الواهب الحياة ويخرج الموت من ساحتك " لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. " ( رومية 8 : 1 ) ناموس روح الحياة في المسيح أعتقك ، اعتقك من ناموس الخطية والموت . وبعد ان صرت حرا ً أصبحت ملكا ً . يقول بولس الرسول : " لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ " ( رومية 5 : 17 ) تُصبح ابنا ً لله ، وارثا ً مع المسيح ، ملكا ً على الحياة . المُلك قوة وسلطان ، المُلك نصرة وغلبة ، المُلك جلال ٌ وعظمة . وانت في المسيح ملك ، لك قوة ٌ وسلطان بفيض النعمة على قوات الشر . وانت في المسيح ملك لك نصرة وغلبة بفيض النعمة على ابليس وجنده . وانت في المسيح ملك لك جلال ٌ وعظمة ٌ بفيض النعمة كابن ٍ لله . لا شوك يطعنك ، لا حسك يدميك ، لا موت يغلبك .

 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
517 - عندما استقرت اقدام آدم على الارض لاول مرة ، تلفت حوله ، وجد ارضا ً جافة ً خشنة ً قاسية مملوءة ً بالاشواك والمعاناة والآلام . فراغ ٌ ممتد ٌ حوله ، شعر بنفسه وحيدا ً بين الحيوان والنبات والطير . بداخله وحدة ، قلبه ُ ينبض بالانتماء ، شوق ٌ ورغبة ٌ في غير ما حوله . ورفع وجهه الى السماء ، الى أعلى . لم يكن يعرف الاتجاهات لكنه اتجه الى فوق . قوة جاذبية خارقة تجذبه الى هناك ، كل نبضه ، كل مسامه ِ ، كل أشواقه ِ تنجذب . وبعد سلسلة ٍ من الاختبارات أدرك ان الله مشتهاه ، الله احتياجه ، الله شبعه ُ . سعى وبحث واتجه نحوه . وكان الله في طبيعته الالهية يجذبه نحوه . طبيعة الله بها قوة جذب خالدة خارقة للانسان . منذ الازل وطبيعة الله تجذبه نحوه . كما نرى في طبيعة الشمس وهي تجذب نحوها الاقمار والشموس والذرات الكونية ، فتدور حولها وتلف منجذبة ً اليها ، تسبح في جاذبيتها ، لا تستطيع الابتعاد عنها . هكذا نحن نسبح في جاذبية الطبيعة الالهية ، نقترب حينا ً ونبتعد حينا ً آخر ، لكننا دائما ً في دائرة جاذبيته ، دائما ً في مداره ، دائما ً نلتف وندور حوله ، نلتف حوله وندور في خوف ٍ منه حين لا ندرك الا قوته الخارقة الجبارة . زحف موسى صاعدا ً الجبل بقدمين مرتجفتين نحو الله الذي كان قد حل بالجبل . كان الجبل مضطرما ً بالنار . دخان ٌ وضباب وظلام وزوبعة وهتاف أبواق . لم يحتمل الشعب ، لم يقترب . وقف موسى خائفا ً يقول : " أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ" ( عبرانيين 12 : 21 ) . ونلتف حول الله وندور في يأس ٍ ومرارة وندم حين نقترب من عدالة الله ، نصرخ ونولول ونبكي وننتحب ونطلب من الجبال أن تسقط علينا وللأكام أن تغطينا ( لوقا 23 : 30 ) ( رؤيا 6 : 16 ) . تُحرق آثامنا قلوبنا وتذيب أفعالنا الشريرة داخلنا ونحن نواجه الدينونة . لكننا نلتف ايضا ً حول الصليب وندور حول المصلوب ونقترب منه . نرى في آلامه ِ راحتنا ونجد في جروحه ِ شفائنا ويتم في دمه خلاصنا . نسمع صوته يرن في الارض : " وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ " ( يوحنا 12 : 32 ) . جاذبية الطبيعة الالهية في الصليب تحتوي الجميع ، تشمل الجميع ، تجذب الجميع . قبل الصليب لم نكن نستطيع الاقتراب منه ، كنا ندور حوله من بعيد . بيننا وبينه مسافات تفصلنا عنه ، لكننا في المسيح أقرب من حبل الوريد . قوته لا ترعبنا أو تفزعنا ، قوته الآن لنا تعضدنا وتحفظنا وتحمينا ، ومحبته تحصرنا ، تحاصرنا ، تجذبنا لنكون دائما ً معه .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
518 - الهنا ، اله وفرة ، اله كثرة ، اله غزارة ، اله فيض ، اله شمول ، اله كمال . اخرج الى الحقول وانظر الى الزهور ، كم نوعا ً من الزهور ترى ، الصغير الدقيق الصنع المتعدد الالوان والاشكال والروائح والفوائد . ارفع نظرك بعيدا ً وتأمل الاشجار والنبات والاعشاب والبقول والكروم ، كم نوعا ً ، كم شكلا ً ، اقطف وتذوق ، كم طعم ، كم لذة وحلاوة . تلفت الى فوق الى السماء ، انظر الى الطيور السابحة المرتفعة في الاجواء ، كثيرة ، مختلفة ، متنوعة ، صغيرة ٌ وكبيرة ، سريعة ٌ وبطيئة ، قوية ٌ وضعيفة . لو جلت َ في الغابات والصحارى ، لو زرت البلاد والقارات ، كم من حيوان تلقاه ؟ كثير ، طويل وقصير ، مفترس ٌٌ ومستأنس ، كبير الحجم وصغيره ، فصائل عديدة . بعضها يزحف ، وبعضها يقفز . بعضها يجري ، وبعضها يمشي . بعضها عدو ٌ ، وبعضها صديق . لا حصر لما خلقه الله ، لا حدود لما صنعه بدقة وحكمة ووفرة ، ولا حدود لما يصنعه الآن . كل شيء ٍ لديه وفير ٌ غزير ٌ ، فائض ٌ ، شامل . انظر الى قوته ، قوة خارقة قادرة . كال بكفه ِ المياه ، قاس السماوات بالشبر ، وزن الجبال بالقبان والأكام بالميزان . انظر الى محبته ، محبة ٌ واسعة ، كبيرة شملت جميع الناس منذ الخلق حتى الأبدية . محبة ازلية ، ابدية على مدى كل العصور والايام والقرون ، لم تخبو ولم تنقص . انظر الى سلام الله ، سلام ٌ ينبع داخلك ويفيض ، لا يتوقف نبعهُ أو ينضب . سلام ٌ يفوق كل عقل ، سلام ٌ وسط الحرب والقتل ، سلام ٌ في وادي ظل الموت . انظر الى بركات الله تنصب وتأتي اليك متتابعة الواحدة وراء الاخرى . مخازنه ممتلئة بالبركات ، موارده وفيرة ،غناه كثير لا يُعد ولا يُحصى . انظر الى نعمة الله ، من يحصر نعمة الله ، من يقيسها ، من يدركها أو يفهمها . نعمة ٌ فائضة متفاضلة تملأ حياتك وتنسكب وتفيض في كل اتجاه ، تروي وتغرق . نعمة الله تحتوي كل حياتك ، بنعمته خلصت " بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ " ( افسس 2 : 5 ) بالنعمة تعيش وتحيا في كل الظروف " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " ( 2 كورنثوس 12 : 9 ) نعمته فائضة ٌ وتفيض ، زائدة ٌ وتزيد ، كثيرة ٌ وتكثر ، تتوالد وتتكاثر دائما ً . كلما نهلت من نعمة الله زادت . كلما ملأت كفيك منها فاضت وملئت كل حياتك . يقول بولس الرسول : " وَاللهُ قَادِرٌ أَنْ يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ ، لِكَيْ تَكُونُوا وَلَكُمْ كُلُّ اكْتِفَاءٍ كُلَّ حِينٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ. " ( 2 كورنثوس 9 : 8 ) .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
519 - وسط صخب العالم ، وموسيقى الشر تعزف وطبول الاثم تطرق وتصم الآذان ، وانياب الشيطان ومخالبه تحيط بنا والشرار الاحمر يخرج من عينيه وسط ضحكات ٍ شامتة . وسط الصراخ العالي ، وسط ابواق الجحيم ، وسط الانين والبكاء والنحيب ، يأتي ، يأتي ويقف على ابوابنا ، يأتي ويطرق ، يأتي ويداوم الطرق ، لا يمل ، يأتي . يهمس أحيانا ً ويعلو صوته ُ أحيانا ً " هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ " ( رؤيا 3 : 20 ) . هل تسمع ؟ " إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي . " . يسكت الصخب ، يوقف الشر ، يطرد الشيطان ، يلقي به بعيدا ً ويملأ القلب والحياة بخلاصه . وسط عواصف المعاناة ، وسط زوبعة التجربة ، وسط السنة النار الحارقة . في الجذر عندما ينحسر المد والماء . في الظلام والسحب القاتمة تحجب ضوء الشمس . والبرد يفترس الاطراف ويزحف نحو القلب ، والخوف يزلزل النفس ويمزقها ، يأتي ، يأتي ويقف على ابوابنا ، يأتي ويطرق ، يأتي ويداوم الطرق ، لا يمل ، يأتي . يأتي وينادي " هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ " هل تسمع ؟ هل تسمع طرقاتي ؟ إن سمعت صوتي افتح الباب لادخل اليك واتعشى معك وانت معي . فيهرب الخطر ويبعد الخوف ويحل السلام والأمان ويمتلئ القلب بفرحته . وسط المياه الراكدة ، وسط شحوب النور ، وسط اللون الرمادي . حين تفتر حياتنا ، حين تتأرجح عواطفنا ، حين تتعثر اقدامنا وتخور قوانا . لما نجد انفسنا متأرجحين بين البينين ، لا حرارة فينا ولا برودة ، يأتي ، يأتي ويقف على ابوابنا ، يأتي ويطرق ، يأتي ويداوم الطرق ، لا يمل ، يأتي ، يأتي ويوقظنا " هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ " افتح عينيك ، افتح اذنيك واسمع لادخل اليك لاتعشى واقيم معك ، لاملأ حياتك بوجودي . فتعود الحرارة ، تغلي الدماء ، تعلو الأمواج ، يتفجر النور القوي المبهر . في آخر الطريق عندما تصل الى نهاية الحياة ، حين يقف الزمن وتنتهي الايام . عندما تصل الدعوة للعودة ، للانطلاق الى السماء ، حين ينادي المنادي للذهاب . ونحن نسير في الوادي المظلم ، ويقودنا الموت بوشاحه الاسود للنهاية ، يأتي ، يأتي ويطرق ويصفق بجوارنا ، يأتي ويقرع ابواب ارادتنا ووعينا لنفتح ، نفتح عيوننا وقلوبنا له . نفتح له الطريق ليصاحبنا ، ليرافقنا ويسير معنا . ويتقدمنا ، يخطو أمامنا ، يعبد الطريق ويسهله لنا ، يفتح كل الابواب امامنا . في كل وقت ، في كل موقف ، في كل منحنى في حياتك ، عند كل منعطف ، دائما ً يقف . هل تسمع طرقاته ؟
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
520 - لأكثر من ثلاث سنوات صاحبوه ، تبعوه في كل مكان ذهب اليه . لم يفارقوه نهارا ً وليلا ً ، التفوا جميعا ً حوله . منذ دعاهم ليتبعوه وهم معه . كان التلاميذ دائما ً مع المسيح ، لم يغب عنهم الا لحظات قصيرة قليلة . اكلوا وشربوا معه ، عاصروا أعماله وشاركوه في معجزاته ، وقفوا بجواره . سمعوا كلامه وارتشفوا بلذة ٍ تعاليمه . شرح لهم ما لم يفهموا وتعلموا . تبعوه حتى جثسيماني ، رأوه وهو على الصليب ، بعضهم عن قرب وبعضهم من بعيد . رأوا جروحه ، سمعوا أناته وصراخه ، عاينوا موته ودفنه في القبر . هاجمهم اليأس والأحباط والفشل عندما شاهدوا الأيدي تضعه في القبر وتدحرج عليه الحجر . ثم لفظه الموت ، لم يستطع أن يحفظه ، سلمه لهم مرة أخرى مقاما ً ، منتصرا ً . وظهر لهم والابواب مغلقة ، وسط الخوف من اليهود وشعور اليأس القاتل . حين حسبوا ان النهاية قد حلّت والفرحة قد ماتت والصحبة قد انفرطت ، جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم : " سَلاَمٌ لَكُمْ " وفرحوا جدا ً اذ رأوه . تهللوا به لكنه فارقهم ، بعد ان قضى وقتا ً معهم ذهب ، اختفى كما جاء . وانتظروا ، ملوا الانتظار ، لم يستطيعوا الصبر ، ماذا يفعلون الآن ؟ قفز بطرس ووقف ، نفض التراب عن ملابسه وقال : " أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ " فكوا الشباك وفردوا القلاع ، والقوا شباكهم للصيد بايد ٍ متخاذلة هزيلة . ضاع حماسهم ، خبت حيويتهم ، فقدوا رجائهم ، بعيون دامعة سهروا الليل كله . اين السمك الذي اعتادوا ان يمسكوه ؟ نسوا كيف يصطادون ، لم يعودوا يعرفون . اختفت خبرتهم ، فقدت اصابعهم قوتها وليونتها ورشاقتها . هجرتهم مهارتهم ، لم يعودوا صيادين بارعين ، لم يعودوا شيئا ً بالمرة . لموا شباكهم وجمعوها . وفي الفجر عند مجيء الصباح والشمس تصحو وترتفع في الافق ، رأوه . وقف يسوع على الشاطئ ، جاء اليهم . لما كان الصبح وقف المسيح أمامهم . قفزت قلوبهم فرحا ً عندما عرفوه ، صرخوا في نشوة : " هُوَ الرَّبُّ " ( يوحنا 21 : 7 ) هو الرب . لن يتصيدوا سمكا ً بعد اليوم . سيكونون صيادي ناس كما وعدهم وجربهم . لن يمتهنوا الصيد بعد اليوم ، سيكونون رعاة ً ورسلا ً لرعية الله .
الا تشعر احيانا ً بالاحباط والفشل حين تتلبد الغيوم فوق رأسك ؟ ألا تفكر احيانا ً في أن تهجر ارسالية الله وتطوي ذراعيك وتسند رأسك حزينا ً ؟ انظر هو هناك ، حين يأتي الصبح ستجده يقف ينتظرك على الشاطئ .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
521 - من البدء قبل ان يكون شيء كانت خطة الله وتدبيره لفداء الانسان . أعد الله في الازل خطته ، دبر ورتب خطة الفداء ونفذها بنفسه . لكي يرفع حكم الموت عن الانسان نفذ الحكم ، حكم الموت على ابن الانسان . ليفدي البشرية اصبح بشرا ًً . ليعيد الى الانسان صورته الالهية جاء في صورة انسان . تحركت محبة الله ، تشكلت ، تكونت ، لبست لحما ً ودما ً وعظاما ً ونزلت الينا . نزلت الينا يسوعا ً مسيحا ً ، يجول ويسير ويحيا وسطنا ، ويموت ويقوم لاجلنا . الله الذي يملأ وجوده السماوات والارض انحصر في رحم العذراء . الله الذي يملأ مجده السماوات في الاعالي نزل وسكن مذود بقر . الله الذي بكلمته خلق السماوات والارض وما بهما عمل بيديه في دكان نجار . الله الذي يعلو السحاب ويدوس الشمس والقمر خطى وسار في تراب الارض . خطة ٌ أزلية ٌ أن يُصبح الله انسانا ً ليحقق فداء ً ابديا ً لخلاص الانسان " فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ ، أَيْ إِبْلِيسَ " ( عبرانيين 2 : 14 ) لهذا " كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ " حتى يكفر خطايا العالم . رحلة ٌ طويلة ٌ جدا ً من أعلى الى اسفل ، من العلاء الى اقسام الارض السفلى . ترك السماء بكل ما بها من بهاء ، المضيئة بغير شمس ولا قمر وامتطى الظلمة ، نزل ، خطى باقدامه فوق ظلمات الارض الكئيبة . ترك السماء ، المدينة التي اسوارها واساساتها أحجار ٌ كريمة وارضها ذهب ٌ نقي وجاء الى ارض الجوع والعطش ، التعب والعرق ، الدموع والألم . ترك السماء والملائكة الملتفة حوله تخدمه والسرافيم واقفون أمامه ليعيش بين تلاميذ خانوه وانكروه وشعب رفضه ُ واهانه ُ واستهزأ به . ترك السماء حيث الحياة والخلود ، حيث الازل بلا بداية والابد بلا نهاية ليسكن الارض حيث الموت والفناء ، حيث القبر والموت والتراب . ترك كل شيء ٍ فوق ونزل الى اللاشيء تحت ، نزل الى العدم . ما اعظمها من رحلة ، ما أقساها من نقلة ، نزل من العلاء . لكنه بعد أن نزل صعد ، ثقب القبر واخترقه ، غلب الموت وهزمه . ترك الارض ، حطم جاذبيتها ، صعد ثانية ً الى السماء فوق السحاب . تمم خطة الله ، حقق الفداء ، خلّص الانسان ، ثم صعد ثانية ً الى السماء ، وفي صعوده ِ أصعدنا معه . وسوف نصعد ايضا ً اليه بعد أن يعد لنا مكانا ً هناك في السماء .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
522 - وقف المسيح امام بيلاطس البنطي ليحاكمه . وقف مهانا ً محتقرا ً ممزق الجسد والثياب . نظر بيلاطس الى هذا الواقف امامه وتحير وخاف وارتعب ، فسأله :
- "أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ " (يوحنا 18 : 33 ) في هذا الموقف المشين ، في هذا المظهر المتواضع لكنه يبدو ملكا ً .
- وقال لبيلاطس : " مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَم ِ." ليست مملكتي من هنا ، لا .
- " فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ ؟ "
- وقال المسيح : " لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا ، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ."
وسط كل الآلام ، وسط المهانة ، وسط صراخ اليهود ، عرف المسيح واعلن غرض حياته . وعرف العالم بعد ذلك هدف وغرض مولد المسيح ومجيئه الى العالم ، عرفوا سبب مجيئه للعالم . هل تعرف انت هدف حياتك ؟ هل تعرف الغرض والسبب والقصد الذي خلقك الله لاجله ؟ لا يمكن ان يكون الله قد خلقك عشوائيا ً بلا قصد وبلا سبب وبلا هدف ومهمة . حين يجلس الفخاري على دولابه ويمسك ببعض الطين ويضعه على الدولاب ويديره ، يكون في ذهنه ماذا ينوي ان يصنع ، اناء طعام لمطبخ ، وعاء زهور للزينة ، ابريق ماء للشرب ، تمثالا ً ملونا ً يوضع في صدارة البيت . وتتحرك اليدان وتصنعان المطلوب . الفخاري لا يصنع آنيته واوعيته وانتاجه ليخزنه على الرفوف بل ليستفيد منه الناس . ما القصد من وجودك في العالم ؟ لماذا خلقك الله ووضعك في مكانك ؟ الكثيرون يحتارون ولا يعرفون ويعيشون حياتهم تعساء بائسين . والله يعرفون وينفذون مشيئة الله ، صانعهم وجابلهم ومشكّلهم . الله يشكلنا جسدا ً ونفسا ً وروحا ً بما يتفق والمهمة التي خلقنا لاجلها . إناء الزهور يختلف عن وعاء الطعام ، عن ابريق الماء عن تمثال الزينة . الله اختار لك الزمن الذي تولد فيه والمكان الذي تتوطن به لتحقيق الغرض . الله اختار لك الظروف التي حولك . أعدك وأهلك للمهمة التي جئت لأجلها . في حيرتك في بحثك عن هدف حياتك ، في رغبتك لمعرفة قصد الله لك ، اصغي لصوت الله ، افهم توجيهاته وارشاداته لك . لا بد أن يبلّغك مهمتك . لن يصرخ عاليا ً لتسمع ، هو يهمس في روحك وستفهم وتعلم . وحين تعرف وتفهم قصد الله لك ستسعد وتفرح وانت تعمل مشيئته . قد لا يكون مكانك أفضل مكان ، قد تعيش في كوخ ٍ حقير لا قصر ٍ شامخ ٍ كبير ، لكنه اختار لك هذا الكوخ لتعلن الحق ، لتحمل رسالته ، لتمجد اسمه " أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ . " ( فيلبي 3 : 14 ) .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
523 - وقف يشوع على ربوة ٍ عالية تطل على نهر الاردن والارض المنبسطة ورائه . النهر ُ عريض ٌ ممتلئ بالماء ، صفحته بساط فضة ، أمواجه تتابع في تحد ٍ مستفز . كيف يقدر أن يعبر النهر ، كيف يصل الى الارض التي تفيض لبنا ً وعسلا ً على مرمى البصر ؟ الارض امامه خضراء يانعة ، خصبة طرية جيدة ، تمتد امامه تبتسم في دلال . تهتز الاشجار الباسقة امام عينيه ، يكاد يشم رائحة الارض وهي تملأ الجو كله . كيف الوصول اليها ، كيف يتخطى النهر ؟ كيف يستطيع والقائد قد مات ؟ أمامه تجمع الشعب ، غطى برجاله وجه الصحراء التي عبروها ، كثيرون ، كثيرون . وجوههم حزينة ، عيونهم دامعة ، قلوبهم مرتجفة ، ايديهم وارجلهم مرتعشة . رأى القلق يتمشى بينهم ، رأى الخوف يتزاحم وسطهم ، رأى عدم الاقتناع به . عاش طويلا ً في ظل قائده وسيده موسى ، لكنه لم يكن في نظرهم اكثر من ظل . كيف يقبلون ظلا ً يحل محل الاصل ، كيف يتبعون ذلك الفتى الرطب العود . كل الرجال بعد موسى اقزام ، كل العمالقة بعده جراد ، لا أحد يحل محله . وقف يشوع خائفا ً مستضعفا ً والشمس تغرب خلفه تُلّون السماء بحمرة ٍ خفيفة . برزت صورة موسى في مخيلته ، طويلا ً عريضا ً مهيبا ً ، عيناه ُ ممتلئتان بالثقة والقوة . لم يكن يشوع اقل من موسى حجما ً ، كان شابا ً يافعا ً قوي البنية ، لكن ..... الثقة والقوة . اين يعثر ويحصل على ما كان لقائده وسيده من ثقة ٍ وايمان وشجاعة ٍ وقوة ؟ أين ؟ ... وهدر صوت الله داخله ، سمع صوت الله " مُوسَى عَبْدِي قَدْ مَاتَ . فَالآنَ قُمِ اعْبُرْ هذَا الأُرْدُنَّ أَنْتَ وَكُلُّ هذَا الشَّعْبِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لَهُمْ " ( يشوع 1 : 2 ) الصوت واضح والامر صريح " كُلَّ مَوْضِعٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ لَكُمْ أَعْطَيْتُهُ ، كَمَا كَلَّمْتُ مُوسَى ." لكن موسى قد مات ، مات وانتهى ، اين نحن من الجبابرة الساكنين بالضفة الاخرى ؟ ويستمر الصوت " لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ " غمرت جسد يشوع هزة مسّت عوده فاستطال حتى اخفى الشمس الغاربة خلفه . امتلأ بثقة ٍ سرت في عروقه فامتلأ شجاعة ً وقوة وتغيرت نظرات عينيه . رأى الشعب تغييرا ً ، من هذا الواقف أمامهم ؟ جبار بأس ٍ يملأ أنظارهم . هو قائدهم ، والله لا يزال يتكلم " تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ ، لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مَعَكَ "
حين تقف امامك عقبة في اتساع النهر وعمق مياهه ، تشدد وتشجع ، الهك معك . هكذا قال الرب وهكذا يفعل . ثق به ، آمن ، اعتمد عليه .

 
التعديل الأخير:

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
524 - وانت تستعد للخروج اليوم ، هل تطلعت الى نفسك في المرآة ؟ هل رأيت كيف تبدو ؟ هل تأكدت مما تلبس ووجدته مناسبا ً ، لائقا ً ؟ أحيانا ً تدفعنا العجلة وضغط الوقت الى الا نهتم بالنظر لنرى كيف ، هل ما نلبس يناسب المكان الذي نذهب اليه ويناسب الجو الذي يحيط بنا ؟ الجو بارد ٌ حولنا ، العواصف تتجمع والزوابع تهدد ، المطر والثلج قد يسقط . هل ارتديت ما يواجه الجو ؟ هل استعددت لهجمات ولطمات وصراع الطبيعة ؟ نحن نعيش في جو عدائي ، العالم حولنا ليس حليفا ً لنا ، هو عدو متحفز . لا يخدعك الدفء الظاهر ، لا تستأمن وتطمأن لنور الشمس الساطع . الذئب يستطيع ان يتنكر في ملابس حمل ، الشيطان يغير شكله الى شبه ملاك . ولا بد ان نستعد ، لا بد ان نلبس الملابس التي تحمينا من العدو المتحفز " الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ . فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ ، مَعَ السَّلاَطِينِ ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ " ( افسس 6 : 11، 12 ) نلبس منطقة الحق حول احقائنا لنواجه الظلم والتعسف والكذب والرياء ، نلبس درع البر فوق اجسادنا لنصد سهام الشر ورماح الخطية والاثم . نلبس في ارجلنا استعداد انجيل السلام لنسلك الطريق وندوس اشواك الخوف . نلبس ترس الايمان الذي به نقدر ان نطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة . نلبس فوق رؤوسنا خوذة الخلاص التي تحمي افكارنا واذهاننا من لطمات اليأس . نلبس ونمسك سيف الروح ، كلمة الله الذي يقطع رقاب المجرّب ويوقف هجماته . هكذا نلبس ، هكذا نبدو ، هكذا نحيا في العالم وهكذا نواجه ظلمة هذا الدهر . نحن من مملكة تختلف عن مملكة هذا العالم ، نحن ننتمي الى مملكة سماوية . شكلنا يختلف عن شكل اهل العالم ، حياتنا ليست حياة العالم الذي نحيا فيه ، نحن نحيا في العالم ، العالم لا يحيا فينا " مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." ( غلاطية 2 : 20 ) نخلع العالم لنلبس المسيح ، نخلع الذات لنعد مكانا ً للرب ليحيا فينا . المسيح لنا ليس مخلّصا ً فقط ، المسيح لنا ليس شفيعا ً ، ليس معلّما ً وسيدا ً فحسب ، المسيح لنا حياة ، المسيح فينا حياة ، المسيح ينبوع بر ٍ حي يملأنا ويفيض منا . ينبوع ٌ يفيض رأفة ً ولطفا ً وتواضعا ً وطول أناة وتسامحا ً ومحبة ً وسلاما ً . يقول بولس الرسول : " فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا ، وَوَدَاعَةً ، وَطُولَ أَنَاةٍ ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ..... وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ . " ( كولوسي 3 : 12 – 14 ) .

A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
إن جاءتك التجارب فلا تهرب ، تذكر كلمات (عبرانيين 36:10 ) «لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ.»
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
525 - واجه المسيح وهو على الارض حروبا ً واضطهادا ً ومقاومة واحزانا ً وآلاما ً . صارعه الشيطان . هاجمه الكتبة والكهنة وشيوخ الشعب ، طردوه من تخومهم . تشاوروا عليه واسلموه ليُصلب . عروه وجلدوه وتفلوا عليه واستهزأوا به . مزقوا جسده ، حاكموه ، ظلموه ، أدعوا عليه وسمروا يديه ورجليه وطعنوا جنبه . أدموا جبينه وقلبه . أنكره ُ تلميذه المقرّب وباعهُ وخانه ُ الذي أكل الخبز معه . هذا ليس تاريخا ً فحسب . هذه ليست احداثا ً مأساوية ماضية لوثت التاريخ . هي دليل ٌ على محبته وادراكه وفهمه وقدرته وعمله وهو يعين المجربين منا . هو الآن ما يزال يواجه معنا الاضطهاد الذي يحل بنا ويحمل معنا آلامنا . يتعاطف معنا ، يحس بما نُحس ، ويتألم بما نتألم " وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ " ينجّينا ويخلّصنا . قلبه يخفق بما تخفق به قلوبنا . يده ليست خلفنا أو حولنا تحمينا وتعضدنا فقط . يده في سعير النار تحترق بما نحترق . هو ليس بعيدا ً يراقب بل قريبا ً يعاني معنا . الرب أقرب من حبل الوريد . الرب وسط بؤرة العذاب الذي نحن فيه ، هو يسير وسط ألسنة لهيب الاتون . سار بنفسه مع الفتية وسط النار . ابن الالهة سار في صحبة الفتية الثلاثة والنيران تتصاعد حولهم لا تحرقهم . كانت سورا ً حولهم كقوس نصرة ٍ وغلبة ٍ وهزيمة ٍ للشر والظلم والاضطهاد . مهما حميت نار الاضطهاد يقتل لهيبها مشعليها وتأكل ايدي الذين يعذبوننا . مهما ارتفعت السنة النار ، مهما بغت ، مهما تجبرت ، تدوسها اقدامنا واقدامه . نخطو عليها ، نسير كأننا في نزهة ، لا تقوى النار علينا ولا تتغير رائحة ملابسنا . واذا كان الله يسمح لسمائنا أن تتلبد بالغيوم الداكنة السوداء المظلمة ، فاذا نظرنا نجد بسمائنا بقعة زرقاء وسط السواد تسمح باختراق الشمس ودخولها . وتتسع البقعة وتكبر وتمتد وتنتشر حتى يغلب الصفاء السحب المتراكمة . يطردها ، ينبذها ، هكذا تفعل يد الله وهي تطرد كل ظلم ٍ واجحاف ٍ وألم ٍ يحل بنا . ويعود الصفاء ، يعود الدفء ، يحل السلام وتشرق الشمس وتملأ السماء . يسمح الرب بالظلام ليتفجر النور وينتشر . يسمح بالتجربة لتتم النصرة . يسمح بالصليب لتحدث القيامة . يسمح بالبراكين لتُخرج الكنوز من بطن الأرض . " مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ. إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ . أَيْضًا كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا. " ( مزمور 37 : 23 – 25 ) .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
526 - يقف الفلاح أو الزارع أمام أرضه ، يراها منبسطة ً على مرمى البصر واسعة ، جرداء ممتلئة بالحفر والاحجار والاعشاب والاشواك ، بائرة ً بلا حياة . ويعمل محراثه يشق به قلب الأرض ، يقلب جوفها ، ينقي الأحجار ، ويبعد الاشواك ، يطفئ عطشها ، يغذيها بالحبوب والبذور وينتظر . الارض تبدو خامدة ، ساكنة . ويعمل الله ، يحرك الله الحياة التي تسكن الارض . ينشق الحب ويخرج الزرع ، ينتفض ، يستقيم ، يثقب وجه الارض ، يخترق قشرتها ، يعلو النبات ، يرتفع الى فوق . ويرى الفلاح في ضوء النهار الارض وقد اخضر سطحها ، بساط ٌ سندسي ٌ يغطيها . وينمو الزرع اكثر ، يعلو ، ويتجه نحو السماء ويزهر ويثمر ويتلون بلون الحصاد الذهبي . ويسعد الفلاح ويفرح ، يرفع وجهه وقلبه أيضا ً نحو السماء ويشكر الله ويحمده . عمل وتعب وعرق وبذر وروى وعمل الله واحيا واثمر واعطى ووهب واغدق . الله يعمل دائما ً ويريد ان يشاركه الانسان عمله . الله والانسان يعملان معا ً . في كل شيء يعمل الله ويعمل الانسان . العمل ليس عمل الانسان ، العمل عمل الله . حين خلق الطاقة اخذها من فحم الارض ، من البترول الذي استخرجه منها ، من الكهرباء التي حصل عليها من سقوط الماء وانهماره بقوة من شلال متدفق . حين طار في الجو ممتطيا ً جسما ً معدنيا ً ، حين غزا الفضاء ، حين نزل على سطح القمر ، حين فتت الذرة ، حين استخدم اشعة الليزر ، حين وصل بعلمه ليحقق اقصى حاجاته ، كان يعمل عمل الله ، كان يتمم قصد الله ، كان ينفذ مخطط الله ويستخدم قوته . مثل المهندس الذي يضع تصميما ً ويرسمه على الورق الازرق ليتمم تنفيذه ، ويأتي العمال يتابعون التصميم وينفذون الرسم ويصعدون بالبناء . وما أن يعلو البناء ويقف الجميع امامه سعداء يهللون للعمل الذي انجزوه معا ً . لا يستطيع البنّاء ان يقول انه تمم العمل ولا يستطيع عامل النجارة ان يقول ذلك . وليس من حق منفذ عمليات الكهرباء أو الطلاء أن ينفرد بامتياز اتمام العمل . الكل عملوا معا ً لتنفيذ تصميم المهندس صاحب الرؤيا والخطة الذي اعد للبناء . واجه بولس الرسول موقفا ً في كنيسة كورنثوس حين حدث انقسام ٌ بين الاعضاء . قال البعض " أَنَا لِبُولُسَ " وقال البعض الآخر " أَنَا لأَبُلُّوسَ " وتصدى بولس للمشكلة ، قال : " فَمَنْ هُوَ بُولُسُ ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا " وقال : " أنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى ، لكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي . إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي ، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي . وَالْغَارِسُ وَالسَّاقِي هُمَا وَاحِدٌ ، وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ . فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ ، وَأَنْتُمْ فَلاَحَةُ اللهِ، بِنَاءُ اللهِ . " ( 1 كورنثوس 3 ) .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
527 - في قمة تجبره وهو في عنفوان قوته ، كان لم يزل شاول ينفث تهديدا ً وقتلا ً على تلاميذ الرب . كان يسافر ويطاردهم ، يقبض عليهم ويلقي بهم في السجون ، يقتلهم ثم يفتك بهم . وفي طريق جبروته وهو يعتلي جواده بغتة ابرق حوله نور ٌ من السماء اسقطه على الارض . وهو ملقى ً وسط حوافر الجياد منكفئ على وجهه ومنكسر ، سأل : " يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَل َ؟ " ( اعمال الرسل 9 : 6 ) . وقيل له ماذا ينبغي ان يفعل . لم يستطع ان يرفس مناخس ، سلّم واستسلم وتألم . كان الله قد اعده ليكون اناء ً مختارا ً ليحمل اسم الرب امام الامم والملوك وبني اسرائيل . وعلى مر السنين أرى الله بولس كم ينبغي ان يتألم من أجل اسمه ، وأُضطهد المُضطهد . لكن الله اراه رؤى ً واعلن له اعلانات عظيمة ، اُختطف الى السماء الثالثة الى الفردوس ، رأى ما لم تره عين ، سمع ما لم تسمعه أذن ، كلمات ٌ لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان أن يتكلم بها ، ولئلا يرتفع بفرط الاعلانات أُعطي شوكة ً في الجسد ، ملاك الشيطان ليلطمه لئلا يرتفع . شوكة ٌ في الجسد ، يقولون انها مرض في العينين ، رمد ٌ أو عجز ٌ في النظر ، اعاقة ٌ قاسية . أصبح يحتاج دائما ً لمن يكتب له وينسخ رسائله . عاش بولس حبيس عجزه واعاقته . وسط خدمته ، وسط الرؤى والاعلانات ، وسط النجاح العظيم ، وزنه الرب بثقل ٍ وعجز ٍ وشوكة . ارتمى امام الرب . سقط على وجهه وتضرع وصلى وطلب ثلاث مرات ان تفارقه شوكته . ولم يرفع الله شوكته عنه ، لم يشف ِ اعاقته ، لم يقّوي عجزه ، لم يستجب لتضرعه . قال له : " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " ( 2 كورنثوس 12 : 9 ) فاخذ يلهج ويفتخر مسرورا ً بضعفاته . قال :" لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ . لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ. " نعمة الله جعلت قوته في الضعف تكمل . الله " يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً ، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً.اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا . وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً . يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ . يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ. " ( اشعياء 40 : 29 – 31 ) . اذا اصابك عجز ، اذا امسكت بك اعاقة ، اذا حلت بجسدك شوكة لا تنزوي في الظل تلوك عجزك لا تبكي وتندب حظك ، لا تنطوي حول شوكتك . افتخر في ضعفاتك ، افرح في اضطهاداتك ، نعمته تكفيك . ترنم في احزانك ، هلل في هزيمتك ، نعمته ُ تكفيك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
528 - منذ قيام كنيسة الرب ، منذ عصر المسيحية الاول ، واولاد الله يُضطهدون لاجل اسمه . ما ان صعد يسوع الى السماء ، وبدأ الرسل ينفذون ارساليته وهم يواجهون الاضطهاد . امسكوا بهم ، القوا بهم في السجون ، ضربوهم ، عذبوهم ، رجموهم وقتلوهم . سلسلة من الاضطهاد المخزي الذي لوث وجه التاريخ وشوه صورته . حكام بغاة ، وحوش ٌ وطغاة ، تلذذوا وتفننوا في تعذيب وقتل الشهداء . تجربوا في هزء ٍ وجلد ، في قيود ٍ وحبس ، رُجموا ، نُشروا ، جُربوا ، ماتوا قتلا ً بالسيف . أُلقي بهم الى الوحوش تفترسهم . طافوا في جلود الحيوان ، أُحرقوا ودُفنوا أحياء . لم يتراجعوا ، لم ينكروا سيدهم ، لم يستسلموا ، لم يخوروا أو يفشلوا " لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى ، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى ، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ. " ( 2 كورنثوس 4 : 16 – 18 ) هذا هو الذي جعل اول الشهداء ، اسْتِفَانُوسُ يقف شامخا ً ، عالي الرأس أمام المجمع . في ايمان ٍ وفي قوة . في اصرار ٍ وفي عزم ، فبدا وجهه امام الجميع كأنه وجه ملاك . وقف وهو عالم ٌ ان ساعته قد اقتربت ، يقول لهم " أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ . كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ . أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ ؟ ....... أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ . فَلَمَّا سَمِعُوا هذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً ، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ . فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ ........ فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ : أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي . ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ . وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ " ( اعمال الرسل 7 : 51 – 59 ) ملحمة تعذيب واستشهاد ، ملحمة ُ ظلم ٍ واضطهاد ، هكذا نمت وتأسست كنيسة المسيح . وما يزال العالم يضطهد اولاد الله ، يطاردهم في كل مكان ، يتعقبهم بحقده وظلمه . وما يزال الشهداء في مسالك الارض يتساقطون ، تتساقط اجسادهم وتعلو ارواحهم ، لا يتراجعون ، لا ينكرون ، لا يستسلمون ، لا يخورون ، لا يفشلون ، لان لهم " هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا. مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ . مُتَحَيِّرِينَ ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ . مُضْطَهَدِينَ ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ . مَطْرُوحِينَ ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ . حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا. " ( 2 كورنثوس 4 : 7 – 10 ) سمفونية خالدة لا يفهمها العالم " وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا " ( متى 10 : 28 ) لا تنظر الى ما يرى بل الى ما لا يرى ، لا الى الاشياء الوقتية بل الابدية .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
529 - هل تأملت في عظمة الله ؟ هل فكرت في جلاله ؟ هل سعيت لمعرفة قدرته ؟ لا ادعوك لأن تفهم او تدرك او تحيط به ، هذا مستحيل على مخلوق مثلك . الفناء لا يستوعب الخلود ، التراب لا يصمد للنور الازلي الابدي ، العقل البشري ذرة عاجزة عن ادراك قدرة الله وعظمته وجلاله . لكن إن تأملت بخشوع ٍ في ذات الله الذي تنتمي اليه وتعبده امتلئت عجبا ً . الله من كال بكفه المياه ، كل مياه العالم التي تغطي تسعين في المئة من مساحة الارض ، كل هذه المياه قطرة في كفه ، ترتعش على راحته ، تترجرج في استحياء . الله هو الذي قاس السماوات بالشبر ، السماوات المتسعة ، الكون اللانهائي . بالنسبة لله نهائي ، منشور ٌ امامه، منبسط ، قابل للقياس بالشبر ، الله هو الذي كال بالكيل تراب الارض ووزن الجبال بالقبان والآكام بالميزان . يجمعها في يده ، يمسكها باصابعه ، يحيطها ويحتويها ويزنها ويحصيها . الله الاعظم ، الله الاكبر ، الله الذي لا يحتويه احتواء ولا يدركه ادراك . اين هو ؟ اين يقيم ؟ اين يسكن ؟ هل تعرف اين يسكن الله العلي ؟ يقول اشعياء النبي : " هكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ ، سَاكِنُ الأَبَدِ ، الْقُدُّوسُ اسْمُهُ: فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ ، وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ " ( اشعياء 57 : 15 ) هل تسمع ذلك ؟ هل تسمع ؟ الله يسكن مكانين لا ثالث لهما . في الموضع المرتفع المقدس عرشه يعلو الكون ، كرسيه يملأ السماء . الله عظيم ، اعظم من ان تحتويه سماء السماوات ، السماء لا تسع حضرته . الله قدوس ، اقدس من ان تليق به مقادس السماء لتكون موطئ قدميه . سكنه اعظم وارفع من كل عظيم مرتفع . اقدس واطهر من كل قدس ٍ قدوس . هذا مكانه الاول العالي السامي المرتفع . مكانه الثاني مع الانسان ، مع الانسان المنسحق ، الانسان المتواضع الروح ، يسكن الله قلب الانسان ، ما هو الانسان بالنسبة للكون ، بالنسبة للسماء ؟ لا شيء ، لا شيء بالمرة ، لكن الله يتواضع ويتضع ، يجعل نفسه في حجم قلب الانسان ، مسكن الله الثاني . قلب الانسان المنسحق المتواضع الروح ، قلب الطفل الصغير . ما اعظم الله ، ما امجد الله ، ما اكبر الله ، ما اقدس الله ، ما اعجبه . لا لانه يسكن السماء ، يحرك كرة الارض ، يتحكم في الكون والطبيعة والخلق ، بل لانه سبحانه يضع نفسه لاجل الانسان ، يخلي نفسه ليحيا قلب الانسان . الله بكل عظمته ، بكل جلاله ، بكل قداسته ، بكل قدرته يسكن قلبك . قلبك مسكن الله ، قلبك محل اقامة الله .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
530 - نستيقظ في الصباح يملئنا التفاؤل ، ننظر من النافذة نرى ضياء ً يملأ الجو . نستنشق الأمل في يوم جديد جميل ، نسرع بالخروج لنواجه حياتنا اليومية . ونخطو الى الخارج ، تصدمنا اصوات الشارع ، ضجيج اصوات عالية وصراخ . تهب حولنا ريح تثير التراب ، يتصاعد الغبار ، يعلو ، يلطم وجوهنا ، يدخل عيوننا ، يغزو خياشيمنا ، يكتم انفاسنا ، يجعلنا نسعل وندمع وتتعثر خطواتنا . تسقط اقدامنا في حفر ٍ لم نرها . تنغمس احذيتنا في طين الشوارع . ما هذا الذي حولنا ؟ هذا التلوث يلوث حياتنا ، لم نُخلق لهذا الجو الكئيب . ويبدأ تعاملنا مع الناس ، نصارع الخداع والكذب ، نصطدم بالرياء والنفاق ، نسير في طرقات الحياة الملتوية ، منحنيات كبيت جحا نتوه فيها ونضيع . ويهاجمنا اليأس ، نفقد تفاؤلنا ، يضيع حماسنا ، نذوب في دوامة الاحباط . لن ينقذنا من ذلك الا ان نلبس الايمان وننظر الى فوق ونستدعي وعود الله . الله لم يعدنا بارض ٍ مستوية بل وعدنا ان يسير معنا الطرق الوعرة يقودنا . الله لم يعدنا بالجو الصحو والشمس الساطعة ، وعدنا بأن يخترق معنا العاصفة . تمسك بوعوده ، استدعيها ، طالبه بها ، اسأله ، مُد يدك اليه ، خذها . وعود الله لنا متاحة ، موجودة ٌ لديه ، محفوظة لنا لحين نطالب بها ونحصل عليها . يقول بطرس الرسول : " قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ " ( 2 بطرس 1 : 4 ) مواعيده عظمى وثمينة . يعيش كثيرون بؤساء ويد الله تمتد اليهم بالسعادة . السعادة امامهم . ويعيش الكثيرون فقراء وكنوز الله في متناول ايديهم ، كل كنوز الله . كالمتسول الذي مات من البرد والجوع على وسادة ممتلئة باوراق النقد . عاش يمد يده يشحذ ويجمع الاموال يدخرها في وسادته ويموت فوقها جائعا ً . وعود الله تحرك ايماننا ، تقويه ، تنميه ، تجعل الحرارة تدب فيه . ويشب الايمان ، يقف شامخا ً ، يثبّت قدميه على صخرة وعود الله وعهوده . كل ما حولنا في العالم غبار وتراب ، صعاب ٌ وعذاب ، حروب ٌ وصراعات ، غيوم ٌ كثيرة سوداء . لكن وعود الله شمس ٌ ساطعة حرارتها تطرد كل الغيوم . صخور ٌ صلبة حادة ، الايمان بوعود الله يحطمها ، يسحقها ، يذرّيها في الهواء . مواعيد ٌ عظمى ، مواعيد ٌ ثمينة ، لا تسدد احتياجنا وتعبد الطرق فقط ، بل تصيّرنا " شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ " تشكلنا وتصنعنا وتبعدنا عن الفساد . لا تفقد تفاؤلك ، مواعيد الله لك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
531 - كان المسيح يجلس فوق ربوة عالية في الخلاء ، كان الجو صحوا ً والسماء صافية . والشمس ترسل اشعتها تملأ المكان نورا ً ودفء ً وحياة ، جمال ٌ يفوق الوصف . والتفّت الجموع حول المسيح . جائت من كل انحاء البلاد لتسمع اقواله وترى افعاله . نظر المسيح اليهم بقلبه الحنون ، اخترقت نظراته رؤوسهم ، علم افكارهم وهمومهم ، اهتزت مشاعره وعواطفه ، عرف ما يثقل اكتافهم وما يشغل اهتمامهم . ارتفعت نظراته عنهم الى الفضاء الممتد حوله وحولهم ، سقطت انظاره على الحقول الممتدة على الجبل ونزلت الى الوادي المغطى ببساط اخضر . بساط اخضر ممتد يلف الارض جميعها ، يتدرج اللون الأخضر ويتشكل اشكالا ً عديدة . تطريز رائع وزخرفة عبقرية ونمنمات دقيقة . لم تمتد يد انسان لتصنع ذلك الجمال كله . نباتات وزهور وزنابق برية مزينة بكل الوان الطبيعة احتفلت في ضوء الشمس فزهت . تحولت انظار الجموع تتبع انظار المسيح ، ورأوا الجمال الخارق الذي يحيط بهم ، دخلت الرائحة الجميلة انوفهم ، اريج الزهور وعبير الورود وشذى النباتات عبق حولهم . ارتفعت العصافير فوق رؤوسهم ، تنقلت الفراشات بين الزهور ترتشف رحيقها . جمال ٌ يحتضن اجسادهم المتعبة ، جمال ٌ يخفق مع قلوبهم المهمومة . رأى المسيح همومهم تشوه جمال اللوحة حوله فارتفع صوته يقول : " لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ . تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ ، وَاللهُ يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ! …….. تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو: لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. …… فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا ..... بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. " لوقا 12 : 22 – 31 )
أترى فيض خير الله حولك ؟ أترى كيف صنع الله الطبيعة ؟ كيف البسها ردائها ؟ لم تغزل ، لم تنسج ، لم تخيّط ، لم تتعب . أترى كيف البسها الله بذوق ٍ وجمال ٍ ملابسها ؟ الله يصنع كل شيء ٍ كاملا ً ، يوفر لك النبات لا مغذيا ً فقط بل جميلا ً رائعا ً . يوفر لك الحياة والدفء لا حماية ً فقط بل نورا ً وبهاء ً وصفاء ً براقا ً . الله يعطيك بغنى ً للتمتع ، الله يوفر لك ملبسك ومأكلك في اطباق ٍ ذهبية . ماذا يقلقك ، ماذا يزعجك ، ماذا يخيفك ؟ " لاَ تَخَفْ ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. " ( لوقا 12 : 32 ) .
 
أعلى