حائرون نحو الحقيقة

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,079
مستوى التفاعل
1,056
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل



أشكرك على ردك وتوضيحك. هذا أفضل للجميع. لست متأكدا أن حيرانة تقول هذا بالضبط، لكنني على أي حال لن أرد بالنيابة عنها.


أما رأيي الشخصي فأنا أولا، أخي الحبيب، تدهشني ثقافتك كثيرا وأسعد بها جدا، كما أنني أحفظ بكل إعزاز بعضا من كتاباتك في مفضلتي. هنا أتفق معك عموما ولكن أخالفك في نقطة واحدة فقط، هي قولك:


"ما يمكننا ان نتأكد منه هو أن الكون، المادة الموجودة بداخل اطار الزمان والمكان، جاءت من العدم".


هنا أخالفك. لماذا؟ لأن "العدم" نفسه هو أيضا "مفهوم فكري نظري لا يوجد خارج العقل" كما وصفت أنت مفهوم "الأزلية". عقولنا تتصور أن "الانفجار العظيم" حدث في "مكان ما"، أو في "فراغ مظلم"، ومن ثم ننزلق إلى فكرة العدم. لكن هذا كله غير دقيق، لأن هذه كلها "مفاهيم كونية"، كأن الانفجار العظيم حدث داخل "كون ما" أكبر، فقط كان فارغا تماما، أو مظلما تماما، وهذه بالطبع مغالطة. الكون نفسه بدأ بالانفجار العظيم.


أين إذن حدث الانفجار العظيم؟


هنا تتضح تماما محنة العقل وعجزه، لأن السؤال نفسه خطأ! ليس قبل الانفجار "أين" ولا "متى"!


الكون إذن "ظاهرة" وجد العقل نفسه هكذا فيها، أو ربما ـ كما تقول الفلسفة الهندية ـ ظاهرة نشأت في العقل نفسه، كأننا تحديدا في "حـلم".


ولكن حتى لا نتشعب دعنا نصل من ذلك إلى الخلاصة:


الخلاصة الأولى: ما قبل الانفجار العظيم ـ وجوديا ـ ليس بالضرورة عدم. ما قبل الانفجار العظيم ببساطة "مجهـــــول" لا نعرف عنه شيئا على الإطلاق، ليس فقط لنقص المعلومات ولكن لأن العقل نفسه له شروط لا يستطيع تجاوزها. هذا المجهول ليس وجود وأيضا ليس عدم، هو "مجهول"، بالضرورة مجهول، ولا سبيل لمعرفته. لذلك:

ـ فقال موسى لله: ها أنا آتي إلى بني إسرائيل وأقول لهم: إله آبائكم أرسلني إليكم. فإذا قالوا لي: ما اسمه ؟ فماذا أقول لهم؟
ـ فقال الله لموسى: أهيه الذي أهيه. قال: هكذا تقول لبني إسرائيل: أهيه أرسلني إليكم. (خروج 3: 13-14)


هذه ـ كما ترى ـ أغرب آية في الكتاب كله! هكذا جاءت دون ترجمة، لأنه بالحقيقة ليس لها ترجمة!


أنا أكون الذي أنا أكون. أنا أكون أرسلني لكم!


بعبارة أخرى: إذا افترضنا أن هذا "المجهول" الـ "ما قبل الانفجار" هو ما نصطلح على تسميته "الله" ـ كما أفترض شخصيا هنا ـ فنحن بالحقيقة لا نعرف عنه سوى "أنه يكون".


الخلاصة الثانية: تتأسس على الخلاصة الأولى، وهي أننا لن نصل لإثبات الله علميا أو حتى فلسفيا إذا عدنا لأصل الكون. هذا في الحقيقة سبب من أسباب شغفي بالحوار. نحن هنا أمام نهاية الفلسفة، كما كنا في الخلاصة الأولى أمام نهاية العقل. لا يوجد دليل فلسفي قاطع على وجود الله، كما لا يوجد في المقابل دليل فلسفي قاطع على نفي وجوده. الفريقان كلاهما فقط ينفي الآخر، لكن أحدهما لا يثبت دعواه، ولا يستطيع.

(نحن بالطبع يمكننا إثبات وجود الله فلسفيا، بل ربما حتى علميا، ولكن ليس من طريق أصل الكون أو علة الخلق الأولى).

* * *

ختاما أرجو أن تسامحني إذا كان الحوار الأصلي قد تشتت قليلا. لذلك أدعوك إذا كنت تخالفني في الرأي أو في أية نقطة هنا أن نؤجل مناقشتنا إلى النهاية، بعد أن يكتمل حوارك الرئيسي مع أختنا الغالية، والذي أتعلم منه أيضا منكما معا. تحياتي وشكري وفي انتظار المزيد.



 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
تماما زميلة خادم البتول
لطالما رددت في المنتديات الاسلامية والمسيحية قولي أن الله لا يمكن معرفته إلا عن طريق اعلانه عن نفسه
لكن كلا المسيحيين والمسلمين يعتقدون أنهم يستطيعون اثبات وجود الله بالكيمياء والفيزياء
وعندما أسألهم : لماذا إذا الله وليس اي شيء آخر
والجواب الذي يخفونه داخلهم هو : لأننا نريد أن يكون الله
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
زميل فادي أعتذر على عدم اكمال الحوار معك ولكني ارى خطأ منهجي واضح في كلامك كما أنك تدور في حلقة مفرغة وتريد حسمها قبل الانتقال إلى نقطة أخرى وأنا أخبرتك أننا لا نستطيع حسمها
 

The Antiochian

أرثوذكسيُ الهوى
عضو نشيط
إنضم
8 نوفمبر 2010
المشاركات
6,365
مستوى التفاعل
525
النقاط
0
الإقامة
في عيون لا تنام
لقد أعلن الله عن نفسه لنا يا حيرانة على امتداد الأعوام منذ بدء البشرية وحتى يومنا هذا .
فضلاً عن التجارب الشخصية في حياة كل منا .
أفلا يكفي هذا ؟؟
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
لقد أعلن الله عن نفسه لنا يا حيرانة على امتداد الأعوام منذ بدء البشرية وحتى يومنا هذا .
فضلاً عن التجارب الشخصية في حياة كل منا .
أفلا يكفي هذا ؟؟

لا توجد أدلة لا على أن التوراة كلام إله ولا على وجود نبي اسمه موسى ولا أدلة على معجزات المسيح المزعومة
لو لم يوجد اليهود كان سيكتب عليك الايمان بأساطير شعب آخر كانت سيغزوك بثقافته وأساطيره وستؤمن بها اليوم وتدافع عنها
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
لا توجد أدلة لا على أن التوراة كلام إله ولا على وجود نبي اسمه موسى ولا أدلة على معجزات المسيح المزعومة
ولا توجد أدلة على أنك فتاة ولا توجد أدلة على أنك لست بمسلمة ولا عاقلة.. كلها إدعاءات..

لو لم يوجد اليهود كان سيكتب عليك الايمان بأساطير شعب آخر كانت سيغزوك بثقافته وأساطيره وستؤمن بها اليوم وتدافع عنها
لماذا لا تثبتي أن هذا الذي نؤمن به أساطير؟ أم أنك لأنك لا تعرفين كيف تفكري فتأخذين الطريق السهل بتكذييب كل شيء؟
 

Basilius

حتما سأنتصر
مشرف سابق
إنضم
17 نوفمبر 2006
المشاركات
3,500
مستوى التفاعل
302
النقاط
83
الإقامة
Egypt
زميل فادي أعتذر على عدم اكمال الحوار معك ولكني ارى خطأ منهجي واضح في كلامك كما أنك تدور في حلقة مفرغة وتريد حسمها قبل الانتقال إلى نقطة أخرى وأنا أخبرتك أننا لا نستطيع حسمها

بالعكس تماما
الزميل فادي منذ بدايه الحوار وهو يتكلم بشكل منطقي عقلاني
ويحاول طرح كل الافتراضات العقليه معك
وانا ارى انك انت من تدورين في حلقه مفرغه
واذا كنتي لا تستطيعين حسمها اذن هناك شيئا ما حول مفهومك لا يستطيع تفسير ما دار و يدور حولنا !!!




خادم البتول،
النقطة التى لا استطيع أن افهمها فى طرح الزميلة حيرانة: كيف يمكن أن تُوجد طاقة، أو مادة بشكل عام، دون وجود مكان وزمان لها؟ كل هذا مجرد تخمين لا اساس علمى له ولا يمكن أن نصل له بأى طريقة استقرائية. لو أنه لا وجود للمكان والزمان قبل الانفجار، فلا شىء كان موجود قبل الانفجار، لأن فى ذلك الوقت لا معنى للوجود بمفهومه الأُندولوجى، مثلما يقف شخص فى القطب الشمالى ويسأل ما هو شمال القطب الشمالى! لو أن هناك طاقة، فلابد أنها وُجِدت فى حيز اطار الزمان والمكان.
ما يمكننا ان نتأكد منه هو أن الكون، المادة الموجودة بداخل اطار الزمان والمكان، جاءت من العدم. هذا العدم لم يكن قبله شىء. لم يكن هناك طاقة أو شكل من اشكال المادة قبل أن يكون هناك زمان ومكان. اى استنتاج آخر وأى طريقة أخرى لمحاولة فهم نشأة الكون هى مجرد تخيلات لا دليل عليها.
أما الإدعاء بأن الطاقة التى نشأ منها الكون ازلية فهو ليس سوى اننا أخرنا السؤال خطوة واحدة: بدلاً من السؤال حول نشأة الكون، نسأل الآن عن نشأة هذه الطاقة التى نشأ منها الكون. والزميلة حيرانة تدعى بأن هذه الطاقة أزلية، رغم أنه لا يوجد شىء اسمه "ازلى" واقعياً. لا يمكن لأحد أن يجد شيئاً لانهائياً فى الواقع، انما هو مفهوم فكرى نظرى لا يُوجد خارج العقل. ولهذا سألت الزميلة حيرانة: ما هى النقطة التى بدأت منها لانهائية هذه الطاقة؟ لأن هذا يعنى حتماً أن الطاقة أبدية ايضاً، فهى لانهائية من الناحيتين، الماضى والمستقبل. هذا يعنى ببساطة أنها تفترض بالضرورة أن الكون سيظل أبدياً!

الدليل العلمى يؤكد لنا أن الزمان والمكان لهما بداية، وان خلف الانفجار العظيم لم يكن هناك شىء، اى شىء إطلاقاً. الكون جاء للوجود من لا شىء. لا يوجد دليل على أنه كان هناك طاقة قبل الانفجار. لا يوجد دليل على انه كان هناك مكان وزمان قبل الانفجار.

فإن كان الكون قد جاء للوجود من لا شىء، فما الذى جعله يبدأ فى الوجود؟ الفيلسوف المسلم الكندى وضع "مبدأ الترجيح"، وفيه يقول أن الكون حينما كان لا شىء كان هناك احتمالين متساويين: إما أن يبقى عدماً أو يتحول إلى موجود، فما الذى جعله يتحول إلى موجود؟ ما الذى جعل احتمالية وجوده "تُرجح" على احتمالية بقاؤه عدماً؟

سؤال يجب على كل انسان أن يفكر فيه: لماذا هناك شىء بدلاً من لا شىء؟
رائع يا اخ فادي
لا ارى اي حلقه مفرغه تدور فيها كما تقول اختنا الفاضله !!!
 
التعديل الأخير:

The Antiochian

أرثوذكسيُ الهوى
عضو نشيط
إنضم
8 نوفمبر 2010
المشاركات
6,365
مستوى التفاعل
525
النقاط
0
الإقامة
في عيون لا تنام
لا توجد أدلة لا على أن التوراة كلام إله ولا على وجود نبي اسمه موسى ولا أدلة على معجزات المسيح المزعومة
لو لم يوجد اليهود كان سيكتب عليك الايمان بأساطير شعب آخر كانت سيغزوك بثقافته وأساطيره وستؤمن بها اليوم وتدافع عنها
ههههههههه لا يوجد شيء اسمه لو لم يوجد اليهود .
لأن اليهودية تهيأة من الرب لمجيء المسيح .
وأكبر دليل على صحة كل من اليهودية والمسيحية هو احتواء اليهودية على 300 نبوءة قبل المسيح بقرووون ، وتحققها كلها بالمسيح .
 

The Antiochian

أرثوذكسيُ الهوى
عضو نشيط
إنضم
8 نوفمبر 2010
المشاركات
6,365
مستوى التفاعل
525
النقاط
0
الإقامة
في عيون لا تنام
ولدينا معجزات خالدة ومثبتة حتى اليوم ، وقد رأيت بنفسك معجزة فيض النور ، ولا يمكن لأعظم غير مسيحي أن ينكرها أو يكذبها بأي شكل .

ولدينا في الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية قديسين كثر لم تتحلل جثامينهم ، وهم كما هم مثلما ماتوا وحتى الآن ، ونتحدى أن يكون إنسان من بين مئات آلاف وملايين من زاروهم أن يقول أن في الموضوع أي شكل من التحنيط ، علماً أن الفرق واضح من النظر .
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,079
مستوى التفاعل
1,056
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

لطالما رددت في المنتديات الاسلامية والمسيحية قولي أن الله لا يمكن معرفته إلا عن طريق اعلانه عن نفسه


نعم يا أختي الغالية. هذا أتفق فيه معك. وقد أعلن بالفعل عن نفسه!


لكن كلا المسيحيين والمسلمين يعتقدون أنهم يستطيعون اثبات وجود الله بالكيمياء والفيزياء


لسبب ما أنت تذهبين فتختفين طويلا ثم تعودين، وهذا للأسف لا يقيم حوارا حقيقيا مثمرا، بل ربما يشبه موقف اللادينيين والملحدين بوجه عام، لأنهم عادة يعيشون حالة تعال رائعة يشعرون معها أنهم تجاوزوا عقليا وفكريا مرحلة الإيمان والمؤمنين، أو الدين والمتدينين، ومن ثم لا يأبهون كثيرا بهذه الحوارات!

أدركت بالطبع مبكرا أن ثم مشكلة في التواصل مع الأخ الحبيب "فادي" ـ بغض النظر عن السبب ـ وعليه فقد تدخلت حين سنحت الفرصة، حرصا عليك في المقام الأول، حتى أدركك قبل أن تعافي الحوار أو تنسحبي، أو بالأحرى قبل أن تفقدي فرصتك وتضلي عن الطريق! أعتقد أنك أيضا لم تفهمي جيدا ما كان "فادي" يحاول شرحه، أو ربما أنتما معا أخذتما الحوار إلى أبعاد لم يكن مستحقا أن يذهب إليها في هذه المرحلة. أيا كانت الأسباب، إذا أردتِ أخيرا الانسحاب من الحوار فليكن، هذا بالتأكيد شأنك واختيارك، وأرجو أن تدركي الحقيقة يوما ما أيّا كان الطريق الذي قررتِ السفر فيه. أما إذا كان لديك استعداد للحضور المنتظم نوعا، ولو مرة كل أسبوع ـ على الأقل تعبيرا عن احترامك للحوار والمتحاورين، ناهيك عن القراء والمتابعين ـ فسأخبرك ساعتها، أو يخبرك أي من الأخوة الأحباب، لماذا يعتقد المسيحيون وغيرهم أن باستطاعتهم إثبات وجود الله بالكيمياء والفيزياء.


لكن كلا المسيحيين والمسلمين يعتقدون أنهم يستطيعون اثبات وجود الله بالكيمياء والفيزياء
وعندما أسألهم : لماذا إذا الله وليس اي شيء آخر؟...................


نعم يا أختي الغالية: هو شيء آخر. فليكن شيئا آخر. لكن هذا الشيء الآخر نفسه هو ما يسميه البعض "الله"، والبعض يسميه براهما أو بوذا أو التاو، والبعض يسميه "النفس الأعلى" أو "المصدر" أو "الكل" أو غيرها من أسماء. على ذلك ليس مهما الاسم، بل نحن شخصيا نقول "أهيه الذي أهيه"، هو الذي هو، يكون ما يكون. السؤال من ثم هو: هل هناك ابتداء "عقل" ما، أو على الأقل ـ كما تقولين ـ "شيء" ما أو "وجود" ما، خلف هذا العالم، أو فوق هذا العالم، أو قبل هذا العالم؟ هذا هو ما يفصل أولا بين الإيمان والإلحاد. لكننا هنا في الحقيقة أمام ثلاثة أقوال رئيسية، ليس فقط قول الإيمان مقابل قول الإلحاد. سأشبّه ذلك بعالم الأسماك حتى يتضح المعنى:

القول الأول هو قول الإيمان: هذا هو قول السمك الذي يؤمن بوجود "الحوت الأبيض العظيم" في "أعالي البحار"، فهذا إله السمك الذي خلق كل شيء في البحر وهم له عابدون.

القول الثاني هو قول الإلحاد: هذا هو قول السمك الذي يلحد وينكر وجود "الحوت الأبيض العظيم" وحتى وجود أي موقع اسمه "أعالي البحار"، لأن كل ذلك ـ حسب العقل والعلم الحديث ـ ليس إلا أساطير وخرافات.

القول الثالث هو القول المسيحي: وهو القول الذي يحل لنا أخيرا هذه المشكلة التاريخية ويوافق ويستوعب قول الطرفين معا رغم تناقضهما. هذا النوع من السمك يقول ببساطة نعم هناك "حوت أبيض عظيم"، فيوافق بذلك قول الإيمان، لكنه أيضا يقول أن هذا الحوت ليس فقط في أعالي البحار، بل بالأحرى هو هذا "الماء" نفسه الذي نعيش فيه!

لذلك يوافق هذا السمك على قول الملحدين أيضا، وتحديدا لهذا السبب. هذا السمك يقول: نعم، أنتم أيها الملحدون على صواب تماما، لأنكم حقا لن تجدوا "الحوت الأبيض العظيم" مهما بحثتم عنه ولن تدركوه أبدا حتى لو وصلتم أعالي البحار. بل أنتم رغم كل فلسفتكم وكل علومكم ما زلتم كأبسط المؤمنين سواء بسواء: هم يؤمنون بوجود "شيء" ما أو "كائن" ما يسمونه (الله / يهوه / براهما / الحوت الأبيض العظيم)، وأنتم فقط ردة الفعل، فقط وجه العملة الآخر، كل ما تفعلون هو أنكم فقط تنفون وتنكرون وجود هذا الحوت، هذا الـ"شيء"، أو هذا "الكائن"!

لكن السمك الملحد عندما عرف من سمك المسيح أن "الحوت" هو بالحقيقة الماء قال ببساطة، أو بالأحرى قال ببلاهة: ماء؟ ما هو الماء؟ ماذا تقصدون بالماء؟!!

نعم، لا يعرف السمك عامة أي شيء عن "الماء" على الإطلاق، ولا يفطن أبدا لوجوده وللحقيقة البسيطة أنه يعيش بالفعل داخل وسط اسمه "الماء"! البشر فقط هم الذين أدركوا ذلك، لأنهم ببساطة يعيشون "خارج" الماء!

الآن في المقابل اسألي يا سيدتي أصغر طفل مسيحي أين اللاهوت، يجيبك على الفور أنه في كل مكان! حتى عرش الله ويمين الآب كلها لاهوتيا تعبيرات مجازية عن "موضع المجد" و"يمين القوة" ومركز العظمة ومعناها، لا تعبيرات "جغرافية" عن مكان فيه عرش، أو عن إله له يمين أو يسار!

بل نذهب أبعد من ذلك فنؤمن أن هذا اللاهوت "فينا" كما أننا فيه! بل كما يدخل الماء في مادة السمك كذلك يدخل اللاهوت في مادتنا، نتطهر بخبزه وكأسه فيصبح هو الحي في أرواحنا وهو العامل بأيدينا وهو الناطق على ألسنتنا. ذلك كله لم يكن ممكنا إلا أننا منذ البدء أدركنا "السر"، تعلمنا الحقيقة وراء "الكلمة"، فهمنا المعنى الكامن في "الرمز"، وعرفنا أنه ليس فقط "حوت أبيض عظيم" يعيش بعيدا في الأعالي، بل هو "الماء" نفسه، هو "الوسط" الذي نعيش فيه ونتحرك، هو "الوجود" الذي به نكون، وهو "الحياة" التي نحن جميعا تجلياتها!

بعد أن أدركنا هذا كله عدنا إلى الناس كي نخبرهم به، ولكن حقا كيف نخبرهم إذا كان كل ما نملك هو هذه "اللغة" العاجزة القاصرة؟ بل حتى لو ساعدتنا اللغة فإن العامة والبسطاء من الناس لا يقترفون الفلسفة! الفلاحون في حقولهم والساعون على أرزاقهم والعجائز المتلاصقات في برد الشتاء أمام نار المدفأة لا يملكون رفاهية التأمل أو حتى القراءة. لأجل هؤلاء جميعا جاء أول رجل وضع لهذا "الوجود" الشامل وهذا "المعنى" الفائق اسما، فعندئذ سماه "الله"!


لا توجد أدلة لا على أن التوراة كلام إله ولا على وجود نبي اسمه موسى ولا أدلة على معجزات المسيح المزعومة
لو لم يوجد اليهود كان سيكتب عليك الايمان بأساطير شعب آخر كانت سيغزوك بثقافته وأساطيره وستؤمن بها اليوم وتدافع عنها


نعم يا أختي الغالية: حتى لو لم يكن هناك دليل على تاريخية التوراة أو نبوة موسى أو معجزات المسيح، مازال هذا كله ـ مثل اسم "الله" نفسه ـ مجرد إشارة، أو رمز، أو علامة، أو بتعبير أدق "خريطة"، وشتان بين خريطة المدينة وبين المدينة نفسها. تلك في الحقيقة هي مشكلة البشرية كلها منذ البدء وحتى اليوم: وهي أننا نخلط بين الحقيقة و بين خريطة الحقيقة. الخريطة ـ كأية خريطة ـ مجرد "تمثيل" للحقيقة، مجرد علامات ورموز تصورها وتقربها لنا، وهي ليست في النهاية أكثر من وسيلة لبلوغها.

قصص التوراة من ثم أو معجزات المسيح ليست هي المشكلة. ليست المشكلة على سبيل المثال هي قصة مثل آدم وحواء والشجرة التي يزعم الملحدون أنها تتعارض مع نظرية التطور، لأننا في أسوأ الحالات نستطيع تفسير هذه القصة مجازيا لا حرفيا ـ كما فسرها كذلك العلامة أوريجانوس بالفعل ـ حتى لو اختلف الآخرون معنا كما اختلفوا معه. ولكن سيان جاءت هذه القصة رمزا أو حدثت حرفيا وتاريخيا، في الحالتين ما زال هذا الحدث ـ كما التاريخ كله، بل كما العالم كله ـ ما زال مجرد رمز لمعنى أعمق، وما زال "خريطة" تقود لوجود أشمل وأعظم، كما أن كل الكواكب والشموس والمجرات كلها رموز لمعنى أعمق وخريطة تدل على وجود أشمل وأعظم.

الحقيقة من ثم لا يمكن أن نجدها في رسالة، أو في كتاب، أو في عظة. الحقيقة ليست "شيئا" يمكن أن "يجده" الإنسان فيهتف: "ها، أخيرا وجدت الحقيقة"، أو أن يعطيها لك شخص آخر قائلا: "خذي، هذه هي الحقيقة"! الحقيقة بالأحرى تجربة حية شاملة وخبرة ذاتية مباشرة. نحن لا نعرف "الله" كما نعرف حل مسألة أو إجابة "فزورة" أو ناتج عملية حسابية أو منطقية. نحن بالأحرى نعرف الله بالخبرة الحية وبالتجربة المباشرة، بالوجود فيه وله ومعه، بالعقل والقلب والروح كلها معا! نحن بالأحرى نعرف الله عندما ننتقل من "الاسم" القاصر المحدود إلى "وجوده" الباهر اللا محدود. عندما ننتقل من "العقل" إلى "المعايشة" و"المعاينة". عندما ننتقل من "التأمل في الخريطة" إلى "التجول في المدينة"، عندما ننتقل من "حروف" الكتاب المنظورة إلى معانيها اللا منظورة، وعندما نصلي ختاما فلا تشغلنا العبادة وإنما يشغلنا المعبود، الذي يتجلى للمحبين في النهاية فتنكشف لهم أوهام العالم وتتحرر عقولهم من شراك "الخرائط" كلها، بل يتحررون حتى من عقولهم ومن قيود حواسهم ومن حدود أنفسهم لأنهم يفنون بالكلية في حضرته!

الآن سيدتي إذا وجدتِ في أي مكان ـ باسم العلم أو باسم الفلسفة أو باسم الدين ـ إذا وجدتِ أية "خريطة" لتمثيل الحقيقة وبلوغ الغاية أفضل وأسرع وأبسط من هذه الخريطة التي نسميها "المسيحية"، فرجاء أخبريني، وتأكدي عندئذ أنني ـ دون أي تردد ـ سأكون أسبق منك إليها!

حتى ذلك الحين دعيني بالعكس أخبرك يا أختي الغالية أننا نحيا بالفعل في نعمة وفي فرح وفي سلام لا يمكن التعبير عنهم أبدا. هذه هي "الخلاصة" كلها. نحن في بحر المحبة نتأمل صباح مساء كيف يفيض الجمال في هذا الكون وكيف تتجلى القدرة وكيف يتلألأ البهاء! الناس من فجر التاريخ تريد أن "تعرف" الحقيقة، أما نحن فبالعكس "نعيش" الحقيقة في كل لحظة! الناس من فجر التاريخ تنتظر في شقاء لأجل أن تصل أخيرا بعد موتها إلى ملكوت الله وجنته، أما نحن فبالعكس جاءنا "أبو الأنوار" فأخبرنا أن هنا ملكوت الله قائم، "ها ملكوت الله داخلكم"!


 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
الأخت حيرانة هى ضعيفة حواريا تماما ومنطقيا، ولا أستبعد أن تكون تكذب..

فهى دائما تسأل ولا تحب أن يسألها أحد، وعندما يسألها شخص تترك الموضوع!

وعندما يحاصرها شخص بالمنطق، تجدها تقلب الموضوع أنه هو الذي يدور في حلقة مفرغة وتلصق به الإتهامات، أرى أن هذا نوع من المرض..
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0

ولا توجد أدلة على أنك فتاة ولا توجد أدلة على أنك لست بمسلمة ولا عاقلة.. كلها إدعاءات..


لماذا لا تثبتي أن هذا الذي نؤمن به أساطير؟ أم أنك لأنك لا تعرفين كيف تفكري فتأخذين الطريق السهل بتكذييب كل شيء؟

البينة على من ادعى
من يدعي شيء بدون دليل ليس من حقه المطالبة بدليل على عدم صحته
لأن انكار الشيء هو مجرد رد على ادعاء وليس ادعاء
 

The Antiochian

أرثوذكسيُ الهوى
عضو نشيط
إنضم
8 نوفمبر 2010
المشاركات
6,365
مستوى التفاعل
525
النقاط
0
الإقامة
في عيون لا تنام
أكرر مشاركتي :
ولدينا معجزات خالدة ومثبتة حتى اليوم ، وقد رأيت بنفسك معجزة فيض النور ، ولا يمكن لأعظم غير مسيحي أن ينكرها أو يكذبها بأي شكل .

ولدينا في الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية قديسين كثر لم تتحلل جثامينهم ، وهم كما هم مثلما ماتوا وحتى الآن ، ونتحدى أن يكون إنسان من بين مئات آلاف وملايين من زاروهم أن يقول أن في الموضوع أي شكل من التحنيط ، علماً أن الفرق واضح من النظر .
 

چاكس

مفصول لمخالفة قوانين المنتدى
إنضم
6 فبراير 2012
المشاركات
2,895
مستوى التفاعل
466
النقاط
0
البينة على من ادعى
من يدعي شيء بدون دليل ليس من حقه المطالبة بدليل على عدم صحته
لأن انكار الشيء هو مجرد رد على ادعاء وليس ادعاء

يا اخت حيرانه هو ميقصدش ، هو قصده ان احنا بنتعامل مع عالم افتراضى
فارجوكى بلاش حساسية
انا متابع حواركم ... اتفضلى كملى براحتك
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
بالعكس تماما
الزميل فادي منذ بدايه الحوار وهو يتكلم بشكل منطقي عقلاني
ويحاول طرح كل الافتراضات العقليه معك
وانا ارى انك انت من تدورين في حلقه مفرغه
واذا كنتي لا تستطيعين حسمها اذن هناك شيئا ما حول مفهومك لا يستطيع تفسير ما دار و يدور حولنا !!!




رائع يا اخ فادي
لا ارى اي حلقه مفرغه تدور فيها كما تقول اختنا الفاضله !!!

أولا الأخ فادي يفهم بعض النظريات فهم خاطئ
وثانيا يتحدث عن العدم كمفهوم غيبي ويريد الزامي به
هل يوجد شيء اسمه عدم في الكون ؟ أعطني مثال
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
البينة على من ادعى
أرى أنك تدعين الإلحاد وأنتي أقل فكريا منه كثيرا فلو كنتي تفهمين كلامي ستجدي كلامك هذا لا علاقة له بكلامي أصلا..

انا لم ادعي شيء، انا قلت انه لا يوجد دليل، فهل لديك دليل :

ولا توجد أدلة على أنك فتاة ولا توجد أدلة على أنك لست بمسلمة ولا عاقلة.. كلها إدعاءات..

من يدعي شيء بدون دليل ليس من حقه المطالبة بدليل على عدم صحته
لا احد إدعى، انا اقول انه لا يوجد دليل أصلا ..

لأن انكار الشيء هو مجرد رد على ادعاء وليس ادعاء
خطأ منطقي فاحش، الإنكار لشيء يعني أن هذا الشيء بالفعل موجود، وهذا غير متحقق ، فلا لا توجد أدلة على أنك فتاة ولا توجد أدلة على أنك لست بمسلمة ولا عاقلة.. كلها إدعاءات..


أولا الأخ فادي يفهم بعض النظريات فهم خاطئ
هذا نفسه ليس من حقك، فأنتي هنا تستمري في جعل نفسك المقياس للفهم، مع اني تحاورت معكي كثيرا ووجدتك أقل من الفهم..
وثانيا يتحدث عن العدم كمفهوم غيبي ويريد الزامي به
كيف سيلزمك به؟ هذا تهرب من حقيقة بأسلوب ظريف..

لن يستطيع إلزامك بشيء، ولا انتي تستطيعي إلزامه بشيء،
لكن تستطيعي تقديم أدلة، فأين؟!!

أم انك لا تحبين الأدلة على ما تتوهمية ؟

هل يوجد شيء اسمه عدم في الكون ؟ أعطني مثال
هذا سؤال يعكس بجلاء خلل عقلي لديك في الفهم، لماذا (حتى لا تعتبريني أسيء إليكي)؟

لانك تقولي : هل "يــــوجـــد" شيء أسمه "عــــدم" فإن كان تعريف الـ"عدم" هو "غير الموجود" فكيف "يوجد" الـ"عدم"!!!

هل عرفتي انك ضعيفة منطقيا ولا تقوي على حوار خفيف عقلي؟!!

هذا ليس لعيب فيكي نفسك، بل لأنك عندما خرجتي من الإسلام إعتقدتي أن الإلحاد هو "رفض كل شيء" + "ان اعيش برنسيسة في التفكير" وأقبل "بالمزاج" وأرفض "بالمزاج" ولا تعرفي أن "الدينيين" منهم من يستطيع أن يعاملك بنفس المنطق ويحاصرك فكريا تماما، فإحذري..



 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0



نعم يا أختي الغالية. هذا أتفق فيه معك. وقد أعلن بالفعل عن نفسه!





لسبب ما أنت تذهبين فتختفين طويلا ثم تعودين، وهذا للأسف لا يقيم حوارا حقيقيا مثمرا، بل ربما يشبه موقف اللادينيين والملحدين بوجه عام، لأنهم عادة يعيشون حالة تعال رائعة يشعرون معها أنهم تجاوزوا عقليا وفكريا مرحلة الإيمان والمؤمنين، أو الدين والمتدينين، ومن ثم لا يأبهون كثيرا بهذه الحوارات!

أدركت بالطبع مبكرا أن ثم مشكلة في التواصل مع الأخ الحبيب "فادي" ـ بغض النظر عن السبب ـ وعليه فقد تدخلت حين سنحت الفرصة، حرصا عليك في المقام الأول، حتى أدركك قبل أن تعافي الحوار أو تنسحبي، أو بالأحرى قبل أن تفقدي فرصتك وتضلي عن الطريق! أعتقد أنك أيضا لم تفهمي جيدا ما كان "فادي" يحاول شرحه، أو ربما أنتما معا أخذتما الحوار إلى أبعاد لم يكن مستحقا أن يذهب إليها في هذه المرحلة. أيا كانت الأسباب، إذا أردتِ أخيرا الانسحاب من الحوار فليكن، هذا بالتأكيد شأنك واختيارك، وأرجو أن تدركي الحقيقة يوما ما أيّا كان الطريق الذي قررتِ السفر فيه. أما إذا كان لديك استعداد للحضور المنتظم نوعا، ولو مرة كل أسبوع ـ على الأقل تعبيرا عن احترامك للحوار والمتحاورين، ناهيك عن القراء والمتابعين ـ فسأخبرك ساعتها، أو يخبرك أي من الأخوة الأحباب، لماذا يعتقد المسيحيون وغيرهم أن باستطاعتهم إثبات وجود الله بالكيمياء والفيزياء.





نعم يا أختي الغالية: هو شيء آخر. فليكن شيئا آخر. لكن هذا الشيء الآخر نفسه هو ما يسميه البعض "الله"، والبعض يسميه براهما أو بوذا أو التاو، والبعض يسميه "النفس الأعلى" أو "المصدر" أو "الكل" أو غيرها من أسماء. على ذلك ليس مهما الاسم، بل نحن شخصيا نقول "أهيه الذي أهيه"، هو الذي هو، يكون ما يكون. السؤال من ثم هو: هل هناك ابتداء "عقل" ما، أو على الأقل ـ كما تقولين ـ "شيء" ما أو "وجود" ما، خلف هذا العالم، أو فوق هذا العالم، أو قبل هذا العالم؟ هذا هو ما يفصل أولا بين الإيمان والإلحاد. لكننا هنا في الحقيقة أمام ثلاثة أقوال رئيسية، ليس فقط قول الإيمان مقابل قول الإلحاد. سأشبّه ذلك بعالم الأسماك حتى يتضح المعنى:

القول الأول هو قول الإيمان: هذا هو قول السمك الذي يؤمن بوجود "الحوت الأبيض العظيم" في "أعالي البحار"، فهذا إله السمك الذي خلق كل شيء في البحر وهم له عابدون.

القول الثاني هو قول الإلحاد: هذا هو قول السمك الذي يلحد وينكر وجود "الحوت الأبيض العظيم" وحتى وجود أي موقع اسمه "أعالي البحار"، لأن كل ذلك ـ حسب العقل والعلم الحديث ـ ليس إلا أساطير وخرافات.

القول الثالث هو القول المسيحي: وهو القول الذي يحل لنا أخيرا هذه المشكلة التاريخية ويوافق ويستوعب قول الطرفين معا رغم تناقضهما. هذا النوع من السمك يقول ببساطة نعم هناك "حوت أبيض عظيم"، فيوافق بذلك قول الإيمان، لكنه أيضا يقول أن هذا الحوت ليس فقط في أعالي البحار، بل بالأحرى هو هذا "الماء" نفسه الذي نعيش فيه!

لذلك يوافق هذا السمك على قول الملحدين أيضا، وتحديدا لهذا السبب. هذا السمك يقول: نعم، أنتم أيها الملحدون على صواب تماما، لأنكم حقا لن تجدوا "الحوت الأبيض العظيم" مهما بحثتم عنه ولن تدركوه أبدا حتى لو وصلتم أعالي البحار. بل أنتم رغم كل فلسفتكم وكل علومكم ما زلتم كأبسط المؤمنين سواء بسواء: هم يؤمنون بوجود "شيء" ما أو "كائن" ما يسمونه (الله / يهوه / براهما / الحوت الأبيض العظيم)، وأنتم فقط ردة الفعل، فقط وجه العملة الآخر، كل ما تفعلون هو أنكم فقط تنفون وتنكرون وجود هذا الحوت، هذا الـ"شيء"، أو هذا "الكائن"!

لكن السمك الملحد عندما عرف من سمك المسيح أن "الحوت" هو بالحقيقة الماء قال ببساطة، أو بالأحرى قال ببلاهة: ماء؟ ما هو الماء؟ ماذا تقصدون بالماء؟!!

نعم، لا يعرف السمك عامة أي شيء عن "الماء" على الإطلاق، ولا يفطن أبدا لوجوده وللحقيقة البسيطة أنه يعيش بالفعل داخل وسط اسمه "الماء"! البشر فقط هم الذين أدركوا ذلك، لأنهم ببساطة يعيشون "خارج" الماء!

الآن في المقابل اسألي يا سيدتي أصغر طفل مسيحي أين اللاهوت، يجيبك على الفور أنه في كل مكان! حتى عرش الله ويمين الآب كلها لاهوتيا تعبيرات مجازية عن "موضع المجد" و"يمين القوة" ومركز العظمة ومعناها، لا تعبيرات "جغرافية" عن مكان فيه عرش، أو عن إله له يمين أو يسار!

بل نذهب أبعد من ذلك فنؤمن أن هذا اللاهوت "فينا" كما أننا فيه! بل كما يدخل الماء في مادة السمك كذلك يدخل اللاهوت في مادتنا، نتطهر بخبزه وكأسه فيصبح هو الحي في أرواحنا وهو العامل بأيدينا وهو الناطق على ألسنتنا. ذلك كله لم يكن ممكنا إلا أننا منذ البدء أدركنا "السر"، تعلمنا الحقيقة وراء "الكلمة"، فهمنا المعنى الكامن في "الرمز"، وعرفنا أنه ليس فقط "حوت أبيض عظيم" يعيش بعيدا في الأعالي، بل هو "الماء" نفسه، هو "الوسط" الذي نعيش فيه ونتحرك، هو "الوجود" الذي به نكون، وهو "الحياة" التي نحن جميعا تجلياتها!

بعد أن أدركنا هذا كله عدنا إلى الناس كي نخبرهم به، ولكن حقا كيف نخبرهم إذا كان كل ما نملك هو هذه "اللغة" العاجزة القاصرة؟ بل حتى لو ساعدتنا اللغة فإن العامة والبسطاء من الناس لا يقترفون الفلسفة! الفلاحون في حقولهم والساعون على أرزاقهم والعجائز المتلاصقات في برد الشتاء أمام نار المدفأة لا يملكون رفاهية التأمل أو حتى القراءة. لأجل هؤلاء جميعا جاء أول رجل وضع لهذا "الوجود" الشامل وهذا "المعنى" الفائق اسما، فعندئذ سماه "الله"!





نعم يا أختي الغالية: حتى لو لم يكن هناك دليل على تاريخية التوراة أو نبوة موسى أو معجزات المسيح، مازال هذا كله ـ مثل اسم "الله" نفسه ـ مجرد إشارة، أو رمز، أو علامة، أو بتعبير أدق "خريطة"، وشتان بين خريطة المدينة وبين المدينة نفسها. تلك في الحقيقة هي مشكلة البشرية كلها منذ البدء وحتى اليوم: وهي أننا نخلط بين الحقيقة و بين خريطة الحقيقة. الخريطة ـ كأية خريطة ـ مجرد "تمثيل" للحقيقة، مجرد علامات ورموز تصورها وتقربها لنا، وهي ليست في النهاية أكثر من وسيلة لبلوغها.

قصص التوراة من ثم أو معجزات المسيح ليست هي المشكلة. ليست المشكلة على سبيل المثال هي قصة مثل آدم وحواء والشجرة التي يزعم الملحدون أنها تتعارض مع نظرية التطور، لأننا في أسوأ الحالات نستطيع تفسير هذه القصة مجازيا لا حرفيا ـ كما فسرها كذلك العلامة أوريجانوس بالفعل ـ حتى لو اختلف الآخرون معنا كما اختلفوا معه. ولكن سيان جاءت هذه القصة رمزا أو حدثت حرفيا وتاريخيا، في الحالتين ما زال هذا الحدث ـ كما التاريخ كله، بل كما العالم كله ـ ما زال مجرد رمز لمعنى أعمق، وما زال "خريطة" تقود لوجود أشمل وأعظم، كما أن كل الكواكب والشموس والمجرات كلها رموز لمعنى أعمق وخريطة تدل على وجود أشمل وأعظم.

الحقيقة من ثم لا يمكن أن نجدها في رسالة، أو في كتاب، أو في عظة. الحقيقة ليست "شيئا" يمكن أن "يجده" الإنسان فيهتف: "ها، أخيرا وجدت الحقيقة"، أو أن يعطيها لك شخص آخر قائلا: "خذي، هذه هي الحقيقة"! الحقيقة بالأحرى تجربة حية شاملة وخبرة ذاتية مباشرة. نحن لا نعرف "الله" كما نعرف حل مسألة أو إجابة "فزورة" أو ناتج عملية حسابية أو منطقية. نحن بالأحرى نعرف الله بالخبرة الحية وبالتجربة المباشرة، بالوجود فيه وله ومعه، بالعقل والقلب والروح كلها معا! نحن بالأحرى نعرف الله عندما ننتقل من "الاسم" القاصر المحدود إلى "وجوده" الباهر اللا محدود. عندما ننتقل من "العقل" إلى "المعايشة" و"المعاينة". عندما ننتقل من "التأمل في الخريطة" إلى "التجول في المدينة"، عندما ننتقل من "حروف" الكتاب المنظورة إلى معانيها اللا منظورة، وعندما نصلي ختاما فلا تشغلنا العبادة وإنما يشغلنا المعبود، الذي يتجلى للمحبين في النهاية فتنكشف لهم أوهام العالم وتتحرر عقولهم من شراك "الخرائط" كلها، بل يتحررون حتى من عقولهم ومن قيود حواسهم ومن حدود أنفسهم لأنهم يفنون بالكلية في حضرته!

الآن سيدتي إذا وجدتِ في أي مكان ـ باسم العلم أو باسم الفلسفة أو باسم الدين ـ إذا وجدتِ أية "خريطة" لتمثيل الحقيقة وبلوغ الغاية أفضل وأسرع وأبسط من هذه الخريطة التي نسميها "المسيحية"، فرجاء أخبريني، وتأكدي عندئذ أنني ـ دون أي تردد ـ سأكون أسبق منك إليها!

حتى ذلك الحين دعيني بالعكس أخبرك يا أختي الغالية أننا نحيا بالفعل في نعمة وفي فرح وفي سلام لا يمكن التعبير عنهم أبدا. هذه هي "الخلاصة" كلها. نحن في بحر المحبة نتأمل صباح مساء كيف يفيض الجمال في هذا الكون وكيف تتجلى القدرة وكيف يتلألأ البهاء! الناس من فجر التاريخ تريد أن "تعرف" الحقيقة، أما نحن فبالعكس "نعيش" الحقيقة في كل لحظة! الناس من فجر التاريخ تنتظر في شقاء لأجل أن تصل أخيرا بعد موتها إلى ملكوت الله وجنته، أما نحن فبالعكس جاءنا "أبو الأنوار" فأخبرنا أن هنا ملكوت الله قائم، "ها ملكوت الله داخلكم"!



كلامك هو كلام امرأة تؤمن أنها تعيش في عالم افتراضي وكل المفاهيم التي فيه افتراضية
لا أعتقد أن الأديان ومؤسسيها يوافقونك فلغتهم كانت لغة مباشرة
أنا سأبسط لك الأمر كله كالآتي :
- الإله إما أن يكون عبارة عن وعي وعقل سابق للعقل البشري إما أنه غير موجود
- موسى إما وجد أو لم يوجد
- وإن وجد إما كان كذاب أو مريض أو نبي فعلا
- المسيح إما لم يوجد لا هو ولا أمه
- إما وجد وكان شخص عادي تم صلبه وحوله الناس لاحقا إلى اسطورة
- وإما أن قصته حقيقية بنسختها المسيحية أو بأي نسخة أخرى

لا يمكن أن تكون كل هذه النقط صحيحة معا
الأمر بهذه البساطة
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,079
مستوى التفاعل
1,056
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
كلامك هو كلام امرأة تؤمن أنها تعيش في عالم افتراضي وكل المفاهيم التي فيه افتراضية
لا أعتقد أن الأديان ومؤسسيها يوافقونك فلغتهم كانت لغة مباشرة

أنا لا تعنيني الأديان. أنا هنا أتحدث فقط عما قال وما علمنا السيد المسيح. هذا الذي قاله السيد كان بالتأكيد مباشرا، لأنه بالعكس كان يتوجه للبسطاء والفقراء، أصحاب الأوجاع والأحمال وحتى الخطايا، أكثر مما كان يتوجه للسادة أهل العلم أو الفلسفة أو الكهانة. لكن حتى رغم ذلك ـ ورغم تعليمه البسيط المباشر ـ كلما ارتقيتِ أنتِ خطوة لأعلى في الفهم أو في الكشف والإدراك، كلما وجدتِ هذا التعليم المباشر والقول البسيط نفسه يحمل معنى جديدا لم تنتبهي له من قبل.



- الإله إما أن يكون عبارة عن وعي وعقل سابق للعقل البشري إما أنه غير موجود

كلمات لا أعرف معناها.
ضعي تعريفا لـ"العقل البشري" وساعتها فقط يمكن أن أجيب ونتناقش.
بدون التعريفات الأولى نحن فقط نثرثر، وفقط نضيع الوقت!



- موسى إما وجد أو لم يوجد
- وإن وجد إما كان كذاب أو مريض أو نبي فعلا

نعم وجد، وكان بالتأكيد نبيا. حتى البحث التاريخي الذي يربط بينه وبين إخناتون لا يملك أن ينفي نبوته. ولكن مرة أخرى نحن في حالة تسيب فكري هائلة ونحن فقط نلقي بالكلام على عواهنه دون أي انضباط علمي أو فلسفي! ما هو أولا تعريف هذه الكلمة؟؟؟ ماذا تعني نبي؟؟؟



- المسيح إما لم يوجد لا هو ولا أمه
- إما وجد وكان شخص عادي تم صلبه وحوله الناس لاحقا إلى اسطورة
- وإما أن قصته حقيقية بنسختها المسيحية أو بأي نسخة أخرى

يا أختي الغالية أخبريني رجاء ماذا تريدين بالضبط؟ لماذا تخلطين الفلسفة بالتاريخ بالعلم؟ ما هو أصلا السؤال الذي نناقشه هنا؟ إذا كنتِ قد قررتِ أن المسيحية، وكل الديانات، باطلة، لأنها مجرد أساطير وخرافات توارثناها، فهذا قرارك ولا رجاء من النقاش. أما إذا كنتِ لم تقرري ذلك بعد وبالأحرى تريدين الإثبات أو النفي، عبر الحوار معنا، فعلى الأقل ـ فضلا منك وحنانا ـ على الأقل اقرأي جيدا ما أرسلت إليك، ثم ناقشيني فيه، بدلا من الإطاحة هكذا به في سطر واحد، بدعوى أنه قول "امرأة تعيش في عالم افتراضي كل المفاهيم التي فيه افتراضية"!!! أنتِ لم تفهمي بل حتى لم تقرأي ما كتبت!!! أنت لم تنتبهي لأي شيء على الإطلاق في رسالتي، ولا حتى علامة السهم الأزرق المائل التي تكشف أن بسلامته أصلا رجل وليس امرأة!!! :t9:


 
أعلى