التأمل في حياة السيدة العذراء
للأنبا موسي أسقف الشباب
كانت السيدة العذراء رمز ونموذج لحياة التأمل والعبادة والصلاة.. فمنذ طفولتها المباركة كانت في الهيكل تتأمل وتتعبد وتصلي, وحتي بعدما كبرت في السن وخرجت إلي الهيكل, وذهبت إلي بيت يوسف النجار كانت مصرة علي حياة البتولية التي تساندها بالتأمل والعبادة والشركة الحية مع الله وحتي بعد أن حبلت بالرب يسوع وبعد أن ولدت الطفل الإلهي.. يقول الكتاب عنها. أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها. ولكن السؤال هو.. العذراء كانت تتأمل كيف؟ وفيما نتأمل نحن؟.
هناك عدة مدارس في التأمل.. المدرسة الأولي هي نصوص الكتاب المقدس, الثانية شخصيات الكتاب المقدس, الثالثة سير القديسين, الرابعة هي أحداث الحياة.
أولا نصوص الكتاب المقدس:
الإنسان المسيحي يلهج في الكلام الرب نهارا وليلا, لأن كلمات الإنجيل هي روح الحياة, أي بمثابة الأكسجين الروحي والنسمة الروحية لأنه كما أن نسمة الهواء تحي جسده, فإن كلمة الروح تحي روحه.
لذلك الإنسان يجب ألا يكف عن قراءة الكتاب المقدس أبدا, بل ويقرأه بانتظام فهذه الكلمات هي رسالة الله في حياته وكلمة الله إلي قلبه. نحن في احتياج دائم لقراءة الكتاب المقدس بتأمل, نقرأ الأصحاح ونحن مفتوحي الذهن والقلب.
أليست كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر فالإنسان الذي يقرأ الكتاب المقدس نار الروح القدس تحرق شوائب الخطية التي فيه, ومطرقة الروح القدس تحرق شوائب الخطية التي فيه, ومطرقة الروح القدس بك تحطم الصخر الذي يعترض حياته.. كلمة الله نار.. مطرقة.. خبز يشبع ويحيي كلمة ربنا سيف بتار- كلمة الله حية وفعالة وأقوي من كل سيف ذي حدين.
إذن فعند سماعي تعليم غريب كلمة الله سيف بتار تحكم عليه وتقول هذا خطا وتقطعه.. عادة رديئة لدي الناس كلمة الله تقطعها.
كلمة ربنا أيضا نور وسراج سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي فالوصية مصباح والشريعة نور.
ليتك تسأل نفسك: هل استطعت أن تقرأ الكتاب المقدس كاملا بتأمل وبانتظام؟ ليتك تأخذ تعهدا علي نفسك الآن بقراءة الكتاب المقدس يوميا.. وبروح التأمل!!
ثانيا شخصيات الكتاب المقدس:
الإنسان الذي يقرأ الكتاب لن يجد فقط كلام الله ولكن أيضا شخصيات نتعلم منها.. آدم وحواء نتعلم منهما عدم الحوار مع الشيطان.. قايين وهابيل نتعلم الذبيحة المقبولة ومحبة الإخوة- نوح.. سأسير مع الله حتي ولو كنت كمازح في عيون العالم.. إبراهيم.. نترك كل شيء من أجل أن نتبع الله وإسحق نتعلم منه كيف نتمسك بالمواعيد الإلهية.. أنظروا هذا في سفر واحد فقط جزء بسيط منه سفر التكوين ماذا عن باقي الأسفار!!
ثالثا سير القديسين:
من يريد التأمل يذهب ويقرأ في سير القديسين, قد يقول البعض إنهم من القرن الرابع أقول لا صحيح أنهم من القرن الرابع وما قبله وما بعده ولكنك أنت كابن لله تقرأ سيرة القديس فتعلق وتحب فضيلة معينة فيه. هذه الفضيلة تمتصها دون أن تشعر.. إذا أعجبت بفضيلة في العذراء كالتسليم تأخذ قبسا منها.. هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك لتكن مشيئتك.. مهما حدث ومهما ظن الناس بي.. حتي لو أن ظهر الحمل سترجمين.. لكن بتكن مشيئتك, وها هي عند الصليب في تسليم عجيب.. أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما قلبي فيلتهب عند النظر إلي صلبوتك.
رابعا أحداث الحياة:
لو حدث في حياتك بركة أو تجربة تأمل فيها وتعمق فيها.. لو حدث في حياتك نجاح أو فشل تأمل فيه لأن الله يكمك من خلال هذا الحدث.. أعرف طبيبا كان مستهترا جدا ومن شدة استهتار كان يعلم ابن أخته كل الخطايا وفي إحدي المرات وهما عائدين من الإسكندرية مشبعين بالرذائل تحدث حادثة لهما وينتقل الشاب الصغير إلي العالم الآخر.. بدأ يشعر أنه نجي من الحادثة وأنه سبب هلاك هذا الشخص, وبدأ يبكي بالدموع أمام الله ليقدم توبة الله يقسمها بينه وبين هذا الشاب يتوب ويصلي إلي الله, أن يغفر لهما وتحول اتجاه هذا الإنسان نحو الله.
نحن نحتاج أيها الأحباء أن نتعامل مع الله من خلال الحياة اليومية أن كان نجاح أشكرك يارب, وإن كان فشل ماذا تريد أن تقول يارب, وأن كانت تجربة أسمع صوت ربنا الرب فتح لي أذنا لأسمع كالمتعلمين.
أحبائي:
تعالوا نعيش حياة التأمل التي عاشتها السيدة العذراء مريم.
الله يعطينا ألا نصوم وألا نحتفل بأعياد القديسين في روح جسدية, ولكن في فرحة روحية مقدسة حتي نسير وراءهم علي نفس الدرب ونصل معهم إلي أورشليم السمائية ونحيا معهم مع الرب.. آمين.