موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة



السؤال الذى يتبادر الى أذهان الكثيرين هو : لماذا جرب ايوب ؟؟؟؟

لم تكن التجربة المزدوجة التى احاطت به , بسبب خطية ارتكبها .. فقد شهد الله نفسه له مرتين انه " ليس مثله فى الارض . رجل كامل ومستقيم , يتقى الله , ويحيد عن الشر " اى 1 : 8 , اى 2 : 3 ...

فأذا كان ايوب كاملا ومستقيما , فلماذا كل المتاعب التى اصابته ؟ ماذا كانت مشكلته ؟ ان لم تكن له مشكلة .. اذن لماذا حدث ماحدث ؟؟؟؟

المشكلة انه كان رجلا بارا , ويعرف عن نفسه انه بار !

النقطة الاولى :
-------------------

كان يثق فى داخل نفسه انه بار ... كان بره امام عينيه فى كل ماحدث له ...

كان بره امام عينيه فى كل مادرار بينه وبين اصحابه الثلاثة من حوار ساخن 28 اصحاحا , واختتم بهذه العبارة " فكف هؤلاء الرجال الثلاثة عن مجاوبة ايوب لكونه بارا فى عينى نفسه " اى 32 : 1 ...

وكان هذا البر الذاتى ايضا هو سبب العتاب الطويل الذى كان بينه وبين الله مما سنشرحه بتفصيله ....

وقد اراد الله ان ينقذه من هذا البر الذاتى ... هذه واحدة ...

النقطة الثانية :
----------------
هى ان ايوب كان رجلا عظيما محترما من الجميع ... كانت تحيطة مظاهر الاحترام والتوقير والعظمة من كل ناحية .. ويقول عنه الكتاب انه كان " اغظم كل بنى المشرق " اى 1 : 3 " ...

وكان غنيا جدا " كانت مواشيه سبعة الاف من الغنم , وثلاثة الاف جمل .. وخمسمائة فدان بقر .. وخمسمائة اتان .. وكان خدمه كثيرون جدا أى 1 : 3 .. وكل هذا يعطينا فكرة ان الغنى لايتنافى مع البر ....

فمن الممكن ان يكون الانسان غنيا , وفى نفس الوقت يكون كاملا ومستقيما , مثلما كان ايوب ... بالاضافة الى كل هذا , كان ايوب سعيدا كرب اسرة فق كان لديه سبعة بنين , وثلاثة بنات " اى 1 : 2 " ...

وقد عاش ايوب فى عصر ماقبل ابينا ابراهيم ابى الاباء والانبياء , فى العصر الذى كان فيه رب الاسرة هو كاهن الاسرة , يقدم الذبائح عنها ..

وقد قيل عن ايوب - بالنسبة الى اولاده - انه " ارسل فقدسهم , وبكر فى الغد , واصعد محرقات على عددهم كلهم . لان ايوب قال ربما اخطأ بنى , وجدفوا على الله ... فى هذا كان ايوب يفعل كل الايام " اى 1 : 5 " .. وهنا نلمح نقطة اخرى قد تشير هى ايضا الى البر الذاتى !

* لماذا ياايوب تقدم محرقات عن خطايا اولادك , ولا تقدم عن نفسك معهم ؟؟؟ *

تقول " ربما اخطأ بنى " ... وانت الم تفكر انك اخطأت فى شئ ؟؟ ! ....

ام تعرف عن نفسك انك رجل كامل ومستقيم , تتقى الله وتحيد عن الشر !!

نتابع كلامنا عن عظمة ايوب وغناه , فنقول ايضا :

لقد اعطاه الغنى فرصة للآحسان والكرم , فأصبح محاطا بمعجبين ومحبين وفقراء كثيرين ينالون الرحمة من يديه ...

* كانت الحياة سهلة امامه , هينة مبهجة . يعيش فى الفردوس , دون ان يدخل مطلقا الى بستان جثسيمانى .. وكأنه ينصب له خيمة على جبل التجلى ! *

كان يعيش الى جوار شجرة الحياة , ولم يتعود على حمل الصليب بعد .. كان من الذين دخلوا الى ملكوت الله , والباب واسع والطريق رحب , بدون خطية ... ولقد اراد له الله ان يجرب الطريق الضيق , والصليب والجلجثة .. يجرب الاحزان والضيقات , ليأخذ بركة الضيقات ...

لقد اخذ بركة الغنى , فليأخذ اذن بركة الفقر ايضا ...
عاش فى بهجة الحياة زمنا , الى ان حان موعد التجربة ...
وجاء الوقت الذى يواجه فيه الصليب .. ولكن كيف ذلك ؟؟؟؟

** بدأت تجربته بحسد الشيطان له **

وكذلك حدث لابينا ادم وامنا حواء من قبل .. حسدهما الشيطان وعمل على اسقاطهما ابليس , ودائما يريد الشيطان بنا شرا , ولكن الله برحمته يحول هذا الشر الى خير ....

وهذا نفس ماحدث لايوب ...
اراد الشيطان ان يضره .. واستغل الله حسد الشيطان لكى يرفع ايوب الى درجة اعلى واسمى , فينجيه وينقيه ...

الشيطان اراد ان يؤذى ايوب من جهة , لعل هذا الايذاء من ناحية اخرى , تكون نتيجته ان يجدف ايوب على الله , ويصبح خاسرا للدنيا والاخرة , اما الله فقد سمح للشيطان ان يجرب ايوب لكى يتمجد ايوب اكثر فأكثر , ويصبح مثالا يقتدى به , وتمنحه التجربة شهرة كبيرة , وتقدمه درسا للآجيال , وتكون نهايتها بركة مضاعفة له ...

* عجيب هو موقف الله من الشيطان فى سفر ايوب ! *

فيه الكثير من تواضع الله , ومن مبدأ تكافؤ الفرص ...

سمح للشيطان ان يمثل بين يديه , وان يندس وسط اولاد الله "أى 1 : 6" , بل اكثر من هذا , سمح له ان يكلمه وان يجادله , وان يشتكى امامه ضد ابن عزيز عليه هو ايوب , بأن سمح له ان يأخذ منه سلطانا ضد هذا الرجل الكامل المستقيم , وان يخرج ليخرب ويقتل ... !

قال له الله " من اين جئت ؟ فأجاب " من الجولان فى الارض ومن التمشى فيها " ... وكان الشيطان فى تلك الاجابة يذكر نصف الحقيقة .. فلم يذكر انه فى ذلك الجولان فى الارض , كان يضل الناس ويسقطهم , ويخرب بيوتا كثيرة ....

لقد تعرض الله لعمل الشيطان , واراد ان يظهر له ضعفه , فسأله " هل جعلت قلبك على عبدى ايوب ؟ لانه ليس مثله فى الارض " فى كل الارض التى تتمشى فيها ...

* جميل ان الله يفتخر بأولاده ويمتدحهم , ويتحدى الشيطان بهم *

ان كان الشيطان قد اسقط كثيرين , فأن ايوب ليس مثله فى الارض .. انه نوعيه اخرى , رجل كامل ومستقيم .. هل جربت حيلك معه ؟ هل قدرت عليه ؟ هل صعدت الى مستوى محاربته ؟؟؟

وقطعا كان الشيطان قد مر عليه وفشل .. ولكنه لكى يخفى خجله من محاولة ان يبرر ذلك بقوله " هل مجانا يتقى ايوب الله ؟ " اى 1 : 9 ... اليس انك سيجت حوله وحول بيته من كل ناحية .. باركت اعمال يديه , كثرت مواشيه فى الارض .. ولكن ابسط يدك الان ومس كل ماله , فأنه سيجدف عليك " ....

وكان الشيطان يكذب فى هذا الادعاء . لقد كان ادم معه اكثر مما كان مع ايوب من الغنى وسقط .. اذن بركة الغنى ليست هى التى تحفظ من السقوط ..

* كان الله واثقا من ايوب وقوة احتماله , فسمح للشيطان ان يجربه *

وقال للشيطان " هوذا كل ماله فى يدك . ولكن اليه لا تمد يدك " .. انما سماح من الله للشيطان له حدود .. وخرج الشيطان ليعمل فى غير رحمة .. يضرب بعنف .. لا بواحدة ولا اثنين ولا ثلاثة , وانما بتخريب شامل .. ضربات حاسد حقود ...
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

* وظلت الاخبار تتوالى على ايوب قاسية مريرة *

لم يمت له ابن واحد , بل كل الابناء وكل البنات , مرة واحدة .. ريح شديدة .. صدمت زوايا البيت الاربع .. فسقط على الغلمان وماتوا ... وكل املاك ايوب ضاعت ايضا .. وضربوا الغلمان بحد السيف ... نزلت نار من السماء واحرقت الكل ....

استطاع الشيطان - لما اخذ اذنا ... ان يفعل كل ذلك ...

* ياللهول .. حقا ان الشيطان - وان كان قد فقد نقاوته - الا انه لم يفقد قدرته , كواحد من الملائكة " المقتدرين قوة " مز 103 : 20 *

ينزل نارا من السماء , تحرق الغنم والغلمان . ويثير ريحا شديدة عبر القفر .. يسقط البيت ويموت كل الذين فيه .. ويسخر السبئيين والكلدانيين لتنفيذ خططه , فيبهبون مالغيرهم ويقتلون الغلمان .. ويخرب كل بيت ايوب .. ولو كان ايوب شخصا عاديا لسقط ميتا امام كل هذا ...

اما ايوب فقد احتمل كل هذا ولم يجدف على الله , بل قال عبارته المشهورة " الرب اعطى , الرب اخذ , ليكن اسم الرب مباركا " أى 1 : 21 ...

* لم يقل السبئيون اخذوا , ولا الكلدانيون اخذوا , بل الرب اخذ ! *

انه يتعامل مع الله وحده , لا مع السبئيين ولا مع الكلدانيين , وكل مايفعله هؤلاء ضده , لابد قد مر على الله ضابط الكل . فأن كان الله قد سمح بأن يأخذوا كل مالديه .. ليكن اسم الرب مباركا ...

* عريانا خرجت من بطن امى , وعريانا اعود الى هناك *

كاكنت املك شيئا من كل هذا حينما " ولدت " وسوف اترك كل شئ حينما اخرج من هذا العالم عريانا ... الله اودعنى وديعة , ثم سمح الله بوديعته ليأخذها , ليكن اسم الرب مباركا ...

فى كل هذا لم يخطئ ايوب , ولم ينسب الى الله جهالة ... ولكن يقول الكتاب انه :

* مزق جبته , وجز شعر رأسه , وخر على الارض وسجد * اى 1 : 20 ...

مزق جبته لهذه الكارثة التى تمزق قلب اى انسان .. على الاقل موت ابنائه وبناته الثلاثة فى يوم واحد .. ولكنه سجد على الارض اجالا للرب الذى اعطى واخذ .. ولم يقل الكتاب انه صرخ او بكى او نعى اولاده ...

* ولكن قسوة الشيطان لم تقف عند حد ولم يكتفى بهذا ! *

ولم يخجل الشيطان من فشله فى محاربته لايوب البار ولكنه قال لله ابسط الان يدك , ومس عظمه ولحمه فيجدف عليك ...

ان الشيطان لا ييأس فى محاربته , فمهما فشل , يعاود الكرة مرة اخرى ... ان الله اعطاه فرصة مرة اخرى رغم مكابرته , وقال له عن ايوب " ها هو فى يديك ولكن احفظ نفسه - اى 2 : 6 .. اى لامانع من ان تمس جسده ولكن لا تمس روحه ولا حياته .. نفسه ليست فى يدك ...

* وللمرة الثانية يضع الرب حدودا للشيطان فى عمله *

وخرج الشيطان من لدن الرب , وبكل قسوة " ضرب ايوب بقرح ردئ من قدمه الى هامته .. فأخذ ايوب لنفسه شقفه ليحتك بها وهو جالس ...

كانت التجربة قد بلغت قمتها , ولكن لم تبلغ نهايتها , واذا زوجته بدأت تسخر منه لآنه لا يزال محتفظا بكماله , وطلبت اليه ان يجدف على الله .. فأجابها بحكمة وصبر :

" تتكلمين كلاما كأحدى الجاهلات .. هل الخير نقبل من عند الله , والشر لا نقبل " اى 2 : 10 ..

وكلمة الشر هنا تعنى المتاعب والضيقات.. وكلمة الخير تعنى الخيرات ...

يقول الكتاب " فى كل هذا لم يخطئ ايوب بشفتيه " اى 2 : 10 ...

فهل اخطأ بغير شفتيه ؟ بلسانه اظهر كامل التسليم للمشيئة الالهية .. ولكن هل كان هذا فى قلبه ....

محاضرة لقداسة البابا شنودة الثالث
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

هذه بعض الصور الجميلة لسيدنا في


زيارتة لامريكا








 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

اليوم المثالى

لقداسة البابا شنودة
من المفروض ان تكون كل ايامنا مثاليه عملاً بقول الرب يسوع (كونوا كاملين, كونوا قديسين)

لكن لامانع كتدريب ان يوجد هناك ما يعرف باسم (اليوم المثالى)

واليوم المثالى له اتجاهان :
احدهما سلبى فى البعد عن كل خطية
والثانى ايجابى فى الفضيلة او الخدمة
ويختلف برنامج اليوم المثالى من شخص الى آخر

البعض يقضى هذا اليوم فى العبادة فى الصلاة والقراءة والترتيل والتامل والصوم وفى خلوة واعتكاف بقدر الامكان

والبعض يفترضه يوماً مثالياً فى عمل الخير للآخرين

والبعض يمزج بين هذا وذاك

والبعض يركز على نقاوة القلب فيحرص كل جهده الا يخطئ سواء باللسان او الفكر او العمل مهما كانت الاسباب

والبعض يحب ان يبدأ مثل هذا اليوم بحضور القداس والتناول
وبعض الفروع تعطى هذا التدريب لكل خدام الفرع معاً ويجتمعون فيه ويسمونه (يوم روحياً)

واليوم المثالى هو تقديم الذات كاملة بكل قلبها وارادتها لعمل النعمة الالهية مع حرص على ضبط النفس

وهناك امثلة يتدرب عليها البعض فى اليوم المثالى
1- يكون الله هو اول من تكلمه فى يومك بصلاة قلبية عميقة
مع التبكير (الذين يبكرون الىَّ يجدوننى)
2-اداء كل صلوات الاجبية كاملة بفهم وعمق وحرارة
3-عدم التلفظ بأية كلمة خاطئة او ليست للمنفعة
4-لاتغضب من احد ولا تغضب احد او تحزنه
5-بدء كل عمل بالصلاة وتتخلل الصلاة العمل والكلام
6-حفظ الفكر نقياً بقدر الامكان ويستحسن شغل الفكر باستمرار بعمل روحى
مصدره القراءة الروحية والصلاة والتأمل
7-السلوك بأتضاع ووداعة ومحبة ولطف مع الكل
8-احترام الكل وتقديم الغير عليك فى الكرامة
9-البعد عن ادانة الاخرين وبخاصة من لا يكونون مثاليين مثلك فى هذا اليوم
10-حفظ مشاعر القلب نقية من الشهوات والمشاعر الخاطئة

إن نجح تدريب اليوم كرره بقدر ماتستطيع
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

لقد اعطى الله عقوبة لآدم " بعرق وجهك تأكل خبزا " " ملعونة الارض بسببك . بالتعب تأكل منها " تك 3 : 19 , 17 " .. اما العقوبة التى اعطاها لحواء فهى " تكثيرا اكثر اتعاب حبلك . بالوجع تلدين اولادا " تك 3 : 16 .. ثم جاء السيد المسيح وخلصنا بدمه ...

فلماذا بعد الخلاص ماتزال العقوبة قائمة : الرجل يتعب ليأكل خبزا والمرأة بالوجع تلد اولادا ؟

والاجابة لقداسة البابا شنودة الثالث اطال الله حياته لنا

فى الواقع ان عقوبة الخطية كانت هى الموت .. وقد جاء المسيح ليخلصنا من الموت , فمات عنا .

هذه هى الوصية التى اوصى بها ابانا ادم :
" ... واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها . لانك يوم تأكل منها , موتا تموت " تك 2 : 17 ..

وهذا ايضا ما فهمته حواء , وما ذكرته فى حديثها مع الحية : " واما ثمر الشجرة التى فى وسط الجنة فقال الله " لاتأكلا منه ولاتمساه , لئلا تموتا " تك 3 : 3...

وهذا هو تعليم الكتاب .. فقد قال الرسول " لان اجرة الخطية هى موت " رو 6 : 23 .. وعن هذا الموت قال ايضا " وانتم اذ كنتم امواتا بالذنوب والخطايا " اف 2 : 1 .. ونحن اموات بالخطايا , احيانا مع المسيح " اف 2: 5 , كو 2 : 13 ..

ولآن اجرة الخطية هى الموت , كان الفداء هو الطريق الوحيد الى الخلاص , اذ تموت نفس عوضا عن نفس .. وكان هذا هو جوهر فكرة الذبائح فى العهد القديم , وجوهر صلب المسيح وموته عنا .. ولهذا نقول ان المسيح حمل خطايانا على الصليب ومات عنها ..

اما التعب واوجاع الحبل , فعقوبات عرضية ...
ليست هى الاصل , ليست هى العقوبة الاصلية , انما هر لمجرد تذكيرنا كل حين بأننا اخطأنا , وحينئذ تكون للفداء قيمته فى اعيننا . ولهذا استبقى الله تلك العقوبات العرضية لمجرد الذكرى النافعة .. والبعض قد يعفى منها كالاطفال مثلا , ويذكرونها حينما ينضجون
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

كلمة نيافة الأنبا شنودة - أسقف التعليم فى الإجتماع الإسبوعى
بالكاتدرائية الجديدة بالأنبا رويس - الجمعة 12 مارس 1971 م
فى الواقع لم أحضر هذا اليوم لألقى عليكم عظة إنما لأعزيكم فى نياحة أبينا الطوباوى المكرم الأنبا كيرلس السادس
ليس أمراً هيناً على الكنيسة أن تفقد الأب الأكبر لها الذى تسميه الكنيسة بألقاب عديدة فنقول فيها أنه أب الاباء .. وراعى الرعاة .. ورئيس الالكهنة .. ورئيس الأساقفة ,, ورئيس المجمع المقدس .. وخليفة الرب ونائبة على الأرض .. وثالث عشر الرسل .. وليس هيناً أن تودع الكنيسة شخصاً كبيراً من هذاالنوع فى صمت وهدوء البابا فى الكنيسة هو أكبر شخصية تذكرة فى صلواتها فى رفع بخور عشية وباكر والقداس والألحان الكنسية والتسابيح بل حتى أثناء تقديس الأسرار الإلهية عند تقديم الحمل , فى كل وقت البابا يشغل الكنيسة وتنشغل به طالبة من الرب له حياة مديدة وأزمنة سالمة هادئة وأن يحفظة لنا , هذا من ناحية الشعب وتذكار الكنيسة له .
أما من ناحية البابا كيرلس بالذات فقد كانت له فى الكنيسة مكانة خاصة , بدأ حياته الرهبانية كراهب صادق الرهبنة ترهب وهو صغير ثم عكف على الوحدة , ثم سكن فى مغارة قرب دير البراموس وأنا زرتها بنفسى , ثم أنتقل إلى طاحونة قرب مصر القديمة وتعبد فيها سنوات طويلة ثم توحد فى كنيسة خاصة به بناها بنفسه وأشرف على الفعلة بنفسه وعاش فيها متوحداً حتى أن السنوات الطويلة من سنة 1944 م إلى 1959 م لا أذكر أنه خرج من ذلك المكان إلا لكى يعمل عملية جراحية فى وقت ما حتى لقب بالقمص مينا المتوحد , وفى وحدته كان رجل صلاة ربما حوالى 35 عاماً من الزمان كان يقيم قداساً كل يوم , لم ينقطع يوما ما عن القداسات طول هذه المدة , وكانت صلواته تخجل الناس , رجل كبير فى السن فوق الستين أو قارب السبعين يصحو كل يوم حوالى الساعة الرابعة صباحاً ليصلى , كانت الكنيسة جزء من حياته , وكانت القداسات تجرى فى عروقة مثل دمه تماما وكانت التسابيح والصلوات شيئاً طبيعياً بالنسبة له ولم يكن يجد غضاضة فى أن يقف مع احد المرتلين يرابعة التسبحة , وكان يتعجب إذا وجد كاهناً يصلى من الخولاجى حتى أن جميع صلوات القسمة وهى عديدة كان يحفظها تماماً .
لعله درس كبير لنا فى المواظبة على القداسات والتبكير للكنيسة والإلتصاق بها وحفظ الصلوات والتسابيح والألحان والمدائح , وله فى الرهبنة صلات ودروس وتجارب كثيرة , له صلة بدير البراموس العامر حيث ترهب هناك , وله صلة بدير السريان العامر حيث أرسل كثير من ابناءه ليتعبدوا به , له صلة بدير مار مينا الذى عمره وترهب بأسمه ولقد ترك فى نفسه أثراً كبيراً يعطينا فكرة عن كيف أننا أسمينا أولادنا بأسماء القديسين تتعلق نفوسهم به وبأعمالهم , وقد أهتم بدير مار مينا كثيراً قبل أن يصير خليفة لمار مرقس الرسول , وكان يريد من مصلحة الآثار أن تترك له هذا المكان ألثرى ليبنى فيه ولو قلاية بسيطة , وأشترى خمسين فداناً وبنى كنيسة ومغارة وقلالى للرهبان وسوراً كبيراً يحيط بها وبيتاً للضيافة أو الخلوة , وكان يحب دير مار مينا ويسافر إليه ويقضى فيه شهوراً طويلة وكان يود لو أنه أيضاً دفن فيه , كان يحب الهدوء والبعد عن الضوضاء , ومشاكل القاهرة ومن حبه لهذا الدير كان يود لو بنيت مذابح فى كل كنيسة بإسم مار مينا , ورسم أحد المطارنة بأسم مار مينا وتلميذه الخاص باسم الراهب مينا وعمر ذلك الدير , ولأول مرة نجد راهباً يحمل إسم مار مينا , وكان يعيد فى كل سنة فى عيده , ويفرح بالذين يشتركون فيه , وإستطاع أن يجعل إسمه محفوراً فى قلوب أبناء هذا الجيل .
لا أدرى عندما تصعد روحه ليلتقى به فى ألبدية كيف سيكون لقاؤهما ؟ لهذا اقول لكم أنكم سميتم أبناءكم باسماء القديسين لتركت فى نفوسهم آثار كبيرة مثلما أحب البابا كيرلس إسمه القديم " الراهب مينا" وإلتصق به كثيراً.
كان البابا محباً للتعمير والبناء فقد بنيت فى عصره فى القاهرة أكثر من 31 كنيسة وفى الإسكندرية 9 كنائس إن كنيسة المستشفى القبطى بالقاهرة وبالإسكندرية تعتبر مبدأ عظيماً , لا يوجد أحوج إلى التناول والصلوات من المرضى وذويهم , وليت هذا المبدأ يعمم فى بلادنا المريض يكون قريباً جداً إلى الرب ومستعداً للتوبة أكثر من أى إنسان آخر , لذلك عندما أتكلم عن هذا الأمر إنما تعجبنى الفكرة فى حد ذاتها حتى لو كانت هذه الكنيسة غرفة أو قاعة صغيرة , يكفى المذبح والكاهن داخل المستشفى , وأعجبنى وجود كنيسة فى كلية البنات القبطية , شئ جميل أن توجد كنيسة فى مدرسة لكى يبدأ الطلبة اليوم الدراسى بالصلاة , ويشعرون بأنهم فى رحاب الكنيسة والواقع أنها إمتداد لأفكار آبائنا القدامى , فالكنيسة والمدرسة يغذيان الروح والعقل معاً , وأعجبنى أيضاً أن توجد كنيسة فى قاعة مثل قاعة إبراهيم لوقا بمصر الجديدة لماذا لا توجد كنيسة فى كل مستشفى ومدرسة وقاعة ؟
وأيضاً جميل أن توجد فى بيت مدارس الأحد وفى جمعية الإخلاص , كل هذه الأمور تظهر أن الكنائس ليست مجرد أبنية إنما لها أهداف روحية , وجميل أيضاً أن توجد فى اماكن مهجورة مثل حى القصيرين أو الزاوية الحمراء , ناس مجهولين لا يجدون أحداً يزورهم , وكان كثيرون من طلبة الإكليريكية يذهبون إليها للخدمة والوعظ وكنيسة الساحل وأرض الشركة .
هذه المحبة للتعمير لم تشمل الكنائس فقط إنما الآثار فقد كون لجنة للبحث عن كنيسة أتريب ولها وضع كبير فى تاريخ الكنيسة والنبوات المقبلة , وهذا الموضوع طويل , وقد تعاونت هذه اللجنة مع البعثة الهولندية هناك , ولا ننسى أنه تمت فى عهده أبنية الكلية الإكليريكية مثل مبنى كلية اللاهوت سنة 62 م ومبنى الداخلية للطلبة المجاور لها , وأيضاً معهد ديدموس للعرفاء , وإن كان ازيل حالياً لبناء الكاتدرائية , وكان محباً للتعمير حتى نياحته , ففى نفس اليوم الذى تنيح فيه بدأ تعمير مقبرة البطاركة التى تحت المذبح مباشرة وكان أول بطرك يدفن فيها .
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

ومحبته للتعمير لم تكن فقط للأبنية المادية إنما للبناء الروحى أيضاً ففى عهده وصل نشاط الكنيسة لأماكن بعيدة ما كنا نظن أنه يصل إليها , فأصبح لنا كاهناً فى كندا القس ماركوس إلياس فى تورنتو , والقس رفائيل يونان بمنتريال وكلاهما من أساتذة الكلية ألإكليريكية ثم رسم القس مينا لبيب لسدنى وآخر لملبورن بأستراليا , ثم رسم القس غبريال أمين للولايات المتحدة وأرسل إليها القسيسين بيشوى كامل وتادرس يعقوب وكان يشرع فى رسامة آخرين لإنجلترا وأوربا , وإهتم أيضاً بالكرازة فى أفريقيا , وأرسل لها مقدمات كثيرة من قبل وأرسل أولاً القس مكاريوس (الأنبا اثناسيوس حالياً) والقمص شنودة السريانى والقمص باخوم المحرقى (الأنبا أغريغوريوس حالياً) وكاهن كنيسة الزمالك , وأنطونيوس السريانى , وأرسل بعثات من العلمانيين .. الدكتور زاهر رياض وغيره من أساتذة الكلية للإتفاق على إقامة معهد كرازى بالقاهرة فى كرتسا واخرج هذا المركز مجموعة من الكارزين يكرزون حالياً بالسودان ويعمدون كثيرين بإسم المسيح إلى يومنا هذا , كان إهتمامه كبيراً بأفريقيا والكويت أيضاً حيث أرسل إليها القمص ميخائيل المحرقى (أنبا مكسيموس حاليا) والقمص تيموثاوس المقارى الذى ما زال هناك.
وإهتم أيضاً بالكنيسة فى أثيوبيا وصدقونى إن العلاقات مع الكنيسة فى أثيوبيا كانت تتركز كثيراً على المحبة ألكبيرة القائمة بين قداسته وجلالة الإمبراطور هيلاسيلاسى وكانت هذه المحبة هى السور الكبير الذى يحفظ العلاقة بين الكنيستين , ومن أول سيامته وهو يهتم بها , ففى يوليو عام 1962 م رسم جاثليق أثيوبيا أبونا باسيليوس (ولقب أبونا بأنب عندنا يطلق على رؤسائهم) , وزار بنفسه أثيوبيا وكان الإمبراطور قد زاره أثناء سيامة الجاثليق وقلده وشاح سليمان الأكبر , وقلد كثيراً من الآباء قلائد وأوسمة , وبمجرد وصول قداسته أثيوبيا عام 1965 م وكان مريضاً طلب البدء بإقامة القداس بكاتدرائية الثالوث الأقدس , وسنة 1962 م زار كثير من مقاطعات , وزار دير القديس تكلا هيمانوت رئيس الرهبنة الحبشية وغيره من ألماكن , وإشترك فى الإحتفال الثلاثينى بتنصيب الإمبراطور , وسنة 1965 م رأس مجلس الكنائس الأرثوذكسية الشرقية هناك , وإستقبل بحفاوة كبيرة وتنازل له الإمبراطور عن قصره ليقيم به أثناء الزيارة وكانا أسداه طليقين , وعندى فى قلايتى الخاصة صورة لقداسة البابا وهو يداعب أحد هذه الأسود , وكان جلالة الإمبراطور يقول لقداسته أننى أننى مستعد أن ابنى لك هنا قصراً لتزورنى كل عام , وعندما كان يقدم الهدايا للآباء المجتمعين بالمجلس كان ينسبها إلى قداسته لا إلى شخصه بإعتباره صاحب المكان , وكان يستقبله إستقبال الملوك وتطلق له المدافع 21 طلقة , وألأثيوبيين يحبون خليفة مار مرقس ويسمون كنيستهم الكنيسة القبطية , وكانت لفتة جميلة أن يزور أثيوبيا مرتين , وكان جلالة الإمبراطور بمجرد وصوله إلى القاهرة يزروه ويأخذ بركته .
ولم يقتصر ألمر على هذه العلاقات بأفريقيا وأمريكا وأستراليا وآسيا وإنما أيضاً كان له إتجاه فى العلاقات المسكونية العامة , وقد زاره فى مصر كثير من رؤساء الكنائس العالمية مع انه لم يزر أحد منهم , زاره البطريرك اثيناغورس رئيس الكنيسة اليونانية , وبطريرك موسكو ألكسيس , ومكاريوس أسقف قبرص , وبطريرك بلغاريا ورومانيا وفنلندا , ومن الكنائس الشقيقة بطريرك الأرمن , ومار أغنوطيوس يعقوب بطريرك السريان ورؤساء البروتستانت والمسئولين فى مجلس الكنائس العالمى وكثيراً من كرادلة الكاثوليك منهم رئيس أساقفة فينا , ولقد وجدنا هذا افرتباط الكبير مع كنائس العالم ظاهراً فى حفل مار مرقس الرسول وحفل بناء هذه الكاتدرائية حيث تبرعت كثير من الكنائس بمستلزماتها , ولا ننسى من كان يوفدهم فى بعثات لحضور المؤتمرات الكنسية العالمية ومن أوفدهم لحضور إجتماعات مجمع الفاتيكان الثانى لسنوات طويلة .
ولا ننسى الجهود الجبارة التى قام بها من الناحية الوطنية مما جعله موضع ثقة وثناء الرؤساء , كان الرئيس جمال عبد الناصر يحبه محبة خاصة ويكرمه إكراماً كبيراً ويثق به وبوطنيته , والرئيس أنور السادات تكلم عنه كلاماً فى منتهى الجمال وأشاد بمثاليته فى الوطنية وقال عنه : كنت أعز هذا الرجل إعزازاً خاصاً وقال إنه : "بلدياتى" وقال إنه كان رجلاً محباً واعياً بكل ما يحيط بالبلد من احداث ولا يفتأ أن يوجه الأقباط فى نصرة وطنهم , وتحركت الدولة كلها أثناء مرضه .. رءيس الدولة والمسئولون فى الإتحاد الإشتراكى (الحزب الحاكم) والوزراء جميعهم .
وكان لقداسته إلى جوار هذا كله صفاته الفاضلة فى حياته الخاصة , وكان رجلاً يتميز إلى جوار الحزم وقوة الشخصية بالبساطة وكان رجلاً لطيفاً , وكانت له أبتسامة رقيقة جميلة تؤثر فى كل من يزوره وكان يتبسط كثيراً مع الناس , ولعله أول بابا فى جيله يفتح بابه على مصراعيه لكل صغير وكبير رجلاً كان أو أمرأة .
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

مع الناس , ولعله أول بابا فى جيله يفتح بابه على مصراعيه لكل صغير وكبير رجلاً كان أو أمرأة .
أتذكر منظراً مؤثراً فى سنة 1959 م , وكنت فى ذلك الحين سكرتيراً له , وكان يصلى صلاة عشية وبينما كان يصرف الشعب وجدت رجلاً بسيطاًَ أمسك يده بقوة وشدها بعنف ووضعها على صدره وقال بإيمان عجيب : " أنا عيان إرشمنى هنا "
كان كل صاحب مشكلة يذهب إليه ويدعو لكل واحد ويتكلم مع كل واحد وفى أيام الإمتحانات كان الطلبة بالألاف يأتون إليه يطلبون صلواته وهو يدعو ويصلى للكل , وكان مجهوداً جباراً لا يستطيع من فى سنه أن يحتمل مثله .
ولعله بسببه كان هذا المرض الأخير .. رحمه الرب , وكان رجلاً صامتاً يسمع كثيراً أكثر مما يتكلم وكان فى صلواته كثير البكاء , كثير من الناس الذين لهم قوة شخصية تكون دموعهم عزيزة أما هو فكان البكاء قريباً منه , وكانت له ذاكرة فى منتهى القوة يحفظ الأحداث القديمة ويحفظ أسماء لا حصر لها ويكلم الناس بروح مرحة , وكان رجلاً كنسياً وطقسياً وشعبياً وملازماً للكنيسة , كانت فيه صفات عديدة رحمة الرب رحمة واسعة
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

كلمة قداسة البابا شنودة الثالث
فى الذكرى الأولى لنياحة البابا كيرلس السادس
لقد مضى عام على نياحة البابا كيرلس السادس , وليست ادرى كيف أمضى هذا العام على ألألاف والملايين من محبيه , الذين لم يكن فى استطاعتهم أن ينسوا بركاته كل يوم , والذين كان صعباً عليهم أن يحرموا من شخصيته ومحبته وصلواته وقداساته .
ونحن بعد هذا العام نقف لنلقى كلمة وفاء بسيطة , ومهما كانت هذه الكلمة , فلا يمكن أن تفى أو ترتفع إلى المقام العظيم الذى يجلس فيه البابا كيرلس السادس .
إن البابا كيرلس , نيح الرب نفسه فى فردوس النعيم , أمضى حوالى 40 عاماً فى خدمة الكهنوت , وفى خلال تلك الفترة , حرص فى كل يوم أن يقيم القداس الإلهى .
لقد كان يحلو له أن يصلى جميع الصلوات , ويترنم بألحان التسبحة , ويصلى المزامير , ولا يوجد فى تاريخ الكنيسة كله إنسان مثل البابا كيرلس السادس , إستطاع أن يقيم مثل هذه القداسات , لقد حاولت ان احصى عدد القداسات التى أقامها فى حياته , فوجدت أنه صلى ما يزيد عن 12000 قداس ( بإستثناء الخمس سنين الخيرة التى مرض فيها ) وهذا أمر لم يحدث فى تاريخ أى بابا من باباوات الإسكندرية أو العالم أو الرهبان .
وكان يجد تعزية فى صلوات القداس , ولذة روحية فى صلوات التسبحة , وكل الذين يعرفونه شاهدوه ينزل من المقر الباباوى فى الثالثة صباحاً , ويصلى صلاة نصف الليل , ويرتل التسبحة بنفسه مع المرتلين فى الكنيسة , ثم يصلى القداس , ويخرج فى السادسة صباحاً قبل أن يصحو الناس .. كان عجيباً فى صلواته , وكانت الصلوات تتبعه فى كل مكان .
ومن محبته فى الصلاة إختار حياة الوحدة , فعاش متوحداً مدة طويلة , وتتلمذ على أكبر أستاذ كتب فى الوحدة فى تاريخ الرهبنة وهو القديس مار أسحق - لقد قرأت مئات الكتب النسكية , فلم أجد أعظم من كتابات مار أسحق عن حياة الوحدة والسكون .
ولقد كان البابا كيرلس يحب مار أسحق , ويقرأ كلماته ويحفظ الكثير منها , ونسخ بنفسه كتاب مار أسحق على ضوء شمعة فى مغارته وعلى لمبة من الغاز .
عاش فى وحدة فى مغارة قرب دير البراموس , يسهر الليالى فى قراءة أقوال الاباء , ويصلى فى الفجر ويقيم القداسات , وعاش فى طاحونة قرب مصر القديمة , ثم فى الكنيسة التى بناها بنفسه فى مصر القديمة , ولم يخرج من بابها إلا للضرورة القصوى , و‘ندما اعتلى كرسى مار مرقس , لم تتركه حياة الوحدة , بل كثيراً ما كان يذهب إلى دير مار مينا بصحراء مريوط .. وكان يريد أن يمتلئ من ثمار الوحدة لنفسه .
الوحدة كما تعلمها البابا كيرلس من مار أسحق , هى الإنسلاخ من الكل للإرتباط بالواحد .. لذلك كان كثير الصلوات , حتى فى اثناء وجوده وكلامه مع الناس .. كان صموتاً لا يتكلم كثيراً , لكى يعطى نفسه فرصة التأمل والصلاة , وكان أيضاً يعهد إلى الرب بمشاكلة , ويرى أن القداسات والصلوات هى التى تحل له المشاكل وليست المجهودات البشرية , وكلما كانت تحيط به الضيقات , يلجأ للوحدة والصلوات والقداسات , شاعراً أن معونة الرب هى أكبر من كل معونة بشرية , لقد اعطانا مثلاً كبيراً فى حياة التأمل والخدمة , مع أن جميعها ليس بالأمر الهين السهل , فقد كان يخدم الكنيسة بأقصى ما يستطيع , ومن جهة أخرى , يختلى بنفسه , ويأخذ من التأمل والوحدة على قدر ما تعطيه إمكانياته .




 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

عاش كمرشد روحى للكثيرين فترة طويلة , وقبل أن يصير بابا الكرازة المرقسية كان ابا فى الإعتراف لمئات من طالبى إرشاده الروحى , وقد عرفت قداسته فى سنة 1948 م حينما كنت أتردد على كنيسته فى مصر القديمة , وإنتهى بى الأمر إلى أن سكنت هناك أتمتع بقداسته وصلواته ورعايته وإرشاده بقداساته وصلواته ورعايته وإرشاده فى ذلك الجو الجميل فى كنيسة مار مينا بمصر القديمة , كان كل زائر للكنيسة يذهب إلى القمص مينا المتوحد لكى يأخذ منه بركة وقوة وإيمان , وكنت فى زياراتى للدير فى وادى النطرون أرجع مباشرة إليه , فيسألنى عن الرهبان واحداً واحداً , لأنه يعرفهم باسمائهم , ويطمئن على كل واحد منهم , وكنا فى دير السريان نعتبر أنفسنا أبناء له , وكنا نذهب إليه فى أوقات متفرقة ونسترشد برأيه , وعندما ترك دير البراموس وذهب إلى دير النبا صموئيل , حيث عين رئيساً له , عمره وبنى القلالى المتهدمة فيه , كان محباً للأديرة , فرعى دير السريان , ودير البراموس , ودير الأنبا صموئيل , وبنى دير مار مينا , وبسط محبته على باقى الديرة .
كان البابا كيرلس رجلاً تتمثل فيه فضائل عديدة , فقد كان إنسانا بسيطاً هادئاً , وكان حكيماً عميقاً فى التفكير , كان يتميز أيضاً بالبكاء فى صلاته وفى قداساته , بل أننى أذكر أنه عندما وقعت القرعة الهيكلية على قداسته ليكون بطريركاً , جاء لزيارة وادى النطرون , وعندما اتى إلى دير السريان , طلب منى إلقاء كلمة للأب المختار للباباوية , فتكلمت قليلاً , وإذا به يمسك منديله ويمسح عينيه من الدموع , وتأثرت كثيراً ببكائة أمام جميع الناس .
كان طيب القلب , وإذا غضب أو تضايق , وظن الناس أنه فى ثورة كبيرة تجده للوقت يبتسم , أقل كلمة ترضيه وترجع الإبتسامة إلى وجهه ز
كان الناس يعجبون من صفحة وهدوئه وطيبة قلبه , وكانت له ايتسامة رقيقة يشرق معها وجهه كله , ويشعر الناظر إلى عينية أنه امام أنسان بسيط وليس أمام شيخ فى حوالى العقد السابع من عمره , لذلك كان محبوباً من الكل وله شعبية كبيرة .. حتى أن ألاف الطلبة كانوا يأتون فى ايام الإمتحانات يلتمسون بركته وصلواته , إستطاع فى فترة بسيطة أن تكون له شعبية فوق العادة , فعندما تذهب إلى البطريركية تجدها مزدحمة بالناس .. الكل يأتون إليه طالبين الصلوات أو البركات أو حل المشكلات , كثيرون لم يأتوا إليه لكى يعطيهم آراء عميقة أو صلاة طويلة , وإنما يكفيهم أن يقول لهم كلمة : " إن شاء الهنا يحلها " وهذا يقنعهم أكثر من ألاف الآراء المقنعة .

 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

لذلك عنما تنيح البابا , تعطلت الشوارع المحيطة بالبطريركية من كثرة الناس الذين اتو لألقاء النظرة الأخيرة عليه , عشرات الألوف سدوا كل الطرق حتى أن رجال البوليس يذلو مجهوداً كبيراً يشكرون عليه من السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءاً والوفود لا تنقطع , الكل يريد أن يأخذ بركة البابا الراحل , وكان يوم الصلاة على جثمانه الطاهر يوماً عجيباً فى إزدحام الناس .
كان أول بابا فى جيلنا الحاضر فتح بابه لكل إنسان , كل فرد كان يستطيع أن يجلس معه ويكلمه بلا مانع ولا عائق , وهكذا إستطاع بشعبيته وبمقابلته لكل واحد أن يقضى على فكرة حاشية البطريرك , لأن كل أنسان يستطيع أن يعطيه المعلومات اللازمة فى أذنه مباشرة , فيعرف حقائق الأمور بطريق مباشر وليس عن طريق آخر , ولذلك كان يعرف تفاصيل التفاصيل فى كنيستنا المقدسة .
لقد تميز بذاكرة قوية يندر أن يتمتع بها غيرة , ذاكرة تستطيع أن تلم بأشياء يعسر على عقل بشرى عادى أن يلم بها , فكان يعرف كل الخدام ومشاكلهم فى دقة عجيبة , ويذكر كل الذين يقابلونه بأسمائهم , ويسلم على الشخص فيسأله عن حاله بطريقه وثيقة ويشعره بأبوته وإهتمامه بشخصة وبأن له مركزاً خاصاً فى عقل الرجل وقلبه , وكان عجيباً فى هذه الذاكرة , وإهتمامه بكل واحد جعله لا يعطى راحة لجسدة وفكرة , ولذلك ما أن مرت عليه 8 سنوات فى البطريركية , إلا وتكاثرت عليه ألمراض , ولم يعد الجسد قوياً كما كان فى أول عهدة , فالنير الشديد الذى تحمله البابا كان عظيماً وسط تجارب متنوعة وضيقات كثيرة .. أمراض كان يحتملها فى صمت عجيب دون أن يشكو لأحد .. كان المرض يهزة هزات قد تقلق راحة الأطباء المعالجين لقداستة , ومع ذلك لم يتكلم .. وإذا سأله أحد عن صحته قال وهو يبتسم : " الحمد لربنا .. كويس " وكان يؤمن بأن الرب يستطيع ان يتدخل أكثر من الأطباء ويشفى أكثر من الدواء , فى فترات مرضه , كان يحرص أن يسمع القداس الإلهى , لذلك أمر أن توضع سماعة فى حجرته الهاصة تنقل إليه صلوات الكنيسة يومياً .
لم يكن يستخدم كتاباً فى قداساته وصلواته فى كافة المناسبات , لذلك كان يصلى من قلبه , وأعترف أنه يعتبر أستاذاً فى الطقوس الكنسية فى جيلنا الحاضر , وأنتم تعلمون أن طقوس الكنيسة تؤخذ بالتسليم , وكان خبيراً بالكنيسة وطقوسها خبرة عجيبة , وكان قوى الشخصية , وله هيبة عند كثيرين .. وكان وقاره يطغى على الذين يقابلونه كما تطغى عليهم محبته , كان قوى الإرادة عنيفاً متمسكاً فيما أعتنقه ولا يمكن أن يتزعزع , بل راسخا ثابتاً كأنه جبل من الجبال , لا تؤثر فيه ألحداث ولا المقاومات , وإنما يكفى أن يكون مقتنعاً بفكرته , وإستطاع أن ينجح فى كل الأمور التى أمسكتها يداه , وكل الذين وقفوا ضده فى طريقة لم ينجح منهم أحد , كان إنساناً جمع بين الوداعة والقوة , والبساطة والحكمة , والبكاء والحزم , جمع بين امور كثيرة قد يظن الناس أن بين بعضها والبعض الآخر شيئاً من التناقض .
كان البابا كيرلس رجل تعمير فى كل مكان حل فيه , ففى طاحونة الهواء فى مصر القديمة , بنى فيها حاجزاً ومذبحاً , ومهد المكان ليعد فيه , ففى الطاحونة الهواء فى مصر القديمة , بنى فيها حاجزاً ومذبحاً , ومهد المكان ليعد فيه كنيسة صغيرة لحياته الخاصة , وكان يقيم القداس يومياً , ويأتى إليه أحد الشمامسة فى الرابعة صباحاً فى ذلك المكان النائى لكى يشترك معه فى خدمة القداس , وهذا دليل على محبة الناس له .
وعندما ذهب إلى مصر القديمة , بنى هناك كنيسة وبيوتاً وعمر المكان , وأوجد هذه الفكرة الجميلة لرعاية الطلبة الجامعيين فى حضن الكنيسة , فالطالب يحضر القداس اليومى يكون تحت إشراف الراهب ورعايته ويأخذ أعترافه ويوجهه إلى طريق الرب , وتعميره لهذا المكان سبب تعمير المنطقة كلها فإننى أتذكر , عندما كنت ساكناً هناك كانت المنطقة كلها مزارع , وبإنشاء هذه الكنيسة , تشجع كل واحد وأشترى قطعة أرض وبناها سكناً لنفسه وعمر المكان , وصار هذا المكان يشع بالروحانية وله طابع خاص .

يتبعـــ
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

وعندما رسم بطريركا إهتم أيضاً بالتعمير , فبنى هذه الكاتدرائية الضخمة التى نقف فيها ألان , بنى الكلية الإكليريكية ومنزل الطلبة الملحق بها , وبنى المطبعة , ورمم الكنيسة المرقسية الكبرى , وبنى فى عهدة عشرات الكنائس الجديدة وبنى دير مار مينا فى صحراء مريوط , وإنتهى من بناء كنيسة متوسطة الحجم وقلالى للرهبان وإستراحة للضيوف , ووضع أساسا لكاتدرائية ضخمة , وكنت أراه بنفسى فى كنيسة مار مينا يقف وسط العمال ويشرف على البناء بنفسه , ويكاد يكون كل مكان من تخطيطه ومن رسمه وإرشاده كشخص خبير فى البناء , كان شعلة من النشاط لا يهدأ , ولا يعطى راحة لنفسه , وكان كثيرون ينصحونه بأن يستريح أو أن يخفف من العمل , ولكنه فى عمق مرضه كان يسأل عن الكنيسة وعن أخبارها , وهكذا قضى الفترة التى تصل إلى حوالى 12 سنة وكأنها جيل كبير مملوء بصالح الأعمال , وبالمفاهيم الصالحة .
ونشر الكرازة فى خارج القطر , سيكتب فى تاريخ الكنيسة القبطية أن أول كنيسة بنيت فى أستراليا وفى كندا وفى الولايات المتحدة والكويت ولبنان وغيرها كانت فى عهده .
كان رجلاً يشجع كل خادم يريد أن يخدم , ومحباً للعلم , وعندما كان راهباً فى دير البراموس , أصدر مجلة أسمها "ميناء الخلاص" , وفى عهد باباويته أنشأ فكرة المطبعة , وعندما يبنى لها مكان خاص وتؤدى رسالتها فى خدمة الكنيسة , سيذكر الجميع فضل البابا كيرلس فى إنشائها , ومهما تحدثنا عن حياة البابا كيرلس , لا نستطيع أن نحصر الأعمال التى قام بها .
لقد إستطاع أن يقيم أسسا راسخة لبعض المعانى والمفاهيم الكنسية , إنه أول بابا إهتم برسامة أساقفة لا مطارنة , مؤكداً هذه الوظيفة المعروفة من القوانين الكنسية والكتاب المقدس , فى عهد من سبقوه , كانت رتبة ألأسقفية قليلة , والكل مطارنة , أما البابا كيرلس , فقد قدم مفهوماً جديداً لكلمة أسقف .
كما قدم مفهوماً جديداً لتلميذ البابا , فإختار شباباً يتميز بالروحانية , والعلم , والخدمة , ليكونوا تلاميذ له , وكل الذين كانوا له تلاميذ له أصبحوا رهباناً .
ووضع نظاماً جديداً للرعاية فى الكنيسة وهو الأسقفيات المحددة , من قبل , كان يصعب على مطارنة الإيبارشيات الواسعة الإلمام بكل أطرافها , فجاء البابا كيرلس ووزع الأسقفيات على مناطق محددة حتى يتوفر لكل منطقة نصيب من الرعاية .



 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

ومهما تحدثناً , فهناك نقطة أخرى لا ننساها , وهى الأعمال التى قام بها بعد نياحته , وهذا التعبير قد يبدوا غريباً , لقد أعد كل شئ لمشروعات عديدة , وربما تتاح لى الفرصة , بصلواته , أن أقوم بهذه المشروعات , ولكننى أشعر أنه هو الذى قام بها , يذكرنى هذا بقصة داود النبى الذى كان يعرف ان ابنه سليماتن غصن صغير , فأعد كل شئ لبناء الهيكل , وأكمل سليمان بناء الهيكل , وسمى هيكل سليمان , والفضل لداود , هكذا فعل البابا كيرلس الذى أعد كل شئ لمشروعاته العديدة تتم بمشيئة الرب بعد نياحته بمجهوده الخاص , وبإعداده , ويرجع الفضل إليه وحده أولاً وأخيراً , ولعل من بينها دير مار مينا الذى أحبه , وملك عليه عواطفه .
وكان يحب القديس مينا محبة ملأت عليه عواطفه , كان يجد لذه فى ذكر أسم مار مينا , كان بينه وبين مار مينا علاقة شخصية , يشعر أنه يتكلم عن شخص له به علاقة قوية ومحبة , فكثير من الكنائس صار فيها مذابح على أسم مار مينا وكنائس بنيت على أسم مار مينا , كان يتخذه شفيعاً له , ولذلك كان يود فى حياته أن يعيش فى هذا الدير طول عمره , لقد قرأت خطابات منه عندما كان القمص مينا المتوحد يطلب إعداد هذا الدير ليعيش فيه بقية أيام حياته .. وكان البابا كيرلس يحب القديسين والملائكة , وله بالقديسين عموما صلة صداقة , ونحن جميعاً من أبنائه الصغار , نشعر بمقدار الفراغ الكبير الذى تركه فى كنيستنا , ونرجو أن يذكرنا فى صلواته وشفاعته , فهو يستطيع أن يخدم الكنيسة فى مستقرة الحالى أكثر مما كان يخدمها فى الجسد .
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

كلمة قداسة البابا شنودة الثالث لنياحة البابا كيرلس السادس
مرت سنوات منذ أن رحل من عالمنا الفان أبونا وسيدنا وراعينا قداسة البابا كيرلس السادس , ونحن نحتفل اليوم بذكراه وبالأعمال الطيبة التى عملها فى الكنيسة وبكل ما خلفه من عمل صالح سواء فى حياته الولى وهو راهب أو فى حياته الكهنوتية عموماً أو فى حبريته المقدسة كرئيس للكهنة جلس على كرسى مار مرقس حوالى 12 عاماً
لعل الرب يعطينى فرصة أن أكمل هذا الأحتفال بكلمة وفاء منا وحباً لهذا الب الكبير الذى تربينا فى كنفه زمناً , وقد قال الكتاب نكرم آباءنا على الأرض , ونذكر مرشدينا الذين أرشدونا فى طريق الرب .
فى الحقيقة حياة ابينا قداسة البابا كيرلس السادس حياة مملوءة بالعمل والبركة من كل ناحية , ومهما تكلمنا عنها لا نشبع .
وعلاقتى بقداسة البابا كيرلس ترجع إلى سنوات قبل رهبنتى , حينما سكنت عنده فى دير مار مينا بمصر القديمة سنتى 1950 - 1951 م قبل أن أترهبن , وما زلت أذكر غرفتى الخاصة فى هذا المبنى وأود أن أزورها فى وقت من الأوقات .
كان الذاهب لزيارة البابا كيرلس نه لا بد أن يحصل على ألاتى : لابد أن يرفع قداسته يده على رأسه ويصلى له صلاة , وأحياناً يقرأ له التحليل , فكنت فى كل مرة أزوره أشعر أنى لازم آخذ صلاة ولازم أخذ تحليل , كما أن كل واحد بيزوره لازم يأخذ قربانة , وأحياناً يصر أن يقدم له الطعام , فكان كريماً جداً فى مقابلة ضيوفه فى ذلك المكان
كنا نشعر بطيبة الرجل وقلبه المحب , وكانت له ايضاً إبتسامة رقيقة جداً وعذبة تجبر كل أنسان على محبته أمام هذه الإبتسامة الحلوة .
وكانت هذه هى الصلة الأولى والمحبة الأولى التى إستمرت فترة طويلة وإلى الان .
ثم حدث أنى ترهبت فى دير السريان , وحينما صار ابونا مينا المتوحد بطريركاً عينت سكرتيراً له مع أخوتى الباقيين , وكان قداسته إختار اربعة منا عملهم سكرتاريين : الأول هو نيافة الأنبا صموئيل , والثانى نيافة الأنبا دوماديوس , والثالث نيافة الأنبا يوأنس وأخيراً أنا .
وكان أول عمل عهد إلى به قداسة البابا هو وضع طقس الجاثليق - جاثليق أثيوبيا .. وقد أستفدت فى وضع هذا الطقس من المعلومات التى قدمت إلى من نيافة الأنبا غريغوريوس ,من الشماس د / يوسف منصور ووضعنا أيضاً صيغة التعهد الخاص بهذه الرسامة .
وفى فترة وجودى سكرتيراً للبابا كيرلس عيننى أيضاً مندوباً له فى كل اللجان التى شكلها لصالح الكنيسة ,, لجنة للرهبنة حوالى 14 من ألاباء الأساقفة , ولجنة شئون الكنيسة ضمت أيضاً العديد من الآباء الأساقفة , ولجنة القوانين الكنيسة فيها كثير من الآباء الاساقفة وكثير من رجال القانون , كان قداسته يعمل كل ما يستطيع من أجل أن يوفر جواً جديداً للكنيسة .
ولعل من النقط البارزة التى رأيناها فيه كبطريرك مسألة الحاشية , فهو أول بطريرك يهتم بأن تكون له حاشية على مستوى قوى ونظيف من أشخاص مباركين , فكان تلميذه الخاص هو الأخ سليمان الذى أصبح فيما بعد ابونا مينا أمين دير مار مينا وحالياً نيافة الأنبا مينا افامينا أسقف الدير .

وكان البابا كيرلس يحب جداً القديس مار مينا فتسمى فى رهبنته يأسم ابونا مينا المتوحد البراموسى , وبنى كنيسة فى مصر القديمة بأسم القديس مار مينا , وحرص على ان يأتى بعظام أو رفات مار مينا , جزء منها فى كنيسته فى مصر القديمة وجزء منها فى الدير .
ثم حرص أيضاً أن يزور الدير الأثرى القديم , وأن يبنى دير مار مينا فى صحراء مريوط , وإشترى لهذا الدير مائة فدان , وبنى الـ 5 أفدنة الأولى دير مار مينا الحالى .
وكان قداستة يحب هذا الدير كثيراً ويذهب إليه , ويقضى هناك شهوراً فى بعض الأوقات , وكان القديس مار مينا العجائبى شفيعة الأول , وإذا حلت به ضيقة من الضيقات يكون اسم مار مينا هو أول إسم امامه للأستشفاع به .
وأيضاً كتب فى وصيته أن يدفن فى دير مار مينا , ولعله أراد بهذا شيئين : أولاً محبته لهذا القديس العظيم .. وثانياً إحياء هذا الدير وتقويته لأن الألاف من أبنائه الذين يزورون الدير فى زيارات متتابعة لابد يهتمون بمكان يحفظ فيه جثمانه الطاهر .
البابا كيرلس بدأ أولاً حياته كراهب محب للوحدة وظل أسم المتوحد يلصق بإسمه إلى أن رسم بطريركاً .
رسم راهباً فى دير البراموس العامر . ثم أنتقل إلى مغارة قرب دير البراموس , ثم جاء إلى القاهرة بعد متاعب لآقاها مع الرهبان , وسكن فى طاحونة فى الجبل , وكان الناس يقصدونه هناك ويحبون هذا الإنسان المتوحد الذى يعيش فى الطاحونة .
وكان البابا كيرلس رجل صلاة يقيم القداس والعشية كل يوم حتى وهو فى الطاحونة فى الجبل .
يعنى جايز لما بقت له كنيسة وبيت فى مصر القديمة بقت ألمور سهلة , ولكن وهو فى الجبل فى الطاحونة كان المر صعباً , ومع ذلك كان الرب يرسل إليه الشمامسة الذين يخدمون معه فى ذلك المكان القصى وينتفعون ببركته .
وقد أعتدى عليه فى إحدى المرات وهو فى الطاحونة , بعض الناس أفتكروا الراجل المتوحد ده ناس كتير بتزورة ويمكن بيتركوا هدايا وعطايا , وحتى بعد هذا الإعتداء إستمر كما هو فى نفس المكان , وإستمر فى نفس القداسات
فى الحقيقة إذا ما أردنا أن نضع صورة رمزية للبابا كيرلس فأحسن صورة إما صورته تحيط به سحابة من البخور أو صورته وهو إلى جوار المذبح , لأن البخور كان دائماً فى حياته , كل يوم عشية بالليل وقداس بالصبح , رفع بخور عشية ورفع بخور باكر , وقداس فى كل يوم .


فهو لم يبتعد عن المذابح والبخور طوال أيام حياته إلا فى فترة مرضه الأخيرة حينما صحتة لم تعد تساعدة .
وحينما كان تحيط به مشكلة كان يلجأ إلى المذبح وإلى القداس , وهكذا كانت حياته فى المشاكل لا يتكلم كثيراً مع الناس وإنما يكلم الرب فى القداس .
وكان بسيطاً .. صفة البساطة صفة جميلة تعطيه كثيراً من نقاوة القلب .. عاش راهباً .. عاش متوحداً .. عاش رئيساً لدير الأنبا صموئيل , عاش أيضاً فى حياة الخدمة وهو راهب , فقد خدم فى أنواع الخدمات التى كانت تقدم من كنيسة مار مينا فى مصر القديمة .
وكان صحفياً أيضاً .. أول صحيفة عملها هو نشرة ميناء الخلاص , وقبل إنتقاله كان فى سبيل إصدار جريدة الضياء , وإن لم تصدر .
وكان رجل ألحان وتسبحة فكان يحفظ القداس عن ظهر قلب , ولم يكن يحب أن يوضع خلاجى على المذبح .
طبعاً قداسة البابا كيرلس لو أحصينا عدد القداسات التى اقامها فى حياته ستكون رقماً خيالياً , ففى كل سنة يصلى حوالى 360 قداساً , يعنى من أول ما أترسم قسيس وطول مدة وجوده كبطريرك صلى ألآف مؤلفة من القداسات , وبالطبع لم يكن محتاجاً لخولاجى أو إبصلمودية أو لأى كتاب من هذه الكتب .
فى حياته كبطريرك نذكر له عدة اشياء عديدة جداً , لعل أول شئ نذكره فى هذا المكان أنه بنى لنا هذه الكاتدرائية التى نجتمع فيها ألان , فى كل مرة ندخل الكاتدرائية نذكر هذا البابا الذى بناها , والحقيقة بناء الكاتدرائية كان شيئاً عجيباً , فكيف يتصور الإنسان أن تتم هذه الأساسات والهيكل الخرسانى فى حوالى 10 شهور , طبعاً رقم خيالى .
القداس الأول الذى أقيم بالكاتدرائية فى شهر يونية سنة 1968 م والذى صلى فيه كثير من ممثلى الكنائس الأرثوذكسية كل واحد بلغته كان مظهراً عجيباً بهذا المجمع المسكونى .
أرض الأنبا رويس قبل عهد البابا كيرلس كانت خلاء لا يوجد فيها سوى المبنى الكبير , أما فى عهده فقد بنيت الكاتدرائية الكبرى ومبنى الإكليريكية , كما بنى أيضاً مبنى الداخلية الخاص بمبيت طلبة الإكليريكية , وحالياً يبيت فيه كثير من ألاباء الأساقفة , وفى أيامنا بنى المقر الباباوى الجديد والميانى المحيطة بالمنارة , لقد تحول هذا المكان الذى كان خلاء ويسكنه عربان فى عشش إلى قلب الكنيسة النابض بأنواع متعددة من الأنشطة , البابا كيرلس كانت له موهبة التعمير , فكما بنى الكاتدرائية ينى أيضاً كنيسة مار مينا فى مصر القديمة , وبنى حولها بيتاً للطلبة المغتربين .
كان المغتربون يجدون عنده المكان المريح والأبوة الحانية والكرم والمعاملة الطيبة والقداسات اليومية والصلوات الليلية , ويعيشون كأنهم فى دير , أو قل كان اول بيت للمغتربين فى دير تحت رعاية أب روحى بهذا الشكل .
عهد البابا كيرلس السادس يتميز ايضاً بمعجزة ظهور العذراء فى الزيتون وما صاحبها من نهضة روحية عجيبة رن صداها فى الخارج , وألفت كتب بالإنجليزية والفرنسية فى كثير من البلاد الغربية , كما تابعت الحدث الجرائد الشرقية والعربية والأجنبية , وكانت مثار حديث عجيب فى كل مكان , وكان الظهور بركة لهذا الجيل .
البركة الأخرى رجوع رفات مار مرقس نتيجة التقارب فى العلاقات المسكونية بيننا وبين كنيسة روما , ولولا هذه المحبة ما كان فى الإمكان أن يعود جزء من رفات مار مرقس لكى يوجد هنا .
كما عاد رفات القديس أثناسيوس الرسولى , وأصبحت هذه الكاتدرائية تضم هاذين الكنزين .
من مميزات عصر البابا كيرلس السادس أيضاً علاقته بأثيوبيا حيث كانت تربطه بالإمبراطور هيلاسيلاسى محبة كبيرة .
أتذكر أننى حينما زرت الإمبراطور هيلاسيلاسى حدثنى فى أحاديثة الخاصة عن محبته الكبيرة للبابا كيرلس , وقال بالحرف الواحد : " أنا كنت معاه أشعر أننى طفل صغير مع اب كبير"
والإمبراطور فى محبته للبابا كيرلس زار مصر فى حبريته خمس مرات , وكان يزور الكاتدرائية ويحضر القداس ويتناول , وكانت العلاقات بين الدولتين تتوطد نتيجة لهذه العلاقات الطيبة .
أول زيارة للإمبراطور هيلاسيلاسى فى عهد البابا كيرلس كانت فى 28 يونيو سنة 1959 م حينما رسم أول جاثليق لأثيوبيا , وكان إحتفالاً دينياً مهيباً رقى فيه المطران باسيليوس لرتبه البطريرك جاثليق , ثم دعى البابا لزيارة أثيوبيا , وزارها زيارتين :
يتبعـــ
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

الزيارة الأولى :
كانت فى 26 10/ 1960 م وأنتهز البابا هذه الزيارة فإحتفل إحتفالاً كنسياً بالعيد الثلاثينى لتنصيب الإمبراطور هيلاسيلاسى على عرش أثيوبيا , وكان ذلك فى 2 نوفمبر حيث أقام قداساً خاصاً تناول فيه الإمبراطور , ورجع البابا من هذه الرحلة فى 7 نوفمبر .
وكانت فرصة زار فيها جميع أديرة اثيوبيا التى أستطاع أن يزورها , طبعاًُ مش الكل لأن اثيوبيا فيها مئات ألديرة , وقد ذكرتهم فى الزيارة السابقة للبابا يؤأنس والتى مسح فيها ولى العهد أمبراطوراً , وذلك أن الكنيسة كانت تمسح الملك بالزيت المقدس فيصبح الإمبراطور ممسوحاً بالزيت المقدس بواسطة بابا الإسكندرية تماماً كما مسح صموئيل ملكاً فى العهد القديم , وكانت تجرى هذه العادة لأن الإمبراطور هيلاسيلاسى ينتسب إلى نسل داود وتوطدت العلاقة جداً , وكان ذلك تمهيداً لأنعقاد مؤتمر أديس أبابا سنة 1965 م , وسافر البابا كيرلس لأثيوبيا وأستقبل هناك كرئيس دولة , وضربت له المدفعية 21 طلقة , والجيش أستقبله بالتحية , والإمبراطور أسكنه فى مسكنه الخاص .
وفى مؤتمر أديس أبابا أعطى افمبراطور أوسمة لجميع رؤساء الكنائس ما عدا البابا كيرلس لأنه كان قد تلقى من قبل أكبر وسام فى اثيوبيا , ولا يوجد وسام اكبر منه يمكن ان يعطيه الإمبراطور إليه .. ويومها قال الإمبراطور لرؤساء الكنائس : " أعتبروا انكم أخذتم هذه الأوسمة من يد قداسة البابا كيرلس السادس " .. وعاش فى تلك الزيارة فى محبة إخوتنا الأثيوبيين وفى حراسة الأسود فى مقر الأسد الخارج من سبط يهوذا حسب لقب الإمبراطور .
بدأت هذه الزيارة فى 13 يناير سنة 1965 م وأنتهز فيها البابا كيرلس فرصة عيد الغطاس فى 19 يناير فرأس صلاة هذا العيد فى اثيوبيا وعاد فى 27 يناير من هذه السنة فى محبة كبيرة بينه وبين دولة أثيوبيا وإمبراطور أثيوبيا وإكليروس أثيوبيا .
ومن النقط الجميلة التى أحب أن اشير إليها فى هذا المجال أن البابا كيرلس لما زار أثيوبيا أول ما هبط من الطائرة إفتكر أنهم هايودوه القصر ليستريح , لذلك بعدما تمت مراسم الإستقبال قال لهم : " ودونى كنيسة اعمل فيها قداس " .. كان جايب معاه كل حاجه ومستعد للقداس وصايم , حتى القربان كان معاه .
وبدأت العناية الإلهية بأولادنا فى الخارج بزيارات من الآباء الذين كانوا يسافرون لتمثيل الكنيسة فى مؤتمرات فكانوا يفتقدون أبناء الكنيسة المغتربين والمهاجرين ويقيمون لهم القداسات , ثم بدأت الكنيسة فى إقامة كنائس فى المهجر بصفة رسمية أذكر من بينها الكنائس الآتية :


كنيسة فى الكويت وكنيسة لندن وكنيستان فى كندا واحدة فى تورنتو تأسست سنة 1964 م وأخرى فى مونتريال سنة 1968 م .. ثم أسس البابا كنيستين فى استراليا , كنيسة فى سيدنى وكنيسة فى ملبورن - كنيسة فى جرسى سيتى سنة 1969 م وكنيسة فى لوس أنجيلوس , فكان قداسته أول بابا يهتم بأولادنا فى الخارج على مستوى القارات آسيا وأوربا وأمريكا الشمالية وأستراليا .
وفى عهده أيضاً تعمقت العلاقة المسكونية مع الكنائس فى الخارج على مستوى كبير جداً .
وفى الداخل نذكر شيئاً إهتم به البابا فحل مشكلة إستمرت حوالى مائة سنة ألا وهى مشكلة الأوقاف القبطية والنزاع بين الإكليروس والعلمانيين أعضاء المجلس الملى .
ففى عهده وبمفاوضات مع الدوله صدر قرار بقانون سنة 1960 م بإنشاء هيئة الأوقاف القبطية برئاسة البابا وعضوية ستة من الأراخنة وستة من أراخنة الشعب , وبذلك إنتهى النزاع حول الإشراف على الأوقاف .
وإهتم البابا أيضاً بالآثار القبطية وشكل لجنة كان من أشهر إنجازاتها حفريات تل أتريب .
البابا كيرلس السادس أيضاً قام برسامة عشرين من ألاباء الأساقفة والمطارنة , وكان أول من رسم أساقفة عموميين حيث كان يرسم أساقفة بدون إيبارشيات , فرسم ثلاثة من ألاباء الأساقفة العموميين هم : الأنبا صموئيل أسقف عام الخدمات والأنبا شنودة أسقف عام التعليم والأنبا غريغوريوس أسقف عام البحث العلمى والثقافة القبطية , وكان من الإصلاحات التى اجراها قداسته فى الرسامات أنه كسر مبدأ وراثة الأديرة مالإيبارشيات حتى تعطى للصالحين للرسامة بغض النظر عن الأديرة , كما بدأ أيضاً بتقسيم الإيبارشيات الكبيرة مثل إيبارشية الجيزة والقليوبية والدقهلية ودمياط , وعاش قداسة البابا يبحث عن كل شئ يحتاج لرعاية فيقيم له اللجان المتخصصة , فشكل لجنة لرعاية الكنائس وإفتقادها , ولجنة للإحتياجات الكنسية لإستيراد الشموع والبخور والأجراس وغيرها , ولجنة للآثار ولجان علمية أخرى .
وهكذا ظل فى نشاطه الذى يحبه إلى أن مرض مرضه ألخير , وكان يقاوم المرض ويداوم على الصلاة إلى أن منعه الأطباء , نذكر حياته الطاهرة ونذكر علاقته بشعبه ونذكر أيضاً شعبيته , فأول بابا إختلط مع الناس هذا الإختلاط الكامل هو البابا كيرلس , كل يوم بيعمل قداس والناس بيقابلوه فى القداس , يعنى على ألقل اللى مش عارف يقابل البابا كان بيقدر يقابله فى القداس , واللى مش فاضى وقت القداس كان بيروح عشية وبيقابله , فكان من الممكن لأى انسان يقابل البابا ويسلم عليه إما بالليل أو بالنهار , ودى حاجه كانت معروفه , وإن كان هناك شخص يريد أن يتحدث كثيراً مع البابا كان يحضر فى منتصف الليل أثناء التسبحة .
وإلى ألآن لا تزال شعبية البابا كيرلس مستمرة حتى يعد رقاده فى الرب , وما زلت أذكر ذلك الموكب الحزين للناس ممن كانوا يأخذون بركته من جثمانه الطاهر بعد أنتقاله فى بكاء مر وفى عاطفة قوية بأعداد لا تحصى .
نطلب بركة لأنفسنا وللكنيسة ونطلب صلواته عنا ونطلب أن يديم الرب علينا هذه البداية الطيبة التى بداها البابا كيرلس لكى تتابعها أجيال من بعده , ولنفسه الطاهرة كل إحترام وتوقير كأب وراع وإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

تقرير خاص عن إخبار قداسة البابا

12 نوفمبر 2007
في حوار قداسة البابا مع برنامج الشارع العربي أوضح قداسة البابا كثير من التفاصيل حول مرضه الأخير ونفى جميع الشائعات التي حاول البعض ترويجها .





وجاء حوار قداسة البابا مؤكدا لكل ما سبق ونشرناه على الموقع حول حالته الصحية .


بدا قداسة البابا حواره بأنه بخير وانه كان في اجتماع وتكلم لمدة ساعتين .


وأكد قداسة البابا أنها كلها إخبار من أشخاص لم يستقوا المعلومات من مصادرها ، ولم أكن يوما في غيبوبة خارج أو داخل المستشفى .


يوم الأربعاء كنت سأذهب للمستشفى وأعود لحضور الاجتماع .
ولكن الأطباء وجدوا التهاب شديد بالحوصلة المرارية ، وتلقيت العلاج الأربعاء مساء ولكنني لم أكن في غيبوبة .
تكلمنا في إشعار كثير مع الأطباء ، وقد تقابلت مع كثير من الآباء المطارنة والأساقفة من أعضاء المجلس المللى ، وكنت أتفاهم مع الجميع في أمورهم ، واستقبلت كثير من الزوار .
ويوم الخميس كنت في حالة طيبة .

أول واحد اتصل بي سيادة الرئيس حسنى مبارك ، وقد اطمئن على صحتي ، واتصل بي رئيس الوزراء ، ووزير الداخلية ،، وبعض الوزراء .




اتصل بي وزير الأوقاف ، وعلاقتنا طيبة جدا جدا .
ما هي الكلمة التي يحب البابا أن يقولها للشعب المصري مسيحين ومسلمين :



المهمة الأولى وهى المهمة الروحية أن يكون لكل إنسان علاقة طيبة بيننا وبين الله ، وهذه مهمة خاصة للكنيسة


الأمر الثاني أن يكون هناك علاقة طيبة مع الشعب كله سواء الدولة أو المواطنين ، من اجل السلام .



أننا نعيش مع بعض في بلد واحد ،


وفى أخوة وفى مودة بعيدا عن الاضطرابات التي توجد في البلاد المحيطة بنا .




هدفنا في وجود مشكلة حل الموضوع وليس تعقيده .



لحل اى مشكلة يجب البحث عن الأسباب الحقيقية


ثانيا البحث عن الحلول الحقيقية لها


ثالثا لا يستخدمون طريقة التهدئة أو المسكنات مع بقاء الوضع كما هو .


هذه أمور تحتاج إلى وجود إجراءات عملية في كيفية حل هذه الموضوعات .


نصحيتى ان كل واحد يتقى الله فيما يقوله وفي كل ما يعمل


ينظر إلى سلامة الوطن التي هي أهم من الأشياء الجزئية والفرعية التي تضر المصالح العام


لا يلجا احد إلى وسائل الإثارة أو إلى تضخيم الأمور .


ألف سلامة لقداسة البابا شنودة الثالث



ومن جهة أخرى قرر الفريق الطبي المعالج قداسة البابا استكمال العلاج بالمقر البابوي لمدة ثلاثة أيام ، وتبعا لنصيحة الأطباء المعالجين تم الإعلان عن عدم مشاركة قداسة البابا في احتفالية جلوسه بدير الأنبا بيشوى ، وأيضا سيمنار الأساقفة الذي كان مقررا عقده غدا الثلاثاء .



ومن المنتظر مشاركة قداسة البابا في جلسة يوم الأربعاء لمجلس الشعب ، وإلقاء محاضرة الأربعاء في الكاتدرائية بالعباسية .


كانت بعض الشائعات قد أطلقت حول إصابة قداسة البابا بمرض قلبي ، أو إصابته بغيبوبة في خلال وجوده بمستشفى السلام بالمهندسين .


وجدير بالذكر أن آلام المرارة تتشابه أحيانا مع ألام القلب خاصة مع وجود حصاوى بها تتسبب في ألام شديدة للغاية تحتاج معها إلى مسكنات لتخفيف حدة الألم ، ومع حالة الكلى لقداسة البابا يستلزم ذلك متابعة دقيقة حتى لا تؤثر الأدوية على وظائف الكلى .


وجاء بيان مستشفى السلام والمقر البابوي لينفى كل الشائعات التي حاول البعض نشرها ،،


ومع لقاء البابا الأخير أكد قداسة البابا بنفسه حقيقة ما حدث ليطمئن الملايين من الشعب المصري والقبطي على صحته .


كما أكد كثير من الأساقفة أن حالة قداسة البابا استقرت الآن تماما ، وينتظر أن يعود لنشاطه السابق خلال الأيام القليلة القادمة التي ربما تبدأ بيوم الأربعاء بمشاركة البابا في اجتماع مجلس الشعب واللقاء الاسبوعى لقداسته .
ألف سلامة لقداسة البابا شنودة الثالث




 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

متمدداً على مقعدى وناظراً الى لاشئ واذ بإبتسامة خاطئة تمر على شفتى
لعلنى كنت افكر فى نفسى كخادم
وهنا حدث حادث غريب : هل ثقلت رأسى فنمت ام اشتطت افكارى فتحولت الى احلام ام اشهر الله لى احدى الرؤي لست ادرى لكننى ادرى شيئاً واحداً وهو اننى نظرت فإذ امامى مجموعة من الملائكة النورانيين واذا بهم يحملونى على اجنحتهم ويصعدون بى الى فوق وانا انظر الى الدنيا تحتى اذ هى تصغر شيئاً فشيئاً حتى تتحول الى نقطة صغيرة مضيئة فى فضاء الكون وانصت الى اصوات العالم وضوضائه فإذ هى تأخذ فى الخفوت حتى تتحول الى سكون واتأمل نفسى فإذ بجسمى يخف ويخف حتى احس كأننى روح من غير جسد فأتلفت فى حيرة حولى لأرى أرواحاً كثيرة سابحة مثلى فى الفضاء اللا نهائى
وأرى من الملائكة الوفاً وربوات ربوات - هاهم الشاروبيم ذو الستة الاجنحة والساروفيم الممتلئون اعيناً وهاهى اصوات الجميع ترتفع فى نغم واحد موسيقى عجيبقدوس قدوس قدوس ولا اتمالك نفسى فأنشد معهم دون ان احس - قدوس الله الآب .....
قدوس ابنه الوحيد قدوس الروح القدس
وأستيقظ عن انشادى لأسمع نغمة قدسية خافتة لم تسمعها اذن من قبل فأتجه فى شوق شديد نحو مصدر الصوت فإذ امامى على بعد مدينة جميلة نورانية معلقة فى مِلك الله
تموج بالتسبيح والترتيل كلما اسمع منها نغماً يمتلئ قلبى فرحاً وتهتز نفسى اشتياقاً ثم انا انظر فأرى فى المدينة على بعد اشباحاً اجمل من الملائكة
- هوذا موسى ومعه ايليا وجميع الانبياء هوذا أنبا انطونيوس وأنبا اثناسيوس وجميع القديسين
هاهم آبائى الأساقفة وآبائى الكهنة – وها هو اب اعترافى-
ثم هاهم زملائى مدرسى مدارس الاحد ولم استطع ان اتأمل اكتر من ذلك بل اندفعت فى قوة نحو تلك المدينة النورانية ولكن عجباً اننى لا أستطيع التقدم فهناك ملاك جبار كله هيبة وجلال ووقار يعترض سبيلى قائلاً :
مكانك قف الى اين انت ذاهب ؟ فأجيبه: الى تلك المدينة العظيمة ياسيدى الملاك
الى حيث زملائى واخوتى وآبائى القديسون
ولكن الملاك ينظر الىَّ فى دهشة ويقول فأنها مدينة الخدام فهل انت خادم؟
فلما اجبته بالإيجاب قال لى : إنك مخطئ ياصديقى فاسمك ليس فى سجل الخدام وعصفت بى الدهشة فصرخت فى هذا الملاك حارس المدينة: كيف هذا لعلك لا تعرفنى ياسيدى الملاك إسأل عنى مدارس الاحد واجتماعات الشباب وأسأل عنى الكنائس والجمعيات بل اسأل عنى ايضاً فى مدينة الخدام اذ يعرفنى هناك كثيراً من زملائى مدرسى مدارس الاحد
واجابنى الملاك فى صرامة وصراحة : اننى اعرفك جيداً وهم ايضاً يعرفونك ولكنك مع ذلك لست بخادم فهذا حكم الله
ولم احتمل تلك الكلمات فوقعت على قدمى ابكى فى مرارة ولكن ملاك آخر اتى ومسح لى كل دمعة من عينى وقال لى فى رفق :إنك يا أخى فى المكان الذى هرب منه الحزن والكآبة فلماذا تكتئب ؟ تعال معى ولنتفاهم.
وجلسنا منفردين نتناقش فقال لى:
إن أولئك الذين تراهم فى مدينة الخدام قد كرسوا كل حياتهم لله فكانت كل دقيقة فى عمرهم تنفق على الخدمة اليست هكذا كانت حياة بولس وباقى الرسل؟ اليست هكذا كانت حياة موسى والأنبياء أليست هكذا كانت حياة الأساقفة والكهنة والشمامسة ؟
أليست هكذا كانت حياة القديسين؟
أما أنت ياصديقى
فلم تكن مكرساً بل كنت تخدم العالم وكل مالك من خدمة روحية هو ساعة واحدة فى الاسبوع تقضيها فى مدارس الاحد واحياناً كانت خدماتك الاخرى تجعلك تعطى الله ساعة ثانية فهل من اجل ساعتين فى الاسبوع تريد ان تجلس الى جانب الرسل والانبياء والكهنة فى مدينة الخدام؟
وكنت مطرقاً خجلاً اثناء ذلك الحديث كله غير اننى قاومت خجلى وتجرأت وسألت الملاك ولكننى ارى فى مدينة الخدام بعضاً من زملائى مدرسى مدارس الاحد وهم مثلى فى خدمتى
فأجابنى الملاك كلا انهم ليسوا مثلك حقيقةً انهم كانوا يخدمون ساعة واحدة اوا كثر فى مدارس الاحد ولكنهم كانوا يقضون الاسبوع كله تمهيداً لتلك الساعة
فكانوا يصرفون وقتاً كبيراً فى تحضير الدروس ووسائل الايضاح وطرق التشويق
والصلاة من اجل كل ذلك وبحث حالات التلاميذ واحداً واحداً
والتفكير فى طريقة لإصلاح كل فرد على حدة يضاف الى ذلك انشغالهم فى الافتقاد وفى ابتكار طرق نافعة لشغل اوقات تلاميذهم اثناء الاسبوع
ثم كانت لهم خدمات اخرى مختفية لاتعرفها وهكذا كانوا يعتبرون الخدمة الروحية عملهم الرئيسى ويرون باقى اعمال العالم اموراً ثانوية
لا أعنى انهم اهملوا مسئولياتهم وواجباتهم العالمية بل كانوا مخلصين لها جداً وناجحين فيها للغاية وإن كان عملهم العالمى أيضاً لا يخلو من الخدمة وهكذا حسبهم الله مكرسين
وعجبت من هذه العبارة فسألت وكيف استطيع ان اكون خادماً وانا مشغولاً بعملى العالمى؟
فأجابنى الملاك :
لعلك نسيت يا أخى عمومية الخدمة ! يجب ان تخدم الله فى كل وقت وفى كل مكان : فى الكنيسة وفى الطريق وفى منزلك وفى مكان عملك وأينما حللت او تنقلت
لايجب إذن الفصل بين المهنة والخدمة فعندنا فى مدينة الخدام مدرسون استطاعوا ان يجذبوا كل تلاميذهم المسيحيين الى مدارس الاحد وأن يصلحوهم ويتعهدوا بالعناية المستمرة
وعندنا فى مدينة الخدام اطباء لم يتخذوا الطب تجارة وإنما اهتموا قبل كل شئ بصحة مرضاهم مهما كانت حالتهم المالية
فكانوا فى احيان كثيرة يداوون المريض ويرسلون له الدواء كل ذلك بدون اجر بل كانوا يقومون بتأسيس المستشفيات والمستوصفات المجانية
وعندنا فى مدينة الخدام موظفون استطاعوا ان يقودوا كل زملائهم فى العمل الى الكنيسة للاعتراف والتناول من الاسرار المقدسة وهناك ايضاً مهندسون ومحامون وفنانون وتجار وصناع : كل أولئك كانوا خداماً فى مهنهم فهل كنت انت كذلك؟
فخجلت من نفسى ولم اجب ولكن الملاك قال لى فى تأنيب مؤلم هذا عن الخدمة فى مجال عملك ثم ماذا عن خدمتك فى اسرتك إن يشوع الذى تراه فى مدينة الخدام كان يقول اما انا وبيتى فنعبد الرب اما انت فلم تخدم بيتك
بل كنت العكس فى نزاع مستمر مع افراد اسرتك بل فشلت فى ان تكون قدوة لهم
وأن تجعلهم يقتضون بك
ثم ماذا عن اصدقائك وزملائك وجيرانك ومعارفك؟
كنت تزورهم فى عيدى الميلاد والقيامة دون ان تحدثهم عن الميلاد والقيامة وعن الولادة الجديدة والقيام من الخطية
بل تفرح معهم فرحاً عالمياً وأتيحت لك فرص كثيرة لخدمتهم ولم تستغلها فهل تعتبر نفسك بعد كل ذلك خادماً؟
وطأطأت رأسى خجلاً للمرة الثالثة ولكنى مع ذلك احتلت على الاجابة فقلت : ولكنك تعلم ياسيدى الملاك اننى شخص ضعيف المواهب ولم اكن مستطيعاً ان اقوم بكل تلك الخدمة
واندهش الملاك وكأنما سمع هذا الرأى لأول مرة فقال لى فى حدة مواهب؟
ومن قال انك بدون مواهب لاتستطيع ان تخدم ؟
هناك يا أخى مايسمونه العظة الصامتة : لم يكن مطلوباً منك ان تكون واعظاً وإنما ان تكون عظة
ينظر الناس الى وجهك فيتعلمون
الوداعة والبشاشة والبساطة
ويسمعون حديثك فيتعلمون
الطهارة والصدق والامانة
ويعاملونك فيرون فيك
التسامح والإخلاص والتضحية ومحبة الآخرين
فيحبوك ويقلدوك ويصيروا بواسطتك اتقياء دون ان تعظ او تقف على منبر
ثم هناك صلاتك من اجلهم وقد تجدى صلاتك اكثر من عظاتك
وللمرة الرابعة تولانى الخجل والارتباك فلم احر جواباً
واستطرد الملاك فى قوله : وكان يجب عليك ايضاً – كعظة صامته - ان تبتعد عن العثرات فلا تتصرف تصرفاً مهما كان بريئاً فى مظهره إن كان يفهمه الآخرون على غير حقيقته فيعثرهم
وهكذا تكون (بلا لوم) امام الله والناس كما يقول الكتاب
جاعلاً اما عينيك كخادم قول بولس الرسول –كل الاشياء تحل لى ولكن ليست كل الاشياء توافق—(1كو 6: 12)
وتأملت حياتى فوجدت اننى فى احوال كثيرة جعلت الاخرين يخطئون ولو عن غير قصد وقطع على الملاك حبل تأملاتى قائلاً فى رفق:

ولكن ليس هذا هو كل شئ اننى اشفق عليك كثيراً ياصديقى الانسان وقد كنت اشفق عليك بالاكثر وجودك فى العالم وبخاصة فى تلك اللحظات التى كنت تتألم فيها من (البر الذاتى) كنت تنظر الى اعمالك الكثيرة فتحسب
انك مثال للخدمة بينما لم تكن محسوباً خادماً على الاطلاق
ولعلك قد اقترفت اخطاء كثيرة اخرى منها ان خدمتك كانت خدمة رسميات
فقد كنت تذهب الى مدارس الاحد كعادة اسبوعية وكعادة ايضاً كنت تصلى بالاولاد وكنت ترصد الغياب والحضور فتعطى للمواظب جائزة وتهمل الغائب كأنك غير مسئول عنه
هكذا خلت خدمتك من الروح ومن المحبة
ولم تستطع ان تصل الى اعماق قلوب الاولاد لان كلماتك وتصرفاتك لم تكن خارجة من اعماق قلبك ولم يكن فى الترتيل الذى تعلمهم اياه روح البهجة ولم تكن فى صلاتك معهم روح الانسحاق أو التأمل أو التضرع ولم تكن فى اوامرك لهم روح المحبة
وهكذا لم تكن فى خدمتك تأثيراً
وهكذا كنت فى عظاتك فى الكنائس أيضاً
تعظ لأن الكاهن طلب منك ذلك فوعدته وعليك ان تنفذ
فكنت تهتم بتقسيم الموضوع وتنسيقه وإخراجه فى صورة تجذب الاعجاب اكثر مما تهتم بخلاص النفوس
وكان صوتك رغم علوه وايقاعه ووضوحه بارداً خالياً من الحياة
وكنت تبتهج --- ولو داخلياً فقط --- بمن يقرظ موضوعك دون ان تهتم هل جدد الموضوع حياة ذلك الشخص أم لا؟
ألا ترى معى ياصديقى انك كنت تخدم نفسك ولم تكن تخدم الله ولا الناس
ولعل من دلائل ذلك ايضاً انك كنت ترحب بالخدمة فى الكنائس الكبيرة المشهورة الوافرة العدد دون الكنائس الصغيرة غير المعروفة كثيراً
ثم انه نقص من خدمتك فى هذه الناحية أمران هما حب الخدمة وحب المخدومين
اما عن حب الخدمة فيتجلى فى قول السيد المسيح (طوبى للجياع والعطاش الى البر لأنهم يشبعون) فهل كنت جوعاناً وعطشاناً الى خلاص النفوس؟
هل كنت طول الاسبوع تحلم بالساعة التى تقضيها وسط اولادك فى مدارس الاحد ؟
هل كنت تشعر بألم إذا غاب احدهم , وبشوق كبير الى رؤية ذلك الغائب فلا تهدأ حتى تجده وتعيد عليه شرح الدرس!
ثم الامر الآخر وهو حب المخدومين هل كنت تحب من تخدمهم وتحبهم الى المنتهى مثلما كان السيد المسيح يحب تلاميذه؟
هل كنت تعطف عليهم فتغمرهم بالحنان؟ وهل احبك تلاميذك أيضاً ؟
ام كنت تقضى الوقت كله فى انتهارهم ومعاقبتهم بالحرمان من الصور والجوائز؟
من قال لك ان تلك الطريقة صالحة لمعالجة الاولاد؟
ان المحبة ياصديقى الانسان هى الدعامة الاولى للخدمة ان لم تحب مخدوميك لاتستطيع ان تخدمهم وان لم يحبوك لا يمكن ان يستفيدوا منك.
وأطرقت فى خجل مرير وقد انكشفت لى حقيقتى بينما نظر الى الملاك نظرة كلها عطف ومحبة وقال : اريد ان اصارحك بحقيقة هامة وهى
انه كان يجب ان تقضى فترة طويلة فى الاستعداد والامتلاء قبل ان تبدأ الخدمة لأنك وقد بدأت مبكراً ولم تكن لك اختبارات روحية كافية وقعت فى اخطاء كثيرة.
ونظرت اليه فى تساؤل وكأنما شق على ان أخطئ وقد كلفت بإصلاح اخطاء الآخرين فأجاب الملاك على نظرتى بقوله:
هناك ولد طردته من مدارس الاحد لعصيانه وعدم نظامه فأوجد هذا الطرد عنده لوناً من العناد وقذف به الى أحضان الشارع والصحبة الشريرة فأصبح اسوأ من ذى قبل ولحقت به من تصرفك اضرار جسيمة خاصة وانه فى حالته الجديدة فقد المرشد والعناية ولابد انك مسؤل عن هذا لانه فى حدود عملك.
فأجبت ولكنه ياسيدى الملاك كان يفسد على الدرس بل كان قدوة سيئة لغيره
فأجاب الملاك فى مرارة: وهل من أجل ذلك طردته يالك من مسكين:
هل أرسلك السيد المسيح لتدعوا ابراراً أم خطاة الى التوبة؟
إن تلاميذك القديسين الذين كنت بسببهم تحارب نفسك بالبر الذاتى
ترجع قداستهم الى عمل الله فيهم أما ذلك المشاكس فهو الذى كان يجب ان تتناوله بالرعاية لمثل هذا النوع دعاك الله
ولو انك كرست جهودك كلها لإصلاح هذا الولد فقط ولم يكن لك فى حياة الخدمة غير هذا العمل لكان هذا وحده كافياً لدخولك مدينة الخدام
كان يجب ان تقدر قيمة النفس وان يكون لك الكثير من طول الاناة
فخادم مدارس الاحد الذى تخلو مؤهلاته من هاتين الصفتين لا يستحق ان يكون خادماً .
فقلت للملاك فى رجاء : وماذا كنت تريدنى ان اعمل مع هذا الولد فأجاب:
تخدمه بقدر ماتستطيع وتختبر نفسيته وتعالجه بحسب ظروفه
وتصلى كثيراً من اجله فإذا مافشلت فلا تطرده وإنما حوله الى فصل آخر فقد ينجح زميل لك من المدرسين فيما فشلت انت فيه فإذا لم ينفع هذا ايضاً يمكنكم ان تخصصوا فصلاً او اكثر من مدارس الاحد للاولاد المشاغبين يعامل فيها هؤلاء الاولاد معاملة خاصة وفق طبائعهم ويمكن من ان تكثروا من افتقادهم ومن تقريبهم الى قلوبكم على الا يطرد واحد منهم مهما ادى الامر
انهم ليسوا بأكثر شراً من الحالة الاولى لزكا او المرأة السامرية او مدينة نينوى وخادم الله لايعرف اليأس مطلقاً مادامت له الصلاة المنسحقة والقلب المحب.
وشعرت بندم على تصرفاتى القديمة ولكن الملاك استطرد :
ثم هناك ولد غاب عن فصلك اسبوعاً ثم اسبوعين فلم تفتقده
وكل مافعلته كموظف رسمى فى مدارس الاحد انك رصدته فى سجلك ضمن الغائبين
واستغل الولد عدم افتقادك فاستمر فى غيابه وانتهزت انت فرصة غيابه المستمر فشطبت اسمه من قائمتك
ونظر الىِّ الملاك فى صرامة وقال :لماذا لم تفتقده؟ وضعفت امام حدة صوته ونظرته فصمتُ خوفاً بينما كرر سؤاله مرة اخرى فى عنف --- لماذا لم تفتقده---؟
وشعرت بعاصفة تجتاح راسى ولم اجب بينما ارتعش الملاك وقال فى اضطراب :
إن حالته الروحية تدعو الان الى الرثاء ولو استمر على هذه الحالة فإنه سوف.......
واختلج صوت الملاك وصمت قليلاً ثم قال اننى وكثير من الملائكة نصلى من اجله حتى يفتقده الله وعندما يستجيب الله صلاتنا ويرسل اليه خادماً آخر اميناً فى خدمته وعندما ينقذ الولد
فإن انقاذه سوف لايخليك من المسؤلية
وكان صوته خافتاً متألماً لم احتمل سماعه فشعرت بالمناظر تدور امام عينى ثم وقعت مغشياً علىّ
وعندما افقت كان الملاك ينظر الىّ فى إشفاق وساعدتنى نظرته على التكلم فقلت:
سامحنى ياسيدى الملاك فقد كان فى فصلى ثلاثون ولداً لم استطع ان افتقدهم جميعهم فأجابنى :
وحتى انت وقعت فى هذه التجربة فى إغراء العدد ؟
إن الله لايقيس الخدمة بعدد التلاميذ وإنما بعدد المتجددين الخالصين منهم أنا أعرف انه كان صعب عليك ان تهتم بثلاثين ولداً من ناحية النظام والافتقاد والرعاية والتعليم
بل كان من الصعب عليك ان تحفظ مجرد اسمائهم فلم تستطع ان تقول مع المسيح
--- خرافى تعرفنى وانا اعرفها---
ولكن لماذا لم تقتصر فى خدمتك على عشرة اولاد مثلاً؟
وفضلت الصمت لأنى لم اجد جواباً اما الملاك فإنه قال لى فى اشفاق
هل تعلم ماهو اهم سبب فى فشلك غير ماقلناه؟
انه اعتمادك على نفسك .....
وهكذا نسيت ان تصلى وتصوم من اجل الخدمة.
إن زملائك مدرسى مدارس الاحد الذين فى مدينة الخدام كانوا يقيمون صلاة وصوماً خصيصاً من اجل فصولهم وكانوا فى كل يوم من ايام الاسبوع يذكرون اولادهم واحداً واحداً امام الله
طالبين طلبة خاصة من اجل كل واحد
بل كانوا يطلبون من آبائهم الكهنة إقامة قداسات خاصة من اجل الاولاد فهل كنت كذلك؟
هذا كله عن الخدمة الروحية ثم ماذا عن خدمتك المادية ؟
هل ظننتها امراً ثانوياً ؟
الم تعلم ان الغنى الذى عاصر لعازر هلك
لأنه لم يشفق على لعازر المسكين؟
ألم تسمع المسيح يقول للهالكين ---كنت جوعاناً فلم تطعمونى , كنت عطشاناً.......
كنت عرياناً ........ كنت مريضاً ........ فماذا فعلت انت ؟
ألم تتمسك ببعض الكماليات بينما كان اخوتك محتاجين الى الضروريات؟ ألم.........
ولم احتمل اكثر من ذلك فصرخت فى ألم كفى ياسيدى الملاك الآن عرفت اننى غير مستحق مطلقاً لدخول مدينة الخدام.
فقد كنت مغروراً ياسيدى ومغروراً جداً أما الآن وقد عرفت كل شئ فإنى اطلب فرصة أخرى أعمل فيها كخادم حقيقى
فقال لى الملاك : لقد اعطيت لك الفرصة ولم تستغلها ثم انتهت ايامك على الارض
فألححت عليه وظللت ابكى وأرجوه أما هو فنظر الى فى اشفاق ومحبة وتركنى ومضى وانا ما أزال أصرخ
أريد فرصة أخرى – أريد فرصة اخرى
فلما اختفى عن بصرى وقعت على قدمى وأنا أصرخ أريد فرصة أخرى ثم دار الفضاء امامى ولم احس بشئ
ومرت علىّ مدة وانا فى غيبوبة طويلة ثم استفقت اخيراً وفتحت عينى
ولكنى دهشت وازدادت دهشتى جداً وظللت انظر حولى وانا لا أصدق
ثم دققت النظر الى نفسى فإذ بى ماأزال وحيداً فى غرفتى الخاصة متمدداً على مقعدى
يالرحمة الله أحقاً أعطيت لى فرصة اخرى لأكون خادماً صالحاً ؟
وقمت فقدمت لله صلاة شكر عميقة ثم عزمت ان اخبر اخوتى بكل شئ ليستحقوا هم ايضاً الدخول الى مدينة الخدام
وهكذا امسكت بعض أوراق بيضاء وأخذت أكتب---
حدث فى تلك الليلة من كتاب انطلاق الروح للبابا شنودة
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

اذكر

اذكرضعفك حينئذ تكون اكثر حرصا وحينئذ لا تخضع لافكار الكبرياء والمجد الباطل*
ان حاربتك
اذكراحسانات الله اليك تعش دائما فىحياة الشكر وينمو الايمان فى قلبك والثقة بمحبة*
الله وعمله وتكون خبراتكالماضية مع الله مشجعة فى حياة الايمان
اذكرمحبة الناس لك وماضيهم الحلو معككلما حاربك شك فى اخلاصهم وكلما رايت*
منهم خطاء نحوك فتشفع فيهممحبتهم القديمة ويزول غضبك عنهم
اذكرالموت فتزول من امامك مغريات العالموتشعر ان الكل باطل وقبض الريح *
اذكران اللة واقف امامك يراك حينئذ لاتستطيع ان تخطىء وانت تراة*
اذكروعود الله الجميلة وحينئذ تتعزى فىكل ضيقاتك وان نسيتها قل كما قال داود*
النبى ((اذكر لى كلامك الذىجعلتنى عليه اتكل هذا الذى عزانى فى مزلتى لان قولك احيانى)) مز118
اذكردم المسيح المسكوب من اجلك فتعرفتماما ما هى قيمة حياتك وتصبح غالية فى*
عينيك فلا تبددها بعيشمسرف((لانكم اشتريتم بثمن))1
اذكرنذورك التى نذرتها لله فى المعمودية وتعهد بهما والداك نيابة عنك فىجحد*
الشيطان وكل اعماله الشريرةوكل افكاره وحيله وكل جنوده وسلطانه
اذكرباستمرار انك غريب على الارض وانكراجع الى وطنك السماوى حتى لا تركز*
امالك كلها فى هذه الدنيا وفيماتقدمه لك من وسائل للاستقرار بها
اذكرالباب الضيق هو الموصل الى الملكوتوان رايت الباب الواسع مفتوحا امامك*
فاهرب منه لان كل الذين دخلوامنه قد هلكوا
اذكرابديتك واعمل لها فى كلحين*
اذكرانك هيكل الروح القدس ولا تحزن روحالله الذى فيك وكن باستمرار هيكلا مقدسا*
اذكركل ما قلته لك وان كنت بسرعة قدنسيت ارجو ان تعيد قرائتها من جديد*


كلمة منفعة للباباشنودة
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

الرسالة البابوية لعيد الميلاد المجيد يناير 2007

أبنائى الأحباء فى المهجر كهنةً، و شعباً،

أهنئكم بعيد الميلاد المجيد و ببدء عام جديد، راجياً لكم من الرب حياة سعيدة و مقدسة فى محبته.
و يسرنى فى ميلاد السيد المسيح له المجد، أن أخبركم أنه فى تجسده قد قدّس كل شئ بالاستخدام الحسن. و هكذا قيل “كل شئ طاهر للطاهرين” (تى1: 15).

+ فالجسد الذى كان يظن البعض أنه فاسد و سبب كل خطية، قدّسه الرب بتجسده، و أرانا كيف يكون الجسد طاهراً و مقدساً و مرضياً لله. قدّس الجسد حينما حلَّ الروح القدس فى بطن السيدة العذراء، و قدّس جسدها ليكون إناءً طاهراً لحلول الله الكلمة. و قدّس الجسد بصفة عامة فيما بعد بمنحه البشر قيامة أجسادهم، و تحولها فى القيامة إلى أجساد روحانية (1كو15: 44). و هكذا قدّس أجسادنا و قدّس أرواحنا، و قدس طبيعتنا البشرية بصفة عامة. أخذ الذى لنا، و أعطانا الذى له.

+ و فى تجسده قدّس كل مراحل العمر بالنسبة إلى الأنسان. فأعطانا مثالاً للطفولة المقدسة لما صار طفلاً. و أرانا أيضاً كيف تكون فترة الشباب مقدسة، و كيف تكون الرجولة مقدسة. أى أعطانا الصورة المثالية لكل مرحلة من مراحل العمر لما مّر بها…

+ و السيد المسيح قدّس الزواج، كما قدّس حياة البتولية و الخلوة و الصلاة . قدّس الزواج لما سمح للعذراء مريم أن تتزوج يوسف النجار، و إن كانت لم تعش معه كزوجة، و إنما عاشت بتولاً فى كنفه و رعايته. وقدّس الزواج أيضاً لما حضر عرس قانا الجليل و باركه (يو2) و كذلك باختيار بطرس المتزوج ليكون واحداً من رسله و تلاميذه.

+ و قدّس السيد المسيح الخلوة و الصلاة، بصلاته فى خلوته فى جيل الزيتون و بستان جثيمانى. و قدس البتولية بحياته كبتول، و ميلاده من بتول، و بأن عهدَ بأمه إلى تلميذه يوحنا البتول لتحيا فى بيته إلى أن تنيحت.

+ و قدّس الحياة البشرية بحياته. قدس الصوم لما صام أربعون يوماً (مت4: 2). وقدّس الأكل و الشرب لما أكل مثلنا و شرب، حتى قيل عنه “جاء ابن يأكل ويشرب” (مت11: 19). قدّس النوم و السهر، لما نام فى السفينة، و لما كان يسهر الليل كله فى الصلاة. قدّس العمل حينما اشتغل نجاراً فى بيت يوسف، و قيل عنه “أليس هذا النجار ابن مريم” (مر6: 3). و هكذا بارك العمل لما عمل بيديه، قدّس كل عمل تمتد إليه يده. قدّس الحياة كلها، و ناب عن البشرية فى هذا التقديس.

+ قدّس الأرض التى ُلعنت بخطية آدم (تك 3: 17). و عادت فدخلتها البركة بميلاده. فبارك فلسطين بميلاده فيها، و بارك مصر بإقامته فيها ثلاث سنوات و نصف. وقال الوحى الإلهى “مبارك شعبى مصر” (أش19: 25). بل بارك مزود البقر الذى ُولد فيه و أصبح مزاراً مقدساً. و بارك كل مكان حلَّ فيه، و كل موضع صنع فيه معجزة. و بارك البحر لما مشى عليه. و بارك الجبل حين ألقى عليه عظته، كما بارك جبل التجلى لما تجلى عليه.

+ قدّس الخبز لما بارك الخبز فى معجزة الخمس خبزات

+ لقد قدّس السيد المسيح كل شئ. فقدّس الفقر و الغنى و المال. لقد قدّس الفقر لما ُولد فقيراً فى مزود بقر، و عاش فقيراً ليس له أين يسند رأسه. و كذلك لما اختار تلاميذه من الفقراء و صيادى السمك… و فى نفس الوقت قدّس الغِنى، لما سمح أن يكفّنه رجل غنى هو يوسف الرامى (مت27: 57) و ُدفن فى مقبرته الخاصة وقدّس المال، إذ كان لجماعته صندوق يضع فيه المتبرعون مالهم (يو12: 6). وقدّس المال لما امتدح الأرملة التى فلسين فى الخزانة (لو21: 2). و هكذا لم يعد المال شراً فى ذاته. إنما الشر فى عبادة المال، و فى الاتكال على المال و ليس على الله.

+ هذه مجرد عينات مما قدّس السيد المسيح له المجد.
ليتنا فى ما نتذكر كل هذا، نعمل على تقديس كل ما يخصنا لتكون حياتنا كلها مقدسة للرب فى كل ما نعمله…

و ختاماً، كونوا مباركين من الرب، محاللين من روحه القدوس

عيد الميلاد 2007م
شنودة الثالث
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

إكرام الوالدين ومن يماثلهما بقلم : قداسة البابا شنوده الثالث
ومن مظاهر إكرام الوالدين أمور عديدة،نذكر منها: العرفان بالجميل لابد لكل إبن أن يعترف بجميل أبويه عليه ولاسيما أمهفي فترة طفولته: بل قبل أن يُولدويكفي أن يقرأ أي كتاب طبي أو نفسي عن حالة الأم وقت الحملوما تحتمله من تعبثم الأهتمام بالطفل أثناء فترة الرضاعةوعنايتها به من جهة طعامه وبكائه ونظافتهوحمله علي حجرها وعلي صدرها وعلي كتفهاولا شك أن الطفل الرضيع يمكن أن يتسبب أحياناً في حرمان أمه من أن تذوق طعم النوم. كما أن الأم لو قصرت في العناية بإبنها في مواعيد التطعيم مثلاً لأصابته أضرار وأخطار تبقي معه طوال عمره. إن جميل الأم لا يمكن أن ينساه إنسان،ولكن قد يقول أحدهم: "إن أمي تعبت في تربيتي وأنا صغير. ولكني أقاسي من بعض تصرفاتها الآن!".. حتى لو صحّ هذا فرضاً وقد لا يكون هذا صحيحاً فإنه لا يجعلك تنسي جميلها عليك.. هي إحتملتك وأنت صغير،وأنت تحتملها حين تكبر،وقد يكون سبب عدم تحملك،هو تمردك علي تربيتها لك في كبرك! ويجب ألا ينسي الإنسان أيضاً جميل أبيهعليه.. هذا الذي تعب وكافح من أجل تربيته،وقام بجميع مصروفاته،وأنفق عليه من عرقه ومن دمه. وكان السبب في تعليمه وتنشئته. ولا يكون العرفان بالجميل قاصراً علي تعب الوالد مادياً لأجل إبنهوإنما العرفان بالجميل يشمل أيضاً ما أغدقه الأب من حب وحنان وعاطفة مع نصائحه وسعيه في أن يبعده عن كافة سبل الضلال. ولكي ندرك أهمية هذه العواطف،يكفي أن نتأمل كيف أن كثيراً من الذين حُرموا من حنان الأبوة وحنان الأمومة،قد وقعوا في أزمات نفسية خطيرة ومشاكل صعبة. ما أقسي علي النفس أن يتعب الأب والأم من أجل إبنهما دهراً،حتى إذا شبّ وكبر،ينسي لهما كل تعبهما السابق.
 
أعلى