سؤال عن طبيعة الله بعد التجسد

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
اخوتي لديا استفسار حول ايمانكم المسيحي ارجو ان تفهموا مقصدي من السؤااخوتي لدي استفسار حول ايمانكم اتمنى ان استطيع توضيح مشكلتي
بما انكم تقولون ان الله ظهر في الجسد اذن بالامكان أن نقول أن الله بأقانيمه الثلاث له طبيعتين وليس فقط الاقنوم الثاني (الكلمة )من له طبيعتين؟؟ اتمنى السؤال يكون واضح
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,664
مستوى التفاعل
3,578
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
أرحب بعودتك اختي سمية و بسؤالك الهام جداً و الواضح كل الوضوح.
أعتذر على التأخير في الرد.

بإختصار و بكل تأكيد طبيعة الله -بأقانيمه الثلاث- لم تتغير بتجسد أقنوم الكلمة. ببساطة شديدة لأن الله بطبيعته لا يتغير و لا يتبدل و لا يخضع لأي تأثيرات لأنه الخالق لكل شيء، و الخالق لا يتأثر بالمخلوق بل العكس هو الصحيح.

في التجسد ، اتحد الأقنوم الثاني في جوهره الالهي بالطبيعة البشرية -التي ليست من طبيعته- اتحاداً يفوق العقل والإدراك البشري بغير اختلاط ولا أمتزاج ولا تغيير، لأن الله غير متغير. و كما أن هذا الاتحاد لم يغير الجوهر الإلهي للاقنوم الثاني هكذا لا يمكن القول " أن الله بأقانيمه الثلاث له طبيعتين"

أدرك جيداً ان ردي سيخلق لديك المزيد من الأسئلة و الاستفسارات، و لذلك اخترتُ أن أكتفي برد مختصر بدلا من التوسع في موضوع التجسد لكي اترك لك المجال في طرح اسئلتك لكي يكون ردي مركزاً على سؤالك.

اتمنى لك السلام و الفرح مع رب السلام و مصدر الفرح
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,112
مستوى التفاعل
1,083
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
سلام ونعمة، مع تحياتي لصاحبة السؤال الأستاذة الفاضلة سمية وللأم الغالية أمـة ولكل الأحباء الحضور. هذا السؤال في الحقيقة هام وكبير، كما أنه سؤال تاريخي، ثار بالفعل أثناء المناظرات الطويلة والمحمومة التي أعقبت مجمع خلقيدونية الشهير 451، بين آباء "الطبيعة الواحدة" وعلى رأسهم القديس ساويرس الأنطاكي (أشهر من دافع عن هذه العقيدة)، وبين الخلقيدونيين أصحاب "الطبيعتين" من ناحية أخرى، مثل يوحنا القيصري وآناستاسيوس الأنطاكي وليونتوس البيزنطي وغيرهم.
المشكلة باختصار هي أن هناك مبدأ أو قاعدة لاهوتية استقر الآباء عليها هي أنه "لا طبيعة بدون أقنوم". حين نقول إن للسيد المسيح بعد التجسد طبيعتين إلهية وبشرية، فإن هذا معناه بالتالي ـ وفقا لهذا المبدأ ـ أن للمسيح أقنومين اثنين لا واحد: أقنوم إلهي هو أقنوم الطبيعة الإلهية، بالإضافة إلى أقنوم بشري هو أقنوم الطبيعة البشرية. كان هذا بالفعل ما قاله نسطور ورفضته الكنيسة كما هو معروف، لأنه "يقسم" المسيح داخليا دون اتحاد حقيقي بين طبيعتيه، بينما المسيح بالأحرى شخص واحد لا ينقسم، أقنوم واحد هو أقنوم الكلمة المتجسد.
الآن عندما اجتمع آباء خلقيدونية وأقروا أن المسيح، نعم، أقنوم واحد هو أقنوم الكلمة، وأن له بالوقت ذاته طبيعتين اثنتين إلهية وبشرية، وقعوا من ثم بالتناقض نفسه: كيف يكون أقنوما واحدا ويكون بالوقت ذاته في طبيعتين، أو من طبيعتين؟ أليس لكل طبيعة أقنومها كما تقول القاعدة التي استقر الآباء عليها (والتي قدموا بفضلها خلال القرن الرابع أقوى نظريات الثالوث وأكثرها إحكاما وشمولا)؟
ردا على هذا التناقض قال أصحاب الطبيعتين إن المقصود هنا بالطبيعة هو الألوهية عموما، كما أن المقصود هو البشرية عموما. يقول آناستاسيوس الأنطاكي على سبيل المثال: «إن المسيح ليس إلها، ليس مجرد إله (ما)، بل هو الله (ذاته)، كما أنه ليس إنسانا (ما)، بل هو الإنسان». إن ما اتحد في المسيح ـ بعبارة أخرى ـ هو الألوهية والإنسانية معا، ومن ثم لا تناقض في أن يكون أقنوما واحدا وأن يجمع الطبيعتين معا، بمعنى أن تتحقق الطبيعتان معا في شخصه الواحد.
غير أن هذا الدفاع كان ينطوي على خطأ دقيق سرعان ما التقطه بذكاء القديس ساويرس فرفض بالتالي حجتهم قائلا: إذا كان ما يتحد معا في المسيح هو الألوهية عموما مع الإنسانية عموما فإن هذا ببساطة معناه أن ما تجسد هو الألوهية كلها، أي كل الأقانيم الثلاثة معا! علاوة على ذلك فإن التجسد بهذا المعنى يشمل سائر البشر أيضا وليس فقط هذا الإنسان المولود من العذراء دون سواه، يسوع الناصري تحديدا. هذا هو ما يعنيه أن "الألوهية عموما" تتحد مع "الإنسانية عموما"، فهل هذا حقا ما تقصدون؟ بالطبع ـ غني عن البيان ـ فإن تجسد سائر الأقانيم الإلهية في سائر الأقانيم البشرية هو محض عبث لا معنى له، ناهيك عن أن يكون له أي شاهد بالكتاب مثلا أو عند الآباء.
ولكن هكذا ظهر هذا السؤال أولا على مسرح التاريخ: إذا كان الله قد "ظهر في الجسد" فلماذا حقا لا تنصرف حقيقة "الله" على الأقانيم الثلاثة معا وتقتصر على أقنوم واحد فقط؟ صحيح أن الكتاب ينص على أن "الكلمة" هو الذي تجسد (يو 14:1)، مع ذلك فالكلمة حسب نص الكتاب أيضا هو الله، والله واحد، لا يتعدد ولا ينقسم.
(إذا كان هذا بالفعل ما تقصدين بالسؤال فإني أدعوكِ سيدتي إلى دراسة اللاهوت، لا مجرد السؤال العابر في هذا المنتدى أو ذاك. أكتفي هنا فقط بالإشارة إلى أن حل هذه المشكلة ـ كمعظم مشكلات اللاهوت المسيحي ـ يتوقف على فهمنا لما تعنيه بالضبط كلمة "أقنوم" وما تعنيه بالضبط كلمة "طبيعة" وما هو بالضبط الفرق بينهما).
***
سرعان ما أدرك الخلقيدونيون على أي حال أن ثم تناقض في رؤيتهم وسرعان ما بدأوا بالتالي مرحلة جديدة من التأمل العميق والشرح المفصّل حلا لهذا التناقض، كما نرى عند ليونتوس البيزنطي مثلا في شروحه الرائعة، والتي اقترب خلالها ـ بدرجة أو بأخرى ـ من منطق ساويرس ورؤيته. هكذا تطورت المناظرات الخلقيدونية وتعمّقت كثيرا ووصلت إلى أبعاد لا يملك الإنسان سوى أن يندهش أمام عظمتها، ولولا أن المقام بالطبع لا يتسع ـ كما أن أغلب الناس لا يهتمون وربما حتى لا يحتملون هذه الدقائق اللاهوتية ـ لولا ذلك لتوغلنا بعيدا في هذا البحر الذي لا شاطئ له. في النهاية اتفق الفريقان كما هو معروف، ولو إلى حد، حين اقتربت رؤاهم كثيرا وحين أدركوا أن "المعنى" المقصود واحد بغض النظر عن "الكلمات" و"الاصطلاحات" التي يتبناها كل فريق للتعبير عن هذا المعنى.
(تقريبا نفس ما حدث أيضا مع عقيدة الثالوث من قبل، في أكثر من مثال، لعل أشهرها حين رفض القديس جيروم بشدة تعبير "الأقانيم الثلاثة" ـ الذي كانت ترجمته اللاتينية بالفعل مخيفة ولا تعنى سوى تعدد الآلهة ـ لولا أن القديس أوغسطين، وهو لاتيني أيضا، شرح له أن "الكلمات" نفسها لا تهم أبدا، المهم هو المعنى الذي يقصده الآباء اليونانيون وهل يطابق الحقيقة والصواب أم يخالفهما).
***
كان هذا على أي حال عرضا سريعا ومختصرا يهدف لتحريك المياه الراكدة قليلا، وأقصد بذلك المناخ العام وليس فقط بهذا المنتدى. أقول هذا بالنظر أيضا إلى تلك الهجمات المكثفة التي يتعرض لها الإيمان مؤخرا، عبر صبية يعبثون على الشبكة، والتي قد تترك لدى البعض انطباعا زائفا ـ خاصة بين شبابنا ـ أن اللاهوت المسيحي استنفذ أغراضه وأدواته ولم يعد سوى خطاب إيمانيّ مهلهل يمتلئ بالتناقضات، بينما الحقيقة هي أن العكس تماما هو الصحيح.
لقد كانت "خلقيدونية" عنوانا لبعض الخلافات والصراعات السياسية المريرة، لكنها كانت أيضا صفحة مشرقة بتاريخ اللاهوت المسيحي، تكشف كم كانت مناظرات الآباء بغاية العمق والدقة، ناهيك عن الشجاعة والأمانة، وكم كان هؤلاء الأفذاذ الأوائل حريصين على الوصول إلى الحق بكل ما يملكون من قوة وحكمة وذكاء وبأقصى ما يستطيع العقل البشري بلوغه، ذلك رغم إدراكهم جميعا أن الحقيقة الكاملة لا تنكشف تماما في النهاية ـ ولا يمكن أن تنكشف تماما ـ عبر العقل وحده فقط.
لجميع الأحباء ختاما أطيب المنى، وللأستاذة سمية أتمنى كل الخير وأشكرها على السؤال الهام وأدعوها ألا تتردد بأي سؤال مستقبلا (ولا مانع بالطبع إذا طلبتي المزيد حول هذا السؤال نفسه أو أردتي التوغل قليلا ـ على مسئوليتك ـ بهذه الأعماق). :) تحياتي ومحبتي وحتى نلتقي.
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,664
مستوى التفاعل
3,578
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
اتمنى ان استطيع توضيح مشكلتي

الأخت الغالية سمية،
كنت اتمنى أن أقرأ تعليقاً أو استفساراً منك على ردي المختصر أو على الرد المطول للإبن المبارك خادم البتول ليس إلا حياً في الخدمة لتوضيح مشكلتك.

كرد آخر تشبيهي فقط سنأخذ كمثال ظاهرة من ظواهر طبيعة الشمس الثالوثية -نار، نور و حرارة- ألا و هي ظاهرة قوس قزج للتقريب فقط و ليس للتحديد إذ أن الله بطبيعته غير محدود في حين أن الشمس مثلها مثل الأرض و السماء مخلوقة و محدودة و الى الزوال: (33. اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.)

قوس قزح في تفسيره الفيزيائي هو ظاهرةٌ طبيعيّة تحدث نتيجة انكسار وانعكاس ضوء الشمس و هو يدخل عبر قطرات ماء المطر، فيكتسب الألوان السبعة الجميلة التي نراها و هي الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي و البنفسجي. نور الشمس وحده -وبدون انفصاله عن الشمس- اتحد مع هذه الألوان في قطرات الماء وليس الشمس كلها.

اكرر قولي أنه هذا التشبيه للتقريب و ليس للتحديد.
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,112
مستوى التفاعل
1,083
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
الأخت الغالية سمية،
كنت اتمنى أن أقرأ تعليقاً أو استفساراً منك على ردي المختصر أو على الرد المطور للإبن المبارك خادم البتول ليس إلا حياً في الخدمة لتوضيح مشكلتك.


في الحقيقة ما كتبت يا أمي "ردي المطور" ـ أو المطوّل ـ إلا لأنها ذهبت هكذا ولم تعد! :)كان ردك الأقصر والأبسط ـ ومن ثم الأفضل ـ كافيا تماما، على الأقل كبداية. ولكن حين ذهبت ولم تعد، لأكثر من أسبوعين، رأيت أن أدرك السؤال قبل أن يطويه النسيان وأن ألقي أخيرا بعض الضوء على أهميته وتاريخه وسياقه، علاوة على ما ذكرت برسالتي من أهداف أخرى ثانوية.
(وبالطبع لا ألومها أبدا على ذلك فلديها حتما عذرها، أتمنى أن يكون المانع خيرا وأن تكون بكل خير وصحة وفي أفضل حال. علاوة أيضا على قناعتي التي أرددها دائما: لسنا نحن مَن يقرر حقا متى أو كيف أو حتى ماذا نكتب. نصلي ألا يستخدمنا الرب سوى للعطاء دائما وللمنفعة والبنيان ولخير الناس وسعاتهم).
أخيرا أود أن أشكرك يا أمي الغالية على القراءة والمتابعة ربنا يباركك. أود الإشادة أيضا بهذا التشبيه الجميل الذي أعجبني كثيرا، عن قوس قزح، كما أود الإشادة عموما بظهورك المشرق مرة أخرى على شاشاتنا وبردودك المتنوعة هنا وهناك، ربنا يعطيكي الصحة والعافية ويطمنا دايما عليكي، العمر الطويل يا ست أمة وكما كنتِ تبقين دائما قنديل هذا المنتدى وروحه الطيبة المباركة. سلام المسيح مع تحياتي ومحبتي.
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,664
مستوى التفاعل
3,578
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
في الحقيقة ما كتبت يا أمي "ردي المطور" ـ أو المطوّل ـ إلا لأنها ذهبت هكذا ولم تعد!

أشكرك يا بني الغالي على ابتسامة الفرح التي وضعتها على وجهي، و التي تعكس فرج قلبك في الخدمة الذي لمسته و أنا أقرأ مقدمة ردك و كأنك تعتذر في حين ان لا مبرر للإعتذار. كما أني اشكرك على تمنياتك لي بالصحة و العافية لأن ليس لي مطلب آخر و انا على هذه الأرض بعد ملكوت الله سوى الصحة و العافية لأستمر في خدمتي لابنتي و أنا في هذا العمر المتأخر . الرب يباركك و يسمع صلاتك.

مع تقديري و شكري الجزيل من أجل إغناء المواضيع بردودك المفيدة، احب أن أطمئنك أن عدم رد الأخت سمية الغالية على قلبي لا يعني أنها "ذهبت و لم تعد" بل عادت و قرأت. أقول هذا ليس مجاملة لها بل حقيقة. هي إنها إنسانة جادة في أسئلتها من أجل المعرفة. قد عرفت على نفسها في أول موضوع لها على أنها من الجزائر لادينية حاليا ومهتمة بالديانة المسيحية لذلك هي تكتفي بالقراءة و تفكر و تحلل لنفسها و هذه من صفات الكبار العارفين ماذا يريدون. أنا استمتع في قراءة أسئلتها الذكية و الواضحة وضوح تفكيرها و استمتع بالرد عليها على قدر ما أُعطيتُ من موهبة و معرفة. اوجه لها تحيتي من هذا الموضوع .
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,112
مستوى التفاعل
1,083
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
لا يا أمي الغالية لم أقصد الاعتذار. كنت فقط أوضح أنني شخصيا لم أشاركك هذا التمني. تقولين برسالتك السابقة: «كنت اتمنى أن أقرأ تعليقاً أو استفساراً منك على ردي المختصر أو على الرد المطور للإبن المبارك خادم البتول». كنت بالتالي أقول أنني عن نفسي، ورغم كل ما كتبت، لم أكن أتمنى أي شيء أو أتوقع أي رد. بل كتبت ما كتبت بالأحرى لأنها لا ترد. كان واضحا أنها في حالة صمت، بغض النظر عن أسبابها، وأنها على الأرجح لن ترد قريبا.
أشكرك يا أمي الغالية على اهتمامك ومتابعتك ربنا يباركك. لأجلك أرفع دائما صلاواتي بدوام الصحة والعافية، بدوام القوة في هذا "الجهاد الحسن" مع ابنتك الجميلة ربنا يبارك حياتها ويسعد قلبها، وبدوام النعمة مشرقة بالفرح والسلام في قلبك الطيب.
وأما الأستاذة سمية فلها أيضا تحياتي وكل تقديري، ولتأخذ بالطبع وقتها تماما ولتتأمل بالأمر كيف شاءت. الله في النهاية "خبرة" قبل أن يكون "ديانة". وهل "فهم" الأوائل الطيبون كل هذا اللاهوت حقا أو ذهبوا طوعا للعذابات والاستشهاد دفاعا عن هذه العقيدة أو تلك؟ أبدا. بل ذهبوا لا يملكون سوى خبرتهم بالرب ورؤيتهم لأنواره، مشرقة تملأ الكون، رؤية حقيقة باهرة الجمال فائقة الفرح هانت أمامها كل الآلام والأحزان وهانت حتى الحياة نفسها!
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,664
مستوى التفاعل
3,578
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
أشكرك يا غالي على التوضيح. لا أحلى و لا أروع من الوضوح. فهمتك غلط لعل السبب اني ظننتك تمزج عندما كتبتَ "ردي المطور" إذ أنه لم يخطر ببالي أن أخطأت في طباعة الكلمة حتى قرأت ردك الأخير. ها انا قد عدلت الخطأ، و الشكر يعود لك. .

نعم! الله خبرة و ليس ديانة وكثيرون اليوم من خلفيات غير مسيحية يأتون اليه عن طريق إعلاناته لكل واحد منهم وفقاً لما يراه الله مناسباً لهذا أو ذاك الإنسان حسب شخصيته، خلفيته، استعداده و ثقافته.
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
أرحب بعودتك اختي سمية و بسؤالك الهام جداً و الواضح كل الوضوح.
أعتذر على التأخير في الرد.

بإختصار و بكل تأكيد طبيعة الله -بأقانيمه الثلاث- لم تتغير بتجسد أقنوم الكلمة. ببساطة شديدة لأن الله بطبيعته لا يتغير و لا يتبدل و لا يخضع لأي تأثيرات لأنه الخالق لكل شيء، و الخالق لا يتأثر بالمخلوق بل العكس هو الصحيح.

في التجسد ، اتحد الأقنوم الثاني في جوهره الالهي بالطبيعة البشرية -التي ليست من طبيعته- اتحاداً يفوق العقل والإدراك البشري بغير اختلاط ولا أمتزاج ولا تغيير، لأن الله غير متغير. و كما أن هذا الاتحاد لم يغير الجوهر الإلهي للاقنوم الثاني هكذا لا يمكن القول " أن الله بأقانيمه الثلاث له طبيعتين"

أدرك جيداً ان ردي سيخلق لديك المزيد من الأسئلة و الاستفسارات، و لذلك اخترتُ أن أكتفي برد مختصر بدلا من التوسع في موضوع التجسد لكي اترك لك المجال في طرح اسئلتك لكي يكون ردي مركزاً على سؤالك.
أرحب بعودتك اختي سمية و بسؤالك الهام جداً و الواضح كل الوضوح.
أعتذر على التأخير في الرد.

بإختصار و بكل تأكيد طبيعة الله -بأقانيمه الثلاث- لم تتغير بتجسد أقنوم الكلمة. ببساطة شديدة لأن الله بطبيعته لا يتغير و لا يتبدل و لا يخضع لأي تأثيرات لأنه الخالق لكل شيء، و الخالق لا يتأثر بالمخلوق بل العكس هو الصحيح.

في التجسد ، اتحد الأقنوم الثاني في جوهره الالهي بالطبيعة البشرية -التي ليست من طبيعته- اتحاداً يفوق العقل والإدراك البشري بغير اختلاط ولا أمتزاج ولا تغيير، لأن الله غير متغير. و كما أن هذا الاتحاد لم يغير الجوهر الإلهي للاقنوم الثاني هكذا لا يمكن القول " أن الله بأقانيمه الثلاث له طبيعتين"

أدرك جيداً ان ردي سيخلق لديك المزيد من الأسئلة و الاستفسارات، و لذلك اخترتُ أن أكتفي برد مختصر بدلا من التوسع في موضوع التجسد لكي اترك لك المجال في طرح اسئلتك لكي يكون ردي مركزاً على سؤالك.

اتمنى لك السلام و الفرح مع رب السلام و مصدر الفرح
اشكرك جدا على ترحيبك بي عزيزتي وعلى الاجابة واعتذر عن التأخر في الرد عليك عندي مشكلة في الايمايل بالنسبة لاجابتك فانا فهمت منها انو الاقنوم الثاني من الثالوث هو فقط الذي تجسد واخذ طبيعتين طبيعة بشرية وطبيعة الهية لكن انا كنت عم احكي عن الله بصفة عامة وليس اقانيمه لان الذي تجسد هو الله حسب ماتقولون "الله الظاهر في الجسد" والله هو الاب والابن والروح القدس لهذا سألت ان كان بالامكان القول ان الله اخذ طبيعتين كذلك ؟ تحياتي وشكرا الك كتيير
اتمنى لك السلام و الفرح مع رب السلام و مصدر الفرح
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
شكرك جدا على ترحيبك بي عزيزتي وعلى الاجابة واعتذر عن التأخر في الرد عليك عندي مشكلة في الايمايل بالنسبة لاجابتك فانا فهمت منها انو الاقنوم الثاني من الثالوث هو فقط الذي تجسد واخذ طبيعتين طبيعة بشرية وطبيعة الهية لكن انا كنت عم احكي عن الله بصفة عامة وليس اقانيمه لان الذي تجسد هو الله حسب ماتقولون "الله الظاهر في الجسد" والله هو الاب والابن والروح القدس لهذا سألت ان كان بالامكان القول ان الله اخذ طبيعتين كذلك ؟ تحياتي وشكرا الك كتيير
اتمنى لك السلام و الفرح مع رب السلام و مصدر الفرح وبعتذر عن الرد في مكان تاني اخطأت
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
سلام ونعمة، مع تحياتي لصاحبة السؤال الأستاذة الفاضلة سمية وللأم الغالية أمـة ولكل الأحباء الحضور. هذا السؤال في الحقيقة هام وكبير، كما أنه سؤال تاريخي، ثار بالفعل أثناء المناظرات الطويلة والمحمومة التي أعقبت مجمع خلقيدونية الشهير 451، بين آباء "الطبيعة الواحدة" وعلى رأسهم القديس ساويرس الأنطاكي (أشهر من دافع عن هذه العقيدة)، وبين الخلقيدونيين أصحاب "الطبيعتين" من ناحية أخرى، مثل يوحنا القيصري وآناستاسيوس الأنطاكي وليونتوس البيزنطي وغيرهم.
المشكلة باختصار هي أن هناك مبدأ أو قاعدة لاهوتية استقر الآباء عليها هي أنه "لا طبيعة بدون أقنوم". حين نقول إن للسيد المسيح بعد التجسد طبيعتين إلهية وبشرية، فإن هذا معناه بالتالي ـ وفقا لهذا المبدأ ـ أن للمسيح أقنومين اثنين لا واحد: أقنوم إلهي هو أقنوم الطبيعة الإلهية، بالإضافة إلى أقنوم بشري هو أقنوم الطبيعة البشرية. كان هذا بالفعل ما قاله نسطور ورفضته الكنيسة كما هو معروف، لأنه "يقسم" المسيح داخليا دون اتحاد حقيقي بين طبيعتيه، بينما المسيح بالأحرى شخص واحد لا ينقسم، أقنوم واحد هو أقنوم الكلمة المتجسد.
الآن عندما اجتمع آباء خلقيدونية وأقروا أن المسيح، نعم، أقنوم واحد هو أقنوم الكلمة، وأن له بالوقت ذاته طبيعتين اثنتين إلهية وبشرية، وقعوا من ثم بالتناقض نفسه: كيف يكون أقنوما واحدا ويكون بالوقت ذاته في طبيعتين، أو من طبيعتين؟ أليس لكل طبيعة أقنومها كما تقول القاعدة التي استقر الآباء عليها (والتي قدموا بفضلها خلال القرن الرابع أقوى نظريات الثالوث وأكثرها إحكاما وشمولا)؟
ردا على هذا التناقض قال أصحاب الطبيعتين إن المقصود هنا بالطبيعة هو الألوهية عموما، كما أن المقصود هو البشرية عموما. يقول آناستاسيوس الأنطاكي على سبيل المثال: «إن المسيح ليس إلها، ليس مجرد إله (ما)، بل هو الله (ذاته)، كما أنه ليس إنسانا (ما)، بل هو الإنسان». إن ما اتحد في المسيح ـ بعبارة أخرى ـ هو الألوهية والإنسانية معا، ومن ثم لا تناقض في أن يكون أقنوما واحدا وأن يجمع الطبيعتين معا، بمعنى أن تتحقق الطبيعتان معا في شخصه الواحد.
غير أن هذا الدفاع كان ينطوي على خطأ دقيق سرعان ما التقطه بذكاء القديس ساويرس فرفض بالتالي حجتهم قائلا: إذا كان ما يتحد معا في المسيح هو الألوهية عموما مع الإنسانية عموما فإن هذا ببساطة معناه أن ما تجسد هو الألوهية كلها، أي كل الأقانيم الثلاثة معا! علاوة على ذلك فإن التجسد بهذا المعنى يشمل سائر البشر أيضا وليس فقط هذا الإنسان المولود من العذراء دون سواه، يسوع الناصري تحديدا. هذا هو ما يعنيه أن "الألوهية عموما" تتحد مع "الإنسانية عموما"، فهل هذا حقا ما تقصدون؟ بالطبع ـ غني عن البيان ـ فإن تجسد سائر الأقانيم الإلهية في سائر الأقانيم البشرية هو محض عبث لا معنى له، ناهيك عن أن يكون له أي شاهد بالكتاب مثلا أو عند الآباء.
ولكن هكذا ظهر هذا السؤال أولا على مسرح التاريخ: إذا كان الله قد "ظهر في الجسد" فلماذا حقا لا تنصرف حقيقة "الله" على الأقانيم الثلاثة معا وتقتصر على أقنوم واحد فقط؟ صحيح أن الكتاب ينص على أن "الكلمة" هو الذي تجسد (يو 14:1)، مع ذلك فالكلمة حسب نص الكتاب أيضا هو الله، والله واحد، لا يتعدد ولا ينقسم.
(إذا كان هذا بالفعل ما تقصدين بالسؤال فإني أدعوكِ سيدتي إلى دراسة اللاهوت، لا مجرد السؤال العابر في هذا المنتدى أو ذاك. أكتفي هنا فقط بالإشارة إلى أن حل هذه المشكلة ـ كمعظم مشكلات اللاهوت المسيحي ـ يتوقف على فهمنا لما تعنيه بالضبط كلمة "أقنوم" وما تعنيه بالضبط كلمة "طبيعة" وما هو بالضبط الفرق بينهما).
***
سرعان ما أدرك الخلقيدونيون على أي حال أن ثم تناقض في رؤيتهم وسرعان ما بدأوا بالتالي مرحلة جديدة من التأمل العميق والشرح المفصّل حلا لهذا التناقض، كما نرى عند ليونتوس البيزنطي مثلا في شروحه الرائعة، والتي اقترب خلالها ـ بدرجة أو بأخرى ـ من منطق ساويرس ورؤيته. هكذا تطورت المناظرات الخلقيدونية وتعمّقت كثيرا ووصلت إلى أبعاد لا يملك الإنسان سوى أن يندهش أمام عظمتها، ولولا أن المقام بالطبع لا يتسع ـ كما أن أغلب الناس لا يهتمون وربما حتى لا يحتملون هذه الدقائق اللاهوتية ـ لولا ذلك لتوغلنا بعيدا في هذا البحر الذي لا شاطئ له. في النهاية اتفق الفريقان كما هو معروف، ولو إلى حد، حين اقتربت رؤاهم كثيرا وحين أدركوا أن "المعنى" المقصود واحد بغض النظر عن "الكلمات" و"الاصطلاحات" التي يتبناها كل فريق للتعبير عن هذا المعنى.
(تقريبا نفس ما حدث أيضا مع عقيدة الثالوث من قبل، في أكثر من مثال، لعل أشهرها حين رفض القديس جيروم بشدة تعبير "الأقانيم الثلاثة" ـ الذي كانت ترجمته اللاتينية بالفعل مخيفة ولا تعنى سوى تعدد الآلهة ـ لولا أن القديس أوغسطين، وهو لاتيني أيضا، شرح له أن "الكلمات" نفسها لا تهم أبدا، المهم هو المعنى الذي يقصده الآباء اليونانيون وهل يطابق الحقيقة والصواب أم يخالفهما).
***
كان هذا على أي حال عرضا سريعا ومختصرا يهدف لتحريك المياه الراكدة قليلا، وأقصد بذلك المناخ العام وليس فقط بهذا المنتدى. أقول هذا بالنظر أيضا إلى تلك الهجمات المكثفة التي يتعرض لها الإيمان مؤخرا، عبر صبية يعبثون على الشبكة، والتي قد تترك لدى البعض انطباعا زائفا ـ خاصة بين شبابنا ـ أن اللاهوت المسيحي استنفذ أغراضه وأدواته ولم يعد سوى خطاب إيمانيّ مهلهل يمتلئ بالتناقضات، بينما الحقيقة هي أن العكس تماما هو الصحيح.
لقد كانت "خلقيدونية" عنوانا لبعض الخلافات والصراعات السياسية المريرة، لكنها كانت أيضا صفحة مشرقة بتاريخ اللاهوت المسيحي، تكشف كم كانت مناظرات الآباء بغاية العمق والدقة، ناهيك عن الشجاعة والأمانة، وكم كان هؤلاء الأفذاذ الأوائل حريصين على الوصول إلى الحق بكل ما يملكون من قوة وحكمة وذكاء وبأقصى ما يستطيع العقل البشري بلوغه، ذلك رغم إدراكهم جميعا أن الحقيقة الكاملة لا تنكشف تماما في النهاية ـ ولا يمكن أن تنكشف تماما ـ عبر العقل وحده فقط.
لجميع الأحباء ختاما أطيب المنى، وللأستاذة سمية أتمنى كل الخير وأشكرها على السؤال الهام وأدعوها ألا تتردد بأي سؤال مستقبلا (ولا مانع بالطبع إذا طلبتي المزيد حول هذا السؤال نفسه أو أردتي التوغل قليلا ـ على مسئوليتك ـ بهذه الأعماق). :) تحياتي ومحبتي وحتى نلتقي.
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
اشكرك جدا اخي العزيز على اجابتك وتواضعك وتعبك في الاجابة وحقيقة استفدت منها في مواضيع اخرى وليس في موضوعي الذي طرحته وهو كان حول امكانية القول ان الله دون ان نذكر الثالوث يعني الله بصفة عامة يمكن ان نقول ان له طبيعتين وليس فقط اقنوم الكلمة لانكم تقولون ان الذي تجسد هو الله والله كما نعلم لا يمكن فصله عن اقانيمه لهذا تعجبت حين تقولون الله الظاهر في الجسد وفي نفس الوقت تخصصون الكلمة فقط بالطبيعتين مع ان السيد المسيح قال الاب الحال فيا فيمكن من خلال الكلمة ان نقول ان الله ككل بكل اقانيمه حال في الجسد بتمنى ان سؤالي وصل لحضرتك
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
الأخت الغالية سمية،
كنت اتمنى أن أقرأ تعليقاً أو استفساراً منك على ردي المختصر أو على الرد المطول للإبن المبارك خادم البتول ليس إلا حياً في الخدمة لتوضيح مشكلتك.

كرد آخر تشبيهي فقط سنأخذ كمثال ظاهرة من ظواهر طبيعة الشمس الثالوثية -نار، نور و حرارة- ألا و هي ظاهرة قوس قزج للتقريب فقط و ليس للتحديد إذ أن الله بطبيعته غير محدود في حين أن الشمس مثلها مثل الأرض و السماء مخلوقة و محدودة و الى الزوال: (33. اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.)

قوس قزح في تفسيره الفيزيائي هو ظاهرةٌ طبيعيّة تحدث نتيجة انكسار وانعكاس ضوء الشمس و هو يدخل عبر قطرات ماء المطر، فيكتسب الألوان السبعة الجميلة التي نراها و هي الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي و البنفسجي. نور الشمس وحده -وبدون انفصاله عن الشمس- اتحد مع هذه الألوان في قطرات الماء وليس الشمس كلها.

اكرر قولي أنه هذا التشبيه للتقريب و ليس للتحديد.
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
لأقدم اعتذاري مرة اخرى على التأخر لاسباب خارجة عن ارادتي فالايمايل لم يرسل لي الردود في حينها وتوقف عن ارسال اي اشعارات بتشكرك جدا
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,112
مستوى التفاعل
1,083
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
اشكرك جدا اخي العزيز على اجابتك وتواضعك وتعبك في الاجابة وحقيقة استفدت منها في مواضيع اخرى وليس في موضوعي الذي طرحته وهو كان حول امكانية القول ان الله دون ان نذكر الثالوث يعني الله بصفة عامة يمكن ان نقول ان له طبيعتين وليس فقط اقنوم الكلمة لانكم تقولون ان الذي تجسد هو الله والله كما نعلم لا يمكن فصله عن اقانيمه لهذا تعجبت حين تقولون الله الظاهر في الجسد وفي نفس الوقت تخصصون الكلمة فقط بالطبيعتين مع ان السيد المسيح قال الاب الحال فيا فيمكن من خلال الكلمة ان نقول ان الله ككل بكل اقانيمه حال في الجسد بتمنى ان سؤالي وصل لحضرتك
هلا يا أستاذة سمية، أشرقت الأنوار. :) صدق حدس الأم الأمة وعدتِ بأسرع مما كنت أتوقع! عَودا حميدا، وأشكرك على القراءة والمتابعة، كما يسعدني أنك استفدتِ مما كتبت سيان في هذا الموضوع أو في غيره. سأعلق باختصار على ثلاث عبارات في رسالتك الأخيرة أعتقد أنها تغطي معظم أسئلتك:
لانكم تقولون ان الذي تجسد هو الله والله كما نعلم لا يمكن فصله عن اقانيمه
كلمة "الله" يمكن إطلاقها على الثالوث القدوس أي على الأقانيم الثلاثة معا، كما يمكن إطلاقها على كل أقنوم منفردا. تعبيرك بالتالي أن «الله لا يمكن فصله عن اقانيمه» تعبير غير دقيق، ومن المهم أن ندقق الكلمات لأنها تعكس صواب الفهم أو خطئه: «الله لا ينفصل عن أقانيمه» تعني أن هناك أولا إله، ثم أن لهذا الإله أقانيم لا ينفصل عنهم. ولكن ليس هذا ما نقول. بالأحرى نقول إن الله هو هؤلاء الأقانيم. الله ـ الجوهر الإلهي الواحد ـ يتحقق وجوديا ويُستعلن في ثلاثة أقانيم متمايزة دون انفصال. الله بالتالي هو هؤلاء الأقانيم الثلاثة معا. ولكن من ناحية أخرى: لأن لكل أقنوم منفردا هذا الجوهر الإلهي الواحد بتمامه وكماله دون نقصان، أصبح كل أقنوم بالتالي ـ منفردا ـ هو الله.
سوف تتضح بالطبع كل هذه الأمور بشكل أفضل عند دراستك للثالوث، ولكن حتى أساعدك قليلا قبل أن نترك هذا الجزء دعينا نسأل سؤالا مبدئيا: ما هو تعريف الله في الإيمان المسيحي؟ الله ـ حسب القديس الكبير مكسيموس المعترف ـ هو «وجود كليّ مطلق (Totum and Absolute) غير قابل للزيادة كمّا أو كيفا». هذا التعريف كما نرى كان هو نفسه ضمانة الآباء دائما لمبدأ الإله الواحد. الثالوث القدوس بالتالي ليس إله + إله + إله = ثلاثة آلهة، وإنما هو الله + الله + الله = الله الواحد، ذلك أن الله كما ذكرنا ـ حسب التعريف الأساسي ومن حيث المبدأ ـ كليّ مطلق غير قابل للزيادة، لا من حيث الكمّ أو حتى الكيف.
(وبالطبع لا يعني ذلك أن الأقانيم "نسخ" متطابقة مكررة، بل يتميّز كل أقنوم بصفاته المميِّزة وشخصه الخاص، المتفرد نسبيا دون انفصال عن بقية الأقانيم. الثالوث بالتالي ثلاثة في واحد: من منظور معين (منظور التحليل الداخلي) هو واحد، بينما من منظور آخر (منظور الإعلان الخارجي) هو ثلاثة. والمهم هنا، كما يقول القديس غريغوريوس النيصي، ألا نخلط أبدا هذين المنظورين معا).
لهذا تعجبت حين تقولون الله الظاهر في الجسد وفي نفس الوقت تخصصون الكلمة فقط بالطبيعتين
لا داعي للعجب، وكما يقولون إذا عُرف السبب بطل العجب. :) الله حقا ظهر في الجسد، لأن أقنوم الكلمة كما ذكرنا هو الله. بالتالي نعم لقد تجسد الله، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن "الأقانيم" كلهم تجسدوا. وأما تخصيص أقنوم الكلمة أو الابن فقط بالظهور والتجسد والفداء فلأن هذا هو الإعلان الإلهي نفسه، عن نفسه، على لسان السيد المسيح ورسله القديسين.
(على سبيل المثال يو 14:1: «والكلمة صار جسدا وحل بيننا، ورأينا مجده، مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا»، أيضا مت 15:16: «قال لهم: وأنتم، من تقولون إني أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي! فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا...»، أيضا عب 2:1: «كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه... الذي هو بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته...»، وغيرها، عدا بالطبع أقوال السيد المسيح الأشهر ـ الكلمة المتجسد ذاته ـ عن نفسه: «أنا والآب واحد»، «من رآني فقد رأى الآب»، «أنا في الآب والآب فيّ»، إلخ).
مع ان السيد المسيح قال الاب الحال فيا فيمكن من خلال الكلمة ان نقول ان الله ككل بكل اقانيمه حال في الجسد
لا يا أستاذة سمية، هذا العدد أو الآية لا علاقة لها بالأمر، هذا موضوع آخر يختلف تماما. :) الآب هنا ليس حالّا في الجسد، الآب بالأحرى حالّ في الابن، أزليا أبديا، بغض النظر تماما عن مسألة التجسد. لنقرأ هذا الجزء من بدايته، في يوحنا 14:
قال له يسوع: «أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس! الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت: أرنا الآب؟
ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ؟ الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي، لكن الآب الحالّ في هو يعمل الأعمال.
صدقوني أني في الآب والآب فيّ، وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها.
الابن بالتالي حالّ أيضا في الآب كما أن الآب حالّ فيه: «أنا في الآب والآب فيّ». وهذا بالتالي هو الـ(Perichoresis)، أحد المفاهيم الهامة عند الآباء خاصة كيرلس الكبير (وفي تقديري شخصيا أحد المفاتيح التي تساعد على فهم عقيدة الثالوث). هذا الاصطلاح يمكن ترجمته على أنه السُكنى أو الاحتواء أو الحلول المتبادل بين أقانيم الثالوث، بغير امتزاج أو اختلاط.
ليس الحديث هنا بالتالي عن الآب الحال في "جسد" السيد المسيح، بل عن الأقانيم الإلهية وكيف أنهم ـ منذ الأزل إلى الأبد ـ في حالة احتواء أو حلول متبادل، كل منهم "يتخلل" الآخر تماما إذا جاز التعبير، تخللا كاملا، دون امتزاج. (وبعبارة أبسط: إذا كان الآب هو الله الكليّ المطلق الذي يحتوي سائر الوجود ولا تخلو ذرة بالكون من حضوره، فأين إذاً يكون الابن؟ إنه في الآب، يتخلله تماما وكليا، كالنور في النور، ومن ثم فهو أيضا يحتوي سائر الوجود ولا تخلو ذرة بالكون من حضوره. أصبح الآب بالتالي في الابن كما أن الابن في الآب. وكذلك بالطبع ـ غني عن البيان ـ الأقنوم الثالث أيضا، الروح القدس).
***
مع شكري ختاما وتقديري يا أستاذة سمية لأسئلتك الهامة، وأرجو ألا تترددي طبعا بالسؤال إذا كان هناك أي جزء ما زال غامضا أو يحتاج مزيدا من الشرح. تحياتي ومحبتي.
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
اشكرك اخي العزيز جدا كما واشكر الام العزيزة على هذا الاهتمام والردود الجميلة لا يهم ان كانت مقنعة لي بقدر مايهمني ان افهم ايمانك فهما سليما بعيدا عن اي تشوه خارجي تعلمناه من الاسلام سأحتفظ بكل ردودكم عندي لكن لدي طلب صغير انا اود لو تضع اسم المرجع الذي تستشهد به كي اعود اليه واقراه وتحياتي اليكم احبائي اتباع السيد المسيح رجل السلام والمحبة
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,112
مستوى التفاعل
1,083
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
أشكرك أختى الغالية ربنا يباركك ويعطيكي حكمة وفهم وبصيرة. أحييك على فكرك ومنهجك المتزن في البحث. الفهم بالطبع أولا هو الأساس، وهو نفسه ما قد يساعد على الاقتناع فيما بعد. ولكن ـ إذا أذنتِ لي بإضافة بسيطة ـ اعتماد الإنسان على الفهم والمعرفة العقلية فقط وعلى قياسات المنطق وبراهينه لن يؤدي أبدا إلى إدراك الحقيقة. بل أكثر من ذلك: في بعض المراحل المتقدمة على الطريق الروحي يكون التناقض نفسه أحيانا، ويا للعجب، هو بالعكس دليل الحقيقة وبرهانها! المسيحية والبوذية والفيدانتا وكل الديانات الكبرى عموما بالعالم (وأقصد "الكبرى" بالمعنى الحقيقي للكلمة، التي تستحق أن تُدرس أو أن يُنظر أصلا لها) تشارك كلها تقريبا بهذا المعنى.
***
بالنسبة لـ"المرجع الذي أستشهد به" ليس هناك بالطبع مرجع بعينه، بل يكون ما نكتب في العادة ـ خاصة في موضوع كالثالوث مثلا ـ هو خلاصة كل ما درسنا وبحثنا خلال سنوات وسنوات، بالإضافة طبعا إلى إرشاد الرب وتوجيهه أولا وأخيرا. على أي حال في هذه الرسالة الأخيرة تحديدا فالمرجع الكلاسيكي أو العمدة هنا هو كتاب ج. ل. برستيج "الله في فكر الآباء"، أو "في الفكر الآبائي"، حسب الترجمة (إذا كان مترجما، وإن كنت لا أعتقد شخصيا ذلك). هذا الكتاب الهام صدر أولا عام 1936 وأعيد طبعه عدة مرات وما يزال مرجعا أساسيا لكل دارسي اللاهوت المسيحي بالعالم. (الكتاب على أي حال ليس في اللاهوت ولكن في تاريخ اللاهوت وكيف تطور مفهوم "الله" عند الآباء).
بالنسبة للجزء الخاص بالـ(Perichoresis) أو "الحلول المتبادل" للأقانيم: هناك عدة دراسات حول هذا الأمر (نُشر معظمها حديثا بعد أن "اكتشف" الغرب فجأة هذا المفهوم عند الآباء مؤخرا)! أما بالعربية فلم أجد له أثرا ـ في حدود ما قرأت ـ إلا بكتاب واحد: الثالوث في كتاب الكنوز للقديس كيرلس الأسكندري، للدكتور جورج عوض إبراهيم. (الاسم بالكامل: الأسس اللاهوتية للتعليم عن: الثالوث في كتاب الكنوز للقديس كيرلس الأسكندري).
هناك أخيرا كتاب كلاسيكي فريد من نوعه مثل كتاب برستيج هو كتاب لوسكي، اللاهوتي الكبير العلّامة فلايمير لوسكي: اللاهوت الصوفي (أو اللاهوت الصوفي بكنيسة الشرق). هذا أيضا كتاب لا غنى عنه لأي دارس للاهوت عموما واللاهوت الشرقي خصوصا. صدر أولا عام 1944 وصدرت ترجمته الإنجليزية الأولى عام 1957، وله ترجمة عربية بنفس العنوان. لم أستخدم هذا الكتاب بهذه الرسالة تحديدا، لكنه من كتبي المفضلة التي أعود إليها كثيرا ورأيت من ثم ترشيحه لك أيضا ولكل الأحباء. عيب هذا الكتاب ـ إن كان هذا عيبا ـ أنه متقدم عميق ومن ثم صعب إلى حد ما (وفي ترجمته العربية بالتالي أصعب)، ولا عجب بالطبع إذا كان موضوعه "اللاهوت الصوفي"! :LOL: على أي حال يمكن مستقبلا أن تداعبيه قليلا، وربما بالعكس تفهمين المعاني دون جهد ويروق لك الأمر، مَن يدري؟ لعل وعسى! :)
***
أشكرك ختاما يا أستاذة سمية على اهتمامك ومتابعتك، ربنا يوفقك ويرشد خطوتك دائما للحقيقة وللحكمة والخير والنور، سلام المسيح مع عاطر تحياتي وعلى المحبة دائما نلتقي.
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
أشكرك أختى الغالية ربنا يباركك ويعطيكي حكمة وفهم وبصيرة. أحييك على فكرك ومنهجك المتزن في البحث. الفهم بالطبع أولا هو الأساس، وهو نفسه ما قد يساعد على الاقتناع فيما بعد. ولكن ـ إذا أذنتِ لي بإضافة بسيطة ـ اعتماد الإنسان على الفهم والمعرفة العقلية فقط وعلى قياسات المنطق وبراهينه لن يؤدي أبدا إلى إدراك الحقيقة. بل أكثر من ذلك: في بعض المراحل المتقدمة على الطريق الروحي يكون التناقض نفسه أحيانا، ويا للعجب، هو بالعكس دليل الحقيقة وبرهانها! المسيحية والبوذية والفيدانتا وكل الديانات الكبرى عموما بالعالم (وأقصد "الكبرى" بالمعنى الحقيقي للكلمة، التي تستحق أن تُدرس أو أن يُنظر أصلا لها) تشارك كلها تقريبا بهذا المعنى.
***
بالنسبة لـ"المرجع الذي أستشهد به" ليس هناك بالطبع مرجع بعينه، بل يكون ما نكتب في العادة ـ خاصة في موضوع كالثالوث مثلا ـ هو خلاصة كل ما درسنا وبحثنا خلال سنوات وسنوات، بالإضافة طبعا إلى إرشاد الرب وتوجيهه أولا وأخيرا. على أي حال في هذه الرسالة الأخيرة تحديدا فالمرجع الكلاسيكي أو العمدة هنا هو كتاب ج. ل. برستيج "الله في فكر الآباء"، أو "في الفكر الآبائي"، حسب الترجمة (إذا كان مترجما، وإن كنت لا أعتقد شخصيا ذلك). هذا الكتاب الهام صدر أولا عام 1936 وأعيد طبعه عدة مرات وما يزال مرجعا أساسيا لكل دارسي اللاهوت المسيحي بالعالم. (الكتاب على أي حال ليس في اللاهوت ولكن في تاريخ اللاهوت وكيف تطور مفهوم "الله" عند الآباء).
بالنسبة للجزء الخاص بالـ(Perichoresis) أو "الحلول المتبادل" للأقانيم: هناك عدة دراسات حول هذا الأمر (نُشر معظمها حديثا بعد أن "اكتشف" الغرب فجأة هذا المفهوم عند الآباء مؤخرا)! أما بالعربية فلم أجد له أثرا ـ في حدود ما قرأت ـ إلا بكتاب واحد: الثالوث في كتاب الكنوز للقديس كيرلس الأسكندري، للدكتور جورج عوض إبراهيم. (الاسم بالكامل: الأسس اللاهوتية للتعليم عن: الثالوث في كتاب الكنوز للقديس كيرلس الأسكندري).
هناك أخيرا كتاب كلاسيكي فريد من نوعه مثل كتاب برستيج هو كتاب لوسكي، اللاهوتي الكبير العلّامة فلايمير لوسكي: اللاهوت الصوفي (أو اللاهوت الصوفي بكنيسة الشرق). هذا أيضا كتاب لا غنى عنه لأي دارس للاهوت عموما واللاهوت الشرقي خصوصا. صدر أولا عام 1944 وصدرت ترجمته الإنجليزية الأولى عام 1957، وله ترجمة عربية بنفس العنوان. لم أستخدم هذا الكتاب بهذه الرسالة تحديدا، لكنه من كتبي المفضلة التي أعود إليها كثيرا ورأيت من ثم ترشيحه لك أيضا ولكل الأحباء. عيب هذا الكتاب ـ إن كان هذا عيبا ـ أنه متقدم عميق ومن ثم صعب إلى حد ما (وفي ترجمته العربية بالتالي أصعب)، ولا عجب بالطبع إذا كان موضوعه "اللاهوت الصوفي"! :LOL: على أي حال يمكن مستقبلا أن تداعبيه قليلا، وربما بالعكس تفهمين المعاني دون جهد ويروق لك الأمر، مَن يدري؟ لعل وعسى! :)
***
أشكرك ختاما يا أستاذة سمية على اهتمامك ومتابعتك، ربنا يوفقك ويرشد خطوتك دائما للحقيقة وللحكمة والخير والنور، سلام المسيح مع عاطر تحياتي وعلى المحبة دائما نلتقي.
 

سمية

New member
إنضم
30 نوفمبر 2021
المشاركات
18
مستوى التفاعل
26
النقاط
3
وانا ايضا اشكرك واشكر محبتك وتواضعك ورقي فكرك تعيش والتعلم منك ومنكم جميعا ولا تنسوني في صلواتكم ?☺️تحية لكل من تفاعل مع منسوري وتعب لأجل اعطائي الإجابة
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,112
مستوى التفاعل
1,083
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
قلبك أبيض يا ست سمية! :) اليوم فقط تذكرت أن كتاب لوسكي الذي أشرت إليه سابقا كتبه أصلا بالفرنسية، كما أن الفرنسية في الجزائر أقرب إليكم فيما أعلم من الإنجليزية وربما حتى العربية. وبالطبع ليس أفضل من قراءة أي كتاب في لغته الأصلية. بحثت بالتالي عن هذه النسخة الأصلية الفرنسية وكان من تدبير الرب أنني وجدتها على الفور، جاهزة حتى للتحميل مباشرة!
رغم صعوبته نسبيا، أدعوكِ على الأقل لقراءة الفصل الثاني تحديدا «الظلمات الإلهية»، أو «الظلام الإلهي»! من المعروف أن الله يرتبط دائما بالنور وبمعاني البهاء والإشراق، وأما هنا فنحن بالعكس نتحدث عن الظلام الإلهي! كيف يمكن الجمع أصلا بين هذين النقيضين؟ مجرد مثال على تناقضات الطريق الروحي التي أشرت إليها! :)
وأما دعوتي لقراءة هذا الفصل فلأنك "لادينية" فيما عرفت، وهذا ـ حسب فهمي ـ يعني أنك تؤمنين بالله ولكن ترفضين سائر الديانات. حسنا، ما هو هذا الإله الذي تؤمنين به وماذا تعرفين عنه؟ الإجابة باختصار ـ سيان كنت دينية أو لادينية ـ هي ببساطة «لا شيء على الإطلاق»! نحن لا نعرف أيّ شيء عنه مطلقا! نحن نجهل طبيعة الله جهلا تاما. «كل مفهوم لدينا عن الله هو فقط "صنم" لله»، كما يقول القديس الكبير غريغوريوس النيصي. كل مفهوم دون استثناء. وكان أفلاطون يقول: «معرفة الله صعبة، والتعبير عنها مستحيل»، فرد عليه القديس غريغوريوس النزينزي: «التعبير عنها مستحيل، ولكن المعرفة مستحيلة أكثر»! أصبح بالتالي إخلاء العقل تماما من كل مفهوم أو فكرة مسبقة عنه هو نفسه أول الطريق إليه! أصبح هذا العماء والظلام ـ هذا الجهل المطبق التام بطبيعته ـ هو سبيل الوصول حقا إلى معرفته!
تلك باختصار هي الفكرة العامة وراء "الظلمات الإلهية". وبالطبع فإن الإنسان ـ فيما بعد هذه الظلمات ـ سوف يصل إلى الإشراق أخيرا. ولكن ليس كمعرفة عقلية، بالأحرى كخبرة فوق الوصف يتلاشى فيها الرائي والمرئيّ كلاهما!
أخيرا أضيف أنني وجدت النسخة العربية للتحميل أيضا هنـا. وبالطبع لا أتعجلك أبدا بأي قراءة، لسنا نحن حتى مَن يقرر هذا. ولكن فقط إذا قرأتِ ووجدتِ أي صعوبة، سيان في هذا الكتاب أو في غيره، فلا تترددي أبدا بالاستفسار أو طلب المزيد من الشرح. سعدت كثيرا بلقائك سيدتي، أنتِ الراقية حقا أسلوبا وخلقا. مع تحياتي ومحبتي.
__________________________
ملاحظة: افتقدنا كثيرا صوت الأم الغالية أمة خلال هذا الحوار. لم أكن أقصد أبدا أن تستعيض بإجابتي عن ردودها الثمينة. بالعكس سارعت بالرد كي أترك المجال بعد ذلك لحوارها الرئيسي مع الأستاذة سمية، التي أخبرتني أولا عنها ولمست من كلماتها أنها تهتم بل تعتز بها كثيرا. لكنها ـ فيما يبدو ـ وجدت في ردي الكفاية، وحُرمنا بالتالي من بركة حضورها ومشاركتها. لو كنت أعلم لانتظرت بالطبع ردها هي أولا ثم جئت ختاما بالقليل الذي معي! معلش "ملحوقة" يا ست أمة كما يقولون بمصر، "خيرها في غيرها". أشكرك يا أمي الغالية لقراءتك وأمتن كثيرا لتقييمك (وكذلك لأميرتنا الكلدانية أيضا).
 
أعلى