430 - كان الرسول بولس قبل الايمان رجلا ً ذا مكانة ٍ متميزة وموقع ٍ اجتماعيٍٍّ هام . كان طرسوسيا ً رومانيا ً ، عبرانيا ً ، اسرائيليا ً من نسل ِ ابراهيم ، وكان فريسيا ً وقائدا ً دينيا ً ممتازا ً له صولات وجولات في المحافل ، وكان مرهوبا ً من الجميع يخشاه الكبير والصغير ، كان مهابا ً محترما ً . كل ذلك لم يفتخر به بولس الرسول برغم ان له كل الحق ان يفتخر به . قال : " فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. " الصليب الذي لم يكن يفتخر به احد ٌ افتخر به بولس الرسول لانه اكتشف فضل معرفة المسيح . قال :" مَا كَانَ لِي رِبْحًا ، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً . بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي ، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ " . لم يفتخر انه من نسل ابراهيم ومن سبط بنيامين ، عبراني ٌ من العبرانيين ، لم يفتخر انه من جهة الناموس فريسي ومن جهة البر الذي في الناموس بلا لوم بل افتخر بالمسيح ، افتخر بصليب المسيح ، افتخر بمعرفة واتباع المسيح . ويقول ايضا : " لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ . لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ. " . أُعطي شوكة ً في الجسد وحين تضرع ليرفعها الله قال له الله : " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " . افتخر بولس الرسول بالصليب رمز العار ، وافتخر بولس الرسول بالضعفات ِ والضيقات ِ والاضطهادات ، وهو تحت وطأة العار والضعف والاضطهاد والعجز ، وهو وسط ذلك كله نراه يفتخر ويُسر ، يفتخر وذلك لانه لاجل المسيح ولان فيه المسيح . حين تمتد ايدينا ولا نجد ما نتعلق به ، حين نمسك الهواء والفراغ ، حينئذ ٍ تمتد لنا يد الله نُمسك بها ونتعلق . حين ينفض كل من حولنا هو يبقى . الشوكة ُ تُدمي ، تُؤلم ، تقتل ، تُقيّد ، توجع ، ويرسل الله النعمة ، ترفع ، تشفي ، تحرر ، تُسر . وكما سُر بولس بالضعفات افرح انت واشكر ، وكما افتخر بولس بالصليب افتخر انت واسعد وابتهج . في الضعف تظهر قوة الله ، قوة ترفعك الى قمة النصر . في الصليب يظهر مجد الله ، مجد ٌ يدفعك الى الرفعة ِ والفخر . هذا سر المسيحية ، اهانة تجلب الشكر ، وهذا سر الصليب عار ٌ يقود ُ للفخر . اشكر للضعف وافخر بالصليب .