أهلا بالغالية
إيريني، افتقدناكِ كثيرا! يعني لازم واحد بحجم أيمن ينتقل عشان نشوفك أخيرا يا دكتورة؟! دي أقل حاجة عندك؟!
بالنسبة للآية: تقولين «لا يجب ذكر هذه الآية في التعازي». هذا بالطبع ليس مقام النقاش والتفصيل ولكن هناك باختصار
ثلاثة تفسيرات للآية. الراجح هو ما تقولين، نعم، ولكنه ليس الوحيد. هناك تفسير آخر (يوحنا ذهبي الفم مثلا) يرى أن الموت المقصود هو موت الشهداء، ويربط بالتالي بين هذه الآية ومزمور
14:72 (من الظلم والخطف يفدي أنفسهم، ويَكرُم دمهم في عينيه)، ثم هناك تفسير ثالث (كبريانوس الشهيد) يرى في الآية دلالة
الموت عموما، كما استخدمتها الأم
أمة هنا. الأمر بالتالي لا يصل أبدا لدرجة "عدم الوجوب"!
***
أهم من ذلك: لم يكن "أجمل أخ حلو" مجرد شخص عرفناه على الشبكة، بل هو واحد من
أكبر الكتاب المسيحيين في هذا العالم الافتراضي، واحد من
أصدق الخدام الذين وضعوا المثال للجميع والتزموا دائما به، وواحد من
أقرب الأصدقاء إلينا وأعزّهم وأظرفهم وأرقّهم. علاوة على ذلك: كانت الأم أمة هي "
رفيقته" المخلصة، وربما حتى الوحيدة، طيلة هذه الفترة الأخيرة، رغم غربتها ورغم آلاف الأميال التي تفصل بينهما. كانت هي التي تتابعه وترعاه وتتواصل معه بكل وسيلة وتصلي لأجله كل ساعة وتدعونا أيضا للصلاة كل يوم معها!
فإذا نظرنا إلى هذا "
السياق" العام، عرفنا وفهمنا كيف تحرك قلبها وكيف كتبت ـ بتدبير الله ـ هذه الآية الفريدة! كأن المقصود هو أن ندرك ذلك تحديدا، نستشعره بقلوبنا ولو لم تفهمه أو تقوله صراحة عقولنا: أن هذا ليس مجرد شخص رحل كأي شخص يرحل، ليس محرد صديق فارق كأي صديق يُفارق، وليس العنوان هنا بالتالي مجرد آية للتعزية كأية آية للتعزية! هذا
التفرّد ـ بعبارة أخرى ـ كان مقصودا بحد ذاته، تماما بقدر ما كان حبيبنا أيمن متفردا، وإن لم تقصد هي نفسها ذلك حقا أو تخطط له، فيما أعتقد، بل كتبت فقط ما نبض بها قلبها في تلك اللحظة العصيبة، حسب تدبير الرب وإرشاده لقلبها الجميل!
***
لننظر إذاً إلى السياق دائما يا صديقتي، ولنضع أيضا أنفسنا مكان الآخرين، إذا أردنا حقا أن نفهم التفاصيل. أليست معظم مشكلاتنا مع الناس أننا لا نفكر كما يفكرون ولا نشعر كما يشعرون وبالتالي لا نوافق أبدا على ما يقولون أو يفعلون؟ ولا يهم في الحقيقة أن "
نوافق"، يكفي فقط أن "
نفهم"، فهذا يعطينا نحن أنفسنا القبول والاتساع والقدرة على التجاوز والغفران.
سعيد على أي حال بحضورك يا إيريني الغالية وأشكرك على رسالتك الجميلة، هذا العطر الخاص الذي افتقدناه كثيرا وهذه الروح السكندرية المميزة، أطيب المنى وحتى نلتقي.