499 - رأى المسيح يعلّم الناس انكار الذات ومحبة القريب وغفران الزلات ، فاقترب منه وعرض عليه مشكلته . كان هناك ميراث ٌ بينه وبين أخيه . أراد أن يتدخل المسيح بينهما قاضيا ً وحكما ً . قال له : " قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ " ( لوقا 12 : 13 ) . نظر المسيح اليه ، اخترقت نظراته قلبه ، كشفت داخله وعرف ما به فقال : " انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ " الطمع يقتل محبتك لاخيك ، الطمع يدفعك لان تسعى للحصول على القسم الاكبر . الطمع يوجد صراعا ً . الطمع جشع . الطمع ظالم ٌ ، قاس ٍ . الطمع لص ٌ يسرق الحقوق . حين تطمع في أخيك تسعى لأن تأخذ أكثر من حقك وتحرمه من حقه . الطمع تركيز ٌ على النفس . الطمع محبة ٌ للذات . الطمع يحمل في طياته غيرة ً وصراعا ً . لو لم يكن قلب ذلك الرجل مملوء ً بالطمع لما لجأ الى المسيح يحتكم اليه في قسمة الميراث . لو كان قلبه عامرا ً بالمحبة الاخوية لعرف كيف يقتسم الميراث مع أخيه دون وسيط . كان فكّر في العطاء قبل الأخذ . كان يقدّم لا يُحجم . كان يمد اليد لا يقبض اليد . محبة المال تنتج الطمع . محبة المال تدفع الى الصراع والكراهية ومحبة الذات . حذرنا المسيح من محبة المال . المال سيد ٌ قاس ٍ أناني . " مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ " ( 1 تيموثاوس 6 : 10 ) . يتصور البعض إن في المال أمانا ً ، يتصورون أن الحصول عليه واكتنازه ضمان ، لكن المسيح بادر الرجل والمستمعين بقوله : " مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ " ( لوقا 12 : 15 ) مال الدنيا كله لا يستطيع ان يضيف الى حياة من يحصل عليه يوما ً واحدا ً . لم يحيا الانسان بسبب مال ٍ كثير ٍ يقتنيه ولن يموت انسان بسبب عدم وجود مال لديه . وضرب المسيح لذلك مثالا ً : غني اخصبت كورته ، زادت ثمارها وجاء الحصاد وفيرا ، هدم الاسوار ووسع المخازن وجمع الغلات والخيرات ، واستراح لما جمع واطمأن ، هلل للسنوات الكثيرة التي امامه ، ينعم بما جمع ويفرح بالمأكل والمشرب والمال الوفير . وجائت الساعة ، حلت ساعته . في ليلة اطمئنانه ناداه المنادي يطلب نفسه ( لوقا 12 ). مهما امتلئت ايدينا من خيرات يأتي وقت ٌ ترتخي الايدي ، تنفتح الاصابع وينفلت ما بينها ويسقط وتذهب اليد منبسطة فارغة تقبض الهواء . ايها الغني لا تفرح وتتكالب على الثروة ، المال يطير كالدخان . ايها الفقير لا تبتئس وترثي لحالك ، التذمر لا يُجدي .