تأملات وحكم

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
653 - حين يحل الظلام تصعب الرؤيا . نظرة العين لا تقدر على اختراق الظلام . ونرتعب ، نخاف . كلما امعنا النظر نرى خيالات مفزعة تتحرك وتعمل في الظلمة ، ونغمض عيوننا فلا فائدة منها . انتفت القدرة على البصر ، عيوننا لا تبصر . وتتحرك قلوبنا وعقولنا ونستعيض بها عن البصر ، نرى ببصائرنا ، نرى في الظلمة نورا ً ، نرى وسط الظلام نور الله ، نرى الله . الظلام لا يخفي الله عن عقولنا وقلوبنا حتى ولو لم تره عيوننا . هو دائما ً هناك ، هو يظهر نوره ابهى وسط الظلام ، هو دائما ً هناك ويرسل قدرته لنا وقت الضعف . حين تحيط بنا التجارب وتشل حركتنا يرفعنا بجناحيه فنطير . حين يحل بنا الحزن والمرض والالم ينزل الينا ويرافقنا . وسط حمأة اليأس والشك والفشل نرى مجده . وسط ظلمة الموت ورائحته الكريهة نجده قائما ً . مات الملك عُزِّيَّا الملك الطيب الصالح . مات الملك ، مات . وفي مواجهة موت الملك وقف اشعياء النبي حزينا ً يائسا ً ، لكنه في لوعته وانهياره رأى السيد ، رأى سيده ، وسيد الملك عُزِّيَّا . رآه ، رأى السيد جالسا ً على العرش ، رأه على كرسي ٍّ عال ٍ ومرتفع . كان عُزِّيَّا الملك سندا ً لاشعياء النبي ولما مات ضاع السند ، لكن الله ملك الملوك جاء واصبح سندا ً له . سندا ً لا يعادله سند . كان عُزِّيَّا الملك يحتل كرسي المملكة ويجلس على عرشها . لكن الله يحتل كرسي الارض والسماء ويجلس على عرشهما . مات الملك ليرى اشعياء الله الحي قائما ً حيا ً الى الأبد . في حياة الملك كان اشعياء يركز اعتماده على انسان محدود القدرة والسلطان ، وفي موت الملك استطاع اشعياء ان يرى الله اللامحدود القدرة والسلطان . رأى السرافيم واقفين ينادون : " قُدُّوسٌ ، قُدُّوسٌ ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ . " ( اشعياء 6 : 3 ) اعظم واعلى وابهى من من كل امجاد الملوك . حين يحل بك الموت لا تفزع فالله هناك ، والله حي . لو مات كل من نعتمد عليهم لا تخف ، الله هناك ، الله لا يموت . انظر بعينيك مخترقا ً الظلام الاسود ، لا تنظر بعينيك ، انظر بعقلك وقلبك وايمانك تره يطرد الظلام ، تره جالسا ً على كرسي ٍّ عال ، كرسي ٍّ مجيد ومرتفع . الله لا يسمح بالظلام ليعمي عينيك . الله يريد\ك في الظلام ان تفتح عينيك لتراه . الله لا يسمح بالموت ليكسر قلبك ، الله يقودك لأن تعرفه حيا ً الى الابد .

 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
654 - ننظر حولنا فنرى الاشرار ينجحون ، يرتعون في الملذات ويتمتعون . نجد الظالمين على الكراسي العالية ، يتمادون . اللصوص يغتنون ، يمتلكون ويكتنزون ، يلهون ، يأكلون ويشربون . والاخيار الابرار يعانون يتألمون يقاسون يًطحنون ، يلقون في الظلام يقيدون يُضربون بالسياط . والشرفاء معوزون فقراء محرومون . يعيشون جياعا ً عطشانين . وندهش ونفزع ونغار كما يقول المرنم في مزاميره " غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ ، إِذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ الأَشْرَارِ. لأَنَّهُ لَيْسَتْ فِي مَوْتِهِمْ شَدَائِدُ، وَجِسْمُهُمْ سَمِينٌ. " ( مزمور 73 : 3 ) حتى ادرك وفهم عندما دخل الى حضرة الله وهناك انفتحت عيناه . يقول : " حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ اللهِ ، وَانْتَبَهْتُ إِلَى آخِرَتِهِمْ. " ادرك وفهم ان العبرة ليست الآن بل العبرة في الآخرة التعسة . يقول : " حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى الْبَوَارِ. " فكل تجبر اليوم يقودهم الى العذاب الابدي . كل ما يحصلون عليه اليوم يصبح قشا ً يُحرق في النار . كالغني الذي عاش متنعما ً مترفها ً في حياته يلبس البز والارجوان ولعازر مطروح عند بابه مضروب بالقروح جائعا ًلا يحصل على الفتات ، ومات وحُمل لعازر الى حضن ابراهيم والغني ألقي في الجحيم . وحين طلب الغني من ابراهيم أن يرسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء ليبرّد لسانه ، فهو معذب ٌ باللهيب ، اجابه ابراهيم : انه قد استوفى خيراته في حياته واستوفى لعازر البلايا ، والآن الواحد يتعزى والآخر يتعذب . هكذا يستوفي الاشرار افراح الحياة وملذاتها الفانية . وخين يذهبون الى الحياة الدائمة الباقية يتعذبون .. لو ادرك الناس ذلك لما تمادوا في ظلمهم وغيهم وشرهم . ولو ادرك الابرار ذلك ايضا لما اندهشوا وفزعوا وشعروا بالغيرة . ما يحدث هنا مؤقت ، عمره قصير ، يظهر قليلا ً ثم يضمحل ، أما هناك فدائم ٌ لا نهاية له ، باق ٍ أبدي لا ينتهي . لا تغر من الاشرار فنهايتهم مخيفة مرعبة ، واسلك سلوك الابرار فنهايتهم مجيدة رائعة . يقول داود النبي : " لاَ تَغَرْ مِنَ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَحْسِدْ عُمَّالَ الإِثْمِ ، فَإِنَّهُمْ مِثْلَ الْحَشِيشِ سَرِيعًا يُقْطَعُونَ ، وَمِثْلَ الْعُشْبِ الأَخْضَرِ يَذْبُلُونَ . ........... لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ. أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ. " ( مزمور 37 ) .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
655 - ونحن نعبر الحياة نسير احيانا ً مع التيار واحيانا ً ضد التيار .. أحيانا ً يكون الجو صحوا ً والريح تهب معنا واحيانا ً تكون الريح مضادة ، فإذا سرنا مع التيار سهل سيرنا وكان العبور مريحا ً ميسورا ً ، واذا ابحرنا والريح معنا ، تملأ قلوعنا وتدفعنا نحو مقصدنا بسلاسة وسرعة . والعكس حين يكون التيار ضدنا والريح فنقاوم ونقاسي ونصارع ونكافح . وقد يكون التيار الذي معنا تيار العالم الذي يبدو معنا ويقودنا الى حيث لا نريد . وقد تكون الريح التي تهب تملأ قلوعنا ريحا ً مخادعة تدفعنا الى حيث لا نذهب . وحين نكتشف ذلك ، وطوبى لمن يكتشفه مبكرا ً ، نشمر عن سواعدنا ونقاوم . ويطول الصراع او يقصر ، لكننا في ذلك كله ننظر الى الله نترجى عونه ومساندته ، وتتعالى الامواج وتصخب الريح ويهدر الرعد ويلمع البرق ونرتعب ونخاف ، لكننا في استمرارنا في المقاومة وفي حرارة طلبنا عون الرب يجيء . يجيء حتى في الهزيع الرابع ، حتى حين يهاجمنا اليأس ، حتى حين يغزو قلوبنا الشك . حينئذ ٍ وقبل أن نخور ، قبل أن يجرفنا التيار ، قبل أن تحطم سفينتنا الريح يجيء . يجيء بقدرة ٍ ، يجيء بقوة ٍ ، يجيء ماشيا ً على البحر فوق الريح والعاصفة . لكننا احيانا ً نختار التيار السريع والريح السهلة . نرتب لانفسنا حياتا ً تتفق وميولنا ورغباتنا وشهواتنا . ونركب التيار نسترخي ونسلم أنفسنا ومصيرنا لتيار رغباتنا . ونتعلق بالريح ، نترك مجاذيفنا ونستسلم للريح الذي يهب وفق شهواتنا . ولا نفيق الا وقد جذبنا التيار وحملنا واندفع بنا نحو الشلال . ولا نستيقظ الا وقد دفعنا الريح واندفع بنا في اتجاه الصخور .ونقفز ، نقاوم ونصارع ونحاول تتغير الاتجاه والعودة الى الطريق . وفي خضم الصراع نرفع اعيننا نطلب عون الله وخلاصه . ويجيء ، يجيء في وقته قبل أن يبتلعنا الشلال وقبل ان تحطمنا الصخور . عينه دائما ً علينا لا تغفل ولا تنام . دائما يوجد عند متناول طلباتنا .. إن كان التيار الذي يجرفك من التجارب حولك أومن اختيارك وحدك . إن كانت الريح التي تدفعك من الخارج أو من داخلك ، فاصرخ اليه يجيء ويأتي ويعين ويخلّص . قد يتأنى لتقوية ذراعيك . قد لا يقبل في الهزيع الأول أو الثاني أو الثالث لتثبيت ايمانك لكنه لا بد سيجيء . انظر اليه عبر التيار تره ، اخترق الريح تجده .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
656 - في حياتنا المسيحية نواجه تجارب وحروب واضطهادات متنوعة ، وهذه التجارب قاصرة على المؤمن الذي يتمسك بحياته المسيحية وشهادته . وليس من السهل تفادي هذه التجارب أو الهروب منها . هي ليست بسبب سلوك نغيره فننجو منها . هي بسبب حياة نحياها لا يسهل تغييرها فلا نجاة . هذه التجارب لا لما نعمله بل لما نكونه ، لا لفعل ٍ بل لكون ٍ . والدخول الى هذه التجارب اختياري بلا فرض ٍ أو الزام ، ففي انكار الايمان نجاة وفي الاصرار عليه معاناة . ويختار المؤمن الاصرار والمعاناة ، يختار الباب الضيق الشاق . الباب الضيق الشاق يقود الى حياة ابدية مجيدة منتصرة . كالباحث عن الماس يسلك طريقا ًضيقة مظلمة بحثا ً عنها ، ينزل الى اعماق المناجم الخطرة ويمزق اقدامه وأكفه بين أحجارها . وبعد جهد ٍ وجهاد يبرق وسط الظلام لمعان الماس يخطف العين وتلمسه اصابعه وتتفحصه اعينه ويسعد به قلبه ويمتلئ بثمنه جيبه . ولا احد يرغم الساعي الى الماس لينزل الى اعماق الظلام ويعيش فيه ، ينزل باختياره الحر وارادته المطلقة ، هكذا المؤمن ينزل الى هاوية التجربة ، ينزل حاملا ً حياته على كفه مدفوعا ً بحبه واصراره واخلاصه ورغبته في الشهادة ، يعلم ان هناك كراهية ً وبغضة ً وظلمة وصعابا ً واضطهادا ً . وقال المسيح : " إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ . لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ." ( يوحنا 15 : 18 – 19 ) و لك ان تختار العالم لابوابه المتسعة وبطرقه الرحبة وتلهو في الحياة بلعب الاطفال الملونة الرخيصة المصنوعة من احقر المواد أو ان تختار المسيح وبابه الضيق وطريقه الكرب وترمي لعب الاطفال ذات الالوان الرخيصة وتسعى بحثا ً عن الماس الثمين . تودّع الراحة والاستلقاء والخمول وتقبل التجارب والصعوبات والآلام . " طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ. " ( يعقوب 1 : 12 )
" لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ." ( فيلبي 1 : 29 ) لك الاختيار الحر بين لعب الاطفال واحجار الماس ، لك الاختيار الحر بين العالم والهلاك أو المسيح والاكليل . لك الاختيار الحر بين الراحة هنا والعذاب هناك أو العذاب هنا والمجد هناك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
657 - أخذ الرجلان يبنيان بيتيهما .. اختارا الارض التي يبنيان عليها .. مد احدهما معوله وتحسس الارض التي سيحفرها ليضع اساس بيته . اصطدم المعول بصخور جامدة واحجار ٍ صلبة وتحرك بعيدا ً الى الارض الرخوة . غاص معوله في الرمل الرقيق السهل الهين وبدأ يحفر ويضع الاساس ، ومد الآخر معوله وتحسس الارض واختار الصامد منها ، الجامد . وجد احدهما الحفر سهلا ً والعمل هينا ً وعلا بناء بيته ِ بسرعة ٍ ويسر . اما الآخر فبذل الجهد والعرق وهو يحطم الصخر ويخترق الحجر . وبعد ان اتم كل منهما البناء هبت الرياح ونزل المطر وجائت الانهار وصدمت البيتين وسقط البيت المبني على اساس رملي وكان سقوطه ُ عظيما ً . وصمد البيت القائم على اساس صخري ، حفظ البيت وصاحبه العاقل . قال المسيح : "فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. "( متى 7 : 24 ) وحولنا رمال ٌ كثيرة ، الحياة مليئة بارض ٍ صفراء رملية يسهل الارتماء عليها والاعتماد عليها ، تخدعنا بانبساطها واتساعها . وحولنا اراض ٍ صخرية تتسع شامخة صامدة ثابتة ً جامدة . إن سمعت ما تسمعه الآن ، اقوال المسيح الغالية الثمينة ورفضت العمل بما تسمع او أعجبت وتعجبت ثم تحولت وابتعدت فبنائك يسقط ، حياتك مبنية على اوهام وخداع ٍ وسراب . كل تعاليم العالم وفلسفاته . كل نظرياته وايديولوجياته رمال . اسمع ما يقوله المسيح وما يعلّمه ، استوعبه ، افهمه ، اتبعه ، تبني حياتك على صخر لا تهزه الزلازل ولا تجرفه عواصف . الربان الماهر هو الذي يحدد طريقه بالبوصلة ويتجه الى الطريق . لا يحيد عن الاتجاه الواحد المعين يسرة ً أو يمنة ، يسير كما تحدد البوصلة . كلام المسيح وتعاليمه ، كلمة الله وكتابه المقدس بوصلة أمينة آمنة ، حدد اتجاه حياتك عليه . سر في الاتجاه بثبات واصرار وايمان . لا تنظر حولك ، لا تغرك الاضواء اللامعة التي تظهر وتختفي . لا تنجذب نحو الاصوات الصاخبة ولا الندائات الخادعة . سر في الاتجاه الواحد الذي ضبطت حياتك عليه طبقا ً للبوصلة . بوصلة كلام الله وتعاليم المسيح وطريق الحياة الابدية . اسمع واستوعب ، اقبل الكلمة التي تسمعها الآن بقلب ٍ مفتوح ، بعقل ٍ حكيم واعمل بها بارادة رشيدة وعزم ٍ قوي ثابت . لا تسمح ان يجرفك شيء بعيدا ً عن الطريق ، طريق المسيح . لا اغرائات ، لا ضيقات ، لا نجاح وفشل ، لا شيء . سر في اتجاه واحد ، اتجاه الاقوال التي تسمعها الآن . لا تحد عنه . ابني بيتك على الصخر . ابعد عن الرمل .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
658 - تتراكم علينا الصعوبات . تتساقط علينا التجارب كالاحجار من كل جانب . من اليمين تهب رياح عاصفة عاتية ، من اليسار تزأر وحوش ٌ مفترسة كاسرة ، من امام ومن خلف . من كل الجهات تحل بنا الشدائد والضيقات . لا احد معصوم ٌ منها ، لا أحد . حتى المسيح نفسه كان رجل اوجاع ٍ ومختبر الحزن . البعض ينهار وينجرف ويهلك والبعض يصمد ويقاوم ويثبت ولا يسقط . البعض يشكو ويتذمر ويئن والبعض يمجد الله ويسبح ويرنم ويشهد . يقول الوحي المقدس على لسان اشعياء النبي :" فِي الْمَشَارِقِ مَجِّدُوا الرَّبَّ. فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ مَجِّدُوا اسْمَ الرَّبِّ " ( اشعياء 24 : 15 ) اي في كل شيء وفي كل حال مجدوا الرب . في اليسر نمجده وفي العسر ايضا نمجده . في الفرح نمجده وفي الحزن ايضا نمجده . في القوة نمجده وفي الضعف ايضا نمجده . في الانتصار نمجده وفي الهزيمة ايضا نمجده . في كل الحالات نمجد الله وننتصر ونظفر ، نتغلب على المرض في المرض . نتغلب على الظروف القاسية في الظروف القاسية ، نتغلب على الموت في الموت . تقاس ديانة الانسان وايمانه بالله واتكاله عليه بما يظهره في اوقات الضيق . امسكوا بالفتية الثلاثة وقادوهم نحو النار والقوا بهم مقيدين في الأتون . كيف لا يسجدون لتمثال الملك الذي صنعه ؟ كيف لا يعبدون تمثال الذهب ؟ . واكلت النار واحرقت الرجال الذين اقتربوا من الاتون . وهم يلقون بهم . وفي النار كان الفتية الثلاثة يتمشون محلولين . احرقت النارقيودهم فقط . ساروا فرحين في رفقة ابن الآلهة . ساروا يمجدون الله الذين تمسكوا به . وخرجوا من النار بلا قيود . خرجوا وصوت الملك يعلن في مملكته جميعها ، يعلن ان الرب هو الله ، وبارك الله ومجده ، هكذا مجدوا الله وسط النار . حين تمر بالتجارب ، حين تُلقى في أتون الشدائد مجّد الله ، اعلن تمسكك به ، فقد لا تحرق نار التجارب شيئا ً الا القيود التي تقيد يديك ورجليك ..... وفي وسط السجن والظلام ، في منتصف الليل صعد صوت صلاة وتسبيح . كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله ، وسمعهما من حولهما . سمعوا اصوات التسبيح والتمجيد ، سمعوا وشاركوا تمجيدهما لله . وكان ظلمة السجن وقسوة القيود وشدة الألم الحانا ً لمجد الله . وكانوا شهادة وجذبا ً لمن سمعوا فانضموا اليهم مؤمنين ممجدين . الوتر المشدود يخرج اعذب الالحان . الاتون المحمى سبعة اضعاف يعلن مجد الله .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
659 - يتكلم الله ونسمع كلامه ونفهمه ونصدقه ونثق فيه ونؤمن به . الثقة بكلام الله إيمان ٌ بالله ، صاحب الكلام ومصدره . الايمان لا يعتمد على الاحساس ، لا يرتكز على الظواهر ، الايمان يعتمد على الثقة بكلام الله والايمان بوعود الله . داود النبي عاش حياته كلها معتمدا ً على الله وكلامه ..يقول : " اتَّكَلْتُ عَلَى كَلاَمِكَ." ( مزمور 119 :42 ) ابراهيم لم يهتز ايمانه ولم يضعف اعتماده على الله لأنه وثق بكلام الله . كان سمعان بطرس ورفاقه قد تعبوا الليل كله ولم يصطادوا شيئا ً . وقال المسيح له : " ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ لِلصَّيْدِ " ( لوقا 5 : 4 ) واطاع بطرس وقال : " عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ " وعلى كلمته اتكل وفي كلمته وثق " وَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ أَمْسَكُوا سَمَكًا كَثِيرًا جِدًّا، فَصَارَتْ شَبَكَتُهُمْ تَتَخَرَّقُ " ..... مد المسيح يده وأخذ من الارض طينا ً وطلى عيني الاعمى بالطين وقال له : " اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ " ( يوحنا 9 : 7 ) وسار الرجل والطين يزيد عماه عمى . سار الطريق كله ، تحسس الطريق الى البركة ، اتكل على كلمة المسيح وذهب ، واغتسل ، نظف عينيه من الطين بالماء وفتح عينيه وابصر . يُسر الله بالايمان به وبكلمته " بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ " ( ( عبرانيين 11 : 6 ) الايمان المهتز الضعيف لا يمجد الله ، لا يُسعد الله ، لا يُفرّح قلب الله . كان توما تلميذا ً صالحا ً للمسيح ، تبعه وسمع كلامه وعاين اعماله ومعجزاته لكنه كان يعتمد على الاحساس ليصدّق ، يتكل على الظواهر ليؤمن . في لحظات الوداع الاخيرة حدثهم المسيح عن رحيله وصعوده الى السماء ، وانبرى توما يسأل : " يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟ " ( يوحنا 14 : 5 ) وقال له المسيح : " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي." ( يوحنا 14 : 6 ) اراد توما شيئا ً ملموسا ً محسوسا ً فقال له المسيح بعتاب : " لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. " معرفة الله ومعرفة المسيح بالايمان ، بالثقة ، بالتصديق ، بالاتكال على كلمته . وبعد ان قام المسيح من الموت وظهر لتلاميذه ولم يكن توما معهم ، قال : " سَلاَمٌ لَكُمْ " ( لوقا 24 : 36 ) حين قصوا عليه ذلك اعترض وقال : " إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ»." ( يوحنا 20 : 25 ) اراد ان يرى بعينيه ويلمس باصبعه ويتأكد فيؤمن . وظهر المسيح ثانية ً لهم وقال له : " هاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا " فشغر توما بالخجل وقال : " رَبِّي وَإِلهِي " فقال له المسيح : " لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا " ( يوحنا 20 : 29 ) ......
" الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى " ( عبرانيين 11 :1 )
" طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا . "
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
660 - قال الله لابراهيم : " اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ . فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً." ( تكوين 12 : 1 – 2 ) وذهب ابراهيم ، خرج ، ترك ارضه ، ترك عشيرته ، ترك بيت ابيه . وتقول الرسالة الى العبرانيين : " بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا ، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. " ( عبرانيين 11 : 8 ) ، لم يكن يعرف الى اين يسير . الارض متسعة غير معبدة ليس بها طرق ولا مسالك ولا دروب . خرج الى الفراغ ، خرج الى التيه ، خرج وهو لا يدري ولا يعرف ولا يعلم ، لكنه كان يعلم من الذي دعاه ، كان يعرف من الذي طلب منه ان يخرج . كان يعرف الله ويعلم انه يستطيع ان يتكل عليه ويثق به . وسار ابراهيم يقتفي آثار الله ، سار خلف الله ، اتبع طريق الله . كان الطريق جافا ً وعرا ً مليئا ً بالحجارة لا خضرة ولا ماء ولا رخاء . الطريق طويل والسير شاق لكنه سار ، سار في ثقة ٍ وفي ايمان ، كان يثق في من يسير امامه ، يثق في من يقوده في الطريق ، سار ورائه ، سار بثبات نحو هدف ٍ غامض مجهول متكلا ً على اله ٍ قوي غير مجهول . لم يكن الطريق ظاهرا ً أمامه ولم يكن القائد الذي يتبعه منظورا ً . ترك كل شيء . ترك الارض الطيبة ، ترك العشيرة الكبيرة ، ترك البيت الدافئ ، وسار بثقة ٍ مقتفيا ً خطوات الرب مقتنعا ً بقدرته على قيادته الرشيدة الواعية . ... ونسمع صوت الله : اترك الارض الآمنة ، اترك الاسرة والاهل ، اترك البيت الدافئ ، اترك الوطن ، اترك الأمان ، اترك كل شيء ٍ واتبعني . ونتردد ، نتثاقل ، ندور ، نلف ، نؤجل ، نتسائل : الى اين يا رب . ابراهيم لم يكن يعرف الى اين ، لم يعلم الطريق ، اطاع الدعوة وخرج .. .
حين يدعوك الله لا تتردد ، لا تخف ، لا تؤجل ، لا تتباطأ ولا تتسائل ، لا تسأل من حولك ، لا تعتمد وتستعن بالغير ، لا تخطط ، لا تفكر ولا تدبّر فالايمان هو تسليم القيادة له ، الايمان اتباع قائد ٍ تثق به وتتكل عليه . قد لا تنال ما تتوقعه ، قد تخترق صعابا ً وتصعد جبالا ً ومرتفعات وتعبر وديانا ً وانهارا ً وبحارا ً .اتبعه ، هو يعرف الطريق ويعرف الاتجاه . يعرف الهدف ويعرف سبيل الوصول . لا تخشى بأسا ً فقائدك قوي قادر يستطيع ان يحميك ويعتني بك حتى تصل الى هدفك . ركز نظرك فيه ، لا تنظر الى الطريق ، انظر الى من يعبر الطريق . لا تتلفت حولك ، لا احد مثله يقود . إن اختفى الطريق لا تبحث عنه ، قائدك موجود . إن غابت الشمس لا ترتعب ، نوره يكفيك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
661- ايليا النبي من اعظم الانبياء الذين صنع بهم الرب عظائم وعجائب خارقة . لم يكن ايليا يتميز عن غيره ، كان انسانا ً مثلك ومثلي ، مثلنا جميعا ً . يقول عنه يعقوب الرسول : " كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا " ( يعقوب 5 : 17 ) انسان من لحم ودم ، انسان ينجح ويفشل ، انسان يتعب ويمرض ويتألم ، " وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا." ويعلل يعقوب الرسول ذلك بالقول : " طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا. " . طلبة الانسان الذي تحت الآلام إن كان بارا ً تقتدر كثيرا ً . وقف ايليا الانسان البار على جبل الكرمل وقال للشعب : " حتى متى تعرجون بين الفرقتين إن كان الرب هو الله فاتبعوه وإن كان البعل الوثن الصنم المصنوع بالأيدي هو الله فاتبعوه . وواجه 450 كاهنا ًللوثن وكان هو عبدالله وحده وقال لهم : " احضروا ثورا ً واذبحوه وضعوه على مذبحكم واطلبوا من البعل نارا ً فإن نزلت من عند الهكم البعل النار واكلت الثور يكون هو الله . وساصنع انا مثلكم وادعوا الرب ونرى ماذا سوف يحدث . وابتدأوا هم . احضروا ثورا ً وقطعوه ووضعوه على المذبح واخذوا يدعون البعل . صرخوا ونادوا وطلبوا ورفصوا وقطعوا اجسادهم واسالوا دمائهم ولم يكن صوت ٌ ولا مجيب ٌ . وتقدم ايليا واخذ ثورا ً وذبحه ووضعه على المذبح وصب ماء ً كثيرا ً على المذبح حتى جرى في القناة وملئها ورفع وجهه الى الرب وصلى وطلب من الله ان تنزل نار من السماء الى المحرقة . استجاب الله الى الرجل البار ونزلت نار الرب واكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياه التي في القناة كلها ورأى الشعب ذلك وسقطوا على وجوههم وقالوا الرب هو الله ، وآمنوا بالرب وقتلوا انبياء البعل . ايليا لم تكن به قوة خارقة تُنزل النار من السماء . ايليا كان رجلا ً بارا ً يؤمن بالله وبقوته الخارقة . صلى بايمان فاغلق الله كوى السماء ولم تمطر ثلاث سنوات ونصف وصلى بايمان وفتح الله كوى السماء فامطرت وملئت الأرض خيرا ً . طلب نارا ً من السماء وآمن بقدرة الله واستجابته له فنزلت النار ... وانت .. انت لست اقل من ايليا . كان انسانا ً تحت الآلام مثلك لكنه كان رجلا ً بارا ً وصلى وطلب وطلبة البار مقتدرة . صلي للرب ، أطلب بلجاجة وايمان يستجب .. الله يسمع لك كما سمع لايليا . ويستجيب حسب وعده إن طلبت بايمان . اسأل تُعطى ، اطلب تجد ، اقرع يُفتح لك
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
665 - تواجهنا في الحياة مرتفعات علينا ان نتسلقها وجبال علينا ان نعبرها ، واحيانا ً نجد انفسنا مضطرين ان نعبر البحار ونخترق المحيطات . ونفحص ما لدينا من قدرة وقوة نحتاج اليها للتسلق او العبور ونحاول ان نعتمد على انفسنا في مواجهة ذلك ، ونكل ونعرق ونتعب ونلجأ الى الله نطلب العون ، ويرسل لنا الرب روحه يعيننا ويرفعنا "لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ." ( زكريا 4 : 6 ) حين واجه داود الصغير جوليات الجبار لم يواجهه بما يملك من قوة . لو كان واجهه بعصاه ومقلاعه لحطمه جوليات وسحق عظامه لكنه واجهه بقوة الله وبقدرة الله وبروح الله فانتصر عليه وقتله . حين تصعد مرتفعا ً راكبا ً دراجة تبدل بكل قوتك وتشعر بالتعب والاعياء ، وتمر بجوارك سيارة تنطلق الى فوق ، إن أمسكت بها واستعنت بمحركها سرت بسرعة وصعدت بيسر ودون ان تبذل الجهد والعرق . هكذا حين تعتمد على نفسك وعلى قوتك وانت تصعد مرتفعات الحياة ، تكافح وتجاهد ، تعرق وتتعب تجرك الجاذبية الى اسفل وتكاد تفشل ، ثم تجد روح الله بجانبك يتحرك بقوة ، امسك به يرفعك دون جهد منك . حين تعبر البحر او المحيط ، إن استخدمت قوة ذراعيك في التجذيف تتخاذل وتنهار وتتعب وتعجز . لو جرّتك سفينة بخارية تصل بسرعة . ليس لك ان تبدل بقدمين عاجزتين ولا تجازف بذراعين واهنتين . اعتمد على قوة الله وقدرة الله وروح الله تتسلق الجبل وتعبر البحر براحة ويسر . لماذا تحمل همومك على كتفيك ؟ الهموم ثقيلة والكتفان ضعيفان .ألق ِ على الرب همومك يرفعها عن كتفيك. قوة الله في متناول يدك . قدرة الله حولك ، وبجوارك ، بجانبك ، كل ما عليك هو ان تمد يدك تمسك به ، تتعلق بروحه . كلما صادفك مرتفع يصعب عليك تسلقه ، انظر بعين الايمان حولك تجده يصعد المرتفع معك ، يصعد باقدام ٍ قوية وسيقان ٍ فتية . وتراه يمد يده لك ويناديك ، امسك يده ، تعلق به . وما ان تتلقف يده يدك حتى تجد نفسك تسير بقوة وتصعد بخفة . كلما واجهتك مشكلة او تجربة عليك ان تسبح فيها وتعبرها . لا تسبح وحدك ، لا تعتمد على قوة ذراعيك ، الامواج عالية عاتية ، البحر ممتد الى مدى البصر ، العبور شاق ٌ عسير ٌ لو حاولته وحدك ، هو يُبحر معك ، يسبح قريبا ً منك ، يعبر المحيط بجوارك ويناديك ويشير اليك ان تمسك بيده الممدودة اليك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
666- يحدثنا الكتاب المقدس ان فرعون ملك مصر رأى حلما ً أزعجه واقلقه " وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ النَّهْرِ، وَهُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ طَالِعَةٍ مِنَ النَّهْرِ حَسَنَةِ الْمَنْظَرِ وَسَمِينَةِ اللَّحْمِ، فَارْتَعَتْ فِي رَوْضَةٍ. ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ أُخْرَى طَالِعَةٍ وَرَاءَهَا مِنَ النَّهْرِ قَبِيحَةِ الْمَنْظَرِ وَرَقِيقَةِ اللَّحْمِ، فَوَقَفَتْ بِجَانِبِ الْبَقَرَاتِ الأُولَى عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، فَأَكَلَتِ الْبَقَرَاتُ الْقَبِيحَةُ الْمَنْظَرِ وَالرَّقِيقَةُ اللَّحْمِ الْبَقَرَاتِ السَّبْعَ الْحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ وَالسَّمِينَةَ." ( تكوين 41 :1-4 ) وتكرر الحلم بسنابل سمينة وسنابل رقيقة واكلت السنابل الرقيقة السنابل السمينة . وفسر يوسف حلم فرعون عما سوف يحدث في مصر فالبقرات والسنابل السمينة هي سبع سنوات شبع تليها سبع سنوات جوع ٍ . وتلتهم سنوات الجوع سنوات الشبع . وحديثتا اليوم لن يتناول قصة يوسف وفرعون لكننا نتأل في سنوات الجوع وسنوات الشبع . تمر بنا سنوات حسنة المنظر وسمينة ، سنوات رخاء وشبع وراحة وخير ، وتمر بنا سنوات قبيحة المنظر رقيقة اللحم تبتلع السنوات القبيحة السنوات الحسنة . وننسى الشبع والراحة والخير ونتذكر التعب والجوع والشر ونشكو .. نشكو ونتذمر وفي شكوانا ننسى تماما ً ما مر بنا قبلا ً من راحة وخير . نتذكر الفشل وننسى النجاح ، نتذكر الهزيمة وننسى النصرة . نتذكر الضعف وننسى القوة . نتذكر الحزن وننسى الفرحة . ننظر الى البقرات الرقيقة الضعيفة الهزيلة الجافة ونندب حظنا ، ونغلق اعيننا عن البقرات السمينة القوية الصحيحة العفية ولا نذكرها . ننظر الى السنابل الرقيقة الفارغة الرفيعة ونحزن ونكتئب ، ونغلق انظارنا عن السنابل السمينة والحسنة والممتلئة خيرا ً ونهملها .. الخير نقبل والشر لا نقبل . الخير ننتظر والشر نرفض ... الله هو الذي يعطي الخير وهو الذي يسمح بالشر .. حين يحل بنا الخير ، الواجب علينا ان نتلقاه ونشكره عليه ، وحين يحل بنا الشر الواجب علينا ان نقبله ونشكره عليه . يسهل علينا ان نشكر على الخير ويصعب علينا الشكر على الشر . لكننا إن كانت علاقتنا بالرب سوية سليمة دائمة ً مستمرة يسهل علينا ذلك . إن ثبتنا في المسيح وثبتت محبته فينا ، إن داومنا على الاتصال به والشركة معه نقدر ان نشكر على القبيح كما نشكر على الجميل ، ونستطيع ان نشكر على السنوات العجاف كما نشكر على سنوات الشبع .. لا تضيّع عمرك تركز فيما يًؤلم ويُحزن ويوجع . املأ قلبك بالتفاؤل وانظر الى ما يُفرح ويُبهج ويُريح ، وهنيئا ً لك سنوات الشبع برغم سنوات الجوع ، هنيئا ً لك السنابل الممتلئة برغم السنابل الجافة . اشكر دائما ً في كل حين فكل شيء من عند الله . الله يقصد لك كل الخير وكل السعادة وكل الهناء .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
667 - كثيرا ً ما نتحدث عن الايمان ، دائما ً نتحدث عنه لكننا قليلا ً ما نفهمه ، وأقل من القليل أن نستخدمه . الايمان كما هو مكتوب : " االإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى " والثقة بامور لا نراها باشخاص لا نراهم . احيانا ً نرى عكس ما ننتظر ونظل ننتظر بيقين وثقة وتأكد ، هذا هو الايمان . الايمان يحمل طلبتك الى الله ، يُلقي بها في صندوق بريد الله . في حين الريبة والشك تتناول الطلبة باطراف اصابع مرتابة مترددة . ما فائدة الايمان إن احتفظت بالطلبة داخل قلبك ، لم ترسلها الى الله . ما فائدة الرسالة إن لم تضعها في مظروف عليه عنوان وطابع بريد وتلقي بها في الصندوق . يقول داود النبي : " سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي " ( مزمور 37 : 5 ) اترك له الطريق ، أعطه له وابتعد واجعله هو يُجري . حين تضع امام الرب طلبة او سؤال بالايمان اتركه امامه وعد فرحا ً باستجابته . قد لا تكون بوادر الاستجابة قد ظهرت لكنك بالايمان تراها ، تراها قد تمت وتحققت . طلب ايليا النبي من الله ان يكون مطر بعد ان جفت السماء عدة سنوات ، وقال ايليا لآخاب الملك :" اصْعَدْ كُلْ وَاشْرَبْ ، لأَنَّهُ حِسُّ دَوِيِّ مَطَرٍ " ( 1 ملوك 18 : 41 ) ولم تكن هناك علامة تؤكد مجيء المطر لكن ايليا كان يعلم ان الله آت ٍ ً بالمطر وارسل غلامه ليتطلع نحو البحر " اصْعَدْ تَطَلَّعْ نَحْوَ الْبَحْرِ " فرأى غيمة صغيرة قدر كف انسان " هُوَذَا غَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ قَدْرُ كَفِّ إِنْسَانٍ صَاعِدَةٌ مِنَ الْبَحْرِ " وارسل الى الملك آخاب يقول : " اشْدُدْ وَانْزِلْ لِئَلاَّ يَمْنَعَكَ الْمَطَرُ " غيمة قدر الكف لكنه كان يعلم ان الله سيفتح كوى السماوات وتمطر .. هكذا الايمان . سلم للرب واتكل عليه . ارسل طلبتك لله واتكل عليه " أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ " ( مزمور 55 : 22 ) إرم ِ بهمك عليه واتركه له ، لا تحمله ثانية ً . احيانا ً نُلقي الهم ونمسك بطرفه أو نحمله على اكتافنا ، مثل المرأة العجوز التي كانت تسير في طريقها تحمل صرة ً ثقيلة على رأسها فقابلها رجل عطوف يركب سيارة ، تحنن عليها واركبها سيارته ليوصلها ، والتفت في مرآة سيارته ووجدها تجلس وصرتها على رأسها .. اندهش لذلك وسألها : لماذا تحملين صرتك ؟ قالت له بسذاجة : يكفي يا بني أن حملتني انا في سيارتك أما صرتي فاحملها انا عنك . الرب يقول لك القي علي َّ همك ، هاته ، يدي ممتدة لتتلقفه ، انزله عن كاهلك ، مُد يدك به الي . دعه له ، اتركه وانسى . هذا هو الايمان ، لاتدع همومك تضغط عليك ، لقد القيتها عليه ، دعها له ، لا تحملها ، هو حملها عنك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
668 - حياتنا سلسلة متصلة الحلقات وحلقات متلاحمة متتابعة متماسكة . ورغم تلاحمها وتماسكها فهي مختلفة متباينة متعددة الاشكال والاحوال . حلقات نجاح ذهبية ثمينة وحلقات فشل رخيصة صدئة . حلقات فرح لامعة براقة وحلقات حزن سوداء مطفئة . حلقات مجد ورفعة بهية وحلقات ضعة وهوان محتقرة . حلقات قوة كسهام مبرية وحلقات ضعف ٍ كقسي ٍ منكسرة . ولا يمكن فصل تلك الحلقات او استبدالها او تغيير اشكالها ، فلا بد ان يفرح الانسان ويحزن ، يعلو الانسان ويهبط . لا بد ان يتقوى الانسان ويضعف ، يرتفع الانسان ويسقط . وكثيرا ً ما ننسى الله وقت الفرح ونسعى اليه وقت الحزن . ودائما ما نقفز ونعدو وقت القوة ونتخاذل ونصرخ وقت الضعف . حين تخور القوى ، حين يفشل الامل ، حين يضعف الرجاء ، حين يتمزق االقلب ، حين تدمع العين ، حين يحل الوهن ، يتدخل الله ، يأتي وتسري قوته في الحلقات كلها . ما أن ندعو الى الله يستجيب ، ما ان نستنجد به حتى يتدخل . يقول داود النبي عن المسكين الضعيف المريض العاجز : " الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ." ( مزمور 41 : 3 ) لا بد انك مررت بتجربة المرض ، وهن جسمك وسقم وهزُل ، ووجدت نفسك حبيس الفراش محاط ٌ باللون الابيض علامة المرض . ترقد على سرير ابيض ، تحنو عليك وجوه ٌ بيضاء في لباس ٍ أبيض . تمتد اليك اياد ٍ بيضاء تقدم لك دواء ً وشرابا ً ناصع البياض . وتتحول اليهم بوجه ٍ شاحب ٍ تبتسم ابتسامة ضعيفة شاحبة . وتربت عليك الأيدي تهدّأ حركتك وتقيّد رأسك الى الوسادة، ويذهب البياض ويبتعد فترة وتغمض عينيك ويحل الظلام ، ويبرق وسط الظلام بريق ٌ قوي لامع يخطف البصر ويرجف القلب . ويتحرك راسك نحو مصدر النور وتركن رأسك على كتف ٍ قوي . كتف ٍ قريبة ٍ منك لا تسعى اليها بل تسعى هي اليك ، تظهر دائما ً وقت الضعف . ما ان تلقي بثقل رأسك وهمك وتعبك والمك على تلك الكتف حتى تستريح . يدب في جسدك الواهن شعور ٌ بالراحة والسلام والاطمئنان . ويهمس صاحب الكتف في اذنك وفي قلبك : تقوى ، تشجع " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " ( 2 كورنثوس 12 : 9 )
" أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ " ( خروج 15 : 26 ) . ثق به ، تمسك بوعده ، استعد قوتك . انظر اليه ، استند عليه ، هو ينقذك .
 

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
192
النقاط
63
669 - احيانا ً كثيرة نتحير ولا نفهم معاملات الله لنا خصوصا ً وقت الشدائد . تحل بنا الشدائد ونمر في التجارب وتتراكم علينا المشاكل وتمتلئ حياتنا بها . وترفع رؤوسنا الى الرب ونبتهل ، تبتهل قلوبنا له وتصرخ اليه وتدعوه . وننتظر الاستجابة . نطلب الخلاص فاذا به يرسل لنا المزيد من الاثقال . ننتظر القوة والقدرة فنجده يبتعد عنا ويتركنا وسط التراب والرماد . نطلب الصبر فيرسل لنا الضيق ، ونطلب الراحة فيرسل الشدائد والآلام . نطلب السماح يرسل الثورة ، نطلب المحبة يرسل الغيرة والحقد .. ولا نفهم ، نحتار ، نهتز ، نرتبك ونخاف ، هل يعاندنا الله ؟ هل يرفضنا ؟ هل تركنا ؟ هل نسينا ؟ هل أغلق قلبه عنا ؟ هل اقفل باب الرجاء امامنا ؟ ونقرأ قول الله الى النبي دانيال الشاب الصالح ، قال الله : " لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ ، لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلهِكَ ، سُمِعَ كَلاَمُك َ، وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ." ( دانيال 10 : 12 ) حين نصلي ، نصلي بايمان وبفهم وباذلال النفس . نصلي بايمان ، نثق أن الله لا بد أن يستجيب لأنه هناك ويسمع . وحين يسمع يستجيب . قد يستجيب استجابة تختلف عما نتوقع . نطلب الصبر ، فيستجيب بالضيق لأن " الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا " ( رومية 5 : 3 ) نطلب الراحة ويستجيب بالشدائد والآلام لأننا نتعلم الطاعة مما نتألم به . استجابته تبدو لنا غريبة إن لم نتعمق في الفهم والفحص . الايمان يجب ان يصاحبه فهم ، فهم محبة الله ، فهم حكمة الله . يتصدى لك ابليس وانت تصلي ، يهاجم ايمانك ويهاجم فهمك . توجه اليك سهام الشك والقلق والريبة وعدم الفهم . زد ايمانك في الصلاة . زد اصرارك وتذللك امام الله . كافح ، جاهد ، صارع مع الله ، لا تتوقف ، استمر في الصلاة ، ويرى الله عرقك يسقط مثل قطرات الدم من حرارة الصراع . ويسمع الله دقات قلبك قوية ً متتابعة ً عالية من صدق الجهاد . ومن اليوم الأول ، من اللحظة الأولى ، من الكلمة الأولى ، سمع الله ورأى الله ، ويرسل لك ملاكه ، ويرسل لك استجابته . قد يغلف الله استجابته في ورق خشن أو في غلاف ٍ باك ٍ . افتح الورق ، قص الغلاف تجد في داخله استجابة تلمع كالماس . الورق يخفي للوهلة الأولى الاستجابة الثمينة الغالية النفيسة . الغلاف يبعد عنك المحبة والحنان والسخاء والغنى الذي بداخله . تأكد ان الله هناك وهو يستجيب ، آمن به
 
أعلى