تأملات وحكم

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
479 - ما أن بدأ يسوع خدمته حتى لفت انظار الناس وشد انتباههم واعجابهم فتبعوه . كان مختلفا ً عن المعلمين الذي سبقوه . لم يكن مثل يوحنا المعمدان الذي جاء قبله . كان كلامه هادئا ً رقيقا ً ، وكانت ملابسه بيضاء ناصعة . يوحنا كان صاخبا ً صارخا ً قاسيا ً ، لباسه من وبر الابل وطعامه ُ جراد ٌ وعسل ٌ بري . التفّت الجموع حول المسيح وتبعته . وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض . ولما رأى الجموع ملتفة ً حوله صعد الى الجبل وكانت أول كلماته لهم تطويبات . يوحنا يصرخ ويقول : " يَاأَوْلاَدَ الأَفَاعِي ، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَب الآتِي ؟ " توبوا . أما المسيح فقال لهم طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. ، طُوبَى لِلْحَزَانَى ، طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ ، طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ ، طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ ، طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ ، ثم التطويبة السابعة : طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ . صانعي السلام ، ورقم سبعة رقم الكمال عند اليهود ، وصانعوا السلام في نظر المسيح كاملون ، ابناء الله يدعون . سبق هذه التطويبة مدخل ٌ اليها : طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ . إن لم تكن نقي القلب ، إن لم تكن معاينا ً لله لا تقدر ان تكون صانع سلام . صانع السلام لا بد ان يكون في سلام ، سلام في القلب ، راحة ً وسكينة وسلام . النقاء والطهارة هما الطريق للسلام . النقاء والطهارة ُ أولا ً ثم يأتي السلام . يقول يعقوب الرسول : " وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ " ( يعقوب 3 : 17 ) طاهرة أولا ً ثم مسالمة . ثم يقول : " وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ . " .
نتدخل احيانا ً وسط خصام ٍ لنصنع السلام ، نتصور ان كلمة لهذا أو كلمة لذاك تصنعه . أحيانا ً ننجح وغالبا ً نفشل . الخصام يسود وقد يمتد وينتشر ولا يتحقق السلام ، ونتحير ونحزن ونتراجع ونحن لا نفهم السبب . الكلام ُ كان رقيقا ً لكنه لم يصنع السلام . الله هو معطي السلام ، الله كلي القداسة والبر والصلاح والنقاء ، هنا مدخل السلام . إن شئت أن تكون صانعا ً للسلام والمسيح يدعوك الى ذلك لا بد ان تكون أولا ً نقي القلب . لا تجعل خطية ً أو إثما ً أو شرا ً يعوق اتصالك اولا ً بالله مصدر السلام ومعطيه . اعترف بخطاياك ، تطهر من إثمك ، نقّي قلبك ثم قدّم للمتخاصمين سلام الله . سلام الله الذي يفوق كل عقل يحل عليك ثم ينتقل منك الى الآخرين . طوبى لك إن كنت صانع سلام . طوبى لك فأنت ابن ٌ لله .

A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
480 - لا تأتي الخطايا والتجارب دائما ً سافرة الوجوه ، ظاهرة الملامح ، مكشرة الانياب . حين تأتي هكذا نراها ونعرفها ونستعد لها ونتقدم لمواجهتها ومهاجمتها أو الدفاع عن انفسنا منها . لكنها تكون اخطر واصعب ونحن لا نحس بها ولا نتعرف عليها حين تتسلل الينا ، حين تأتي في هدوء النسيم ورقته ، حين تأتي زاحفة ً لا منقضة ، حين تأتي مستترة . يقول داود النبي : " اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا ؟ مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي أَيْضًا مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ احْفَظْ عَبْدَكَ فَلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَيَّ " ( مزمور 19 : 12 ، 13 ) . صرخة استنجاد ٍ بالرب . ونحن أضعف وأصغر من داود عرضة ٌ لنفس الموقف ، نفس الهجوم ، نفس التعدي . احفظنا يا رب ، ارحمنا يا رب ، أحطنا بيدك ، دافع عنا بقبضتك ، احفظ يا رب عبيدك ، الخطية العاتية حولنا تهاجمنا ، الطبيعة الشريرة فينا تفترسنا . هجوم خارجي وداخلي . من يقدر ان يواجه الخطية الجامحة وحده ؟ من يمسكها ويلجمها ويسوسها ويسيطر عليها ؟ الله وحده الذي يقدر على ذلك ، يده أقوى منها ، ذراعه اقدر على لي اعناقها . ومن يستطيع ان يكبح الخطية المتفشية داخلنا ؟ من يوقفها ؟ من يشكمها ؟ من يسحقها ؟ الله وحده الذي يستطيع ذلك ، يأمرها فتنكمش ، يطردها فتهرب ، ينهرها فتتراجع . من الخطايا يا رب ، من كل الخطايا احفظ عبدك فلا تتسلط علي َّ ، من الظاهرة والمستترة احفظني . حين تأتي الي منقضة ً شاهرة ً مخالبها أو حين تأتي الي زاحفة ً مستترة قاتلة ، أعطني يا رب القدرة ان اميزها ، هبني القدرة يا رب أن اقاومها ، ساعدني لاواجهها ، ولا تدخلني يا رب في تجربة لكن نجني من الشرير ، احمني يا رب من التجارب ونجني من الشرير . حين سعى آدم ليعرف الخير و الشر ، حين مد يده وتناول الثمرة المحرمة وأكلها ، دخلت جوفه وامتزجت بدمه وسرت في عروقه ولونت حياته ومستقبله . عرف الشر وعرف الخير ، وعمل الشر ولم يعمل الخير ، اختار الشر دون الخير . وحين اراد ان يقاوم الشر لم يقدر ، حتى حين اراد ان يفعل الخير لم يستطع . يقول بولس الرسول : " لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. " ( رومية 7 : 19 ) . الخطية ُ ساكنة فينا ، بنت عشها داخلنا ، امتدت جذورها فينا وامسكت بنا واستعبدتنا . ويصرخ فينا الرسول بولس ويقول : " فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ : الزِّنَا ، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى ، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ ، الطَّمَعَ " ( كولوسي 3 : 5 ) . المسيح حمل كل خطايانا على الصليب ودفنها معه في القبر وقام منتصرا ً متحررا ً منه . ونحن في المسيح انتصرنا على الخطية الظاهرة والمستترة .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
481 - كان حزقيا ملكا ً من أكفأ ملوك اسرائيل ، ملَكَ وهو ابن 25 سنة ، وملَكَ 29 سنة في اورشليم . عمل المستقيم في عيني الرب طوال ايام حياته . من اول ملكه في اول شهر ٍ فتح ابواب بيت الرب ورممها . لم يقبل أن يقيم في قصره قبل ذلك . أمر الكهنة واللاويين أن يتقدسوا ، قال لهم : " تَقَدَّسُوا الآنَ وَقَدِّسُوا بَيْتَ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِكُمْ " ( 2 اخبار29 : 5 ) وقال امام الشعب كله : " فَالآنَ فِي قَلْبِي أَنْ أَقْطَعَ عَهْدًا مَعَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ فَيَرُدُّ عَنَّا حُمُوَّ غَضَبِهِ. " ( 2 اخبار 29 : 10 ) . تعهد ان يعبد الرب وحده هو وجميع الشعب ويقدس بيت الرب وهكذا فعل كما تعهد ان يعمل . وكل عمل ابتدأ به في خدمة بيت الله وفي الشريعة والوصية ليطلب الهه انما عمله بكل قلبه وافلح . وكل من يعمل عمله بكل قلبه يُفلح ، وكل من يعمل عمله بتكاسل ٍ وانقسام قلب يفشل . الله لا يحب المتكاسلين ، ولا يُعطي حصادا ً للخاملين ، ولا يُنجح طريق المتخاذلين الفاترين . الله يُسر بكفاح المكافحين ، ويكافئ عرق المجاهدين ، ويُعطي النجاح والفلاح للعاملين المجتهدين . الذي يسعى الى النجاح عليه ان يشمّر عن ساعديه ، ويعمل بكل قوته لينجح في عمله . النجاح كنز ٌ مُخزن في داخل الارض ، الوصول اليه يحتاج الى حفر ٍ وعزق ٍ وحمل ٍ ونقل . هكذا في حياتنا المسيحية ، الله لا يُحب الكسل والخمول وبلادة العقل وبرودة القلب . حياتنا المسيحية كفاح ، كفاح ٌ وجهاد ، لا يقل عن الكفاح في سبيل لقمة العيش وكسوة البدن . يقول لنا الوحي المقدس : " قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ ، وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً ، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى. " ( عبرانيين 12 : 12 ، 13 ) . في طريق المسيحي احجار ٌ متناثرة ٌ وعوائق وصعوبات وحفر ومطبات وعثرات ، وعلى المسيحي المجتهد ان يرفع الاحجار ويُبعد العوائق ويسوي الحفر ويعبد الطريق ، ولا يمكن ان ينجح في ذلك إن لم من يعمل بكل قلبه . كل العزم ، كل القدرة ، كل الاصرار . كما تضع كل جهدك في عملك ولا تدّخر قوتك ، هكذا تضع كل قلبك وتثابر في عمل الله . الروح القدس يُتمم فينا كل نَقص ، يضع فينا قوته ويسلحنا بنشاط ٍ وحيوية ٍ وحكمة . فنحن نحصل على مواردنا الروحية من الله لنحيا في علاقتنا به ناجحين فالحين منتصرين . الله يحب المؤمنين النشطين ، الله يُسر بالايدي القوية والجباه التي تتندى عرقا ً . عمل الله يجب ان يُعمل بغَيرة ٍ وحماس ٍ وقلب ٍ ملتهب . هكذا عمل المسيح وهو يحيا على الارض . اعمل عمل الرب بلا تراخي . اعمل عمل الرب بقوة ٍ وغيرة ٍ وحماس .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
482 - الخطية تحيط بنا ، العدو الخبيث يجول حولنا ، ابليس يشرّع سهامه ويطلقها دائما ً علينا ، كلص يبحث عن مدخل ليوجه ضربتة ُ الينا ، لا يكل ولا يتعب ، لا يهدأ ولا يكف ، وليس أحد معصوم من التعرض للسقوط في الخطية ، الخطر قادم دائما ً وليس ببعيد . نسير في طرق موحلة ، الطين والوحل يملأ الطريق ويلوث اقدامنا وملابسنا ، ليس من السهل ان نجد ً طريقا ً نظيفا ً أو سبيلا ً آمنا ً علينا ان نسير بحذر وحرص ، لا بد ان نتيقظ ونصحو ونسهر ونستعد ونصلي دائما ً حتى لا ندخل في تجربة . يحذرنا بطرس الرسول وينذرنا ويقول : " اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ فَقَاوِمُوهُ ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ " ( 1 بطرس 5 : 8 ، 9 ) كيف يمكننا ونحن نعيش في هذا العالم بكل اوحاله وترابه وخطاياه أن نحفظ أيدينا نظيفة ؟ لن نستطيع ذلك بقوتنا وقدرتنا ، لذلك يقول لنا الرسول بولس : " تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ." ( أفسس 6 : 10 ) . كل ما علينا هو أن نحترس ونحرص على ملابسنا نظيفة وكنوزنا بعيدة عن متناول اللصوص . عند كل منعطف في الطريق يختبئ ابليس يريد ان يسرق منا بهجة خلاصنا وجوهر صلاحنا . لنلبس سلاح الله الكامل لنثبت ضد مكايد ابليس لأن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع اجناد الشر الروحية والتي لا يصدها الا سلاح الله الكامل الذي يحمينا ويحفظنا وينجينا . لسنا مطالبين أن ندخل المعركة بانفسنا لكنه وجنده يسحبوننا الى المعركة رغما ً عنا . لنبتعد عن التجربة ونهرب من ابليس إن أمكن ونقاومه بسلاح الله وعتاده . لا تتصور نفسك اكبر من التجارب أو أقوى من ابليس ، لا تقترب منه أو تتشاحن معه . اللعب بالنار يحرق ، التلاعب بالحية خطر ٌ مميت ، لا تهادنها أو تسالمها أو تحالفها . في وسط المعركة التي تحيط بك لا تنظر الى نفسك ولا تعتمد على البشر مثلك . مصدر قوتك ونصرتك يأتي من فوق ، من عند الله الذي يحارب معك وعنك َ . وحين تواجه عدوك لا تخشاه ، لن يغلبك ، لن يهلكك ، لن يقضي عليك . أنت محفوظ ٌ في كف الله ، أنت آمن بين أصابعه ، لن يتركك ولن يهملك ، لكن إن لم يكن في مقدرة العدو أن يقتلك فهو يستطيع أن يجرحك . تنبه ، تيقظ ، أصحو ، لا تجعله يقترب منك بأي سلاح قد يمس نفسك وروحك . قاومهُ وأنت ساهر ، قاومهُ وأنت تصلي . لا تتصور انك في المعركة وحدك . حولك جيش كبير ٌ من الجند السماوي ، فرسان الله يحاربون معك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
483 - بعد أن انهمرت المياه على الارض اربعين يوما ً وارتفع الفُلك وعام فوقها وابحر . بعد أن بقي نوح والذين معه في الفُلك وتعاظمت المياه على الارض 150 يوما ً ، أجاز الله ريحا ً فهدأت المياه وانسدت ينابع الغمر وطاقات السماء وامتنع المطر من السماء . استقر الفُلك على الجبل ، نقصت المياه وظهرت رؤوس الجبال ، وفتح نوح طاقة الفُلك . أرسل الغراب فخرج مترددا ً حتى نشفت مياه الارض ، ثم أرسل الحمامة أيضا ً . خرجت الحمامة خائفة ً مترددة ، أعملت جناحيها وطارت وابتعدت عن نوح وعن الفُلك . أغراها الاتساع أن تطير . طارت بعيدا ً وابتعدت . سبحت في الفضاء ، الفضاء كله لها . جالت وتنقلت وسافرت وابتعدت ، ثم تعبت ، أحست بجناحيها لا يستطيعان حملها . ثَقُل جسمها فترددت انفاسها وضعفت حركة جناحيها ، ارادت مكانا ً تستريح فيه ، لم تجد . كل ما حولها موت . جثث الانسان والحيوان مبعثرة في كل مكان ، لا شجرة ولا زرع . لا مكان تستقر عليه . شعرت بالضياع والضلال . لا بد من العودة الى الفُلك . عادت ، عادت متعبة ، مرهقة . أعملت جناحيها وحركتهما بقوة متجهة نحو نوح والفُلك . أين الملجأ ، أين ؟ أرسلت نظرها بعيدا ً ، لا يبدو شيء ٌ هناك الا المياه الراكدة والجبال الفارهة المرتفعة ، والجثث ، القتلى ، بعضهم طاف ٍ وبعضهم ممزق وبعضهم مستلقٍ . الموت ، الموت حولها . طارت مبتعدة ً تبحث ، هربت من العفن والموت . ها هو الفُلك يبدو داكنا ً من بعيد . ذهبت بسرعة ٍ وضعف نحوه . وهن جناحاها ، بعض القوة ، بعض الاصرار ، بعض الكفاح . ووصلت الى الفُلك ، أين الطاقة ؟ أين نوح ؟ تخبطت في جدران الفُلك الخارجية ، رفرف جناحاها ، فمد نوح يده من الطاقة وأخذها وادخلها عنده الى الفُلك ، الى الراحة والنجاة ، الى الملجأ والدفء ، الى الحياة ، في يدي نوح ٍ راحتها .
هل تجول طائرا ً في الفراغ ، في الضياع ، في التيه ، بعيدا ً عن الفُلك ؟ هل تشعر بالتعب ؟ لا بد انك تشعر بالتعب ، لا بد انك ترى الموت تحتك . لا مقر لرجلك هناك ، ولا مكان تركن اليه ، ولا سند تستند عليه ، لا قلب ٌ رحيم ٌ حولك . ماذا تفعل ؟ هل تستطيع أن تنقذ نفسك ؟ هل تخلّص نفسك بنفسك ؟ لا لن تستطيع . عُد راجعا ً ، ارجع الى نوح . حول طريقك نحو الفُلك ، هناك النجاة والراحة والدفء والخلاص . ليس عليك الا أن تعود " تُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ. " ( اعمال الرسل 3 : 19 ) تب وارجع الي . سوف يمد يده من الطاقة ويأخذك ويدخلك عنده .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
484 - منذ ان تجول المسيح بجوار البحر وانتقى تلاميذه من كل مكان وهم بالقرب منه ، في القرى والمدن كانوا معه في البحر وفي العاصفة ، في الوادي وفوق الجبل كانوا معه . احبهم المسيح واختارهم ليكونوا معه . كانوا طوال الوقت الذي قضاه على الارض معه . كان يتلذذ بصحبتهم ويسعد برفقتهم . كان يجلس معهم ويمشي معهم . كان ينام ويقوم معهم ، حتى حين ارسلهم ليكرزوا كان قلبهُ معهم وفكرهُ معهم وروحه ُ معهم . وحين انطلق الى السماء وهو يتحدث اليهم في آخر لقاء ٍ قال : " هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ " ( متى 28 : 20 ) . حين صلى لاجلهم قال : " أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا " ( يوحنا 17 : 24 ) . نحن ايضا ً الرب اختارنا لنكون خطته . الله اصطفانا لنكون شعبهُ واهله واولاده . وهو يريد أن نكون معه ، ويريد أن يكون معنا . هو يتلذذ بتواجدنا معه في رفقته . هنا والآن يريدنا معه ، وهناك في الأبدية يريدنا معه . لا يريدنا أن نبتعد عنه أبدا ً . قال المسيح وما يزال يقول : " لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ . أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي . فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ . أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا ، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا " ( يوحنا 14 : 1 – 3 ) . هو يريد ذلك ، يريدنا نحن أن نكون معه حيث يكون سواء هنا مؤقتا ُ أو هناك الى الابد . يتصور الموت انه يقدر أن يفصلنا عنه . يتصور انه يبعدنا عنه . يتصور انه يحرمنا منه . والبعض يصدّق ذلك ، فالموت ليس في قاموس المسيح ، المسيح لا يحل حيث يحل الموت . لكن المسيح بقيامته جعل الموت جسرا ً ومعبرا ً اليه . نحن نطأ الموت ونتخطاه لنصل الى المسيح . نخترق الموت ، نمر في سحابته ، نعبر واديه ، نصل من خلاله الى حيث يكون المسيح . يستطيع الموت ان ينهي علاقتنا باخوتنا ، يستطيع ان ينهي وجودنا مع احبائنا هنا ، لكنه لا يستطيع أبدا ً أن ينهي تواجدنا مع المسيح . نحن مع المسيح هنا على الارض ، نحن معه . ونحن مع المسيح هناك في الفردوس ، في الابدية نجلس في حضرته هناك ، نحن معه . وان كان الموت يخطف منا الاخوة والاصدقاء والاهل والابناء فهو يبعدهم عنا لا عنه ، وينقلهم من ان يكونوا معنا ليكونوا معه . حين يأخذهم منا ، يأخذهم اليه . ونحزن طبعا ً للفراق ، لكن حزننا ليس كالباقين الذين لا رجاء لهم . نحزن برجاء ، ونحزن بمعرفة ٍ وعلم ٍ انهم هناك مع المسيح ، هم معه يعيشون ويعاينون مجده . المسيح يريدهم أن يكونوا معه حيث يكون . ما اروع واحب ان نكون معه حيث يكون .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
485 - الله محبة ، الله ذاته محبة . المحبة ليست صفة من صفات الله ، هي طبيعة الله ، هي الله . لو عرفنا الله الخالق القادر الذي بكلمة منه صنع الارض والسماء ، والانسان والحيوان ، لا يكفي . ولو عرفنا الله الحافظ القوي الذي يعتني بالكواسر في الغابات وبالنملة التي تدب في الارض ، لا يكفي . لو عرفنا الله الحكيم الفهيم الذي يعرف كل شيء ويخفت امامه الماضي والحاضر والمستقبل ، لا يكفي . ولو عرفنا الله الرحيم الرحمن الذي يعطف على خليقته ويوفر لها الطعام والشراب اليومي ، لا يكفي . لا بد ان نعرف الله المحبة ، المحبة التي تغطي الكون ، التي تشمل الجميع ، المحبة التي تُحب . الله أحب من الأزل ويُحب الى الأبد لأنه هو كائن ٌ من الأزل وسيدوم ويبقى الى الأبد . محبة الله أزلية ، أبدية مثله ، فالمحبة الله ، والله المحبة . أحب الآب الإبن ، أحب الإبن . وأحب الإبن الآب ، أحب الآب ، وأحبنا الإبن . المسيح أحبنا ، أحبني وأحبك َ وأحبك ِ . قال المسيح : " كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. " ( يوحنا 15 : 9 ) ، كما أحبه الآب يحبني . بنفس المحبة التي أحب الآب الإبن ، يحبنا الآب ويحبنا الإبن . يقول الوحي المقدس : " مَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ " ( ارميا 31 : 3 ) محبة لا نهاية لها ، محبة ً الى الأبد ، ومحبة ً أزلية من البدء ، قبل أن يكون كائن ، قبل أن يكون زمان ، أحب الآب الإبن . وحسب قوله فكما أحب الآب الإبن ، هكذا أحبنا الإبن ، محبة ً أبدية ، محبة ً أزلية . قد تعرف متى بدأت محبتك للمسيح ، متى أحببته وقبلته وتبعته ، أما محبته ُ لك فلا بداية لها . محبته تنساب وتجري كمياه ٍ نهر ٍ دائمة الجريان من منبع ٍ لا تُعرف بدايته تنبع من الأبد البعيد . وكما أحب الآب الإبن محبة ً ثابتة ً لا تتغير ، هكذا يُحبنا المسيح ، محبة ً ثابتة ً لا تتغير ولا تتبدل . ولو ارتفعتَ الى قمم النجاح هو يحبك ، ولو هبطت الى قاع الفشل والهوان هو يحبك . لو سرت في الطريق السوي المستقيم يحبك ، ولو تعرجت بك السُبُل والتوى الطريق ، يحبك . محبة الآب للإبن ثابتة ، ومحبة الإبن لك لا تتغير مهما تغيرت َ أنت وتغيرت الاشياء حولك . وكما أحب الآب الإبن محبة ً مطلقة لا حدود لها ولا أسوار ولا شروط ولا معايير ومقاييس ، هكذا يُحبك المسيح بلا حدود .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
486 - هرب أَلِيمَالِكُ من المجاعة مع زوجته نُعْمِي وتغرب في ارض مُوآبَ ، وبعد سنوات مات . وكبر ولداه وتزوجا من بنات مُوآبَ ، وبعد عشر سنوات مات الولدان وبقيت نُعْمِي وحدها . وبعد ان افتقد الله شعبه وانتهت سنوات الجوع ، أرادت نُعْمِي الرجوع الى ارض يهوذا ، وفي طريق العودة وهي تسير مع كنتيها عُرْفَةُ و رَاعُوثُ ، نصحتهما بالعودة الى اهلهما . الحت عليهما فلا مستقبل لهما معها ، ووسط الدموع والبكاء لانت عُرْفَةُ وعادت ، أما رَاعُوثُ فتمسكت بنُعْمِي وقالت : " لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجعَ عَنْكِ ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلهُكِ إِلهِي . حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ " ( راعوث 1 : 16 ، 17 ) . محبة ٌ قويةٌ وولاء ٌ جميل ٌ ووفاء ٌ نادر . هكذا تبعت راعوث نُعْمِي وعاشت معها . وخرجت راعوث تسعى لما تحتاجه هي ونُعْمِي من طعام تسد به جوعهما وقادها الله الى حقل بُوعَز لتلتقط وتجمع حنطة ً وراء الحصادين ، ورآها بوعز . سمع قصتها واُعجب بولائها لحماتها واتباعها اياها واختيارها البقاء معها ، ودعاها ان تأكل مع الفتيات والحصادين وقت الأكل ، فأكلت وشبعت وفضل عنها ، وأخذت من الحنطة ومن الأكل وحملت الى نعمي . وبارك الله راعوث وتزوجت بوعز ، وذهبت الى بيته وسكنت قصره وانجبت له ابنا ً هو عوبيد أبو يَسَّى أبي داود . تركت أرض مُوآب ودخلت ارض يهوذا . قبلت ان يكون شعب نعمي شعبها والهُها الهَهَا . اخلصت وأحبت وتبعت وانتمت ثم ذهبت الى حقل بوعز وعملت وجمعت وحصدت . وانت وقد تركت مملكة العالم ودخلت ملكوت الله . قبلت المسيح ونصبته ربا ً وسيدا ً . أخلصت له وتبعته وذهبت الى الحقول المبيضة للحصاد وتقدمت الى العمل والخدمة . وتتقدم الساعات وتتوسط الشمس السماء ، وتشعر بالتعب والارهاق والحر . وكما دعا بوعز راعوث لتستريح وتأكل ، يدعوك الرب أن تأتي الى الظل وتستريح وتأكل ، وتجفف عرقك وتجلس تلتقط انفاسك وتتناول الطعام وتشبع ويفضل عنك . في وسط الحقل تحت الظل بجانب الحصادين ، تتناول من يد السيد طعام الرضا والشركة والبركة . الرضا انك تعمل في كرم الرب ، تعمل في حصاد الله ، الحقل حقله والحصاد حصاده . والشركة مع الحصادين والشركة مع الرب . ايدينا كلنا في صحفة واحدة تتناول منها طعاما ً واحدا ً . والبركة طعام ٌ وفير لم تتعب في العزق والحرث ، لم تعاني من البذر والري بل تعمل في الحصاد . تناول الطعام ، اشبع واشكر ، امتلئ وارتوي فالهك سخي ٌ كريم .
 
التعديل الأخير:

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
487 - قليلون جدا ً من المعلمين والمفكرين والقادة يعيشون ما يعلّمون به ، ويعملون بما يقولون . لم يأتي المسيح ليرينا الطريق الى الخلاص بل ليخلصنا . لم يأتي لينادي بالصليب ، بل ليحمل الصليب . وهم ملتفون حول مائدة العشاء ، وهو عالم انه هذا هو آخر عشاء له مع تلاميذه " قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا ، ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل ، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا. " ( يوحنا 13 : 4 ، 5 ) غسل ارجلهم ثم أخذ ثيابه وعاد يتكأ على المائدة ثم قال " أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ ؟ أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا ، وَحَسَنًا تَقُولُونَ ، لأَنِّي أَنَا كَذلِكَ. فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ ، لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا. " كان مثالا ً كما كان معلما ً . علّم عن الطريق ، وكان هو الطريق . علّم عن الحق وكان هو الحق . علّم عن الحياة وكان هو الحياة . علّم َ عن القداسة وكان هو القداسة . كان مثالا ً . وضع لنا مثالا ً ، كما صنع بنا نصنع نحن ايضا ً . أمامنا جميعا ً المثال والقدوة الواجبة الاتباع . ويقول بولس الرسول لنا : " أَيُّهَا الرِّجَالُ ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ " ( أفسس 5 : 25 ) . وضع الرسول أمامنا وصية ومقياسا ً ، محبة من الرجل لزوجته بقدر محبة المسيح للكنيسة . ننظر الى المسيح ونقلد محبته لكنيسته . الكنيسة لها مكانة خاصة في قلب المسيح وفكره . والزوجة يجب ان تكون لها مكانة خاصة في قلب الرجل وفكره ، بنفس الطريقة ونفس القدر . رفع المسيح عينيه الى السماء وصلى لأجل الكنيسة وقال : " لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ ، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي ............... لَيْسُوا مِنَ الْعَالَم ِ، كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ ، لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ." ( يوحنا 17 : 9 ، 14 ، 15 ) . الكنيسة هي المختارة من الله ، اكليل مجد المسيح ، مركز محبته وكل اهتمامه ورعايته وتفكيره . والزوجة هي المختارة من الله ، اكليل مجد الرجل ، مركز محبته وكل اهتمامه ورعايته وتفكيره . أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه ُ لأجلها . جاء من السماء وتألم وصُلب وقام لأجلها . والرجل ليحب زوجته على نفس منوال محبة المسيح للكنيسة ، ليسلّم نفسه لأجلها ويضحّي لها بكل شيء . ومحبة المسيح للكنيسة حب ٌ قائم دائم لا يتغير ولا يتبدل . لا يهتز ولا ينقص ولا يُنقض . محبة الرجل لزوجته حبٌ ً لا بد أن يكون دائما ً قائما ً لا يتغير بالظروف والصعوبات والضعف والفقر . محبة الرجل لزوجته على مثال محبة المسيح للكنيسة .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
488 - يفخر الانسان ويتباهى بما حققه من تقدم وما أدركه من حضارة ٍ وفهم ٍ وعلم . ينظر الى ما وصل اليه العلم حتى أصبح يسبح في الفضاء ويطأ بقدمه سطح القمر . نفذ نظره ُ الى الكثيرٍ من الاسرار ، وطالت يده حتى كشفت المستور والخفي . يده ُ قويت وقوته عَظُمت حتى اصبح قادرا ً أن يقاوم الطبيعة ويصد هجماتها ، لكن الله يواجه أيوب بقوله : " أَيْنَ كُنْتَ حِينَ أَسَّسْتُ الأَرْضَ ؟ أَخْبِرْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ فَهْمٌ . مَنْ وَضَعَ قِيَاسَهَا ؟ لأَنَّكَ تَعْلَمُ ! أَوْ مَنْ مَدَّ عَلَيْهَا مِطْمَارًا ؟ ............. هَلْ فِي أَيَّامِكَ أَمَرْتَ الصُّبْحَ ؟ هَلْ عَرَّفْتَ الْفَجْرَ مَوْضِعَهُ .............. أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى حَيْثُ يَسْكُنُ النُّورُ ؟ وَالظُّلْمَةُ أَيْنَ مَقَامُهَا ، .................................. هَلْ لِلْمَطَرِ أَبٌ ؟ وَمَنْ وَلَدَ مَآجِلَ الطَّلِّ ؟....................... هَلْ تَرْبِطُ أَنْتَ عُقْدَ الثُّرَيَّا ، أَوْ تَفُكُّ رُبُطَ الْجَبَّارِ؟...... أَتُرْسِلُ الْبُرُوقَ فَتَذْهَبَ ........... مَنْ يُحْصِي الْغُيُومَ " ( ايوب 38 ) . مهما وصل علم الانسان ، مهما علا فهمه ، مهما تعالت قوته ، ما هو الا تراب الارض . الرائد الذي طار في الفضاء ، الذي دار حول الارض والكواكب ، الذي اخترق الجاذبية ، الذي ارتفع الى ابعد ما ارتفع اليه انسان ، مات ممزقا ً في طائرة شراعية كلُعب الاطفال . الانسان الذي دفع الصواريخ لتصعد الى الفضاء وتدور حول الأجرام السماوية ، لا يستطيع مهما حاول ان يزيد على قامته ذراعا ً واحدة ولا شبرا ً واحدا ً ولا سنتمترا ً . قد يصل الى النجوم لكن هل يستطيع ان يزحزحها من اماكنها ؟ هل يستطيع ان يحركها ؟ قد يطأ سطح القمر لكن هل يستطيع ان يطفئ نوره ؟ أو يوقف دورانه وحركته ؟ قد يكشف اسرار الكون لكن هل يقدر بكل علمه وقوته ان يمنع شعاع الشمس من الوصول الينا ؟ قد يصعد الى السماء او يهبط الى قاع المحيط ، لكن هل يقوى على الفصول فيغير تتابعها ؟ يقول داود النبي : " إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا ، فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ ؟ " ( مزمور 8 : 3 ، 4 ) . مهما تعظّم ، مهما تجبّر ، مهما علا وتشامخ وارتفع هو " بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ " ( يعقوب 4 : 14 ) . الله اعظم في قوته وقدرته ، الله اسمى في فهمه وحكمته ، الله اكبر في نعمته ورحمته . ونحن نتمتع بعمق محبته وعظمة لطفه واتساع مغفرته وشمول خلاصه . حين يغطينا دمه ، حين تحتوينا رحمته ، حين يشملنا فدائه ، حين تصبغنا صبغته . لا يقدر انسان ، اي انسان مهما ارتفع الى اعلى السماوات ان يحرمنا من محبة الله . لا يستطيع شيطان ٌ أو سلطان ٌٌ شرير ٌ مهما تجبّر أن يمنع عنا ميراثنا في ملكوته . لا تخشى العالم ولا كل قوى العالم . لا تهتم بهجمات الشرير وجنوده وزبانيته .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
489 - " وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي للهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. ........ نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً " ( 1 يوحنا 4 : 16 ، 19 ) محبتنا صدى لمحبة الله . الله أحبنا أولا ً ، أحبنا قبل تأسيس العالم ، أحبنا منذ الأزل . الله أحبك قبل أن تتكون ، الله أحبك قبل أن تكون ، محبة الله قبل الزمن . ومنذ أحبك وهو يحبك ، لم تتوقف محبته ، لم تضعف ولم تهزُل ، هي ، هي ، كما هي . الله محبة لذلك محبته ُ خالدة ٌ خلوده ، أبدية ٌ أبديته ، باقية ٌ بقائه ، غير متغيرة كثباته . الله محبة ومحبته تحتوينا ، تحاصرنا ، تغطينا ، تحمينا ، تحفظنا ، تحيط بنا ، تعرفنا . محبة الله تعرف جُلُوسِي وَقِيَامِي . محبة الله فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ . محبة الله مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي . محبة الله جعلت علي َّ يده . محبة الله فَوْقِي ارْتَفَعَتْ . محبة الله تنير العالم حولي . إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ محبة الله تلاحقني وتعشعش حولي وتصحبني وترافقني . إن هبطت الى الهاوية محبة الله تلحق بي وتمسك بي وترفعني وتصعد بي الى الله ( مزمور 139 ) . الخطية لا تقلل من محبة الله لي . الله يحبني برغم إثمي . محبته تطهرني من ذنبي .
جلس بطرس حول النار يستدفئ والمسيح يقف يُحاكَم أمام رئيس الكهنة ، واقتربت منه جارية ، تفرست فيه ، قالت : هذا الرجل كان معه . انزعج بطرس وخاف ، انكر واقر انه لا يعرف ذلك الرجل . ثلاث مرات متتالية وبطرس ينكره . ثم صاح الديك وخرج بطرس خارجا ً " وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا. " ( متى 26 : 75 ) بكى على خطيته وانكاره . وقام المسيح من الموت وارسل الى بطرس ان يسبقه الى الجليل ليلتقي به ، والتقى به المسيح ، ولم يرى بطرس في عينيه عتابا ً أو حسابا ً ، رأى اهتماما ً ومحبة ، وكلفه بأن يرعى غنمه . ثلاث مرات سأله إن كان يحبه ، وثلاث مرات كلفه برعاية غنمه .
واحيانا ً تنزل بنا متاعب ومشقات ، وتجارب وصعوبات ، ونقف نواجهها حيارى ، هل يحبنا الله وهو يسمح بالنار تأكلنا ، والمرض يهاجمنا ، والألم يعتصرنا ، والحزن يلفنا ؟ أين محبة الله وسط الظلام ؟ أين محبة الله وسط الألم والدموع والبكاء والأنين ؟ قد نشك في محبته ونحن مطحونون بالتجارب ، لكننا لا نشك في وجوده أبدا ً . الله موجود ٌ حي قائم معنا ، فإن كان معنا فكيف لا يكون يحبنا ؟ محبة الله من ذات الله .


A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
490 - عجيبة ٌ محبة الله ، فهمها فوق ادراك البشر ، لا يقدر العقل ان يستوعبها . محبة الله خارقة ٌ سامية ، مرتفعة ٌ عالية ، علت فوق النجوم والافلاك . صَدَق قول الشاعر :
لَـوْ كان ََ حِبْراً كُلُّ يَــمّ
وورقــــاً كـــلُّ الفَلَـكْ
وَكُــــلُّ عشبة ٍ قَلَــــمْ
والكُلُّ في النَسخ ِ اشْتَرَكْ
مــا كَتَبُــوا مــا وَصَفٌوا
مَحَبَّـــــةَ الحَبيـــــبْ
فَاضَتْ سَمَتْ فَاقَتْ طَمَتْ
مِقْدَارُهَــــا عَجِيــــبْ
واسعة ٌ منبسطة أعرض من الانسانية ، عميقة ٌ غائرة أعمق من المحيطات ، طويلة ٌ ممتدة لا بداية لها ، أزلية ، ولا نهاية لها ابدية . هي الله نفسه ، الله المحبة ، لكنها تصل اليك أينما كنت . إن صعدت الى أعلى الجبال تلحق بك وتتابعك وتغطيك مهما ابتعدت . إن نزلت الى قاع الوديان نزلت اليك . نقف امامها عاجزين عن احتواء ابعادها ، لا تصل انظارنا الى طولها وعرضها . لا يمكننا ان نقيس بعقولنا خطوطها . لاتستطيع حواسنا أن تعاير اتساعها ، الا بالمسيح وفي المسيح " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." ( يوحنا 3 : 16 ) به وحده فقط . وكما يقول بولس الرسول : " لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ . " ( افسس 3 : 17 – 19 ) . قد لا تستطيع أن تقيس محبة الله لكنك قطعا ً تستطيع الحصول عليها والتمتع بها . حين تحتويك محبة الله . حين تغوص في اعماقها . حين تحيا كل اتساعها . حين تتسلق ارتفاعها . حين تجري وتركض وتمرح في طولها وفي عرضها . حينئذ ِ فقط تعرفها . حينئذ ٍ فقط تُدركها ، تفهمها بالاختبار لا بالادراك . أصح طريق ٍ يقودك لفهم محبة الله هو أن تعلنها وتظهرها للعالم حولك . قد تعجز حواسك وعقلك عن الفهم ، لكنك ستعرفها حين تقدمها للآخرين " إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هكَذَا ، يَنْبَغِي لَنَا أَيْضًا أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ . إِنْ أَحَبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِينَا ، وَمَحَبَّتُهُ قَدْ تَكَمَّلَتْ فِينَا . بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِينَا : أَنَّهُ قَدْ أَعْطَانَا مِنْ رُوحِهِ............. مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ ؟ " ( 1 يوحنا 4 : 11 – 13 ، 20 ) . إن أردت معرفة وفهم محبة الله ، تمتع بها ، اختبرها . إن اردت ان تحياها وتعيش فيها ، قدمها ، مارسها مع اخوتك ، فمن يحب الله يحب اخاه ايضا ً .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
491 - أحب الله العالم ، أحبه حتى بذل ابنه الوحيد ، احبه محبة ً تفجرت بذلا ً ، محبة الله ليست ساكنة ، محبة الله ليست خاملة ، محبة الله ليست هادئة . كثيرون يحبون في صمت ، وكثيرون يحبون في سكون ، كثيرون محبتهم سلبية . محبة الله عالية الصوت صارخة ، محبة الله شديدة الحركة متفجرة . احب الله فخلق العالم ، محبة الله خلقت العالم ، وكان العالم حسنا ً جدا ً . ثم لوثت الخطية العالم ، شوهت ومسخت وأفسدت ، جعلته سيئا ً جدا ً ، ولم تضعف محبة الله للعالم ، لم تخمد جذوتها ، لم تتراجع وتنسحب أمام وجه العالم القبيح . تحركت ، تمخضت ، بذلت الابن الوحيد ، قدمت الابن فداء ً ورجاء ً للعالم . تجسد الحب ، ارتدى جسدا ً عالميا ً ، نزل من السماء واصبح انسانا ً . فتح طريقا ً بعيدا ً عن الهلاك ، أعد صكا ً للبراءة من الحكم ، دفع الفدية بالكامل . ولحقت محبة الله بكل انسان ، كل انسان باختلاف جنسه ولونه ِ وعرقه ِ وهويته ِ لكي لا يهلك كل من يؤمن بالابن الوحيد المبذول بل تكون له الحياة الابدية . لم يعد الموت سيفا ً مسلطا ً على الاعناق . لم يعد الهلاك مصيرا ً محتوما ً . أصبحت الحياة الابدية في متناول اليد ، اصبحت الخليقة الجديدة حقيقة ً وحلا ً . المحبة الابدية التي لنا من الله الابدي وهبتنا في المسيح الحياة الابدية . الحياة الابدية التي لا نهاية لها ، حياة ً لا تغرب لها شمس ولا يتوقف لها زمن . الحياة الابدية ليست حياة ً مستقبلة بل حياة حاضرة تبدأ الآن من هنا وتدوم وتستمر في المسيح يسوع لكل من يؤمن به ما دام المسيح يحيا فينا ، يحيا فينا بحياته " فَأَحْيَا لاَ أَنَا ، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ " ( غلاطية 2 : 20 ) يحيا فينا بابديته . محبة الله تطرد منا كل فساد وتوفر لنا طبيعة ً جديدة مقدسة ً الهية . محبة الله تصيّرنا شركاء الطبيعة الالهية بعيدين عن الفساد الذي في العالم . محبة الله مخلّصة ، تخلّصنا من كل خطايانا وتطهرنا من كل إثم ٍ وشر . محبة الله مغيرة ، تغيّر المؤمن من الصورة القديمة الى صورة ابن الله . محبة الله مبررة تُطلق ايدينا وتُكسر قيودنا وتحررنا من كل حكم ٍ ودين ٍ علينا . محبة الله مطهرة ، تجعلنا نحيا حياة الطهارة والقداسة بالخليقة الجديدة . محبة الله متاحة ٌ لك . محبة الله انسكبت لاجلك ولأجل العالم . محبة الله تحفظك بعيدا عن حياة العالم . محبة الله توفر لك في المسيح الحياة الابدية .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
492 - عين الرب سبعين تلميذا ً " وَأَرْسَلَهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ " الى المدن التي كان ذاهبا ً اليها . وذهب السبعون ." الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ " ( لوقا 10 : 2 ) . ذهبوا جميعا ً الى الحصاد ، طرقوا الابواب ، دخلوا البيوت ، تحدثوا الى الناس ، اعلنوا مجيء المسيح . ذهبوا الى المرضى وشفوهم ، والمحتاجين وسدوا احتياجاتهم . نشروا الخير . نادوا وقالوا للجميع : قد اقترب منكم ملكوت الله . وبعد فترة رجعوا ، رجعوا بفرح وقالوا للمسيح : " يَا رَبُّ ، حَتَّى الشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِاسْمِكَ " ( لوقا 10 : 17 ) أتموا المهمة ، قاموا بالعمل ، أعلنوا الانجيل ، ارشدوا الناس الى طريق الخلاص . وقال المسيح لهم : " أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ . وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ " ( لوقا 10 : 20 ، 21 ) تهلل يسوع بالروح . المسيح لم يكن دائما ً متهللا ً حين كان على الارض . لم يطلق صوته للضحك كثيرا ً . كان وجهه يحمل علامات حزن ، كانت عيناه تعكسان الألم ، كانت قسماته جادة . كان " رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ " ( اشعياء 53 : 3 ) ذلك لانه " أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا ، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا " . كل احزاننا وكل اوجاعنا . خطايا البشر جميعا ً كانت قابعة فوق كتفيه . آثام الخليقة كلها كانت على رأسه . والخطية تولّد الحزن ، الاثم يكدّر النفس . الشر يطرد من القلب كل فرح . وهذه الخطايا الكثيرة جدا ً ، الثقيلة جدا ً ، المظلمة ، المرة ، السوداء ، جعلته ُ حزينا ً . لكنه بعد أن عاد اليه السبعون من مهمتهم ، فرح المسيح وتهلل بالروح . فرح المسيح وتهلل لأن كلمة الخلاص قد وصلت الى قلوب الناس . فالله " يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ ." ( 1 تيموثاوس 2 : 4 ) هذا يفرح قلب المسيح . وفرح المسيح وتهلل بالروح لأن تلاميذه ُ المخلصون حملوا الرسالة وتمموا المهمة . فالله أقامهم شهودا ً للحق وهاهم يشهدون بالحق . اقامهم فعلة ً وهاهم حصادون . " مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ ، الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ ، الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ ، الْمُخْبِرِ بِالْخَلاَصِ " ( اشعياء 52 : 7 ) . داخل اعماق قلب المسيح فرح ٌ وتهليل برغم الكآبة والحزن الناتج عن خطية البشر . في داخله خير ، نزعة الخير في داخل القلب تُفجّر الفرح . بداخله قداسة وبر ينتج الفرح . برغم ان المسيح كان يرى رفض خاصته له ، برغم هجوم الكهنة والكتبة والفريسيين ، برغم معرفته بأن احد الملتفين حوله خائن ، واقرب تلاميذه سينكره . برغم المحاكمات الظالمة القادمة ، برغم الجلد واللطم والبصق ، برغم الصليب والموت . برغم ذلك كله كان داخل قلب المسيح فرح وبهجة لأنه كان يعلم أن بعد القبر قيامة ، لأنه كان يتمم قلب الله وينفذ مشيئته للخلاص والفداء لأنه كان يحمل محبة الله للعالم .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
493 - تقدم المسيح صاعدا ً الى اورشليم وبالقرب من بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا عند جبل الزيتون ، أرسل وأحضر جحشا ً وركبه وسار الطريق نحو اورشليم ، وبدأ التلاميذ يفرشون الثياب أمامه . فرشوا ثيابهم في الطريق أمامه ، فتجمع الناس حوله وبدأوا يفرشون الثياب وسعف النخل . وارتفعت الاصوات ترحب به وتهلل وتغني ، كل الذين كانوا حوله رفعوا اصواتهم مسبحين ، قالوا : " مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي " ( لوقا 19 : 28 ) . " أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ " ( مرقس 11 : 9 ) . وانزعج الفريسيون وقالوا له : ما هذا الذي يقولون " يَا مُعَلِّمُ ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ " . نظر اليهم المسيح وقال لهم : " أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ " ( لوقا 19 : 40 ) وهل تصرخ الحجارة ؟ الحجارة لا تصرخ ، لكنه هو ، هو يستطيع ان يجعل الحجارة تصرخ . لقد جعل الابكم الذي تحجر لسانه في فمه يتكلم ، والحجارة البكماء يجعلها تصرخ . لو توقف الناس عن الصراخ والهتاف وتمجيد الله والترحيب بالمسيح والتهليل له ، لصرخت الحجارة ، لارتفعت من الحجارة اصوات الهتاف والتمجيد والتسبيح . الحجارة لو صرخت ونطقت لارتفعت اصواتها بالتسبيح . الحجر الذي رقد عليه اسحق ذبيحة ، هذا الحجر لو نطق لسبّح برحمة الله وقدرته وقد أُمِرَ ابراهيم ان يرفع يده عن الغلام . الحجر الذي أسند يعقوب رأسه عليه ونام ، لو نطق هذا الحجر وتكلم لسبّح الرب ، سبّح الرب للسلم المنصوبة بين السماء والارض والملائكة صاعدة نازلة عليه . الحجر الذي وضع ايليا الذبيحة عليه واغرقها بالماء وصلى يطلب نارا ً من السماء ، لو تكلم هذا الحجر لأعلن بصوت ٍ عالٍ آيات التسبيح لله القادر الذي ارسل ناره واكلت الذبيحة . والحجر الذي كان في البستان وتساقطت عليه قطرات عرق الفادي كالدم . الحجر الذي كان في الجلجثة وقد شهد محبة الله المصلوبة تصرخ طالبة ً الغفران للقتلة . والحجر الذي ارتعب حين تحرك المسيح داخل القبر وقام فابتعد مدحرجا ً عن الباب . كل هذه الاحجار وغيرها لو نطقت لسبحت الله ومجدته واعلنت ملكوته . المسيح حجر الزاوية الذي رفضه البناؤون جعلنا أحجارا ً حية في هيكله . اختارنا من صُلب الجبل الخشن وقطعنا منه ، وأخذنا وسوانا واعدنا لنصلُح للبناء ، ووضعنا في هيكله ، هيكل الله الحي ، في الاساس أو الجدار أو الواجهة ، أينما يشاء . جعلنا جزءا ً من بنائه مرصوفين مع باقي القديسين نكوّن هيكل الله . وانت حجر في بناء الله تشهد وتصرخ وتُعلن وتسبّح وتتحدث عن المسيح . ما اعظم الحجارة الناطقة التي تشهد بمحبة الله وغفرانه وتُعلن مجد الله .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
494 - ونحن نحيا حياتنا اليومية ، ونحن نسلك في طرق الحياة ، ونحن نعبر الزمن ، تقابلنا احداث ٌ تأخذ اهتمامنا وتجذب قلوبنا وافكارنا وتشغلنا وتلهينا ، فننسى ان نتغذى على محبة الله ، نغفل ان نرتوي من ينابع حب الله . نرى الحجر تحت اقدامنا جبلا ً يصعب تخطيه ، والحفرة في طريقنا هوة ً مفتوحة ً لابتلاعنا . حين نهمل الحياة في محبة الله تُصبح الحياة مستحيلة . حين نبتعد عن محبة الله تثقل بنا الحياة . تضيق نفوسنا ، يهاجمنا القلق ، ينفذ صبرنا بسرعة ، نضج ونشكو ونتذمر . ويأتي الينا صوت الله يدعونا لأن نتأمل محبته ونرتمي في احضانه بين ذراعيه . ونتحرك ببطء ٍ وبملل فالصبر قد نفذ والنفس قد صُدّت والوهن قد حل . عاش يوحنا الحبيب سنوات ٍ في منفاه في جزيرة بطمس . عاش وحيدا ً ، عاش متروكا ً بلا صديق ٍ حوله ، عاش بعيدا ً عن الكنيسة وعن الاحباء . وفي لوعة ٍ وألم يكتب : " أَنَا يُوحَنَّا أَخُوكُمْ " ( رؤيا 1 : 9 ) ما زلت انا يوحنا وما زلت هنا . وفي معاناة يؤكد لهم في كتابه : أنا " َشَرِيكُكُمْ فِي الضِّيقَةِ " شريك آلامكم . والالم حين يكون شركة ً مع الآخرين تخف حدته ، والاثقال تخف بكثرة الأيدي . " شَرِيكُكُمْ فِي الضِّيقَةِ وَفِي مَلَكُوتِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَصَبْرِهِ " اخترق الألم سُحُب الوحدة ، ملكوت المسيح العتيد وصبره الجميل استرد شعوره بمحبة الله ، استعاد قوته . عندما تظهر محبة الله في حياتنا تفزع الهموم وتنقشع الغيوم وتهرب . مهما كانت الضيقة ، مهما كان الاضطهاد ، مهما كانت المقاومات ، هناك محبة الله وصبر المسيح . محبة الله وصبر المسيح الطريق الى السماء . يكتب بولس الرسول ويدعو : " وَالرَّبُّ يَهْدِي قُلُوبَكُمْ إِلَى مَحَبَّةِ اللهِ ، وَإِلَى صَبْرِ الْمَسِيحِ " ( 2 تسالونيكي 3 : 5 ) ماذا في السماء أعظم وأمجد واروع من محبة الله وصبر المسيح ؟ محبة الله : حين تضغط علينا الشدائد وتدوسنا التجارب ، هناك محبة الله تملأ القلوب بالفرحة ، تملأ العيون بالبهجة ، تملأ النفوس بالنور والرجاء . صبر المسيح : حين تضغط علينا الشدائد وتدوسنا التجارب ، هناك صبر المسيح ، يقوي النفوس ويعضّد الايدي ويعين الضعفات ويرفع القلوب . كم من مرة رأى المسيح الشك في عيون تلاميذه ، كم رأى الرفض من خاصته ؟ كم من مرة هاجمه اعدائه ، وسخر منه رؤساء الشعب ، وقاومه الكهنة والفريسيون ؟ وصمد المسيح وصبر .
حين تواجه الصد والرفض حول قلبك الى محبة الله وصبر المسيح . حين يتكاتف عليك الاعداء ويهاجمك الاشرار حول قلبك الى محبة الله وصبر المسيح .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
495 - يا ويل من يسقط بعد ارتفاع ، كما يقولون : اذا سقطت البقرة كثرت السكاكين . ما أن يهوي شخص كان في ملء السمع والبصر حتى يتسابق الناس ليذبحوه . ما أن يترك حاكم ٌ أو رئيس ٌ أو مدير ٌ كرسيّه ، حتى ترتفع الاصوات تحاربه . ما يكاد النجم العالي يهبط الى الأرض ، حتى تمتد الايدي تمزق وتنهش وتفتك به . هكذا العالم ، هكذا طبيعة البشر ، هكذا يفترس الانسان أخاه ُ الانسان . لا يسعى أحد لجمع شتاته وترميم حطامه واعادة بناء وشفاء نفسه المحطمة . لكن الله في محبته السامية يعمل على اقامة الساقط ومساعدة المرتد واستعادته . محبة الله تمتد نحو الانسان لتقيمه من عثرته ، محبة ٌ تجبر كسوره ، تسوّي وقفته . هوى بطرس التلميذ الشجاع المقدام وانكر سيده أمام الجواري والخدم . هوى في نظر زملائه التلاميذ ، هوى في نظر الناس ، هوى في نظر نفسه . لم يتركه المسيح ملقى ً حطاما ً مبعثرا ً ، مجروحا ً ، مهانا ً ، مرفوضا ً ، تتكاثر حوله اللعنات . لم يعتبره مثل يهوذا الذي خانه . كان يعلم ما بقلب بطرس من حب ٍ مخلص ٍ له ، فمد يده اليه ، اظهر اهتمامه به . لم تتغير معاملاته له بالعكس ، زاد منها . قدّمه الى الامام ، رفعه امام اخوته ، رفعه امام نفسه ، كلفه بمهمة ٍ كبيرة ، إئتمنه على غنمه ، اوكل اليه رعاية رعية الله ، أعاد اليه نشاطه وثقته بنفسه .
كم من مرة ٍ تسقط منا تحفة ٌ ثمينة تتحطم وتتناثر أشلائها . ماذا نفعل ؟ هل نلقي بها الى القمامة ؟ هل نتخلص منها ؟ أم نحاول لصق أجزائها ؟ ما دامت غالية الثمن ، ما دامت عزيزة علينا ، ما دامت محبتنا لها باقية ، فنحن نرممها ونستعيد تكوينها ونجددها ونجبرها ونبنيها من جديد . قد نسقط ، نسقط في خطية أو ننساق لشهوة أو ننحرف عن الطريق . نتكبر ونغتر ونشمخ فنسقط . نغضب ونثور ونحتد ونخطئ . قد نتردى في محبة المال وننسى الله وننتشي بالنجاح والاعتماد على الثروة . ننساق مع الزحام نحو الشر ، نلوك مرارة ً داخلية ونكره ونحقد ، نأثم ، يهتز ايماننا ، يهاجمنا الشك ، نسقط في اليأس ونتبعثر في الارض ، فيأتي الله بمحبته ليستعيدنا ، ينحني على الحطام ويجمع الاجزاء بصبر ، ويعيد لصقها بحب ، يركز نظره ويعمل باصابعه ، يصب محبته وهو يرممنا . لا تخشى السقوط فالكل يسقط . اصرخ اليه ، يأتي اليك ويستردك . لا تشمت لسقوط الآخرين ، اعمل على اقامتهم من عثراتهم .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
496 - دخلت الخطية جوف آدم وحواء ، جرت في عروقهما وسرت في دمائهما . لم تكن عضو ظاهر في الجسد يمكن التخلص منه بقطعه او بتره . تغلغلت في آدم جسدا ً ونفسا ً وروحا ً ، صبغته بصبغتها السوداء ، تسللت الى روحه واستولت عليها واستعبدتها ، اخترقت كل انسجتها . وتوارثناها ، اصبحت جزءا ً من كيان كل البشر ، عاشت في روح كل انسان ، لكن الله يحب الانسان ويريد ان يطهّر روحه مما حل به من إثم ٍ وشر . ولم يكن الامر سهلا ً هينا ً . كان عليه ان يحرر الروح مما علق بها من ادران . وجاء المسيح وارتدى جسدا ً بشريا ً وعاش حياة الانسان ثم اعتلى الصليب ، ومن فوق الصليب جذبت محبة الله من أرواح البشر جميعا ً كل خطاياهم . قوة محبة الله كانت كمغناطيس عملاق ، سحب خطايا الانسان ماضيا ً وحاضرا ً ومستقبلا ً . انجذبت الخطية ، كل الخطية وحلت بالجسد المصلوب ، ومات المسيح عن الجميع . بذل دمه ، أمات الخطية بالدم المسفوك على الصليب ، تحررت الروح ، روح الانسان . لم يعد يشوب روح الانسان إثم . اعتدلت الروح واستقامت بعمل المسيح الفدائي . كان المسيح يعلّم في احد المجامع في السبت وكانت هناك امرأة " بِهَا رُوحُ ضَعْفٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَنْتَصِبَ الْبَتَّةَ." تعاني . كانت منحنية ، وجهها الى الارض دائما ً . لا تستطيع ان ترفع رأسها الى أعلى ، ورآها المسيح . امرأة ٌ مسكينة محنية ، دعاها فاقتربت منه ، لم ترى وجهه ، الضعف كان قد قوّس بدنها . قال لها : " يَا امْرَأَةُ ، إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ . وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ ، فَفِي الْحَالِ اسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ اللهَ " ( لوقا 13 : 12 ، 13 ) . . رفعت وجهها ورأت السماء ، رأت وجه المسيح يملأ السماء ، فمجدت الله . كانت روح الانسان منكسرة بالخطية ، محنية ً تحت ثِقَل الإثم القديم ، كسر قيود الانسان وحطم سلطان الخطية ، واستقامت الروح . لا سبيل لتحرير الانسان من سلطان الخطية الا بدم المسيح ومحبة الله . بدم المسيح يستقيم البشر ، يمشون رافعي الرؤوس ، تُرد لهم كرامتهم . بدم المسيح لا نتحرر فقط بل نرتفع ، نعلو ، نسمو ، نحكم الارض معه ، ب " يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا ، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ " ( رؤيا 1 : 5 ، 6) . دم المسيح يطهرك . دم المسيح يحررك . محبة المسيح غسّلتك من خطاياك . دم المسيح يرفعك . دم المسيج يمجدك ، يجعلك ضمن ملوك الله وكهنته .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
497 - محبة الله تحررنا ، تكسر القيود القديمة الثقيلة وتطلقنا أحرارا ً . ومحبة الله تحصرنا ، تأسرنا ، تملأ قلوبنا وحياتنا ، فتتلون قلوبنا وحياتنا بها . نصطبغ بها ، ننتمي اليها ، نخضع لسلطانها ، نضع نيرها على اعناقنا " إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا " ( 2 كورنثوس 5 : 17 ) ما كنا مستعبدبن له قد تحررنا منه . لم نعد عبيدا ً للشر ولا الشرير . لم تعد الخطية قادرة ً ومسيطرة علينا ، محبة الله حررتنا وانقذتنا منها . المسيح مات بخطايانا على الصليب ، حمل خطايا الجميع على كتفيه ومات وأماتها وقام . " وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ ، بَل ْلِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. " . فالمسيح المقام هو حبنا وهو حياتنا ، ولائنا له وانتمائنا الآن اليه . لم نعد نعيش في عبودية ابليس . نحن نعيش في ملكوت محبة الله . محبة الله ملكوت . نخضع لله بدافع محبتنا له ، نحيا له بسبب محبتنا له . محبة الله حررتنا ، اصبحنا أحرارا ً في المسيح بموت المسيح وقيامته لاجلنا ، ومحبة الله تحصرنا ، اصبحنا نعيش حرية الحياة في محبة الله ومحبتنا لله . ليس احد منا يعيش لذاته ، ولا أحد يموت لذاته " لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ " ( رومية 14 : 8 ) . أصبحنا للرب بسبب محبة الله لنا التي تجسدت بالمسيح وحررتنا من الخطية . واصبح الرب لنا ، هو كل حياتنا . حياتنا له ، وموتنا له . للرب نحن . يحصرنا في نطاق طاعة الله والخضوع له . حبٌ قوي ، حي يضعنا في دائرة الله . مهما احاطت بنا اغراءات العالم ، تدعونا ، تجذبنا ، تُبهر انظارنا ، تُغرينا . لم تقدر أن تُبعدنا عن محبة الله ولم تُبعد محبة الله عنا ، لا تقدر . ومهما تراكمت علينا تجارب العالم واحزانه وآلامه ، مهما ثقلت الأيادي علينا لم تقدر أن تبعدنا عن محبة الله ولم تبعد محبة الله عنا ، لا تقدر . " فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً ، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى ، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. " ( رومية 8 : 38 ، 39 ) . محبة الله حررتك . انت الآن تعيش حرا ً طليقا لا سلطان عليك ، الا محبتك لله ، تخضع له بالحب . الحب الذي يملأ قلبك بالحرية . الحب الحر في المسيح .
 
أعلى