تأملات وحكم

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
547 - " فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ . " ( متى 6 : 34 ) الله في الغد ، الله في كل غد ، هو هناك غدا ً باكر . احيا اليوم ، اهتم باليوم ، اما الغد فله ، هو في الغد . في الغد ، غدا ً تشرق الشمس ، في فجر الغد الشمس تشرق ، وسوف يقودني الله ، يرشدني ، يمسك غدا ً بيدي ويسير معي . باكرا ً منذ الصباح يعطيني قوة ، قوة ًطوال الطريق غدا ً . قوة ً لكل لحظة ضعف . قوة ً لكل عثرة قدم . قوة ً في كل هجمة مرض . غدا ً يملأني الله بالأمل ، بالرجاء ، بالتطلع الى الافضل والترقب . فأجد في ساعات الغد أملا ً ، في الدقائق القادمة رجاء ً وسلاما ً . في الغد راحة . الله في غدي ، هو موجود ٌ وفي وجوده راحة . يفتح ذراعيه على اتساعهما ويحتضنني ، عنايته تحميني وتريحني . غدا ً سافرح ، الغد ممتلأ بالفرحة ، الفرح بالرب صاحب الغد . وراء غيوم اليوم شمس الغد . بعد العاصفة والمطر هدوء وصفاء . لا تهتم الغد ، انتظره ُبتفاؤل ، بتوقعه بفرح فالرب فيه . الرب في الغد ِ يعده لك ولي . الرب في الغد ِ يمهد الطريق امامي ويسويه . الرب في الغد يملئه بالنور ويضيئه . الرب في الغد يطرد منه الظلمة وينيره . اعيش اليوم ولا اقلق على الغد . من كان في يومي سيكون في غدي . سأسير مغمض العينين ، ثابت القدمين ، مرفوع الرأس ، واثق الخطى . في الظلام أرى بعيني ، في وادي ظل الموت اخترق الخوف وادوسه . لا أخشى الغد ، ولا اخاف المجهول . لا اعرف الغد لكنني اعرف من فيه . هو الرب الذي يحرك تروس الغد ، هو الذي يملك اوقات الغد وساعاته . وأنا وانت نحيا الغد حسب وعوده وعهوده ، الرب يحافظ على وعوده . يحافظ على وعده غدا ً كما حفظ عهده اليوم وأمس ، هو ، هو أمس واليوم وغدا ً . يده تنسج احداث الغد ، تصنعها لك ، لذلك اطمئن لغدك . الغد لن يغدر بك ، لن يفاجئك ، لن يؤذيك ، فالرب في ذلك الغد . سر طريقك واثقا ً من الغد ، سر مع الله ، ادخل المستقبل مطمئنا ً فالرب في الغد . لا تهتم بالغد ، دع الغد يهتم بما لنفسه .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
548 - التفت الى الحياة حولك ، امعن النظر ، افحصها ، تأمل ابعادها . هل ترى الشمس فوقك ؟ هل تحس بحرارتها ؟ هل تتمتع بنورها ؟ ونسمات الهواء وهي تداعب شعرك ، وترطب وجهك ، وتملأ رئتيك . هل ترى الزرع ؟ هل تلاحظ خضرة اوراقه وتناسق الوانه ؟ خلق الله الانسان ليتسلط على سمك البحر وطير السماء وحيوان الارض . وتستمر الحياة بدقة ٍ وتنظيم وحسب خطة ٍ وترتيب الهي معجزي خارق . يقف العلماء حيارى ، مندهشين ، مأخوذين يتأملون ويدرسون معجزة الحياة . يكشفون بعض الاسرار ويصلون الى حل بعض الالغاز فقط . أما الحياة الروحية فاسرارها عسرة الكشف والغازها صعبة الحل . كيف يتغير الانسان ويولد ولادة جديدة ؟ كيف تتغير طبيعته ؟ حين جاء نيقوديموس للمسيح ليلا ً وطلب من المسيح ان يكشف له سرها ، قال له المسيح : " اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. " ( يوحنا 3 : 8 ) هكذا نقف حيارى امام اسرار الولادة الجديدة والحياة الجديدة للانسان ، هل هي ولادة الانسان في الله أم حياة الله بالايمان في الانسان ؟ " مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ." ( 1 يوحنا 5 : 12 ) كيف يتغير قلب الانسان ؟ كيف تتشكل من جديد عواطفه ؟ كيف تنضج ارادته ؟ كيف تُصبح له طبيعة ٌ جديدة ٌ مغايرة ؟ كيف يحيا حياة ً يمتزج فيها الالم بالفرح ، المعاناة بالنصرة ؟ كيف تحول شاول الى بولس ؟ في قمة تجبره ِ رأى المسيح فسقط على وجهه ِ ، " فَقَاَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: يَا رَبُّ ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ ؟ " ( اعمال الرسل 9 : 6 ) وعمل ما اراده الله . وغيّر بولس كثيرين . تغيرت صورتهم القديمة وصارت لهم صورة جديدة . اسرار ٌ لا يمكن فهمها ولا ادراك ابعادها . معجزات ٌ تتم بالايمان بالمسيح . وسوف يتكمل التغيير الذي يحدث هنا حين نصعد اليه في مجده . حينئذ ٍ نتغير الى الصورة عينها ، صورة المسيح " مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ " ( 2 كورنثوس 3 : 18 ) معجزة ، معجزة المعجزات ان نجد انفسنا مولودين بالايمان بالمسيح ولادة ً جديدة . معجزة ، معجزة المعجزات ان يحيا الله فينا " فَأَحْيَا لاَ أَنَا ، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ " ( غلاطية 2 : 20 ) معجزة ، معجزة المعجزات ان نجد انفسنا مرتبطين بالايمان بطبيعة الله وحياته . معجزة ، معجزة المعجزات ان ننتمي الى الحياة الابدية التي يهبنا اياها المسيح . وتحقيق المعجزة يتم بالايمان بالمسيح وقبول دمه بغفران خطايانا .


A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
549 - هل سرت يوما ً في الصحراء وقت الظهيرة ؟ هل احترق جسدك بشمسها ؟ هل غاصت اقدامك في رمالها ؟ وصعب عليك السير في دروبها وطرقها ؟ الصحراء رمز ٌ للجفاف والعطش ، رمز ٌ للتيه والضلال والضياع . وحياتنا حين تجف ، وحين ندور في دوامة مشاكلها تكون سيرا ً في الصحراء . حين تجد قلبك وقد تشقق من جفاف الحياة واعتصرته الآلام . حين تجد روحك تحيا تيها ً ، لا تجد مستقرا ً تستريح عليه وتسكن ، تحتاج الى لقاء ٍ مع من يروي عطشك ويريح نفسك . كالسامرية ، المرأة التي يتناول الناس ذكرها 20 قرنا ً . وُلدت وعاشت في سوخار ، البلدة الصغيرة في سفح الجبل وعلى حافة الصحراء . كانت متفتحة ً للحياة ، تشتهي ان ترتشف من كل مباهجها ولذاتها وتنتشي . وصُدمت ، فالحب لم يروِها بل بالعكس زاد من جفاف حياتها فكفرت به. لجأت الى التعبد في الجبل ، مارست طقوس الدين ونفذت اركانه . كانت كأنها تطرق حديدا ً باردا ً وتضرب الصخر برأسها . لكم تجد راحة في التدين . في يأسها واحباطها ، في ضيقها وفشلها ، حملت جرتها وذهبت الى البئر . بئر يعقوب التي شرب منها هو وبنوه ومواشيه . سعت للارتواء منها . اختارت وقت الظهر ، وقت الحر ، وقت الجفاف والعطش ، بعيدا ً عن الناس . وجدت من ينتظرها جالسا ً على حافة البئر . تشاغلت عنه بملء جرتها . بادرها بالقول : " أَعْطِينِي لأَشْرَبَ " كان يعرف ما بداخلها من عطش . تعللت بالقول : " كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ ؟ " حول المسيح نظرها الى الماء الحي الذي تحتاج اليه . ماء حي ؟ من اين لك " يَا سَيِّدُ ، لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ ؟ أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ ؟ " لم يكن في نظرها اعظم من يعقوب . رجل ٌ يهودي ٌ على البئر . قال لها : " لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا ......... كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ " وما ان طلبت منه ذلك الماء حتى اعطاها وتفجر بداخلها ينبوع حياة . وسط الصحراء ، في الجفاف ، في متاعب ومتاهات الحياة ، نعطش ونبحث عن الارتواء في آبار العالم فنعطش ايضا ً ، حتى نلتقي به ونقبله . نقبل المسيح ربا ً ومخلّصا ً فينبع في داخلنا ينبوع حياة ابدية .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
550 - يقف قائد الاوركسترا ( المايسترو ) وبيده ِ عصا رفيعة . وامامه عشرات الموسيقيين بآلاتهم الموسيقية . يرفع عصاه فيتوقف الهمس في القاعة وتنحبس الانفاس ويحل على المكان صمت ٌ تام . ويكف العازفون عن ضبط آلاتهم ويرفعون عيونهم الى المايسترو ، وينتظرون حركة العصا . وتتحرك العصا ويبدأ العزف وتتموج العصا على تموجات اللحن ، وبين الحين والآخر تشير العصا الى العازف . بعد ساعات من العزف حسب توجيهات المايسترو بعصاه ، تنتهي السمفونية وتمتلئ القاعة بالتصفيق . وراء هذا التصفيق عازفون ابدعوا وآلات ٌ تجمعت اصواتها وعصا القائد حفظت التوقيت . أي خلل ٍ في ذلك التنسيق يهدم العمل كله ويقتل اللحن ويغضب الجماهير التي أتت لتُطرب . لو تأخر عازف ٌ عن الاستجابة للعصا أو اسرع او لم يتجاوب لاشارتها ، تهاوت المعزوفة وسقطت . لكل آلة ٍ وقت في النوتة الموسيقية ، لكل عازف ٍ دور في بناء السمفونية يحافظ عليه . نعم " لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ لِلْوِلاَدَةِ وَقْتٌ وَلِلْمَوْتِ وَقْتٌ. لِلْغَرْسِ وَقْتٌ وَلِقَلْعِ الْمَغْرُوسِ وَقْتٌ.لِلْقَتْلِ وَقْتٌ وَلِلشِّفَاءِ وَقْتٌ. لِلْهَدْمِ وَقْتٌ وَلِلْبِنَاءِ وَقْتٌ. لِلْبُكَاءِ وَقْتٌ وَلِلضَّحْكِ وَقْتٌ. لِلنَّوْحِ وَقْتٌ وَلِلرَّقْصِ وَقْتٌ….. لِلْكَسْبِ وَقْتٌ وَلِلْخَسَارَةِ وَقْتٌ…. لِلسُّكُوتِ وَقْتٌ وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ. لِلْحُبِّ وَقْتٌ وَلِلْبُغْضَةِ وَقْتٌ. لِلْحَرْبِ وَقْتٌ وَلِلصُّلْحِ وَقْتٌ. " ( جامعة 3 ) . وكل الاوقات في يد الميقاتي الاعظم " صَنَعَ ( الله ) الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ " مرض لعازر وارسلت مريم ومرثا ليسوع أن يحضر حالا ً ، ولم يحضر حالا ً . حضر في وقته ِ ، في توقيت ٍ خاص ليقيمه من وسط الاموات ليتمجد الآب . تآمر اخوة يوسف عليه ، ألقوا به في البئر ، باعوه الى قافلة ٍ عابرة ولم يتدخل الله . نزل ارض مصر ، أُلقي به في السجن ظلما ً ثم تدخل الله ليجلسه على عرش فرعون . خرج القارب يحمل التلاميذ الى عرض البحر ، هاج البحر ، هبت الريح ، علت الامواج ، صدمت القارب ، كادت تحطمه ، خارت قواهم ، يأسوا ، وجاء الرب في وقته ِ ماشيا ً على الموج وانقذهم . العصا في يد القائد ، القائد الذي يحرك الاحداث والظروف والعالم بيده . اترك الوقت له فهو الميقاتي الاعظم . عنده لكل شيء ٍ وقت . كل اوقات حياتنا حددها الله بدقة حسب توقيته الاعظم . كل شيء ٍ في وقته . لا تحاول ان توقفها او تستعجل خطاها إنما انتظرها كما رتبها الله لك . انتظرها بثقة ، انتظرها بايمان ، انتظرها في فهم ٍ وادراك وشكر .


 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
551 - في نهاية المطاف بعد سنوات طوال قضاها نبي الله موسى في مصر وارض مديان والتيه في البرية . 120 عاما ً عاشها موسى كليم الله ، يخدم الله ويعاين مجده ويقود شعبه . وها هو بعد كل تلك السنوات يجلس وحيدا ً على الجبل ، بعد ان رأى ارض الموعد من بعيد . جلس يسترجع الاحداث العظيمة التي مرت به ، والعجائب التي صنعها الله بيده وبعصاه . سرح بنظره الى اول لقاء مع الله في جبل حوريب . تذكر العليقة المحترقة بالنار . ومر شريط الذكريات ... مصر ، مذلة الشعب ، فرعون ، قسوته ، الضربات ، ثم الخروج ، الخروج المتعجل والزحام والصراخ والجري والسقوط والقيام ، وعفار الصحراء يغطي الارض والسماء ، وقعقعة المركبات وصهيل الخيل وصياح جند فرعون خلفهم وانحباسهم بين البحر وجيش المصريين . الفزع على وجوه الجميع والبكاء ولطم الخدود ، ثم خلاص الرب . بضربة ٍ واحدة ٍ من عصاه انشق البحر ، وعبر الشعب وغرق جيش فرعون . وتوالت معجزات الرب ... طعام المن والسلوى من السماء ، الماء الرطب يخرج من بطن الصخرة ، وها هو الله حتى هذه اللحظة معه كل الوقت وحتى نهاية الوقت ، وقد جائت نهاية وقته . هو الآن على الجبل يرى غروب حياته وبداية انطلاقه الى الابدية لينظم الى الله الابدي . سوف يتبع رفاق ايام شبابه وايام كفاحه اللذين دفنوا في رمال الصحراء . سيرقد بجوارهم . طال عمره عنهم بعض الوقت ، لكن لكل عمر ٍ نهاية ، ولكل وقت زوال ، حظر وقت الرحيل . سيمضي موسى وتبقى الصحراء ، سيمضي موسى وتبقى الجبال ، سيمضي موسى وتبقى الانهار ، سيمضي موسى ويُدفن في التراب وتختلط ذراتُه بذراتِه ويبقى الله الازلي الابدي . في تأملاته تلك رفع موسى صلاته في المزمور التسعين : " إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ. " ( مزمور 90 : 12 ) حكمة ان نعرف ان للوقت نهاية ، حكمة ان نعرف ان للانسان نهاية . ومن الحكمة ان نفتدي الوقت ونستفيد بساعاته ودقائقه وحتى ثوانيه . وبعد ذلك كله تأتي النهاية ، نهاية الوقت ونهايتنا لنسمع الصوت : " نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِير ِ" ( متى 25 : 21 ) ونخطو الى الخلد مع الله الخالد ، نحو الابد مع الله الابدي ، آمين .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
552 - من اعظم عطايا الله واثمنها واغلاها لنا الوقت . الوقت اثمن عطية . انظر الى شروق الشمس صباحا ً وهو يعلن بداية يوم ٍ جديد ٍ كامل ٍ لك . أترى وجه الشمس الاشقر وابتسامتها الواسعة وهي تقدم لك 24 ساعة ؟ هل تستخدم هذه الساعة بحكمة ٍ ام تستخدمها بجهل ؟ هل تضيعها أم تستثمرها ؟ " فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. " ( افسس 5 : 15 ، 16 ) وكما تقبض على الاشياء الثمينة بحرص وتمسك بها جيدا ً باصابعك حتى لا تضيع ، هكذا امسك بالوقت ، لا تدعه يضيع من يدك ، لا تدعه يفلت من قبضتك . الوقت سريع الانفلات ، سريع الهروب ، سريع الضياع ، يذهب ولا يعود . ما تكاد تنظر الى الشمس وقت الشروق ، فجأة تجدها توسطت السماء ظهرا ً ، ثم تسرع تميل نحو الغروب ، تختفي وراء الافق ويمر النهار ويحل الليل . اعملوا ما دام نهار ، يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل "
يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ " . في النهار تدب حرارة الشمس في عروقك فتنشط وتعمل . في الليل يخور الجسد وترتخي اليدان وتهمد الحركة ويأتي النعاس . وفي سكون الليل يصرخ الندم ويئن القلب ، ينعي ضياع الوقت . عبثا ً تحاول ان تؤجل الوقت ، عبثا ً تعطله وتبطئ ذهابه ، عبثا ً توقفه . الساعة تتحرك دائما ً الى الامام ، البندول يهتز بلا توقف ، لا يرجع الى الخلف ابدا ً ..تِك تَك ، تِك تَك ، تِك تَك ، ويمضي الوقت يتحرك دائما ً للامام . الوقت وهو متاح ٌ لك ثمين ٌ قيمته غالية ، لكنه عندما يمر ويذهب ، يُصبح بلا قيمة . كل شيء ٍ يمكن ان تدخره وتخزنه ُ الا الوقت فهو غير قابل ٍ للادخار والتخزين . استخدمه وهو ساخن طازج . هو يجري ، اجري خلفه ، الحق به لتحقق فيه اهدافك . الوقت خادم ٌ امين ٌ لمن يستغله ويستفيد به وعدو ٌ لمن يهمله ويتباطئ عنه . يأخذنا سليمان الحكيم الى النملة ، يطلب من الكسلان ان يتأملها وهي تدب على طريقها . تسير الى الامام ، تسعى دائما ً وتجاهد ، تجمع طعامها ، تجرّه ، تدفعه ، تحمله الى بيتها . لا تكل ، لا تمل ، لا تشكو ، لا تعترض ، لا تتوقف ، لا تسترخي ، لا تستلقي ، لا تنام لأن " قَلِيلُ نَوْمٍ بَعْدُ قَلِيلُ نُعَاسٍ ، وَطَيُّ الْيَدَيْنِ قَلِيلاً لِلرُّقُودِ ، فَيَأْتِي فَقْرُكَ كَسَاعٍ وَعَوَزُكَ كَغَازٍ . " ( امثال 6 : 10 ، 11 ) . اسرع الوقت يجري ، لا تتمهل الوقت يمضي ، الحق به ، امسك به ، استخدمه ، هو الآن لك ، غدا ً ليس لك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
553 - الموت حقيقة ، الموت حكم ٌ ، الموت ُ قاس ، الموت عقاب . منذ خرج الانسان الى العالم حاملا ً لعنة الموت وهو يحيا كل يوم بلعنته . خرج هاربا ً يجري مطاردا ً كل يوم بشبح الموت . مع كل خطوة ٍ احتمال الموت ، مع كل حركة ٍ قلق الموت . الانسان الذي يعيش تحت لعنة الموت يموت كل لحظة ٍ آلاف المرات . المسيحي لا يرى الموت مخيفا ً ، لا يخشاه لأنه ليست في الموت نهايته . له بعد الموت حياة ، حياة ٌ أبدية ، حياة ٌ دائمة ، ليس نهاية الطريق . الموت للمؤمن بداية الحياة ، الموت ليس حالة ، الموت للمؤمن تحول . الموت للمؤمن ليس مكانا ً ، ليس مستقرا ً ، الموت ممر ، طريق . الموت للمؤمن ليس بيتا ً يقيم فيه ويسكن ، الموت خيمة ، خروج من الخيمة . الموت للمؤمن خروج من حياة محدودة الى حياة غير محدودة ، حياة ابدية . ترفع المرساة وننطلق عابرين ، سابحين الى الشاطئ الأمين . هو حادث وقتي ، نغيب دقيقة ، لحظة ، لنصل الى حيث الشاطئ الآخر لنلحق بكثيرين من الاحباء السابقين . نراهم ، نبقى معهم ، نعرفهم ويعرفوننا وينتظروننا هناك . سنبقى كما نحن ويبقون كما هم ، تحدث تغييرات لكن شخصياتنا باقية . لن نكون اشباحا ً بل اشخاصا ً لنا تميزاتنا وملامحنا وذواتنا . كيف بقي موسى وايليا كان ايليا لحظة التجلي على الجبل . مريم عرفت المسيح في البستان . قام كما كان وكما سيكون ابدا ً . اللص طلب ان يكون مع يسوع في الفردوس ، يراه ويعرفه ويتمتع بحضرته . الابدية دوام المحبة . المحبة ستبقى خالدة مع النفس بعد الموت . كل شيء يموت لكن الحب لن يموت ، الحب ابدا ً لا يموت " لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ." ( فيلبي 1 : 21 ) نصرة ٌ وانطلاق ٌ للمجد . لا تخف ، الموت فقد شوكته ، الموت فقد تجبره وسيطرته ، تحطمت انيابه في الجلجثة ، تقطعت مخالبه في دم المسيح على الصليب . غمضة العين لا تخيف ، خطوة النهاية تقود الى البداية . بداية الحياة الابدية مع المسيح الذي سيملأ السماء والفردوس . سنُعرف كما عُرفنا ، سنفهم ما لم نفهمه وندرك ما لم ندركه . سنحيا في نوره سنتمتع بحضوره سنسبح في فلكه ، الى الابد ، الى ما لا نهاية .

 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
554 - كان بولس الرسول يعاني من عاهة ، شوكة في الجسد تلطمه وتعذبه . في ادراكه الروحي وعلاقته الوثيقة بالله فهم انها هناك لئلا يرتفع . لكنه وهو يجد انها تعوق خدمته وتعطل حركته وتُظلم رؤيته ، فالاغلب انها كانت مرضا ً في العين وضعفا ً في البصر جعله يستعين بمن يكتب له . يقول للغلاطيين عنها انه لو امكنهم لكانوا قلعوا عيونهم واعطوها له ( غلاطية 4 : 15 ) . ورفع طلبته الى الله ثلاث مرات : ارفع يا رب ، ارفع يا رب ، ارفع يا رب . كان من السهل على خالق الانسان ان يستجيب ويرفع الشوكة عنه ، لكنه قال له : " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " ( 2 كورنثوس 12 : 9 ) حتى في عاهته لم يعاود بولس السؤال ، لم يلح ، لم يتعجب ، لم يُصدم ، لم يفشل ، امتلأ بالسرور : " فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي ، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ." في كل مرة ٍ تؤلمه ُ عاهته ُ كان يلجأ الى خزان نعمة الله لينال قوة . لم ينضب خزان النعمة بل تزايد وتضاعف وفاض بغزارة وتدفق . وبعد اختبارات رائعة لبولس الرسول عن نعمة الله ، عاش سعيدا ً بعاهته . واتصور انه بعد سنوات من حياته في فيض نعمة الله لو خُيّر لاختار النعمة ، فالنعمة تفوق الشفاء والتخلص من عاهته ، هكذا اراد له الله نعمة ً كافية .
اذا اصابتك عاهة او مرض ، اذا حلت بك اعاقة او ضعف ، لا تشكو ولا تتذمر . الله يعرف ويقدّر ويسمع صلاتك ويستجيب ، لكنه في استجابته يختار لك الافضل ، قوة ً في الضعف أو احتمالا ً للتجربة أو سموّا ً فوق الألم . نعمة ٌ كافية ، كاملة . وجد بولس الرسول سببا ً لشوكته ، حماية من الارتفاع بفرط الاعلانات . ما اروع ان تعيش محاطا ً بنعمة الله . قد لا يفهم الناس ذلك ولا يدركوه . لا يفهمون كيف يعيش اولاد الله يعانون عجزا ً أو اعاقة ً . يتصورون ان اولاد الله يعيشون معصومين ، محفوظين ينعمون . كيف يرضى الله ان يمد الشيطان يده فيطعن خاصته ويهدد سلامهم . انظر الى ايوب وهو يمر في سلسلة ٍ من التجارب التي جرّتها اليه أمانته . كان ايوب رجلا ً بارا ً ولم يقترف إثما ً ولم يخطئ لله في قلبه . لا تنظر الى المياه المضطربة الهائجة ، انظر الى قوس قُزح . لا تغرق في آلام وضغوط الحياة ومتاعبها ، انظر الى وجه يسوع . لا تعدد النقصات ، عدد البركات . لا تحصي الفشل ، افرح بالنجاح . كأس البركات ممتلئ وملؤه يفوق نقص التجارب والعاهات .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
555 - كل ما حولنا يدعو الى القلق . الحياة سلسلة ٌ متتابعة ٌ من حلقات قلق . تُشرق الشمس ويبدأ الانسان في القلق ، هل الشمس صحو ٌ أم مظلم ؟ هل تُمطر السماء أم تصفو ؟ هل تهب الريح أم تهدأ وتخبو ؟ هل سأتعب أم استريح ؟ هل سأحزن أم أفرح ؟ ماذا يخبأه ُ اليوم لي ؟ ماذا يختفي في الطريق عند المنعطف ؟ ما هي مفاجئات اليوم ؟ هل ينتظرني سلام ٌ أم حرب ؟ هل لدي ما يكفيني أم أعيش ُ احتياجا ً وعجزا ً ونقصا ً ؟ والانسان متشائم ٌ اكثر ُ منه متفائل ، قلق ٌ أكثر منه مطمئن . وينادينا الرب على لسان داود ويقول : " سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي .... انْتَظِرِ الرَّبَّ " ( مزمور 37 : 5 ، 7 ) . انت لا تعرف ماذا يخبأه ُ لك الطريق ؟ الطريق مجهول ٌ لك . كل ما تعرفه هو ما تراه ُ عيناك ، وعيناك نطاق رؤيتهما ضيق . هناك مناطق في الطريق لا يكشفها نظرك ، لا تراها ، لكن الرب يرى الماضي والحاضر والمستقبل ، يرى المكشوف والخفي . افق الله كبير ٌ ، واسع . هو يرى العالم كله كبقعة ٍ صغيرة ، وهو يقول لك : سلّم الطريق لي ، اتكل علي ، أنا اُجري . لا تنظر الى الشرير ، لا تغر منه ، لا تقارن نفسك به ، لا تخافه ُ ولا تخشاه " لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ ..... تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ." هل تراه ُ يمتلك الكثير ؟ " اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ. " هل تراه ُ يبغى ويتجبّر ويعتدي ؟ انتظر " لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ تَنْكَسِرُ " اطرد القلق ، ابعد التشاؤم ، ثق بالرب ، اتكل عليه " مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ. " انتظر اشياء عظيمة رائعة قادمة ، ثق به ، لن يخذلك . انا لا استطيع ان ارى ما سيحدث لكنني ارى من يُحدث الاشياء . انا لا استطيع ان اتنبأ بالمستقبل ، لكنني اعرف من بيده المستقبل . كيف اشعر بالقلق . صوت العالم مليء بالمخاوف لكن صوته اعلى . اسكت امامه ، اسمعه ، اعرض امامه مخاوفك ، كل مخاوفك . ضعها في كفك ، يرفعها عنك ، يطويها في يده ، يُبعدها عن بصرك ، انظر الى شروق الشمس بتفاؤل ، بيقين ٍ ، بفرحة ٍ ، بأمل . لا تخف من الغيوم والامطار والزوابع والامواج الهادرة ، " سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي " .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
556 - وانت تقف وسط الحقل تعمل ، تعرق ، تكافح ، تكدح ، تتعب ، وتتصور انك وحدك لا احد معك يتعاون ، يساعد ، يعمل . ارفع قامتك ، اصلب عودك ، انظر بعين الايمان والرجاء ، ستجد انه هناك ، هو يملأ الافق ، يداه تتحركان ، تعملان . يده الله خشنة ، مجروحة من آثار العمل ، يداه تعمل معك . بولس وابولوس كانا عاملان مع الله ، في فلاحة الله ، بناء الله . لا تتصور نفسك تقوم وحدك بالعمل ، انت تعمل مع الله . لا تتفاخر بانك تحمل العبء والمسؤولية وحدك ، انت تعمل مع الله ، والله يستطيع ان يتمم العمل كله بدونك فهو كلّي القدرة ، لكن مشيئته ان يتمم العمل بك وبيدك ، هو يحتاج اليك . يحتاج الى قلبك لينبض بمحبته ولهفته على الخراف الضالة . يحتاج الى قدميك لتسعيان وتذهبان الى العالم اجمع . يحتاج الى يديك تحصدان وتقطفان الثمار التي نضجت على الشجر . يحتاج الى ان تعرق بجواره فيسيل عرقك يروي الارض العطشى . نظر المسيح الى الجموع وامعائها تتلوى داخلها جوعا ً حوله . تلفّت الى التلاميذ وارادهم ان يعطوهم طعاما ً ليأكلوا ، لم يكن لديهم الا خمس ارغفة خبز ٍ جافة وسمكتين . ارادهم ان يجعلوهم يجلسون على الارض فاجلسوهم . وقام بعمله ، شكر وبارك وكسّر ومد يديه بالطعام الكثير . وقاموا بعملهم ، وزعوا الطعام على الجياع المنتظرين للطعام . وحقق الرب معجزة اشباع الخمسة آلاف جائع بعمله ِ وعملهم . امام القبر وقف وقد التف اهل بيت عنيا حول قبر لعازر . داخل القبر جسدٌ انتن وعمل به الفساد ما يعمله بالاجساد المائتة . اراد ان يكون لهم دور ٌ في المعجزة فامرهم ان يدحرجوا الحجر ، ودحرجوا الحجر وصلى وصرخ بقوة ٍ : " ً لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا " وخرج لعازر حيا ً، وكلفهم مرة أخرى ان يحلّوه ويدعوه يذهب . عملوا معه ُ وشاركوا في المعجزة ، ارادهم ان يعملوا معه . اراد الله وقصد ان يتمم الفداء ويحقق الخلاص ويرفع حكم الموت ، وجاء في المسيح انسانا ً ، حمل على كتفيه حكم الموت واعتلى الصليب ، وبنى جسرا ً بين الارض والسماء ، وفتح الطريق الى الحياة الابدية . قال : " قَدْ أُكْمِلَ " تم العمل ، لكنه ليخلّص الانسان ، يريدك ان تعمل معه . اذهب الى العالم اجمع واكرز بالانجيل للخليقة كلها ليتحقق قصد الله .

A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
557 - تُظلم السماء ، تتلبد بالغيوم ، تغرب الشمس ولا يظهر القمر . يبدو كل شيء ٍ كئيبا ً ، جبال ٌ من المشاكل والمتاعب تجثم على القلب ، آلام ٌ تجعل الحياة كلها تتجمع في كأس ٍ مر مذاقه ُ لا يُحتمل . معاناة ٌ تُمزق النفس وتحرق الجوف وتجعل القلب ينزف دما ً . وتتلفت حولك فلا تجد معينا ً ولا ترى من يمد يدا ً تسند . الدموع تنهمر بلا أحد يمسحها . الدمٌ ينزف دون من يوقفه . وتصرخ وتضيع الصرخات في الفضاء وتمد يدك ولا أحد يمد يدا ً لك . تتصور انها النهاية ، تحسب ان الحياة توقفت والموت حل بالساحة . في قمة معاناته ، وكان عرقه كقطرات دم ٍ نازلة ٍ على أرض جثسيماني ، صرخ المسيح مناديا ً الآب : " يَا أَبَتَاهُ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ " في الحال " ظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ . " ( لوقا 22 : 42 ، 43 ) لم يكن وحده ُ ، كان الله هناك . أبدا ً لن تكون وحدك في وسط الظلام الدامس تجد بقعة نور . أبدا ً لن يتركك منفردا ً ، في تيه الصحراء حولك " عَمُودِ سَحَابٍ " الله يشاركنا آلامنا ، يحزن أحزاننا ، يقاسمنا قلقنا وضيقاتنا . في كل ضيقتنا يتضايق وملاك حضرته ِ يخلّصنا " فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ " ( اشعياء 63 : 9 ) لسنا وحدنا ، هو معنا . هو يُمسك يدك ، يمشي معك خطوة خطوة ، الرب قريب دائما ً منك " مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ . إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ." ( مزمور 37 : 23 ، 24 ) . يعاني معاناتي معي ، يحمل احزاني معي ، يواجه صراعاتي معي . وسط الأتون وألسنة النار ترتفع ، تلطم ، تأكل ، تحرق ، يسير بجوارهم ، يضع يده ُ عليهم ، تصد يداه النار عنهم . اذا اهتزت الارض ، تشققت ، اذا تزلزلت وتحطمت وانهارت . اذا خرج من جوف الارض نار واحترقت الصخور والاحجار ، يخرج مع النار ذهب ٌ ويرتفع مع اللهيب خير ٌ ومعادن ثمينة . اذا هوت الاشجار ودُفنت في اعماق التراب تحت الدمار ، يخرج منها فحما ً ، يُعطي طاقة ، يدير الحياة ويزرع الحضارة . لا تخف هناك يد اله ٍ قادر ٍ تُعينك وتحميك . لا تحزن هناك يد ُ أب ٍ محب ٍ تمسح دموعك وتضمد جروحك . لا تيأس ، خلف الغيوم شمس ٌ تطرد الغيوم . لا تكتئب وراء الدموع بسمة ٌ تطرد الدموع . هو هناك ، دائما ً هناك ، وسيبقى دائما ً معك ، دائما ً .

 
التعديل الأخير:

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
شكرا oesi no لتقييمك الموضوع
الرب يبارك حياتك
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
558 - انت مسيحي لأن المسيح فيك " أَحْيَا لاَ أَنَا ، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ " ( غلاطية 2 : 20 ) انت مسيحي ٌ فمع المسيح صُلبت ومع المسيح قمت وحييت . المسيح حي ٌ فيك وانت بالمسيح حي ، تعيش وتتحرك وتحيا . اساس الايمان المسيحي هو ان المسيح فينا ومعنا حقيقة . لا مجازا ً أو تصورا ً بل حقا ً مطلقا ً لا مجال لمناقشته او التشكك فيه . ، المسيح مالكا ً ، مالكا ً لنا ، نحن ملكا ً له . في القديم تحدث الله الى الانسان باشكال ٍ واشخاص ٍ ووسائل متعددة . كان يظهر له في رؤى ، في احلام ٍ ، في احوال ٍ واحداث ٍ معينة . الآن هو فينا ، يتحدث ويوجه ، يتحرك ويحرّك ويحيا . لا نحتاج الى نبي ٍّ ينقل الينا كلام الله وتوجيهاته وارادته . ارادته ُ معلنة دائما ً لنا ومشيئته ُ تحيا داخلنا وتتحقق بنا . قبولنا سيادته واعلاننا اتباعه يخلع عنا الرداء القديم البالي . علاقتنا به وانتمائنا اليه ، ارتداء حياة جديدة وطبيعة ٍ جديدة . طبيعة جديدة لها لباس جديد يناسبها مصنوع ٌ ليليق بها . لباس كامل وسلاح كامل لله . حولنا مكائد ابليس تهاجمنا . هجمات ٌ ضارية ٌ متتابعة ٌ لا تهمد ، ليست من دم ٍ ولحم بل من اجناد الشر . منطقة الحق لاحقاءنا ، درع البر يغطي اجسادنا . انجيل السلام لمسيرنا ، ترس الايمان ليصد سهام الشرير الملتهبة ، خوذة الخلاص لرؤوسنا ، سيف الروح في ايدينا نهاجم به ونصد هجمات وتجارب شيطانية ( افسس 6 ) . اذا كان المسيح يحيا فينا يلزمنا ان نلبس ملابس مختاري الله : " أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا ، وَوَدَاعَةً ، وَطُولَ أَنَاةٍ " ( كولوسي 3 : 12 ) . بدون هذه الملابس نبدو غرباء عن صورة اولاد الله . كمسيحي لا يكفي ان تتمتع بوجود المسيح فيك وانت فيه ، المسيحي الحي يُظهر المسيح للعالم ليجذب العالم الى المسيح . الملابس الواقية ضد هجمات ابليس مع ملابس اولاد الله تعكس المسيح الحي داخلك وتعلن انتمائك له واتباعك اياه . البسها دائما ً ، اظهرها دائما ً ، اعلنها دائما ً ، تمسك بها . الهنا لا يطلب منا ان نفعل الصواب بل نكون انفسنا صوابا ً . لا تعمل الحق فقط بل البس الحق ليعيش الحق فيك . المسيح فيك ليعطيك الطريق والحق والحياة . المسيح فيك لتشعر بالامان وتحيا بالايمان .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
559 - خلق الله لنا اليوم لنعمل فيه عمل اليوم . عمل اليوم يُعمل اليوم ، لا يؤجل . لكننا في جهالة نؤجل عمل اليوم الى الغد ، الجهالة هي اننا لا نعلم إن كان لنا غد . اليوم ملك ٌ لك ، تمسك به بيدك ، أما الغد فليس لك ، غير موجود ٍ لديك . والانسان ليس له سلطان ٌ الا على ما بحوزته ، ما هو بيديه . وقف الغني يوما ً ينظر الى حقوله ِ الخضراء الممتدة حتى آخر الأفق ، رأى كورته اخصبت ، رأى الثمر على الشجر والحنطة ذهبا ً كثيرا ً في ضوء الشمس . فكر في نفسه : كل هذا له ، ثمر ٌ كثير . وتسائل : ماذا يفعل ؟ فليس له موضع ٌ يجمع فيه أثماره ، وتطلع الى الغد . قال اهدم المخازن الصغيرة وابني أعظم منها ، أجمع فيها غلاتي . وبطموح ٍ وبجهالة ٍ قال : " وَأَقُولُ لِنَفْسِي : يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ ؟ " ( لوقا 12 : 19 ، 20 ) تصرف برعونة وطمع في غد ٍ ليس له بل هو لله . وكثيرا ً ما نؤجل ونتباطأ في أمور ٍ لو بقيت للغد لضاعت . ونماطل ونسوّف في قرارات ٍ نقدر ان نتخذها اليوم لا الغد . وقف يشوع على ربوة ٍ أمام الشعب بعد ان قادهم الى ارض الموعد . وفي قمة النجاح والانتصار أرادهم ان يتخذوا أهم قرار ٍ لهم ولأولادهم . قال لهم : " اخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ " ( يشوع 24 : 15 ) اليوم هو يوم القرار ، لا تأجيل ، لا تعطيل ، لا مماطلة ، لا تسويف . اليوم لا الغد ، اليوم . المصائر لا تحتمل التأجيل خصوصا ً القرارات التي تحدد مصائر أبدية . عبادة الرب لم تكن تؤثر على جيل ٍ أو زمن بل تؤثر على مصير ٍ أبدي . وكل انسان له سلطان ٌ على يومه ِ ، والله ينادي البشرية جميعها اليوم :
" اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ." ( اشعياء 45 : 22 ) .
" لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ ، خَلَصْتَ." ( رومية 10 : 9 ) . " آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ " ( اعمال الرسل 16 : 31 ) .
آمن الآن ، اليوم . هذا قرار ٌ لا يؤجل . والصوت الذي تسمعه اليوم قد لا تسمعه غدا ً " إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ ، فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ " ( مزمور 95 : 7 ، 8 ) وها انتم تسمعون صوته . اقبلوه اليوم ، آمنوا به اليوم . آمنوا ما دام الوقت يُدعى اليوم . غدا ً الوقت يُدعى الغد . اليوم لك ، الغد ُ ليس لك .

 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
560 - حين تُشرق الشمس صباحا ً يبدأ اليوم في حياة كل من يعيش تحت الشمس . رغم ان اليوم في شكله العام واحد ٌ لجميع الناس لكنه يختلف من الواحد للآخر . ظروف كل شخص تجعله يختلف . يوم المريض يختلف عن يوم الصحيح ، يوم الحزين يختلف عن يوم السعيد ، يوم الفقير الجائع غير يوم الغني الشبعان . والصحبة والرفاق والزملاء تجعله يختلف ايضا ً . يوم الفرحين غير يوم العابسين . يوم ٌ حولك اصدقاء غير يوم ٍ مشحون بالاعداء . يوم فيه حمقى غير يوم بهِ حكماء . الظروف والناس حولك تحدد ملامح اليوم لك فيختلف عن يوم الغير . وفوق ذلك كله لو صاحبك الله في يومك وبقي معك ، يكون يومك مختلفا ً جدا ً عن كل الايام ، الله في اليوم يجعله اعظم يوم . تصور ان الله ليس موجودا ً معك أحد الايام ، كيف تقضيه ؟ وتصور ان الله ليس موجودا ً معك في اي يوم ، كيف تكون الحياة ؟ مهما أوتي الانسان من قوة لا يستطيع أن يقاوم هجمات الطبيعة دون الله . هل يصمد لعاصفة عاتية ، رياحها قوية وامواجها عالية ، هل يصمد ؟ نعم نعيش في بيوت ٍ تحمينا ووسائل تدفع عنا ، لكن البيوت تنهار وتنهدم . مهما أوتي الانسان من علم وفهم لا يستطيع ان ينجح في اتخاذ القرار وحده . المجهول يحيط به والطرق متشعبة حوله والحق مخفي عن ناظريه . الله كلّي الحكمة ، يفتح ذهنه ويوجه عقله اذا لجأ الى الله يستشيره . اعظم الرجال لن ينجحوا الا بوجود الله معهم في حياتهم وتصرفاتهم . موسى النبي كليم الله بعد اربعين سنة يرتشف علم وحكمة المصريين ، وبعد اربعين سنة في البرية يتأمل ويمتلأ بقوة ٍ روحية داخلية ، يقف مرتعبا ً أمام العليقة ، يسمع تكليف الله له لانقاذ شعبه ويقول : " مَنْ أَنَا حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ ، وَحَتَّى أُخْرِجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ؟ " ( خروج 3 : 11 ) فقال له الله : " إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ " وكان معه ُ . وبذراع قوية اخرج الله شعبه من مصر بموسى الذي كان معه . وجدعون وعشيرته هي الذلّى وهو الاصغر " هَا عَشِيرَتِي هِيَ الذُّلَّى فِي مَنَسَّى ، وَأَنَا الأَصْغَرُ فِي بَيْتِ أَبِي . " ( قضاة 6 : 15 ) . لم يكن يستطيع تخليص الشعب ، لكن الله قال له : " إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ ، وَسَتَضْرِبُ الْمِدْيَانِيِّينَ كَرَجُل وَاحِدٍ " وتخلص شعبي منهم ، وهذا ما حدث ، وهذا ما يحدث معك ومعي ومع كل من يكون الله معه . ويعدنا الله ، يعد كل المؤمنين ، يقول : " هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ " ( متى 28 : 20 ) . " إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا ، فَمَنْ عَلَيْنَا ؟ " ( رومية 8 : 31 ) .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
561 _ تمر الايام متشابهة ، تُشرق الشمس ثم تغرب وينتهي اليوم . وتشرق الشمس ايضا ً ويبدأ يوم ٌ جديد مثل اليوم القديم وتغرب الشمس وينتهي اليوم . هناك ايامٌ صحوة وايام معتمة ، ايام ٌ دافئة وايام باردة ، ايام ٌ منيرة وايام مظلمة ، ايام تأتي بالفرج وأخرى تأتي بالضيق ، أيام ٌ تأتي بالفرح وأيام تأتي بالحزن ، لكنها ايام ، اليوم مثل الآخر ، مهما اختلفت تتشابه مثل اسنان المشط ، الا انه في حياة كل انسان يوم ٌ عظيم ، يوم ينتقل فيه من الموت الى الحياة . زكا العشار عاش ايام جمع فيها مالا ً كثيرا ً ، كل ايامه كانت نفوذا ً وسطوة ، لكنه في داخله ِ كان تعيسا ً ، قلقا ً، حزينا ً ، ايامه ُ ندم ٌ وعذاب ٌ وتأنيب ضمير ، حتى جاء يومه ُ العظيم ، يوم التقى بالمسيح ، رآه من بين اوراق وفروع الجميزة . ناداه المسيح فنزل وجرى الى بيته وجلس بجوار المسيح ، ورأى عينيه . رأى فيهما محبة لم يرها من قبل ، وسمع دعوة للحياة لم يسمعها من قبل . وجد الرجاء ، وجد السلام ، وجد الطريق فألقى بالاموال الملوثة وتطهر . واعلن المسيح له ان " الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ " ( لوقا 19 : 9 ) . لص ٌ مذنب ٌ محكوم ٌ عليه بالموت ، قضى ايامه في الشر والاجرام والقتل ، اخذوه ونفذوا فيه الحكم وصلبوه على خشبة ٍ بجوار المسيح في الجلجثة . وجاء يومه ُ العظيم وهو معلق ٌ على الصليب ، تلفت نحو المصلوب معه ، ليس مجرما ً وليس قاتلا ً ، لعله التقى به يوما ً وهو يعلّم أو يصنع معجزة . في الايام الماضية لم يره ُ عن قرب ، أما الآن فهو يراه ، رأى وجهه ُ يشع حبا ً ، حتى لأعدائه ِ . سمعه وهو يرفع رأسه ُنحو السماء ويقول : " يَا أَبَتَاهُ ، اغْفِرْ لَهُمْ ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ " ( لوقا 23 : 34 ) . سمع ذلك وعرف من هو . هو ليس انسانا ً كباقي البشر . أي انسان يستطيع ان يطلب غفرانا ً لمن صلبوه ؟ المصلوب في الجانب الآخر كان يجدّف عليه : " إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا " ( لوقا 23 : 39 ) واستشاط اللص غضبا ً : " وَانْتَهَرَهَُ قَائِلاً: أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ ؟ " الصلب " أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل ، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا ، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ " وفي ابتهال ٍ قال للمسيح : " اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ " وبسرعة اجابه المسيح : " الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ : إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ " يا له من يوم ٍ عظيم .
وانت ، ماذا عن يومك َ العظيم ؟ هل قابلت المسيح ؟ هل قابلته ؟
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
562 - مر على مولد المسيح الفا عام ، الفان من السنين ، عشرون قرنا ً مضت ، و نخطو في القرن الحادي والعشرين ، وستمر السنون سنة وراء سنة . منذ ميلاد المسيح ، منذ مجيئه الى العالم والمؤمنون بالمسيح ينتظرون مجيئه الثاني . ما ان رأوه يصعد الى السماء أمام عيونهم وتأخذه السحابة عن اعينهم ، وقفوا يشخصون الى السماء وهو منطلق ٌ ، ولعلهم كانوا ينتظرون عودته ، تنقشع السحابة ويهبط مرة اخرى اليهم . لكن الرجلين في الملابس البيضاء اعلنا لهم : " إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ " ( اعمال الرسل 1 : 11 ) . منذ ذلك الوقت ونحن ننظر ونراقب السماء ، ننتظر عودة المسيح ، ننتظر مجيئه الثاني ، العلامات تؤكد ان وقت مجيئه قد حان . وتمر الايام وتتابع السنوات ونحن ننتظر ، ننتظر الرجاء المبارك . لم يحظر حتى اليوم ، مرت الفا سنة ولم يحظر ، عشرون قرنا ً ننتظر . طال وقت الانتظار ، بدأ الاحباط والشك يهاجم الكثير من المؤمنين . لكن هل يقيس الله السنوات كما نقيسها ؟ هل عند الله اثنا عشر شهرا ً في السنة ؟ هل الشهر ثلاثون يوما ً ؟ هل اليوم اربع ٌ وعشرون ساعة ؟ أم هو كألف سنة والالف سنة كيوم ٌ واحد ؟ " أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ." لو حساب الله هكذا سيكون ما مر ّ يومان . بهذا الحساب لن نشعر بالاحباط والملل أو الشك في وعد الله بمجيء المسيح ثانية ً . الرب لا يتباطأ عن وعده ، هو يتأنى ويتأنى حتى يأتي الجميع الى التوبة . يمد الله حبال الصبر حتى لا يهلك احد ، ثم يأتي يوم الرب الذي حدده . يوم ٌ لا تحدده السنون ، يوم ٌ لا يأتي كباقي الايام ، سيأتي فجأة ً " لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ هكَذَا يَجِيءُ. " ( 1 تسالونيكي 5 : 2 ) لا يتوقعه احد ، مهما راقبوا الاحداث ، مهما أحصوا العلامات وتابعوها . حين تحدث المسيح عن علامات مجيئه لم يقل بعد الحروب والقلاقل يأتي ، لم يقل بعد حدوث الزلازل والمجاعات والأوبئة أعود ولا بعد الاضطهاد والقتل والاستشهاد . لم يربط المسيح مجيئه ُ بتلك الاحداث والعلامات . لا بد ان يحدث ذلك كله ولا يكون المنتهى بعد " فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاَقِل فَلاَ تَجْزَعُوا، لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ هذَا أَوَّلاً، وَلكِنْ لاَ يَكُونُ الْمُنْتَهَى سَرِيعًا " . يوم الرب وساعة مجيئه لا يعلم بها احد ولا ملائكة السماوات الا الله الآب وحده " وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. " كم الف سنة أخرى باقية أوكم يوما ً باقي على مجيء ذلك اليوم ؟ لا أحد يعرف وليس لنا ان نعرف لكن علينا ان نسهر ، علينا ان نستعد " لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ . و" أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى ؟ مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ " ( 2 بطرس 3 : 11 ، 12 ) .


 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
563 - تُشرق الشمس ، تتحرك في السماء نحو الغروب وتمر الساعات وينتهي اليوم . نراقب تحرك عقارب الساعة ، تنقضي الدقائق ، تكتمل الساعات ويأتي الليل هكذا نحسب اليوم : شروق ، نهار ، مغيب ، ليل ، ويتم اليوم ، هكذا نحسب الايام . ليس هكذا يحسب الله الايام . كان الله منذ بداية الزمن يحسب الايام بشكل ٍ مختلف . في بداية الخلق حسب الله الايام الستة الاولى ، اول ايام الوجود بالعكس ، خلق النور " وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ .. ….. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا. ً " ( تكوين 1 : 4 ، 5 ) . حسب الله اليوم من المساء الى الصباح ، من الظلام الى النور ، من الليل الى النهار . ظلام ٌ يغطي الكون ، ليل ٌ يخيّم على العالم ، ثم تظهر نجمة الصبح وتشرق الشمس . كل ليل ٍ ينتهي في نور النهار . مهما طال الليل شتاء ً أو قَصُر صيفا ً سينبلج نور النهار ، وستنتهي كل الليالي ، وتمضي كل الايام ويحل اليوم الابدي حيث لا يوجد ظلام . هذا ما رآه يوحنا الرائي وحدثنا به في رؤياه وهذا ما ننتظره ونتلهف عليه . سوف لا يكون ليل فيما بعد " لأَنَّ لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ " . الله اعطى النور ، الله النور يجعل الابدية نور . تغيب الشمس في المحيط الاسود وبالتالي يختفي القمر ولا يكون للنجوم مكان . الله الموجود دائما ً يولد " سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً " يغلفها نور وجوده . يُخرج من اللليل نهارا ً دائما ً . يُخرج من الخليقة القديمة خليقة ً أبدية ً جديدة ، ونبقى مع الله الى الابد ، نهارٌ لا ليل له ، نور ٌ لا ظلمة فيه . تشترك خليقة الله الجديدة في مجده الازلي الابدي ولا يكون زمن ٌ بعد . هنا نحن في ليل ، تمر بنا ليالي سوداء مظلمة تطول احيانا ً وتقصر احيانا ً. هنا تكون الحياة مظلمة ً بسبب الخطية ، بسبب الحزن ، بسبب الالم ، بسبب الجهل . ونعاني من الظلام ، ثقيل ٌ مقبض ٌ قاسي نتمنى انقشاعه وزواله ُ . وتُشرق الشمس بنورها حين نتطهر من الخطية ونتخلص من الحزن والالم والجهل . الله لا يسمح ان نبقى في الظلمة ، يأتي بمغفرته فتنير حياتنا وتُبهج قلوبنا . وعدنا الله ان بعد الظلمة نورا ً ووراء اليل صباحا ً ونهارا ً جميلا ً . لذلك يحصي الله الايام كما احصاها في القديم ، مساء ٌ ثم صباح ، يوما ً جديدا ً . ونحن في ظلام الليل نعلم ان النورلا بد مقبل فنعيش على رجاء الصباح . عش حياتك هنا نورا ً متصلا ً مبنيا ً على رجائك في الله نورك .
 
أعلى