موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

أهنئكم يا إخوتي وأبنائي ببدء عام جديد، نرجو أن يكون عاماً سعيداً في حياة كل فرد مِنَّا، وأن يكون كذلك بالنسبة إلى بلادنا العزيزة، وإلى العالم كله وبخاصة المناطق المتوترة والملتهبة فيه.


«« وطريقة كنائسنا في استقبال عام جديد، هى استقباله بليلة صلاة كاملة. على أن تُطفأ الأنوار قبل نصف الليل بدقيقة تقريباً، وذلك لإعطاء كل الحاضرين فرصة يُصلِّي فيها كل فرد في قلبه صلاة خاصة من أجل نفسه ومُحبيه، ومن أجل وطنه أيضاً، وما يشاء من طلبات. ثم تُضاء الأنوار ويعود الجميع إلى الصلاة العامة. ونقصد من هذا أن يكون اللَّه هو أوَّل مَن نتحدَّث إليه في العام الجديد، أفراداً أو مجتمعاً. ثم يصير هذا منهجاً يومياً في أن يكون اللَّه أوَّل مَن نتحدَّث إليه، واضعين اللَّه في البدء باستمرار.

«« والمُهم في العام الجديد، أن يكون جديداً في أسلوب حياتنا، وليس في مُجرَّد التقويم بأن نستخدم رقم 2008 بدلاً من 2007 ... بحيث نشعر فيه أن حياتنا قد تغيَّرت إلى الأفضل، سواء الظاهر منها في معاملاتنا، أو ما يخص قلوبنا وأفكارنا... فهل تشعر فعلاً أيها القارئ العزيز بهذه الجدة في حياتك، وأنك من بداية العام الجديد قد قُمت بتصحيح بعض نقاط في تصرفاتك، كان يلزمها أن تتغيَّر... أم أنت كما أنت؟!

«« أوَّل واجب علينا في عامنا الجديد، أن نشكر اللَّه من عُمق قلوبنا على كل ما فعله معنا من خير في العام الماضي سواء نحن أو مَن نحبهم.. ذلك لأنه ـ كما يقول أحد الآباء ـ " لا توجد عطية بلا زيادة، إلاَّ التي بلا شُكر "... وقد قال داود النبي في أحد مزاميره: " سبِّحي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل إحساناته ". ولاشكَّ أن إحسانات الرب إلينا كثيرة جداً...

«« يحتاج الإنسان أيضاً في بداية العام الجديد، أن يجلس جلسة صريحة مع نفسه، لا يُجامل فيها ذاته، إنما يفحص حياته بكل دقة، ويرى كيف يسير، وإلى أي مصير؟ وهل توجد له ضعفات مُعيَّنة، أو أمور يلومه البعض عليها؟ وهل أفكاره كلها نقية؟ وهل مشاعر قلبه كلها طاهرة؟ وهل تصرفاته بلا عيب، وكذلك كل علاقاته؟

«« عليه أيضاً في هذه الجلسة أن يبحث ما هى علاقته باللَّه تبارك اسمه؟ وهل هى عبادة شكلية روتينية يهتم فيها بالمظهر فقط، أي يعبد اللَّه بشفتيه أمَّا قلبه فمُبتعد عنه بعيداً؟! وهل هو أمين في جميع واجباته الدينية؟ وهل هو يُنفِّذ جميع وصايا اللَّه؟ وإن لم يكن، فما هى مواضع تقصيره؟

«« وفي هذه الجلسة أيضاً، عليه أن يبحث علاقته مع بعض الفضائل الرئيسية مثل نقاوة القلب ونقاوة الفكر، ومثل الوداعة والهدوء، وفضيلة العطاء، وفضيلة العفة، ونزاهة الكلمة وصدقها، ومدى أمانته في عمله، واستقامته في أساليبه، ومدى علاقته بحياة الدقة والجدِّية، وما إلى ذلك من الفضائل...

«« إن كشف النفس فضيلة كبرى، ولوم النفس على أخطائها فضيلة أخرى. وما أصدق وأعمق قول ذلك الأب الروحي: " احْكُم يا أخي على نفسك قبل أن يحكموا عليك ".

«« على أن كشف النفس ولوم النفس، ينبغي أن يصحبهما أيضاً تقويم النفس، أي إصلاحها. والإنسان قد لا يقبل أحياناً توبيخ الآخرين له، ولكنه يقبل ذلك عن نفسه. ولوم الآخرين له قد لا يكون عن معرفة دقيقة بحقيقته. ولكن لومه لنفسه يكون عن معرفة تامة لنفسه. كما أن كشف الآخرين لأخطائه، قد يحرجه أمام الغير، أمَّا كشفه لنفسه فلا إحراج فيه. وهو كذلك يقبل التوجيه من ضميره أكثر مما يقبله من أي إنسان.

«« لذلك اهتم أيها القارئ العزيز بنفسك ومصيرها في العالم الآخر، وكذلك سُمعتها في العالم الحاضر. فأنت تملك نفساً واحدة، إن خسرتها خسرت كل شيء، وإن ربحتها ربحت كل شيء. وقد قال السيد المسيح في عبارة خالدة: " ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! "...

«« وأنت في فحصك لنفسك، وفي كشفك لأخطائك وتقصيراتك ونقائصك، احذر كل الحذر من تغطية كل ذلك بتبريرات وأعذار لا تستيطع مُطلقاً أن تريح الضمير، وليست مقبولة عند اللَّه ... وقد صدق ذلك الإنسان الروحي الذي قال: " إن طريق جهنم مغروس بالأعذار والتبريرات "!! والواقع أنَّ الأعذار والتبريرات، إنما هدفها أن يلمّع الإنسان نفسه أمام الغير، بينما هو مكشوف أمام اللَّه ... كما أنَّ الهدف أيضاً هو تغطية الخطية وليس إصلاح النَّفس!

«« وإذ تعرف أيها القارئ العزيز حقيقة نفسك في بدء العام الجديد، حاول إذن أن تضع لك خطة للعام الجديد تشمل علاقتك مع اللَّه والناس ونفسك، بحيث تقودك إلى حياة أفضل. على أن تكون خطة عملية وسهلة التنفيذ. ولا مانع من أن يكون فيها عنصر التدرّج الذي به تصعد السلّم الروحي درجة درجة، وتصل إلى ما يمكن لنفسك أن تصل إليه، ولو بعد حين...

«« وفي كل ذلك تطلب المعونة الإلهية. لأنك بدون معونة اللَّه لا يمكنك أن تفعل شيئاً. فقد جرَّبت ضعف البشرية ومازلت تُجرِّب. إذن افتح قلبك أمام اللَّه، وقُل له بكل صدق وإخلاص: " ها هى نفسي أمامك يارب، بكل نقائصها وضعفاتها، تطلب إليك أن تتولَّى أنت قيادتها. تتولَّى قيادة قلبي وفكري وحواسي وإرادتي. إنني لك أنت الذي أوجدتني. فلا تترك الشيطان يخطفني من يدك "...

«« وبعد هذه الصلاة، اجلس أيضاً وادرس العوائق التي وقفت أمامك في الماضي، تعطلك في طريق الفضيلة، وتوقف نموك الروحي. واطلب من الرب قوة لاجتياز كل تلك العوائق. ومن جانبك حاول أن تسد جميع الأبواب التي تأتي إليك منها الخطيئة ... وضع لنفسك قيماً مُعيَّنة تلتزم بها مهما كانت الظروف الخارجية.

«« وكما تضع خطة لحياتك الخاصة، ضع لك أيضاً نموذجاً لعلاقتك مع الآخرين، وكيف تسودها المودة والتعاون والبُعد عن كل أنواع التصادم. وعلى قدر طاقتك سالم جميع الناس. البعض منهم تمنحه من عطائك، والبعض تحتمله في رقتك، والبعض تتحاشى غضبه. وكل هؤلاء تُصلِّي من أجلهم: أن يحفظهم الرب بسلامه، وأن يحفظك من أذية أي أحد منهم.

«« لا تنسَ في بداية العام الجديد أن تُصلِّي من أجل وطننا العزيز وسلامة كل فرد فيه، وأن يُنجِّيه اللَّه من مشكلة البطالة، ومشكلة ارتفاع الأسعار فوق قدرة الدخل. وكذلك أن يُنقِّيه اللَّه من كل مواضع الخلل حيثما وُجِدت، ويحفظه في سلام، ويمنح قادته باستمرار الحكمة وحُسن التدبير.

كما تُصلِّي أيضاً من أجل العالم كله، وبخاصة المناطق الملتهبة التي تكثر حوادثها وتتعدَّد ضحاياها. ليكن الرب معهم ومعنا. وليكن هذا العام مُباركاً وسعيداً…
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

جاء المسيح ينشر الحب ( مقال عيد الميلاد )

للبابا شنوده الثالث



يسرني أن أهنئكم يا إخوتي وأبنائي جميعاً بعيد ميلاد السيد المسيح له المجد، وببدء عام جديد، جعله اللَّه عاماً سعيداً، لكم ولبلادنا العزيزة، ولهذا الشرق المُبارَك الذي وُلِدَ فيه المسيح، وبثَّ فيه تعاليمه، وللعالم كله...

«« لقد جاء المسيح ينشر الحُب. حيثما كان يتحرَّك، كان الحُب يتحرَّك. وأينما كان يقيم، كان الحُب يقيم. عرفه الجميع مُحبَّاً، ومُحبَّاً للجميع...

وكان يقول لتلاميذه: " وصية جديدة أنا أعطيكم: أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم ... بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي: إن كان لكم حُبٌّ بعضاً لِبَعضٍ " ( يو 13 : 34، 35 )... تُرى لماذا اعتبر هذا الحب وصية جديدة؟ أليس لأنه يطلب لهم حُبَّاً من نوع خاص له عمقه. إنه الحُب الباذل، مثل حُبه هو الذي قال عنه:
" ليس لأحدٍ حُبٌّ أعظم من هذا: أنْ يَضعَ أحدٌ نَفْسَهُ لأجل أحِبَّائه " ( يو 15 : 13 ). وهكذا قيل عن محبته لتلاميذه: " إذ كان قد أحَبَّ خاصَّتَهُ الذين في العالم، أحَبَّهُم حتى المُنتهى " ( يو 13 : 1 ). وعبارة " حتى المنتهى " هنا، تعني أنها محبة بلا حدود...

«« ولم يكن الحُب لتلاميذه فقط، بل هى وصية للعالم كله... فلمَّا سألوه: ما هى الوصية العُظمى في الناموس ( أي الشريعة )؟ أجاب: " تُحِبُّ الربَّ إلهَكَ من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هى الوصية الأولى والعُظمى. والثانية مثلها: تُحِبُّ قريبك كنفسِكَ. بهاتين الوصيَّتين يتعلَّقُ الناموس كله والأنبياء " ( مت 22 : 34 ـ 40 )... وكلمة ( قريبك ) هنا، تعني جميع البشر. لأننا كلنا أقرباء: أبناء أب واحد هو آدم، وأم واحدة هى حواء...

وطبيعي إن كان كل منا يحب جميع الناس، فلن يسرق أحداً، ولا يقتل أحداً، ولا يسئ إلى أحد، ولا يُدنِّس عفة أحد.

وإن كان يحب اللَّه، فلن يعصاه في شيء، ولا يكسر شيء من وصاياه. وبهذا يكون كلام السيد المسيح عن محبة اللَّه والقريب قد شمل كل نصوص الشريعة وكل وصايا الأنبياء.

«« والمحبة التي نشرها السيد المسيح تشمل محبة الأعداء أيضاً. فهو الذي قال: " أحِبُّوا أعداءكم. بارِكوا لاعِنيكم. أحسِنوا إلى مُبْغِضِيكُم، وصلُّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطردونكم " ( مت 5 : 44 ). وقال تعليقاً على ذلك: " لأنه إن
أحبَبْتُم الذين يُحِبُّونكم، فأيُّ أجرٍ لكم؟! أليس العشارون أيضاً يفعلون ذلك؟ " ( مت 5 : 46 ). كما أنَّ اللَّه المُحب، هو أيضاً " يشرق بشمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين " ( مت 5 : 45 ).

وهكذا توصي المسيحية بأنه " إن جاعَ عدُوُّكَ فأطْعِمْهُ. وإن عَطِشَ فاسْقِهِ " ( رو 12 : 20 ). وقد ضرب السيد المسيح مثل السامرى الصالح، الذي وجد يهودياً اعتدى عليه اللصوص وتركوه بين حي وميت. فلمَّا رآه سامري مسافر، نزل واعتنى به، وعالجه وحمله إلى فندق، وأنفق عليه ( لو 10 : 30 ـ 36 ). بينما اليهود لا يعاملون السامريين ( يو 4 : 9 ). والقصد من هذا المَثل العناية بالأعداء من جهة، ومعنى كلمة القريب من جهة أخرى.

«« إنَّ محبة السيد المسيح قد شملت الغرباء مثل السامريين، وقصته واضحة في هداية المرأة السامرية، ومدينتها ( يو 4 ) ورفضه معاقبة قرية سامرية أغلقت أبوابها في وجهه. وقوله لتلميذيه وقتذاك إنه " لم يأتِ ليُهلِكَ أنْفُسَ الناس بل ليُخلِّصها " ( لو 9 : 52 ـ 59 ).

وشملت محبته الأمم أيضاً أي الـ Gentiles وكان اليهود لا يقبلونهم ولا يتعاملون معهم ولا يتزواجون باعتبار أنهم من الكفرة غير المؤمنين. ولكن السيد المسيح تعامل معهم بحب. ولمَّا جاءه قائد مائة أُممي يطلب من أجل شفاء عبد له مُشرف على الموت، وقال له: " يا سيد، لست مُستحقَّاً أن تدخل تحت سقفي. لكن قُل كلمة فيبرأ غلامي ". فمدحه السيد المسيح وشفى غلامه. وقال للجمع المحيط:
" إني لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً مقدار هذا " ( لو 7 : 2 ـ 10 ).

ومن محبته لهؤلاء الأمم ـ الذين كانوا يعبدون آلِهَة غريبة ـ دعا تلاميذه أن يبشِّروهم بالمسيحية ( أع 1 : 8 )، ( مر 16 : 15 ). وهكذا دخلوا في الإيمان، وتركوا عباداتهم وأصنامهم ... إذ قوبلوا بالمحبة وليس بالاحتقار.

وأحب السيد المسيح أيضاً العشارين والخُطاة، وجذبهم إليه. ومن أمثلتهم زكا العشار الذي لمَّا دخل المسيح إلى بيته، انتقده اليهود لأنه دخل عند رجل خاطئ. فردَّ المسيح قائلاً: " اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضاً ابن لإبراهيم " ( لو 19 : 7 ـ 9 ). وقال عن رسالته أنه " جاء يطلب ويُخلِّص ما قد هلك " ( لو 19 : 10 ).

«« ومحبة السيد المسيح بالذَّات شملت المرضى والمحتاجين وكل مَن صرعهم الشيطان. فكان يجول يصنع خيراً ويشفي جميع المُتسلِّط عليهم إبليس ( أع 10 : 38 ) " فأحضروا إليه جميع السُّقماء المُصابين بأمراضٍ وأوجاعٍ متنوعة، والمجانين والمصروعين والمفلوجين، فشفاهم " ( مت 4 : 24 ). وكانت المعجزات ممزوجة بالحُب، وأحياناً بعبارة " تحنن ". ونفس هذا الحنان كان له في مجال التعليم، إذ قيل عنه: " ولمَّا رأى الجموع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين ومُنطرحين كغنمٍ لا راعي لها " ( مت 9 : 36 ). ونفس هذا الحنان أيضاً قيل عنه في معجزة إقامته ابن أرملة نايين من الموت ( لو 7 : 11 ـ 15 ).

«« ومحبته شملت جميع الفقراء والمحتاجين. فقال عن الاهتمام بالجياع والعطاش والغرباء والعرايا والمحبوسين: " مهما فعلتموه بأحذ إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم " ( مت 25 : 40 ). ووعد المهتمين بكل هؤلاء بالبركة والدخول إلى ملكوت اللَّه.

«« ومحبته شملت أيضاً كل البؤساء، والمُهمَّشين في المجتمع، والذين هم في ضيق. وقد قال إنه جاء لكي " يبشر المساكين، ويعصب منكسري القلوب، ويُنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق " ( إش 61 : 1، 2 ).

«« كان ينشر الحُب الذي ترتبط فيه محبة اللَّه بمحبة الإنسان. كما يرتبط الحب بالإيمان وبالاحتمال. وهكذا تقول لنا المسيحية: " مَن لا يحب أخاه الذي يبصره، كيف يقدر أن يحب اللَّه الذي لم يبصره " ( 1يو 4 : 20 ). على أنَّ المحبة للإخوة، ينبغي أن تكون محبة عملية، وليست مُجرَّد كلام. فهذا تعلمنا المسيحية " لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق " ( 1يو 3 : 18 ). وهكذا توصينا " بالإيمان العامل بالمحبة " ( غلا 5 : 6 ). فكل عمل خالٍ من المحبة، لا يقبله اللَّه.

«« المسيحية تُقدِّم لنا اللَّه المُحب، الذي أحبَّنا قبل أن نوجد ـ حينما كنا في عقله فكرة، وفي قلبه مسرة ـ ومن أجل هذا الحُب أوجدنا. وبالحُب منحنا البركة والرعاية والمواهب. وفي محبته لنا، ندعوه أباً. ونُصلِّي له قائلين: " أبانا الذي في السموات ". وفي محبته لنا ندعوه الراعي الصالح الذي يهتم بخرافه، ولا يستطيع أحد أن يخطفها من يده ( يو 10 : 11 ـ 28 ).

«« إنه إلهنا الطيب الذي قال: " أنا أرعى غنمي وأربضها ... وأطلب الضال، وأسترد المطرود، وأعصب الجريح وأجبر الكسير " ( حز 34 : 15، 16 ). وهو الذي يعطينا دون أن نطلب، ويعطينا فوق ما نطلب. له المجد في محبته غير المحدودة.

«« ختاماً: نُصلِّي ـ في مناسبة هذا العيد ـ أن يمنح اللَّه بلادنا الرخاء والأمن. ويشمل برعايته العراق ولبنان وسوريا ومنطقة دارفور، وكل المناطق المحتاجة إلى معونة. ونُصلِّي أيضاً من أجل رئيس بلادنا الرئيس حسني مبارك، الذي جعل هذا العيد عيداً وطنياً لجميع المصريين.

وكل عام وأنتم بخير
.
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

+يا ابنى لا تكن صغير النفس ولا تفكر فى السوء بل كن وديعا فان الودعاء يرثون الارض . كن طويل النفس بسيط القلب متواضعا فى كل حين ولا تكن ملاصقا للاغنياء بل عاشر الابرار . وكل ما يحل عليك من خير او شر اقبلة بالشكر واعلم انة لا ينالك شيئا الا بسماح من الله.
قداسة البابا شنودة الثالث
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

بقلم: قداسة البابا شنوده الثالث


أ- إن الإنسان تتولى روحه البشرية قيادة جسده.
ب- إن روحه البشرية تكون تحت قيادة روح الله.


أما عن العنصر الأول فيقول القديس بولس الرسول " لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح، لأن إهتمام الجسد هو موت. ولكن إهتمام الروح هو حياة وسلام" (رو 1:8،6). ويقول أيضاً: "اسلكوا بالروح، فلا تكملوا شهوة الجسد" (غل 16:5).



أما عن العنصر الثانى فيقول: "لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو 14:.


إذن المفروض أن يكون الإنسان تحت قيادة روح الله فى كل عمله يعمله. فيشترك روح الله معه فى كل عمل..
وبشركتنا مع الروح القدس، تظهر ثمار الروح فى حياتنا.


وقد ذكر القديس بولس الرسول ثمر الروح فى رسالته إلى غلاطية فقال: "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام، طول أناة لطف صلاح إيمان، وداعة تعفف. ضد أمثال هذه ليس ناموس" (غل 22:5،23).


ثمار الروح تأتى نتيجة لعمل الروح القدس فى الإنسان، ونتيجة لإستجابة روح الإنسان لعمل روح الله فيه. وهنا نميز مثلاً بين المحبة التى هى من ثمر الروح، وأية محبة من نوع آخر. كذلك نميز بين السلام الحقيقى الذى هو من ثمر الروح، وأى سلام زائف. وهكذا مع باقى ثمر الروح فينا.


وكلما يزداد ثمر الروح، تزداد الحرارة الروحية فى الإنسان.
وفى هذا المعنى يوصينا الرسول أن نكون "حارين فى الروح" (رو 11:12)، لقد قيل عن الرب: "إلهنا نار آكلة" (عب 29:12). كذلك فالذى يسكن فيه روح الله، لابد أن يكون مشتعلاً بهذه النار المقدسة
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

ﺇن الله المحب للبشر , بدافع من محبته لأولاده , يدعوهم للتوبة.

ذلك لأنه "يريد أن الجميع يخلصون" (1 تى 2 : 4 ). وهو لايشاء ان يهلك احد , بل أن يقبل الجميع الى التوبة (2 بط 3 : 9) . وهو من أجل خلاصهم مستعد أن يتغاضى عن أزمنة الجهل (أع 17: 30 ). بل انه يقول فى محبته العجيبة "هل مسرة اسر بموت الشرير ...ﺇلا برجوعه... فيحيا" (حز 18 :3) . هو يحبنا و يريدنا بالتوبة أن نتمتع بمحبته.

يريد بالتوبة ان يشركنا فى ملكوته.

"توبوا و ارجعوا , تمحى خطاياكم" (اع 3 : 9). انه ليست مجرد اوامر يصدرها الله على افواه أنبيائه القديسين, بل هى دعوة حب من أجلنا و من أجل خلاصنا الذى جعله يتألم من اجلنا و الذى لا نستطيع أن نناله الا بالتوبه.

لذلك نرى فى دعوته لنا مشاعر الحب ...

اذ يقول " ارجعوا الى ارجع اليكم" ( ملا 3: 7) , " توبوا و ارجعوا" (حز 14: 6) , "ارجعوا الى بكل قلوبكم ... ارجعوا الى الرب الهكم" يوئيل 2 : 12 ,13 ). و يقول فى محبته على لسان ارمياء النبى "أجعل شريعتى فى داخلهم , و أكتبها عللى قلوبهم. و اكون لهم الها , و هم يكونون لى شعبا ... أصفح عن اثمهم , و لا أذكر خطيتهم بعد" (أر 31: 33 ,34).

و فى دعوته لنا بالتوبة , وعد بتطهيرنا و غسلنا.

"اغتسلوا , تنقوا , اعزلوا شر أفعالكم... و هلم نتحاجج يقول الرب: ان كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج.." (أش 1: 16 , 18).

"أرش عليكم ماء طاهرا فتطهرون من كل نجاساتكم و من كل أصنامكم أطهركمز و أعطيكم قلبا جديدا.." (حز 36: 25 , 26).

و هو يدعونا للتوبة , لأننا نحتاج ﺇليها.

فهو يقول " ما جئت لأدين العالم , بل لأخلص العالم" (يو 12 : 47), "لا يحتاج الأصحاء الى طبيب بل المرضى . لم اتى لأدعو أبرار بل خطاة الى التوبة" (مر 2 : 17). نعم ان "ابن الانسان جاء يطلب و يخلص ما قد هلك" (متى 18: 11).

هذه التوبة ﺇذن من صالحنا. و ليست أمرا مفروض علينا.

و لنا نحن كامل الاختيار "ان شئتم و سمعتم , تأكلون خير الأرض. و ان أبيتم و تمردتم , تؤكلون بالسيف" (أش 1: 19 ,20). و الصالح لنا ان نطيع من اجل نقاوتنا و من أجل أبديتنا و من اجل أن نتمتع بالله.

و ينادينا الرسول " تصالحوا مع الله " (2 كو5 : 18,20). فهل نحن نرفض أن نتصالح مع الله ؟! و هل من صالحنا رفض المصالحة؟!.

التوبة نافعة , مهما كان أسلوبها , باللين أو بالشدة.

و لهذا يقول القديس يهوذا الرسول " ارحموا البعض مميزين. و خلصوا البعض بالخوف, مختطفين من النار , مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد" (يه 22 ,23 ).

كان القديس يوحنا المعمدان شديدا فى مناداته بالتوبة (متى 3 :8 -10).

و يقول القديس بولس الرسول لأهل كورنثوس "الأن أنا افرح, لا لأنكم حزنتم, بل لأنكم حزنتم للتوبة"(2 كو 7: 9). و لذلك كان بعض القديسين فى عظاتهم يجعلون الناس يبكون , و كان ذلك نافعا لهم. كما كانت عقوبات الكنيسة نافعة للتوبة والخلاص.

لذلم مانت الدعوة للتوبة , أهم موضوع فى الكتاب.

لذلك أرسل السيد المسيح أمامه يوحنا المعمدان يهيئ الطريق أمامه بالتوبة, قائلا "توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات" (متى 3 :2). من هنا نستوضح فائدة التوبة و أهميتها للخلاص, و الملكوت الذى لا نناله الا بالتوبة.

و هكذا عمل التوبة سبق عمل الفداء. و المعمدان سبق المسيح.

و السيد المسيح نفسه نادى بالتوبة "من ذلك الزمان ابتدا يسوع يكرز قائلا توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات" (متى 4 :17). و كان يقول "قد كمل الزمان , و اقترب ملكوت الله , قتوبوا وامنوا بالانجيل"(مر 1: 15). و لما أرسل الاثنى عشر " خرجوا يكرزون ان يتوبوا" (مر6: 12). و قبيل صعوده أمر أن "يكرز باسمه للتوبة و مغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدئا بأوشليم" (لو 14: 47 ).

كان أول كارز باتوبة هو نوح. و تبعه كثيرون.

مثل أشعياء (أش 1), و حزقيال (حز 18), و يونان (يون 3) , و يوئيل (يوء 2),و أرمياء (ار 31)... وهى ايضا واضحة كل الوضوح فى أسفار العهد الجديد.

و الدعوة الى التوبة هى عمل جميع الرعاة و المعلمين والوعاظ و رجال الكهنوت و كل المرشدين الوحيين... وهى واضحة فى أقوال الباء.

لقد ﺇهتم الأباء جدا بالدعوة الى التوبة:

قا ل القديس الأنبا انطونيوس: أطلب التوبة فى كل لحظة.

و قا ل القديس باسيليوس الكبير: "جيد ألا تخطئ. وان اخطأت, فجيد ألا تؤخر التوبة. وان تبت , فجيد الا تعود للخطية. وان لم تعد , فجيد أن تعرف ان هذا بمعونة الله. وان عرفت فجيد ان تشكره على ما انت فيه".

و قا ل مار ﺇسحق:"فى كل وقت من هذه الأربع و العشرين ساعة من اليوم , نحن محتاجون الى التوبة". وقال أيضا"كل يوم لاتجلس فيه ساعة بينك وبين نفسك , و تتفكر بأى الأشياء أخطأت , و باى أمر سقطت, و تقوم ذاتك فيه... لا تحسبه من عدد أيام حياتك".

ان الدعوة الى التوبة لازمة للكل ز ومما يستلفت النظر:

ﺇن الدعوة للتوبة , وجهت ﺇلى ملائمة الكنائس السبع.

فالرب يقول لملاك كنيسة أفسس"أذكر من اين سقطت و تب" (رؤ 2:5). و كلمة تب يقولها ايضا لملاك برجامس (رؤ 16:2), و ملاك كنيسة ساردس (رؤ 3:3), و لملاك كنيسة لادوكية (رؤ 19:3). و قد أرسل الله ناثان النبى لينادى بالتوبة الى داود النبى مسيح الرب...

ﺇن دعوة الله بالتوبة تحمل شعور الاشفاقعلى اولاده.

فهو يريد لذين ضلوا ان يرجعوا اليه ,ليكون لهم نصيب فى الملكوت و فى ميراث القديسين , و فى شركة الكنيسة. لأن السلوك الخاطئ يمنع شركتنا بالله (1 يو 1: 6), و يمنع شركتنا مع بعضناالبعض"ولكن ان سلكنا فى النور, كماهو فى النور, فلنا شركة مع بعضنا البعضز و دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1 يو 1: 7).

و الله يقبل التائبين, وأمثلة ذلك كثيرة فى الكتاب:

لقد قبل الابن الضال فى سوء حالته (لو 15) . و قبل المرأة السامرية التى كان لها أكثر من خمسة أزواج (يو 4). و قبل اللص اليمين على الصليب (لو 23 :43 ). و صلى من أجل صالبيه ان يغفر لهم (لو 23 : 34). و قبل ذكا رئيس العشارين (لو 19: 9). و منحه الخلاص هو و أهل بيته . و قبل متى العشار و جعله رسولا من الاثنى عشر (متى 10: 3). و يكفى قوله:

من يقبل ﺇلى لا أخرجه خارجا (يو 6 :37).

بل أكثر من هذا, ان الرب هو الذى يقف على الباب و يقرع منتظرا من يفتح له(رؤ 3: 20). فان كان يفعل هذا , فبالحرى يفتح لمن يقرع أبواب رحمته الالهية.

و من جهة مراحم الرب على الخطاة, صدق من قال :

ﺇن مراحم الرب أقوى من كل دنس الخطية.

ان أبشع الخطايا و أكثرها – بالنسبة لمراحم الرب – كأنها قطعة طين قد ألقيتها فى المحيط... انها لا تعكر المحيط, بل يأخذها و يفرشها فى اعماقه , و يقدم لك ماء رائقا. و قبول الله للتوبة , انما يكشف عن أعماق محبته الالهية.

لذلك لا نستكثر خطيتنا على فاعلية دمه ...

و لا نستكثرها على عظم محبته و رحمته.

و قد قال أحد الشيوخ القديسين لا توجد خطية تغلب محبة الله للبشر. انه هو الذى يبرر الفاجر (رو 4 :5).

أقول هذا حتى لا يياس الخطاو اذا نظروا الى خطاياهم.



..... الله يعطينا توبة حقيقية و يقوينا على معوقات التوبة . بشفاعة القديسة العذراء مريم وجميع القديسين, وبصلوات قداسة البابا شنودة.

له المجد الدائم الى الأبد



أمين
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

الفضائل لا تتعارض


بل تتكامل..




لقداسة البابا شنودة الثالث






لا يوجد تناقض فى الفضائل, ولا يهدم بعضها بعضاً مهما بدت بعض التناقضات للعين غير الفاحصة! والإنسان الحكيم لايقتنى إحدى الفضائل على حساب فقد فضيلة أخرى, بل يجاهد لإكتساب الكل...


لذلك فهو يجمع بين الحب والحزم, وبين الرحمة والعدل, وبين الوداعة والشجاعة, وبين البساطة والحكمة... فكلها فضائل تتمشى معاً فى غير تعارض ولاتناقض. وسنبدأ حديثان عن تكامل الفضائل...
الحب والحزم


الشخصية المتكاملة تجمع بين الطيبة والقوة, وبين الحب والحزم. وهذا الأمر لازم جداً فى محيط الآباء, والمدرسين, ورجال الإدارة. فيكون فى طبعهم الحنو, ومن صفاتهم أيضاً الهيبة. وليس من الصالح أن حنوهم يفقدهم هيبتهم. فالهيبة لازمة لحفظ النظام وحفظ القيم. والحنو لازم حتى يطيعهم الناس عن حب وليس عن رعب!


* على أنه من الأشياء الغريبة فى محيط الأسرة, أن الوالدين يوزعان أحياناً الحب والحزم فيما بينهما: فيكون للأم الحب, وللأب الحزم! بينما ينبغى أن يكون الحب والحزم لكل منهما...


وفى هذا, نرى أنه اذا أخطأ الإبن أو حاول أن يخطىء, تحاول الأم أن تمنعه عن ذلك بقولها له "... لئلا يغضب أبوك ويعاقبك ".. دون أن تقول له إنها هى أيضا لا ترضى عن ذلك الأمر!! ويختلط الأمر على الإبن, ولا يعرف أين الحق. وكل ما فى الأمر أنه يتقى غضب الأب!


* ويحدث أحياناً أخرى أن رئيساً لإدارة ما يريد أن يكسب محبة مرؤوسيه, ولأجل هذا يتهاون في حقوق العمل ولا يكون حازماً في معاقبة المخطئين.


وربما تحدث نتائج سيئة جداً, لهذا الحنو الخالى من الحزم.
الوداعة والشجاعة


هاتان الصفتان لا تتعارضان. فمن الخطأ أن يظن شخص أن صفة الوداعة تمنعه من الشجاعة, وتحوُله إلى جثة هامدة لا نخوة فيها ولا شهامة ولا حياة..! كما من الخطأ أن تحوله الشجاعة إلى التهور أو إلى العنف بفقدان وداعته. وإنما عليه أن يستخدم الوداعة حين تحسن الوداعة, ويستخدم الشجاعة حين تلزم الشجاعة. وتظهر كلً من هاتين الصفتين في الحين المناسب لها. وكما قال سليمان الحكيم " لكل شئ زمان. ولكل أمر تحت السموات وقت".


الوداعة ليس معناها الضعف, والشجاعة ليس معناها العنف. والوداعة والشجاعة يجب أن تمتزج كل منهما بالحكمة والفهم. واتذكر أننى قلت مرة فى رثاء أستاذ عظيم لنا :


يا قوياً ليس فى طبعهِ عنفُُ ووديعـاً ليس فـى ذاتهِ ضعفُ


يـا حكيماً أدّب الناس وفى زجـره حبً وفى صوته عطفُ


لك أسلـوبُ نزيه طاهـرُ ولسـانُ أبيـض الألفـاظ عفُّ


إذن ليكن الإنسان وديعاً. ولكن لا يسمح للطيبة أو الوداعة, أن تفقده كرامته وحقوقه وهيبته، وتدفع غيره إلي اللعب به، وإلا فسوف يكره الناس الطيبة، والمشكلة ليست فيها، وإنما فى إساءة فهمها، وفى استخدامها وحدها بعيدة عن غيرها من الفضائل. ولذلك يجب أن نزن كل فضيلة بميزان دقيق، ولا نمارسها وحدها بغير حكمة...
البساطة والحكمة


من الأخطاء الواضحة أن يوصف انسان بالبساطة، بينما لا تكون له حكمة. بل تكون بساطته هذه لوناً من السذاجة، وتؤخذ عليه بعض التصرفات. ويحاول البعض أن يعذروه، بقولهم عنه أنه بسيط! وفى الواقع ليست هذه بساطة حقيقية.


* فالبساطة هى عدم التعقيد، وليست عدم الحكمة، وليست هى السذاجة.. البساطة الحقيقية هى بساطة حكيمة. والحكمة يمكن أن تكون أيضاً حكمة بسيطة. ومن الجائز أن يقول إنساناً كلاماً حكيماً جداً، وبأسلوب بسيط. وتكون له حكمة فى عقله، وبساطة فى قلبه وفى أسلوبه. فهو يتصرف فى عمق الحكمة وبكل بساطة. حكمته ليس فيها تعقيد الفلاسفة. وكلامه العميق يكون واضحاً وبسيطاً يفهمه الكل.


* كذلك فليس معنى البساطة أن تصدقّ كل ما يقال لك بدون تفكير، أو تعطى مجالاً للبعض ان يخدعك أو يلهو بك! إنما فى بساطة تعاملك مع الناس، تكون مفتوح العينين حاضر الذهن، تستطيع أن تميز الذئاب التى تلبس ثياب الحملان. كما لا تعيش فى جو من الحذر والشك والظنون...


* وأيضاً الإنسان البسيط- حينما يطيع من هو أكبر منه- إنما يمزج الطاعة بالحكمة. وبهذا لاتقاد شخصيته المتكاملة بفضيلة واحدة منفصلة عن باقى الفضائل الأخرى...
الرحمة والعدل


هاتان الفضيلتان يمكن أن تجتمعا معاً، ولاتناقض بينهما...


والله-جل جلاله- من صفاته الرحمة وأيضاً العدل، بغير إنفصال بينهما. فرحمته مملوءة عدلاً، وعدله مملوء رحمته. ويمكن أن نقول إنه عادل فى رحمته، وإنه رحيم فى عدله.


هما صفتان تتكاملان، ولا تتناقضان إطلاقاً


إذن متى يختلف العدل عن الرحمة عند بعض البشر؟ يحدث الأختلاف فى حالة التطرف من جهة ممارسة أىّ منهما.. أى عندما يتحول العدل عند اليعض إلي قسوة، أو تتحول الرحمة إلى إستهانة بحقوق العدل، وتشجيع الآخر على الخطأ، ولو عن غير قصد!


وهنا يمكن أن نقول إن الشخص الرحيم يمكن أن يعاقب المخطىء، ولكن فى رفق على قدر ما يحتمل ذلك المخطئ. وأيضاً بقصد إصلاحه وإعطاء درس لغيره، وليس بروح الإنتقام ولا بعنف...


وهكذا فإن المسئول عن إدارة عمل، لا يجوز له أن يسلك فى فضيلة التسامح والعفو عن المخطئين، باسلوب يسئ إلي العمل، وتسقط به هيبة الإدارة، ويسوده التسيب واللامبالاة!! وهنا يكون المسئول قد فقد فضيلة العدل وفضيلة الحزم، وظنّ أن المعاقبة خطية !


إنما بالتكامل في الفضائل، يعرف الإنسان متى يعفو، ومتى يعاقب. ويكون روحياً فى كلا الحالين. ويعرف متى يعمل العمل المناسب، فى الوقت المناسب، وبالسبب الداعى اليه
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

أن البابا شنودة الثالث يمتلك خفة ظل لا يمتلكها أحد غيره من رجال الدين
سواء المسيحي أو الإسلامي ــ و لا حتي السياسين


أن خفة الظل التي يمتلكها قداسة البابا لا تحسب عليه بقدر ما تحسب له،
فهي من أهم الأدوات التي يمتلكها قداسته والتي تمنحه قدرا عاليا من الشعبية وحب الناس لم يتمتع به غيره من رجال الدين المسيحي
حتى أن البعض أطلق عليه انه "ابن نكته" وهذا لفرط فهمه لأمزجة المصريين

أهم الأشياء التي تدعم خفة ظل البابا شنودة
تمكنه من اللغة العربية وإمتلاك الكثير من مفرداتها
أضف إلي ذلك سرعة بديهة عالية تجعله ينتج المفارقة في تعليق ذكي

فالبابا شنودة الثالث لا يقف علي محطات في إطلاق نكاته وفكاهاته
طالما أنة وجد الوقت مناسبا لذلك،
ومن أهم النكات و الفكاهات التي قيل أنها وردت علي لسان قداسة البابا
والتي لن تجدها بين تسجيلاته،
كانت نكته علي السادات،
فعند زيارة الرئيس الأمريكي ريجين إلي مصر وكان يمشي مع الرئيس السادات
في الموكب المصري الامريكي الشقيق،
و عندما رأي صف طويل من المواطنين سأل السادات عن هذا الصف،
فقال السادات له أنة واجب عزاء فنزل ريجين إلي الشارع ليتأكد من كلام صديقه السادات صاحبه .
المهم نزل و ذهب إلي أحد الواقفين في الصف و سأله قائلا: عزيت؟!
ففهم الرجل أن الخواجة يسأله "علي الزيت"
فرد قائلا.. لأ علي السمنة!!.

أما الفكاهات التي تم تسجيلها فهي كثيرة منها أنه عند زيارة البابا لسوهاج رحب به الأهالي ومدحه أحد السوهاجية قائلا
يا "قداسة البابا.. يا قداسة البابا
أنت قاموس في اللغة"
ولكنه قلب الكاف جيما..

فرد عليه البابا في سرعة بديهة قائلا
"الرك علي العجول اللي بتفهم" قاصدا العقول

وفي أحد وعظاته قال قداسة الباباشنودة الثالث
في ناس بتراقب الناس بشكل صعب
يعني في عزومة واحدة تقول للضيف أنت ما أكلتش من الصنف ده..
طب هى عرفت منين !!!
أكيد بتعد عليه اللقم......


وفي أحد اجتماعاته يوم الأربعاء أرسل له أحد الحاضريين ورقة يقول له فيها:
"يا قداسة البابا أنا صعيدي وبلديات قداستك وجاي مصر علشان أسأل سؤال واحد، أحنا يوم القيامة هنقوم صعايدة زي مأحنا ولا لع؟"!.. فرد البابا قائلا: "لأ.. يوم القيامة ربنا هيكون صلحك علي الأخر.. و هتقوم كملائكة الله في السماء".

وسألت بنت في إجتماع الأربعاء قائله: "أتعرفت علي شاب في المصيف وإتصل بي وخرجت معه مرة واحدة، وأنا معجبة به فهل هذه المشاعر حقيقية؟".. وبعد أن وجه قداسة البابا اللوم لها لأنها أعطت رقم تليفونها للشاب ووبخها أيضا لأنها خرجت معه قال لها "أكيد أنتوا ما خرجتوش مع بعض تتكلموا عن الشاروبيم أو الساروفيم (أسماء ملائكة).. أعقلي وقرري".

وفي أحد وعظاته قال قداسة البابا: "في ناس بتراقب الناس بشكل صعب يعني في عزومة واحدة تقول للضيف أنت ما أكلتش من الصنف ده.. طب أيش عرفك.. أكيد بتعد عليه اللقم.. وواحدة تانية بتقول للضيف كل من اللحمة.. فلو قالها أكلت.. ترد عليه وتقوله كل تاني أنت ماكلتش غير حتتين.."




وعن الراجل والست سأل شاب في أحد المرات: "ليه ربنا خلق الحيوان قبل الإنسان؟"
فأجاب البابا "هذه ليست ميزة للحيوان لأن ربنا خلق الحيوان قبل الأنسان علشان الحيوان يخدم الأنسان.. و يضيف البابا مش معني كدة أن الستات تقول أن الراجل أتخلق قبل الست علشان يخدمها"..

وذات مرة اشتكت سيدة أبنها لقداسة البابا وقالت له "الواد مكفر سيئاتي أعمل أية؟".. فقال لها: "طيب أنت ليه يكون عندك سيئات علشان يكفرها الواد.."
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

الشهوه انواعها وخطورتها

عن نفسي باحب البابا جدا كلماته بتمس القلب وسهله المعاني فالما البابا بيتكلم عن الشهوة قال الشهوة انواع هااعرض منها الان وهتابع معكم في نفس الموضوع باقي حديثه عن الشهوة

الشهوة هي اصل وبدايه خطايا كثيرة فالزني يبدا اولا بشهوة الجسد والسرقه تبدا بشهوة الاقتناء او شهوة المال والكذب يبدا بشهوة في تبرير الذات او في تدبير شىء ما
والقتل يبدا بشهوة الانتقام او بشهوة اخري تدفع اليه فان حارب انسان شهواته الخاطئه وانتصر عليها يكون قد انتصر علي خطايا عديدة وهنا تحضرني عبارة عميقه في معناها قالها مرة الاستاذ مكرم عبيد وهي افرحوا لا لشهوة نلتموها بل لشهوة انللتموها
ومن اكثر العيوب ان يقال عن شخص ما انه شهواني اي انه يقاد بواسطه شهواته وليس بضميره او عقله



و الشهوة ان بدأت لا تستريح حتى تكمل و ما دام الامر هكذا فالهروب منها افضل فلماذا تدخل معها فى صراع او فى نقاش انك كلما اعطيتها مكانا فى ذهنك او تهاونت معها و اتصلت بها حينئذ تقوى عليك و تتحول من مرحلة الاتصال الى الانفعال الى الاشتعال الى الاكتمال و تجد نفسك قد سقطت
فتتدرج من التفكير فيها الى التعلق بها الى الانقياد لها الى التنفيذ الى التكرار الى الاستبعاد لها و قد يلجأ الشخص الى طرق خاطئة لتحقيق شهواته الى الكذب او الخداع او الاحتيال و ربما اكثر من هذا
و قد يظن البعض ان ما ارهقته افكار شهوة ما انه اذا ما اكملها بالفعل سيستريح من افكارها الضاغطة !!
كلا فهذا خداع للنفس فإن الشهوة لا يمكن ان تشبع .. و كلما يمارس الانسان الشهوة يجد فيها لذة و اللذة تدعوه الى اعادة الممارسة و القصة لا تنتهى .....
و صدق سليمان الحكيم حينما قال العين لا تشبع من النظر ، و الاذن لا تمتلئ من السمع ، كل الانهار تجرى الى البحر ، و البحر ليس بملأن .
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

فلا تظن اذن ان الاشباع ينقذك من الشهوة .. لانه لا ينقذك منها سوى ضبط النفس و الهروب سواء الشهوة التى تأتيك من الحواس او من الفكر و القلب او التى تأتيك من الغير و قد يعالج الانسان شهوة رديئة بأن يجعل شهوة مقدسة تحل محلها ، فالجسد يشتهى ضد الروح و الروح تشتهى ضد الجسد ، الجسد قد يشتهى الخطية ، و الروح تشتهى حياه البر و الفضيلة ، فإن اشبعت الروح فيما تشتهيه ، حينئذ تنجو من شهوات الجسد
.. ما اجمل ما قاله احد الروحيين عن التوبة ، " انها استبدال شهوة بشهوة " فبدلا من شهوة الخطيئة تحل محلها شهوة الفضيلة و القربى الى الله و ايضا شهوة الكرامة و العظمة و العلو ، يمكن ان تعالجها شهوة الاتضاع


من الاساطير التى تقال عن بوذا مؤسس الديانة البوذية : انه جلس فى يوم ما تحت شجرة المعرفة ، فعرف ان كل الناس يبحثون عن السعادة و ان الذى يريد السعادة عليه ان يتخلص من الشقاء ، ووجد ان للشقاء سببا واحدا و هو وجود رغبة او شهوة لم تتحقق و هكذا علم الناس ان يبتعدوا عن الشهوات و الرغبات لكى يعيشوا سعداء .. على ان تعليم بوذا هذا غير ممكن عمليا ، لانه من المستحيل ان يعيش انسان بدون اية رغبة او شهوة .
انما الحل المعقول ان تكون له رغبات و شهوات غير ضارة
.. ذلك لان هناك شهوات مؤذية و مدمرة ، و لعل فى اولها شهوة الشيطان فى ان يدمر حياة البر مع جميع الابرار و اعوانه يفعلون مثله .. ان الذى يدمن المخدرات انما بشهوة الادمان يدمر نفسه و قد يؤذى غيره ايضا ، و الذى تسيطر عليه شهوة الزنى يدمر عفته و اخلاقياته ، و يدمر ايضا من يشاركه فى الخطيئة او من يكون فريسة له .
و شهوة الحقد ايضا شهوة مدمره و كذلك شهوة الانتقام و جميع الشهوات التى يقع فيها البشر تدمرهم خلقيا و اجتماعيا و ان لم يحسوا هذا التدمير على الارض فإن شهواتهم ستدمر مصيرهم الابدى



.. ان الشيطان حينما يقدم للانسان شهوة تشبعه فأنه لا يفعل ذلك مجانا او بدون مقابل !! انما فى مقابل تلك الشهوة يسلب روحياته منه و يسلب ارادته و يضيع مستقبله فى الارض و السماء لذلك علينا ان نهرب من شهواته و من اغراءاته واضعين فى اذهاننا نتائجها و اضرارها.
.. و الشهوات التى بها يضر الانسان غيره عليه انا يضع امامه احترام حقوق الغير و سمعته و عفته و يقول لنفسه : واجبى هو ان انفع غيرى ، فإن لم اقدر على منفعته
فعلى الاقل لا اضره ..
اما الشهوات التى يضر بها نفسه فعليه ان يتمسك بكل القيم و المثاليات ، شاعرا ان الخضوع لاية شهوة انما هو ضعف لا يليق بحق يحترم شخصيته و يرتفع بها عن مستوى الدنايا .
.. و الشهوات الخاطئة ليس من نتائجها فقط ان يصر الانسان نفسه او ان يضره غيره انما هى ايضا تفصل الشخص عن الحياة مع الله ، و تدفعه الى كسر وصاياه و هذا امر خطير .
لذلك نصيحتى لك : اسلك ايجابيا فى حياة النزاهة و العفة عالما ان الايجابيات تنجيك من السلبيات ، و ايضا اعرف ما هى المصادر التى تجلب لك الشهوة بجميع انواعها و تجنبها .. فهذا اصلح بكثير من ترك الباب مفتوحا فتدخل منه الشهوة ثم تقاومها
.
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

لقداسة البابا شنوده الثالث


ما هى النعمة؟ إنها بلا شك ما ينعم به الله على خليقته ... وأوَّل نعمة وهبها الله للخليقة هى نعمة الوجود، إذ أوجدهم وما كان لهم وجود من قبل.
ونعمة الوجود تشمل أيضاً نعمة الحياة، بالنسبة إلى الملائكة والبشر وكل الكائنات الحية ... وهذا النوع من النعمة هو النعمة الخالقة.

هناك أيضاً نعمة الرعاية والحفظ. لأنه لو تخلَّت نعمة الله عن الكون لحظة واحدة، لهلك الكون بكل ما فيه. ولكن الله من محبته وعنايته، يمسك بهذا الكون ويرعاه بنعمته الحافظة.
والنعمة الحافظة تشمل أيضاً نعمة الصحة. وكما يقول الحكيم: ” الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يدركه سوى المرضى “.

«« هناك نعمة أخرى هى نعمة الجمال. فمن البدء خلق الله كل شيء جميلاً. ونحن نرى ذلك في الطبيعة الجميلة من حدائق [ غنَّاء[/ ومن زهور وورود. ونراها بأجمل صورة في الفراشات الملونة، وفي الأسماك الملونة. كما نرى هذا الجمال في تغريد الطيور والبلابل، وفي خرير الماء، وفي نور القمر الهادئ الجميل.
وفي كل عام تُقام مسابقات لملكات الجمال في العالم. فهل تدرك كل هؤلاء الملكات أن جمالهن هو نعمة من الله لهنَّ، عليهنَّ مقابلتها بالشكر للخالق المانح الجمال؟!

«« هناك أيضاً نعمة السلام والطمأنينة يهبها الله لبعض الأفراد فتكون قلوبهم مملوءة بالسلام، بعيدة عن القلق والاضطراب والخوف. كما يهب هذه النعمة لبعض الدول أو الشعوب، فتعيش بعيدة عن الحروب والقلاقل والانقسامات والخصومات، تحيا في هدوء ...

«« كذلك كل خير يأتي للبشر، هو نعمة من الله. مثال ذلك بلاد أنعم الله عليها بخصوبة الأرض ووفرة المياه، وبالتالي كثرة الإنتاج. أو بلاد أنعم الله عليها بمعادن أو أحجار كريمة يستخرجونها من جبالها، أو ببترول وغازات من باطن أراضيها. وكل ذلك ينمي إقتصادها وينشر الخير فيها. إنها نعمة.

«« على أن نِعَم الله لا نستطيع أن نحصيها. وإنما كل ما ذكرناه ما هو إلا مُجرَّد أمثلة. نضيف إليه نعمة النجاح في الحياة، ونعمة السمعة الطيبة ومحبة الناس لِمَن يجد نعمة في أعين الآخرين. وأيضاً نعمة النسل الصالح ... بالإضافة إلى نعمة حرية الإرادة التي وهبنا الله إيَّاها ...

««على أنه في قمة النِّعَم التي وهبنا الله إيَّاها نعمة الخلود، إذ تكون لنا حياة أخرى بعد نعمة القيامة من الموت، حيث نستمتع بالحياة الأخرى في النَّعيم
الأبدي ...

«« نقطة أخرى نذكرها من جهة النعمة وهى وجود ثلاث مستويات لها: أحدها على المستوى العادي، والثاني على المستوى القيادي، والثالث على مستوى حالات خاصة.
فمِن جهة المستوى العادي: النعمة تعمل في الكل. لا يوجد أحد لم تعمل معه نعمة الله ... والنعمة هنا ترشد الإنسان إلى الخير، وتُقوِّيه على فعله. ولكنها لا ترغمه على ذلك، لكي يبقى الإنسان حُرَّاً، يفعل الخير برضاه وبكامل إرادته، حتى يستحق المكافأة على ذلك. أو هو يرفض ...

«« أمَّا الذين في المستوى القيادي، فإنهم ينالون من النعمة قوة مضاعفة: منها نعمة لأجل نفوسهم، ونعمة أخرى لأجل عملهم القيادي، للتأثير في الآخرين. ويزداد قدر النعمة الممنوحة لهم، بقدر ثِقَل المسئولية المُلقاة على عاتقهم.
وكُلَّما تزداد صعوبة العمل القيادي أو خطورته، فإنَّ الله حينئذ ينعم على القادة بمواهب خاصة، قد تصل أحياناً إلى المعجزات.

«« أمَّا على المستوى الخاص، فهناك أشخاص تحتاج حالتهم إلى نعمة خاصة تتناسب مع ما هم فيه من ضيقات أو مشاكل، أو ما ينوون القيام به من مهام
أو مشروعات، أو ما عليهم من مسئوليات.
وتدخل في المستوى الخاص، نعمة الدعوة لِمَن يدعوهم الله للقيام برسالة مُعيَّنة، كالأنبياء والرُّسُل مثلاً. وحينئذ بالإضافة على نعمة الدعوة، يزودهم الله بنعمة أخرى تشمل الإمكانيات التي يحتاجها أداء هذه الرسالة ...

«« من جهة أنواع النعمة أيضاً، هناك نعمة ظاهرة ونعمة خفية. فالنعمة الظاهرة فهى المعونة الإلهية التي نراها ونحسَّها في حياتنا. أمَّا النعمة الخفية، فهى التي تعيننا دون أن ندري، أو التي تبعد عنا شراً قبل مجيئه إلينا، ونحن لا ندري عنه شيئاً. كمؤامرات كانت تحاك حولنا، وأبطلها الله قبل أن تتم.

«« وهناك نِعَم طبيعية يهبها الله للإنسان، كالقوة والجمال والذكاء والفن والحكمة. ونِعَم أخرى تُعتبَر فوق الطبيعة، مثل المواهب المعجزية.
وهناك نِعَم تعمل فينا من الداخل، لتنقية قلوبنا وقيادة ضمائرنا وأفكارنا، وإرشادنا في طريق الفضيلة والبِرّ. ونِعَم أخرى تعمل من خارجنا، لتنقية الأوساط المحيطة بنا، وإبعاد القوات المُحاربة لنا ...

«« وهناك نعمة تبدأ في العمل معنا: إمَّا لأننا لا نريد أن نعمل، أو لأننا لا نستطيع أن نعمل، أو لأننا نجهل ما ينبغي علينا أن نعمله. فتأتي النعمة، وتنير عقولنا، وتحث إرادتنا، وتدفعنا إلى العمل دفعاً، وتُقوّينا على إتمامه.
ونعمة أخرى ترانا قد بدأنا في عمل الخير، أو اتجهت نيتنا إليه، فتأتي لتكمل لنا الطريق، وتمنحنا الإمكانيات اللازمة لنا.

«« والنعمة قد تأتي وحدها، وقد تُطلَب فتأتي.
إنها تأتي وحدها، لأنَّ الله يعرف ضعف طبيعتنا وقوة الشياطين المُحاربة لنا، وأننا بدون معونته الإلهية لا نستطيع أن نعمل شيئاً، لذلك فهو يسندنا بنعمته التي تعمل فينا، والتي تعيننا بقوة من عنده، حتى نسير في طريقه بغير خوف
ولا قلق ...

«« وقد تأتي النعمة إذا ما طلبناها في صلواتنا، أو نتيجة لصلوات الآخرين من أجلنا، أو لتشفُّع القديسين فينا، أو تأتي النعمة نتيجة لرضى الوالدين ودعواتهما الطيبة، أو لدعوات أُناس فقراء أو محتاجين قد ساعدناهم، فدعوا لنا بالبركة في حياتنا. أو تأتي النعمة لمُجرَّد حنو الله ومحبته وشفقته.

««على أننا في كل عمل النعمة معنا أو لأجلنا، علينا أن نتجاوب معها ونشترك في العمل، لأنَّ نعمة الله العاملة في الإنسان، ليست سبباً له في أن يتكاسل، تاركاً للنعمة أن تعمل وحدها، قائلاً: ” كله بالنعمة “. فلو كان كل شيء خاصاً بالنعمة فقط، ما أخطأ أحد! وما كان لأحد أن يكافئه الله على عمل خير، لأنه من ذاته لم يعمل شيئاً، وإنما النعمة هى التي عملت كل شيء!! لذلك علينا جميعاً أن نعمل مع النعمة، بكل عواطفنا، وبكل ما نملك من قدرة تستطيع النعمة أن تقوِّيها ... «« أخيراً، أُحب أن أقول وأنا آسف، أن هناك حالة يمكن أن نسميها تخلِّي النعمة. مثالها: إنسان أعانته النعمة على عمل عظيم، فتكبَّر قلبه وارتفع، ناسباً كل شيء إلى قوته، وناسياً عمل الله معه. حينئذ تتخلَّى عنه النعمة فيسقط أو يفشل، لكي يعود فيتضع ويعطي المجد لله .. وهناك أسباب أخرى للتَّخلِّي
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

كثيرون يعيشون خارج أنفسهم



من مقالات قداسة البابا شنودة الثالث


«« جاءني وهو في غاية الإضطراب والقلق، وقال لي: ” هناك خطر يُهدِّد البلد كله “. فقلت: ” أتقصد دولة تريد محاربتنا من الخارج؟ “. فقال: ” كلا، إنه عدو يحيط بنا في كل مكان. بل إنه يوجد أحياناً داخلنا “.
فسألته: ” ألعلك تقصد الشيطان؟ “. أجابني: ” لست أقصد الشيطان. إنما أقصد الميكروبات... التلوث الماء ملوث، والجو ملوث. وما تنفثه المصانع والعربات من الدخان، وما يُلقَى في الماء من القاذورات. وما تُسبِّبَه أحياناً بعض الأدوات الطبية غير المُعقَّمة تماماً. والعدوى التي تأتي من المرضى الذين يتحركون هنا وهناك بغير علاج ... كل هذا وغيره خطر يُهدِّد الناس “*.

وطفق هذا الأخ يتحدَّث عن المرض والتلوث والميكروبات حديثاً مستفيضاً يُكرِّره في أُذن كل مَن يقابله، في حماس شديد. إنه موضوع قد دخل في بؤرة تفكيره واستقرّ، وصار يشغل ذهنه باستمرار. وأصبح يهتم بنقاء الجو من الميكروبات، أكثر مما يهتم بنقاء قلبه وأفكاره من الخطايا والشهوات وكيفية التَّخلُّص منها ... إنه واحد من الذين يعيشون خارج أنفسهم ...

«« شخص آخر تشغله الأخبار. هى أوَّل ما يهتم بقراءته حينما يطَّلع على جرائد الصباح، ويُتابعها في كل الصُّحف، ويُقارن ويدرس ويستنتج، ويتوقَّع ما سوف يحدث حسب تفكيره. كما يُتابع أيضاً الأخبار التي توردها وسائل الإعلام من شتَّى البلاد.
ويظل يتحدَّث عن هذه الأخبار مع كل مَن يُقابله، سواء كانت أخبار السياسة أو المجتمع، أو أخبار الرياضة أو أخبار الفن ... إنه يتغذى بالأخبار كما يتغذى بالأحاديث سواء كان قارئاً أو سامعاً أو مشاهداً ... وفي كل ذلك لا يهتم مُطلقاً بأخبار نفسه، ماذا عن حياته الروحية؟ وماذا عن سقوطه أو قيامه أو نموه؟ وماذا يمكن أن يفعله من أجل صلاح نفسه ... إنه يعيش دائماً خارج نفسه.

«« شخص ثالث كل همّه واهتمامه في أموره المالية ومشروعاته الاقتصادية، وكيف يزيد ماله وتنمو ثروته، مع أخبار السوق والبورصة، وسعر الدولار والاسترليني واليورو. المال بالنسبة إليه هو كل شيء. هو الذي يشغل ذهنه وقلبه، وتتركَّز فيه كل عواطفه. بنجاحه في حساباته المالية يفرح، وباهتزازها بعض الشيء يحزن ... إنه أيضاً يعيش خارج نفسه. يعيش وسط الحسابات، دون أن يقيم أي حساب لحياته الروحية وعلاقته بالله.

«« شخص رابع لا تشغله سوى متعته الشخصية، وكل ما يتعلَّق بأمور اللهو، أو اللذة الحسية. تفكيره يدور حول الأفلام والمسرحيات، وحول اللقاءات والعواطف السطحية، والرحلات والحفلات، وما يعجبه من الغناء والموسيقى، وأيضاً ما يلذ له من الطعام والشراب ... كلها أمور خاصة بالجسد وبالحواس. أمَّا نفسه، وأمَّا ضميره، فأمور لا تخطر له على بال، ولا تلاقي منه اهتماماً ... إنه يعيش خارج نفسه ...

«« هناك مَن هو أخف من كل مَن سبقوه، ولكنه أيضاً مشغول ... تشغله أسرته، ولا يُفكِّر إلا في الأولاد وفي دراستهم ومستقبلهم، وفي زواج البنات وتكاليف كل ذلك. كما تشغله احتياجات الأسرة من: مأكل وملابس وسكن. ولا يتحدث سوى عن الأسعار وارتفاعها، والمُرتَّب الذي أصبح لا يكفي ولا يسد احتياجاته واحتياجات أسرته. ويظل يسهب في هذه الموضوعات وتفاصيلها. ولست ألومه في ذلك. ولكن اللوم يكمن حول الاستغراق في هذه الأمور، دون ترك أيَّة مساحة من التفكير والاهتمام في ما يلزم نفسه أيضاً ..! لقد قال السيد المسيح: ” افعلوا هذه ولا تتركوا تلك “. أمَّا أن ينشغل الإنسان انشغالاً كاملاً بأموره المادية مع ترك روحياته إلى الإهمال، فهذا يضره بلا شك ...

«« يا أخي المبارك: إنَّ لك نفساً واحدة، إن ربحتها ربحت كل شيء، وإن خسرتها خسرت كل شيء. وحقاً، ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!

فلا ينفعك إذن أن تعيش خارج نفسك، تجذبك سائر اهتمامات الدنيا، وتستولي على كل فكرك وقلبك ومشاعرك ووقتك واهتماماتك، وتبعدك عن العناية بروحك، وكأنك في غيبوبة كاملة عن حياتك وعن مصيرك!! ولعلني هنا أسألك:
متى تستيقظ؟ متى تُفكِّر في أبديتك، أعني في الحياة الأخرى ومصيرك فيها؟

«« هذا الأمر الجوهري يحتاج منك إلى فحص الذات، ومراقبة الذات، ومحاسبة الذات، والعمل على تقويم الذات، وعلى نموها في حياة الفضيلة والبِرّ، وفي تكوين علاقة عميقة بينك وبين الله، وعلاقة طيبة مع سائر الناس ...

«« إذن افحص ذاتك. إجلس قليلاً مع نفسك، كما تجلس بالساعات مع الآخرين. واهتم بحالة هذه النفس كما تهتم بحالات غيرك من الناس، وتعلّق على أقوالهم وتصرفاتهم وطباعهم ... هل فحصت ما هى طباعك؟ على الأقل ما هو الثابت منها الذي لا يتغيَّر. وماذا يقول الناس عنك، في السرّ أو في العلن، وبخاصة الذين يتضايقون منك أحياناً ...

«« وفي فحصك لنفسك، لا تحاول أن تُبرِّر ذاتك في كل ما تفعل. ولا تحاول أن تلتمس لنفسك الأعذار في كل خطأ يلومك عليه الآخرون. إنما كُن عادلاً كل العدل في الحُكم على كل أعمالك وأقوالك، دون محاباة لنفسك.

«« حاسب نفسك محاسبة دقيقة على كل تصرُّف، بل على كل ما يجول داخلك من مشاعر وأفكار ومن نيَّات وأغراض. واذكر باستمرار قول ذلك المُرشِد الحكيم في نصيحته: ” احكُم يا أخي على نفسك قبل أن يحكموا عليك “. ونتيجة لهذا كله، اعمل على تقويم نفسك، وعلاجها من كل ما يشينها. وابحث عن مسببات الأخطاء، وحاول أن تتفادها، وتحترس من جهتها حتى لا تسقط

«« وفي ملاحظة نفسك، وتفادي أخطائها، درِّب ذاتك على فضيلة ضبط النَّفْس، فهى فضيلة كبرى ونافعة.

اضبط إذن فكرك، وحواسك، واضبط لسانك، واضبط أعصابك ... حينئذ لا يسهل سقوطك أبداً، بل تكون على الدوام مُحترساً ومُتحفِّظاً، وسالكاً بكل تدقيق وبكل جِدِّيَّة في جميع تصرفاتك.

«« وإن أخطأت، عاقب نفسك على أخطائك، فنفسك تقبل منك العقوبة دون تذمُّر، كما تقبل منك اللوم والتوبيخ الذي رُبَّما لا تقبله من الغير.

«« بهذا لا تكون في غيبوبة عن نفسك، بل مهتماً به وملاحظاً لها، ومُلتزماً بما
ينفعها، ومُحافظاً لها بعيداً عن كل خطأ وسقطة

قداسة البابا شنودة الثالث
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

لو كان الذين يطلبونك يا رب هم القديسين والأبرار لضعنا جميعاً

لنا رجاء ان الخطاة والهالكين يطلبونك ايضاً

قداسة البابا شنودة الثالث

+++ ليس نجاح الخدمة فى كثرة عدد المخدومين وانما فى الذين غيرت الخدمة حياتهم وأوصلتهم إلى
الله +++
+++ قداسة البابا شنودة الثالث +++

 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

كلمة منفعة 0097
إنه عالم مشغول
لقداسة البابا شنودة الثالث
إن الله – تبارك اسمه – يطل من سمائه على عالمنا، فيجده عالماً مشغولاً. إنه عالم يجرى بسرعة، ولا يجد وقتاً يتوقف فيه ليفكر الى اين هو ذاهب! وهو أيضاً عالم صاخب كله أحاديث وضوضاء ومناقشات وانفعالات، وقد فقد هدوءه...
** إنه عالم مشغول على كافة المستويات: على مستوى الدول والأمم والجماعات والأفراد. فالدول مشغولة بالحروب والسياسات والإنقسامات، وبالفتن والدسائس والتدابير. والجماعات مشغولة بالصراعات والتشاحن، وبالثقافات التى تتصادم وتتزاحم ولا تتلاحم. والأفراد أيضاً مشغولون بالمشاكل الأسرية والمشاكل الأقتصادية، وبالصراع فى ميادين الدراسة والوظائف والعلاقات الاجتماعية.

** ووسط كل ذلك يقل العمل الروحى أو يضعف ويفتر، وتختفى العلاقة مع الله، ولا يفكر أحد تفكيراً جدياً فى مصيره الأبدى ولا فى الاستعداد له. وإن قام للصلاة يكون ذلك بأسلوب شكلى روتينى لا روح فيه، حتى أن الله يقول كما قال عن اليهود فى وقت ما هذا الشعب يعبدنى بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيداً.

** ويقف الشيطان مبتهجاً بمشغولية الناس، ما دامت هذه المشغولية تنسيهم أنفسهم، وتنسيهم الههم، ولا تعطيهم فرصة للتأمل فيما هو لازم لحياتهم الأخرى، ولا تعطيهم فرصة للتأمل ولمحاسبة أنفسهم. وإن وجدوا وقتاً للهدوء يشغلهم بعمل إضافى، أو بدراسة معينة، أو بألوان من اللهو والتسلية والمتعة، أو يبحث عن مزيد من الرزق المادى. والمهم فى كل ذلك أنهم لا يجدون وقتاً يتفرغون فيه لله خالقهم. مقنعاً أن تلك المشغوليات لازمة لهم اجتماعياً أو ثقافياً أو مادياً لصلاح حالهم!!.

** وإن اهتم شخص بالنواحى الدينية، يدخل معه الشيطان أيضاً فى هذا المجال. فإما أن يحوّل له الدين إلى صراعات فكرية والى مجالات وفلسفة، أو يحوّل مسيرة تدينه إلى نزاع مع الذين يختلفون معه فى المذاهب. أو يكتفى بأن يجعله يهتم بإلقاء دراسات أو محاضرات عن السلوك البار دون السير فيه. وهكذا يشبه لافتات الطريق التى توضح الطريق دون أن تسلك فيه، أو هو يشبه اجراس المعابد التى تدعو الناس الى دخول المعبد دون أن تدخل هى فيه!! ويصبح التدين كلاماً، ولا يصير ممارسة أو حياة!!.

** لا تظنوا أن الشيطان يغرى كل الناس بالخطيئة لكى يبعدهم عن الله... كلا، فإنه يفتن فى طرق عديدة لإبعادهم. المهم عنده أن فكرهم لا يكون مع الله، ولا قلبهم أيضاً فهو يشغل البعض بالمال وكأنه الوسيلة الوحيدة لسعادته، ويشغل البعض الآخر بالمناصب والألقاب، فيسعى اليها بكل جهده ليشبع بها رغباته. كما أنه قد يشغل آخرين بالعلم أو بالسياسة، فيركزون فى ذلك كل آمالهم. وهو يضخمّ قيمة المشغولية التى يحارب بها كل أحد لكى لا يتبقى له وقت يهدأ فيه الى نفسه، ويفكر فى الله وفى الحياة الاخرى والاستعداد لها...

** وتصبح المشغولية لوناً من التخدير، يتوه به الانسان عن نفسه، فلا يرى شيئاً مهما وذا قيمة سوى هذه المشغولية! أما حياته الروحية وصفاء قلبه ونقاوته، فلا يحسب لشئ من هذه حساباً!!.
والشيطان – فى كل ذلك – لا يكتفى بمشغولياتك الحالية، بل يحاول أن يضيف اليها مشغوليات اخرى، لكى ترتبك ويليهك عن نفسك. وهو مستعد أن يقدم لك فى كل يوم عروضاً ربما تكون سخية تغريك لكى تقدم لها انت المزيد من وقتك واهتمامك وعاطفتك. وهكذا تعيش فى جحيم الرغبات والمشغوليات التى تشعل مشاعرك وتشغلك...

** والعجيب فى كل ذلك والمؤلم أيضاً، انك لا تشعر بأنك قد أخطأت فى شئ. وتقول لنفسك: أنا لم أكسر أية وصية من وصايا الله. لا وقعت فى الزنا أو النجاسة أو السرقة أو القتل وما شابه ذلك. أنا انسان أعمل عملى بكل إخلاص واتفرغ له... حقاً انك كذلك، ولكنك لم تعط من حياتك وقتاً لله.

** ليكن الله يأخى فى مقدمة مشغولياتك، إن لم يكن هو شاغلك الوحيد. فعملك الروحى وصلتك بالله، ينبغى أن تكون باستمرار فى مقدمة مشغولياتك وفى توزيع وقتك. واجعل خلاص نفسك فى المقام الأول، ثم رتّب باقى مسئولياتك حسبما تكون أهميتها. وضع نصب عينيك باستمرار تلك العبارة الخالدة: ماذا ينتفع الانسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!...
إن خسرت نفسك، ماذا يكون لك عوضاً عنها؟ وكل الذين ماتوا وتركوا هذا العالم، ماذا نفعتهم مشغولياتهم؟! ولما تركوا تلك المشغوليات بموتهم، هل ارتبك العالم، أم بقى كما هو بدونهم؟!.

** نصيحتى لك: إبدأ يومك بالله فى كل صباح، قبل أية مشغولية اخرى. ونظّم وقتك بحيث لا تطغى أية مشغولية على الوقت الذى تقضيه مع الله. ولا تخرج من منزلك قبل أن تقوم بكل واجباتك الروحية. ولا تسمح لشئ أن يتفوق على روحياتك مهما كانت الأسباب أو الاغراءات، ومهما حوربت بقيمة وأهمية تلك المعطلات... ولا يصح أن تضحى بعلاقتك مع الله من أجل أى شئ أو أى شخص أياً كان. وضع حياتك الروحية قبل كل المشغوليات، سواء من جهة الوقت أو جهة الأهمية..
واعلم أنك دائماً تصرّف حياتك، حسب قيمة كل شئ فى نظرك. وليس هناك شئ أكثر أهمية من مصيرك الأبدى، لأن كل شئ زائل، الا البر والخير والعلاقة الطيبة مع الله...
وثق أن الله سيبارك كل وقت، إن أعطيت الباكورة له.
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

بقلم: البابا شنودة الثالث

أحيانا يحب الانسان أن يعمل خيرا‏,‏ ويحاول ولكنه لا يستطيع ويرجع السبب الي ضعف ارادته أو انه يقتنع تماما أن عادة معينة تسبب له ضررا‏.‏ ومع ذلك لا يمكنه ترك هذه العادة إن أراد ذلك‏,‏ والسبب هو ضعف ارادته‏.‏ فما هي الأسباب التي تؤدي الي ضعف الارادة؟ وكيف يمكن أن يقوي الانسان ارادته؟
**‏ أول شئ يضعف الارادة عن عمل الخير‏,‏ هو الشهوة الخاطئة‏,‏ سواء كانت شهوة الجسد‏,‏ أو شهوة المال والقنية‏,‏ أو شهوة المناصب وتعظيم المعيشة‏,‏ أو شهوة الانتقام‏..‏ كلها شهوات تتسبب في ضعف الارادة‏..‏ فحينما تدخل الشهوة الي القلب‏,‏ تضعف الارادة عن مقاومتها‏.‏ وكلما زادت الشهوة‏,‏ يحدث أنها تضغط علي الارادة بشدة حتي تنهار الارادة تماما‏...‏ لذلك من عوامل تقوية الارادة‏,‏ أن يتخلص الشخص من جميع شهواته الخاطئة‏.‏

**‏ كذلك مما يضعف الارادة القرب من مسببات الخطيئة أو من مسببات الشهوة‏..‏ فالشهوة قد تنبع من قلب الانسان أو من أسباب خارجية كالاختلاط الخاطئ أو المعاشرات الرديئة التي تفسد الاخلاق الجيدة ولذلك فالقرب من مسببات الخطيئة يجعل الشخص معرضا لحربين‏:‏ من الداخل ومن الخارج‏.‏ ولا شك أن اجتماعهما معا‏,‏ يدخل الفكر الخاطئ الي العقل والقلب‏,‏ ويضغط الفكر علي الارادة فتضعف‏.‏

**‏ ومما يضعف الإرادة‏,‏ التباطؤ في طرد الأفكار أو الشهوات الخاطئة‏,‏ فإن تركها الشخص ترعي في قلبه‏,‏ وتلعب بعواطفه‏,‏ وتدغدغ حواسه‏,‏ وتغري نفسه‏,‏ وتقنع عقله‏,‏ فانها بطول المدة ـ تقوي عليه‏.‏ فتضعف ارادته عن مقاومتها‏..‏ وان انتصر علي الفكر‏,‏ يكون ذلك بمجهود كبير يبذله‏,‏ وبتدخل النعمة لإنقاذه‏.‏ لذلك ان حاربتك شهوة‏,‏ فقاومها للتو ولا تستبق فكرها عندك‏,‏ وبهذا تقوي ارادتك علي طردها‏.‏ أما التهاون في طرد الافكار فان هذا يدل علي أن رغبة الانسان غير مستقيمة وانه غير جاد في التخلص من الشهوات‏,‏ فتصبح الارادة حائرة ما بين الخير والشر‏,‏ ولا تقوي علي المقاومة‏.‏
إن السرعة لازمة لتقوية الارادة‏,‏ سواء في التخلص من أفكار الخطية‏,‏ أو في العمل علي تنفيذ الوصية‏..‏ ذلك لأن طول المدة والتردد والتفاوض مع الفكر‏..‏ كل ذلك يضعف الارادة‏.‏

**‏ إن الشيطان من حيله أحيانا‏,‏ انه لا يقدم لك الخطية واضحة لئلا ترفضها فلا يقول لك مثلا لا تفعل هذا الخير انما يقول لك لنؤجل الأمر بعض الوقت لمزيد من التفكير ويظل ينتقل بك من تأجيل الي تأجيل حتي تفتر همتك في عمل الخير الذي فكرت فيه وهكذا تضعف ارادتك فاحترس اذن من حيلة الشيطان‏.‏

**‏ علي أن أصعب ما يضعف الارادة‏,‏ أن تتحول الرغبة في الخطيئة الي عادة‏..‏ والعادات من الصعب مقاومتها‏,‏ وتحتاج الي جهد كبير للتخلص منها‏..‏ علي أن العادة تنشأ من عمل ارادي متكرر‏..‏ فكن حذرا من ذلك حتي لا تتكون عندك عادة خاطئة تستولي علي شئ من ارادتك الحرة وتستعبدك وتضغط عليك في ممارستها سواء أردت أو لم ترد‏.‏

**‏ ومن الناحية الايجابية‏,‏ مما يقوي الارادة وجود مخافة الله في القلب اذ يخاف الانسان أن يعصي الله يتعرض لعقوبته يخاف الله الذي يراه ويسمعه‏,‏ ويرقب كل ما يفعله‏,‏ ويحاسب ويجازي لذلك كلما تعرض له شهوة رديئة‏,,‏ يقول في نفسه كيف أفعل هذا الشر العظيم واخطئ إلي الله؟‏!‏ وبهذا تقوي ارادته علي رفض تلك الشهوة وايجابيا يقوي علي عمل البر‏...‏ ومما يقوي الارادة أن يضع الانسان أمامه قيما يتمسك بها ويلتزم بالخضوع لها حتي لو قامت الدنيا وقعدت لا يمكنه أن يفعل ما يتعارض مع هذه القيم‏.‏ فالتمسك بالايمان من القيم التي رسخت في قلوب الشهداء لذلك مهما تعرضوا له من تعذيب‏,‏ لم يمنعهم من التمسك بايمانهم‏.‏ وقد كانت العفة من القيم التي تمسك بها يوسف الصديق‏,‏ فكانت ارادته قوية في رفض كل اغراءات الخطية‏.‏ والبعض يجعل الصدق والامانة من القيم التي تشكل شخصيته فتكون ارادته قوية ترفض كل أساليب الكذب والخداع مهما كانت الضغوط الخارجية‏.‏

ان ارادتنا تضعف احيانا‏,‏ حينما تضعف بعض القيم في حياتنا‏,‏ أما ان بقيت القيم قوية وكان التزامنا بها قويا‏,‏ فان ارادتنا تكون قوية جدا‏..‏ وهناك قيم هامة مثل احترام القانون‏,‏ واحترام الكبار‏,‏ واحترام النظام العام‏..‏ ان ضعفت هذه القيم‏,‏ تجد الارادة منقادة إلي العصيان والتمرد‏..‏ مما يقوي الإرادة ايضا‏:‏ التغصب وضبط النفس‏..‏ فهل انت تدلل نفسك‏,‏ وتمنحها في كل حين ما تهواه؟‏!‏ ان كان الأمر كذلك‏,‏ فسوف تضعف إرادتك لانها لا تجد ما يضبطها‏..‏ فتفقد هي سيطرتها علي رغباتها وشهواتها وتفقد أنت سيطرتك علي إرادتك‏.‏ لذلك أغصب نفسك علي عمل الخير وبالوقت سوف تتعود ذلك‏,‏ وحينئذ تفعل الخير بكل رضا وبشوق‏..‏ لأن ارادتك ستكون قد قويت في هذا المجال‏,‏ ان التغصب هو الخطوة الأولي التي تقودك الي الحياة الروحية التي بلا تغصب‏...‏ ذلك إن كانت النفس متمردة في بادئ الأمر‏..‏ وكذلك اغصب علي رفض كل شهوة خاطئة‏..‏ مثل شخص يبدأ في ريجيم للطعام مثلا‏...‏ فلا يأكل كل ما يشتهيه‏,‏ ولا يكثر من تناول طعام يحبه ولو أتاه فكر أن يأكل من صنف منعه عنه الطبيب‏,‏ يرفض ذلك بحزم‏.‏ وبهذا تقوي ارادته‏.‏

إن ضبط النفس اذن‏,‏ يؤدي الي تقوية الارادة واذا قويت الارادة تؤدي الي مزيد من ضبط النفس‏..‏ كما أن التغصب في ضبط النفس‏,‏ يجعل الشيطان يهابك ويعرف انك لست سهلا‏..‏ وكلما تغصب نفسك‏,‏ تدركك نعمة الله وتعينك‏,‏ لانك بهذا التغصب تبرهن علي محبتك لله وللفضيلة وجهادك في سبيل ذلك فيستجيب الله لجهادك ويسندك بقوة من عنده‏.‏

**‏ من الأشياء التي تقوي الارادة أيضا يقظة الضمير بحيث يكون الضمير صاحيا باستمرار‏,‏ يراقب ويحذر من الخطأ ولكن يحدث في بعض الأحيان أن يكون الضمير صاحيا‏,‏ مع ذلك تكون النفس مشتاقة الي الخطية‏,‏ فتسكت الضمير‏!!‏ حقا ان الضمير يرشد الي طريق البر‏,‏ ولكنه لا يرغم الانسان علي السير فيه‏..‏ فتتدخل مخافة الله لتعالج ضعف الضمير‏,‏ وتذكار وصايا الله يقوي الارادة فترفض الخطأ وتدفع الي عمل البر‏..‏

**‏ لهذا فان السلوك في الطريق الروحي يقوي الارادة فالشخص المداوم علي الصلاة والتأمل في وصايا الله‏,‏ يخجل من الانقياد الي شهوة خاطئة‏,‏ وتحثه ارادته علي رفضها‏.
نقلا عن جريدة الأهرام
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

أقوال قداسة البابا شنودة الثالث


+راجع نفسك: كم شخصاً استخدمت معه هذا الأسلوب الصريح الجارح فخسرت كثيراً بلا داع وأيضاً لم تربح نفوسهم للرب.

+بدلاً من أن تعد الله بتغيير نفسك إلى أفضل خذ منه وعداً في صلاتك أن يغيّرك إلى أفضل.

+اذكر اعمالك الناجحة ومعونة الله لك فيها وانس العمل الذي فشل بغير ارادتك.

+إن المشاكل دائماً لها شكل هرمي ترتفع إلى قمتها ثم تنحدر إلى الوجه الآخر.

+نبيل وحكيم هو الإنسان الذي يقرض غده من واقع يومه ويعمل اليوم خيراً فينتظر هذا الخير في غده.

+حياتكم لا تعتمد في سلامها على العوامل الخارجية إنما تعتمد في سلامها على الإيمان وعلى جوهر القلب من الداخل والقلب القوي بالله حصن لا يُقهر.

+بينما يبحث علماء اللاهوت في هذه الأمور العويصة يكون كثير من البسطاء قد تسللوا داخلين إلى ملكوت الله.

+خلق الله اذنين واحدة تسمع الرأي والأخرى تسمع الرأي الآخر وعقل الإنسان كائن بين الأذنين يزن كلاً من الرأيين.

+لم يحدث أن الشمس أخفت وجهها عن الأرض إنما هي الأرض التي أدارت ظهرها للشمس.

+إني تعودت أن اصدق عينيّ أكثر مما اصدق أذنيّ.

+تكلم حينما تكون الأذن مستعدة لسماعك وحبذا لو كانت مشتاقة إلى سماعك.

+سمكة أفضل من كتلة خشب ضخمة لأن فيها حياة ولها إرادة.

+أمامنا طريقان إما أن نتعب ويستريح الناس وإما أن نستريح نحن ويتعب الناس.
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

حياة الأيمان

النقطة الأولي‏:‏ هي الفرق في الإدراك بين الإيمان والعقل والحواس‏.‏ الإيمان هو مستوي أعلي من مستوي العقل والحواس‏.‏

فالحواس تدرك الماديات فقط والمرئيات‏.‏ أما الإيمان فيتسع نطاقه إلي الإيمان بما لا يري‏.‏

فالله مثلا هو فوق مستوي المرئيات والحواس‏,‏ ولكننا ندرك وجوده بالإيمان‏,‏ علي الرغم من أننا لا نراه‏..‏ وكذلك الملائكة‏:‏ لا نراهم بعيوننا‏,‏ ولكننا نؤمن بوجودهم هم‏.‏ وبالوضع نفسه نتكلم عن الأرواح‏.‏ إننا لا نري الروح‏,‏ ولكننا بالإيمان نؤمن بوجودها‏.‏ أيضا العالم الآخر بكل أوصافه‏:‏ لم يره أحد قط‏,‏ ولكننا نؤمن بوجوده‏.‏ كذلك نؤمن بالأبدية وبكل وعود الله الخاصة بها‏.‏

وهنا يبدو الفارق بين رجال الإيمان‏,‏ ورجال البحوث العلمية‏.‏

أصحاب البحوث العلمية لا تدخل في نطاق عملهم كل تلك الأمور التي لا تري‏.‏ وهم لا يكونون في حالة يقين من شيء‏,‏ إلا إذا فحصوه تماما بكل أجهزتهم ومقاييسهم العلمية‏.‏ وعلي نفس هذا المنهج كل أصحاب المذاهب المادية‏.‏
‏***‏
الإيمان لا يتعارض مع الحواس‏.‏ لكن نطاقه أوسع منها بكثير‏..‏ إنه قدرة أعلي من قدرة الحواس التي لها نطاق محدود لا تتعداه‏.‏ فالحواس المادية تدرك الأشياء المادية فقط‏.‏ وحتي قدرتها بالنسبة إلي الأشياء المادية هي قدرة محدودة أيضا‏.‏ وكثيرا ما تستعين الحواس بالعديد من الأجهزة لمعرفة أشياء مادية أدق من أن تدركها حواسنا الضعيفة‏.‏ فكم بالحري إذن الأمور غير المادية‏.‏

فالروح مثلا لا تدركها الحواس المادية‏,‏ سواء كانت روح بشر أو روح ملاك‏.‏ وعدم إدراك الحواس لها‏,‏ لا يعني عدم وجودها‏.‏ إنما يعني أن قدرة الحواس محدودة‏,‏ لا تصل إلي مستوي رؤية الروح‏.‏
‏***‏
وكما أن الحواس البشرية محدودة في قدرتها‏,‏ كذلك العقل البشري محدود في معرفته‏..‏ ولا يدرك سوي الأمور المحدودة‏.‏

العقل قد يوصل الإنسان إلي بداية الطريق في إدراك وجود الله وبعض صفاته‏.‏ ولكن الإيمان يوصله إلي نهاية الطريق‏.‏

الإيمان لا يتعارض مع العقل‏,‏ لكنه يتجاوزه إلي مراحل أبعد بما لا يقاس لا يستطيع العقل بمفرده أن يصل إليها‏.‏

فمثلا خلق الكائنات من العدم‏,‏ مسألة يعرضها الإيمان‏.‏ والباحث العلمي لا يستطيع أن يدركها‏.‏ والعقل مع ذلك يتسلمها من الإيمان ويدركها‏.‏ ذلك لأن العقل قد يقبل أشياء كثيرة حتي لو كان لم يدركها‏.‏

وليس من طبيعة العقل أن يرفض كل ما لا يدركه

حتي في نطاق الأمور المادية في العالم الذي نعيش فيه‏:‏ توجد مخترعات كثيرة لا يدركها إلا المتخصصون‏,‏ ومع ذلك فالعقل العادي يقبلها ويتعامل معها‏,‏ دون أن يدرك كيف تعمل وكيف تحدث؟‏!‏

والموت يقبله العقل ويتحدث عنه‏.‏ ومع ذلك فهو لا يدركه‏,‏ ولا يعرف كيف يحدث‏!!‏ فإن كان العقل يقبل أمورا كثيرة في عالمنا وهو لا يدركها‏,‏ فطبيعي أنه لا يوجد ما يمنعه من قبول أمور أخري أعلي من مستوي هذا العالم‏.‏

‏***‏
العقل مثلا لا يدرك‏(‏ المعجزة‏)‏ وكيف تتم‏,‏ ولكنه يقبلها ويطلبها‏,‏ ويفرح بها‏..‏

ولقد سميت المعجزة معجزة‏,‏ لأن العقل يعجز عن إدراكها وعن تفسيرها‏.‏ ولكنه يقبلها بالإيمان‏,‏ إذ يؤمن بوجود قوة غير محدودة أعلي من مستواه‏,‏ يمكنها أن تعمل ما يعجز هو عن إدراكها‏.‏ وهذه القوة هي قدرة الله القادر علي كل شيء‏.‏

إننا نحترم العقل‏.‏ ولكننا في الوقت نفسه ندرك حدود النطاق الذي يعمل فيه‏.‏ ولا نوافق العقل في طموحه حينما يريد أن يستوعب كل شيء‏,‏ رافضا ما هو فوق مستوي إدراكه‏!‏

‏***‏
النقطة الثانية في موضوعنا‏,‏ أنه يوجد نوعان من الإيمان‏:‏

إيمان نظري‏,‏ وإيمان عملي‏:‏

الإيمان النظري‏,‏ هو إيمان فكري فلسفي‏:‏ مجرد الاقتناع العقلي بوجود الله‏,‏ وبوجود الأمور التي لا تري‏,‏ دون أن يكون لذلك أي تأثير علي الحياة‏!‏ وهو إيمان سهل‏.‏ فما أسهل إثبات وجود الله بالأدلة العقلية والبراهين العديدة‏.‏

أما الإيمان العملي‏,‏ فتظهر علاماته في الحياة العملية‏..‏ فما هي؟

‏***‏
‏*‏ العلامة الأولي هي ارتباط الإيمان بالفضيلة ونقاوة القلب فمثلا‏:‏ لاشك أنك لا تخطئ أمام إنسان بار تحترمه‏.‏ وقد تكون في حضرته في منتهي الحرص‏,‏ تستحي أن ترتكب شيئا مشينا أمامه‏.‏ إذ لا تحب أن يأخذ عنك فكرة سيئة أو أن تسقط من نظره‏.‏ بل قد تحترس أيضا أمام أحد مرءوسيك أو خدمك‏,‏ لئلا يحتقرك في داخله أو يقل احترامه لك‏.‏ لذلك فغالبية الخطايا تعمل في الخفاء‏,‏ إما بسب الخوف أو الاستحياء‏.‏

فإن كنت تخجل أو تخاف من إنسان يراك‏,‏ فكم بالأولي الله؟‏!‏

إذن إن آمنت تماما بأن الله موجود في كل مكان أنت فيه‏,‏ يراك ويسمعك ويرقبك‏,‏ فلاشك سوف تخجل أو تخاف من أن ترتكب أي خطأ أمام الله‏.‏

فهل عندك هذا الشعور؟‏..‏ هل يكون أمامك في كل خطيئة تحارب بارتكابها؟‏..‏ لو عرفت هذا ستخجل وتخاف‏,‏ وتمتنع عن الخطية‏.‏ لأن خوف الله سيكون أمام عينيك باستمرار في كل مرة تحاول أن تخطئ‏.‏

بل إنك تشعر بالاستحياء من أرواح الملائكة والقديسين‏:‏

هؤلاء الذين لا يحتملون منظرك في الخطيئة‏.‏ بل إنك قد تخجل أيضا من أرواح أصدقائك ومعارفك الذين انتقلوا من هذا العالم‏,‏ وكانوا يأخذون فكرة طيبة عنك‏.‏

وإن كنت تؤمن بأن الله فاحص القلوب وقارئ الأفكار

فلاشك أنك سوف تستحي من كل فكر رديء يمر بذهنك‏,‏ ومن كل شهوة رديئة تكون في قلبك‏.‏

لذلك كله‏,‏ فالذي يؤمن بأهمية علاقته بالله‏,‏ يخشي ارتكاب الخطية‏,‏ لأنها تفصله عن الحياة مع الله‏.‏
‏***‏

النقطة الثانية‏:‏ ان حياة الإيمان ترتبط بسلام القلب وعدم الخوف‏:‏

من صفات المؤمن أن قلبه يكون باستمرار مملوءا بالسلام والهدوء‏,‏ لا يضطرب مطلقا‏,‏ ولا يقلق ولا يخاف‏.‏ لأنه يؤمن بحماية الله له‏.‏ وهو يحتفظ بسلامه الداخلي‏,‏ مهما تكن الظروف المحيطة تبدو مزعجة‏.‏ ويخاف الشخص الذي يشعر أنه واقف وحده‏.‏ أما الذي يؤمن بالله فلا يخاف‏.‏

إن المؤمن لا يستمد سلامه الداخلي من تحسن الظروف الخارجية من حوله‏,‏ بينما يستمد السلام من عمل الله فيها ومعه في وسط الضيقة أيا كانت‏,‏ تري الإيمان يعطي سلاما‏.‏ ضيقة يتعرض لها اثنان‏:‏ أحدهما مؤمن والآخر غير مؤمن‏.‏ فيضطرب غير المؤمن ويخاف ويقلق‏,‏ ويتصور أسوأ النتائج‏,‏ وتزعجه الأفكار‏.‏ أما المؤمن فيلاقيها بكل اطمئنان وبسلام قلبي عجيب‏,‏ واثقا أن الله سيتدخل ويحلها‏,‏ وأنها ستئول إلي الخير‏,‏ ويقول في ثقة إن الله المهتم بالكل سوف يهتم بي‏..‏ وحقا إني لا أعرف كيف ستحل المشكلة‏,‏ لكني أعرف الله الذي سيحلها‏.‏

‏***‏
النقطة الثالثة‏:‏ أن الإيمان يمنح صاحبه قوة

إن المؤمن إنسان قوي‏,‏ يؤمن بقوة الله العاملة فيه‏.‏ فشعورنا بوجود الله معنا‏,‏ يمنحنا قوة إلهية ترافقنا وتحفظنا‏.‏

إن الإيمان ـ أيا كان نوعه ـ هو قوة‏.‏ يكفي أن يؤمن الإنسان بفكرة‏,‏ فتراه يعمل بقوة لكي ينفذها‏,‏ فالإيمان يمنحه عزيمة وإرادة وجرأة‏,‏ ما كانت له من قبل‏..‏ هكذا كان المصلحون في كل زمان ومكان‏.‏ آمنوا بفكرة‏,‏ فجاهدوا بكل قوة لتنفيذها‏.‏ وبسبب إيمانهم‏,‏ احتملوا الكثير من الضيق حتي أكملوا عملهم‏.‏ المهاتما غاندي مثلا‏,‏ آمن بحق الإنسان في الحرية‏,‏ وآمن بسياسة عدم العنف‏.‏ فمنحه هذا الإيمان قوة عجيبة استطاع بها أن يحرر الهند‏,‏ وأن يعطي للمنبوذين حقوقا في مساواة مع مواطنيهم‏.‏

الإيمان أيضا بنطرية علمية يكون مصدر قوة في نطاقها‏:‏

مثال ذلك رواد الفضاء‏,‏ في إيمانهم بما قيل لهم عن منطقة انعدام الوزن‏.‏ وكيف أن الإنسان يمكن فيهم أن يمشي في الجمر دون أن يسقط‏!‏ من من الناس يمكنه أن يجرؤ أن يمشي في الجو دون أن يخاف؟‏..‏ أما الذي جعل الرواد ينفذون ذلك‏,‏ فهو إيمانهم الأكيد بصحة بحوث العلماء الذين أعلنوا هذا‏.‏ فالإيمان بهذا منحهم قوة وشجاعة‏.‏ فكم بالأكثر الإيمان بالله‏.‏

‏***‏
إن الإيمان ليس هو مجرد عقيدة‏,‏ بل هو عقيدة وحياة

بقي الحديث عن بساطة الإيمان‏,‏ وما يغذي الإيمان وما يضعفه‏,‏ وأيضا الشكوك التي تحارب الإيمان‏.‏ وكل هذه وغيرها‏,‏ مما لا يتسع له هذا المقال‏.‏

لهذا نكتفي الآن بما ذكرناه
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

+ "أمسكتك عن أن تخطئ"+
مقتطفات من كتب سنوات مع اسئلة الناس لقداسة البابا شنودة الثالث

ما معنى قول السيد الرب لأبيمالك عندما أخذ سارة امرأة إبراهيم "وأنا أيضاً أمسكتك عن أن تخطئ إليّ لذلك لم أدعك تمسها" (تك 20: 6)
هل هذا ضد حرية الإنسان وإرادته؟
+إن الله قد أعطى الإنسان حرية.. ولكنها ليست حرية مطلقة.
فإذا انحرفت هذه الحرية نحو الشر واصبحت خطراً على أبدية هذا الإنسان أو خطراً على غيره ,يمكن أن يتدخل الله ليضع حداً لهذا الشر أو ليعاقب المخطئ ويوقفه ... وذلك بإعتبار أن الله ضابط الكل.

+ولو ترك الله الحرية مطلقة للشر ,لعصف بالضعفاء المساكين.
بل أن الله قد وضع حداً لشر الشيطان نفسه, كما هو واضح في قصة أيوب الصديق (أي1: 12) ,(أي2: 6) ,وقد قيل أيضاً في المزمور "الرب لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين" (مز124). كذلك تدخل الله ليحد من ظلم فرعون وما أجمل ما قيل في المزمور " من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين الآن أقوم يقول الرب –أصنع الخلاص علانية" (مز11).

+أن الله يعطي الحرية حتى للخطاة .. فإن تمادوا بطريقة تهدد الأبرار حينئذ يتدخل, لينقذ الأبرار , وأيضاً ليقيم العدل.
والأمثلة على ذلك في الكتاب المقدس والتاريخ لا تحصى ... وتدل على رعاية الله وعنايته.
أما في قصة أبيمالك , فقد تدخل الله , حرصاً على عفة سارة , وعلى مشاعر إبراهيم وأيضاً إنقاذاً لأبيمالك من الوقوع في خطأ جسيم, لأنه فعل ذلك بسلامة قلب, لأن إبراهيم قال عن سارة أنها أخته (تك20: 11, 12).
لا نسمي هذا تدخلاً في الحرية , إنما إنقاذاً من الخطأ.
ولا ننسى أن سارة امرأة نبي ومن نسلها كان سيأتي المسيح



لكى لا تكون حكيما فى عينى نفسك , شاور غيرك ولكى لا تكون بارا فى عينى نفسك , تذكر خطاياك
قداسة البابا شنودة الثالث



خلق الله اذنين واحدة تسمع الرأي والأخرى تسمع الرأي الآخر وعقل الإنسان كائن بين الأذنين يزن كلاً من الرأيين


قداسة البابا شنودة الثالث
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

سؤال1
الاباء السواح امثال الانبا بولا والقديسة مريم المصرية يقضون عشرات السنيين لايرون
وجه انسان , وبالتالى يكونون بعيدين عن اسرار الكنيسة كالتناول مثلا ... فهل لايسبب
ذلك لهم ضررا ؟

والاجابة لقداسة البابا شنودة الثالث اطال الله حياته

الاباء السواح هم فى درجة روحية عالية .. وفى شركة عميقة مع الروح القدس , وفى
صلة دائمة مع الله فى حياة الصلاة والتسبيح , ولا يوجد فى هذا العالم من هو فى
مستواهم الروحى ... وهم يسكنون فى البرارى الجوانية , تائهين فى البرارى والقفار,
ولايعرفون طريقا الى كنيسة يتناولون فيها من الاسرار المقدسة .. ولو اتيحت لهم
فرصة للتناول من الاسرار المقدسة لاستغلوها بلا شك .. وكذلك اذا اتيحت فرصة
للاعتراف فانهم يعترفون كما اعترف القديس تيموثاوس السائح على القديس ببنودة ,
والقديس موسى السائح , وانيا غاليلون السائح .. ولو لا تلك الاعترافات ماوصلت الينا
سيرتهم العطرة .

ونقرأ كثيرا فى سير السواح انهم كانوا يجتمعون معا احيانا ويقيمون القداس الالهى
فى كنيسة مهجورة فى البرية ويتناولون " هذا ان كان لاحدهم رتبة كهنوتية " او
يحضرون خفية الى كنيسة فى المدن ويصلون ويتناولون دون ان يشعر بهم احد .


سؤال2:
ماذا تعنى أغصان الزيتون التى نستقبل بها المسيح يوم أحد الشعانين ؟ •
الجواب:
1- أغصان الزيتون ترمز إلى السلام. منذ أن حملت الحمامة ورقة زيتون خضراء لأبينا نوح (تك8 : 11)، مبشرة إياها بأن الطوفان قد انتهى، وعادت الأرض موطناً للسكنى. وورقة الزيتون الخضراء كانت دليلاً على أن الحياة مازالت باقية.. وأن حكم الله بإبادة كل حى على الأرض، قد استبدل بالحياة. وبهذا تكون عقوبة الله قد أستوفيت، وعاد السلام بين السماء والأرض. وهذا يذكرنا بأن السيد المسيح قد صنع السلام بين الله والناس، وبين اليهود والأمم، وأنه نقض الحائط المتوسط. وهكذا تمت بشرى الملائكة "وعلى الأرض السلام" (لو2 : 14). ونحيى السيد المسيح بأنه ملك السلام ورئيس السلام (أش9 : 6). وهو مانح السلام الذى قال "سلامى أعطيكم. سلامى أترك لكم" (يو14 : 27). ونحن نرتل له قائلين "يا ملك السلام، اعطنا سلامك". ونشعر باستمرار أن سلامنا مصدره السيد المسيح نفسه. 2- أغصان الزيتون تذكرنا بزيت الزيتون المستخدم فى مسحة الميرون. أى فى مسحة الروح القدس (ايو2 : 20 ، 27) تذكرنا بزيت المسحة، أو الدهن المقدس للمسحة الذى أمر به الرب موسى النبى، وكان من زيت الزيتون مع أنواع من العطور (خر30 : 23 – 25). وبهذا الزيت المقدس مسحت خيمة الإجتماع، وكل المذابح والأوانى المقدسة. كما مُسح به هرون رئيساً للكهنة، ومسح أيضاً كل أبنائه كهنة (خر40 : 15). وهكذا تقدست الخيمة والمذابح والأوانى، وصارت "قدس أقداس. كل ما مسها يكون مقدساً" (خر30 : 29). وهكذا أيضاً تقدس هرون وبنوه (خر30 : 30). وصارت لهم مسحتهم كهنوتاً أبدياً فى أجيالهم" (خر40 : 13، 15). وبهذا الزيت المقدس كان يمسح الملوك والأنبياء فى العهد القديم. وبمسحة الميرون يُدهن المعمدون بهذا الزيت المقدس، فيصيرون هياكل لله، والروح القدس يسكن فيهم (1كو 3 :16) (1كو 6 : 19). فهل نتذكر فى يوم أحد الشعانين هذه المسحة المقدسة وعمل الروح فينا، حينما نحمل أغصان الزيتون.. ؟
(مقتطفات من كتب سنوات مع أسئلة الناس للبابا شنودة الثالث)



سؤال3:
قال الرب "إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب فى ملكوت السموات. وأما بنو الملكوت فيطرحون فى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت8 : 11 ، 12). فمن هم بنو الملكوت الذين سيطرحون فى الظلمة ؟•
الجواب:
بنو الملكوت هم اليهود. هم الذين قال عنهم القديس بولس الرسول "كنت أود لو أكون أنا نفسى محروماً من المسيح، لأجل أخوتى وأنسبائى حسب الجسد. الذين هم إسرائيليون، ولهم التبنى والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد. ولهم الآباء، ومنهم المسيح حسب الجسد.." (رو9 : 3 – 5). على أنهم لم يقبلوا المسيح، ففقدوا الملكوت. فمع أنهم بنو الملكوت، إلا أنهم سيطرحون فى الظلمة الخارجية، بسبب عدم إيمانهم بالمسيح. بينما على عكس ذلك، كان الأمم. وقد قال السيد هذه العبارة فى مدحه لقائد المائة الأممى، بعد أن قال عنه "الحق أقول لكم: لم أجد ولا فى إسرائيل كلها، إيماناً بمقدار هذا" (مت8 : 10). ولذلك فعبارة "يأتون من المشارق والمغارب" تنطبق هنا على الأمم. الذين بسبب إيمانهم سيتكئون فى أحضان أبراهيم واسحق ويعقوب. ولعل منهم قائد المئة هذا، والقائد الذى آمن به وقت صلبه (يو20 : 34)، ومجد الله قائلاً "بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً" (لو23 : 47). بل أنه هو والذين معه لما رأوا الزلزلة، خافوا جداً وقالوا "حقاً كان هذا الإنسان باراً" (لو23 :47). بل أنه هو والذين معه لما رأوا الزلزلة، خافوا جداً وقالوا "حقاً كان هذا الإنسان ابن الله" (مت27 : 54). ولعل من باكورة الأمم كرنيليوس (أع10) وأولئك الذين قال عنهم السيد المسيح لتلاميذه "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم.." (مت28 : 19) واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مر16 : 15).
(مقتطفات من كتب سنوات مع أسئلة الناس للبابا شنودة الثالث)



سؤال4:
لماذا كان السيد المسيح يلقب نفسه بابن الإنسان؟ هل فى هذا عدم إعتراف منه بلاهوته؟ ولماذا لم يقل إنه ابن الله؟•
الجواب:
السيد المسيح إستخدم لقب ابن الإنسان. ولكن كان يقول أيضاً إنه ابن الله... قال هذا عن نفسه فى حديثه مع المولود أعمى، فآمن به وسجد له (يو9: 35- 3. وكان يلقب نفسه أحياناً [الابن] بأسلوب يدل على لاهوته كقوله "لكى يكرم الجميع الإبن، كما يكرمون الآب" (يو5: 21- 23). وقوله أيضاً "ليس أحد يعرف من هو الإبن إلا الآب. ولا من هو الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له" (لو10: 22). وقوله أيضاً عن نفسه "إن حرركم الابن فبالحقيقة أنتم أحرار" (يو8: 36). وقد قبل المسيح أن يدُعى ابن الله، وجعل هذا أساساً للإيمان وطوّب بطرس على هذا الإعتراف. قبل هذا الإعتراف من نثنائيل (يو1: 49)، ومن مرثا (يو11: 27)، ومن الذين رأوه "ماشياً على الماء" (مت14: 33). وطوّب بطرس لما قال له "أنت هو المسيح ابن الله". وقال "طوباك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبى الذى فى السموات" (مت16: 16، 17). وفى الإنجيل شهادات كثيرة عن أن المسيح ابن الله. إنجيل مرقس يبدأ بعبارة "بدء إنجيل يسوع المسيح إبن الله" (مر1: 1). وكانت هذه هى بشارة الملاك للعذراء بقوله "فلذلك القدوس المولود منك يُدعى إبن الله" (لو1: 35). بل هذه كانت شهادة الآب وقت العماد (مت3: 17)، وعلى جبل التجلى (مر9: 7)، (2بط1: 17، 1. وقول الآب فى قصة الكرامين الأردياء "أرسل إبنى الحبيب" (لو20: 13). وقوله أيضاً "من مصر دعوت إبنى" (مت2: 15). وكانت هذه هى كرازة بولس الرسول (أع9: 20)، ويوحنا الرسول (1يو4: 15)، وباقى الرسل. إذن لم يقتصر الأمر على لقب ابن الإنسان. بل إنه دُعى ابن الله، والابن، والابن الوحيد. وقد شرحنا هذا بالتفصيل فى السؤال عن الفرق بين بنوتنا لله، وبنوة المسيح لله. بقى أن نقول: إستخدم المسيح لقب ابن الإنسان فى مناسبات تدل على لاهوته. 1- فهو كابن الإنسان له سلطان أن يغفر الخطايا. وهذا واضح من حديثه مع الكتبة فى قصة شفائه للمفلوج، إذ قال لهم: ولكن لكى تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا، حينئذ قال للمفلوج قم إحمل سريرك وإذهب إلى بيتك (مت9: 2- 6). 2- وهو كابن الإنسان يوجد فى السماء والأرض معاً. كما قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذى نزل من السماء، ابن الإنسان الذى هو فى السماء" (يو3: 13). فقد أوضح أنه موجود فى السماء، فى نفس الوقت الذى يكلم فيه نيقوديموس على الأرض. وهذا دليل على لاهوته. 3- قال إن ابن الإنسان هو رب السبت. فلما لامه الفريسيون على أن تلاميذه قطفوا السنابل فى يوم السبت لما جاعوا، قائلين له "هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله فى السبوت" شرح لهم الأمر وقال "فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً" (مت12: . ورب السبت هو الله. 4- قال إن الملائكة يصعدون وينزلون على ابن الإنسان. لما تعجب نثنائيل من معرفة الرب للغيب فى رؤيته تحت التينة وقال له "يا معلم أنت ابن الله" لم ينكر أنه ابن الله، إنما قال له "سوف ترى أعظم من هذا.. من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" (يو1: 48- 51). إذن تعبير ابن الإنسان هنا، لا يعنى مجرد بشر عادى، بل له الكرامة الإلهية. 5- وقال إن ابن الإنسان يجلس عن يمين القوة ويأتى على سحاب السماء. فلما حوكم وقال له رئيس الكهنة "أستحلفك بالله الحى أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟ أجابه "أنت قلت. وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء" (مت26: 63- 65). وفهم رئيس الكهنة قوة الكلمة، فمزق ثيابه، وقال قد جدف. ما حاجتنا بعد إلى شهود! ونفس الشهادة تقريباً صدرت عن القديس اسطفانوس إذ قال فى وقت استشهاده "ها أنا أنظر السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائم عن يمين الله" (اع7: 56). 6- وقال إنه كابن الإنسان سيدين العالم. والمعروف أن الله هو "ديان الأرض كلها" (تك18: 25). وقد قال السيد المسيح عن مجيئه الثانى "إن إبن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه، مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت16: 27). ونلاحظ هنا فى قوله "مع ملائكته، نسب الملائكة إليه وهم ملائكة الله. ونلاحظ فى عبارة (مجد أبيه) معنى لاهوتياً هو: 7- قال إنه هو ابن الله له مجد أبيه، فيما هو ابن الإنسان. ابن الإنسان يأتى فى مجد أبيه، أى فى مجد الله أبيه. فهو إبن الإنسان، وهو إبن الله فى نفس الوقت. وله مجد أبيه، نفس المجد.. ما أروع هذه العبارة تقُال عنه كإبن الإنسان. إذن هذا اللقب ليس إقلالاً للاهوته... 8- وقال إنه كابن الإنسان يدين العالم، يخاطب بعبارة (يارب). فقال: ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده، وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسى مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب.. فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن يساره. فيقول للذين عن يمينه تعالوا يا مباركى أبى رثو الملكوت المعد لكم.. فيجيبه الأبرار قائلين: يارب متى رأيناك جائعاً فأطعمناك.." (مت25: 31- 37). عبارة (يارب) تدل على لاهوته. وعبارة (أبى) تدل على أنه ابن الله فيما هو ابن الإنسان. فيقول "إسهروا لأنكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم" (مت24: 42). فمن هو ربنا هذا؟ يقول "إسهروا إذن لأنكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة التى يأتى فيها ابن الإنسان" (مت25: 13). فيستخدم تعبير (ربكم) و(ابن الإنسان) بمعنى واحد. 9- كابن الإنسان يدعو الملائكة ملائكته، والمختارين مختاريه، والملكوت ملكوته. قال عن علامات نهاية الأزمنة "حينئذ تظهر علامة ابن الإنسان فى السماء.. ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظم الصوت، فيجمعون مختاريه.." (مت24: 29- 31). ويقول أيضاً "هكذا يكون فى إنقضاء هذا العالم: يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلى الإثم، ويطرحونهم فى أتون النار" (مت13: 40- 41). وواضح طبعاً إن الملائكة ملائكة الله (يو1: 51)، والملكوت ملكوت الله (مر9: 1)، والمختارين هم مختارو الله. 10- ويقول عن الإيمان به كابن الإنسان، نفس العبارات التى قالها عن الإيمان به كابن الله الوحيد. قال "وكما رفع موسى الحية فى البرية، ينبغى أن يرفع ابن الإنسان، لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 14- 16). هل ابن الإنسان العادى، يجب أن يؤمن الناس به، لتكون لهم الحياة الأبدية. أم هنا ما يُقال عن ابن الإنسان هو ما يُقال عن ابن الله الوحيد. 11- نبوءة دانيال عنه كابن للإنسان تحمل معنى لاهوته. إذ قال عنه "وكنت أرى رؤيا الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان. أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً. لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول. وملكوته ما لن ينقرض" (دا7: 13، 14). من هذا الذى تتعبد له كل الشعوب، والذى له سلطان أبدى وملكوته أبدى، سوى الله نفسه..؟! 12- قال فى سفر الرؤيا إنه الألف والياء، الأول والآخر... قال يوحنا الرائى "وفى وسط المنائر السبع شبه ابن إنسان.. فوضع يده اليمنى علىّ قائلاً لى: لا تخف أنا هو الأول والآخر، والحى وكنت ميتاً. وها أنا حى إلى أبد الآبدين آمين" (رؤ1: 13- 1. وقال فى آخر الرؤيا "ها أنا آتى سريعاً وأجرتى معى، لأجازى كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر" (رؤ22: 12، 13). وكل هذه من ألقاب الله نفسه (أش48: 12، أش44: 6). +++ ما دامت كل هذه الآيات تدل على لاهوته.. إذن لماذا كان يدعو نفسه ابن الإنسان، ويركز على هذه الصفة؟ دعا نفسه ابن الإنسان لأنه سينوب عن الإنسان فى الفداء. إنه لهذا الغرض قد جاء، يخلص العالم بأن يحمل خطايا البشرية، وقد أوضح غرضه هذا بقوله "لأن ابن الإنسان قد جاء لكى يخلص ما قد هلك" (مت18: 11). حكم الموت صدر ضد الإنسان، فيجب أن يموت الإنسان. وقد جاء المسيح ليموت بصفته ابناً للإنسان، ابناً لهذا الإنسان بالذات المحكوم عليه بالموت. لهذا نسب نفسه إلى الإنسان عموماً.. إنه ابن الإنسان، أو ابن البشر. وبهذه الصفة ينبغى أن يتألم ويصلب ويموت ليفدينا. ولهذا قال "ابن الإنسان سوف يسلم لأيدى الناس، فيقتلونه، وفى اليوم الثالث يقوم" (مت17: 23، 24) (مت26: 45). وأيضاً "ابن الإنسان ينبغى أن يتألم كثيراً، ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم" (مر8: 31). حقاً، إن رسالته كابن الإنسان كانت هى هذه. ابن الإنسان قد جاء لكى يخلص ما قد هلك (مت18: 11).
(مقتطفات من كتب سنوات مع أسئلة الناس للبابا شنودة الثالث)


 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

البابا شنودة والأديرة


البابا شنودة الثالث ظل يمارس حياة الرهبنة القبطية بالرغم من مشاغلة كبابا للكنيسة القبطية فلم يفقد حياة الوحدة بالرغم من وجوده فى العالم فمنذ ترهبنه فى دير السريان فى 18 يوليو 1954 م كان ملتزما بقوانين الرهبنة وسيرتها العطرة , وعندما رسم أسقف للتعليم فى 30 سبتمبر 1962 م وحتى بعد أن أصبح بابا عاش بنفس الطقس الرهبانى الذى سار عليه الآباء الأولين وكان يمارس تأملاته ودراساته وحياته مع الرب يسوع فى البرية نصف كل أسبوع فكان نصفه فى الدار الباباوية يرعى شعبه والنصف الاخر من الأسبوع يعيش مع الرب فى حياة بسيطة فهل يسير البطاركة بعده على هذا النسق من الحياة .
أما موضوع الفقر الأختيارى الذى هو أساس من أساسيات الرهبنة القبطية فقد أظهر البابا بساطته وزهده ورخص ثيابه (إلا إذا كان فى خدمة كنسية فيجب أن تليق بكهنوت إلهى ملوكى) وأسلوب معيشته وبساطة معاملته للناس ولطفه معهم وحنوه عليهم , وأسلوبه مع الناس سبباً فى أنه بلغ عدد الشباب الذين أحبوا الطريق الذى سلكة البابا شنودة 200 شاب فقام برسامتهم رهبان .

إهتمام الإنبا شنودة بالأديرة
أما الحياة فى الأديرة نفسها فقد أهتم قداسته بالحياة فيها وقام على تطويرها لتواجه متطلبات التحديث ومواكبة العصر بالألات الحديثة وأحهزة الكمبيوتر .. إلخ
كما أهتم قداسته بتعمير الأديرة الأثرية التى يبلغ عددها المئات , ودبت حياة الرهبانية فيها , وأصبح الرب يسمع منها صلوات القديسين الأحياء فنهضت الأديرة من صمتها وتحولت اديرة كثيرة غير عاملة إلى أديرة نشطة مثل : دير القديس باخوميوس بحاجر أدفو بإيبارشية أسوان , دير الشايب بالأقصر , دير السيدة العذراء بمنطقة الحواويش بجبل اخميم , دير مار جرجس بالزريقات فى أسوان , دير القديسة دميانه بالبرارى , دير القديس الأنبا شنودة بسوهاج وغيرها ..
وتم فى الأديرة العامرة مثل دير الأنبا بيشوى توسعات كثيرة حيث تم بناء 150 قلاية جديدة وتم أستصلاح أراضى الأديرة الصحراوية وزراعتها وأصبحت واحات فى قلب البرية وأصبح فى كل دير بيت خلوة لأستقبال الشباب لقضاء وقت فى العبادة وصرف مده فى فترات روحية بها وسمعت أصوات الطيور فى الصحراء وتحقق قول الوحى الإلهى : وغنى اليمام على ارضنا .
وأصبحت الأديرة مقصد للألاف من أبناء الشعب القبطى يفدون إليها للتبرك وقضاء الأجازات , وأتذكر أننى قمت بزيارة دير الأنبا بيشوى فى عيد شم النسيم ووجدنا المئات يقضون هذا العيد الشعبى هناك .

أديرة الأقباط فى بلاد المهجر
ولم تقتصر إنتشار الرهبنة فى مصر ولكن أمتدت نيران محبة الرب يسوع بين أبناء أقباط المهجر فى عهده أسسها قداسته فى بلاد المهجر ومنها دير فى ملبورن وآخر فى سيدنى يبلغ مساحته مئات من الأفدنه فى جبال البلو مونتن وقد أطلق أهل سيدنى فى أستراليا من الأقباط على هذا الدير أسم دير الأنبا شنودة ومن بركات الرب أنه عند حفر بئر لأستخراج مياه فى منطقة الدير خرجت مياة معدنية وبعد تحليلها وجدت أنه من أحسن أنواع المياة المعدنية فى العالم وقد طلبت الشركات حق أستخراجها وبيعها إلا أن الدير رفض لأنها منحة من الرب للشعب القبطى .

وأنشئ أديرة أخرى فى بلاد العالم التى يتواجد بها أقباط ومنها وكر يفلباخ بألمانيا , ودير آخر فى صحراء كاليفورنيا بأمريكا , وثالث فى ميلانوا بإيطاليا وغيرها
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
414
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد على: موسوعة عن حياة واعمال البابا شنودة

قداسة البابا شنوده الثالث

قد عصى يونان أمر الرب، وهرب راكباً السفينة، ولكن الله الذى "يخرج من الأكل أكلاً ومن الجافى حلاوة"

(قض 14:14)، الله الذى يستطيع أن يحول الشر إلى خير، استطاع أيضاً أن يستفيد من عصيان يونان. أن كان بسبب طاعة يونان سيخلص أهل نينوى، فأنه بعصيان يونان يمكن أن يخلص أهل السفينة.
فى عصيان يونان نزل إلى السفينة، وكان للرب شعب فى تلك السفينة. كان له أناس فيها يحبهم الرب ويبحث عن خلاصهم. هم أمميون كأهل نينوى ومحتاجون إلى الخلاص مثلهم. فليكن خلاصهم عن طريق عصيان يونان. أن يونان أداة فى يد الرب، يكسب بطاعتها وبعصيانها... وكأن الله يقول له: هل تظن يا يونان أنك قد هربت منى؟ كلا. أنا سأرسلك إلى ركاب السفينة، ليس كنبى، ولا كمبشر، ولا كصوت صارخ يدعو الناس إلى التوبة، وإنما كمذنب وخاطئ وسبب إشكال وتعب للآخرين، وبهذه الصورة سأخلصهم بواسطتك.
وهكذا تكون بركة فى ذهابك، وبركة فى هروبك. تكون بركة وأنت مهاب كنبى أمام أهل نينوى، وبركة وأنت ملقى فى البحر كمذنب أمام أهل السفينة... بك سأنفذ مشيئتى فى أية صورة كنت. حتى وأنت فى بطن الحوت، لا مع أهل نينوى ولا مع ركاب السفينة... وأنت وحدك فى بطن الحوت سأجعلك رمزاً لموتى وقيامتى، فيذكر الناس قصتك ويتعلمون.
هل ركبت البحر فى هروبك يا يونان؟ إذن فقد دخلت فى دائرة مشيئتى أيضاً، لأننى أملك البحر كما أملك البر، كلاهما من صنع يدى. وأمواج البحر ومياهه وحيتانه تعطينى أكثر منك كما سترى


 
أعلى