شُبهات وهميَّة حول الكتاب المقدس

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول الأسفار النبوية

شبهات وهميَّة حول نبوَّة إشعياء

قال المعترض: «الأصحاحات 40-66 من سفر إشعياء ليست من كتابة النبي إشعياء، بل من إضافة كاتب آخر عاش في بابل وليس في فلسطين، لأنه يتحدث عن السبي البابلي، وهذا سابق لعصر النبي إشعياء الذي كتب الأصحاحات 1-39».

وللرد نقول: منذ كتابة سفر النبي إشعياء اعتقد علماء الكتاب المقدس من يهود ومسيحيين أن سفر إشعياء كله وحي من الله لنبي واحد هو إشعياء. ولكن بعض دارسي الكتاب المقدس، ابتداءً من عام 1780 ممَّن لا يؤمنون بالوحي ولا بالنبوات، شككوا في وحدة السفر، بحجَّة أن الأصحاحات 1-39 موجَّهة إلى ساكني فلسطين برسالة تناسب أحوالهم، بينما أصحاحات 40-66 موجَّهة إلى جيل تالٍ جاء بعد قرن ونصف من الزمان، كانوا مسبيين في بابل، تحدِّثهم عن خراب أورشليم والسبي البابلي كأمر واقع، وتذكر اسم كورش الفارسي الذي جاء بعد النبي إشعياء بسنين طويلة. وقالوا إنه لا بد أن يكون كاتبها غير كاتب الجزء الأول من السفر.. ولكن المؤمنين بالوحي الإلهي يؤمنون أن الله استخدم نبيَّه إشعياء وهو ساكن في فلسطين، ليخاطب جيلاً قادماً بعد أكثر من مئة وخمسين سنة يكون مقيماً في بلاد السبي، في بابل، وذلك بروح النبوة، فالرب يقول: »لأني أنا الله وليس آخر.. مخبرٌ منذ البدء بالأخير، ومنذ القديم بما لم يُفعَل، قائلاً: رأيي يقوم، وأفعل مسرَّتي« (إشعياء 46:9 و10). وهناك براهين قوية على أن كاتب السفر كله شخص واحد هو إشعياء بن آموص لأن السفر يبدأ بالقول: »رؤيا إشعياء بن آموص التي رآها على يهوذا وأورشليم« (إشعياء 1:1) وهو عنوان للسفر كله. وإليك براهين على صحة هذا الرأي:

(1) الأصحاحات 1-39 تجهز القارئ ليطالع النبوات المستقبلية الواردة في أصحاحات 40-66، ففي أصحاحات 1-35 يحذِّر النبي الشعب من الخطر الأشوري الذي يهدد سلامتهم، ويتحدث أصحاحا 36 و37 عن غزو سنحاريب والتردِّي الروحي الذي أدَّى إلى سقوط أورشليم (أصحاحا 38 و39). وفي هذه الأصحاحات الأربعة يجهِّز النبي شعبه لما سيجيء بعد ذلك عن السبي البابلي والرجوع منه. فالسفر وحدة واحدة.

(2) اقتبس العهد الجديد من كل أصحاحات نبوَّة إشعياء الستة والستين باعتبارها من وحي الله لإشعياء، فعلى سبيل المثال يقتبس إنجيل متى 3:3 إشعياء 40:3 عن الصوت الصارخ في البرية، ومتى 8:17 من إشعياء 53:4 أن المسيح حمل أمراضنا، ومتى 12:17 من إشعياء 42:1 أن المسيح لا يصيح ولا يرفع في الشارع صوته، ومتى 13:14 من إشعياء 6:9 و10 عن الذين يسمعون ولا يفهمون، ومرقس 7:6 من إشعياء 29:13 عن الذين يقتربون من الرب بشفاههم أما قلوبهم فبعيدة عنه، ولوقا 4:17 من إشعياء 61:1 و2 عن قراءة المسيح من نبوَّة إشعياء عن سنة الرب المقبولة، ويوحنا 12:41 من إشعياء 53:1 و6:9 و10 عن رؤية إشعياء لمجد المسيح وكلامه عنه، وأعمال 8:28 و30 من إشعياء 53:7 و8 عن قراءة وزير مالية الحبشة من نبوَّة إشعياء، ورومية 9:27 و29 من إشعياء 10:22 و23 و11:5 و1:9 عن البقية الأمينة التي ستخلص.

(3) في كتاب ابن سيراخ 48:27 و28 يروي خبر أيام الملك حزقيا ويقول إن النبي إشعياء: »بروح عظيم رأى العواقب، وعزَّى النائحين في صهيون، وكشف عمّا سيكون على مدى الدهور، وعن الخفايا قبل حدوثها«. وفي هذا إشارة لنبوَّة إشعياء 49:17-25.

(4) لا بد أن كاتب أصحاحات 40-66 كتب في فلسطين، فهو لا يعرف أرض بابل وديانتها بدرجة كافية حتى نظن أنه كان يعيش وسط المسبيين في بابل، بينما هو يعرف فلسطين جيداً، فهو يتكلم عن أورشليم وجبال فلسطين، ويذكر الأشجار التي تنمو فيها مثل الأرز والسنديان والبلوط والسنط والآس والزيتون (إشعياء 41:19 و44:14)، وفي 43:14 يقول الرب: »لأجلكم أَرسلتُ إلى بابل«. وفي 62:6 يقول إنه سيُقيم حُرّاساً على أسوار أورشليم، كما أن إشعياء 40:9 يوضح أن مدن يهوذا لا تزال قائمة.

(5) وُصف الله بأنه »قدوس إسرائيل« في كل الأصحاحات الستة والستين لنبوَّة إشعياء، وهو وصف لا نجده في كل أسفار الكتاب المقدس. إنه خاص بالنبي إشعياء، الكاتب الواحد للسفر كله.

(6) وُجدت نبوَّة إشعياء بين مخطوطات البحر الميت، بدون فاصل بين أصحاحي 39 و40، بل إن أصحاح 40 بدأ في آخر سطر من الصفحة، مما يدل على وحدة السفر كله، ما يدل على أن أهل خربة قمران اعتقدوا بوحدة سفر إشعياء، وذلك في القرن الثاني قبل الميلاد.

اعتراض على إشعياء 1:11 - رفض الذبائح

انظر تعليقنا على لاويين 1:9

قال المعترض: «ورد في إشعياء 7:8 «وفي مدَّة خمس وستين سنة ينكسر أفرايم حتى لا يكون شعباً». وهذا خطأ، لأنّ ملك أشور تسلّط على أفرايم في السنة السادسة من جلوس حزقيا كما في 2ملوك 17 و18 ففنيت أرام في واحد وعشرين سنة».

وللرد نقول: بعد أن نطق إشعياء النبي بهذه النبوَّة بسنة أو سنتين جاء «تغلث فلاسر ملك أشور وحارب ملك إسرائيل وقتل وسبى كثيرين« (2ملوك 15:29). وهذا هو السبي الأول. وحدث سبيٌ ثانٍ في حكم هوشع ملك إسرائيل، عندما جاء شلمنأصر ملك أشور بعد عشرين سنة من نُطق إشعياء بهذه النبوَّة وسبَى ملك إسرائيل ورجالَه (2ملوك 17:1-6 و18:9-12). ولكن السبي الثالث الذي أزال مملكة إسرائيل من الوجود كان في أيام أسرحدون ملك أشور، الذي أتى بأجانب إلى السامرة، وأنشأ مستعمرة فيها، وسبى أيضاً منسى ملك يهوذا في السنة الحادية والعشرين من ملكه. فزوال مملكة السامرة من الوجود كان بعد 65 سنة من وقت النطق بهذه النبوَّة (عزرا 4:2 و3 و10 و 2ملوك 33:11).

اعتراض على إشعياء 7:14 - معنى »عذراء«

انظر تعليقنا على متى 1:22 و23

قال المعترض: «جاء في إشعياء 9:6 أن المسيح رئيس السلام، ولكنه قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام (متى 21:12) وقال: «أتظنون أني جئت لأعطي سلاماً على الأرض؟ كلا أقول لكم! بل انقساماً« (لوقا 12:51)«.

وللرد نقول: المسيح رئيس السلام لأنه يصالح البشر الخطاة مع الله، ثم يمنحهم السلام القلبي والراحة الروحية (يوحنا 14:27 وفيلبي 4:7 وكولوسي 3:15). وعندما طرد التجار والصيارفة من الهيكل كان يساند شريعة الله، ويوسّع مكاناً للعابدين، ويوقف سوء استخدام بيت الله (متى 21:13. قارن إشعياء 66:7). وقد حذّر المسيح تلاميذه من الاضطهاد الذي سيقع عليهم من أعدائهم، وفي نفس الموقف أكدّ لهم السلام الروحي الذي سيمنحه لهم وسط ضيقتهم (يوحنا 16:33). كما منع تلاميذه من الإمساك بالسيف دفاعاً عن أنفسهم، لأن الذين يتقلّدون السيف بالسيف يهلكون (متى 26:52. قارن لوقا 9:54-56). لا تناقض إذاً. المسيح يشرح طبيعة ملكوته، وهو السلام. ويشير إلى ما سيلقاه أتباعه من الشدائد والضيقات على الأرض، بسبب اتِّباعهم له.. وقد أحدث المسيح انقساماً بين من تبعوه وأفراد عائلاتهم وأقربائهم الذين رفضوا أن يتبعوه، فقال: »جئتُ لأفرِّق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنَّة ضد حماتها، وأعداء الإنسان أهل بيته. من أحبَّ أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني، ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني. من وجد حياته يُضِيعها، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها« (متى 10:35-39).
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
قال المعترض: «جاء في إشعياء 21:7 «فرأى رُكّاباً أزواج فرسانٍ، رُكّابَ حميرٍ، رُكّابَ جمالٍ«. وعبارة «ركاب حمير« نبوَّة عن المسيح الذي دخل أورشليم راكباً حماراً، وعبارة «ركاب جمال« نبوَّة عن غيره ممن كانوا يركبون الجمال».

وللرد نقول: يدل سياق الكلام على أن لا إشارة هنا إلى المسيح ولا إلى غيره، إنما هذا الأصحاح نبوَّة عن سقوط بابل، كما يظهر من عدد 9. والقول «ركاب الحمير وركاب الجمال« يدل على الكيفية التي يتم بها تبليغ خبر سقوط بابل الذي تمَّ في عهد داريوس سنة 519 و513 ق م.

قال المعترض: »مَن هو المقصود في إشعياء 29:12 بالقول »يُدفّع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة، ويُقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة؟«.

وللرد نقول: المقصود بهذا التوبيخ هم قادة بني إسرائيل، كما يُفهم من القرينة (في آيات 9-12) أن النبي إشعياء يوبِّخ قادة شعبه لأنهم رفضوا كلام الرب واختاروا الضلال، لأن الرب سكب عليهم »روح سُبات« (آية 10) إذ نزع منهم روحه القدوس، والأنبياء والرؤساء »غطاهم« بمعنى أنهم لم يعودوا يسمعون ولا يبصرون كلام الرب، فصار لهم مثل »سفر مختوم« لأنهم لا يحبون معرفة الحق، ويقولون إنهم لا يعرفون القراءة.. وهذا توبيخ للشعب العاصي الذي يرفض سماع كلام الرب.

اعتراض على إشعياء 37 - تكرار قصة نصرة حزقيا على ربشاقى

انظر تعليقنا على 2 ملوك 19

اعتراض على إشعياء 39:2 و6 - ثراء الملك حزقيا

انظر تعليقنا على 2ملوك 18:14-16

قال المعترض: «ورد في إشعياء 40:5 «فيُعلَن مجد الرب ويراه كل بشرٍ معاً، لأن فم الرب تكلم». وفي الترجمة اليونانية زيدت عبارة »خلاص إلهنا«، فقالت الترجمة: «فيُعلَن مجد الرب ويرى كل بشر معاً خلاص إلهنا، لأن فم الرب تكلم». ومع هذا فإن لوقا البشير اقتبسها في (3:6) بعد أن اقتبسها من الترجمة اليونانية».

وللرد نقول: المعوَّل عليه دائماً هو الأصل العبري، وليس المترجمة. ولم يقتبس البشير لوقا عبارة »خلاص إلهنا« من إشعياء 40:5 بل من مزمور 98:2، وإشعياء 52:10 ونص الآية «أعلن الرب خلاصه لعيون الأمم».

قال المعترض: «جاء في إشعياء 40:18 «فبمن تشبِّهون الله، وأيَّ شيءٍ تُعادلون به؟« بينما يتحدث مزمور 44:3 عن يمين الله وذراعه ونور وجهه، كما جاء ذلك في أماكن كثيرة أخرى».

وللرد نقول: التساؤل في إشعياء 40:18 هو تساؤل إن كان هناك ندٌّ لله أو معادل له، يفعل مثلما يفعل سبحانه، وهو الذي «كال الماء بيده، وقاس السماوات بالشِّبر، ووزن الجبال بالقبَّان والآكام بالميزان« (آيات 12-17) بمعنى أنه العارف بكل شيء، والذي لا يخفى عليه أمر، والقادر على كل شيء. ولا يقصد النبي أن يتحدث عن شبيه لله في ملامحه وتقاطيع وجهه وغير ذلك من الصفات الجسمية. أما الحديث عن يد الله فمن قبيل توضيح المعنى للقارئ والمستمع، لأن الوحي يستخدم تشبيهات إنسانية ليقرِّب المعنى للعقل البشري، وليس لأن لله يداً بالمعنى الحرفي.

راجع تعليقنا على تكوين 6:6 و7.

اعتراض على إشعياء 45:5 - إنكم آلهة!

انظر تعليقنا على مزمور 82:6

قال المعترض: «جاء في إشعياء 45:7 أن الله خالق الشر. وهذا يناقض ما جاء في عاموس 5:15 من أمر الله للبشر أن يبغضوا الشر».

وللرد نقول: انظر تعليقنا على التثنية 32:4.

قال المعترض: «إشعياء 53 نبوَّة عن نبي، تتحقق فيه الأمور التالية: (1) «كعِرْقٍ من أرض يابسة». (2) «فجُعل مع الأشرار قبره». (3) «من تعب نفسه يرى ويشبع». (4) «مع العظماء يقسم غنيمة«. (5) «سكب للموت نفسه».

وللرد نقول: (1) الأعداد 5-8 من إشعياء 53 لا تشير إلا للمسيح، فهي تقول: «مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شُفينا. كلنا كغنم ضللنا، مِلنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا. ظُلِمَ أما هو فتذلل ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساق إلى الذبح وكنعجةٍ صامتة أمام جازّيها فلم يفتح فاه. من الضُّغطة ومن الدينونة أُخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي».

(2) آيتا 9 و12 تصدقان على المسيح وحده، فليس غيره لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش، وهو وحده الذي حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين.

(3) تقول الآية إنه «يقسم غنيمة« بعد موته. وقد تم هذا فعلاً للمسيح بمعنى روحي أكمل وأعظم، لأن بعد موته وصعوده ابتدأ الناس (ومنهم ملوك وعظماء وقادة) من كافة الأمم والشعوب أن يؤمنوا به ويحبوه كفاديهم وإلههم. وليست غنيمة أعظم من هذه.

(4) أجمع بنو إسرائيل الأولون أن هذا الأصحاح نبوَّة عن المسِيّا المُنتَظَر، وكذلك كتبة أسفار العهد الجديد المُلهَمين اقتبسوا كثيراً من أقوال هذا الأصحاح كنبوات عن المسيح التي عاينوا إتمامها فيه. ومثل هذا الأصحاح (مزمور 22) الذي قد تم أيضاً في المسيح لا سواه.

قال المعترض: «لا يمكن أن القول «مجروح لأجل معاصينا.. والرب وضع عليه إثم جميعنا« (إشعياء 53:5 و6) ينطبق على المسيح، ولا بد أنه يشير إلى نبي سبق كاتب هذه النبوَّة، أي سابق لإشعياء النبي، لأن الحديث بصيغة الماضي».

وللرد نقول: حتى لو افترضنا ما افترضه المعترض أن صيغة الماضي تتحدث عن نبي سبق النبي الذي ألقى النبوَّة، فإننا نجد أن العهدين القديم والجديد يتفقان على أنه «بدون سفك دم لا تحصل مغفرة« (عبرانيين 9:22). ولا يمكن أن يكون افتراض المعترض صحيحاً، لأنه لا التوراة ولا الإنجيل ذكرا من هو النبي الذي تحققت فيه نبوَّة إشعياء، مما يبرهن أنه لا يقدر إنسان أن يكفّر عن خطايا كل البشر.

وكل من له دراية باللغة العبرية والعربية يعرف أن الفعل الماضي قد يعني المستقبل أيضاً، إن كانت الحادثةُ القادمةُ قادمةً لا ريب فيها. عندها يتحدثون عنها في صيغة الماضي. كما أنه ليس عند الله ماضٍ وحاضر ومستقبل، فالكل عنده حاضر. وفي العبرية يُستخدم الفعل الماضي للتعريف بحالة ثابتة مستمرة. وقد فهم علماء بني إسرائيل إشعياء 53 كنبوَّة عن المسيح الآتي. فيوضح الترجوم أن كلمة «عبدي« الواردة في إشعياء 52:11 تعني المسيا. وقال سليمان يارحي: «فسّر آباؤنا هذه الكلمة بأنها تشير للمسيا، لأن المسيا مضروب كما هو مكتوب: «لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها». وقال الربي موسى الشيخ إنها تشير للمسيا الملك. وفي تعليق سليمان يارحي على زكريا 4:7 اقتبس إشعياء 52:13 وقال إنهما تشيران للمسيا.

اعتراض على إشعياء 63:17 - هل الرب يُضِل؟

انظر تعليقنا على التثنية 32:4

قال المعترض: «جاء في إشعياء 64:5 »تلاقي الفَرِحَ الصانعَ البرَّ. الذين يذكرونك في طرقك. ها أنت سَخِطْتَ إذ أخطأنا. هي إلى الأبد فنخلص«. وقال آدم كلارك إن معنى هذه الآية غير واضح، فلابد أن يكون قد حصل فيها تحريف من نقل الناسخ«.

وللرد نقول: معنى هذه الآية ظاهر، وهو أن الله يلاقي الإنسان الفرحان بعمل البر والذي يذكر طرق الرب، ويدخل في عهد معه، كما قال النبي هوشع: »فإن طرق الرب مستقيمة، والأبرار يسلكون فيها. وأما المنافقون فيعثرون فيها« (هوشع 14:9). ويعترف النبي أن شعبه أغضب الله بخطاياه، ولكنه يذكر أن رحمة الله هي إلى الأبد فلا بد من الخلاص، كما قال صاحب مزمور 103:17 «أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه«. وكما قال الله في إشعياء 54:7 و8 «لحيظة تركتُك، وبمراحم عظيمة سأجمعك. بفيضان الغضب حجبتُ وجهي عنك لحظة، وبإحسانٍ أبديٍّ أرحمك، قال وليُّك الرب«. وعبارة النبي إشعياء هي كالقول عن الروح: «إذا بلغت التراقي« وكالقول عن الشمس: «حتى توارت بالحجاب« مع أنه لم يذكر في الكلام السابق الروح ولا الشمس. والكلام الواضح لا يحتاج إلى توضيح.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة إرميا

قال المعترض: »جاء في نبوَّة إرميا 2:22 قول الله للأمة الإسرائيلية »وإن اغتسلتِ بنَطرون، وأكثرتِ لنفسكِ الإشْنان، فقد نُقش إثمك أمامي يقول السيد الرب«. ولكن إرميا ينصح هذه الأمة في أصحاح 4:14 بالقول: »اغسلي من الشر قلبَكِ يا أورشليم لكي تُخلَّصي« وهذا تناقض«.

وللرد نقول: يتحدَّث الرب في إرميا 2 عن التطهير الخارجي الطقسي الذي لا يصل إلى القلب، بينما الحاجة هي إلى تطهير جوَّاني يسمِّيه النبي »ختان القلب« (إرميا 4:4). وهذا التطهير الداخلي هو المطلوب في إرميا 4 والذي يحصل عليه الإنسان بالتوبة الصادقة، لا بالممارسات الدينية الطقسية الخارجية.

قال المعترض: «الآية الواردة في إرميا 10:11 والتي تقول: »هكذا تقولون لهم: الآلهة التي لم تصنع السماوات والأرض تبيد من الأرض ومِن تحت هذه السماوات« ليست من كتابة النبي إرميا، بل أُضيفت في تاريخ لاحق، لأنها مكتوبة باللغة الكلدية».

وللرد نقول: وردت هذه الآية باللغة الكلدية، فحسبها المعترض أُضيفت بيد كاتب آخر، ولكن الحقيقة هي أن النبي إرميا أراد بالكتابة الكلدانية أن يعطي مواطنيه رداً باللغة الكلدية يجاوبون به الكلدانيين عُباد الوثن بلغتهم، ويدعونهم لعبادة الإله الواحد خالق السماوات والأرض.

اعتراض على إرميا 18:11 - هل الرب مصدر الشر؟

انظر تعليقنا على تثنية 32:4

قال المعترض: «نقرأ في إرميا 22:30 أن الملك كنياهو كان عقيماً، ولكن في 1أخبار 3:17-19 يذكر له عدَّة أبناء، أحدهم ورد ذكره في متى 1:12. وهذا تناقض».

وللرد نقول: (1) التعبير «اكتبوا هذا الرجل عقيماً« يتَّضح معناه في نفس الآية، في القول: «لا ينجح من نسله أحد جالساً على كرسي يهوذا». وهذا يعني أن عنده أولاداً، ولكن لن يخلفه أحدٌ منهم على العرش.

(2) وقد يكون أن كنياهو (أو يكنيا) كان هو نفسه عقيماً، لأنه سيق إلى السبي وعمره 18 سنة (2ملوك 24:8 و15) ولم يُطلَق حراً إلا في الخامسة والخمسين من عمره (2ملوك 25:27). وعلى هذا فالأسماء في 1أخبار 3:17-19 يكونون ورثته لا أولاده. وربما انتهى نسل سليمان بيكنيا (2ملوك 10:13 و14 و11:1). وبموت يكنيا بدأ نسل ناثان يرث العرش، وكان شألتئيل أول من تولَّى الحكم، وهو ابن أخيه وخليفته (1أخبار 3:18 و19). وهكذا يكون البشير متى قدَّم لنا سلسلة ورثة عرش داود، وقدَّم البشير لوقا لنا سلسلة النسب الطبيعية.

(3) فإن كان يكنيا عقيماً، وقد تبنَّى أبناءه، فلا يكون المسيح من نسله، وهكذا ينتهي اعتراض المعترض.

قال المعترض: «ورد في إرميا 25:1 و11 و12 «الكلام الذي صار إلى إرميا عن كل شعب يهوذا، في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا، هي السنة الأولى لنبوخذنصَّر ملك بابل.. وتصير كل هذه الأرض خراباً ودَهَشاً، وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة. ويكون عند تمام السبعين سنة أني أعاقب ملك بابل، وتلك الأمة يقول الرب على إثمهم، وأرض الكلدانيين، وأجعلها خِرباً أبدية». ولكن ورد في إرميا 29:1 و2 و10 «هذا كلام الرسالة التي أرسلها إرميا النبي من أورشليم إلى بقية شيوخ السبي، وإلى الكهنة والأنبياء، وإلى كل الشعب الذين سباهم نبوخذنصر من أورشليم إلى بابل: بعد خروج يكنيا الملك والملكة والخصيان ورؤساء يهوذا وأورشليم والنجارين والحدادين من أورشليم.. لأنه هكذا قال الرب: إني عند تمام سبعين سنة لبابل أتعهَّدكم وأقيم لكم كلامي الصالح بِردِّكم إلى هذا الموضع». فيظهر من هذين الاقتباسين أمران: (1) مَلَكَ نبوخذنصر في السنة الرابعة من مُلك يهوياقيم، وهو الصحيح كما صرّح به المؤرخ يوسيفوس. (2) أرسل إرميا الرسالة بعد خروج يكنيا الملك ورؤساء يهوذا. ولكن إجلاء يكنيا الملك ورؤساء يهوذا والصناع كان قبل المسيح بستمائة سنة، وكان إرميا قد أرسل رسالته إليهم بعد خروجهم، فلابد أن تكون إقامة بني إسرائيل في بابل 70 سنة، وهو خطأ لأن كورش أطلقهم قبل الميلاد بنحو 536 سنة، فكانت إقامتهم في بابل 63 سنة. والجدول التاريخي في مرشد الطالبين يقول إن إرميا كتب إلى بني إسرائيل سنة 599 ق. م، وإطلاق كورش لليهود كان سنة 536 ق. م«.

وللرد نقول: (1) قال المؤرخون إن سبي يهوياكين الملك ورؤساء يهوذا والصناع كان سنة 599 ق. م، وأن كورش أمر برجوع بني إسرائيل من السبي سنة 536 ق. م، فتكون المدة بينهما 63 سنة. ولكن مُدَّة السبي تُحسب من سنة 606 ق. م، فقد أغار نبوخذنصر على أورشليم عدَّة مرات وحاصرها وسبى سكانها إلى بابل، وخرّب المدينة والهيكل، وكان ابتداء هذا الخراب من سنة 606-562 ق. م. ثم أتى كورش وأصدر أمراً برجوع بني إسرائيل في سنة 536 ق. م فتكون مدة السبي سبعين سنة، من سنة 606-536 ق. م. فإنه قبل أن يسبي نبوخذنصر الملك يهوياكين وعبيده ورؤساءه وخصيانه كما في 2ملوك 24:12-17 كان قد أذل أباه يهوياقيم، كما جاء في 2ملوك 24:1 «في أيام يهوياقيم (وهو أبو يهوياكين) صعد نبوخذنصر ملك بابل، فكان له يهوياقيم عبداً ثلاث سنين«. وكان هذا في سنة 606 ق. م. ومما يؤيد هذا ما ورد في دانيال 1:1-4 «في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم ملك يهوذا، ذهب نبوخذنصر ملك بابل إلى أورشليم وحاصرها. وسلّم الرب بيده يهوياقيم ملك يهوذا مع بعض آنية بيت الله، فجاء بها إلى أرض شنعار.. وأمر الملك أشفنز رئيس خصيانه أن يُحضِر من بني إسرائيل ومن نسل الملك ومن الشرفاء فتياناً لا عيب فيهم«. وهذا يبرهن أن نبوخذنصر سبى كثيرين من بني إسرائيل في عهد يهوياقيم.

(2) وقال البعض إنه يجوز أن نحسب السبي من تاريخ إحراق الهيكل إلى تاريخ تجديده، فكان إحراقه في سنة 588 ق. م، وكان تجديده في سنة 517 (يعني سبعين سنة بالتمام) وهو التاريخ الديني. فالتاريخ السياسي والتاريخ الديني متفقان أن مدة السبي هي 70 سنة.

اعتراض على إرميا 31:15 - بكاء راحيل

انظر تعليقنا على متى 2:17 و18

قال المعترض: «ورد في إرميا 31:31 و32 «ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً، ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر، حين نقضوا عهدي فرفضتهم، يقول الرب«. وهذا يعني أنّ شريعة المسيح ألغت شريعة موسى».

وللرد نقول: لو أن المعترض أورد الآيتين التاليتين لموضوع اعتراضه لاتَّضحت الأمور، فقد قال الله في آيتي 33 و34 «بل هذا هو العهد الذي أقطعه مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب: أجعل شريعتي في داخلهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهاً، وهم يكونون لي شعباً. ولا يعلّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين: اعرفوا الرب، لأنّهم كلّهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم، يقول الرب، لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد». ومعنى هذا أنه مع أن الله أخرج بني إسرائيل من أرض مصر، وأنقذهم من يد فرعون، وأنزل لهم المنّ والسلوى في البرية، ونجّاهم من أعدائهم بيد قوية. إلا إنهم نكثوا عهده وزاغوا، فرفضهم. غير أنه يعطيهم وعداً جديداً بدم المسيح المعروف سابقاً، ويُظهِر رحمته ومحبته في الفادي الكريم الذي جاء لا لكي ينقض بل ليكمل وليخلِّص ما قد هلك، وينقذهم ويسكب روحه في قلوبهم، ويجعل شريعته في داخلهم حتى لا ينسوه كما نسيه آباؤهم. لا تفيد هذه العبارات نسخاً، وإنما ذكّرهم الله بمراحمه. ومع أنهم عصوه، وعدهم بالفداء وملء روحه القدوس لهم لإنارة عقولهم حتى يعرف الكبير والصغير إرادته.

اعتراض على إرميا 31:34 - الدينونة والغفران

انظر تعليقنا على جامعة 12:14

اعتراض على إرميا 34:3 - هل رأت عينا الملك صدقيا ملك بابل؟

انظر تعليقنا على 2ملوك 25:7
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
قال المعترض: «جاء في إرميا 35:2 أن الرب أمر إرميا «اذهب إلى بيت الركابيين وكلّمهم، وادخل بهم إلى بيت الرب إلى أحد المخادع، واسقِهم خمراً». وهذا يناقض أوامر الرب في شريعة النذير بعدم شرب الخمر، كما جاء في لوقا 1:15».

وللرد نقول: المقصود من أمر الرب لإرميا، لا أن يسقي الركابيين خمراً، عصياناً لوصية والدهم الذي أوصاهم بعدم شرب الخمر (وقد أطاعوه) بل أن يُظهِر طاعتهم لأبيهم. فعندما يدعوهم لشرب الخمر يرفضون دعوته. وكان الله يعلم مدى طاعة الركابيين لوالدهم ووصاياه، كما كان يعلم عصيان بني إسرائيل له. وأراد الله أن يعلّم بني إسرائيل درساً في الطاعة. وهذا يشبه أمر الله لإبراهيم أن يذبح ولده، فلم يكن المقصود من ذلك ذبح الابن، بل إظهار طاعة إبراهيم، الذي كان يحب الله أكثر من حبّه لابنه. وكان الله يعلم ذلك، لكنه أراد أن يعلنه ويوضحه، ليكون درساً للذين يطيعون الله وللذين يعصونه.

قال المعترض: »جاء في إرميا 43:8-13 أن إرميا تنبأ أن نبوخذنصر ملك بابل سيغزو مصر، ولكن لا يوجد أي برهان تاريخي على أن هذه النبوَّة قد تحققت«.

وللرد نقول: إلى وقت قريب كان يوسيفوس المؤرخ اليهودي هو الوحيد المعروف لنا، والذي ذكر أن نبوخذنصر غزا مصر. ورفض العلماء ما قاله يوسيفوس بحُجَّة أنه كتب ما كتب ليؤيد أقوال النبي إرميا. ولكن علماء الآثار اكتشفوا شهادة مؤرخ بابلي ترجع إلى عام 567 ق م تؤكد أن نبوخذنصر غزا مصر، ثم اكتشفوا نقشاً على تمثال نسحور حاكم مصر العليا يؤيد الخبر نفسه. صدقت نبوَّة إرميا، وصدق تحقيقها.

قال المعترض: »جاء في إرميا 46:2 أن الملك نبوخذنصر هاجم أورشليم في السنة الرابعة لمُلك الملك يهوياقيم، ولكن دانيال 1:1 يقول إن الهجوم كان في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم«.

وللرد نقول: التأريخان صحيحان، وسبب التناقض الظاهري أن النبي إرميا استخدم التقويم الأشوري، الذي هو تقويم الغُزاة، والذي كان يعتبر شهر نيسان (تقريباً شهر أبريل) أول شهور السنة، بينما استخدم النبي دانيال التقويم اليهودي، والذي كان يعتبر شهر تشري (تقريباً شهر أكتوبر) أول شهور السنة. وقد تولى يهوياقيم المُلك في شهر تشري سنة 609 ق م، وكانوا يحسبون بداية مُلك الملك من أول يوم في السنة الجديدة. ولما كان يهوياقيم قد تولى الحكم بعد بداية السنة بأيام قليلة، فقد حسب إرميا مُلكه من أول نيسان، وذلك بعد بضعة شهور من مُلكه الفعلي، بينما حسب دانيال مُلك يهوياقيم من أول تشري، وذلك بعد نحو سنة من مُلكه الفعلي. وقد غزا نبوخذنصر أورشليم عام 605 ق م بين شهري نيسان وتشري، فيكون ذلك في السنة الرابعة من حكم يهوياقيم بحسب تأريخ إرميا، وفي السنة الثالثة بحسب تأريخ دانيال.

قال المعترض: «الأصحاح الثاني والخمسون أُلحق بنبوَّة إرميا لأن السفر ينتهي بنهاية الأصحاح الحادي والخمسين، والذي ينتهي بالقول »إلى هنا كلام إرميا«.

وللرد نقول: واضح من العبارة «إلى هنا كلام إرميا» أن الأصحاح الثاني والخمسين من إضافة نبي آخر، ولا نفرِّق بين الأنبياء الذين أوحى الله لهم. وأصحاح 52 مقدمةٌ لمراثي إرميا، السِّفر الذي يلي نبوَّة إرميا مباشرةً، وأُخِذ أغلب أصحاح 52 من سفر الملوك الثاني أصحاحي 24 و25. وهو يوضح تحقيق النبوات التي تنبأ بها إرميا عن خراب مملكة بني إسرائيل وهيكلهم، الأمر الذي يبكي عليه سفر المراثي.

اعتراض على إرميا 52:28 - عدد المسبيين

انظر تعليقنا على 2ملوك 24:14
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة حزقيال

قال المعترض: »جاء في حزقيال 1:5-28 أنه رأى شِبه أربعة حيوانات، راكضة وراجعة كمنظر البرق (آية 14) كانت ترتفع عن الأرض (آية 19) فترتفع عجلاتها معها (آية 20). وقد فسر البعض ما رآه النبي حزقيال بأنه زيارة كائنات من كواكب أخرى إلى أرضنا«.

وللرد نقول: ما قاله النبي حزقيال لا يصف كائنات فضائية، بل يصف رؤيته لمجد الرب، لأنه يقول في آية 28 »هذا منظر شِبه مجد الرب«. ثم أن النبي كان يرى رؤيا، وللرؤى معانيها الرمزية غير الحرفية، كما قيل في سفر الرؤيا 1:20 »سرّ السبعةِ الكواكب التي رأيت على يميني، والسبعِ المناير الذهبية: السبعة الكواكب هي ملائكة السبع الكنائس، والمناير السبع التي رأيتها هي السبع الكنائس«. وعلى هذا فقوله في حزقيال 1:5 »شِبه أربعة حيوانات« لا يعني أن النبي رأى حرفياً أربعة كائنات حية. والأغلب أن الحيوانات الأربعة التي رآها كانت ملائكة، لأنه يقول في آية 6 إن لكل واحد منها أربعة أجنحة لتطير بها. وهو ما يذكِّرنا بملائكة السرافيم التي رآها إشعياء النبي، ولكل واحد منها ستة أجنحة (إشعياء 6:2)، كما يذكِّرنا بالأربعة الحيوانات المملوَّة عيوناً من قدام ومن وراء التي رآها يوحنا الرائي (رؤيا 4:6). وقد حملت هذه الكائنات الأربعة رسالة من الرب إلى نبيِّه حزقيال، وليس من كائنات فضائية، ليبلغ الرسالة إلى بني إسرائيل »الأمَّة المتمردة« التي تمرَّدت على الله (حزقيال 2:1-4)، فقال الله له: »امضِ إلى بيت إسرائيل وكلِّمهم بكلامي« (3:4).

ولا يوجد أي دليل على وجود كائنات تسكن كواكب أخرى، ولو أنه توجد أرواح شريرة يسمّيها الكتاب المقدس »روح كذب« (1ملوك 22:22) و»أرواحاً مُضلَّة« (1تيموثاوس 4:1). وهؤلاء نميِّزهم بكذبهم وضلالهم، كما يتميَّز النبي المضل والعرافون والسحرة والعائفون (تثنية 13:1-9، 18:9-14 و1تيموثاوس 4:1-3).

قال المعترض: «ورد في حزقيال 4:10-12 «وطعامك الذي تأكله يكون بالوزن: كل يوم عشرين شاقلاً.. وتأكل كعكاً من الشعير. على الخُرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم. وقال الرب: هكذا يأكل بنو إسرائيل خبزهم النجس بين الأمم الذين أطردهم إليهم. فقلت: آه يا سيد الرب، ها نفسي لم تتنجس، ومن صباي إلى الآن لم آكل ميتة أو فريسة، ولا دَخَل فمي لحم نجس. فقال لي: انظر قد جعلتُ لك خثي البقر بدل خُرء الإنسان، فتصنع خبزك عليه. وقال لي: يا ابن آدم، هأنذا أكسّر قوام الخبز في أورشليم فيأكلون الخبز بالوزن وبالغم، ويشربون الماء بالكيل وبالحيرة لكي يعوزهم الخبز والماء ويتحيروا الرجل وأخوه، ويفنوا بإثمهم». فهذا ناسخ ومنسوخ».

وللرد نقول: لا ناسخ ولا منسوخ، بل هذه استجابة صلاة النبي حزقيال، فقد استغاث النبي بالله فأجاب صلاته وحقق طلبته. وقد تمت نبوته هذه بحصار أورشليم.

قال المعترض: «قال الله في حزقيال 12:13 عن الملك صدقيا: «آتي به إلى بابل، إلى أرض الكلدانيين ولكن لا يراها، وهناك يموت». فكيف يأتي إليها ولا يراها؟».

وللرد نقول: نعم أتى إليها ولكنه لم يرها، لأن ملك بابل أعمى عيني الملك صدقيا، ثم قيَّده بسلاسل وجاء به إلى بابل، كما أوضحنا في تعليقنا على 2ملوك 25:7.

قال المعترض: »جاء في حزقيال 14:9 »فإذا ضلَّ النبيُّ وتكلَّم كلاماً فأنا الرب قد أضللتُ هذا النبي«. فكيف يضلل الله الأنبياء؟«.

وللرد نقول: إذا ضلَّ النبي فإنه يضل من عند نفسه، ويسمح الرب له بأن يعلن ضلالاته للناس، لأنه لا يُكرِه أحداً على طاعته، ولكنه يحذِّر الناس من ضلال النبي المضلل بأن يرسل الأنبياء الصادقين الذين يعلنون الحق. لقد أبغض الأنبياء الكذبة الحق السماوي، ولم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا، ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدِّقوا الكذب، لكي يُدان جميع الذين لم يصدِّقوا الحق بل سُرُّوا بالإثم (2تسالونيكي 2:10-12).

اعتراض على حزقيال 18:20 - الابن لا يحمل من إثم الأب

انظر تعليقنا على خروج 20:5 ويشوع 7:1 ولوقا 11:51

قال المعترض: »جاء في حزقيال 20:25 »وأعطيتهم أيضاً فرائض غير صالحة، وأحكاماً لا يحيون بها«. وهذا يناقض آيات كثيرة تقول إن فرائض الرب صالحة مثل »ناموس الرب كامل يردّ النفس. شهادات الرب صادقة تصيِّر الجاهل حكيماً« (مزمور 19:7)«.

وللرد نقول: القصد بالفرائض غير الصالحة هي الفرائض الوثنية التي سمح الله لبني إسرائيل أن يتبعوها ويمارسوها لأنهم عصوه، وهو يصفهم في آية 21 من ذات الأصحاح بالقول »فتمرَّد الأبناء عليَّ. لم يسلكوا في فرائضي ولم يحفظوا أحكامي ليعملوها«. ويمكن أن يُقال إن وصايا الله ضارة بالخاطئ الذي لا يطيعها، لأنها تحكم عليه وتدينه. إنها رائحة حياة لمن يحيا بحسبها، لكنها رائحة موت لمن يكسرها ويتعدَّى عليها. وقد قال الرسول بولس: »هل الناموس خطية؟ حاشا!.. ولكن الخطية، وهي متَّخذة فرصة بالوصية أنشأت فيَّ كل شهوة. لأن بدون الناموس الخطية ميتة« (رومية 7:7 و8). فالوصية صالحة لأنها تعلن لنا إرادة الله، ولكنها تنشئ في الخاطئ الرغبة في عصيانها لأنه لا يحب الله، ولأنه يتمرد عليه.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
قال المعترض: «ما جاء في حزقيال 23 عن أُهولة وأُهوليبة هو من الكتابات الفاضحة التي يجب إلاّ يرد ذكرها في كتاب يدَّعي أصحابه أنه مقدس».

وللرد نقول: المقصود بأهولة وأهوليبة مدينتان هما السامرة عاصمة مملكة إسرائيل، وأورشليم عاصمة مملكة يهوذا. وكانت مملكة بني إسرائيل مملكة واحدة متحدة تحت حكم داود وسليمان، ولكنها انقسمت بعد موت سليمان إلى مملكة شمالية عاصمتها السامرة، وجنوبية عاصمتها أورشليم.

وكان الله قد أمر بنَصب خيمة الاجتماع (مكان العبادة) في عاصمة مملكة يهوذا، أما مملكة إسرائيل فلم يوافق قط على إقامة خيمة عبادة فيها. ومن هذا نفهم لماذا أطلق الله على السامرة اسم «أهولة« (ومعناها في العبرية: خيمتها) كما أطلق على أورشليم اسم «أهوليبة« (ومعناها في العبرية: خيمتي فيها). فالمملكة الشمالية أقامت خيمة نفسها، أما المملكة الجنوبية فكان يجب أن تكون فيها وحدها خيمة الله وحده. وقد بنى الملك سليمان هيكل الله ليكون «خيمة الله في أورشليم».

غير أن المملكتين الشمالية والجنوبية خانتا عهد الله، وهو ما يسمّيه أنبياء التوراة بالزنى الروحي. وأخذت المملكتان تعبدان أوثان الممالك المحيطة بهما. وخيانة شعب الله لله أشرُّ من خيانة شريك الحياة، ولذلك يوبخ النبي حزقيال العاصمتين الخائنتين بكلمات رهيبة حقاً، فقد سقطت الدولتان إلى الدّرك الأسفل.

كلام حزقيال النبي إذاً هو عن مدينتين خانتا عهد إلههما، وليس عن سيدتين. وتعبيرات النبي حزقيال قاسية جداً، لأن الخيانة الروحية كانت قاسية عليه وعلى الله. وقد قال المسيح لمن خانوا استخدام بيت الله: «مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص« (متى 21:13). واللص خائن - الخيانة التي وصفها حزقيال النبي بالزنى الروحي.

قال المعترض: «ورد في حزقيال 26:1-14 «وكان في السنة الحادية عشرة في أول الشهر أن كلام الرب كان إليّ قائلاً.. هائنذا أجلب على صور نبوخذنصر ملك بابل بخيلٍ وبمركبات وبفرسان وجماعةٍ وشعب كثير، فيقتل بناتك في الحقل بالسيف، ويبني عليكِ معاقل، ويبني عليكِ برجاً ويرفع عليكِ ترساً، ويجعل مجانق على أسواركِ ويهدم أبراجكِ بأدوات حربه.. بحوافر خيله يدوس كل شوارعكِ. يقتل شعبكِ بالسيف فتسقط إلى الأرض أنصابُ عزّكِ وينهبون ثروتكِ ويغنمون تجارتكِ ويهدّون أسواركِ ويهدمون بيوتكِ البهيجة، ويضعون حجارتكِ وخشبكِ وترابكِ في وسط المياه.. وأُصيّركِ كضِحّ الصخر، فتكونين مَبْسطاً للشِّباك، لا تُبنَيْن بعد». وهذا خطأ، لأن بختنصر حاصر صور 13 سنة، واجتهد كثيراً في فتحها، ولكنه رجع خائباً. فاحتاج حزقيال إلى العذر (والعياذ بالله)، فقال في الأصحاح 29:17-20 «وكان في السنة 27 أن كلام الرب كان إليَّ قائلاً: إن نبوخذنصر استخدم جيشه خدمةً شديدةً على صور. كل رأس قَرِعَ وكل كتف تجرّدت، ولم تكن له ولا لجيشه أجرة من صور، لذلك قال السيد الرب: »أبذل أرض مصر لنبوخذنصر، فيأخذ ثروتها ويغنم غنيمتها وينهب نهبها، فتكون أجرةً لجيشه. قد أعطيتهُ أرض مصر لأجل شُغْله الذي خدم به، لأنهم عملوا لأجلي». ولما لم يحصل نبوخذنصر وجنوده على أجرة من محاصرة صور، وعده الله بمصر. ولم نعلم إذا كان هذا الوعد مثل الوعد السابق، أو حصل له الوفاء. هل يكون وعد الله هكذا؟ هل يعجز الله عن الوفاء بوعده؟».

وللرد نقول: هذه نبوَّة صادقة من الله على فم نبيِّه حزقيال، والدليل على صدقها أن النبي كان يعرف مناعة مدينة صور، ويعرف أن شلمنأصر عجز بكل جيشه عن الاستيلاء عليها، بعد أن أغرق السوريون أسطوله العظيم بمراكبهم القليلة، ومع ذلك قال النبي إن نبوخذنصر سيستولي عليها. وقال «مناندر« الأفسسي في ترجمته للتواريخ الفينيقية إلى اللغة اليونانية، إن نبوخذنصر حاصرها 13 عاماً لما كان أثوبال ملكاً عليها، وتكبّد جيشه المشقات، ثم استولى عليها. وبذلك تحقق قول النبي إن نبوخذنصر استخدم جيشه «خدمة شديدة على صور، كل رأس قرع، وكل كتف تجرّدت« وهذا نتيجة للحصار الطويل. ونقل المؤرخ يوسيفوس عن تواريخ فينيقية أن الصوريين كانوا يأتون بملوكهم بعد هذا الحصار من بابل، لأن نبوخذنصر أسر ملوكهم وسباهم إلى بلاده، مما يدل على تمام إخضاع وإذلال صور وزوال مُلكها.

أما ما ذكره النبي حزقيال من أن الملك نبوخذنصر لم تكن له ولا لجيشه أجرة، فلأنه لم يجْنِ منها فوائد تُذكَر، لأن ثروتها نُزِفَت من طول حصاره لها، وكانت الغنائم قليلة بالنسبة إلى ما تجشَّمه مع جيوشه من الأتعاب. ومما يؤيد هذا قول العلاّمة إيرونيموس (جيروم): «قرأنا في التواريخ الأشورية أنه لما حاصر نبوخذنصر صور ولم يجد أهلُها منفذاً للهروب والنجاة، ورأوا أنه لا بد من الوقوع في مخالبه، هربوا في مراكبهم إلى قرطاجنة، فإنهم كانوا أشهر الأمم في التجارة والملاحة. فهرب البعض منهم إلى بحر اليونان، والبعض إلى بحر أوجين. ولما رأى أهل صور أن أعمال الحصار كادت أن تتم على مرام أعدائهم، وتزعزعت أساسات الأسوار بضرب المجانق، نقلوا كل ما كان ثميناً من ذهب وفضة وثياب، وكل ما عند أشرافهم من الأمتعة الثمينة إلى المراكب، وذهبوا بها إلى الجزائر. فلما أخذ نبوخذنصر هذه المدينة لم يجد فيها شيئاً يكافئ تعبه، فتكدّر من ذلك كدراً شديداً، فأنبأه النبي حزقيال بأنه سيستولي على أرض مصر، وهي تكافئ أتعابه. ولا يلزم من عدم أخذ مكافأة من صور أنه لم يستولِ عليها، فكم من إنسان يتعب أتعاباً شاقة وتكون الثمرة أقل من التعب».

وقد تمت نبوات الأنبياء على صور بما لم يبقَ معه شك، فخرّب نبوخذنصر هذه المدينة القديمة، وأنشأ إسكندر ذو القرنين من أطلالها وآثارها طريقاً لتوصيل الأرض بالجزيرة التي كانت قائمة عليها. وقال أحد الأفاضل: لا عجب إذا لم يوجد أثرٌ لهذه المدينة القديمة، فأصبحت سواحل رملية، وتغيَّرت معالمها ودُفن الصهريج العظيم في الرمال. وبذلك تمّ قول النبي: «ولا تُبْنَينْ«. فلم تعُد هذه المدينة إلى ما كانت عليه من القوة والرفعة وقت حزقيال النبي. ولما استولى إسكندر عليها لم يحرقها فقط، بل أنشأ الإسكندرية في مصر، فانتقلت التجارة إليها وزالت من صور. ومن سوء حظها أن تداولت الدول عليها، فكانت تارة تحت حكم البطالسة ملوك مصر، وأخرى تحت حكم السلوقيين ملوك سوريا. وأخيراً وقعت في يد روما. وفي سنة 639م استولى عليها المسلمون، وفي سنة 1124م استولى عليها المسيحيون في الحرب الصليبية، وفي سنة 1289م استرجعها مماليك مصر، فنهبوها. وفي سنة 1516م استولى عليها الأتراك. وبعد أن كانت مركزاً للتجارة أصبحت أطلالاً لا يعرّج عليها سوى قوارب الصيادين المساكين، وبذلك تمّ قول الله: «وأصيّر صور ضِحّ الصخور ومَبْسطاً للشِّباك« (حزقيال 26:4 و5).

وكل ذلك مصداق لقول النبوات، فإن الأنبياء تنبأوا أن عظمتها وقوتها ستصبح أطلالاً بالية، وقد تمّ ذلك فعلاً. أما من جهة استيلاء نبوخذنصر على مصر فقال المؤرخ الوثني «ميجاسثينيس« (نحو سنة 300 ق م) إنه لما سمع نبوخذنصر بوفاة والده، رتّب الأمور في مصر، وسلّم الأسرى الذين سباهم في مصر لبعض أصحابه، وبادر مسرعاً إلى بابل. وقال مؤرخ وثني آخر هو »بيروسوس« إن نبوخذنصر استولى على أشور وقهر العمونيين والموآبيين، ثم شنّ الغارة على مصر وقتل مَلِكها وعيّن ملكاً آخر». (راجع تعليقنا على إرميا 43:8-13).

اعتراض على حزقيال 45 و46 - وصف الهيكل

انظر تعليقنا على سفر العدد 28 و29
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة دانيال

قال المعترض: »جاء في الآية الأولى من نبوَّة دانيال »في السنة الثالثة من مُلك يهوياقيم ملك يهوذا« مما يبيِّن أن النبي دانيال كتب سفره في القرن السادس قبل الميلاد. ولكن السفر يحتوي على معلومات واسعة وكثيرة عن ممالك العالم من حكم نبوخذنصَّر نحو 605 ق م إلى حكم الإمبراطورية الرومانية الذي بدأ في عام 241 ق م، واستمر إلى أن استولى بومبي على أرض الميعاد عام 63 ق م. فلا يمكن أن يكون دانيال هو كاتب السفر«.

وللرد نقول: يحتوي سفر دانيال على نبوات عظيمة، بدأ تحقيقها في عصره، وامتد تحقيقها إلى مئات السنين بعد زمنه. ويحتوي الأصحاح 11 من نبوته على نبوات تفصيلية تمتد من حُكم كورش العظيم إلى عصر المسيح الدجال، الذي هو ضد المسيح، في نهاية الدهر الحاضر، وإلى الأبدية. وتنبّؤ دانيال بالآتيات دقيق جداً حتى يحسبه القارئ رواية تاريخية سجَّلها شاهد عيان! ولكن دانيال سجل هذه النبوات التفصيلية قبل حدوثها بمئات السنين. وقد قال الكافرون بالنبوات إن دانيال لا يمكن أن يكون كاتب السفر، بل كتبه غيره بعده وعزاه إليه، ولكن المؤمنين الذين يؤمنون بعلم الله السابق وإعلانه الصحيح لعبيده الأنبياء يدركون أن الله أنبأ على لسان عبده دانيال بكل ما سجَّل في سفره من أمور مستقبلية.

اعتراض على دانيال 1:1 - متى هاجم نبوخذنصَّر أورشليم؟

انظر تعليقنا على إرميا 46:2

قال المعترض: «جاء في دانيال 1:21 أن دانيال بقي إلى السنة الأولى لكورش الملك، ولكننا نجد دانيال لا يزال موجوداً حتى السنة الثالثة لكورش كما يظهر من دانيال 10:1».

وللرد نقول: ظل دانيال في موضع المسئولية والحكم حتى السنة الأولى من حكم الملك كورش، وعرف باستجابة صلاته إذ أصدر كورش الأمر بعودة بني إسرائيل إلى أرضهم. ثم عاش سنتين بعد صدور أمر كورش في بابل، في التقاعد، حتى مات.

قال المعترض: «جاء في دانيال 2:48 أن شهرة دانيال كانت عظيمة في مملكة بابل، ولكننا لا نجد له ذكراً في دانيال 3:12 عندما رفض أصحابه الثلاثة السجود لتمثال الذهب».

وللرد نقول: الأغلب أن دانيال كان غائباً عن العاصمة في عمل يتعلق بالدولة، وحدثت أزمة السجود للتمثال أثناء سفره خارج العاصمة.

قال المعترض: «غناء الفتيان الثلاثة في أصحاح 3 من نبوَّة دانيال، وأصحاحي 13 و14 منه يعتقد بها الكاثوليك، وهي مرفوضة عند اليهود والبروتستانت. ثم إن ثيودوشن (الذي ترجم التوراة إلى اللغة اليونانية) أدرج بين آيتي 23 و24 من الأصحاح الثالث ترنيمة الفتيان الثلاثة، وأدرج قصة سوسنة والتنين في أصحاحي 13 و14 وحذت حذوه الترجمة اللاتينية».

وللرد نقول: لم يحتوِ الأصل العبري للتوراة على الأجزاء التي أشار إليها المعترض، ولا يوجد أدنى دليل على أنها كُتبت باللغة العبرية أو الكلدية. وما كان يجب أن المعترض يعوِّل على الترجمات، بل على التوراة العبرية الأصلية التي حافظ بنو إسرائيل عليها، فهي الحَكَم الفصل. فإذا ترجم أحد العارفين باللغات الشرقية كتاباً إلى إحدى اللغات الغربية، ثم أضاف عباراتٍ أو قصصاً ليست في الأصل، فليس من حقه أن يضيف، وإضافته هذه لا تُخلّ بالكتاب الأصلي في شيء، لأن الأصل محفوظ عند أهله. وقد كانت نُسَخ التوراة منتشرة، فإذا تصرّف مترجم في الترجمة انكشف أمره.. فلا عجب إذا قام إيرونيموس أحد العلماء ورفض كل ما كان زائداً على الأصل العبري، وقال إنها خرافة. وقد رفض كثيرون من العلماء المسيحيين الفصول التي أشار إليها المعترض، ومنهم يوليوس الإفريقي ويوسابيوس وأبوليناريوس، وقالوا إنها من الخزعبلات، ونحا هذا النحو إيراسموس وغيره من العلماء المتأخرين.

راجع تعليقنا على الأبوكريفا في القسم الأول من هذا الكتاب.

قال المعترض: »جاء في دانيال 5:1 أن آخر ملوك بابل هو بَيْلشاصَّر، ولكننا لا نجد أثراً لصاحب هذا الاسم في التاريخ البابلي ولا اليوناني، وهذان التاريخان يسجلان أن آخر الملوك البابليين هو نابونيدُس«.

وللرد نقول: أثبتت الاكتشافات الأثرية والحفريات الحديثة أن بيلشاصر كان قائماً مقام الملك نابونيدُس. وقد حكم نابونيدس من سنة 556 إلى 539 ق م. وفي السنة الثالثة من حكمه (553 ق م) ترك بابل وسافر في رحلة طويلة، تاركاً مقاليد الحكم لابنه البكر بيلشاصر. وعندما هزم كورش مملكة بابل كان نابونيدس في »تيما« شمال شبه الجزيرة العربية. والدليل من نبوَّة دانيال على أن بيلشاصر كان قائماً مقام الملك أنه في وقت حيرته دخلت إليه الملكة، زوجة الملك نابونيدُس، وأشارت عليه أن يستدعي دانيال ليقرأ له الكتابة الأعجمية على الحائط، ولم تدخل زوجة بيلشاصر لأنها لم تكن الملكة.

قال المعترض: »جاء في دانيال 5:31 أن داريوس المادي أخذ المملكة من بيلشاصر، وعمره 62 سنة. ولكن العلماء المعاصرين يقولون إنهم لا يجدون لداريوس المادي أثراً في كتابات المؤرخين«.

وللرد نقول: كما قلنا في تعليقنا على دانيال 5:1 إن دانيال سجَّل اسماً حقيقياً، نقول مرة أخرى إن الاكتشافات والحفريات الحديثة أثبتت صحة ما قاله النبي دانيال، فهناك داريوس المادي، وداريوس الفارسي، المعروف بداريوس الأول والذي حكم من 521-486 ق م. وكان كورش العظيم قد أناب عنه داريوس المادي في حكم كل مملكة بابل.

قال المعترض: «ورد في دانيال 8:13 و14 «فسمعتُ قدوساً واحداً يتكلم، فقال قدوسٌ واحدٌ لفلانٍ المتكلم: إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين؟ فقال لي: إلى 2300 صباح ومساء، فيتبرأ القدس». وجميع مفسري التوراة من يهود ومسيحيين ومعهم يوسيفوس مضطربون في تفسير هاتين الآيتين، وفسَّره بعضهم بحادثة أنطيوخوس أبيفانيس (عام 161 ق م) الذي ولاه الرومان على أورشليم. ونحن نعترض على أن أنطيوخوس داس القدس ثلاث سنين ونصف، كما قال يوسيفوس، فإن الـ2300 يوماً هنا هي أيام تتكوَّن من 24 ساعة. ولكن النبي دانيال يقول أن أنطيوخوس سيدوس القدس مدة ست سنين وثلاثة أشهر وتسعة عشر يوماً».

وللرد نقول: قال يوسيفوس (الكتاب 12 ف 7) إن المدة التي توقفت فيها العبادة اليهودية في الهيكل هي ثلاث سنين بالتمام. ولكنه قال في كلامه عن الحروب اليهودية (الكتاب 1 ف 1) إن أنطيوخوس ألغى تقديم ذبيحة الكفارة اليومية مدة ثلاث سنين وستة أشهر. ويرجع سبب تناقض أقوال يوسيفوس إلى أن أنطيوخوس أهان العبادة اليهودية بمنكرات جمَّة، فأرَّخ يوسيفوس بدءاً من إحدى هذه الكوارث، ثم بدا له أن كارثة أخرى جديرة بأن تكون بدء مظالمه، فيؤرخ منها. ولكن دانيال النبي راعى في النبوات كل مظالمه من أولها إلى آخرها، والدليل على ذلك أنه لم يقتصر على ذِكر تعطيل المحرقة الدائمة، بل قال أيضاً «ومعصية الخراب». ولا شك أنه حصلت حوادث جمّة في تاريخ أنطيوخوس يجوز أن يُحسب منها مدة معصية الخراب وإزالة المحرقة الدائمة، فقد عيَّن ياسون رئيس كهنة في سنة 171 ق.م فتوقفت الذبيحة الدائمة. وياسون هو أخ أونياس الذي أدخل في أورشليم عادات اليونان وألعابهم وخلاعتهم، ولم ينل رتبة رئيس الكهنة إلا بالدسائس، وتعهّد للملك أن يدفع له 360 وزنة فضة إذا صرّح له بإنشاء مكان لتعليم شبان بني إسرائيل عادات الوثنيين وتسميتهم بالأنطوخيين، فأذن له بذلك. فازدرت الكهنة بهيكل الله وذبائحه، وبادروا إلى الألعاب اليونانية وفضّلوها على غيرها. فهذه حادثة مهمة يجوز أن يُحسب منها تعطيل المحرقة ومعصية الخراب. (انظر بريدو 3:216 و1مكابيين 1:11-15) فإذا حُسبت نبوَّة دانيال من هذه الحادثة، كانت المدة ست سنين وثلاثة أشهر وعشرين يوماً بالتمام والكمال، لأن مبدأها 5 أغسطس سنة 171، وانتهاؤها وهو إعادة العبادة الحقيقية في 25 ديسمبر سنة 165 ق.م (انظر بريدو 3:265-268).

وقد أشار النبي دانيال إلى هذا الوقت بكل دقة، كما يفعل المؤرخ الصادق.

قال المعترض: «ورد في دانيال 9:24-26 «سبعون أسبوعاً قُضِيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليُؤتَى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوَّة، ولمسْح قدوس القدوسين. فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع و 62 أسبوعاً. وبعد 62 أسبوعاً يُقطَعُ المسيح، وليس له». وهذا لا يصدق على المسيحيين، لأنهم لم يكونوا موجودين، لأن المسيح لم يكن قد جاء. وقد مضى أزيد من ألفي سنة على المدة المذكورة. وتفسيرات علماء المسيحية مرفوضة لأن تفسير اليوم بمعنى أنه أسبوع يتعارض مع القرينة».
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
وللرد نقول: (1) معنى كلمة »أسبوع« في اللغة العبرية سبعة آحاد، وهناك كلمة عبرية أخرى معناها سبعة أيام. وإذا سُئل: ما هي القرينة الدالة على أن المعنى المقصود بكلمة الأسبوع هنا سبعة؟ قلنا: إن دانيال كان يتأمل في مدة السبي، وهي سبعون سنة، فأخذ يصلي ليعرف منتهى الأمر، كما يظهر من هذا الأصحاح. فأتى جبرائيل الملاك وقال إنه يلزم للحادثة المهمة ليس سبعين سنة بل سبعين أسبوعاً، أي سبعين سنة في سبعة. فإن التأمل كان في السنوات السبعين، وهي قرينة توضح المعنى.

(2) والأسبوع في اللغة العربية يمكن أن يكون بمعنى سبعة. قال الليث: «الأسبوع من الطواف ونحوه سبعة أطواف». وإذا أرادوا تخصيصها قالوا الأسبوع من الأيام أمام سبعة أيام كما في كتب اللغة العربية (انظر لسان العرب ج 10 ص 8 وسطر 16) وورد في المصباح: «الأسبوع من الطواف بضم الهمزة سبع طوفات، والجمع أسبوعات وأسابيع.. والأسبوع من الأيام سبعة أيام، وجمعه أسابيع». فانظر كيف قيّد الأسبوع بقوله: والأسبوع من الأيام.

(3) معنى قوله «تكميل المعصية وتتميم الخطايا« (دانيال 9:24) هو تكميل ذبيحتي الخطية والمعصية. ولكلمة »تكميل« في العبرية معنى آخر، هو »سَتْر«، فالخطية التي كانت مكشوفة وعريانة أمام الله البار القدوس، أصبحت الآن برحمته مستورة. وكلمة «تتميم الخطايا« هي في الأصل بمعنى ختم الخطايا وحبسها، فإنه لما كان النبي دانيال متحيراً ومتفكراً في خطية شعبه وكيف يغفرها الله لهم، أجابه الله بقوله إنه بعد 70 أسبوعاً من السنين يهيئ الله كفارة كافية عن الخطية، فتظهر عدالته وحكمته الفائقتين في أنه يسامح الخاطئ التائب، دون أن يضحي بعدالته. فالمسيح صار كفارة عن آثامنا كما قال النبي هنا. وقد كنا نستوجب القصاص في جهنم النار إلى الأبد، ولكنه احتمل في جسده خطايانا وصُلب لأجل آثامنا، فتبرَّرنا ببره. وهذا هو معنى قوله: «يُؤتَى بالبر الأبدي». فعندما يؤمن الخاطئ بالمسيح تُستَر خطاياه ويقف مبرَّراً أمام الله.

(3) وقد وردت قولة «لمسْح قدوس القدوسين« (دانيال 9:24) في الكتاب المقدس على »قدس أقداس الهيكل« نحو 28 مرة (خروج 26:32 و34 و29:37 و30:29 و36 وغيره) الذي يرمز إلى عمل المسيح، لأنه يبني هيكل الرب (زكريا 6:12، 13). فاستُخدمت التعبيرات المستعملة في العهد القديم لتدل على أعمال الإنجيل، كقوله: «أنتم هيكل الله الحيّ، كما قال الله سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً» (2كورنثوس 6:16). فالمراد بقوله «قدوس القدوسين« هو الكنيسة المسيحية، والمراد بقوله «ولمسْحها« انسكاب الروح القدس، كما حدث في يوم الخمسين (أعمال 2). فهذا هو معنى هذه الآية بغير تكلّف ولا تعسّف.

قال المعترض: «ما جاء في دانيال 9:24-26 لا يصدق على المسيحيين، لأن يوسيفوس يقول إنه قد مضت 600 سنة بين إطلاق كورش لبني إسرائيل ليرجعوا إلى بلادهم (عزرا 1) وولادة المسيح. وجاء في كتاب »مرشد الطالبين« (جزء 2 فصل 20) أن رجوع بني إسرائيل من السبي وتجديدهم الذبائح في الهيكل، كان سنة أطلقهم كورش، وهي 536 ق.م، مع أن سبعين أسبوعاً هي 490 سنة، فمن الواضح أن المقصود هنا ليس هو مسيح بني إسرائيل«.

وللرد نقول: أصدر كورش أمراً ببناء الهيكل فقط، ولكنه لم يصدر أمراً ببناء أورشليم. وقد فرَّق النبي دانيال بين الأمرين، لأن كورش، رغبةً منه في رضى الآلهة، سمح بإعادة بناء الهيكل. ولكنه لم يسمع بإعادة بناء أسوار أورشليم وحصونها لئلا تثور عليه. واعتُبر بناء الهيكل نهاية سنوات السبي السبعين. وأورد عزرا 1:2، 3 نصَّ أمر الملك: «هكذا قال كورش ملك فارس: جميع ممالك الأرض دفعها لي الرب إله السماء، وهو أوصاني أن أبني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا. مَنْ منكم مِن كل شعبه ليكنْ إلهه معه ويصعد إلى أورشليم التي في يهوذا فيبني بيت الرب إله إسرائيل. هو الإله الذي في أورشليم». ولم يذكر في أمره كلمة عن بناء أورشليم. ولكن تمَّ بناء أورشليم في عهد ملكٍ آخر هو أرتحششتا لونجيمانوس، الذي بدأ حكمه سنة 464 ق.م وحكم 40 سنة وثلاثة أشهر، وفي عهده تولى نحميا حُكم اليهودية. وكان نحميا أولاً ساقي الملك أرتحششتا عندما بلغته أخبار بني إسرائيل التعيسة فاغتمّ. ولاحظ الملك ما به من الكمد، ولما عرف منه سبب ذلك عيّنه والياً على اليهودية، وفوّض له تحسين أورشليم وأعطاه أمراً ملكياً بذلك. وبناءً على ذلك سافر نحميا إلى اليهودية ومعه ضباط وجنود وفرسان. فهذا هو الأمر الملكي الذي يوافق أقوال النبي دانيال. وأجمع المؤرخون على أن صدور الأمر ببناء أورشليم كان في السنة العشرين من حكم أرتحششتا، ولكنهم اختلفوا بعض الاختلاف في ابتداء حكمه. فحقق العلاّمة هنجستنبرج أنه كان سنة 474 ق.م، وعليه تكون السنة العشرون من أرتحششتا هي سنة 454 ق.م. فإذا طرحنا هذه المدة من حاصل ضرب 69 أسبوعاً في 7، (وهي المدة التي قال عنها النبي دانيال في 9:25) كان الباقي 29 سنة ميلادية، وهي سنة بداية خدمة المسيح العلنية.

وبيان ذلك أن النبي دانيال قسّم السبعين أسبوعاً إلى ثلاثة أقسام:

(1) القسم الأول: سبعة أسابيع (أي 49 سنة) وهو مدة تجديد أورشليم وبنائها. وقد صرف نحميا هذه المدة في بناء أورشليم، ثم نظم أحوال بني إسرائيل، وكان ذلك في السنة 49 من صدور أمر أرتحششتا (سنة 454 ق.م) وكان نحميا قد تعيّن والياً على اليهودية مرتين: وكانت مدة ولايته الأولى 12 سنة. وفي سنة 32 رجع إلى أرتحششتا، ثم استأذن من الملك ليرجع إلى أورشليم (نحميا 13:6 و7) فصرّح له. وقد عمَّر نحميا طويلاً. فإذا كان عمره لما شرع في تجديد أورشليم 30 سنة، وصرف 49 سنة في بنائها، يكون قد عاش 79 سنة، وقد قال المؤرخ يوسيفوس إنه كان هَرِماً.

(2) القسم الثاني: وهو 62 أسبوع×7 =434 سنة، من تجديد الهيكل إلى مجيء المسيح. فيكون صدور الأمر بتجديد أورشليم إلى مجيء المسيح 483 سنة. وقلنا إن بدء حكم أرتحششتا كان في سنة 474 ق.م. وبما أنه أصدر الأمر في السنة العشرين، فيكون التاريخ سنة 454 ق.م. فإذا طرحناه من 483 سنة كان 29 سنة ميلادية، وهي سنة دعوة المسيح للناس إلى طريق الخلاص. وقد راعى النبي دانيال هذه النقطة المقصودة بالذات.

(3) القسم الثالث: هو الأسبوع. قال النبي إن المسيح يُقطع في وسط هذا الأسبوع، وليس لأجل نفسه، بل لأجل غيره. ومَنْ يتأمل إنجيل يوحنا يجد أن مدة دعوة المسيح وخدمته هي ثلاث سنين ونصف. ولما قدم نفسه ذبيحة بطلت من ذلك الوقت الذبائح الأخرى، التي لم تكن لها قوّة في حد ذاتها، وكانت رمزاً إلى ذبيحة المسيح، فزالت قوتها كما قال النبي.

أم »رِجس المخرَّب« الذي تحدث عنه النبي دانيال (11:31 و12:11) فقد قال المؤرخ يوسيفوس إنه يصف دخول الرومان الهيكل المقدس بأعلامهم، ووضعوها على البوابة الشرقية وقدموا لها الذبائح. فاعتبر بنو إسرائيل هذا رجسة الخراب.

ومن هذا يتَّضح:

(1) لم يُحمل اليوم على المعنى المجازي، كما ادّعى المعترض، لأن معنى الأسبوع لغةً هو سبعة.

(2) كان النبي دانيال يتأمل في السبعين سنة، مدة سبي بني إسرائيل، فقال له الملاك: «سبعين أسبوعاً».

(3) لا يجوز أن نحسب بدء مدة 490 من صدور أمر كورش، فقد كان أمره قاصراً على تجديد الهيكل. وقال النبي دانيال: «من وقت تجديد المدينة وبنائها« ولم يذكر الهيكل. ومن وقت تجديد المدينة وبنائها إلى مجيء المسيح هو 490 سنة بالتمام والكمال.

اعتراض على دانيال 10:1 - هل عاش دانيال إلى أن رأى كورش الفارسي؟

انظر تعليقنا على دانيال 1:21

قال المعترض: «ورد في دانيال 12:11 و12 «ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رِجْس المخرَّب 1290 يوماً. طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى 1335 يوماً». وهو خطأ، كما قلنا في تعليقنا على دانيال 8:13. ولم يظهر في هذا الميعاد مسيح النصارى ولا مسيح اليهود».

وللرد نقول: الحديث في هاتين الآيتين عن أنطيوخوس أبيفانيس. وقد بدأت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرَّب وقت استيلاء أنطيوخوس على أورشليم بواسطة أبولونيوس أحد رؤساء جيشه، وإزالة الذبائح من الهيكل. وبعد أن شرح مؤلف كتاب المكابيين الأول كيفية استيلاء أبولونيوس على أورشليم في سنة 168 ق.م قال إن عساكر أنطيوخوس سفكوا الدم البريء حول الهيكل، ودنّسوا المقدس. وهرب سكان أورشليم وأصبح المقدس خرباً، وانقلبت أعياد أورشليم وأفراحها إلى أحزان وسبوتها إلى عار (1مكابيين 1:37-39) ووضع تمثال «المشترى« في الهيكل. وقال المؤرخ يوسيفوس إن الذبائح اليومية أُبطلت مدة ثلاث سنين ونصف، وهي قدر المدة التي أشار إليها النبي دانيال، ولكنها تنقص 11 يوماً، فإن 1290 يوماً هي ثلاث سنين ونصف، و11 يوماً. وعبارة النبي أدق لأنها موحى بها من الله الذي بيده الأوقات، وهو يعلم الدقائق. والمؤرخ الدنيوي لا يبالي بمثل هذه الدقة في الحساب.

قال المعترض: «لماذا كرّر النبي (12:11 و12) ذكر الـ2300 يوماً التي سبق أن ذكرها في أصحاح 8:14؟«.

وللرد نقول: الإعادة للتأكيد والتنبير، كما كان المسيح يقول »الحق الحق أقول لكم«. وقد أضاف إليها قوله: «طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى 1335 يوماً« وقد أيَّد التاريخ هذه النبوَّة، ففي أواخر سنة 165 أو أوائل سنة 164 ق.م سمع أنطيوخوس أبيفانيس بحصول ثورات واضطرابات في بلاد الأرمن والفرس، فتوجه إليهما بفرقة من جيشه، وأرسل فرقة أخرى إلى فلسطين، فانتصر بعض النصر. ولكنه حاول نهب الأموال التي كانت في هيكل ديانا الفارسي في «سلاميس« فقام الأهالي عليه جملة واحدة وطردوه من المدينة، فالتجأ إلى «أكباتانا». وهناك بلغه أن يهوذا المكابي هزم عساكره في فلسطين، وأن بني إسرائيل حصَّنوا هيكلهم بأسوار منيعة. فاستشاط غيظه على بنو إسرائيل وجدّف على إلههم وهدَّد بأن يجعل أورشليم مدفناً لليهود. وفي طريقه إليهم وقع من عربته، ثم مرض في أمعائه ومات في شهر فبراير سنة 164 ق.م. فإذا كان بدء مدة الـ1335 يوماً هي ذات بدء الـ 1290 يوماً، فيكون منتهى 1335 يوماً هو موت أنطيوخوس.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة هوشع

قال المعترض: «جاء في هوشع 1:2 أن الله أمر النبي هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنى وأولاد زنى. وهذا يناقض أمر الله «لا تزن« (خروج 20:14) وهي الوصية السابعة في الوصايا العشر، كما يناقض الأمر الوارد في لاويين 21:14 للكاهن بألاّ يتزوج من زانية، والأمر الوارد في 1كورنثوس 6:16 بعدم الزواج من غير مؤمنة».

وللرد نقول: (1) قال بعض المفسرين إن هوشع تزوج من «جومر« وهي طاهرة، رمزاً لبني إسرائيل لما دعاهم الله أولاً، كما قيل في هوشع 2:15 «وهي تغنّي هناك كأيام صباها، وكيوم صعودها من أرض مصر». ثم تركت جومر هوشع وخانته (هوشع 3:1) فصار لقبها «امرأة زنى». وجهَّز هذا الاختبار المحزن هوشع ليمارس رسالة وَعْظه لبني إسرائيل الذين خانوا الرب وعبدوا الأوثان. وكانت معاملة هوشع لزوجته الخاطئة مثلاً يعلِّم بني إسرائيل كيف يعاملهم الله. وكان كلام هوشع من قلبه واختباره، فكان ذا تأثير عظيم في السامعين.

(2) وقال البعض الآخر إن النبي هوشع تزوج فعلاً بزانية، ولم يكن هوشع كاهناً، بل كان إنساناً عادياً دعاه الله ليكون نبياً. وكان هذا الزواج مثَلاً لتعليم هوشع وتعليم شعبه أن الله الذي تزوَّج بني إسرائيل يواجه خيانتهم وقد أحبهم وفداهم، لأن «الأرض قد زنت زنى تاركة الرب« (هوشع 1:2 ب). وكان الأنبياء يحوّلون اختبارات بني إسرائيل تشبيهاً لأنفسهم، كما قال الرسول بولس في 1كورنثوس 4:6 »فهذا أيها الإخوة حوَّلتُه تشبيهاً إلى نفسي، وإلى أبلّوس من أجلكم، لكي تتعلَّموا فينا«.

(3) هذه القصة لا توصي بالزنا، بل تدين الزنا الجسدي والروحي معاً، وتتوافق مع الوصية السابعة. ويحذِّر الأصحاح الرابع من نبوَّة هوشع من الزنا، ويعلن عقاب الله الشديد عليه، ويقول: »الزنا والخمر والسلافة تخلِب القلب« (هوشع 4:11). وأمر الله النبي هوشع أن يتزوج زانية، ولكنه لم يسمح له بالزنى. فالمطلوب أن يكون الإنسان أميناً لشريك حياته، حتى لو كان الشريك خائناً. والأمر الإلهي بعدم الارتباط بغير مؤمنة لا ينهى المؤمن من الارتباط بطرف كان خاطئاً، بل ينهاه عن الارتباط بطرف مستمر في خطاياه.

قال المعترض: »جاء في هوشع 8:13 »الآن يذكُر إثمهم ويعاقب خطيتهم، إنهم إلى مصر يرجعون«. وتكرر المعنى في هوشع 9:3. ولكن جاء في هوشع 11:5 »لا يرجع إلى مصر، بل أشور هو ملكه«. وهذا تناقض«.

وللرد نقول: لا تناقض، لأن العبارتين تصفان حالتين مختلفتين، فالقول »إنهم إلى مصر يرجعون« يعني رِدَّة بني إسرائيل عن العبادة الصحيحة بأرواحهم وقلوبهم، وليس رجوعهم بالجسد إلى مصر، فقد وعد الله في تثنية 17:16 أن »لا يردُّ الشعب إلى مصر« بأجسادهم.. أما القول »لا يرجع إلى مصر، بل أشور هو ملكه« فهو تحذير للشعب من طلب معونة مصر لتحميهم من الهجوم الأشوري، فأمرهم الرب بعدم الرجوع إلى مصر لأن مصر لا تقدر أن تحميهم من أشور الذي سيهزمهم ويملك عليهم. وأعلن الرب لهم أنه سيكسر قوة مصر أمام أشور ليعتمد بنو إسرائيل عليه وحده لإنقاذهم. وهذا ما حدث فعلاً.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة يوئيل

قال المعترض: »جاء في يوئيل 3:6 ذكر بلاد اليونان في قوله »وبِعتُم بني يهوذا وبني أورشليم لبني الياوانيين لكي تُبعِدوهم عن تخومهم«. وهذا حدث في القرن الرابع ق م. بينما يقول علماء الكتاب المقدس إن سفر يوئيل كُتب في القرن التاسع ق م«.

وللرد نقول: يدور الحديث في يوئيل 3 حول عقاب الله للفينيقيين والفلسطينيين لأنهم اختطفوا بعض اليهود وباعوهم عبيداً لليونانيين، وبهذا أبعدوهم عن تخومهم. ولا يوجد ذكر هنا للإمبراطورية اليونانية. ولو كان يوئيل في هذه الآية ذكر اتِّساع الإمبراطورية اليونانية في عهد الإسكندر الأكبر في القرن الرابع ق م لما اتَّهم الفينيقيين والفلسطينيين ببيع اليهود لهم.

قال المعترض: »جاء في يوئيل 3:12 قول الرب »أجلس لأحاكم جميع الأمم من كل ناحية«. ولكن العادة أن يُقال إن الله يقف ليحاكم البشر، كما جاء في إشعياء 3:13 »قد انتصب الرب للمخاصمة، وهو قائم لدينونة الشعوب«.

وللرد نقول: التعبيران يكملان بعضهما، وكلاهما كناية. فالرب يجلس ليسمع ويصدر حكمه، وهو ينتصب قائماً لينفذ الحكم.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة عاموس

قال المعترض: »جاء في عاموس 3:6 »هل تحدث بليَّة في مدينة والرب لم يصنعها؟«. فكيف يكون الله صانع كل بلية، بينما يقول الرسول يعقوب في يعقوب 1:13 إن الله لا يجرّب أحداً بالشرور؟».

وللرد نقول: راجع تعليقنا على تثنية 32:4.






شبهات وهميَّة حول نبوَّة يونان


قال المعترض: »جاء في يونان 1:1 »وصار قول الرب إلى يونان بن أمِتّاي« فيكون أن ما جاء في سفر يونان مثلاً وليس حقيقة تاريخية«.

وللرد نقول: هناك براهين كثيرة على أن الحوادث المذكورة في سفر يونان هي حقائق تاريخية، منها:

(1) الذين ينكرون تاريخية أحداث سفر يونان هم الذين ينكرون المعجزات والوحي.

(2) أورد سفر 2ملوك 14:25 ذكر يونان بن أمتّاي كنبي تحققت نبواته. ومن المعروف أن سفر 2 ملوك سفر تاريخي، يورد حقائق تاريخية.

(3) قال المسيح: »كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال« (متى 12:40). وهذا القول نبوَّة من المسيح بموته وقيامته، وقد تحققت النبوَّة. ولا يمكن أن يقيس المسيح حقائق تاريخية عن موته وقيامته على حقائق غير تاريخية هي وجود يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال.

(4) أظهرت الحفريات الحديثة وجود قبر في شمال فلسطين هو قبر النبي يونان، كما وُجدت عملات معدنية قديمة تحمل رسم إنسان يخرج من فم حوت.

قال المعترض: »جاء في يونان 3:3 »أما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله، مسيرة ثلاثة أيام«. وهذه مبالغة، لأن الإنسان يسير ما بين 90 و120 كيلومتراً في ثلاثة أيام. ولم توجد مدينة في العالم القديم بلغ قُطرها ما بين 90 و120 كيلومتراً«.

وللرد نقول: لم يقُل سفر يونان إن قُطر نينوى كان مسيرة ثلاثة أيام، بل المعنى المقصود أنه قضى ثلاثة أيام يسير في مختلف أحيائها واعظاً ومنذراً. وتسند الآية الرابعة هذا الرأي، فهي تقول: »فابتدأ يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد، ونادى وقال: بعد أربعين يوماً تنقلب نينوى«.. كما أن التعبير »مسيرة ثلاثة أيام« يعني أن محيط دائرة المدينة 90 كيلومتراً، فيكون أن قطر دائرة المدينة نحو 28 كيلومتراً، وهذا يتناسب مع القول إن في نينوى أكثر من 120 ألف طفل لا يعرفون يمينهم من شمالهم، بالإضافة إلى البالغين (يونان 4:11).

قال المعترض: «جاء في يونان 3:4 إعلان يونان بخراب نينوى. ولكن الله ندم عن الشر الذي أعلنه على نينوى فلم يصنعه. وهذا يبرهن أن يونان كان نبياً كاذباً، بحسب ما جاء في التثنية 18:21 و22 والذي يقول إننا نعرف صدق النبي من تحقيق ما يعلنه، ونعرف كذبه من أن ما يقوله لا يحدث».

وللرد نقول: ما أعلنه يونان كان إنذاراً لنينوى الظالمة بالخراب، لأنها بعيدة عن الله. فكان الخراب مرتبطاً بالظلم. فلما تابت نينوى لم يعُد هناك داعٍ لإيقاع الخراب بها. صدق نبي الله يونان في إعلان الخراب، وصدقت رسالة الله التي جعلت الأشرار يتوبون ويرجعون عن شرّهم.

قال المعترض: »جاء في يونان 3:6 »بلغ الأمر ملك نينوى« مع أن لقب الملك هو »ملك أشور«.

وللرد نقول: كان معروفاً ومشهوراً في العالم القديم أن نينوى عاصمة مملكة أشور، وأن ملكها هو إمبراطور المملكة الأشورية. فالقول »ملك نينوى« يحمل معنى »ملك أشور«. وقد لُقِّب الملك أخآب في 1ملوك 21:1 أنه »ملك السامرة« مع أنه ملك مملكة إسرائيل التي كانت عاصمتها مدينة السامرة.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة ميخا

قال المعترض: »جاء في ميخا 3:4 »حينئذ يصرخون إلى الرب فلا يجيبهم، بل يستر وجهه عنهم في ذلك الوقت، كما أساءوا أعمالهم«. وهذا يناقض قول يعقوب 1:5 »فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيِّر«.

وللرد نقول: تتحدث الآيتان عن نوعين مختلفين من الناس، نوع أساء أعماله، ونوع أحسن أعماله. ولا يمنع الله بركاته عن التائبين المخلصين الذين يطلبون بإيمان غير مرتاب (يعقوب 1:6)، ولكنه يمنعها عن الذين يطلبون ردياً لينفقوا في لذّاتهم (يعقوب 4:3).. ثم أن وعود الله باستجابة الصلاة مشروطة بالطاعة والإيمان والفائدة القصوى لمن يطلب. كما أن الله لم يعِد أن يستجيب كل طلبة كما يطلبها صاحبها، فقد طلب الرسول بولس الشفاء من الله، فلم يشفِهِ، بل أعطاه نعمة تمكِّنه من احتمال المرض (2كورنثوس 12:9)، وهذه الأمور متروكة لمحبة الله وحكمته.

قال المعترض: «جاءت في ميخا 5:2 نبوَّة عن المسيح تقول: «الذي مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل». وتدل هذه الآية أن المسيح مخلوق بواسطة الله».

وللرد نقول: التعبير »مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل« لا يدل على أن الابن «وُلد« من الله في الأزل، لأن هذا مستحيل. ولو كان هذا هو المقصود، لكان قد قيل «مخرجه« بدلاً من «مخارجه» لأن »مخارجه« تدل على أن «الابن« قد خرج من أكثر من مصدر واحد، مع أن الله هو واحد (لو فرضنا أن الابن خرج منذ الأزل، كما يقول المعترض). فالمقصود هو التعبير عن النواحي المتعددة، التي كان ولا يزال يخرج منها الابن، أو بتعبير أدق، يبدو منها لإتمام مقاصد اللاهوت، وذلك بوصفه المعلِن له، والمنفِّذ لأفكاره ومقاصده. ومما يؤكد لنا صدق هذه الحقيقة أن كلمة «منذ« تدل دلالة قاطعة على أنه لا يُقصد بهذه الآية أن الابن خرج من عند الله في الأزل كعملٍ تمَّ وانتهى، بل تدل على أن مخارجه ««outlets أو ««goings forth أو ««outgoings كانت منذ الأزل ولا تزال إلى الوقت الحاضر. ولذلك فإن فعل هذه العبارة (المستتر في اللغة العربية لإمكانية معرفته، كما يُقال في قواعد هذه اللغة) موجود في اللغات الأجنبية في صيغة المضارع التام present perfect tense. فهو في اللغة الإنكليزية مثلاً have been وهذا الفعل يدل تماماً على ما تدل عليه كلمة «منذ« العربية، أي أنه يدل على أن مخارج الابن كانت منذ الأزل ولا تزال إلى الآن. ولذلك لا يمكن أن يكون الغرض من كلمة «مخارجه« هنا، سوى النواحي التي كان ولا يزال يبدو منها الابن، لتنفيذ مقاصد اللاهوت.

انظر تعليقنا على مزمور 2:7 ومتى 2:6.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة حبقوق

قال المعترض: »جاء في حبقوق 3:3 »الله جاء من تيمان«. أليس الله موجوداً في كل مكان؟ فكيف يقول إنه جاء؟«.

وللرد نقول: لا تتحدَّث الآية عن وجود الله، لكن عن إعلانه عن حضوره. فالمقصود أن الله أعلن عن ذاته بطريقة مخصوصة، كما ظهر لكليمه موسى على جبل سيناء (تثنية 33:2)، وكما ظهر الملاك لمنوح والد شمشون (قضاة 13).

قال المعترض: «جاء في حبقوق 3:3 «الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران. جلاله غطى السموات، والأرض امتلأت من تسبيحه». فمن هو «القدوس من جبل فاران؟».

وللرد نقول: (1) واضح أن الآية تتكلم عن الله الذي جاء من تيمان، والذي «جلاله غطى السموات، والأرض امتلأت من تسبيحه«. فالمقصود بالقدوس هو الله، الذي يرجع إليه الكلام في أول الآية وفي آخرها.

(2) يقع جبل فاران في شبه جزيرة سيناء (راجع التعليق على تثنية 33:2). وتيمان اسم لإقليم أدوم، وفيه مدينة قريبة من بترا. وجبل فاران على مسيرة أيام قليلة من أريحا نحو الجنوب. فجبل فاران وإقليم تيمان قريبان من أورشليم.

(3) جاء في التكوين 36:11 و19 تناسل تيمان من عيسو أصل الأدوميين، وهذا ما يوافق عليه المؤرخون وعلماء الجغرافيا، كما يوافق عليه الأنبياء الذين كتبوا عن هذه المدينة وهم إرميا (49:7 و20) وحزقيال (35:13) وعاموس (1:11 و12) وعوبديا (8-10). وقد تنبأ عنها عوبديا 8-10 بالويلات والدمار.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة حجي

اعتراض على حجي 1:2 - من أوقف العمل في بناء الهيكل؟

انظر تعليقنا على عزرا 4:23

اعتراض على حجي 1:15 - موعد بناء الهيكل

انظر تعليقنا على عزرا 3:8-13

قال المعترض: «ورد في حجي 2:7 «وأزلزل كل الأمم ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجداً. قال رب الجنود». فما هو المراد «بمشتهى كل الأمم«؟ أليس هو الشخص المحمود؟».

وللرد نقول: ليس كل ما يُتصرف من كلمة «حَمَد« يشير إلى شخص، فقد وردت الكلمة عينها «حمداه« في نبوَّة دانيال 11:37 بمعنى «شهوة النساء« وجاءت في حزقيال 24:16 «شهوة عينيك« إشارة إلى زوجة حزقيال. وعليه فلا دليل منطقي يترتَّب على كلمة يُشتَق منها ألفاظ ذات معانٍ مختلفة.

والمحتَمل أن معنى«مشتهى« إما أن يكون (1) الذهب والفضة المذكورة في عدد 8، أو (2) اختيار كل الأمم الذي يدعوه الرسول بولس «اختيار النعمة« (رومية 11:5) الذين منهم تألفت الكنيسة المسيحية، أو (3) المسيح نفسه الذي جاء إلى هيكله، ومن أورشليم أفاض على كل الأمم سلاماً بواسطة ذبيحة نفسه التي قدمها كفارة عن خطايا العالم (حجي 2:9 وملاخي 3:3 ومتى 12:6 و41 و42 ولوقا 24:36 ويوحنا 14:27 و16:33 و20:19 و21 و26).
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهميَّة حول نبوَّة زكريا

قال المعترض: «ما جاء في زكريا 11:12 و13 قال عنه البشير متى في أصحاح 27:9 إنه من كتابة إرميا. وهذا خطأ».

وللرد نقول: (1) كان بنو إسرائيل يقسمون العهد القديم إلى ثلاثة أقسام رئيسية: القسم الأول شريعة موسى ويسمونه «الشريعة». والقسم الثاني يسمونه «الأنبياء« وأوله نبوَّة إرميا. والقسم الثالث المزامير ويسمونه «المزامير». وهذا ما نجده في لوقا 24:44 في قول المسيح: «لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى، والأنبياء، والمزامير». ولما كانت نبوَّة زكريا ضمن كتاب «الأنبياء« الذي أوله إرميا، فقد نسب البشير متى نبوَّة زكريا إلى النبي إرميا، باعتبار أنها جزء منه.

(2) يشير البشير متى إلى نبوَّة تنبّأ بها النبيان إرميا وزكريا، فأوردها مشيراً إلى مصدر واحد هو إرميا. فقد اشترى إرميا حقلاً ومنه حقل الفخاري (إرميا 19 و32) ويذكر زكريا الثلاثين من الفضة وإلقاءها. وقد صار الوادي المذكور في إرميا مقبرة للغرباء كما قال البشير متى في أصحاح 27 من بشارته.



شبهات وهميَّة حول نبوَّة ملاخي

قال المعترض: «جاء في ملاخي 1:2 و3 «أحببت يعقوب وأبغضت عيسو، وجعلت جباله خراباً«. فهل يكره الله؟ ولماذا يحب يعقوب ويبغض أخاه عيسو؟«.

وللرد نقول: (1) ليس وجه العجب أن الله أبغض عيسو، بل أنه أحب يعقوب! إن ما يذهلنا هو محبة الله للخاطئ الذي لا يستحق إلا الهلاك والموت، ولكنه لا يستحق أية محبة. ومحبة الله للخاطئ هي من نعمته وحدها، بلا استحقاق في الخاطئ. لقد كان عيسو مستحقاً للعقوبة الإلهية، ولم يكن يعقوب مستحقاً للنعمة الإلهية.

(2) كلمة «أبغضت« في الكتاب المقدس لا تعني الكراهية كما نفهمها اليوم، بل المقصود بها «محبة أقل». فإذا تأملنا القرينة وجدنا البغضة والمحبة لا يختصان بشخص يعقوب وعيسو، بل بالبلاد التي سكنها نسلهما، فقد كان نصيب يعقوب أرضاً خصبة، ونصيب عيسو صحراء قاحلة. وإذا قرأنا تثنية 21:5 وجدنا محبة الله لسبط لاوي أكثر لأنه اختارهم ليخدموه. ولا يعني هذا بغضة (بمعنى كراهية) لسائر الأسباط، بل يعني محبة أكثر لسبط لاوي. وجاء في أمثال 13:24 «من يمنع عصاه يمقت ابنه، ومن أحبه يطلب له التأديب». وهذا يعني أن الأب المحب هو الذي يربي ولده، أما من «يحبه أقل« فهو الذي يترك له الحبل على الغارب!

(3) ندرك من العهد الجديد أن الله يحب الخاطئ، لكنه يكره أفعاله، فقد قال الله في رؤيا 2:6 إنه يكره أعمال النُّقولاويين، لكنه يحب النُّقُولاويين أنفسهم، ويريد توبتهم، »وهو لا يشاء أن يهلك أُناسٌ، بل أن يُقبِل الجميع إلى التوبة« (2بطرس 3:9).

قال المعترض: «جاء في ملاخي 3:1 «هأنذا أرسل ملاكي فيهيّئ الطريق أمامي« وفي متى 11:1 «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيّئ الطريق قدَّامك». وهذا يبرهن أن تلاعباً جرى في النص».

وللرد نقول: كلمة »أمامي« في العبرية هي «ليفاناي« وأمامك هي «لفنيخا« بفارق حرف الخاء. وهناك قراءة تقول «أمامي« في ملاخي وقراءة أخرى تقول «أمامك». والمعنى أن الرسول الذي سيسبق المسيح سيهيئ ويجهز الطريق أمامه، سواء كان المتكلم هو الله الآب (كما يقول متى) أو كان المسيح نفسه هو المتكلم (كما في ملاخي). وعدم تغيير هذا الحرف الواحد، يدل على أمانة النسّاخ، فلم يكن خافياً على ناسخ إنجيل متى ما جاء في نبوَّة ملاخي.

قال المعترض: «جاء في ملاخي 4:5 و6 «هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب العظيم والمخوف، فيردّ قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم». وقد أيّد متى 11:14 أن هذه نبوَّة عن يوحنا المعمدان. غير أن يوحنا المعمدان نفسه قال في يوحنا 1:21 إنه ليس النبي إيليا».

وللرد نقول: لم يكن يوحنا المعمدان هو النبي إيليا بنفسه، لكنه تقدم أمام المسيح «بروح إيليا وقوته« كما جاء في لوقا 1:17، وذلك ليرد قلوب الآباء والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً. فالمقصود في نبوَّة ملاخي رجلاً يشبه إيليا هو يوحنا المعمدان. ووجه الشبه بين إيليا ويوحنا هو الغيرة والشجاعة، وتوبيخ الخطاة والشرفاء والأدنياء، وهداية الضالين إلى سبل الحق. وهذا تفسير السيد المسيح، فقال عن يوحنا إنه إيليا، لأنه يحمل روحه وقوته ووظيفته. أما يوحنا فأنكر أنه إيليا حقيقة، وتواضعاً منه لم يقل إنه يحمل روح إيليا وقوته. فجاء مَدْح يوحنا من المسيح، ولم يمدح يوحنا نفسه.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
الجزء الثاني: العهد الجديد



الفصل الأول - شبهات وهميَّة حول الأناجيل الأربعة
شبهات وهمية حول إنجيل متى

قال المعترض: »كُتب إنجيل متى باللغة العبرانية، وفُقد بسبب تحريف الفرق المسيحية. والموجود الآن ترجمته، ولا نعلم اسم مترجمه«.

وللرد نقول: ليس هناك ما يعيب إنجيل متى لو أنه كُتب أولاً بالعبرية ثم تُرجم لليونانية، فالكتب المقدسة الموحى بها من الله لا تضيع معانيها ولا طلاوتها إذا تُرجمت إلى اللغات الأخرى. ولو سلّمنا جدلاً أن هذا الإنجيل كُتب باللغة العبرية لقلنا إن الرسول كتبه باللغة اليونانية أيضاً، فكان موجوداً باللغتين اليونانية والعبرية معاً.

والأغلب أن فكرة كتابة متى لإنجيله باللغة العبرية جاءت نتيجة ما اقتبسه المؤرخ يوسابيوس عن بابياس أسقف هيرابوليس سنة 116م قال: »كتب متى إنجيله باللغة العبرية، وكان إنجيل متى متداولاً بين الناس باللغة اليونانية«.

ولكننا نعتقد أنه كُتب باللغة اليونانية للأسباب التالية:

(1) لأنها اللغة المتداولة والمعروفة في عصر المسيح ورسله. ولما كانت غاية الله إعلان مشيئته، أوحى بها باللغة المتداولة. وقد كتب جميع الرسل الأناجيل والرسائل باللغة اليونانية.

(2) كان متى يعرف اليونانية، فقد شغل وظيفة عشار قبل اتِّباعه للمسيح، وما كان يمكن أن يؤدي واجبات وظيفته لدى الرومان بدون معرفتها.

(3) من يتتبَّع العبارات التي استشهد بها متى مِنْ كتب العهد القديم يجدها مأخوذة من الترجمة السبعينية (وهي الترجمة من العبرية إلى اليونانية)، وفيها اختلاف في اللفظ (لا في المعنى) عن الأصل العبري. فلو كان متّى كتَب أصلاً باللغة العبرية لَجاَءَت الآيات الواردة فيه كما جاءت حرفياً في التوراة العبرية.

(4) يوجد توافق في كثير من عبارات إنجيل متى وعبارات باقي الأناجيل. ولو جاء بغير هذه اللغة لما وُجد هذا التوافق.

(5) قال إيريناوس (سنة 178م) إن متى نشر إنجيلاً بين العبرانيين بلغتهم، مما يعني أنه زيادة على إنجيله باللغة اليونانية، نشره بالعبرية لفائدة الناطقين بها. وقال أوريجانوس (سنة 230م): »بلغني من التقاليد المأثورة عن الأربعة الأناجيل التي تتمسك بها كل الكنائس تحت السماء، أن الإنجيل الأول وحيٌ لمتّى الذي كان عشاراً وبعد ذلك صار رسولاً ليسوع المسيح، الذي نشره للمؤمنين في اليهودية بأحرف عبرية«. فهذه الشهادة تدل على أن إنجيله كان باللغة اليونانية لفائدة جميع المسيحيين، ثم نشره بالعبرية لفائدة اليهود.

قال المعترض: »لا يوجد سندٌ متَّصل لإنجيل متى«.

وللرد نقول: أشار برنابا (الذي كان رفيقاً لبولس) إلى إنجيل متى في رسالته سبع مرات، واستشهد به أغناطيوس سنة 107م في رسائله سبع مرات، فذكر حَبَل العذراء مريم، وظهور النجم الذي أعلن تجسُّد المسيح. وكان إغناطيوس معاصراً للرسل، وعاش بعد يوحنا الرسول نحو سبع سنين، فشهادته من أقوى البيانات على صحة إنجيل متى. واستشهد بوليكاربوس (تلميذ يوحنا الرسول) بهذا الإنجيل في رسالته خمس مرات، وكان هذا الإنجيل منتشراً في زمن بابياس (أسقف هيرابوليس) الذي شاهد يوحنا الرسول. كما شهد كثير من العلماء المسيحيين الذين نبغوا في القرن الأول بأن هذا الإنجيل هو لمتى، واستشهدوا بأقواله الإلهية.

وفي القرن الثاني ألّف تتيانوس كتاب »اتفاق الأناجيل الأربعة« وتكلم عنه هيجسيبوس (من علماء المسيحية النابغين في سنة 173م)، وكتب تاريخاً عن الكنيسة ذكر فيه ما فعله هيرودس حسب ما ورد في إنجيل متى، وكثيراً ما استشهد به جستن الشهيد (الذي نبغ في سنة 140م)، وذكر في مؤلفاته الآيات التي استشهد بها متى من نبوات إشعياء وميخا وإرميا. وقِسْ على ذلك مؤلفات إيريناوس وأثيناغورس وثاوفيلس الأنطاكي وأكليمندس الإسكندري الذي نبغ في سنة 164م وغيرهم.

وفي القرن الثالث تكلم عليه ترتليان وأمونيوس مؤلف »اتفاق البشيرين« ويوليوس وأوريجانوس واستشهدوا بأقواله.. وفي القرن الرابع اشتبه فستوس في نسبة هذا الإنجيل لمتَّى بسبب القول: »وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى إنساناً عند مكان الجباية اسمه متى، فقال له: اتبعني. فقام وتبعه« (متى 9:9). فقال فستوس: »كان يجب أن يكون الكلام بصيغة المتكلم«. ونسي أن هذه الطريقة كانت جارية عند القدماء. فموسى كان يتكلم عن نفسه بصيغة الغائب، وكذا المسيح ورسله، وزينوفون وقيصر ويوسيفوس في مؤلفاتهم، ولم يشكّ أحدٌ في أن هذه الكتب هي كتبهم. وفي القرن الرابع زاد هذا الإنجيل انتشاراً في أنحاء الدنيا.

قال المعترض: »قال نورتون إن الأصحاحين 1 و2 من إنجيل متى ليسا منه«

وللرد نقول: أنكر الذين لا يؤمنون أن المسيح وُلد من مريم العذراء بطريقة معجزية هذين الأصحاحين، لأنهما يشتملان على نسَب المسيح حسب الجسد، واتخاذه الجسد من مريم العذراء بطريقة معجزية. وإليك الأدلة التي تبرهن ارتباط الأصحاحين الأوَّلين من متى بباقي الإنجيل:

(1) يدل أول أصحاح 3 على أنه ليس بدء كلام، بل هو متصل بكلام سابق. كما أن متى استشهد في أصحاحي 1و 2 بالنبوات، وهو أسلوبه المعهود. فإذا قيل إن إنجيله خالٍ من نسَب المسيح كان ذلك نقصاً، لأنه كتب للمسيحيين من أصل يهودي، وكلام الله منزّه عن النقص.

(2) جاء أصحاحا 1 و2 في جميع النسخ القديمة بدون استثناء.

(3) تكلم علماء الدين الأقدمون عن هذين الأصحاحين، فتكلم أكليمندس الإسكندري (سنة 194م) عن نسَب المسيح المذكور في متى 1 ولوقا 3. واقتبس هيجسيبوس (سنة 173م) عبارة من يوسابيوس إن الإمبراطور دومتيان فتش عن ذرية داود، فأُحضر أمامه اثنان منهم. ثم قال المؤرخ: »لأنه (دومتيان) خاف من مجيء المسيح كما خاف هيرودس قبله«. وهذا ما جاء في متى 2. وذكر يوستين الشهيد (سنة 140م) كل الحوادث المذكورة في هذين الأصحاحين، بل ذكر ذات عبارات البشير. وقال إغناطيوس (سنة 107م) في رسالته إلى أهل أفسس: »وُلد المسيح بمعجزة من مريم العذراء«. وذكر ظهور النجم الذي دلَّ على مولده. ولا يخفى أن إغناطيوس تُوفي بعد البشير يوحنا بست سنين، فشهادته لها منزلة رفيعة عند العلماء. وهناك شهادات إيريناوس وباقي الآباء الذين أتوا بعد ذلك. كما أن هناك شهادات أعداء المسيحية، ومنهم الإمبراطور يوليان الذي كان في منتصف القرن الرابع، وبوقيري الذي كان في القرن الثالث. ومع أن مؤلفاتهم فُقدت، إلا أن أئمة الدين المسيحي ذكروا اعتراضاتهم في أثناء الرد عليها، وأشاروا إلى ميلاد المسيح كما هو مذكور في متى 1 و2، وبرهنوا صحة كل حادثة ذُكرت في هذين الأصحاحين.

 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
شبهات وهمية على سلسلة نسب المسيح

متى 1:1-17

قبل أن نورد سلسلة اعتراضات المعترضين على سلسلة نسب المسيح، نقدم الملاحظات العامة التالية:

أولاً: انظر تعليقنا على لوقا 3:23-38

(1) كان اليهود مولعين بسلسلة أنسابهم ولعاً كبيراً، ليثبتوا أنهم من شعب الله المختار، فيكون لهم الحق في وراثة الأرض. وكان لا بد للكاهن أن يبرهن أنه من سبط لاوي قبل أن يتولى وظيفة الكهنوت. وبلغ من شدة تدقيقهم أنهم احتفظوا بسلسلة كاملة مكتوبة لأنسابهم، ورفضوا كل من لم يجدوا اسمه مكتوباً فيها (عزرا 2:62). ومن هذا يتضح أنه لو كان هناك أي خطأ في سلسلة نسب المسيح كما ذكرها متى ولوقا، لهاجمها اليهود منذ القرن المسيحي الأول، لأن المسيحيين لم يكتفوا بأن ينسبوا للمسيح كهنوتاً، ولا منحوه أرضاً، لكنهم قالوا إنه المسيح مخلِّص العالم المنتظَر. ولو كان هناك أي خطأ في سلسلة نسب المسيح لهبَّ اليهود لكشفه فوراً. وهذه النقطة من أقوى البراهين على أن سلسلة نسب المسيح في متى ولوقا، كما هي عندنا، صحيحة تماماً. فالصَّمت عن المهاجمة دليل الصحّة.

(2) هناك حقيقة تحيّر القارئ اليوم، ولكنها كانت عادية للغاية عند اليهود، وهي أن الشخص الواحد كان يمكن أن يحمل اسم أبوين، وينتمي إلى سبطين، أحدهما بالميلاد الطبيعي، والثاني بالمصاهرة. فقد كان اليهود أحياناً ينسبون الرجل لوالد زوجته. ونجد هذا في أماكن كثيرة في العهد القديم، فيقول: »ومن بني الكهنة، بنو حبايا، بنو هقّوص، بنو برزلاي الذي أخذ امرأة من بنات برزلاّي الجلعادي، وتسمَّى باسمهم« (عزرا 2:61 قارن نحميا 7:63). وحدث الأمر نفسه مع يائير بن حصرون الذي تزوج من ابنة ماكير أحد رؤساء منسّى، فسمُّوه يائير بن منسّى (1أخبار 2:21 و22 و7:14 قارن العدد 32:40). وقارئ اليوم يتحيَّر في ذلك، ولكن قارئ التوراة من اليهود لم يكن يجد في ذلك ما يحيّر، لأنه يعرف عادات قومه. وعلى المعترض اليوم أن يدرس ويتروَّى قبل أن يهاجم ويعترض.

(3) رجع البشير متى بتسلسل المسيح إلى يوسف بن يعقوب، وقسم سلسلة النسب إلى ثلاثة أقسام، يحتوي كل قسم منها على 14 اسماً. والأقسام الثلاثة هي للآباء، ثم الملوك، ثم نسل الملوك. واعتبر البشير متى أن داود واحد من الآباء، كما اعتبره واحداً من الملوك. ونسَبَ متى المسيح إلى إبراهيم، لأنه كتب إنجيله لليهود.

أما البشير لوقا فقد رجع بتسلسل المسيح إلى العذراء مريم، وقال إن يوسف هو ابن هالي، والد مريم (لوقا 3:23). فأطلق على يوسف اسم والد زوجته. ونسَبَ لوقا المسيح إلى آدم، فالله. وقال لوقا إن المسيح على »ما كان يُظنّ« ابن يوسف خطيب مريم العذراء.

(4) لم تكن هناك مشكلة بالمرة للمؤرخ اليهودي أن يُسقط بعض الأسماء من سلسلة النسب، دون أن يمسّ الإغفال تسلسُل النسَب. لذلك أسقط متى أسماء ثلاثة ملوك من سلسلة نسبه، بين يورام وعزيا، هم أخزيا ويوآش وأمصيا، وهكذا فعل عزرا في سفره (عزرا 7:1-5). .

(5) سلسلة النسَب كما نراها في متى ولوقا تخدم الهدف الذي لأجله كُتب الإنجيلان، فهي ترينا أن المسيح هو نسل المرأة، الموعود به في تكوين 3:15، وهو يحوي أسماء: ثامار الفلسطينية، وراحاب الأمورية، وراعوث الموآبية، ومريم العذراء اليهودية. فالمسيح »ابن الإنسان« و»نسل المرأة« ينتمي للبشر جميعاً، وهو مخلّص الجميع. ومن جدود المسيح ملوكٌ ورعاة غنم وساكنو خيام، فهو »ابن آدم« الذي يريد الجميع يخلُصون وإلى معرفة الحق يُقبِلون.

قال المعترض: »ورد في متى 1:11 »ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل«. في هذه الآية ثلاث مشاكل: (1) لم يكن يوشيا أب يكنيا، بل كان جدّه (كما في 1أخبار 3:15 و16) وأولاد يوشيا هم يوحنان ويهوياقيم وصدقيا وشلوم، وابنا يهوياقيم يكنيا وصدقيا. (2) لم يكن ليكنيا إخوة، أو بالحري لم تُذكر له إخوة. (3) مات يوشيا قبل سبي بابل بعشرين سنة، فلا يمكن أن يكون يكنيا وإخوته قد وُلدوا عند سبي بابل«.

وللرد نقول: تزول كل هذه المشاكل بالقراءة التي وُجدت في نُسخ كثيرة بخط اليد، وهي قراءة باللغة اليونانية تقول: »ويوشيا ولد يهوياقيم (أو يواقيم). ويواقيم ولد يكنيا (انظر قراءات كريسباغ)، فإن يوشيا كان أبا يهوياقيم (الذي يُسمَّى أيضاً ألياقيم ويواقيم). وإخوته يوحانان وصدقيا وشلوم (1أخبار 3:15). ويواقيم كان أبا يكنيا عند سبي بابل الأول، لأن بني إسرائيل سُبُوا ثلاث مرات إلى بابل: أول سبي في السنة الرابعة من حكم يواقيم بن يوشيا في سنة 589 ق.م عندما استولى نبوخذنصر على أورشليم وسبى كثيرين وأتى بهم إلى بابل. وحدث السبي الثاني في عهد يكنيا بن يواقيم، فانه بعد أن حكم ثلاثة أشهر سُبي سنة 579 وحُمل إلى بابل مع كثير من وجهاء إسرائيل. وحدث السبي الثالث في حكم صدقيا سنة 586 ق.م. ولهذا يجب قراءة الآية 11 هكذا: »يوشيا ولد يواقيم وإخوته، ويواقيم ولد يكنيا عند سبي بابل الأول، ويكنيا ولد شألتئيل بعد سبي بابل«. والقرينة الدالة على صحة القراءة المتقدمة المذكورة قول متى »14 جيلاً«. فإنه لا يصح أن يذكر 41 جيلاً ويقول إنها 42. وهاك جدولاً ببيان الأربعة عشر جيلاً أو الاثنين والأربعين جيلاً :

1 إبراهيم 1 سليمان 1 يكنيا

2 إسحاق 2 رحبعام 2 شألتئيل

3 يعقوب 3 أبيا 3 زربابل

4 يهوذا 4 آسا 4 أبيهود

5 فارص 5 يهوشافاط 5 ألياقيم

6 حصرون 6 يورام 6 عازور

7 أرام 7 عزيا 7 صادوق

8 عميناداب 8 يوثام 8 أخيم

9 نحشون 9 آحاز 9 ألود

10 سلمون 10 حزقيا 10 أليعازر

11 بوعز 11 منسى 11 متّان

12 عوبيد 12 أمون 12 يعقوب

13 يسى 13 يوشيا 13 يوسف

14 داود 14 يواقيم 14 يسوع

ولعل القارئ الكريم يرى أن استشكال المعنى على المعترض سببه التقديم والتأخير.

ويمكن أن نقول إن البشير متى حذف يهوياقيم لأنه كان آلة في يد ملك مصر (كما في 2أخبار 36:4) ولأنه مثل يوآش لم يُدفَن في قبور الملوك بل سُحِب كحمار وطُرح بعيداً عن أسوار أورشليم (إرميا 22:19 و36:30). ويجوز أن نقول إن يوشيا ولد يكنيا لأنه جدُّه.

قال المعترض: »الزمان من يهوذا إلى سلمون قريب من 300 سنة، ومن سلمون إلى داود 400 سنة. وكتب متى في الزمان الأول سبعة أجيال، وفي الزمان الثاني خمسة أجيال. وهذا غلط بداهة، لأن أعمار الذين كانوا في الزمان الأول كانت أطول من أعمار الذين كانوا في الزمان الثاني«.

وللرد نقول: تواريخ الدول والأمم تكذِّب دعوى المعترض، فقد وضع قانوناً يخالف الحقيقة والواقع، وعليه أن يعرف أن أعمار الناس بعد الطوفان هي مثل أعمارهم الآن، بل ربما كانت أعمارهم الآن أطول بالنسبة إلى تقدم العلوم الطبية.

قال المعترض: »الأجيال في القسم الثاني من الأقسام الثلاثة التي ذكرها متى هي 18 لا 14 ، كما يظهر من 1أخبار 3. وورد في متى 1:8 أن يورام ولد عزيا، فإن عزيا ليس ابن يورام، ولكنه ابن أخزيا بن يوآش بن أمصيا، والثلاثة كانوا من الملوك المشهورين وأحوالهم مذكورة في 2ملوك 8 و12 و14، 2أخبار 22 و24 و25، ولا سبب لإسقاط هذه الأجيال سوى الخطأ«.

وللرد نقول: (1) يجوز أن البشير اختصر في الأنساب لتكون أعلق بالأذهان، كما أسقط عزرا الكاتب ستة أجيال وهو يسرد نسَب نفسه ليبرهن على أنه من نسل هارون (عزرا 7:1-5 بالمقارنة مع 1أخبار 6:3-15)، لأنه قصد أن يختصر ويسرع في الوصول إلى المطلوب.

(2) يجوز أنه لم يذكرهم لأن يوآش كان شريراً ولم يُدفن في قبور الملوك (2أخبار 24:25)، ومات الاثنان الآخران مقتولين. هذا مع ملاحظة خطية جدّهم يورام لأنه أنجبهم من عائلة أخآب الوثنية.

ويتضح من كل ما تقدم أن حذف أسماء الملوك الثلاثة يتناسب مع قداسة الله وحكمته الفائقة. فعلينا أن نبحث في الأشياء التي نجهلها بالتواضع، ولا نتكبر ونكذّب الوحي الإلهي، ونسدّ آذاننا عن سماع الحق.

قال المعترض: »ورد في متى 1:12 أن زربابل ابن شألتئيل. فهذا خطأ، لأنه ابن فدايا، وابن أخ شألتئيل، كما جاء في 1أخبار 3:17 و19«.

وللرد نقول: ورد في عزرا 3:2 و5:2 ونحميا 12:1 وحجي 1:1 أن زربابل هو ابن شألتئيل. وكذلك قال يوسيفوس. ولا تناقض بين هذا وما جاء في 1أخبار 3:19 من أن زربابل هو ابن فدايا لأن اليهود كانوا ينسبون الحفيد إلى جدّه، كما ورد في تكوين 29:25 أن لابان هو ابن ناحور، مع أنه ابن بتوئيل بن ناحور (تكوين 24:47).

فإذا فُهم من 1أخبار 3:17 و19 أن شألتئيل وفدايا أخوان، فيكون زربابل حسب الشريعة اللاوية ابن أحدهما الطبيعي، وابن الآخر بالمصاهرة، حسب العادات اليهودية.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
قال المعترض: »ورد في متى 1:13 أن أبيهود ابن زربابل، وهو خطأ لأن زربابل كان له خمسة بنين كما في 1أخبار 3:19 ، وليس فيهم أحد يحمل هذا الاسم«.

وللرد نقول: يجوز أن أبيهود كان يحمل أكثر من اسم، لأن اليهود، مثلهم مثل العرب، كانوا يسمّون الشخص بأكثر من اسم. وقد انتشرت هذه العادة بين اليهود بصورة أكبر وقت السبي، بدليل ما ورد في دانيال 1:6 و7. (قارن بين 2صموئيل 3:3 و1أخبار 3:1). وذكر البشير متى النسب من زربابل إلى المسيح من الجداول المحفوظة عند اليهود.

وقد كان اليهود حريصين على حفظ جداول أنسابهم بالدقة الكبرى لأن مصلحتهم كانت تستلزم ذلك. وكانت السجلات محفوظة في أورشليم. وكان الكهنة بعد كل حرب يجدّدون جداول أنسابهم ليحققوا مَن مِن نساء الكهنة سُبيت، ومَن منهنَّ لا تليق أن تكون زوجة للكاهن. وقال يوسيفوس إنه كانت توجد جداول بأنساب اليهود مدة ألفي سنة وحُفظت إلى أن أُخربت مدينة أورشليم، وكان بعض الأمراء في السبي يذكرون أن نسَبهم يتصل إلى داود، وكان البعض يبرهنون على أن نسَبهم يتصل بصموئيل النبي. ويرجع حرص اليهود على حفظ أنسابهم لتباهيهم بأصلهم، وحفظاً لحقوقهم في تقسيم الأراضي، وللمحافظة على وظائفهم. قال يوسيفوس في أوائل تاريخه إنه وجد نسبه في السجلات العمومية المحفوظة عند الأمة اليهودية، فكم بالحري يكون حرص اليهود على المحافظة على السجلات العمومية بحفظ أنساب ملوكهم، وقد كان المسيح من نسل الملوك. فلو خالف البشير متى سجلات اليهود عن ملوكهم لتعرَّضوا له بالرد، ولكن لم يعترض أحد عليه لأنه ذكر الحقائق.

قال المعترض: »جاء في متى 1:16 »يعقوب ولد يوسف رجل مريم، التي وُلد منها يسوع الذي يُدعى المسيح«. ويطلق اسم المسيح على كل حاكم يهودي، صالحاً كان أو فاجراً. ورد في مزمور 18:50 »الصانع رحمةً لمسيحه، لداود ونسله إلى الأبد«. وأطلق مزمور 132:10 لفظة المسيح على داود، وهو من الأنبياء والملوك الصالحين. وورد في 1صموئيل 24:6 قول داود في حق شاول: »حاشا لي من قِبَل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب، فأمدّ يدي إليه، لأنه مسيح الرب هو« وكذلك ورد في 1صموئيل 24:10 وفي 1صموئيل 26 وفي 2صموئيل 1:14. وأُطلقت كلمة »مسيح« في إشعياء 45:1 على الملوك والوثنيين »هكذا يقول الرب لمسيحه« الذي هو كورش الذي أعاد اليهود لبلادهم بعد السبي«.

وللرد نقول: كلمة »المسيح« هي فعيل بمعنى مفعول، يعني ممسوح. وكان الإسرائيليون يمسحون أنبياءهم لتكريسهم وتخصيصهم لعملهم الذي هو دعوة الناس إلى الحق (1ملوك 19:16) فكانوا يُسمُّون مسحاء (1أخبار 16:22 ومزمور 105:15).. وكانوا يمسحون الكهنة من أولاد هارون، بل هارون ذاته (خروج 40:15 وعدد 3:3) ثم اقتصروا على مسح رؤساء الكهنة (خروج 29:29 ولاويين 16:32).. وكانوا يمسحون الملوك لأنهم أولياء الأمور، والملك هو خليفة الله في أرضه، ويُفترض فيه أن يكون صالحاً وعادلاً، لكنه ككل البشر، قد يكون صالحاً وقد يكون شريراً (1صموئيل 9:16 و10:1 و1ملوك 1:34 و39) وقد مُسح داود ملكاً ثلاث مرات، وسُمي كورش الفارسي »مسيح الرب« لأنه أعاد اليهود من السبي.. وكانت أواني الهيكل تُمسح بزيت لتكريسها لخدمة الله (خروج 30:26-28). ومَسَح يعقوب العمود في بيت إيل (تكوين 31:13).

فمن هنا يتضح جواز إطلاق »مسيح الرب« على الملك، لأن الكتاب المقدس يعلّمنا أن تخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله، حتى أن من يقاوم الملك يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة (انظر رومية 13:1-8).

وقد سُمِّي يسوع بالمسيح لأنه مُسح بالروح القدس (لوقا 4:18 ويوحنا 1:32 و33 وأعمال 4:27 و10:38)، وهو في هذا يتشابه في اللقب مع غيره. غير أنه سُمِّي بالمسيا الموعود به، وهو لقب لا يشاركه فيه أحد من المخلوقات. وللتوضيح نقول إن ألقاب »عظيم وعادل وعالِم« تُطلَق على الله، ويجوز إطلاقها على من اتّصف بصفة العظمة والعدالة والعلِم من المخلوقات. ولكن متى أُطلقت على الله كان لها معنى آخر. فكذلك لقب »المسيح« يجوز إطلاقه على الأنبياء والكهنة والملوك والقضاة، لأنهم مُسحوا بالزيت علامة تكريسهم للخدمة. ولكن متى أُطلقت على المسيح أفادت معنى آخر، هو أنه الكلمة الأزلي الذي تجسَّد ومُسح بالروح القدس، وعمل المعجزات الباهرة، وتألم وصُلب وقُبر، وقام، وصعد إلى السماء. ولا يصحّ إطلاق »المسيح« بهذا المعنى على غيره، لأنه خاص به وحده. واليوم عندما نسمع هذا اللقب ينصرف الذهن إلى هذا الشخص العظيم وحده.

قال المعترض: »ورد في متى 1:17 »فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود 14 جيلاً. ومن سبي بابل إلى المسيح 14 جيلاً«. ويُعلم منها أن بيان نسب المسيح يشتمل على ثلاثة أقسام، كل قسم منها يشتمل على 14 جيلاً، وهو غلط، لأن القسم الأول ينتهي بداود، وإذا كان داود داخلاً في هذا القسم يكون خارجاً من القسم الثاني، ويبدأ القسم الثالث من سليمان، وينتهي بيكنيا. وإذا دخل يكنيا في هذا القسم الثالث كان خارجاً من القسم الثالث. ويبدأ القسم الثالث من شألتئيل وينتهي بالمسيح، وفي هذا القسم لا يوجد إلا 13 جيلاً«.

وللرد نقول: نرجو أن يراجع القارئ تعليقنا على متى 1:11.

قال المعترض: »جاء في متى 1:19 أن يوسف أراد تخلية مريم سراً بسبب حبَلها، حتى كلَّمه الملاك في متى 1:20 مع أن الملاك كان قد أعلن لمريم قبل ذلك أنها ستحبل (لوقا 1:26 و27). فيكون أن هذين النصَّين متناقضان«.

وللرد نقول: النصَّان صحيحان. ظهر الملاك لمريم، ثم ظهر ليوسف. ولم تكن مريم قد أخبرت يوسف بإعلان الملاك لها، لأنها كانت تعلم أن كلماتها وحدها لن تقنع يوسف بأن حَبَلها هو من الروح القدس. ثم أنها كانت تعرف أنها بريئة، وأن الله قد شرَّفها أن تكون أم المخلّص. فلتنتظر حتى تعلن السماء براءتها ليوسف ولغيره.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
المعترض: »ورد في متى 1:22 و23 »وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويدعون اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا«. وهو مُقتَبس من إشعياء 7:14» يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابناً، وتدعو اسمه عمانوئيل«. ويقول علماء اليهود إن المقصود هنا هو النبي إشعياء.. وكلمة »العذراء« التي ترجمها متَّى هي في الأصل العبري »عَلْماه« مؤنث علم، ومعناها »المرأة الشابة، سواء كانت عذراء أو كانت غير عذراء«. وجاءت في سفر الأمثال 30 بمعنى »المرأة الشابة التي تزوجت«. فيكون تفسير متَّى وترجمته لكلمة »علماه« خطأ«.

وللرد نقول: لما كان اليهود غير مؤمنين بأن يسوع ابن مريم هو المسيح المخلِّص الآتي، كلمة الله الأزلي المتجسِّد، حاولوا تفسير نبوَّة إشعياء وغيرها من النبوات لكي لا تصدق عليه، رغم وضوحها.

والادعاء بأن المسيح لم يولد من عذراء يقدِّمه اليهودي، أو الكافر، لأنهما لا يعترفان بولادة المسيح من عذراء. أما من يعتقدون بولادة المسيح من عذراء فيرفضون كلام المعترض. والحقيقة هي أن كلمة »علماه« تعني الشابة المتزوجة حديثاً وتعني أيضاً العذراء التي لم تتزوج. ويقول النص إن الله يعطي شعبه آية هي أن »علماه« تحبل. ولا آية في أن تحبل شابة متزوجة حديثاً، لكن الآية هي أن العذراء تحبل! وهذه هو المقصود من نبوَّة إشعياء.

قال المعترض: »لم يطلق يوسف ومريم على المسيح اسم عمانوئيل، بل سمياه يسوع. وهذا بخلاف قول متى في 1:22 و23. وكان الملاك قد قال ليوسف في الرؤيا: »وتدعو اسمه يسوع« وقال الملاك للعذراء: »ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع«. ولم يدّع المسيح في أي وقت أن اسمه »عمانوئيل«..

وللرد نقول: معنى الاسم عمانوئيل »الله معنا«. وقال متى البشير، بوحي الروح القدس، إن المراد به هو المسيح، وهو لا شك يدل عليه دلالة المطابقة، لأن اللفظ موافق للمعنى، فقد اتَّخذ الكلمة الأزلي طبيعتنا وصار إنساناً. »في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله ... والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده، مجداً كما لوحيدٍ من الآب، مملوءاً نعمة وحقاً« (يوحنا 1:1 و14). قال الرسول (1تيموثاوس 3:16): »عظيم هو سرّ التقوى: الله ظهر في الجسد«. وقد أعلن المسيح هذا في جميع تعاليمه، فقال في يوحنا 5:17-24 إنه معادل لله في أعماله وقوته وقدرته وذاته، وأوضح أزليته في يوحنا 8:25، وقال إن الآب فيه وهو في الآب (يوحنا 10:38). فالكلمة الأزلي، المسيح، اتخذ الجسد. وبعبارة أخرى إنه »عمانوئيل« أي »الله معنا«.

وقد تنبأ النبي إشعياء بهذه النبوَّة قبل مولد المسيح بنحو 740 سنة. وتوجد نبوات تختص بالمسيح حرفياً، كما توجد حوادث كثيرة تنبئ عن شخصه وعن عمله. فلما سرد متى تاريخ المسيح ذكر تتميم النبوات التي وردت عنه، فذكر أولاً نسبه الشرعي من داود وإبراهيم، ثم ذكر أنه كان لا بد أن يولد من عذراء حسب نبوَّة إشعياء، وفي بيت لحم اليهودية حسب نبوَّة ميخا. ثم استشهد بنبوَّة إرميا القائلة إن راحيل تبكي على أولادها في الرامة، وإنه سيُدعى من مصر حسب نبوَّة هوشع، ويسكن في الناصرة ليتم ما قيل إنه سيُدعى ناصرياً. ولقد أصاب البشير في تطبيق هذه النبوات على المسيح، فإن الروح القدس الذي أوحى بها في العهد القديم، هو الذي أوحى بتفسيرها في العهد الجديد.

قال المعترض: »الذي يقارن متى 2 بلوقا 2 يجد اختلافاً: إذ يقول متى إن أبوي المسيح بعد ولادته كانا يقيمان في بيت لحم، ويُفهم أن هذه الإقامة كانت لمدة تقرب من سنتين، ثم ذهبا إلى مصر وأقاما فيها إلى موت هيرودس، ثم ذهبا وأقاما في الناصرة. ويقول لوقا إن أبوي المسيح ذهبا إلى أورشليم بعد تمام مدة نفاس مريم، ولما قدَّما الذبيحة رجعا إلي الناصرة وأقاما فيها، وكانا يذهبان منها إلى أورشليم في أيام العيد. ولما كان عمر المسيح 12 سنة أقام ثلاثة أيام في أورشليم بدون إطلاع أبويه. وعليه فلا سبيل لمجيء المجوس إلى بيت لحم. ولو أنهم جاءوا فسيجيئون للناصرة. وكذا لا سبيل إلى سفر أبويه إلى مصر، لأن يوسف لم يسافر من أرض اليهودية إلى مصر ولا إلى غيرها«.

وللرد نقول: (1) التناقض هو اختلاف قضيتين، بحيث يقتضي صدق إحداهما كذب الأخرى، كقولنا »زيد إنسان« ثم قولنا »زيد ليس إنساناً«. أما ما ذكره المعترض فلا اختلاف ولا تناقض بين قول البشيرين متى ولوقا. فعدم ذِكْر لوقا سَفَر يوسف إلى مصر لا يدل على أنه لم يسافر إليها. غاية الأمر أنه اقتصر على ذكر شيء دون آخر. ويتحقق التناقض إذا قال أحد البشيرين إن المسيح سافر إلى مصر وقال الآخر إنه لم يسافر إليها. ولو اتفق البشيران في الكليات والجزئيات لاتّهمهما الملحدون بالتواطؤ، ولكن تنوُّع طريقة كل واحد في التعبير عن الحوادث التي شاهدها تدل على صدقهم.

وإليك ترتيب حوادث ولادة المسيح: (أ) سفر يوسف ومريم من الناصرة إلى بيت لحم، (ب) ولادة يسوع، (ج) تقديمه في الهيكل، (د) زيارة المجوس، (هـ) الهروب إلى مصر، (و) ثم عودتهم إلى الناصرة وإقامتهم فيها.

(2) لو كان الكاتب واحداً وحصل منه اختلاف في سرد القصة بتقديم أو تأخير أو حذف أو زيادة، لكان يُؤاخذ على عمله، ونتَّهمه بالتحريف والتناقض. وكتاب الله منزّه عن ذلك. أما ونحن نقرأ ذات القصة يرويها متى ولوقا، فإننا نتوقع أن نجدها كما جاءت في الإنجيل. وهذا دليل صدقها. فالذي يطالع متى 2 ولوقا 2 يرى الفحوى واحداً. فإذا رأى اثنان من الأنبياء شيئاً واحداً، لابد أن يحدث تنوّع في طرق التعبير. كما أنه إذا ذكر مؤرخان أو أكثر بعض الوقائع أو الحوادث حصل تنوُّع من نقص أو زيادة، أو تقديم أو تأخير أو إسهاب أو إيجاز. والذي نعتقده أن الله ألهم الرسل تدوين أقوال المسيح وأعماله وعصمهم عن الخطأ، وكان الواحد منهم بمنزلة قلم في يد الروح القدس، ولو أن الروح القدس لم يبتلع شخصيتهما.

قال المعترض: »يُعلم من كلام متى أن سكان أورشليم وهيرودس لم يعرفوا بولادة المسيح قبل مجيء المجوس. ويُعلم من كلام لوقا أنه لما ذهب والدا المسيح إلى أورشليم بعد التطهير لتقديم الذبيحة، أُوحي إلى الرجل التقي سمعان أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب، فأتى مقوداً بالروح القدس إلى الهيكل وحمل الصبي وقال: »أطلِق عبدك بسلام لأن عينيّ أبصرتا خلاصك، نور إعلان للأمم ومجداً لشعبك إسرائيل«. وحنة النبية التقية وقفت تسبِّح الرب وتكلمت مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم. فلو كان هيرودس وسكان أورشليم معاندين للمسيح لما أخبر سمعان وحنة النبية بهذا الخبر«.

وللرد نقول: قال متى إنه لما أتى المجوس إلى أورشليم استفهموا عن ملك اليهود الذي وُلد حديثاً، فلما سمع هيرودس اضطرب وجميع أورشليم معه، وهو أمر طبيعي لأنه خاف على ضياع ملكه. فقول المعترض إنه لا يصح أن يكون هو ورجال دولته وأعيان مملكته معاندين هو خلاف المعهود في طباع البشر. فلا عجب إذا فزع لأنه ظن أن المسيح أتى ليأخذ مملكته. وأما النبي التقي سمعان فقد أوحى إليه الله عن ميلاد المسيح، وكذلك أوحى لحنَّة النبية. ولم يذكر
الإنجيل أن حنة أشاعت هذا الخبر، بل قال إنها وقفت تسبِّح الله، وتكلَّمت مع الأتقياء المنتظرين فداءً في أورشليم. وهو لا يستلزم أن الملك سمع بهذا الخبر.
 

ميرنا

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
15 أكتوبر 2005
المشاركات
22,034
مستوى التفاعل
562
النقاط
0
الإقامة
عند اقدامك اجثوا
فإذا قصد المعترض أن الله أوحى إلى الملك وجميع أورشليم كذلك، لزم أن يكون جميع الناس أنبياء، وهو غير معقول. ولو سلّمنا له بأن خبر افتقاد الله لشعبه شاع في الهيكل، فلا يلزم من هذا أن الملك ورجال دولته كانوا عارفين به. ولو عرفوا به لما التفتوا إليه، لأنه كان أمراً دينياً لا يهم أرباب السياسة. ولكن لما أتى المجوس وقالوا إنه وُلد ملك، اضطرب هيرودس وجزع.

قال المعترض: »وردت في متى 2:1-10 قصة مجيء المجوس إلى أورشليم يرشدهم نجم المسيح في المشرق، حتى جاء ووقف فوق الصبي. وهذا غلط، لأن حركات السبع السيارة، وكذا الحركة الصادقة لبعض ذوات الأذناب هي من المغرب إلى المشرق، فعلى هاتين الصورتين يظهر كذبها، لأن بيت لحم تقع جنوب أورشليم. نعم إن دائرة حركة بعض ذوات الأذناب تميل من الشمال إلى الجنوب ميلاً ما، لكن هذه الحركة أبطأ من حركة الأرض، فلا يمكن أن تُحَسَّ إلا بعد مدة، وفي المسافة القليلة لا تحس بالقدر المعتدّ به، بل مَشْي الإنسان يكون أسرع كثيراً من حركته. فلا مجال لهذا الاحتمال. ولأنه خلاف علم الضوء أن يرى وقوف الكوكب أولاً ثم يقف المتحرك، بل يقف المتحرك أولا ثم يُرى وقوفه«.

وللرد نقول: بما أن الإنجيل قال إن المجوس جاءوا من المشرق، فلا تكون أورشليم شمالهم ولا جنوبهم.

ثم أن هؤلاء المجوس كانوا حكماء يرصدون النجوم والكواكب، وكان اليهود يعتقدون بوجود أنبياء في مملكة سبا، من ذرية إبراهيم من زوجته قطورة، وقيل إن أصلهم من اليهود، وقيل غير ذلك. وقد كان بلعام من جبال المشرق (عدد 22:5 و23:7). فظهور أمثال المجوس من المشرق ليس بأمر غريب، وقد أقام الله كورش وأثنى عليه (إشعياء 41:2 و46:11).

أما قوله »نجمه« فليس معناه الكواكب السيارة كما توهَّم المعترض، بل هي حادثة جوية ذات أنوار ساطعة. فإذا ثبت أن المجوس كانوا من اليهود المغتربين في الشتات، فلابد أنهم عرفوا بعض النبوات المختصة بالمسيح، ولا بدّ أنهم اعتقدوا أن هذا الحادث الفلكي هو الكوكب الذي ذكره بلعام في سفر العدد 24:17. وإذا كانوا من غير اليهود، فلا بدّ أنهم عرفوا من اليهود وقت الشتات، شيئاً عن الفادي المنتظر، فإن اليهود كانوا يعرفون قرب مجيء المسيح (دانيال 9:25-27) وكانوا يعتقدون أنه سيجيء ملكاً ينقذهم من عبودية الرومان. فلا عجب إذا انتشر هذا في كثير من الممالك، ولا سيما أن كثيرين من اليهود كانوا ساكنين في مصر وروما واليونان، وتوجّه كثير منهم إلى بلاد الشرق، وكانوا يحملون كتبهم المقدسة معهم حيثما توجَّهوا. وقال سويتون (أحد مؤرخي روما): »كان من المقرر في أذهان سكان الشرق أنه لابدّ من ظهور واحد من اليهودية تكون مملكته عمومية، وأن ذلك كان قَدَراً مقضياً به«. وقال تاسيتوس (وهو من مؤرخي روما أيضاً): »وكان كثيرون يعتقدون أنه ورد في كتب كهنتهم القديمة أنه سينتصر الشرق، ويخرج واحد من اليهودية ويملك الدنيا«. وذكر يوسيفوس وفيلو (وهما من مؤرخي اليهود) أن الناس كانوا ينتظرون مجيء منقذ عظيم وملك كريم. وذُكر في كتب الفرس عن زرادشت أنه سيأتي ثلاثة منقذين، اثنان من الأنبياء، أما الثالث وهو زفس، فهو أعظم من الاثنين، ويهزم أهريمان، ويقيم الموتى. فلذلك أتى المجوس إلى أورشليم، وبالاستفهام من أئمة الدين استدلوا أنه يولد في بيت لحم اليهودية، فتوجَّهوا إليها وقدموا له الهدايا التي لا تليق إلا بالملوك (تكوين 43:11 ومزمور 72:15 و 1ملوك 10:2 و11).

وقال الفلكي كبلر إنه في ذلك الوقت حصل اقتران بين المشترى وزُحل، وحصلت حادثة فلكية. ثم أيَّد ذلك العلامة أدلر من علماء برلين. وقد كشفت الدراسات الفلكية الحديثة خطأ المعترض.

قال المعترض: »متى 2:6 تخالف ميخا 5:2. تقول آية إنجيل متى إن رؤساء اليهود قالوا إن المسيح يولد في بيت لحم اليهودية، واستشهدوا بأقوال النبوَّة: »وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لَسْتِ الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل«. ويقول ميخا: »أما أنت يا بيت لحم أفراتة، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلّطاً على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل«.

وللرد نقول: بيت لحم يهوذا هي نفسها بيت لحم اليهودية (متى 2:1) والتي تقع في نصيب سبط يهوذا فسُمِّيت »بيت لحم يهوذا« ، وتحمل أيضاً اسم »بيت لحم أفراتة«. وقد استخدم متى الاسم الأكثر شهرة في زمنه ليسهِّل على قارئه فهم نبوة ميخا.

قال المعترض: »جاء في متى 2:15 إن لجوء المسيح إلى مصر هروباً من تهديد هيرودس كان تحقيقاً لنبوَّة هوشع 11:1 »مِن مصر دعوتُ ابني«. ولكن هذه النبوَّة تعود على بني إسرائيل، لا على المسيح«.

وللرد نقول: اعتبر الله بني إسرائيل ابنه، فقد أمر موسى أن يقول لفرعون: »إسرائيل ابني البكر.. أَطلِق ابني ليعبدني، فأبيتَ أن تطلقه. ها أنا أقتل ابنك البكر« (خروج 4:22 و23). وقد جاءت نبوة هوشع أولاً إشارة إلى بني إسرائيل، وثانياً إشارة رمزية للمسيح ابن الله.

قال المعترض: »ورد في متى 2:17 و18 »حينئذ تمّ ما قيل في إرميا النبي القائل: صوتٌ سُمع في الرامة، نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين«. وهذا تحريف من الإنجيل، لأن هذا الاقتباس من إرميا 31:15. ومَنْ طالع الآيات التي قبله وبعده في نبوَّة إرميا يرى أنه لا يتحدث عن حادثة هيرودس، بل عن حادثة بختنصر التي وقعت في عهد إرميا، عندما قُتل ألوف من بني إسرائيل، وأُسر ألوف منهم، وسُبُوا إلى بابل. ولما كان
فيهم كثير من آل راحيل تألمت روحها في عالم البرزخ، فوعد الله أن يُرجع أولادها من أرض العدو إلى تخومهم«.

وللرد نقول: عبّر البشير متى عن قتل الأطفال في بيت لحم بأقوال إرميا النبي، وكان قصد إرميا النبي في الأصل أن يُعرِب عن التوجّع لما حصل لبني إسرائيل من القتل والسبي، فإنه لما استولى نبوخذنصَّر على أورشليم قتل وجهاءها وأعيانها، وقلع عين ملكها بعد أن قتل ابنيه أمامه، وجمع الأسرى في الرامة ومنهم إرميا النبي. وكان الجميع مكبّلين بالأغلال والسلاسل. ولما سُبُوا من الأوطان وكانوا مزمعين على السفر الأليم، أخذ النبي يعبِّر عن حزنه على هذه الحالة، ويبكي ويستبكي. ولا شك أن قول النبي إرميا تحقق وتمّ في هذه الحادثة المحزنة أيضاً. ولا يخفى أن راحيل كانت قد ماتت قبل السبي بمئات السنين، فكان من البلاغة أن ينسِبَ النبي إليها البكاء والنحيب على أولادها وقت السبي، كما نسَب إليها البشير متى البكاء على أولادها وقت حادثة بيت لحم، فإن ذبح أطفال بيت لحم هو بمنزلة ذبح أولادها، لأنها مدفونة هناك (تكوين 35:19)، كما أن سكان بيت لحم من ذرية زوجها وأختها، فهم بمنزلة أولادها. وعبارة متى تقول: »راحيل تبكي على أولادها« وهي جملة خبرية لفظاً، أُريد بها إنشاء التحسُّر على ذبح الأطفال. وهذا معهود في اللغة العربية وغيرها، فيجوز للإنسان أن يندب بهذه الصورة، حتى يدعو الشاعر الشجر للبكاء:

أيا شجر الخابور ما لك مورقاً كأنك لم تجزع على ابن طريق؟

فكيف لا يجوز نداء الأم لتبكي على أولادها؟
 
أعلى