سلام ونعمة يا ست نعومة، أذِن الرب لنا أخيرا فيما يبدو ببعض السطور!
اخي العزيز المبارك الغالي خادم البتولانا بوزع هدايا يمين وشمال كل ايام السنة على الجميع بسلام بكلمة حلوة باابتسامة باقتقاد الجميع بصدقات على كل من اصادفه في حياتي وغرضي من ذلك ان افرّح الجميع وبوزع هدايا على عاملات وعمال السوبرماركت الذي اتسوق منه وبأتبرع لموظفي المطعم الذي اشتري منه الطعام وباهدي كل من يوصل لي الدواء اللي محتجاله من موظفي الصيدلية للبيت وهنا يوصلون الادوية مجاناً لذوي الامراض المزمنك وباهدي سائقي التاكسي الذين يوصلونني للمستشفى لتلقي العلاج اللازم وهنا خدمة التاكسي مجانية لذوي الامراض المزمنة وهدفي ان يفرحوا بمجرد رؤيتهم لي
أنا عارف طبعا يا ست نعومة الخير الكتير اللي بتعمليه وعارف إنك بالتأكيد ليكي "أيادي بيضاء" على ناس كتير حولك، ربنا يعوضك. "المسيحي" أصلا هكذا يا أمي، أي مسيحي حقيقي. يقول القديس يوحنا ذهبي الفم في عبارة جميلة: «لا تقل أنك لا تستطيع أن تؤثِّر على الآخرين. ما دمت مسيحيًا يستحيل إلا أن تكون صاحب تأثير. إن هذا هو جوهر المسيحي. إن قلت إنك مسيحي ولا تقدر أن تفعل شيئا للآخرين يكون في قولك هذا تناقضًا، كالقول إن الشمس لا تقدر أن تَهِب ضوءًا!».
مع ذلك، إذا سمحتي لي، يُفضّل ألا نقول (أو نفكر) هكذا يا أمي: مثلا "أنـا بوزع هدايا يمين وشمال"، أو "أنـا باتبرع لموظفي المطعم"، إلخ. يفضل أن تكون أفكارنا ـ وبالتالي كلماتنا وتعبيراتنا ـ هي أن الرب بالأحرى يستخدمنا في كل ذلك. هذا العطاء ليس أبدا منا يا أمي بل من الله. لأن «الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته»، لولا "الكرمة" التي يثبت الغصن أولا فيها وعندئذ ـ بالأحرى منها، لا من الغصن ـ يأتي كل هذا الثمر الكثير. «بدوني لا تستطيعون شيئا». والغصن، كما يقول القديس أوغسطين، إما ثابت بالكرمة وبالتالي مثمر، وإما منقطع عنها وبالتالي جاف لا ثمر له، بارد قاس ميت لا يصلح إلا للنار.
طبعا انتي عارفة كل ده يا ست نعومة بالتأكيد وعارفة أكتر منه كتير. المهم بس إننا نحترس ودايما ننتبه لأفكارنا: أول ما نلاقي "الأنا" ظهرت ـ في أي لحظة عطاء مثلا أو خدمة أو أي موقف عموما ـ فورا نقولها: بس ستوب عندك، حاسبي يا قمر، حاسبي يا جميل، ربنا هو اللي بيعطي وبيساعد وبيعمل كل شيء، مش انتي يا كتكوتة يا حلوة!
وانا احتفل بعيد ميلادي هذه السنة قبل شهرين لانني فرحانة من كل قلبي بوضعي الصحي والمادي والنفسي والاجتماعي وقابلة بكل طوع بارادة الله في حياتي ومع الرب يسوع كل ايام السنة افراح ومسرات وليس في عيد ميلادي فقط بل كل يوم نعيشه هو حفلة عيد ميلادنا ان كنا عايشين للرب يسوع وان كان ما نفعله ونقوله لمجد اسمه القدوس
طيب يا أمي تمام.. داكور.. "الميه تكدّب الغطاس": عايزين بقا نشوف الأفراح والمسرات دي على طول!
لا يا ست نعومة مش كده. مش هيك. جميل كلامك لكن ـ من ناحية تانية ـ مفيش مشكلة طبعا إذا وقع الإنسان أحيانا في أي شعور سلبي. هذا هو جهادنا وكيف ننمو تدريجيا. لأننا في كل مرة بنقع بالعكس بيشتد عودنا وتتنقي قلوبنا ونتعلم شيء جديد. وهناك حكاية شهيرة عن شيخ راهب سألوه: «أبي، ماذا تفعلون هناك داخل الدير؟»، أجاب: «نحن نقع ونقوم، ثم نقع ونقوم، ثم نقع ونقوم...»!
بالتالي لا تكوني قاسية على نفسك، أو منقسمة داخليا في حالة كبت أو قمع لمشاعرك إذا كنتي أحيانا حزينة مثلا أو غاضبة، تضعين وجها يبتسم للناس بينما القلب داخليا يبكي. لا يا أمي، بل تقـبّـلي ده نفسه تماما ولا تقاوميه. ده نفسه جزء من "القبول" والتسليم لمشيئة الرب. لكن بعد كده أيضا تأملي: انتي ليه وقعتي أصلا في هذا الحزن مثلا أو هذا الغضب؟ إيه السبب؟ دعك من "الظروف" المحيطة و"الأحداث" التي وقعت وكل هذه الدراما الظاهرة أمامك، ما هو السبب الحقيقي فعلا لهذه المشاعر السلبية؟
سوف نكتشف مع الوقت، بشرط صدقنا مع أنفسنا، إن السبب ـ بنسبة 90% على الأقل ـ هو ببساطة "الأنا" وطلبات الأنا وشروطها ورغباتها.. الأنا ـ وليس الرب الذي يسكن فينا ـ هي اللي حزينة وهى اللي غاضبة أو ناقمة وهي اللي رافضة وضع معين ربنا أراد إننا نمر بيه. بالتالي ـ أيضا مع الوقت ـ بيكون اختيارنا أوضح وأسرع: هل نختار العقل المشوّش بأفكاره وحساباته وأهواؤه ورغباته، يعني نختار "الأنا" ـ وللا نختار بالأحرى القلب المشرق دائما بالنعمة والسلام والفرح، يعني نختار "ربنا" ونقبل مشيئته في حياتنا أيّا كانت ونقبل تدبيره لكل أمورنا؟
هكذا تدريجيا إلى أن نصل مع الوقت إلى مرحلة إنه مفيش حتى اختيار، بالأحرى مفيش أصلا "أنا" عشان نختار بينها وبين ربنا! الأنا ـ بالإنسان العتيق ـ خلاص باي باي.. كان فيه وخلص.. كان زمان، قول للزمان ارجع يا زمان! بالتالي هنا أخيرا ممكن بالفعل تنتهي كل هذه الدراما وتنتهي المسرحية، وهنا ممكن نكتشف إن عندنا الفرح بالفعل ليلاتي، زي ما قلنا أفراح وليالي ملاح كل يوم في قلوبنا!
بس يا ستي هي دي الحكاية كلها، من طقطق لسلامو عليكو! تحياتي يا أمي الجميلة مع اعتذاري مرة أخرى عن التأخير، سلام المسيح وحتى نلتقي. ?