متجدد ( ابائناالبطاركة علي مر العصور ) كل يوم بطرك

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

البابا بريموس



ولد بمدينة الأسكندرية وقيل أنه ممن عمدهم القديس مارمرقس ، وقيل عنه كان عفيفاً كالملائكة ، ولما أرتقى الكرسى المرقسى فى شهر أبيب سنة 109م فلا عهد أدريانوس قيصر أزداد تمسكاً بالفضائل وأضاف إليها الأجتهاد المتواصل فى سبيل تقدم المسيحية فى عهده ، وقد لبث يشتغل فى توسيع نطاق الكنيسة 12 سنة وكانت وفاته فى 13 مسرى سنة 121م

__________________
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

البابا يسطس



عميد مدرسة الإسكندرية

حالما انتقل البابا إبريموس وقع اختيار الشعب على هذا الأب الفاضل الحكيم الذي كان ناظرًا لمدرسة الإسكندرية، فتمت رسامته رئيسًا للأساقفة باسم البابا يسطس وكان ذلك في شهر توت سنة 125م في عهد أدريانوس.

كان هذا القديس من مواليد الإسكندرية وكان في البداية وثنيًا ثم نال بركة المعمودية المقدسة مع أبيه وأمه على يد مار مرقس الرسول، ثم نال كرامة الشماسية من يد البابا إنيانوس الثاني، الذي لم يلبث أن رفعه إلى الكهنوت، كما عينه رئيسًا للمدرسة اللاهوتية بالإسكندرية التي أسسها القديس مرقس، فلبث يعلم في تلك المدرسة.

بابا الإسكندرية

لما رأى الشعب تفانيه في الخدمة في كل هذه المجالات انتخبه للبابوية، فترك وظيفته الأولى وهي رئاسة المدرسة اللاهوتية وعهد بها إلى أومانيوس، وأخذ هو يهتم بمسئولية وظيفته الجديدة، فخدم فيها بكل أمانة، ورعى شعب الله أحسن رعاية. وقد جعل أهم أغراضه تبشير الوثنيين وجذبهم إلى المسيحية، فنجح في عمله وتنصّر منهم على يديه عدد عظيم.

استمر قائمًا بوظيفته البابوية عشر سنين وعشرة أشهر، تنيّح بعدها في شيخوخة صالحة في 12 بؤونة سنة 135م.

__________________
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

البابا اومانيوس



أحد رجال الإسكندرية الأتقياء، خلف يسطس في رئاسة مدرسة الإسكندرية، كما خلفه في البطريركية.

لا نعرف عن أقواله أو كتاباته شيئًا، لكنه عرف العفة وعاش بتولا، اشتهر بسيامة عدد كبير من القسوس للخدمة في الكرازة المرقسية، أرسلهم إلى كل جهات القطر المصري والنوبة والخمس مدن الغربية لنشر الإيمان المسيحي.

في عهده اشتد اضطهاد أدريان على المسيحيين فنال كثير من الأقباط إكليل الإستشهاد، من بينهم القديسة صوفيا من منف، التي نقل الإمبراطور قسطنطين جسدها إلى القسطنطينية، وشيد الكنيسة التي باسمها "أجيا صوفيا".

تنيح في 9 من شهر بابة.

__________________
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

البابا مركيانوس



البابا المعلم

كان من مواليد الإسكندرية وكان عميدًا للمدرسة اللاهوتية، وعند نياحة البابا أومانيوس البطريرك السابع أجمع الأساقفة رأيهم على تقديم مركيانوس للكرسي البابوي ورسموه رئيسًا عليهم، فسار في خطة أسلافه واعظًا ومرشدًا لقطيع الرب.

كان مشهودًا له بالأخلاق والفضائل الحميدة وبعلمه وتقواه وتواضعه، وقد ارتقى السدة المرقسية في شهر هاتور سنة 146م في عهد الإمبراطور أنطونيوس بيوس، وحقق آمال من انتخبوه من هداية النفوس وتهذيب الأخلاق رغم الاضطهاد الشديد الذي كان مشتدًا على المسيحيين وقتئذ، إلا أنه لم يبالِ بهذا الاضطهاد بل كان شجاعًا في كل المواقف ومبشرًا وواعظًا وحقق مكاسب عظيمة للكرازة المرقسية فأقام على الكرسي راعيًا رعية السيد المسيح تسع سنين وشهرين مداومًا على تعليم رعيته حارسًا لها من التعاليم الغريبة والفلسفات الوثنية إلى أن رقد بسلام كما عاش بسلام في 6 طوبة سنة 155 م.

قد خلفه في نظارة المدرسة اللاهوتية الفيلسوف الذائع الشهرة العلامة بنتينوس.

__________________
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

البابا كلاديانوس



اختار الأساقفة خلفًا للبابا مرقيانوس رجلاً فاضلاً من مواليد الإسكندرية يدعى كلاديانوس، وكان بارًا حكيمًا مشهورًا بالتقوى والعفاف، فانتخبوه ورسموه رئيس أساقفة في 8 طوبة الموافق 4 يناير سنة 155م في عهد الإمبراطور أنطونيوس بيوس.

كان هذا الأب محبوبًا من الجميع وحقق آمالهم، واستمر يخدم رئاسة الكنيسة بجدٍ ونشاطٍ وبلا كلل أو ملل، وارتفع شأن المسيحيين في عهده.

استمر يعلم ويعظ ويهذّب شعبه ويرسخ الإيمان المستقيم في النفوس، وكانت أيامه هادئة لم يحصل فيها للكنيسة ما يكدر صفوها، ولبث مواظبًا على عمله مدة أربع عشرة سنة وستة أشهر وتنيّح بسلام في 9 أبيب سنة 169م
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

البابا اغرينيوس



ولد بالأسكندرية ورسم قساً بها وعرف بالصلاح والتقوى ونال رضاء الشعب والأساقفة بعد وفاة سلفه فجلس على كرسيه فى شهر مسرى سنة 167م فى عهد مرقس أوريليوس قيصر وبدأ يرشد ويعلم حتى تقدم فى عهده العمل الروحى وأنتشرك كلمة الخلاص وزاد عدد المنضمين إلى دين المسيح ، وقضى على الكرسى 14سنة وسبعة أشهر وتنيح فى 5 أمشير سنة 178م .

__________________
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

البابا يوليانوس


تلمذته للفيلسوف بنتينوس

وُلد في مدينة الإسكندرية وحظي بالتلمذة على يد الفيلسوف بنتينوس، أثناء قيامه بنظارة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، فنمى كثيرًا في العلم والمعرفة حتى فاق كثيرًا جميع أترابه، بتقواه وقداسة سيرته العفيفة، فاستحق أن يُرسم قسًا بمدينة الإسكندرية.

سيامته بابا الإسكندرية

عند انتقال البابا أغربينوس البطريرك العاشر في 5 أمشير سنة 181م، تم اختيار القس يوليانوس بطريركًا خلفًا له، فرُسِم في 9 برمهات من نفس السنة في عهد مرقس أوريليوس. وعندما رأى أن الوثنيين لا يسمحون للأساقفة بالخروج من مدينة الإسكندرية كان يخرج منها سرًا ليرسم كهنة في كل مكان.

رؤيته بخصوص اختيار ديمتريوس خليفة له

كان هذا البابا قديسًا عظيمًا حتى أن اللَّه أعلن له قبيل انتقاله عمن سيخلفه على الكرسي البطريركي، وذلك أن ملاك الرب أتاه في إحدى الليالي قائلاً: "إن من يأتيك غدًا بعنقود عنب هو الذي يكون بعدك على الكرسي المرقسي". وبالفعل اتفق في اليوم التالي أن رجلاً عاميًا يملك كرمًا، لا يعرف القراءة ولا الكتابة يُدعى ديمتريوس، بينما كان يعمل في أشجار الكرم فوجئ بعنقود عنب في غير أوانه، فخطر له أن يقوم بتقديمه هدية للبطريرك. واتفق أن البابا يوليانوس كان حينئذ في أيامه الأخيرة حيث اجتمع من حوله عظماء الشعب ووجهائه يسألونه عمن يجدر به أن يجلس على الكرسي خلفًا له، فأجابهم أن من اختاره الرب هو الذي سيأتي إلينا ويقدم لنا عنقود عنب، فوقع الحاضرون في حيرة ظانين أن البابا يوليانوس لا يعي ما يقول، إذ لا يمكن أن يوجد عنب في الشتاء. وبينما هم هكذا إذ بديمتريوس قد دخل عليهم ممسكًا بيديه عنقود عنب وقدمه للبابا الجليل، فوقع الحاضرون في دهشة عظيمة، وتناول الأب البطريرك الهدية فرحًا وأخبرهم جميعًا بما حدث له في الليلة السابقة من ظهور ملاك الرب له وأوصاهم بانتخاب من أراد اللَّه أن يعينه، فأطاعوا وصيته.

من أعمال هذا البابا الجليل قيامه بوضع مقالات وميامر كثيرة لأسلافه البطاركة تخليدًا لذكراهم وفائدة لخلفائهم. وكان مداومًا على تعليم الشعب ووعظه وافتقاده. ولم يذكر لنا المؤرخون كثيرًا عن أعمال البابا يوليانوس الرعوية ولكنهم جميعًا كالوا له المديح على فضائله. وعاش هذا البابا في نسك ووداعة إلى أن تنيّح بسلام في 8 برمهات سنة 191م، عن مدة بطريركية قدرها عشر سنين.

__________________
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

ميرسي
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين



شكرا

للسير العطره
والمجهود

أم النور تبارككم​

 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

العفو ...اخي النهيسي
 

KOKOMAN

.
مشرف سابق
إنضم
9 سبتمبر 2007
المشاركات
122,437
مستوى التفاعل
413
النقاط
0
الإقامة
ALEX
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

مجهود راااااااااائع
شكرا ليكى
ربنا يبارك حياتك
 

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين

وميرسي للمرور اخي
 

abokaf2020

حضن الفادي
عضو مبارك
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
2,955
مستوى التفاعل
79
النقاط
0
الإقامة
بي بيتنا
القرن السابع
البابا أنسطاسيوس :
سيامته بطريركًا بعد نياحة البابا دميانوس توجهت الأنظار إلى كاهن كنيسة الإنجيليين الأربعة بالإسكندرية القمص أنسطاسيوس، ابن أحد أشراف مدينة الإسكندرية الذي تعلم بمدرسة الإسكندرية واشتغل قاضيًا في القصر، وقد عرف بتقواه وورعه مع غزارة علمه. أجمع الشعب الإكليروس على سيامته بطريركًا، عام 598م (314ش). أعماله الرعوية كان الإمبراطور فوقا بالقسطنطينية يتسم بالعنف والبطش أكثر من غيره، فقد حَرَّم على البطاركة الأرثوذكس دخول الإسكندرية، تاركًا للملكيين (المعينين من قبل الإمبراطور) أن يغتصبوا أغلب كنائس المدينة العظمى، وكانت لهم سلطة مدنية وسياسية أكثر منها دينية. أما البابا أنسطاسيوس فبسبب شرف نسبه لم يجسر الولاة على منعه من دخول المدينة، فكان بحكمة وجرأة يتحرك داخل الإسكندرية وخارجها، وقد استرد ما استولى عليه الملكيون ورمّم بعضها إذ كان قد تخرب بسبب الاضطرابات التي يثيرها الملكيون. هذا وقد قام ببناء كنائس جديدة، واهتم بسيامة عدد كبير من الكهنة في مناطق متفرقة. اضطهاده كان أولوجيوس البطريرك الملكي شريرًا، رأى التفاف الشعب كله حول بطريركه، كما لاحظ احترام الوالي له، فأرسل إلى الإمبراطور فوقا - مغتصب العرش - يقول له إن الأنبا أنسطاسيوس قد جمع الشعب في كنيسة القديس يوحنا المعمدان، وأعلن حرمانه لمجمع خلقدونية ولكل مناصريه بما فيهم أولوجيوس والإمبراطور، فلما سمع فوقا ذلك كتب لوالي الإسكندرية يسأله اغتصاب بعض الكنائس وأوانيها من أنسطاسيوس وتسليمها لأولوجيوس، فاستولى الوالي على كنيسة القديسين قزمان ودميان وأمهما واخوتهما بالقوة، إذ خرج على رأس كتيبة من الجند ومعه أولوجيوس، الأمر الذي أثار الشعب وقد استشهد عدد ليس بقليل من المؤمنين، ولم يسمحوا للجند أن يصلوا إلى باباهم. وإذ صار الموقف يتأزم يومًا بعد يوم انسحب البابا إلى برية شيهيت حزين القلب، يقضي أيامه ولياليه في الأصوام والصلوات بدموع لتتدخل العناية الإلهية. وقد تدخلت عناية الله إذ قام موريس على أخيه فوقا وقتله وجلس على العرش. في أيامه افتتح كسرى ملك الفرس بلاد الشام ووصل إلى حدود مصر يهددها ويتوعدها، وكان كثيرون من مسيحي سوريا قد هربوا إلى مصر ملتجئين إليها من ظلم الفرس، فكان البابا أنسطاسيوس يبذل كل الجهد ليخفف آلام هؤلاء اللاجئين ويسندهم. وهنا لا ننكر موقف البطريرك الملكي يوحنا الملقب بالرحيم، الذي كان قد جاء بعد ثيؤدورس خلف أوليجوس، إذ كان يحمل لطفًا ورقة فقد بذل كل جهده للعطاء لهؤلاء اللاجئين، كما قدم عونًا للبابا أنسطاسيوس لهذا الهدف عينه، إذ كانت الكنيسة الملكية أكثر غنى من الكنيسة القبطية لأنها مستندة إلى السلطة الزمنية ومستولية على كل الممتلكات والإيرادات. استقبل البابا أنسطاسيوس البطريرك الإنطاكي بحب شديد وإكرام بالإسكندرية واستضافه شهرًا، وكان قد كتب البابا للبطريرك عند سيامة الأخير رسالة غاية في اللطف والحكمة لتعود الشركة بين الكرسيين، بعد أن كان البطريرك بطرس السابق لأثناسيوس قد أثار شقاقًا. كتب البابا اثني عشر كتابًا عن الإيمان المستقيم في مدة جلوسه على الكرسي البالغة اثنتي عشرة سنة. تنيح في 22 من شهر كيهك.
 

abokaf2020

حضن الفادي
عضو مبارك
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
2,955
مستوى التفاعل
79
النقاط
0
الإقامة
بي بيتنا
البابا أنقدرونيقوس :
كان شماسًا في كنيسة الإنجيليين بالإسكندرية، عائلته من مقدمي الشعب، وكان تقيًا محبًا للفقراء وعالمًا. جلس على كرسي مار مرقس الرسول بعد البابا أنسطاسيوس عام 614م، في عهد هرقل قيصر، وبقيّ على الكرسي حوالي ست سنوات. بسبب شرف عائلته لم يستطع الملكيون منعه من الدخول إلى الإسكندرية، فكان حَر الحركة، لم يقطن في دار البطريركية الملحق بالكنيسة وإنما اكتفى بالسكنى في قلاية ملحقة بكنيسة الإنجيليين، عاش فيها كل أيام باباويته، وقد تمتعت الكنيسة في بدء سيامته بالسلام حتى استولى كسرى ملك الفرس على مصر عام 620م في نهاية حياته، فرأى البابا ما حلَ بالمصريين من ضيق بيد الفرس، فكان يئن مع أنات شعبه، ينتقل بينهم يواسي الحزين، يضمد جراح المكلوم. متاعب الفرس إذ حلَ الجيش الفارسي بالبلاد كان يهيم ليخرب بلا هدف سوى الخراب في حد ذاته، فقد هاجموا الأديرة المحيطة بالإسكندرية وحطّموها تمامًا، وشتّتوا الرهبان القاطنين فيها. بعد ذلك اتجهوا إلى الإسكندرية حيث أعلن كسرى ملك الفرس أنه يود التفاهم مع المصريين، فجمع 80.000 من الشباب والرجال، ما بين الثمانية عشرة والخمسين ثم أحاط بهم الجيش وأبادهم تمامًا. انطلق الجند يقتلون الناس ويحطمون البيوت ويخربون القرى، ولم يقف الأمر عند هذا فقد أراد الملك أن يتدخل في الكنيسة وهو من عباد الشمس فطلب من المسيحيين أن يعتنقوا النسطورية التي حرمها مجمع أفسس المسكوني (راجع البابا كيرلس الكبير)، وإذ رفض الأقباط ذلك صار يضطهدهم. تنيح في 8 شهر طوبة.
 

abokaf2020

حضن الفادي
عضو مبارك
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
2,955
مستوى التفاعل
79
النقاط
0
الإقامة
بي بيتنا
البابا بنيامين الأول :
جلس على الكرسي المرقسي في الفترة من 623م، حتى 662م. وُلد في قرية بيرشوط (كفر مساعد التابعة لإيتاي البارود بالبحيرة) من عائلة غنية تقية. في شبابه باع كل ما له والتحق بأحد الأديرة الواقعة في منطقة الإسكندرية يتتلمذ على يديْ ناسك شيخ يدعى ثيوناس. كان محبًا لدراسة الكتاب المقدس، مجاهدًا في الحياة الفاضلة في الرب. وقد رأى في إحدى الليالي ملاكًا يقول له: "تهلل يا بنيامين فإنك سترعى رعية السيد المسيح". وإذ روى ما رآه على معلمه حذره من الكبرياء، لئلا يكون ذلك من عدو الخير لكي يخدعه، فبالغ القديس في جهاده الروحي مهتمًا بخلاص نفسه ومصليًا من أجل خلاص البشرية. اضطر الناسك أن ينزل إلى الإسكندرية لظرفٍ ما فأخذ معه تلميذه بنيامين، وإذ قضى ما جاء بسببه ذهب إلى البابا أندرونيقوس حيث روى له ما رآه تلميذه وكيف تظهر نعمة الله عليه. أحب البابا أندرونيقوس بنيامين فاستبقاه عنده ليساعده في عمله الرعوي. كانت ظروف الكنيسة المصرية في ذلك الحين في غاية المرارة، فقد كرس الإمبراطور البيزنطي هرقل كل طاقاته لإلزام الكنيسة بقبول قرارات مجمع خلقيدونية المشئوم الذي نادى بطبيعتين للسيد المسيح: إلهية وإنسانية، بينما تمسك الأقباط والسريان بالطبيعة الواحدة التي تضم وحدة الطبيعتين دون انفصال ولا امتزاج ولا اختلاط بينهما. على أي الأحوال كان الإمبراطور قد أرسل بطريركًا دخيلاً يحمل سلطانًا مدنيًا، لكنه لم يستطع أن ينفي البابا أندرونيقوس بسبب شرف عائلته ومكانتها، وإنما نفى أساقفته وشردهم، وجال يهدم الكنائس ويضطهد الكهنة والشمامسة والشعب، وانطلق إلى البراري يهدم الأديرة ويقاوم الرهبان حتى الشيوخ منهم. هذا هو حال مصر الكنسي والمدني، لأنه لم يكن للوالي همّ سوى جمع ضرائب فادحة لحساب بيزنطة مع مقاومة الكنيسة المصرية بكل قوته لإرضاء الإمبراطور. إذ تنيح البابا أندرونيقوس أُختير تلميذه بنيامين خلفًا بالإجماع، خاصة وأن البابا قد أشار إليه قبيل نياحته معلنًا عن رغبته في سيامته من بعده، فصار البطريرك الـ 38. في ذلك الوقت كان الفرس قد اغتصبوا مصر من هرقل، لكن الأخير استعادها ثانية ليعود فيصدر أمره بعد ثلاث سنوات بنقل قورش أسقف فاسيس (بآسيا الصغرى) إلى الإسكندرية يحمل السلطتين الكنسية والزمنية، فصار بطريركًا وواليًا على الإسكندرية. أرسل الله ملاكًا للأنبا بنيامين يطلب منه أن يهرب هو وأساقفته إلى البرية من وجه قورش، فأخذ تلميذين له وانطلق إلى برية شيهيت ليرى بنفسه ما حلّ بالبرية من خراب على أيديْ الفرس، حيث تمررت نفسه وهو عاجز عن العمل بسبب الاستبداد البيزنطي. انطلق من شيهيت إلى الصعيد حيث عاش في أحد الأديرة الصغيرة المنتشرة بمنطقة طيبة. مقاومة قورش للكنيسة إذ وصل قورش الإسكندرية لم يجد البابا بنيامين فألقى القبض على أخيه مينا وكان الجنود يحرقون جنبيه بنارٍ لكي يعترف عن موضع أخيه. احتمل بصبر صامتًا فاغتاظ البطريرك الدخيل وأمر بوضعه في "زكيبة" بها رمل وألقوه في البحر، فكان أول شهيد قبطي على يدّي البطريرك البيزنطي الدخيل. جاء الراهب صفرونيوس إلى قورش وصار يحاججه، وإذ تمسك بضلاله وعنفه، مصرًا أن يعذب ويقتل، ذهب الراهب إلى القسطنطينية حيث التقى بالبطريرك والإمبراطور وعبثًا حاول إقناعهما عن سياسة القمع والعنف، ثم ذهب إلى أورشليم فكان كرسيها شاغرًا، فشعر أهل المدينة أنه مُرسل لهم من قبل السماء لسيامته أسقفًا. دخول العرب مصر وسط هذا الجو المتوتر، حيث كان قورش لا عمل له سوى متابعة الأساقفة والكهنة والرهبان حتى في الصحاري بحمله عسكرية ليعذب ويقتل كانت الدولة العربية قد زحفت فهزمت الفرس ثم انطلقت إلى سوريا وفلسطين بينما كان هرقل في القسطنطينية ساكنًا. وصل الزحف العربي إلى مصر تحت قيادة عمرو بن العاص عند الفرما على البحر الأحمر، ودام القتال شهرًا بعدها فتحوا المدينة لينطلقوا نحو الجنوب، حيث غلبوا بلبيس بعد شهر آخر، وعندئذ انطلقوا إلى بابليون بمصر القديمة حيث الحصن الذي بناه تراجان في القرن الثاني. وقد حاصروا المدينة حوالي سبعة شهور بعدها فاوض المقوقس العرب على تسليمه البلاد، ثم انطلق العرب إلى الإسكندرية وكانوا في كل معركة يحاربون كل مدينة على انفراد إذ فقدت البلاد وحدتها وحُرم الولاة المعينون من قبل الإمبراطور من كل خبرة عسكرية، لا همّ لهم سوى جمع الضرائب ومقاومة الكنيسة، لم يفكر أحد في مساندة أخيه. كان يمكن للإسكندرية أن تقاوم خاصة وأنها مدينة ساحلية يمكن أن تأتيها المؤن من البحر لكن التحزبات مزقتها، واستسلمت بعد شهور. بهذا انتقل الحكم من يد البيزنطيين إلى حكم العرب. استقر عمرو بن العاص في ضاحية الفسطاط، وإذ استتب الأمر دار النقاش بينه وبين الأقباط حول عودة البابا وأساقفته وكان سانوثيوس رجل مؤمن يتحدث مع عمرو في الأمر، فطُلب من الأخير أن يبعث رسالة إلى البابا ليعود إلى كرسيه مطمئنًا، وقد حمل الرجل الرسالة إلى الصعيد ليقدمها للبابا. لم يطلب عمرو من المصريين سوى الجزية بعد إلغاء الضرائب البيزنطية الفادحة، وكان معتدلاً في المبلغ الذي يطلبه، مع تركه حرية العبادة وحرية التصرف في الأمور القضائية والإدارية، بل وعين بعضًا منهم مديرين في جهات كثيرة، غير أنه أعفاهم من الجندية فحرمهم من شرف الدفاع عن وطنهم عند الحاجة. التقى البابا بعمرو في ودّ، فأظهر الأخير تقديره واعتزازه بالأول. عمل البابا بنيامين الرعوي.
1. كان أمام البابا بنيامين عند عودته أعمالاً كثيرة منها تثبيت الإيمان المستقيم، وقبول الذين انضموا إلى الكنيسة الملكية (البيزنطية) تحت ضغط العنف بالتوبة من أساقفة وكهنة وشعب لتحتضنهم الكنيسة الأم، وسيامة أساقفة جدد .
2. اذ عاش البابا أغلب أيامه في مرارة لم يتركه الله بدون تعزيات علنية وخفية، نذكر منها أمرين. الأول استلامه رأس القديس مار مرقس الرسول، فإذ هدمت أسوار المدينة وأُشعلت النيران بها تعرضت الكنيسة المرقسية للحرق، فدخل بعض البحارة إلى الكنيسة لينهبوا ما بها، فوجدوا الرأس في صندوق مُغطى بلفائف ثمينة فحسبوه كنزًا، لذا أخذوه إلى السفينة. حاول البحارة الإبحار فلم يستطيعوا مطلقًا، وإذ فُتشت السفينة وأُكتشف أمرهم سُلمت الرأس للبابا بنيامين الذي خرج مع الأساقفة والكهنة والشعب يحملونها بإكرام عظيم. أما الحدث الثاني فهو عند إعادة بناء دير القديس مقاريوس جاء البابا يدشن الكنيسة. شاهد البابا أثناء التدشين القديس مقاريوس نفسه حاضرًا في الهيكل فاشتاق أن يُسام أسقفًا، فظهر له ساروف وأخبره أن الواقف هو القديس مقاريوس أب البطاركة والأساقفة والرهبان. كما شاهد يدّ السيد المسيح نفسه تدهن الكنيسة بمذبحها، فامتلأ فرحًا روحيًا وبهجة قلب. وفي نفس الوقت شفيّ القديس مقاريوس ابن حاكم نيقوس الذي كان نائمًا في الكنيسة بعد تدشينها مصابًا بمرضٍ عضالٍ.
 

abokaf2020

حضن الفادي
عضو مبارك
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
2,955
مستوى التفاعل
79
النقاط
0
الإقامة
بي بيتنا
البابا أغاثون :
كلمة "أغاثو" أو "أغاثون" معناها "صالح"؛ وقد كان هذا الأب صالحًا كاسمه. نشأ أغاثو في منطقة مريوط محبًا لحياة التأمل بقلب منفتح نحو الخدمة، لهذا عندما اضطر البابا بنيامين (38) إلى الاختفاء بسبب الضيق الذي عاناه من الملكيين تخفى الكاهن أغاثو في زي نجار، يحمل أدوات النجارة جهرًا، ممارسًا أعمال الكهنوت الرعوية والسرائرية خفية، يشدّد الشعب على احتمال الضيق، ويقيم لهم الأسرار الإلهية. لهذا إذ عاد البابا بنيامين بعد دخول العرب مصر اتخذ الكاهن أغاثو سكرتيرًا خاصًا، فكان الإنسان التقي الأمين في خدمته لكنيسته ورعايته للشعب. مرض البابا بنيامين، وصار ملازمًا الفراش قرابة عامين فكان الكاهن أغاثو هو المتصرف في تدبير أمور الكنيسة، فتعلق به الشعب جدًا لأمانته ورقته ووداعته. سيامته بطريركًا إذ تنيح البابا بنيامين (38) أُنتخب بطريركًا، وإذ وجد عددًا كبيرًا أسرى من روم وصقليين وإيطاليين فكان يفتديهم بالمال، ويترك لهم حرية الاختيار أن يبقوا بمصر أو يعودوا إلى بلادهم. في عهده ذهب أحد التابعين لكنيسة الملكانيين (الأروام) بمصر يُدعى ثيؤدورس إلى دمشق والتقى بالخليفة زيد بن معاوية، وقدم له مبلغًا كبيرًا من المال لينعم عليه بسلطان على الإسكندرية ومريوط، وعاد إلى الإسكندرية يضايق البابا أغاثو، يطلب منه جزية سنوية ويرهقه بدفع كل ما ينفقه على النوتية في الأسطول. اضطر البابا أن يلتزم بالبقاء في قلايته ليلاً ونهارًا، إذ كان ثيؤدورس أوصى أتباعه أن من يراه يرجمه بالحجارة ويقتله، أما البابا فكان يصلي من أجله. لم يتوقف البابا عن العمل، فكان يرسم كهنة أتقياء خائفي الله يعملون، وكان يدبر أمور شعبه من قلايته. تنيح البابا سنة 677 م بعد أن بقى على الكرسي 17 عامًا. أسرع ثيؤدورس يغلق أبواب البطريركية ويختمها بالشمع الأحمر، فاستاء الشعب من ذلك، والتجأ الأراخنة بسخا إلى والي سخا، الذي تدخل ورفع هذا الثقل عن الشعب. غير أن الله لم يهمل ثيؤدورس إذ ضربه بمرض الاستسقاء ومات وسط آلام مرة. تحتفل الكنيسة القبطية بعيد نياحته في 16 من شهر بابه.
 

abokaf2020

حضن الفادي
عضو مبارك
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
2,955
مستوى التفاعل
79
النقاط
0
الإقامة
بي بيتنا
البابا يوحنا الثالث :
بعد نياحة البابا أغاثون سنة 673م اتفقت كلمة الشعب والإكليروس على اختيار يوأنس سكرتير البابا الراحل ليخلفه، إذ أحبوه لخدمته إيّاهم، وبذلك تحقق حلم كان قد رآه البابا الراحل أن يصبح سكرتيره الخليفة الأربعين لمار مرقس. رؤيا سماوية كان من سمنود إحدى بلاد الغربية، ترهب في دير القديس مقاريوس في برية الإسقيط. أُصيب بمرض شديد حتى قطع الرهبان الرجاء من شفائه. وفي أثناء ذلك ظهر له السيد المسيح في رؤيا وحوله جماعة. تقدم أحدهم بزي رئيس كهنة وقال له: "أنا مرقس رسول المسيح، أتعدني أن تخدم وظيفتي إذا توسّلت إلى سيدي أن يشفيك؟" فأجابه بالإيجاب. فالتفت المخاطب له إلى السيد المسيح وصار يتوسل إليه ويطلب أن يشفيه. وبينما كان الراهب يوحنا يرى ذلك ويسمع توسلات المخاطب استفاق من غيبته، وبدأ يتعافى. انطلق مع تلميذين له إلى مكان في الفيوم ليتعبد فيه، حتى أمره أسقف المنطقة أن يذهب إلى الإسكندرية عند البابا. كانت معظم الكنائس الأرثوذكسية في الإسكندرية حينئذ في يد الملكانيين منذ وضع ثيؤدوسيوس الخلقيدوني اليد عليها، وكان لقلة عددهم لم يستخدموا الكنائس بل أغلقوها بالشمع حتى لا يصلي فيها الأرثوذكس غير الخلقيدونيين. وحدث في الوقت عينه أن آلت الخلافة إلى مروان الذي عيَّن ابنه عبد العزيز واليًا على مصر، كان عبد العزيز يميل بوجه عام إلى الاعتدال، فعيَّن كاتبين مسيحيين أرثوذكسيين، أحدهما أثناسيوس من الرُها، والثاني اسحق من شبرا من القطر المصري في ديوانه، وكانا معروفين بإخلاصهما التام للأنبا يوأنس. فرأى هذا البابا الجليل أن ينتهز الفرصة التي هيأتها له العناية الإلهية بأن كتب لهما يستنهض همتهما في أمر الكنائس التي لا تزال تعلوها الأختام، فجاءه الرد مباشرة وبه الأمر بفض الأختام عن جميع الكنائس وتسليمها كاملة إلى خليفة مار مرقس وإطلاق الحرية للأقباط لأداء شعائرهم الدينية فيها. وشاية لدى عبد العزيز امتاز الأنبا يوأنس بدرجة عظمى من القداسة حتى أن النعمة الإلهية سطعت كالهالة على جبينه، كما سطعت قديمًا على وجه موسى. ولفرط قداسته وعلو مكانته العلمية كان أمراء القسطنطينية يكاتبونه ويبعثون إليه بالهدايا. وقع حادث أدى إلى سوء العلاقة بين البابا وعبد العزيز في السنة الأولى من ولاية هذا الأمير، ذلك أن عبد العزيز ذهب إلى الإسكندرية ليجمع الجزية المفروضة على هذه المدينة دون أن يسبقه رسله اليها، فلم يكن البابا على علم بمجيئه وبالتالي لم يخرج لملاقاته. ووجد الخلقيدونيين، وفي مقدمتهم ثاوفانيس زوج أخت ثيؤدوسيوس الخلقيدوني، في هذا التغيب فرصة للوقيعة بينهما، فادعوا لدى الوالي بأن البابا تعمد إلا يخرج مع المستقبلين لانه يزعم أنه سليل الفراعنة والحاكم الشرعي للبلاد، فجازت وشايتهم على عبد العزيز وأرسل في طلب البابا. وحالما دخل عليه الأنبا يوأنس آخذه على تصرفه، فأجاب البابا في هدوء مؤكدًا عدم علمه بقدومه، إلا أن الوالي لم يصدقه وأمر باعتقاله وعدم الإفراج عنه حتى يدفع مائة ألف دينار، وتصادف أن كان يوم اعتقال البابا الثلاثاء من أسبوع الآلام. كان ممن استلموه رجل يُدعى سعيد قاسي القلب لا يعرف الرحمة، فأخذه إلى بيته ليُعذبه حتى يقدم المال. وقف البابا أمام الذي قال له: "أريد منك المائة ألف دينارًا التي أمر الوالي أن تقوم بها". فأجابه البابا: "أتطلب منى مائة ألف دينارًا وأنا لا أملك ألف درهم، لأن إلهي في شريعتي أمرني أن لا أقتني المال، لانه أصل كل الشرور. فكل ما تشاء أفعل، جسدي بين يديك، ونفسي بيد الله". اغتاظ المسئول وأمر بإحضار وعاء نحاسي مملوء جمرًا، وأوقف البابا عليه حتى يقدم المال، فاحترقت قدميه من قوة النار دون أن يتحرك البابا أو يلفظ بكلمة استغاثة، وكأنه كان واقفًا على فراشٍ وثير. أوقع الله ضيقًا على زوجة الوالي فبعثت رسولاً يقول له: "احذر أن تفعل سوءً بالبطريرك رجل الله، لأني بُليت الليلة بسببه". فأمر الوالي إلا يمس أحد البطريرك بسوء بل يجتهد أن يأخذ منه ما يقدر عليه بلطفٍ. مع هذا أحضر سعيد ثياب يهودي وأقسم أنه إن لم يدفع ما هو مقرر عليه يلبسه إيّاها ويلطّخ وجهه بالرماد ويطوف به في المدينة. أما البابا فكان يجاوبه بكل شجاعة قائلاً: "لا تستطيع أن تمد يدك إليّ بسوء بغير أمر الله". صار يساومه أن يدفع نصف المبلغ، فأجابه البابا: "إن كل ما يملكه هي ثيابه التي على جسده"، وانتهى بأن طالبه بعشرة آلاف دينار، فأفهمه أنه لا يقوى على دفعها. إذ سمع الكتّاب الأقباط بذلك أوعزوا إليه سرًا أن يقبل ذلك وسيقومون بجمعها حتى لا يحل الاضطهاد بالكنيسة. وحين سمع الأقباط بنبأ القبض على الأنبا يوأنس سارعوا إلى عبد العزيز وأعلنوا أمامه استعدادهم لجمع المبلغ المفروض وتقديمه إليه على أن يأمر بالإفراج عن البابا فورًا. أمر الوالي بإحضار البابا أمامه وما أن قابله وتأمل وجهه حتى أُخِذ بالنور الساطع من وجهه، فأمر أن يجلس بجواره ثم قال له: "ألا تعرف أيها البابا أن السلطان لا يُعانَد؟" أجاب الأنبا يوأنس: "إنني أعلم أن السلطان يجب أن يطاع، ولكني أعلم أيضًا أن طاعة الله أوجب من طاعة السلطان". قال عبد العزيز: "هذا حق ولكن إلا تعلم أن الله يحب الحق؟" أجابه البابا: "لا يحب الله الحق فحسب بل هو الحق بعينه، ولا يجد إليه الباطل سبيلاً". فأعجب الوالي بهذه الإجابة وقال: "أرى أنك صادق فيما تقول، لذلك أكتفي بأي مبلغ يقدر شعبك على أدائه، ومنذ هذه اللحظة أطلق لك الحرية وأدع لك التصرف في شئون كنيستك بما ترى فيه خير شعبك". جرى هذا الحديث يوم خميس العهد، وحالما غادر الأنبا يوأنس دار الولاية تجمع الشعب حوله في موكبٍ عظيمٍ حتى وصلوا إلى كنيسة مار مرقس واحتفلوا بصلوات العيد. أما ثاوفانيس رئيس مريوط الذي اشتكى البابا، فغضب عليه الأمير لاشتهار فضائحه وسلّمه إلى أحد كتّابه ليُلقيه في السجن، ثم أرسل من يقتله بعد أن عذّبه عذابًا شديدًا. تكريم الوالي له أظهر الوالي التبجيل للبابا حتى بعث برسالة دورية إلى جميع جهات القطر يأمر فيها كل الولاة والحكام ورجال الأمن والإدارة إلا يخاطبوا الأنبا يوأنس إلا بكل احترام وإجلال، وأن يلاقوه أينما حلّ بما يليق بمقامه السامي من ترحيب وحفاوة. امتلأت نفس البابا هدوء وغبطة فانصرف إلى تجديد كنيسة مار مرقس وزخرفتها، كما بنى عددًا من المنازل وقفها على الكنيسة ثم ابتاع طاحونة للقمح ومعصرة للزيت. أصيبت البلاد بالقحط لمدة ثلاث سنوات وبدى شبح المجاعة في كل ركن، فأمر البابا بأن تدار الطاحونة ليل نهار كما أمر بطحن كل ما في مخازن البطريركية من غلال وكان يوزع الدقيق على المحتاجين من قبط ومسلمين مرتين في كل أسبوع، فخفف بذلك العمل من حدة المجاعة إلى أن انتهت. الوالي في دير أبي سيفين بطموه ظلت صلات المودة قائمة بين الأنبا يوأنس وعبد العزيز حتى أنه عندما أشار الأطباء على هذا الوالي بأن يقيم في حلوان للاستشفاء آثر الإقامة في دير أبي سيفين بطموه، ومنح الرهبان عشرين ألف دينارًا في تلك الزيارة. وقد شاءت العناية الإلهية أن يبرأ عبد العزيز من دائه بسرعة لم يكن يتوقعها، فازداد إعزازه للرهبان وإجلاله لباباهم. ويذكر أن العملة الأولى لمصر في العهد الإسلامي قد سكها عبد العزيز وهو مقيم في الدير. نياحته في تلك الآونة استفحل المرض بالأنبا يوأنس، ولما علم عبد العزيز أنه يريد السفر للإسكندرية أمر رجاله بأن يعدوا له سفينة ويجهزوها بكل ما يلزم ليسافر عليها البابا المريض، الذي ما أن وصل إلي عاصمة كرسيه حتى أعرب عن رغبته للأساقفة المصاحبين والمستقبلين في الذهاب إلى كنيسة مار مرقس. هناك استطاع بقوة الروح أن يقف للصلاة، فصلى صلاة الشكر من أولها لآخرها، ولكنه ما كاد ينتهي منها حتى أصيب بإغماء، فحملوه إلى غرفته حيث أفاق للحظات قصيرة نصح في أثنائها المحيطين به أن يحافظوا على المحبة التي هي رباط الكمال وان ينتخبوا إيسآك سكرتيره خليفة له، ثم استودع روحه يديَّ الآب السماوي في 10 كيهك سنة 392ش الموافق 686م، ودُفن في مقبرة كان قد أعدها هو لنفسه في كنيسة مار مرقس.
 

abokaf2020

حضن الفادي
عضو مبارك
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
2,955
مستوى التفاعل
79
النقاط
0
الإقامة
بي بيتنا
البابا أسحق :
ولد إسحق (إيساك) بضاحية رمل الإسكندرية، وإن كان البعض يرجح أنه يقصد بالرمل "رملة بنها" بجوار بنها. وكان والده غنيًا ذا جاه. في يوم نواله سرّ العماد شاهد الأب الأسقف عند تغطيسه صليبًا من نور فوق رأسه، فأدرك أنه ذو شأن عظيم، لذا قال لوالديه: "ابذلا كل عناية في تربية هذا الطفل فإنه إناء مختار لرب المجد". إذ بلغ الطفل التاسعة من عمره أرسله والداه إلى المدرسة، فأظهر نبوغًا خاصة في الخط (النسخ) والكتابة. لذا استقر رأي والديه بعد ذلك على تسليمه في يدي قريب لهم يدعى مينيسون يعمل كاتبًا في دار الولاية. حدث أن الوالي طلب إليه دفعة أن يكتب له رسالة معينة فكتبها بسرعة وبأسلوب رائع وخط جميل فأعجب به جدًا، فتدرج به حتى صار رئيسًا لكتبة الديوان. وقد اتسم بجانب أمانته بحبه للغير واتضاعه فصار موضع حب للجميع. رهبنته إذ شعر والداه أنه يميل إلى الحياة الهادئة التأملية أدركا أنه لابد أن يسلك طريق الرهبنة، فحاولا الضغط عليه ليزوجاه فكان يرفض، مقدمًا كل اهتمامه بالعمل الموكل إليه، مؤكدًا لهم أنه يشتاق لحياة البتولية. فجأة اختفى الشاب إيساك عام 654 م فأدرك والداه أنه قد هرب إلى أحد الأديرة، فصارا يبحثان عنه ولم يجداه، إذ كان قد انطلق إلى برية شيهيت، والتقى هناك بشيخ وقور يدعى زكريا قمص الدير، صار فيما بعد أسقفًا على سايس (جنوبي الإسكندرية حوالي 130 ك على فرع رشيد)، الذي إذ سمع له أحبه ونصحه - أنه لكي يحقق أمنيته دون ضغط والديه - بأن يذهب إلى جبل "ياماهو" بالصعيد الأقصى، باعثًا إياه مع راهب شيخ تقي يدعى أبرآم، رافقه الطريق، وبقى معه 6 شهور. لم يستطع إيساك أن يستريح، وقد شعر أن والديه لابد وأن يكونا في حزن شديد ومرارة نفس لذا أقنع الراهب الشيخ أبرآم أن يرجع من الصعيد للتصرف بخصوص والديه. وبالفعل عاد الاثنان إلى منطقة قريبة من الرمل حيث قصدا راهبًا ناسكًا كان يعيش هناك يعرف والدي إيساك. استدعى الناسك شماسًا يدعى فيلوثيؤس، قابل الراهب إيساك بشوق شديد ومحبة، وتعرف على أخبار رهبنته. سأله إيساك أن يذهب إلى والديه ويخبرهما بأمره، وأن يأخذ منهما وعدًا أن يتركاه يسلك حسب الدعوة التي وُجهت إليه، فإن وافقا يحضرهما معه. وبالفعل قام الشماس بهذا الدور، فرح الوالدان جدًا، وجاءا معه يلتقيان بابنهما أيامًا قليلة يودعانه برضى. عاد إيساك إلى برية شيهيت ليتتلمذ على يدي الأب الشيخ زكريا، وقد تدرب على المحبة الصادقة لله والناس، ولا يكف عن خدمة الرهبان بروح الاتضاع والتقوى فأحبه الجميع، كما كان بمحبته يجتذب الكثير من الزائرين للسيد المسيح. جاء عنه أنه إذ خرج مع بعض النساك يجمع حطبًا، إذ بثعبان وسط الحشائش ينقضّ عليه ويلدغ بذراعه، أما هو فبهدوء شديد نفضه، ورشم ذراعه بعلامة الصليب، وحمل ما جمعه ليسير إلى الدير، كأن لا شيء قد حدث، فمجّد الرهبان الله على تحقيق مواعيده لقديسيه (مز 91: 13، لو 10: 19). سكرتاريته للبابا يؤانس (يوحنا) الثالث إذ كان البابا يؤانس الثالث يطلب من الله أن يرشده إلى راهب تقي يسنده كسكرتير له يمكن أن يخلفه أرشده روح الرب إلى هذا الناسك التقي المتبحر في دراسة الكتاب المقدس والمحب للخدمة. وقد أحبه البابا جدًا، وإن كان قد تظاهر إيساك في البداية بالعجز لكي يعفيه البابا من هذا المنصب. أخيرًا قبل أن يبقى مع البابا بعد أن وعده البابا أن يكون بقاؤه بهذا العمل مؤقتًا، ويسمح له بالعودة إلى الدير. رجوعه إلى الدير إذ سيم القديس زكريا في تلك الفترة أسقفًا على سايس، فظل يخدم شعبه وهو شيخ متقدم في الأيام، لكنه بسبب المرض اضطر أن يعود إلى دير القديس مقاريوس فلحقه إيساك الذي كان يحب معلمه للغاية، وكان يخدمه، حتى إذ دنت اللحظات الأخيرة تطلع الأنبا زكريا إلى تلميذه إيساك، وقال له: "يا بني، إذا ما نلت الكرامة فاذكر إخوتك الرهبان"... وإذ رقد الأنبا زكريا، قرر الرهبان إقامة إيساك رئيسًا على الدير. لكنه لم يبق سوى بضعة شهور حيث استدعاه البابا إذ أحس أن أيام غربته قد أوشكت على الانتهاء. وقد استبقاه إلى جواره وعهد إليه بإدارة الشئون الكنسية. كان البابا في محبته لإيساك يأخذه معه كلما دعاه الأمير عبد العزيز بن مروان الذي كان يحب البابا يؤانس الثالث جدًا ويجله. سيامته بطريركيًا أوصى البابا يوحنا وهو على فراش الموت بإسحق تلميذه ليكون بابا وبطريركًا، وكان الأب إسحق يميل إلى الهروب من الأسقفية. استطاع قس يدعى "جرجس" متزوج وله أخطاء، أن يستميل قلوب بعض الأراخنة مع بعض الأساقفة لسيامته بطريركًا، وكان متعجلاً يود أن يتحقق ذلك قبل يوم الأحد، حتى لا يعارضه بقية الأساقفة. اجتمع الأساقفة في بابليون مع شعب كثير في كنيسة القديس سرجيوس بمصر القديمة (أبو سرجة)، ودخل القديس فجأة، فانكسر "قنديل" بالكنيسة وأغرقه زيتًا، فصرخ الشعب: "أكسيوس، أكسيوس، أكسيوس (مستحق)... مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك"... وانتخبوه بطريركًا، كانت هذه هي المرة الأولى لانتخاب بطريركًا في هذه الكنيسة، وبقى انتخاب البطاركة في بابليون حتى القرن الحادي عشر على أن تتم السيامة في كنيسة الإنجيليين بالإسكندرية. بابا الإسكندرية عُرف بدموعه التي لا تجف أثناء خدمة الإفخارستيا (القداس الإلهي)، كما ردّ كثير من الهراطقة إلى الإيمان. اهتم أيضًا بعمارة الكنائس والأديرة، وإذ كان بينه وبين الوالي عبد العزيز صداقة قوية أقيمت كنيسة في حلوان، التي أنشأها الوالي، وقد ساعده الوالي في إقامة الكنائس والأديرة. قيل أن علاقته بالوالي كانت قوية للغاية، وأن الوالي كان يسير مرة أمام باب الكنيسة فتطلع ليرى البابا في المذبح ونارًا تحيط به، مما زاد حب الوالي له. إذ أقام الوالي قصرًا حديثًا في حلوان استدعى البابا، فرأت زوجة الوالي جموعًا من الملائكة تحيط به، فأخبرت رجلها فامتلأ دهشة! حاول البعض أن يثير الفتنة فادعوا أن البابا كتب إلى ملك النوبة ليقيم صلحًا مع ملك أثيوبيا، وكان الجو ملبدًا بين مصر وأثيوبيا فغضب الوالي، لكن البابا بلطفه ووداعته أكدّ له كذب هذا الافتراء، فأكرمه الوالي جدًا. مرة أخرى حاول البعض خلق جو من الكراهية بين الوالي والبابا، فذهبوا إلى الوالي يسألونه أن يطلب من البابا أن يأكل معه دون رسم علامة الصليب، وقدموا له سلة مملوءة بلحًا ممتازًا مسمومًا، أما القديس فبحكمة أمسك بالسلة، وقال للوالي: "أتريدني أن آكل من هذه الناحية أو من تلك، من هنا أو من هناك؟!" وبهذا رسم علامة الصليب. وإذ عرف الوالي بعد ذلك ما قصده البابا تعجب لحكمته ووجد نعمة أكثر لديه. نياحته عرفت حياته بكثرة المعجزات التي وهبه الله إياها. بعد مرض قصير تنيح في التاسع من هاتور، ووضع جسده إلى جانب سلفه البابا يوحنا الثالث.
 

abokaf2020

حضن الفادي
عضو مبارك
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
2,955
مستوى التفاعل
79
النقاط
0
الإقامة
بي بيتنا
البابا سيمون الاول :
حدث خلاف بين كهنة كنيسة القديس مار مرقس الرسول بالإسكندرية وكهنة كنيسة الإنجيليين بالمدينة. فقد مال الأولون إلى ترشيح القمص يوحنا بدير الزجاج بكونه رجلاً عالمًا كاتبًا، بينما الآخرون رشحوا القمص بقطر بدير تفسر بكونه رجلاً فاضلاً. مال الكُتاب الأقباط إلى القمص بقطر الذي رشحه كهنة كنيسة الإنجيليين، وكان عددهم مائة وأربعين كاهنًا، بينما كان الفريق الأول يساعده الكاتب المتولّي وكتب تادرس أرخن مدينة الإسكندرية إلى الوالي يذكر له أن القمص يوحنا بدير الزجاج هو الذي وقع عليه الاختيار ليكون بطريركًا. استدعى الوالي القمص يوحنا، فذهب وكان معه بعض كهنة الإسكندرية والأرخن تادرس كما كان معه تلميذه سيمون. سُرّ الوالي بالقمص يوحنا، إذ كان شخصًا بهيًّا في المنظر، وإذ سأل الوالي الأساقفة عن سلوكه مدحوه. لكن أحد الأساقفة قال: "هذا لا ينبغي أن يكون لنا بطريركًا". فصمت بقية الأساقفة، عندئذ سأله الوالي: "من تراه يصلح للبطريركية؟" أجابه أن المستحق لهذه الرتبة سيمون. استدعاه الوالي وإذ سأل عن جنسه قيل له أنه سرياني من أهل الشرق. فقال للأساقفة: "أما كان الأفضل أن تختاروا لكم بطريركًا من بلادكم؟" أجابوه: "الذي اخترناه أحضرناه بين يديك، والأمر لله ولك". عندئذ سأل الوالي سيمون عن القمص يوحنا، وهل يليق أن يكون بطريركًا. أجابه: "لا يوجد في كل مصر ولا في الشرق من يستحق هذه الرتبة مثل يوحنا، فهو أبي الروحي منذ صغري، وسيرته كسيرة الملائكة". تعجب الوالي من كلامه، حينئذ قال الأساقفة والكُتاب الأراخنة: "ليحيي الله الأمير لنا سنيًا طويلة، سلّم الكرسي لسيمون فهو مستحق للبطريركية". وإذ سمع الأمير ذلك عن شهادتهم لرجل غريب سمح لهم بإقامته بطريركًا، فمضوا به إلى كنيسة الإنجيليين لسيامته. كان ذلك في عهد خلافة عبد الملك بن مروان، وقد امتنع سيمون كثيرًا عن قبول السيامة وأخيرًا قبل ذلك وكان أبوه الروحي يوحنا متهللاً جدًا بسيامة تلميذه. في دير الزجاج كان القديس سيمون سرياني الجنس وقد قدمه والده إلى دير الزجاج الذي فيه جسد القديس ساويرس الإنطاكي الكائن غربي مدينة الإسكندرية، فترهب به وتعلم القراءة والكتابة وحفظ أكثر كتب الكنيسة، ورسمه البابا أغاثون قسًا. وقد ذاع صيت فضائله وعلمه. سيامته بطريركًا لما انتخبوه للبطريركية وكُرِس بطريركًا دعا إليه معلمه الروحاني وأوكل إليه تدبير أمور البطريركية، وتفرغ هو للصوم والصلاة والمطالعة. وكان يعيشً على الخبز والملح بالكمون والبقول حتى اخضع النفس الشهوانية للنفس العاقلة الناطقة. علاقته بأبيه الروحي خلال محبته وثقته في أبيه الروحي، القمص يوحنا، جعله وكيلاً له، متصرفًا في كل الأمور. كان يستشيره ويسير حسب نصيحته، وعاش الاثنان في محبة كاملة لمدة ثلاث سنوات حتى انتقل القمص يوحنا فكفّنه البابا بنفسه وأخذ بركته، وبنى له قبرًا متسعًا، وطلب أن يدفن فيه معه. علاقته بكرسي إنطاكية كتب رسالة إلى يوليانوس بطريرك إنطاكية وأرسلها مع أساقفته، ففرح بها البطريرك وقرأها في كنيسته، وبعث بدوره رسالة كما أكرم الأساقفة الذين جاءوا حاملين إليه الرسالة. محاولة قتله عاش البابا كراهبٍ ناسكٍ فلم يكن يأكل سوى الخبز والملح المخلوط بكمّون وبعض البقول ويشرب ماءً. وكثيرًا ما كان ينفرد بعيدًا عن الأساقفة والكهنة لإتمام قوانين الصلاة. لاحظ أن بعض الكهنة قد أفرطوا في معيشتهم فوبّخهم على ذلك. فابغضه البعض وأرادوا الخلاص منه. وقد أجرى الله على يديه آيات عظيمة، منها أن أربعة كهنة من الإسكندرية قد حنقوا عليه فتأمروا على قتله، واتفقوا مع أحد السحرة فأعطاهم سمًا قاتلاً في قارورة وقدموها للبطريرك على أنها دواء ليستعمله، فأخذها وبعد التناول من الأسرار الإلهية شربها فلم تؤذه. وإذ فشلوا في مؤامرتهم رَكَّبوا سمًا آخر قاتلاُ ووضعوا منه في التين، واحتالوا على المكلف بعمل القربان حتى منعوه ذات ليلة من عمله وذهبوا إلى البطريرك في الصباح وقدموا له التين هدية وألحوا عليه حتى تناول جانبًا منه. فلما أكله تألم من ذلك ولزم الفراش مدة أربعين يوما. وحدث أن الملك عبد العزيز حضر إلى الإسكندرية وسأل عن البطريرك فعرفه الكتبة النصارى بما جرى له، فأمر بحرق الأربعة كهنة والساحر فتشفع فيهم البابا البطريرك راكعًا أمامه، متوسلاً بدموع كثيرة، فتعجب الملك من حبه ووداعته ثم عفا عن الكهنة وأحرق الساحر ليكون مثلاً. ازداد هيبة ووقارًا في عيني الملك وسمح له بعمارة الكنائس والأديرة، فبنى ديرين عند حلوان قبلي مصر. طلب سيامة أسقف للهند حاول وفد قادم من الهند أن يذهب إلى سوريا ليقوم بطريرك إنطاكية بسيامة أسقفٍ لهم، حيث كانت الهند تابعة له. وإذ لم يستطع الوفد الوصول إلى سوريا طلبوا من البابا سيمون أن يقوم بالسيامة فخشي ببأس الوالي، واعتذر لهم بأنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بدون إذن الوالي. فخرج الوفد من عنده واجتمع بهم مجموعة من الخلقيدونيين فأخذوهم إلى بطريرك الملكيين، فسام لهم أسقفًا من مريوط وكاهنين، وساروا سرًّا في الطريق إلى الهند. بعد عشرين يومًا قبض عليهم قوم من العرب في الطريق، فهرب القس الهندي وعاد إلى مصر، وأوثفوا الثلاثة وأحضروهم إلى الخليفة مروان في دمشق، وإذ علم أنهم من مريوط ومصر اقتص منهم وأرسلهم إلى ابنه عبد العزيز والي مصر موبخًا إيّاه على عجزه من معرفة الأمور الجارية في بلاده، وأخبره بان بطريرك الأقباط المقيم بالإسكندرية قد بعث بأخبار مصر إلى الهند مع رُسل من قبله، وأمره بضربه مائتي سوطًا وتغريمه مائة ألف دينارًا يرسلها إليه بسرعة مع الرسل القادمين إليه. وصل الوفد الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وكان البابا بحلوان بصحبته أحد الأساقفة فاستدعاه وهدّده بالقتل إن لم يعترف بالحقيقة، فروى له أن قسًا هنديًّا داء وطلب سيامة أسقف وأنه رفض السيامة بدون إذن الوالي. لم يصدقه الوالي وهدده بهدم جميع الكنائص وقتل الأساقفة، فطلب البابا منه أن يسأل الذين قُبض عليهم، ولم يخبره بان بطريرك الملكيين قام بالسيامة. طلب البابا مهلة أسبوعًا ليدعو الله فيكشف له الحقيقة، فظن الوالي أن البابا يريد أن يهرب أو ينتحر وأعطاه مهلة ثلاثة أيام. ظهر القس الهندي واعترف بكل ما حدث بعد أن أخذ وعدًا من الوالي بالعفو عن المذنبين. ألقى الوالي القبض على بطريرك الملكيين وتشفع فيه البابا فعفا عنه. وبعث الوالي إلى والده يؤكد له براءة البابا. مع القس مينا كان هذا البابا قد عين قسًا اسمه مينا وكيلاً على تدبير أمور الكنائس وأموالها وأوانيها وكتبها، فأساء التصرف وبلغ به الأمر أن أنكر ما لديه من مال الكنائس. وحدث أنه مرض فانعقد لسانه عن الكلام، ولما سمع البابا البطريرك بذلك حزن وسأل الله أن يشفيه حتى لا تضيع أموال الكنائس. ثم أرسل أحد تلاميذه إلى زوجة ذلك القس ليسألها عن مال الكنائس، فلما أقترب من البيت سمع الصراخ والبكاء وعلم أن القس توفى فدخل إليه وانحنى يقبله، فعادت إليه روحه وجلس يتكلم شاكرًا السيد المسيح ومعترفًا بأن صلاة القديس سيمون عنه هي التي أقامته من الموت، وأسرع إلى البابا البطريرك نادمًا باكيًا وقدّم ما لديه من مال الكنائس. كان في أيامه قوم يتسرّون على نسائهم فحرمهم حتى رجعوا عن هذا الإثم. أقام على كرسي البطريركية سبع سنوات وسبعة أشهر ثم تنيّح بسلام. السنكسار، 24 أبيب.
 
أعلى