تأملات وحكم

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
498 - اقترب بطرس من المسيح وسأله : " «يَا رَبُّ ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ ؟ " ( متى 18 : 21 ) . كان بطرس قد تأثر من كلام المسيح عن محبة القريب وواجب الانسان نحو اخيه ، وكان يعلم ان اقصى ما يعلّم به المعلمون هو ان يغفر الاخ لأخيه حتى اربع مرات ، واراد ان يزيد على ذلك ، وقاده تفكيره الى أن يزيد غفرانه حتى سبع مرات . وقال له المسيح : " لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ. " لم يخطر على بال بطرس هذا العدد الكبير ، كيف يعد سبعين مرة سبع مرات ؟ لم يكن المسيح يريده أن يعد على اصابعه عدد مرات غفرانه لاخيه ، أراده أن يحب ، والذي يحب لا يعد ، الذي يحب لا يحصي عدد مرات عطائه أو غفرانه . واراد المسيح ان يقرّب الأمر الى ذهن بطرس والى اذهان تلاميذه ، قال : " إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ . فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ ( تساوي ملايين الدنانير ) وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا لَهُ ، وَيُوفَي الدَّيْنُ. فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ . فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ . وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلاً: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ.فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ . فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ. فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدًّا. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى . فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ.أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا ؟. وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ." ( متى 18 ) هكذا يكون لكل من لا يغفر لأخيه . أوصانا المسيح أن نغفر للمذنبين الينا . علمنا ان نصلي كل يوم ونقول " وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. " ( متى 6 : 12 ) الذين يغفرون يُغفر لهم . وقال : " فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ." كيف يغفر لي الله إن كنت ُ لا أغفر لأخي ؟ عدم مغفرتي يقيّد غفرانه . كيف يسدد الله لي الملايين وأنا لا أترك لأخي الديون الصغيرة ؟ هل أساء اليك أحد حين وجه اليك قولا ً قاسيا ً أو كلمة ً جارحة ؟ كم تحمّل المسيح عنك ولأجلك ، اللعنات والاستهزاء والضرب والبصق ؟ هل خانك أحد ؟ هل خلف وعده لك ؟ هل اساء اليك بسلوكه ؟ وأنت ألم تخن الله وتخلف وعدك له ؟ ألم تسئ اليه بسلوكك ؟ الله في محبته غفر لك ، القى بذنوبك في اعماق أعماق بحر النسيان . وأنت ألا تحب أخاك كما أوصاك الله ؟ ألا تنسى وتغفر اسائته لك ؟ كما غفر لك اغفر له ، كما سامحك سامحه ، كما أحبك احببه ، والمحبة تغفر .


A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
499 - رأى المسيح يعلّم الناس انكار الذات ومحبة القريب وغفران الزلات ، فاقترب منه وعرض عليه مشكلته . كان هناك ميراث ٌ بينه وبين أخيه . أراد أن يتدخل المسيح بينهما قاضيا ً وحكما ً . قال له : " قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ " ( لوقا 12 : 13 ) . نظر المسيح اليه ، اخترقت نظراته قلبه ، كشفت داخله وعرف ما به فقال : " انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ " الطمع يقتل محبتك لاخيك ، الطمع يدفعك لان تسعى للحصول على القسم الاكبر . الطمع يوجد صراعا ً . الطمع جشع . الطمع ظالم ٌ ، قاس ٍ . الطمع لص ٌ يسرق الحقوق . حين تطمع في أخيك تسعى لأن تأخذ أكثر من حقك وتحرمه من حقه . الطمع تركيز ٌ على النفس . الطمع محبة ٌ للذات . الطمع يحمل في طياته غيرة ً وصراعا ً . لو لم يكن قلب ذلك الرجل مملوء ً بالطمع لما لجأ الى المسيح يحتكم اليه في قسمة الميراث . لو كان قلبه عامرا ً بالمحبة الاخوية لعرف كيف يقتسم الميراث مع أخيه دون وسيط . كان فكّر في العطاء قبل الأخذ . كان يقدّم لا يُحجم . كان يمد اليد لا يقبض اليد . محبة المال تنتج الطمع . محبة المال تدفع الى الصراع والكراهية ومحبة الذات . حذرنا المسيح من محبة المال . المال سيد ٌ قاس ٍ أناني . " مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ " ( 1 تيموثاوس 6 : 10 ) . يتصور البعض إن في المال أمانا ً ، يتصورون أن الحصول عليه واكتنازه ضمان ، لكن المسيح بادر الرجل والمستمعين بقوله : " مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ " ( لوقا 12 : 15 ) مال الدنيا كله لا يستطيع ان يضيف الى حياة من يحصل عليه يوما ً واحدا ً . لم يحيا الانسان بسبب مال ٍ كثير ٍ يقتنيه ولن يموت انسان بسبب عدم وجود مال لديه . وضرب المسيح لذلك مثالا ً : غني اخصبت كورته ، زادت ثمارها وجاء الحصاد وفيرا ، هدم الاسوار ووسع المخازن وجمع الغلات والخيرات ، واستراح لما جمع واطمأن ، هلل للسنوات الكثيرة التي امامه ، ينعم بما جمع ويفرح بالمأكل والمشرب والمال الوفير . وجائت الساعة ، حلت ساعته . في ليلة اطمئنانه ناداه المنادي يطلب نفسه ( لوقا 12 ). مهما امتلئت ايدينا من خيرات يأتي وقت ٌ ترتخي الايدي ، تنفتح الاصابع وينفلت ما بينها ويسقط وتذهب اليد منبسطة فارغة تقبض الهواء . ايها الغني لا تفرح وتتكالب على الثروة ، المال يطير كالدخان . ايها الفقير لا تبتئس وترثي لحالك ، التذمر لا يُجدي .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
500 - كان شعب الله يسير في الصحراء ، أقدامه المتعبة كانت تُهيل الرمال . جروا اطفالهم ورائهم ، ساروا واللون الاصفر يملأ عيونهم بشحوبه . لسعتهم حرارة الشمس ، احرقت اجسادهم ، جف ّ جوفهم وتشقق . هدم الجوع أمعائهم ، ومزق العطش داخلهم . تألموا وعانوا وصرخوا : أين الله في هذا التيه ؟ " هَلْ يَقْدِرُ اللهُ أَنْ يُرَتِّبَ مَائِدَةً فِي الْبَرِّيَّةِ ؟ ......... هَلْ يَقْدِرُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ خُبْزًا ، أَوْ يُهَيِّئَ لَحْمًا لِشَعْبِهِ ؟ " ( مزمور 78 : 19 ، 20 ) هل يقدر الله ، هل يستطيع ؟ " فَأَمَرَ السَّحَابَ مِنْ فَوْقُ ، وَفَتَحَ مَصَارِيعَ السَّمَاوَاتِ. وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ مَنًّا لِلأَكْلِ ، وَبُرَّ السَّمَاءِ أَعْطَاهُمْ . أَكَلَ الإِنْسَانُ خُبْزَ الْمَلاَئِكَةِ . أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ زَادًا لِلشِّبَعِ ....... فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جِدًّ " . استطاع الله ان يخرج من الصخرة ماء ً لهم : " هُوَذَا ضَرَبَ الصَّخْرَةَ فَجَرَتِ الْمِيَاهُ وَفَاضَتِ الأَوْدِيَةُ." ، وأن يُمطر عليهم طعاما ُ من السماء . ورغم ذلك وعلى مدى 40 سنة ، شكَوا وتذمروا وتسائلوا : هل يستطيع الله ؟ وافواههم مملوءة بالطعام ، وايديهم واقدامهم تخوض الماء في الصحراء ، يشكْون . نظروا الى سكان الأرض ، رأوهم في شكهم جبابرة ورأو انفسهم كالجراد ، حين نظروا الى انفسهم وجدوا انفسهم جرادا ً حقيرا ً ( عدد 13 : 33 ) وهكذا رآهم الآخرون . لو رفعوا اعينهم الى فوق لوجدوا الله يُعلن انهم خاصته ، ورثته واولاده . الروح يشهد اننا أولاد الله : " اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. " ( رومية 8 : 16 ) ، وإن كنا أولاد الله فنحن ورثة الله ، وارثون مع المسيح : " فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا ، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. " ، وأولاد الله ليسوا جرادا ً ، أولاد الله جبابرة ، أقوى من كل الجبابرة . وحين نرى انفسنا أولادا ً لله . حين نثق ونؤمن ونعتمد عليه ، لا نخشى الجوع وسط الصحراء ، لا نخاف العطش في البرية الجافة . الايمان يفتح عيوننا فنعرف ونتأكد ونقر : أن الله قادر ، الله يستطيع . لا يصعب على الله شيء ، كل شيء ٍ مستطاع لديه ، وكل شيء ٍ مستطاع لنا . الله يستطيع ، الله يقدر ، الله يهب ويُعطي ، الله يحمي ويحفظ . يد الله قوية .
حين تتكاتف قوى الشر وتتحالف وتندفع نحوك ، تهاجمك وتعتدي عليك ، لا تشك بوجود الله بجوارك ، لا ترتعب وترتجف وتتسائل : هل يقدر الله ؟ حين تنزل عليك تجربة ، حين يصرعك مرض ، حين يحيط بك ظلم ُ وغدر ، لا تُغمض عينيك خوفا ً وفزعا ً ويأسا ً . افتح عينيك لترى الله يقدر . الله لا يتركك ، لن يتركك . انظر خلفك وتذكر اعماله معك . الله لا يتغير ، لن يتغير ، هو ، هو ، أمسا ً واليوم والى الأبد . الله يقدر ، نعم يقدر . الله يرى ، نعم يرى . الله معك ، دائما ً معك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
501 - بعض الناس يعيشون الحياة حزانى ، بائسين . يلفهم حزن ٌ ويغطيهم بؤس ، يجرّون أقدامهم على الطريق منكّسي الرؤوس ، منكسري القلوب ، تعساء . حين يرفعون انظارهم يرون السماء ملبدة ً بالغيوم تُخفي نور الشمس . اذا أصاغوا السمع المريض تصوروا تغريد الطيور بكاء ً وعويلا ً . اعصابهم متوترة ، عضلاتهم مشدودة ، عيونهم دامعة ، ارواحهم حزينة . يجدون في كل شيء ٍ سببا ً للأكتئاب ، يصرخون كل الوقت بالتذمر والشكوى . ينفثون دخانا ً أسود من أجوافهم يملأ الجو ظلاما ً وسوادا ً واكتئابا ً . اذا حل بهم شر صرخوا وولولوا ، واذا حل بهم خير لا يحسون به . اذا هبت عليهم ريح ضجوا واشتكوا ، واذا مرت بهم نسمة تشائموا . بعكس هؤلاء هناك من يسيرون في الحياة هاشين ، فرحين ، حولهم سعادة وبهجة . يقفزون في سيرهم ، يرقصون . اصوات اقدامهم موسيقى ، اقوال افواههم غناء . وجوههم تشع بشاشة وملامحهم تعكس السعادة ، عيونهم تُطلق نظرات ٍ نيرة . بسمات شفاههم تبعث أضواء ٌ مبهرة ، مبهجة ترطّب القلوب وتُسعد النفوس . الفرح يملأ النفس قوة ، قوة ً تواجه مشاكل الحياة وتطردها وتغلبها . الفرح يخلق جوا ً مريحا ً رطبا ً يفيض حولك فتشع محبة ً وسلاما ً . الذي يواجه الحياة بقلب ٍ متشائم ٍ حزين ، تبتلعه دوامات الحياة السوداء . والذي يخترق الحياة بقلب ٍ متفائل ، مبتهج ، يمتطي قمم الحياة وينجح . الله مصدر الفرح . الله يريدنا دائما ً أن نفرح . يقول الرب : " افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. " ( 1 تسالونيكي 5 : 16 ) حين يحل روحه القدوس في القلب يُنتج ويثمر محبة وفرحا ً وسلاما ً وراحة . الطبل والزمر لن يجلب الفرح ، الملذات والشهوات لم تحقق السعادة " فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي ، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ . كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ " ( اشعياء 614 : 10 ) وينمو الفرح ويكبر بالشكر ، الشكر كل حين يأتي بفرح ٍ كل حين ، الشكر وقود الفرح . حين تواجه تجربة قاسية ، اشكر ، يتحول حزنها الى فرح ونصرة وغلبة . اذا حل بساحتك حزن ، اشكر ، يخف الحزن ويذوي ويختفي ويهرب . حين ينزل بك مرض ، اشكر ، يتقوى الجسم ويصح . الشكر يخلق قوة . اذا هاجمك عدو غاضب ، اشكر وارفع سلاحك بوجه مبتسم ، تغلب . داخلك يلون خارجك ، الحزن والشكوى يجعلان حياتك مرة . الله داخلك يُسعد خارجك . الفرح والشكر يجعلان حياتك ترنيمة .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
502 - أوصانا الله أن نحب بعضنا بعضا َ ، والمحبة ليست كلاما ً ولسانا ً فقط . لا يكفي أن نعلن محبتنا بالقول والالفاظ المنمقة الجميلة العاطفية الرقيقة . لا بد أن تترجم المحبة عملا ً بجوار القول . لا بد أن تمتد أيدينا مع نبض قلوبنا . يقول يوحنا الرسول : " وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا ، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ ؟ ( 1 يوحنا 3 : 17 ) هل يملأ الحب جوفه ؟ ، هل يسد الحب وحده جوعه ؟ همس المسيح الى بطرس وسأله : " يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا ، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ ؟ " وبسرعة ٍ انطلق حب بطرس للمسيح ، بسرعة قال : " نَعَمْ يَا رَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ " وقال له المسيح : " ارْعَ خِرَافِي " ( يوحنا 21 : 15 ) ثلاث مرات يسأل ، وثلاث مرات يكلفه برعاية غنمه . المحبة ُ عرجاء إن لم تتحرك وتعمل وتُعطي وتخدم . المحبة العاملة قوية ٌ ، عفية . قال بولس الرسول : " اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ ." ( غلاطية 6 : 2 ) المحبة تتقدم الى الأخ وتنحني وتحمل الحمل على الكتف ، تحمل الأثقال . المسيح نادى وقال : " تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ . " ( متى 11 : 28 ) محبة المسيح كانت متحركة وعملية ، كان يجول بين الناس يعلّم ويشفي ويُعين . إذا وجدت أخا ً يعاني من احتياج ، محبتك له تدفعك لأن تسدد إحتياجه . إذا سمعت بكاء أخ ٍ وشكواه ، محبتك له تربت على كتفه وتعزيه وترفع ألمه . المحب تتحرك أحشائه ليرفع معاناة المحبوب . المحب تسرع يده لتقديم العون للمحبوب . المحبة تجعلنا نقف في صف من نحبهم ، نواجه معهم هجمات التجارب وطعناتها . المحبة تدفعنا لأن نمد أيدينا لنسند الضعيف ونشجع المحبط ونرفع الساقط . حين يلازم أخٌ فراشه بسبب مرض ، يحتاج الى محب ٍ يخفف عنه آلام المرض . حين يفقد أحدهم عزيزا ً لديه ، يكون في أشد الاحتياج الى محب ٍ يشاركه أحزانه . الصديق يظهر وقت الاحتياج . والمحب يتقدم بالعون عند التجارب . المحبة تُترجم : " فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ." ( رومية 12 : 15 ) المحبة تخطو وتتقدم وتبادر . أعمال المحبة تقوي الضعيف ، وتعزي الحزين ، وتشد ازر المهزوم . أحب الله الانسان حتى بذل ، ونحن علينا عندما نحب أن نحول حبنا بذلا ً . اجعل قلبك ينبض حبا ً ويدك تمتد عطاء ً . وللمحبة فضل لذلك سوف تجد حولك من يحب ويعطي .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
503 - عندما بدأ يسوع المسيح ارساليته على الارض ، ابتدأ يجمع التلاميذ حوله . اختارهم من عند بحر الجليل وناداهم ليتبعوه ، وتركوا قواربهم وشباكهم وساروا خلفه . وتجمع حوله إثنا عشر رجلا ً سمعوا دعوته وجاؤوا ليصبحوا صيادي ناس خلفه . زاد الملتفون حوله ، سمعوا تعاليمه ورأوا أعماله وعاينوا معجزاته . أرادوا أن يتبعوه ويكونوا ضمن تلاميذه ، فوضع المسيح شروطا ً لتلمذته . وبينما هم يتزاحمون بكثرة حوله وهم يقتربون منه ليكونوا في رفقته وصحبته ، قال لهم : " إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا ، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا......... كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. " ( لوقا 14 : 26 ، 27 ، 33 ) شروط ٌ صعبة ، وتضحيات ٌ كبيرة ، واختيار ٌ صعب ، وقرار ٌ كبير أن تكون للمسيح تلميذا ً . كم من مرة ٍ جائه من يظن نفسه قادرا ً أن يتبع المسيح فيصدم ويفهم ويُحجم . بينما هم سائرون في الطريق ، جائه من يقول يا سيد " أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي " . نظر اليه المسيح وقال : " لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " ( متى 8 : 20 ) ليس في اتباع المسيح راحة ، وليس له مكان اقامة . وقال لآخر : " اتْبَعْنِي " فوجئ الرجل وتردد ، قال : " ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي " ( لوقا 9 : 59 ) راعى المسيح تردده فقال له : " دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ." " وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ، وَلكِنِ ائْذَنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ : لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ " اتّباع المسيح مكلّف ، ليس نزهة أو لهوا ً ، أو ارتخاء عزيمة ، أو نعومة يد . السير خلف المسيح أولوية ، لم ينادي بالبغضة ، هو لا يريدك أن تبغض أحدا ً ، لكنه يريدك أن تحسب النفقة جيدا ً ( لوقا 14 : 28 ) . اتّباع المسيح أول الاهتمامات ، بجواره لا منافسة . محبته واتّباعه يتقدمان كل شيء وكل شخص وكل ارتباط . اتّباع المسيح حمل الصليب ، الصليب خشن ٌ ، قاس ٍ ، ثقيل ٌ ، طريقه ُ وعر . العثرات الرخوة تنوء تحت ثقله ، الأيدي الناعمة تُجرح وتنزف دما ً . الصليب ليس حملا ً فقط ، بل هو طريق ٌ للألم والمعاناة والاستشهاد . التلمذة للمسيح تنازل ٌ عن كل الحقوق . احسب النفقة والتكلفة جيدا ً لتتبعه وتسير خلفه.
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
504 - اجتمع الشعب وسط المدينة والتفوا حول عزرا الكاتب وهو يقرأ لهم سفر الشريعة . في سكون ٍ وخشوع شخصوا بعيونهم واشرأبوا باعناقهم واستمعوا لكلمات الرب . دخلت الكلمات اسماعهم واهتزت لها قلوبهم ، ورفعوا أيديهم " وَخَرُّوا وَسَجَدُوا لِلرَّبِّ " . قال لهم نحميا وعزرا : " هذَا الْيَوْمُ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ ، لاَ تَنُوحُوا وَلاَ تَبْكُوا " ( نحميا 8 : 9 ) لا تحزنوا لأن فرح الرب هو قوتكم . كل انسان يسعى ليسعد ويفرح ، وفرح الشعب وسعد بشريعة الرب التي قُرأت عليهم بواسطة نحميا وعزرا . فرح الشعب لأنه قد سمع وفهم أقوال الله . كلمات الكتاب المقدس تفرّح القلب ، وحين تدخل الى القلب والعقل ، حين نلهج فيها ، تتفجر فينا ينابيع السعادة والفرح . يا رب " كَمْ أَحْبَبْتُ شَرِيعَتَكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ هِيَ لَهَجِي " ( مزمور 119 : 97 ) " أَتَلَذَّذُ بِوَصَايَاكَ الَّتِي أَحْبَبْتُ " . فرح الشعب لانه شارك كلمات الرب مع الذين لم يسمعو بها ويعرفوها من قبل . قال نحميا للشعب : " اذْهَبُوا كُلُوا السَّمِينَ ، وَاشْرَبُوا الْحُلْوَ، وَابْعَثُوا أَنْصِبَةً لِمَنْ لَمْ يُعَدَّ لَهُ " ما أروع حمل أخبار الله السارة الى الذين يعيشون في ظلام الجهل بها ، ما أروعه . يقول داود النبي : " وَأَتَكَلَّمُ بِشَهَادَاتِكَ قُدَّامَ مُلُوكٍ وَلاَ أَخْزَى " ( مزمور 119 : 46 ) ما اجمله . ويقول المسيح : " إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي ، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ . " ( يوحنا 15 : 10 ، 11 ) يكمل فرحنا . وفرح الشعب لانه اطاع كلمة الله ونفذ شريعته وحفظ وصاياه . ما ان سمعوا كلام الله ، ما أن كشف الله لهم عن عن شريعته ووصاياه حتى اسرعوا بالطاعة ، لم يؤجلوا ، لم يترددوا ، نفذوا كلام الله . بعد أن أكمل المسيح عظته على الجبل ، نظر الى الجماهير المأخوذة بما سمعت . سمعوا وفرحوا ، أدركوا معنى الكلمات ، وفهموا قصد الله ، سمعوا وعرفوا . وماذا بعد ؟ هل تضيع الكلمات بعد ذلك في الهواء ؟ هل تذرّى بفعل الرياح ، أم تثبت في القلب وتأسر العقل وتحرّك الارادة وتشكّل السلوك ؟. قال المسيح : " كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا ، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ . فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا ، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ .فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا " ( متى 7 : 24 - 27 ) أنت تقرأ كلام الله وتفرح ، ليزيد فرحك ويفيض ، قدّمه الى غيرك ليسمع ويفرح .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
505 - خلق الله الانسان وبدأ معه علاقة ً خاصة تختلف عن علاقته بباقي الخلق . ميز الله الانسان عن باقي المخلوقات ، وخصه باعلان ذاته له وكشف ارادته نحوه . حين وضعه في الجنة عقد معه اتفاقا ً أن يأكل من كل شجر الجنة عدا شجرة ٍ واحدة . أطلق يده في كل ما بالجنة وحذره من مد يده الى شجرة معرفة الخير والشر التي حرّمها عليه . وعده ُ بكل الخير ، وهبه كل ما خلقه ُ وجعله لخدمته ، أما هذه الشجرة فلا يمسها . قال : " لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا ، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ " ( تكوين 2 : 17 ) تعهد آدم بذلك لله ، لكنه كسر العهد وخان الاتفاق وعصى أمر الله وحل به عقاب نقض العهد . وبعد السقوط استمر الله في علاقة خاصة بالانسان ، خصه باهتمامه وعهوده . مع ابراهيم جعل الله عهدا ً بينهُ وبينه . وعده بأن يكثّره تكثيرا ً جدا ً . قال له " هوَذَا عَهْدِي مَعَكَ ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ " ( تكوين 17 : 4 ) وحفظ الله عهده ، وهبه اسحق ابنا ً في شيخوخته وجعله امة ً عظيمة ً جدا ً واسكنه أرض موعده . من الجانب الآخر يبرم الانسان عهدا ً مع الله فيحيا له مكرّسا ً حياته لخدمته . هكذا كان يفعل الانبياء والكهنة في القديم والقادة الذين يصطفيهم الله . حفظ ابراهيم ونسله عهدهم مع الله ، وكان الختان علامة ً لذلك العهد . وجاء المسيح ، جاء المسيح تحقيقا ً لخطة الله لخلاص الانسان ، وتحقق فيه وعد الله . وعندما نقبل المسيح ربا ً ومخلّصا ً ، ونعلنه سيدا ً على حياتنا ، نبرم معه عهدا ً . نتعهد بأن نحمل اسمه ونتبعه ، نسير ورائه ونعبده ، نحيا ونموت له . وفي تنفيذنا عهدنا ذلك ، نسير حياتنا لنرضيه ، ونسلك في الطريق الذي يحدده . لا نسمح لأي تدخل خارجي أن يفصلنا عن تمسكنا بالعهد ويرخي ايدينا عنه ، فنعمل كل ما نعمل " كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ " ( كولوسي 3 : 23 ) لا يؤثر انسان على اتباعنا طريقه . وكما حفظ الرب عهده مع شعبه والتزم به وانقذهم من اعدائهم ، التزم الشعب ووضعوا ميثاق . قالوا " وَالآنَ يَا إِلهَنَا ، الإِلهَ الْعَظِيمَ الْجَبَّارَ الْمَخُوفَ ، حَافِظَ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ ............ نَحْنُ نَقْطَعُ مِيثَاقًا وَنَكْتُبُهُ. وَرُؤَسَاؤُنَا وَلاَوِيُّونَا وَكَهَنَتُنَا يَخْتِمُونَ " ( نحميا 9 : 32 – 38 ) حفظ الله عهده معك ، جاء انسانا ً وحمل خطاياك ومات عنك على الصليب ، رفع عنك حكم الموت ، قدم نفسه ذبيحة ً عنك ، سدد الثمن بدمه المسفوك عنك . وانت وقد قبلت فدائه وقد دخلت في عهد حياة معه ، قطعت معه ميثاقا ً ، والسماء شاهدة ً على ذلك الميثاق .

 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
506 - ترك المسيح عرشه في السماء ونزل الينا وعاش وعانى دنيانا وحياتنا . سار طريق الشوك والالم كله ، وواجه الرفض والاضطهاد والخيانة والانكار . واعتلى خشبة الصليب ، ثُقبت يداه وتمزق جسده ومات موت العار وهزم الموت . ثقب قبره ، انطلق غالبا ً الهاوية وارتفع عائدا ً الى السماء ، وهو يجلس الآن على عرشه يسمع صلواتنا ويستجيب لطلباتنا وابتهالاتنا . ترك الروح القدس ليسكن فينا ويلهج داخلنا ويشكّل صلواتنا ويشفع فيها . الروح القدس هو الطريق الموصّل بين الأرض والسماء الذي يكشف لنا فكر الله . الصلاة تخرج من قلوبنا وتعتلي أجنحة الايمان وتعلو صاعدة ً الى السماء الى عرش الله ، تبدأ في قلب الله وتحل بالروح في قلوبنا وتتصاعد بشفاعة الروح الذي يئن فينا بأناته . وهكذا تنشأ الصلاة في السماء ثم تصل الى السماء ، الروح القدس يعين ضعفاتنا " لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي . وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا." ( رومية 8 : 26 ) الصلاة شركة وعلاقة بالله . الصلاة موجات روحية تصعد الى عرش الله . حين نصلي ، نتصل بالله ، نتواجد في حضرته ، نحيا في رفقته ، نقيم في صحبته . ندخل الى محضر الله مصلّين لا لنطلب أو لنسأل أو لنأخذ بل لنكون معه . التواجد في حضرة الله هدف صلاتنا . التمتع بالاقامة في حضنه بين يديه . ونأتي اليه مصلين متمسكين بوعوده " اِسْأَلُوا تُعْطَوْا ........ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ " ( متى 7 : 7 ، 8 ) نمد أيدينا الفارغة ليملأها ويغترف من بركاته ويصبها في أكفنا ، يسدد احتياجنا . ونطلب وجهه ، نطلب التطلع اليه . وحين نطلبه نجده حاضرا ً معنا . حين نبحث عن صديق ، نجده الصديق ، حين نبحث عن معين ، نجده المعين . ونقرع بابه فيفتح لنا وندخل ونتعشى معه ونقضي الوقت معه . بعد صلب المسيح تشتت التلاميذ وهربوا ، وبعد قيامته خافوا واختبأوا . وفي مكانهم رفعوا وجوههم وصلوا فتزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه ، وامتلأ الجميع من الروح القدس ، وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة . حين تجد العالم يقف ضدك ، صلي . حين تجد الحياة مفروشة بالورود ، صلي . عندما يملأ الفراغ قلبك صلي ، عندما ترى الزحام يحيط بك صلي . في الحزن والصراع اذهب الى جثسيماني وجاهد في الصلاة مع المسيح . في اعماق الظلام والليل والسجن ارفع صوتك بالصلاة والتسبيح . اجعل حياتك صلاة في كل حين ، في كل وقت ، في كل ظرف ، صلي ، صلي ، صلي .

 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
507 - تمر بحياتنا ظروف ٌ سعيدة وايام هنية واوقات راحة فرحة . وتحل بحياتنا احداث صعبة وكوارث مؤلمة ولحظات تعاسة حزينة . نقبل الطيب بسعادة ٍ وفرح ، نرضى به ونعتبره مكافئة صلاح ٍ فينا نستحقها . ونواجه الرديء برفض ٍ وثورة ، بتذمر ٍ وتمرد ، بدهشة ، فنحن لا نستحق ذلك . نتلفت حولنا لنلقي اللوم على الغير ونوجه الاتهام ونعلل اسباب المتاعب بعلل ٍ مختلفة ، ضغوط العمل وثقل الواجبات ، غياب المكافأة وحلول العقاب من رئيس ظالم . المشاكل الاقتصادية وضيق ذات اليد وندرة الموارد بسبب سياسات حكومية . انحراف الابناء وسوء تصرفاتهم وافعالهم . انحراف المجتمع وسوء نظامه . حتى المرض والمشاكل الصحية والوعكات جلبتها التكنولوجيا الحديثة بتلوثاتها . سوء الأحوال الجوية ، البرد والحر ، الفيضان والعواصف من ثقب الأوزون . نتذمر ونشكو ونصرخ بالرفض للاسباب التي تجعل حياتنا صعبة . ننظر من وسط معاناتنا لمن حولنا ، نعاتبهم ونتهمهم ونتطاول عليهم وندينهم . تُصبح الحياة كراهية ً وحقدا ً ، صراعا ً وحربا ً وتزداد تعاسة ً وقسوة . واحيانا ً نتمادى في اتهاماتنا ونتطاول ونلوم الله نفسه عن ما يحل بنا . تتزايد شكوانا ونغرق في الشك في الله فيخبو ايماننا ويضعف . يعذرنا الناس أحيانا ً ويجدون تبريرا ً وعلة ً لعصياننا ورفضنا : مظلوم رئيسه يضطهده ، مهضوم ٌ القونين تنهشه ، مطحون ٌ الحياة تعتصره . فيخرج من داخلنا دخان ٌ وغبار ٌ اسود . دخان وغبار تمرد ٍ وعصيان وثورة . الظروف السعيدة تأتي الينا جميعا ً والاحداث السيئة تحل بنا بلا استثناء . الكل ، كل واحد ، كل انسان يواجهها ، لا مفر منها لمن يعيش حياتنا . لا تهم الاسباب ، الاسباب متباينة ، متعددة ، العبرة في كيفية التعامل معها ، هل نرفضها ونعترض عليها ونهاجم من نتصوره سببا ً فيها بحق ٍ أو بباطل ؟ هل ننفث غلنا فيهم ؟ هل ننشب أظافرنا في رقابهم ، نجرح ونمزق ونفترس ؟ أم نقبلها بصبر ٍ واحتمال ، نرفع وجوهنا الى الله ، مصلين ، مستنجدين ، شاكرين ، ونمد أيدينا الى من يمر في ظروف ٍ مماثلة ، نساعد ونجبر ونتعاطف ونتراحم ؟ . هذا يتوقف عليك ، أنت صاحب الاختيار والقرار ، في يدك المبادرة ، اما الحرب ومناطحة الصخور ورفس المناخس أو الرضا والقبول والشكر . مواجهة العاصفة ومصارعتها أو اختراقها والارتفاع فوق امواجها " اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ." ( متى 12 : 35 ) .

A-Igreja-Existe-Para-Ser-Missionaria.jpg
 

just girl

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
1 سبتمبر 2011
المشاركات
256
مستوى التفاعل
70
النقاط
0
جميلة ُ ُ جداً هذه تأملاتك .. راقية جداً شكراً لله ان كان لي حظ منها :) .. ربنا

يديك سؤال قلبك يارب استجب يا رب امين
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
جميلة ُ ُ جداً هذه تأملاتك .. راقية جداً شكراً لله ان كان لي حظ منها :) .. ربنا

يديك سؤال قلبك يارب استجب يا رب امين

شكراااا just girl
الرب يبارك حياتك
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
508 - تحيط بكل واحد ٍ منا حروب ، حروب ٌ ضارية ، ضروس ، عنيفة ، دامية . لا يوجد من هو معصوم ٌ من الصراع ، لا يوجد من يحيا دائما ً في سلام . والحرب غالب ٌ ومغلوب ، نصرة ٌ وهزيمة . وتحل بنا في حياتنا هزائم قاسية ، نجد أنفسنا مثخنين بالجراح ، مطروحين على الارض ، ننزف عارا ً مع الدماء ، ونتصور أن الله قد تركنا . البعض ييأس ويفشل ويلعق جراحه ، والبعض يصحو ، يتحرك روحه داخله ، يكتشف سقطته ويدرك خطيته ، يصحو من كبوته ، يرفع رأسه المنحنية ، يندم ، يتوب ، يبكي ويعترف . يعترف بابتعاده عن الله ، يطلب وجهه ، يسعى يترجى عفوه وصفحه . ويبادر الله ويرفعه من سقطته ، يقيمه من عثرته ، ينصبه ويرفعه . هكذا كان الشعب وقت هوشع النبي ، زلوا واخطأوا ، سقطوا وانهزموا . عاشوا في وادي عخور ، وادي الهزيمة وادي العار ، وادي القلب المنكسر . لا يوجد في وادي عخور أي صلاح ، لا يوجد الا الألم والحزن والبكاء والنحيب . الوادي يجذب المقيمين به الى اسفل الهاوية ، يهوي بهم الى اعماق ٍ سوداء ، ادرك الشعب خطيته ، اعترفوا بها ، تابوا وترجوا وجه الله ورحمته . وتدخل الله ، قال : " وَأُعْطِيهَا كُرُومَهَا مِنْ هُنَاكَ ، وَوَادِي عَخُورَ بَابًا لِلرَّجَاءِ. وَهِيَ تُغَنِّي هُنَاكَ كَأَيَّامِ صِبَاهَا ، وَكَيَوْمِ صُعُودِهَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ." ( هوشع 2 : 15 ) تحول وادي عاخور الى باب رجاء ، الظلام غزاه نور يبدد حلكته . السد العالي الذي يسد الطريق ، انزاح تحت طرقات الرجاء والأمل ، وارتفع صوت الغناء ، تبدل اليأس طربا ً ، والحزن تحول الى فرح . الخطية التي تودي الى الهلاك انمحت وغُفرت واختفت تحت نعمة الله ورحمته . الحكم بالموت الذي صدر عليها ، محاه غفران الله ولغاه ُ سماحه ُ ورضاه . ما أعظم حب الله ، ما أروع وأوسع رحمته ، حوّل وادي عخور الى وادي رجاء . ما اعظم نعمة الله ، ما أعجب وامجد معاملاته ، جعل البكاء انغام غناء .
حين تسقط في هوة الخطية ، حين تجذبك الى قاع دوامة اليأس ، حين تُقفل الابواب في وجهك ، حين لا تجد سبيلا ً للهروب من الهزيمة ، عندما يهجرك الأحباء والاصدقاء ، عندما ينفض عنك الناس ، عندما تجد نفسك ملقى ً في وادي عخور ، انتظر الرب ، ادعوه وانتظرهُ ، يأتي اليك وتمتد يده ، يملأ فمك ضحكا ً وقلبك رجاء ً وغناء ً.
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
509 - هل استقبلت اليوم مبكرا ً ؟ هل شاهدت مولده ؟ هل صحوت في الفجر ؟ تصاحب مولد اليوم رقصات من اشعة الشمس وموسيقى تغاريد الطيور . ما اجمل بداية اليوم ، ما ابهى قدومه ، هل فكرت أن تجعله كله جميلا ً بهيا ً ؟ قد يشوبه تصرفات من حولك وما حولك من افراد واحداث ، لكنك لو أردته جميلا ً بهيا ً تقدر ، لو سعيت الى ذلك وحاولت . الروح القدس متاح ٌ لك ، الروح القدس قادر أن يجعل يومك عظيما ً رائعا ً . الله أتاح لك حرية الاختيار ووفر لك الروح القدس ليحقق ما تختار . ماذا تختار ليومك اليوم ؟ ماذا تريد أن تحقق ؟ ماذا تريد أن تفعل ؟ أنا سأختار المحبة ، لن اسمح للكراهية أن تُفسد يومي . المحبة تطرد الحقد ، المحبة تُنتج حبا ً ، المحبة لا تسقط ابدا ً . وأختار الفرح ، سافرح اليوم كله ، سافرح كل حين . الفرح يملأ يومك باقواس قزح ، الفرح يغني ، يرنم ، يرتّل وينشد . ساختار السلام ، لن اسمح للصراع أن يعكر صفو يومي . إن قدمت السلام للناس ارتد لك منهم سلام ٌ وتسامح . واختار طول الأناة ، لن اشكو ، لن أتذمر ، لن أغضب ، لن أشتُم . الصبر مفتاح الفرج ، الصبر وطول الأناة يُطفئان نيران التوتر . ساختار اللطف ، اللطف نحو الجميع ، نحو الفقير المحتاج ونحو الغني الخائف . الوجه اللطيف يُشع صداقة ً تحتضن الجميع ، وتمد يدا ً حنونا ً نحو الناس . واختار الصلاح ، البر والطهارة ونقاء اليد والقلب وامانة النفس . الصلاح جدول ماء ٍ رقراق ، الصلاح يفجر مياه ً رطبة تُروي وتُريح . سأختار الايمان ، الثقة بالله وباعماله ، بعنايته ونعمته ، بمحبته ورعايته . فتنتظم الخطوات على الطريق ، تتحرك بيقين لا تتعثر أو تسقط . واختار الوداعة ، وداعة ً ايجابية تصد العنف وتطرده وتغلبه . الوداعة ليست ضعفا ً وخضوعا ً وتخاذلا ً ، الوداعة أقوى من الحرب . ساختار التعفف ، الترفع والتسامي صفة الروح الخالد ، الجسد من تراب والى تراب . لا تجعل الفاسد يحكم حياتك . بهذا يكون يومي جميلا ً بهيا ً ، بهذا يصفو ويمتلأ بالبهجة . أعطاك الله اليوم واعطاك الاختيار لتشكله كما تريده . إن امتلئت بالروح ، امتلأ يومك بالمحبة والفرح والسلام ، بطول الأناة واللطف والصلاح ، بالايمان والوداعة والتعفف .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
510 - ما أن خطوت ُ أول خطوة الى العلاقة الشخصية مع الله ، ما إن أصبحت حياتي وارادتي وقلبي ملكا ً خالصا ً له حتى دخلت ُ دائرة نعمة الله ، اصطبغت بصبغته وحملت ُ علامته . منذ ذلك الحين أصبح ماضي َّ وحاضري ومستقبلي كله ، شأنه . كل ما اقترفت يداي من آثام في الماضي ، كل خطاياي قد غُفرت . كل ما سيحدث لي في المستقبل ، كل أيامي المقبلة ، كلها في يده . لا لن التفت الى الماضي نادما ً ، لن التفت الى الخلف أبدا ً . لا لن اتلفت متوجسا ً مرتعبا ً من المستقبل ، لن أخشى الغد . عن الماضي يقول ربي : " قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ " ( اشعياء 44 : 22 ) وعن المستقبل يقول الهي : " لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ . لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ " ( اشعياء 41 : 10 ) . بعد أن تحررت ُ من قيود الماضي ، بعد أن تكسرت قيودي ، أنا حرٌ بلا قيد . بعد أن ضمنت المستقبل وأمّنت ُ أيامه ، أنا قوي لا ترهبني مجاهيله . كل ما افعله الآن هو أن اركز في الحاضر ، أحياه وأعيشه . أسير بل أقفز خفيفا ً فوق الاحداث بمرح وثقة واطمئنان وايمان . ايمان من لا ماضيا ً مشينا ً له ، ايمان من له مستقبل مضيء آمن . اذا تلفت ُ الى الخلف لا أرى ظلاما ً اسود ، لا أسمع صرخات ثأر ، خلفي نور غفران الله يضيء ماضي َّ ، خلفي هتاف الله " مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ " . لا تحيط برقبتي قبضة العار . لا تقيد يدي َّ ورجلي َّ سلاسل الشعور بالذنب . كل ذنوبي مُحيَت ، كل آثامي غُفرَت ، كل خطاياي أُلقيت في بحر النسيان . واذا امتد بصري الى الامام لا أرى ظلاما ً ، لا اسمع طنين خوف المجهول . أمامي نور عناية الله يضيء طريقي ، أمامي مجد الله يفتح لي الابواب . لا يفزعني خوف ٌ محتمل ، لا أتوجس من شر ٍ قابع عند منحنى الطريق . قد لا اعرف الطريق ، لكنني اعرف من يسير معي على الطريق . لا تحمل ماضيك على كتفيك ، ألق ٍ أحمالك تحت قدميه . لا تنحني تحت أثقال خطاياك ، انفضها عنك ، ارمهما بعيدا ً عنك ، فيه هو غفران كل الخطايا ، لا شيء من الدينونة الآن عليك ما دمت في المسيح . لا شيء الآن يثقّل خطواتك ويعوق تقدمك . اقفز الى المستقبل مرحا ً ، فالمستقبل لك ، المستقبل مضمون ، مأمون . لا تنظر الى الماضي ولا المستقبل ، ركز نظرك في الحاضر . ولا تبالي بالاحداث حولك ، لا تجعلها تعكّر صفوك ، لا يهتز قلبك فــ " نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ " ( رومية 8 : 28 ) .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
511 - كان الفتى معجبا ً بالمسيح ، آمن به ، كلماته وجدت صدى ً في قلبه ، واعماله أذهلته . سار ورائه في كل مكان ذهب اليه ، سار وسط الجموع خلفه من بعيد ، عيناه تتابعان حركاته ، وأذناه تبتلعان كلماته ، كان مأخوذا ً به ، مفتونا ً . كان يحلم أن يتبع المسيح ، أن يكون تلميذا ً له ، كم سيكون ذلك رائعا ً ، يشاركه في مجده ِ وعظمته ِ وقدرته . يتدفق الخبز والخير من بين اصابعه . يأمر الأعرج فيمشي ، الموج فيسكت ، الأعمى فيبصر ، الميت فيقوم . يحكم العالم كله ويملك المسكونة ، ويكون له عرش ٌ بجواره في الأبدية . تجرأ واقترب منه ، شق الزحام حوله وتقدم الى الأمام ووقف قبالته ، وبعزم ٍِ واصرارٍ واقرار ٍ قال : " يَا سَيِّدُ ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي " ( لوقا 9 : 57 ) نظر المسيح بكل عينيه الى عينيه ورأى أحلامه ُ وتصوراته وطموحاته ، فقال له برقة : " لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " كل الأرض له ، السماء أيضا ً له وليس له أين يسند رأسه . إن كانت رأس المسيح ليس لها مكان ، فماذا يكون مصير رأسه ِ هو ؟ واستدار عن المسيح ورجع . كثيرون يتصورن الطريق خلف المسيح مفروشا ً بالورود . طريق اتّباع المسيح ليس سهلا ً . قال : " إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي ، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا " ( متى 16 : 24 ، 25 ) اتّباع المسيح ليس سهلا ً ، لكنه أيضا ً ليس مستحيلا ً ، ليس تعجيزا ً . المسيح لم يسير في طريق ٍ معبد ، طريقه هنا على الأرض كان وعرا ً . واجهته صراعات من الأهل ، من الخاصة ، من المعارضين والاعداء . وتقدم نحو هدفه ، تقدم الى الجلجثة ، اعتلى الصليب ومات ، وحسب خطة الله ومشيئته تحول الصليب عرشا ً وقفز من القبر منتصرا ً على الموت . المسيح حين يدعوك أن تتبعه لا يدعوك الى نزهة ، لا يدعوك الى الراحة . المسيح يدعوك لتسير خلفه في الطريق الوعر ، الطريق الضيق الى الحياة الأبدية ، يدعوك الى الصراع ، الى المعاناة ، الى الاضطهاد ، الى التحدي ، ولا يقبل التحدي الا الأقوياء ، الواعين ، المدركين ، العارفين المسيح ، الذين يعرفون معنى الكلمات :
" مَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا." ( متى 16 : 25 )
" وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي ، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. " (متى 19 : 29 ) .
اتّباع المسيح ربح ، ربح ٌ عظيم " لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ ؟ " ( متى 16 : 26 ) .

 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
512 - ما أن دخلت الثمرة المحرمة جوف الانسان ، حتى دخلته الخطية ولوثت داخله . أحدثت الخطية فيه ما لم يحدث له من قبل ، ناداه الرب فخاف منه واختبأ . لم يعرف الخوف الا بعد أن اقترف الخطية . ملئه الخوف واحتواه بجناحيه السوداوين . منذ ذلك الوقت ولا ينجو انسان من الشعور بالخوف ، الخوف الذي يحصره ويعصره . ونحن نعيش الخوف كل ساعات اليوم ، لا تخلو ساعة من هجمات خوف ٍ علينا . في كل ركن ٍ مظلم نتوقع خطرا ً فنخاف ، وخلف كل منحنى ً في الطريق مجهول ٌ خفي فنرتعب . ترتعش أوصالنا وتتلوى أمعائنا وترتجف ركبنا ، وتتمزق عقولنا من الخوف . لا ينجو أحد من الخوف ، اشجع الشجعان يخاف ، الشجاعة حسن مواجهة الخوف . من حقنا أن نخاف ، لنا الحق أن نخاف فنحن بشر لكن ليس لنا أن نستسلم للخوف . عاش داود النبي هاربا ً من الملك شاول ، كان ينام مفتوح العينين خائفا ً ، كان يتصور انعكاس ضوء القمر على ورق الشجر نصلا ً موجها ً نحوه لقتله . صوت دبيب الحشرة بجوار اذنه أقدام جنود شاول جاؤوا يفتكون به . في وسط خوفه كان يرفع وجهه الى الله يصلي : " طَلَبْتُ إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لِي ، وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي . " ( مزمور 34 : 4 ) كان يستدعي الله ليكون معه وسط خوفه . لم يشعر بالامان الا والله معه " إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا ، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي " ( مزمور 23 : 4 ) . وسط العاصفة في منتصف الليل والظلام يغطي البحر والسفينة والتلاميذ ، صارعوا الأمواج وصرعتهم الأمواج ، قاوموا الريح وكسّرت الريح شراعهم . وسط هدير الموج ، وسط زئير الرعد ، وسط طعنات البرق ، وسط الزوبعة ، جاء المسيح ماشيا ً على الموج ، فوق البحر ، فوق العاصفة ، فزاد فزعهم وخوفهم . هدر صوته وعلا فوق كل صوت ، قال لهم : " أَنَا هُوَ، لاَ تَخَافُوا " ( يوحنا 6 : 20 ) وهرب الخوف بحلوله ، جمع اذيال ثوبه وجرى واختفى حين رأوا المسيح .
وسط العواصف التي تحل بك يأتي المسيح ويقول : " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " في أعماق الهاوية التي لا قرار لها واقدامك لا تجد موطئا ً لها يقول : " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " وسط المعركة الروحية الرهيبة حولك والاسلحة مشرعة ضدك ، تسمع " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " وانت ملقى ً ضعيفا ً عاجزا ً والموت يحوم حولك ، يقول لك : " لاَ تَخَفْ آمِنْ فَقَطْ " كن شجاعا ً ، الشجاعة تأتي اليك حين تراه بعين الأيمان معك . لا تخاف الخوف ، الخوف ليس قاتلا ً ، لن يقتلك الخوف ابدا ً . واجه الخوف بالايمان ، انتظره تجده بجوارك .
 
أعلى