حائرون نحو الحقيقة

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
سلام للجميع،
اطرح هذا الموضوع لكى اناقش مع اختنا "حيرانة" بعض الموضوعات الرئيسية الهامة فى كيفية التعامل مع قضية البحث الدينى والعقائدى.
واقول اننى اسميت عنوان هذا الموضوع لكى اشمل نفسى و كل باحث أمين تجاه نفسه و عقله و تجاه الله ايضاً فى هذه الحيرة. فأنا ايضاً حائر فى امور كثيرة. وهنا اؤكد ما اقوله دائماً: اللاهوتى الحقيقى، الباحث الحقيقى، لن يكون لديه اجابات كثيرة. ليس من باحث حقيقى يمتلك اجوبة كثيرة لاسئلة كثيرة. وانا سعيد بأن اشاركك، حيرانة، فى قصة بحثك عن الحقيقة.
دعينى اؤكد هنا اننى لا اكتب ذلك الآن لكى ما تؤمنى بالمسيحية. بل دعينى اصارحك اكثر، باننى استشعرت فى كلامك أنك قد تركت الإسلام لأسباب ربما لا تكون اسباب متماسكة منطقياً. لذا دعينا نبدأ من البداية.
اسمى فادى. يمكنك ان تنادينى فادى. وسأناديكى بمعرفك "حيرانة".
الاخوة الاعزاء المحاورين والمشرفين: هذا حوار خاص بينى وبين حيرانة، فسامحونى اذا طلبت منكم عدم التدخل. اعتذر عن ذلك فعلاً ولكننى احب أن اوجه هذا الحوار بالطريقة التى اراها مناسبة. اشكر محبتكم.
حيرانة، ما هى عقيدتك فى الله؟ احب ان اسمع ايضاً كيف توصلتى إلى هذه العقيدة الآن.
خالص تقديرى ومحبتى
فى المسيح
فادى
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
مرحبا
شكرا يا زميل فادي على الدعوة للنقاش, وأتمنى أن أستفيد من النقاش معك.

بل دعينى اصارحك اكثر، باننى استشعرت فى كلامك أنك قد تركت الإسلام لأسباب ربما لا تكون اسباب متماسكة منطقياً.

السبب الأكبر والرئيسي لتركي للاسلام هو عدم وجود سبب أو دليل للايمان به ! بعد هذا تأتي كل الأسباب الأخرى والتي يمكن تسميتها أدلة عقلية وعلمية على بطلان نبوة محمد وبشرية القرآن, وكون الاسلام دينا وضعيا بصفة عامة عبارة عن خليط من المعتقدات الاسرائيلية والوثنية.

حيرانة، ما هى عقيدتك فى الله؟ احب ان اسمع ايضاً كيف توصلتى إلى هذه العقيدة الآن.
فادى

أنا لا أعترف بوجود أي طريقة للتأكد من وجود خالق إلا عن طريق الاقتناع بدين معين, يعني مقتنعة أن معرفة وجود الله لا تتأتى إلا عن طريق إعلانه عن نفسه للبشر عن طريق دين أو أي وسيلة أخرى, فبدون اعلانه عن نفسه لا يمكن أن نحدد حتى ماهية وجودنا, فبالأحرى أن نتكلم عن وجود خالق.
لكني كثيرا ما أفترض جدلا وجود خالق من نوع ما أو إله وأرى أنه لا يوجد ولا رابط عقلي أو منطقي بين فرضية وجوده وبين فرضية وجود دين من عنده
.
هناك الكثير من المسلمين والمسيحيين يدعون أنه من غير المنطقي أن يوجد إله خلقنا دون غاية, وأنه يستحيل أن لا يبعث رسالة للبشر من أجل هدايتهم إلخ... وأنا لم أقتنع بهذه المقولة يوما وأرى فيها مبالغة وكذلك تعامي على كثير من المظاهر في هذا الوجود التي تدل على عبثيته.
فلو افترضنا وجود إله :
أولا لا أحد ممكن أن يجزم هل لدى الله غاية من الخلق أم لا
ثانيا لا أحد ممكن أن يحدد طبيعة هذه الغاية إن افترضنا جدلا أن الله لديه غاية


وشكرا مرة أخرى على الدعوة للحوار
 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
اهلاً حيرانة
لا افهم قولك هذا:

أدلة عقلية وعلمية على بطلان نبوة محمد وبشرية القرآن

هل تعتقدين أن اشياء مثل "النبوة" يمكن قياسها بمعيار عقلانى أو علمى أو تحليلى؟ ما هو المعيار العقلى للنبوة؟ رؤيتى أن هذا شىء خارج اطار التحليلى العقلى. هذه مسألة "ايمان" لا اكثر. لا يمكنك فحص امور غيبية بالعقل أبداً. هل تتفقين معى أم تختلفين معى؟
سعيد بأن اعرف عقيدتك فى الله ولكن احب أن افهمك خطوة خطوة. لذا سأفهمك فى النقطة السابقة ثم ننتقل إلى النقطة التالية.
تحياتى ومحبتى.
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
ماذا تقصد بقولك أن المسألة مسألة إيمان لا أكثر؟
إن كان الايمان لا يقوم على أي أسس عقلية فهذا بحد ذاته مخالف للعقل والمنطق !
أما انكارك لوجود أدلة عقلية وعلمية في دين ما فماذا نسمي الأخطاء التاريخية مثلا إن لم نسميها دليل علمي على بطلان الدين؟ وماذا نسمي التناقضات إن لم نسميها دليل عقلي على بطلان الدين؟
 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
اهلاً حيرانة،
لذلك احببت ان نتفق اولاً على بعض التدريبات فى المنطق. واحب ان اعرف منك: كيف تعرفين أن هذا الشخص (اى شخص) نبى ام لا؟ كيف يمكنك قياس ذلك الأمر؟
هل التاريخ يمكن أن يبطل دين اساساً؟ الدين هو غيب، كيف يبطله تاريخ؟ يمكننى أن اقول أن الدليل يسير فى عكس اتجاه ذلك الدين، ولكنه لا يبطله لأنكِ لا تعرفين كل شىء. بكلمات اخرى، سأفترض معكِ أن هناك نص دينى وهذا النص الدينى به خطأ تاريخى صريح وواضح. ودعينى اضع هذا فى شكل مقدمات منطقية واستنتاج:

1- هناك نص دينى به خطأ.
2-
3- اذن الاستنتاج هو: هذا النص الدينى غير حقيقى.

اريد ان اعرف منك كيف تملأين رقم 2؟ ماذا ستكتبى؟ هل ستكتبى أن النص الدينى يجب أن يكون بلا خطأ لذا بناء عليه هو نص غير حقيقى؟ كيف عرفت ذلك؟ كيف عرفت أن النص الدينى يجب أن يكون بلا خطأ؟ هذا مجرد افتراض منك تعتقدين انه بديهى بينما هو لا بديهى بالمرة.

تحياتى ومحبتى
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
عندما نتحدث عن خطأ علمي الأمر يختلف تماما عن الحديث عن خطأ أخلاقي مثلا أو خطأ منطقي
فلا يمكنني أبدا أن اقول مثلا أن أوامر قتل الأطفال في العهد القديم دليل على أن مصدرها بشر وليس إله خالق. وإلا فساصير بهذا أتكهن بأشياء ليس لدي عليها دليل فلا أحد منا يعرف كيف يفكر هذا الله إن كان موجودا.

أما عند الحديث عن خطأ علمي فالمعادلة تصير بهذا الشكل :

1- هناك نص دينى به خطأ.
2- هذا يناقض مزاعم الدين عن الاله الذي يدعي الدين أن مصدره من عنده
3- اذن الاستنتاج هو: هذا النص الدينى غير حقيقي.

ولا تنسى أنه إن أردنا التحيز للدين قليلا, يمكننا أن ننكر حقيقة علمية واحدة أو حقيقتين ونؤمن بما يقوله الدين..
لكن حين يتطلب منك الأمر انكار جملة من الحقائق العلمية أو معظم الحقائق العلمية في سبيل البقاء في الدين حينها يتحول الأمر إلى مهزلة حقيقية, وأي عاقل سيسأل نفسه : إذا ما هي الحقائق القوية الصارخة التي يقدمها لي الدين بالمقابل؟ حتى أبني عليها يقيني من صحة الدين وبالتالي أصير لا اصدق إلا ما يوافقه وأنكر كل ما يخالفه حتى لو كان علما !
طبعا كل عاقل يعرف أن الجواب على هذا التساؤل هو : لا شيء !
لهذا في البداية أشرت لك إلى أهم شيء جعلني أترك الاسلام وهو أولا وقبل كل شيء : عدم وجود دليل واحد على صحته !
وبعد ذلك تأتي كل الأشياء التي أعتبرها أدلة على بطلان الاسلام
أنا كان عندي احساس أنك شخص تفهم في اساسيات المنطق والفلسفة وطلعت توقعاتي صح. لذلك كنت حريصة على الدقة منذ البداية. لكنك تركت القاعدة الهامة التي اشرت إليها وتحاول التركيز على الأشياء التي قلت لك منذ البداية أنها فرعية.


مع تحياتي
 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
اهلاً حيرانة

اولاً، انا اعتذر اذا كنت اعطيت بعض التركيز على نقطة فرعية وتركت الأولى. لكن ركزت عليها فقط لأننى لاحظت مشكلة منطقية فيها. سألخص ما اريده من وراء هذه النقطة ثم سأنتقل مباشرةً لسببك الرئيسى:

هناك مشكلة لدى الشرقيين بشكل عام، و انا اتكلم عن الشرقيين بكاملهم وليس عن المسلمين فقط أو المسيحيين فقط. هذه المشكلة تكمن فى تعريف بعض المصطلحات مثل "الحقيقة"، "الدليل"، "الله" بجانب فِهم بعض هذه المصطلحات بطريقة خاطئة جداً.
لو ان شخص جاء وادعى انه نبى، واقصد بالنبى هنا شخص جاء برسالة من الله يقدمها لجماعة معينة فى مكان معين فى زمان معين، فكيف يمكننى ان اتأكد من مدى صدقه؟ دعينى اقول اننى فى كل الأحوال، ومهما فعل هذا الشخص، فلن اصدقه بنسبة مطلقة. لكننى سأصدقه بنسبة 70 % اذا فعل المعجزة امام عينى، ولا اقول بنسبة 100 % لأننى سأشك فى عينى وقتها!
اذن، لو فعل هذا النبى المعجزة امامى فسأصدقه بهذه النسبة، لكن لو لم يفعل هذه المعجزة امامى وصنعها فى عهد سابق سأصدقه بمقدار تصديقى لحدوث المعجزة. هنا فقط يتدخل الدليل. واقصد بالدليل: ذلك المرشد الذى "يدلنى" فى الطريق. هل هذا المرشد يقودنى فى اتجاه موافق لإدعاءات هذا النبى، أم أنه يقودنى فى اتجاه مخالف؟ هل الدليل يتوافق مع حدوث المعجزة أم انه يسير فى تناقض مباشر مع حدوثها؟
طبعاً انا افترض هنا عدة امور:
الله موجود - المعجزات "يمكنها" ان تحدث (مبحث فلسفى) - المعجزات محتمل حدوثها (مبحث تاريخى) وافتراضات أخرى. ومن هنا اتمنى أن اكون قد اوضحت ما اريد أن اتكلم فيه معكِ فى جوهر هذا الموضوع، وهو كيفية التأكد من صدق شىء غيبى لا استطيع أن اراه بعينى، وكيف يمكننى أن اعرف الدليل وكيف افهمه وكيف اسير خلفه.
هل يجب أن يكون هناك تفسير علمى صحيح لتكوين 1 حتى اؤمن أن ما فى الكتاب هو من الله؟ بمعنى، هل يجب أن افهم هذا النص الذى كُتِب فى بيئة مختلفة وفى عصر مختلف وفى ثقافة مختلفة وبلغة مختلفة وبفهم مختلف وبواسطة شعب مختلف، بالطريقة العلمية التى يفكر بها الانسان اليوم؟ دعينى اخبرك بكل صراحة، هذا مبحث تفسيرى بحت لا معنى له أبداً بمن يبحث عن حقيقة هذا النص. لكن هل تعلمين أن انطونى فلو اصبح ربوبيا فى عام 2004، بعد أن عاش عمره كله كأشهر ملحد فى القرن العشرين، بسبب هذا الاصحاح؟ لا افترض اى شىء بهذا، ولكن اريد أن اقول شيئاً: هذه دراسة ليست سهلة ولن تصلى لأى نتيجة فيها من مجرد حوار على منتدى.
اذن اين هى الرسالة التى يجب أن افحص ادلتها؟ ما هى ادلتها؟
من هنا انطلق فى عرض المسيحية امامك، واسير معكِ فى فحص واختبار كل فرضية على حِدة. اريد أن اسمع اقسى نقد. اريدك أن تتكلمى بكل حرية. اريدك أن تفكرى فى كل شىء ممكن. ليس لأننى عالم فى هذه الأمور، بل لأننى اعرف أن كل ما يدور فى ذهنك تم طرحه من قبل. انا مجرد سأعرض امامك ما توصل له الخبراء.
و هذه هى المسيحية:
الله موجود
الله ظهر فى جسد
الله مات على الصليب بالجسد
الله قام من الموت بالجسد
هذه حقائق اؤمن أن هناك طريق منطقى لفحصها. وسنبدأ معاً بالفرضية الأولى "الله موجود" ولهذا سألتك حول عقيدتك فى الله. ودعينى ابدأ هذا النقاش معك حول الله.

انا ازعم أن هناك بعض الأدلة، بعض المرشدين، يشيرون إلى أن هناك إله. انها ليست لوح ذهبى هبط علينا من السماء مكتوب عليه الله موجود. لكنه بعض التفكير فيما حولنا الذى يرشدنا فى هذا الطريق.
هناك بعض الأدلة التى يطرحها الفلاسفة المسيحيين سأبدأ بأول واحد منها وهو "الجدلية الكوزمولوجية" Cosmological Argument.
هذه الجدلية تقول: الكون من حولنا يشير إلى وجود علة، اى مُسبب وراؤه. فى قواعد منطقية واستنتاج يكون الجدال كالتالى:
1- كل شىء يبدأ فى الوجود لابد له من مُسبب.
2- الكون بدأ فى الوجود.
3- الكون له مُسبب.

ولكى تكون الجدلية واضحة، سأطرح امامك بعض الملاحظات:
1- قلت كل شىء "يبدأ فى الوجود" وليس كل شىء "موجود" له مُسبب.
2- هناك دليل فلسفى لبداية الكون وهناك دليل فيزيائى لبداية الكون.
3- لن اتكلم كثيراً عن ماهية هذا المسبب الآن. يمكنك أن تفترضيه قوة ما.

من فضلك. اقرأى ملخص هذه الجدلية بالأعلى مرة واثنين وثلاثة. واكتبى كل نقد تصلى له. اكتبى كل ما تعتقدين أنه يمثل تهديداً لهذه الجدلية. وبالمناسبة، هذه الجدلية طورها فيلسوف مسيحى عن فيلسوف مسلم هو الغزالى الذى طور علم الكلام، لذا اسماها ذلك الفيلسوف المسيحى Kalam Cosmological Argument (يمكنك أن تبحثى عنها فى جوجل).

الله يباركك.

تحياتى ومحبتى
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
مرحبا فادي

1- قلت كل شىء "يبدأ فى الوجود" وليس كل شىء "موجود" له مُسبب.

ما هو الوجود الذي تقصده هنا؟ هل توجد فلسفة تستطيع تحديد ماهيته أو طبيعته حتى نضع داخلة ما نشاء ونضع خارجه من نشاء؟

2- هناك دليل فلسفى لبداية الكون وهناك دليل فيزيائى لبداية الكون.

نظرية الانفجار الكبير لا تجزم أن الكون جاء من عدم, وإنما يقول بعض العلماء أنه كان يوجد شيء اسمه (طاقة الفراغ), أي حتى الانفجار الكبير له سبب نتيجة لقوانين معينة
ومن يدري ربما تكونت أكوان قبل كوننا وانجرفت واختفت ثم جاء كوننا هذا وسيأتي يوم ويختفي وهكذا...

3- لن اتكلم كثيراً عن ماهية هذا المسبب الآن. يمكنك أن تفترضيه قوة ما.

هناك فرق شاسع بين كلمتي : سبب / ومسبب
المسبب يعني
شخص
v
يعني عقل
v
يعني كيان واعي

أما السبب قد يكون قانون من نوع ما, أو accident
فالسؤال هو لماذا نفترض وجود مسبب وليس مجرد سبب؟


وشكرا
 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
اهلاً حيرانة،

ما هو الوجود الذي تقصده هنا؟ هل توجد فلسفة تستطيع تحديد ماهيته أو طبيعته حتى نضع داخلة ما نشاء ونضع خارجه من نشاء؟

اقصد وجود واقعى يتم ادراكه حسياً، كادراكك للكومبيوتر الذى امامك أو الكيبورد الذى تكتبين عليه.
وهذه القاعدة المنطقية تقول: كل شىء بدأ فى الوجود لابد من شىء، نسميه علة أو سبب، جعله يبدأ فى الوجود. بمعنى أن هذا الكيبورد الذى اكتب عليه الآن لم يأتى إلى الوجود من تلقاء ذاته. من غير الممكن أن يأتى من تلقاء ذاته لأنه كان عدماً قبل أن يأتى إلى الوجود، أى لم يكن له كيان ولا قدرة. انا لا اعرف احد ادعى ان هذا غير حقيقى حتى اشد الفلاسفة تشككاً مثل ديفيد هيوم. هل تعرفين شيئاً جاء إلى الوجود من تلقاء ذاته؟ اخبرينى به من فضلك.

نظرية الانفجار الكبير لا تجزم أن الكون جاء من عدم, وإنما يقول بعض العلماء أنه كان يوجد شيء اسمه (طاقة الفراغ), أي حتى الانفجار الكبير له سبب نتيجة لقوانين معينة

دعينى اوضح أولاً ما تقصدينه. انتى تتكلمين عن الفراغ الكمى، وتقولين أن هناك بعض العلماء يعتقدون أن هذا الكون جاء من هذا الفراغ الكمى.
أولاً، انا لا اعرف بالضبط ما وجه استدلالك، فكل من يستدل بهذه الجدلية تقريباً يقول أن هذا الفراغ الكمى "عدم" ويستدلون بذلك على أن هناك اشياء تنشأ من العدم، وبالتالى من الممكن أن ينشأ الكون من العدم عن طريق نشوئه من الفراغ الكمى. وهذا غير حقيقى لأن الفراغ الكمى هو مجال متقلب من الطاقة كالبحر. ومن الواضح أنك تفهمين جيداً أن الفراغ الكمى ليس عدماً.
لكن لو كان وجه استدلالك هو أن الكون نشأ من الفراغ الكمى، فأين هى النقطة بالضبط؟ سنعود أيضاً إلى كيفية نشوء هذا الفراغ الكمى. هل تعتقدين أنه أزلى أم حادث؟ ولا يمكن أن نفسر ظهور مجال الفراغ الكمى عن طريق الفراغ الكمى لأنه لم يكن هناك فراغاً كمياً لينشاً فراغاً كمياً. هل تفهميننى؟ حتى لو سلمنا أن الكون يمكن أن ينتج من الفراغ الكمى، فكيف وُجِد الفراغ الكمى؟ لابد من علة له. لابد من سبب له. إلا لو كنتى تعتقدين أنه أزلى.
لكن على الوجه الآخر، ما هى احتمالية أن ينشأ كون من الفراغ الكمى؟ إن هذه إمكانية نظرية فقط. إن أكبر الجسيمات الفيزيائية التى نتجت عنه هى مجرد جسيمات اقل من الذرة تُسمى Virtual Particles وحتى وجودها مشكوك فيه ولا يمكن الإستناد إليها كدليل. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الجسيمات تختفى بسرعة بعد ظهورها.
لذا يجب أن تعرفى شىء هام هنا: نحن لا نتكلم عن نظريات بل عن احتماليات. كل شىء ممكن نظرياً، ولكن ما هو المُحتمل حدوثه فعلاً؟ هل يمكن أن ينشأ الكون من الفراغ الكمى؟ نظرياً، نعم. هل من المحتمل أن ينشأ الكون منه؟ عملياً، لا. اذن القضية هى قضية إلى اين يشير الدليل؟ ما الذى يقوله المرشد هنا؟ إلى أين يشير لى لأذهب؟

ومن يدري ربما تكونت أكوان قبل كوننا وانجرفت واختفت ثم جاء كوننا هذا وسيأتي يوم ويختفي وهكذا...

هذه نظرية مولد الأكوان. يمكن تشبيهها بمولد يولد اكوان تنفجر ثم تتمدد ثم تنكمش وتختفى ثم يأتى كون آخر ينفجر ثم يتمدد ثم ينكمش وهكذا. هل تعتقدين أنه هناك أدلة عليها؟ هل يوجد ولو لمحة واحدة من الدليل تثبت هذه النظرية؟ عزيزتى، ليس هناك اسهل من طرح الامكانيات والخيالات. كل شىء يمكنك تخيله هو ممكن الحدوث. لكن ما هى مدى "احتمالية" هذا الحدوث؟ بالإضافة إلى ذلك، هل تعتقدين أن هذه النظرية تتمتع بتأييد التيار العام للفيزيائيين فى وقت من القرن العشرين؟
إلى اين يشير الدليل؟ الدليل يقول بكل وضوح أنه فى وقت ما لم يكن هناك اى شىء، ثم حدث انفجار فى العدم اوجد كل شىء يدور من حولنا.
كل شىء يبدأ فى الوجود له سبب جعله يبدأ فى ذلك الوجود. له علة.
هناك مبدأ لاتينى يقول: ex nihilo nihil fit أى من العدم سيخرج عدم فقط. لن يخرج من العدم سوى عدم. أى لن يخرج شىء من العدم.
من فضلك افحصى الدليل بتأنى وبتفكير عميق. ثم اجيبينى: هل الدليل يشير إلى أن الكون بدأ فى الوجود من لا شىء أم لا؟

هناك فرق شاسع بين كلمتي : سبب / ومسبب
المسبب يعني
شخص
v
يعني عقل
v
يعني كيان واعي

أما السبب قد يكون قانون من نوع ما, أو accident
فالسؤال هو لماذا نفترض وجود مسبب وليس مجرد سبب؟

لا انا لم اقصد ذلك أبداً فى هذه المرحلة. نعم افترضى أنه اى شىء. لذلك قلت لك قوة ما. ليكن "سبب" أو "علة" وليس "مسبب". لا اقصد الآن شخص انما سبب فقط.

هل تتفقين معى؟

سأسافر لحضور مؤتمر هام وسأعود إلى الحوار معكِ الاسبوع المقبل فتقبلى اعتذارى ان تأخرت عليكِ.
انتى فى صلاتى كل يوم.

الله يباركك.

تحياتى ومحبتى.
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
اهلاً حيرانة،

اقصد وجود واقعى يتم ادراكه حسياً، كادراكك للكومبيوتر الذى امامك أو الكيبورد الذى تكتبين عليه.

وهذه القاعدة المنطقية تقول: كل شىء بدأ فى الوجود لابد من شىء، نسميه علة أو سبب، جعله يبدأ فى الوجود. بمعنى أن هذا الكيبورد الذى اكتب عليه الآن لم يأتى إلى الوجود من تلقاء ذاته. من غير الممكن أن يأتى من تلقاء ذاته لأنه كان عدماً قبل أن يأتى إلى الوجود، أى لم يكن له كيان ولا قدرة. انا لا اعرف احد ادعى ان هذا غير حقيقى حتى اشد الفلاسفة تشككاً مثل ديفيد هيوم. هل تعرفين شيئاً جاء إلى الوجود من تلقاء ذاته؟ اخبرينى به من فضلك.


هل تتكلم عن الوجود المادي؟ أو لنقل داخل الزمكان؟
عموما لا أعرف شيئا في الكون ظهر أو جاء بدون سبب أو قوانين معينة, لكن أعرف أن كل الأشياء في الوجود المادي تتغير وتتحول إلى شيء آخر بفعل قوانين
تلقائية.
خذ مثلا مراحل تطور الجنين منذ أن يكون حيوان منوي إلى أن يولد على شكل طفل ويكبر ويصير رجل. هل ترى داعي واحد اليوم لافتراض وجود أشياء ميتافيزيقية تتحكم في هذا التطور إضافة إلى القوانين البيولوجية؟
لكن محمد ادعى أن هناك ملك يدخل إلى رحم المرأة ويتحكم بالعملية
وكذلك الكتاب المقدس يقول : ألم تصبني كاللبن وخترتني كالجبن, كسوتني جلدا.... إلخ اي أن هناك فاعل (شخص)
الأديان اتفقت جميعها على وجود قوة ميتافريقية هي الله تتحكم وتصنع كل شيء داخل هذا الوجود واليوم بفضل التقدم العلمي بان زيف تلك الادعاءات, وفهمنا الكثير والكثير من القوانين الطبيعية وتأكدنا من مدى كفايتها وتلقائيتها.


دعينى اوضح أولاً ما تقصدينه. انتى تتكلمين عن الفراغ الكمى، وتقولين أن هناك بعض العلماء يعتقدون أن هذا الكون جاء من هذا الفراغ الكمى.
أولاً، انا لا اعرف بالضبط ما وجه استدلالك، فكل من يستدل بهذه الجدلية تقريباً يقول أن هذا الفراغ الكمى "عدم" ويستدلون بذلك على أن هناك اشياء تنشأ من العدم، وبالتالى من الممكن أن ينشأ الكون من العدم عن طريق نشوئه من الفراغ الكمى. وهذا غير حقيقى لأن الفراغ الكمى هو مجال متقلب من الطاقة كالبحر. ومن الواضح أنك تفهمين جيداً أن الفراغ الكمى ليس عدماً.
لكن لو كان وجه استدلالك هو أن الكون نشأ من الفراغ الكمى، فأين هى النقطة بالضبط؟ سنعود أيضاً إلى كيفية نشوء هذا الفراغ الكمى. هل تعتقدين أنه أزلى أم حادث؟ ولا يمكن أن نفسر ظهور مجال الفراغ الكمى عن طريق الفراغ الكمى لأنه لم يكن هناك فراغاً كمياً لينشاً فراغاً كمياً. هل تفهميننى؟ حتى لو سلمنا أن الكون يمكن أن ينتج من الفراغ الكمى، فكيف وُجِد الفراغ الكمى؟ لابد من علة له. لابد من سبب له. إلا لو كنتى تعتقدين أنه أزلى.

هنا ارتكبت مغالطة (على ما أعتقد)
لأنك تسأل من أين جاء الفراغ الكمي الذي انبثق منه الانفجار الكبير, ونسيت أن الزمكان لم يظهر إلا بعد الانفجار الكبير. مما يعني أن اعتراضك على أزلية الفراغ الكمي هو اعتراض غير مقبول.
نعم لما لا يكون أزليا؟ لا يوجد زمان ومكان خارج الكون كما نعرفه نحن داخله.
يجب أن تكون مطلعا على اشياء لا يستطيع العلم بعد معرفتها لكي تعترض على أزلية أي شيء خارج الزمكان وخارج القوانين التي نعرفها
لأن الاعتراض لا يمكن أن يقبل إلا إذا قام على دليل يفند الشيء الذي يعترض عليه أو يقدم دليلا اقوى

هل يمكن أن ينشأ الكون من الفراغ الكمى؟ نظرياً، نعم. هل من المحتمل أن ينشأ الكون منه؟
عملياً، لا.


من قال هذا؟
يجب أن توجد حقيقة علمية تضحد الفرضية العلمية حينها فقط يمكننا أن نقول : ''عمليا لا''


هذه نظرية مولد الأكوان. يمكن تشبيهها بمولد يولد اكوان تنفجر ثم تتمدد ثم تنكمش وتختفى ثم يأتى كون آخر ينفجر ثم يتمدد ثم ينكمش وهكذا. هل تعتقدين أنه هناك أدلة عليها؟ هل يوجد ولو لمحة واحدة من الدليل تثبت هذه النظرية؟ عزيزتى، ليس هناك اسهل من طرح الامكانيات والخيالات. كل شىء يمكنك تخيله هو ممكن الحدوث.
لكن ما هى مدى "احتمالية"


لقد قمت بتوظيف كلمة احتمالية عدة مرات في ردك الأخير دون أن تكون في محلها ولا مرة
الاحتمالات نتحدث عنها عندما نتحدث عن العلم التجريبي, مثلا لو تكلمنا عن احتمال تكون الخلية الأولى إلخ...
أما المجال الذي نناقشه الآن لا يمكن الحديث فيه عن نسبة الاحتمال. لأن كل شيء لا يخضع للعلم التجريبي محتمل
لكن افتراض اي شيء غير الله, هو افتراض مفيد علميا, وكم من فرضية نشأت عنها نظرية ثم صارت حقيقة علمية فيما بعد
لكن افتراض وجود شخص وراء كل شيء تبقى دائما فكرة شاذة نوعا ما وفيها كثير من الابتعاد عن التفكير العلمي وعن الاجتهاد
ففكرة الآلهة وجدت في كل الأساطير البشرية, أي أن فكرة الاله هي أسهل فكرة يمكن التوصل إليها وإلقاء كل شيء على عاتقها.
هل في نظرك هناك أي مجال للمقارنة بين كمية الاجتهاد والكد الذي يبذله العلماء في خلق الفرضيات العلمية / وبين فكرة الاله الموروثة؟
أم أنك ياترى تعتقد أن اي شخص عادي ممكن أن يضع فرضية علمية؟

هناك مبدأ لاتينى يقول: ex nihilo nihil fit أى من العدم سيخرج عدم فقط. لن يخرج من العدم سوى عدم. أى لن يخرج شىء من العدم.
من فضلك افحصى الدليل بتأنى وبتفكير عميق. ثم اجيبينى: هل الدليل يشير إلى أن الكون بدأ فى الوجود من لا شىء أم لا؟

يا زميل نحن هنا نناقش هذا اللاشيء الذي تتحدث عنه
أنت لا تستطيع أن تضع له تعريف إلى عند الحديث عن ما يوجد في إطار الزمكان.
لقد قلت لك سابقا لا يوجد عالم يجزم أن الكون جاء من لا شيء ! هل تخالفني في هذه الفكرة؟


لا انا لم اقصد ذلك أبداً فى هذه المرحلة. نعم افترضى أنه اى شىء. لذلك قلت لك قوة ما. ليكن "سبب" أو "علة" وليس "مسبب". لا اقصد الآن شخص انما سبب فقط.

هل تتفقين معى؟

وهل يوجد عاقل يقول أن هناك شيء قد يأتي أو يحصل بدون سبب؟
لكننا وصلنا إلى هذه النقطة وحضرتك اعترضت على فرضية وجود سبب أزلي !
لكن بالمقابل وجود شخص أزلي هو شيء لا ترون فيه اي شذوذ ولا غرابة
هذا بالضبط ما لا أفهمه في أسلوب تفكير المتدينين

يا زميل توجد أدلة رياضية تثبت أن الطاقة لا تستحدث ولا تفنى !


سأسافر لحضور مؤتمر هام وسأعود إلى الحوار معكِ الاسبوع المقبل فتقبلى اعتذارى ان تأخرت عليكِ.
انتى فى صلاتى كل يوم.

الله يباركك.

تحياتى ومحبتى.


أتمنى لك سفر مريح وعودة بالسلامة

شكرا على وقتك
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
بالمناسبة ما رأيك في كتاب عالم الفيزياء الفلكية ستيفن هوكينغ الأخير والذي صرح فيه أن الكون لا يحتاج إلى خالق
البعض من بسطاء التفكير اعتقدوا أنه ناقض نفسه عندما قال مسبقا أنه لا تعارض بين علم الفيزياء وبين فرضية وجود خالق للكون, وهذا ما لاحظته خاصة في المنتديات الاسلامية, حتى أن المسلمين نعتوه بالمختل بسبب هذا الذي يبدو تناقضا في تصريحاته

لكنه في الحقيقة لا يوجد أي تناقض في المقولتين, فيمكننا بالفعل أن نقول أنه لا تعارض بين العلم وفرضية وجود خالق وفي نفس الوقت نقول أن الكون لا يحتاج لخالق
مثلا لو كانت لديك آلة تقوم بقذف الكرات إلى الشبكة وأنت ترى فقط الكرات تدخل إلى الشبكة ولا ترى من يقذفها
يمكنك أن تقول أنه لا تعارض بين حقيقة وجود آلات متخصصة في قذف الكرات وبين فرضية وجود شخص يقذف الكرات
وفي نفس الوقت يمكنك أن تقول أن الكرات لا تحتاج بالضرورة إلى لاعب ليقذفها, (لأنك تعرف وجود ذلك النوع من الآلات التي تقذف الكرة)
 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
اهلاً حيرانة،

1- من خلال تعليقك الأول ارى أن توصلنا إلى نتيجة بأن لا شىء يأتى للوجود دون سبب لذلك. و هذا استنتاج ليس بمجنون ولا مخالف للملاحظة المجردة. ولأن هذا الكون بدأ فى الوجود فى لحظة ما، فلابد أنه هناك سبب جعله يبدأ فى الوجود. وانا لا اريد أن نفترض اكثر من ذلك عند هذه النقطة. سامحينى، لن اناقش اى شىء ذكرتيه عن الأديان الآن، فهذا خارج الاطار الذى نناقشه الآن. تكون الجنين وطبيعة الله وشخصيته، هذا كلام لا علاقة لها بما نناقشه الآن.

2- نحن نختلف الآن اختلافاً ليس بسيطاً حول مصدر الفراغ الكمى. فأنتى تعتقدين أنه مجال أو نطاق أزلى. وبالتالى يكون السبب وراء نشأة الكون هو سبب طبيعى. لكننا فى الوقت نفسه اتفقنا سابقاً على أنه لا يوجد شىء يبدأ فى الوجود بلا سبب. لكنك تعتقدين أن الفراغ الكمى خارج هذه القاعدة لأنه خارج اطار الزمان والمكان، ولكنك لم تنتبهى إلى أننا لم نتكلم إطلاقاً عن طبيعة وجود الشىء الذى يبدأ فى الوجود حينما قلنا أن كل شىء يبدأ فى الوجود لابد من سبب له. بكلمات أخرى، أى كان طبيعة وجود الشىء، فمجرد وجوده يعنى أن هناك سبب جعله يبدأ فى الوجود. إننا هنا لا نتكلم عن طبيعة او نوعية وجود الفراغ الكمى، بل نتكلم عن مجرد حقيقة وجوده تعنى أن شىء ما تسبب فى وجوده. وانا لا ارى فى هذا أى مخالفة منطقية أبداً. نحن هنا لا نناقش معلومة فيزيائية بل قاعدة منطقية، ولا يمكننا أن نفترض أن قبل وجود الزمان والمكان لم يكن هناك منطق! انكى بذلك كمن يسأل حول حقيقة الأرقام، فواحد زائد واحد ستساوى اثنين فى كل الأحوال وفى كل الظروف. كذلك القاعدة المنطقية "كل شىء يبدأ فى الوجود له سبب"، لا تناقش طبيعة الشىء ولا مجال الشىء ولا الاطار الذى ظهر فيه الشىء. انها تناقش حقيقة وجوده نفسه. الفراغ الكمى ليس عدماً لكى ينشأ جسيمات من تلقاء ذاته. انها طاقة. لا يوجد اى شىء يجعلنا نفترض أنها أزلية. بل على العكس من ذلك، كل ما فى الانسان من تفكير يجبره على الإقرار بأن هناك سبب لوجوده. وانا اؤكد لكى أننى لا افترض حتى الآن أن هناك سبب أزلى خلف الكون. لا يوجد اى شىء طرحته حتى الآن يمكن أن تفهمنى منه أن السبب هو الله. ليس الآن. ارجو أن تكون نقطتى حول وجود الفراغ الكمى واضحة. بناء على هذا، فأولاً، لا يوجد أى دليل على أنه مجال فيزيائى أزلى، لا يوجد اى معلومة أو قطعة من دليل تقول هذا. أنه مجرد افتراض. لكن على الجانب الآخر، لكى ادحض فكرة الأزلية، اللانهائية، فهذا سيحتاج لبعض المجهود من جانبى فى شرح فلسفة الزمن فى حد ذاته وهو ما سأقوم به فى المشاركات التالية تباعاً. ولكى ابدأ النقاش معكى فى هذه النقطة، فأسألك: هل عقيدتك حقاً أن الفراغ الكمى أزلى بالفعل أم انك تفترضين مجرد افتراض؟ هل تعتقدين أن هناك أدلة بالفعل تؤيد أزليته أم هذا مجرد طرح لأحد الإحتماليات الممكنة والواردة؟ انا متأكد أنكى اذا لم تدرسى فلسفة الزمن من قبل فسوف تستمتعى بها فى هذا الحوار.

3- عن نظرية مولد الأكوان. فلقد سألتك: هل تعتقدين أنه يوجد أدلة تؤيد هذه النظرية؟ وانا اريد بالفعل أن اعرف ان كنتى تعتقدين أنها حقيقية، اين هى الأدلة على ذلك؟ ودعينى اوضح ما قصدته بالإحتمالات، فربما كنت غير واضحاً. سيدتى، ما أكبر جسيم خرج من الفراغ الكمى؟ إنه جسيم دون الذرى. شىء أصغر من الذرة يظهر لثوانى معدودة ثم يختفى. هذا ان كان حقيقياً اصلاً وملاحظته حقيقية. لو لديك مجالاً تعرفينه لمدة عشر سنوات ولا يخرج منه سوى جسيم اصغر من الذرة، فما هى احتمالية أن يخرج منه كرة قدم بالغد؟ سوف يمكنك قياس ذلك الأمر بناءً على خبرتك الماضية مع هذا المجال. إن كان كل شىء خرج من هذا المجال هو جسيمات دون الذرية، فهذا يعنى أن فى الاغلب ما سيخرج منه غداً هو ايضاً جسيمات دون الذرية. لماذا نقول "فى الأغلب"؟ لأن الحدث الذى نريد أن نفهمه لم يحدث اصلاً! لا يمكننا أن نتأكد تماماً من حقيقته. نفس الأمر لا ينطبق على المستقبل فقط، بل على الماضى ايضاً. انا لم اكن هناك وقت نشأة الكون لأعرف السبب الذى جعله يأتى للوجود. فحينما افترض الفراغ الكمى كسبب له سأسأل نفسى: ما هى الجسيمات التى خرجت من الفراغ الكمى من يوم عرفته أو اكتشفته؟ سأجد أنها مستويات دون الذرية. بناءً على ذلك، هل استطيع أن اقرر شىء ما عن مرحلة ما قبل إكتشافى للمجال؟ نعم، ولكن بناءً على معرفتى بالبيانات المتوفرة عندى فقط. فإذا كان هذا المجال الذى عرفته لمدة عشر سنوات لم ينتج سوى اجسام اصغر من الذرة، فلا يمكننى أن افترض خروج جسيم اكبر من ذلك فى حجم كرة القدم إلا بدليل. لأننى لو افترضت غير ذلك سأكون بذلك أتعدى الدليل المتوفر عندى. الدليل، المرشد، يقول لى لم يخرج سوى جسيمات لا تكاد تُرى، فكيف سأفترض أن كوناً بهذه الضخامة قد خرج منه؟ عزيزتى، ما شرحته بالأعلى هو الاحتماليات التى تكلمت عنها. نظرية الانفجار العظيم مبنية بنفس الطريقة عزيزتى، فنحن نعرف أن الكون انفجر من زمان بعيد فقط لأن الكون يتسع ويتمدد، وبناء على هذه القطعة من الدليل، فنحن نبنى احتمالياتنا. لهذا فهى "نظرية" Theory وليست "حقيقة" Fact !! نعم الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم، ولكن هذا القانون لا يناقش قضية الخلق عزيزتى، بل يريد أن يشرح فقط أن الطاقة قد تتغير صورتها لكنها لا تفنى، كما أن كل شكل للطاقة من حولنا لم يأتى من فراغ بل متحول عن شكل آخر للطاقة. إنه قانون لا يناقش مصدر الطاقة أو اصلها فهو ليس بصلة. انه قانون يقول لكى أنه من المستحيل وأنتى جالسة على الكومبيوتر تجدين شحنة كهرباء عابرة أمامكى من تلقاء ذاتها وانا لا اخالف ذلك أبداً. لكنه لا يناقش اصل الطاقة فى الكون. وان كنت تعتقدين أن الكون قد بدأ فى الوجود، فأنتى تعتقدين أن الطاقة بدأت فى الوجود. ألا تلاحظين ذلك؟

هل لديك اعتراض حتى هذه المرحلة؟
رجائى الوحيد ألا تفترضى شىء لم افترضه. أنا لست أبله حتى افترض وجود خالق من مجرد جدلية أولية جداً كهذه. فرجاء لا تفترضى وجود خالق الآن ولا وجود شخص ولا اله. دعينا نسير خطوة خطوة. لنركز هنا على اعتراضاتك على هذه الخطوة الأولى. لنناقش وجود الفراغ الكمى وهل هو أزلى أم حادث.

شكراً لكى.

صلاتى لأجلك كل يوم،

فى المسيح،

فادى
 
التعديل الأخير:

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
مرحبا زميل فادي, وأعتذر على التأخير بسبب ضيق الوقت

ولا يمكننا أن نفترض أن قبل وجود الزمان والمكان لم يكن هناك منطق!

لماذا؟ لما لا يكون المنطق نسبي؟ إيمانك بوجود إله يجعلك تفترض أن هناك مرجع مطلق للمنطق والعقل والعدالة إلخ... وبمجرد إلغاء فرضية وجود هذا المرجع الالهي, لن يبقى للمنطق مرجع وبالتالي منطقنا لا يمكن أن يكون إلا نتاج لنظرتنا للوجود

لا تناقش طبيعة الشىء ولا مجال الشىء ولا الاطار الذى ظهر فيه الشىء. انما تناقش حقيقة وجوده نفسه. الفراغ الكمى ليس عدماً لكى ينشأ جسيمات من تلقاء ذاته. انها طاقة. لا يوجد اى شىء يجعلنا نفترض أنها أزلية

ولا يوجد أي شيء يجعلنا نفترض أنها ليست أزلية لأن علمنا وحتى خيالنا محدودين, واي شيء لكي نفهمه يجب إخضاعه لمقاييس فهمنا, وإن كان هذا مستحيل يمكننا القفز عليه وتجاوزه والبحث في جوانب أخرى بشرط عدم القاء اي حكم جاهز عليه


بل على العكس من ذلك، كل ما فى الانسان من تفكير يجبره على الإقرار بأن هناك سبب لوجوده.

لم أفهم كيف !

لكن على الجانب الآخر، لكى ادحض فكرة الأزلية، اللانهائية، فهذا سيحتاج لبعض المجهود من جانبى فى شرح فلسفة الزمن فى حد ذاته وهو ما سأقوم به فى المشاركات التالية تباعاً

أي زمن؟


وشكرا على وقتك
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
لقد زرت مدونتك للتو وعرفت أن سنك هو نفس سني تماما
 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
حيرانة،
أهلاً بكى مرة أخرى. اعتذر عن تأخرى فى الرد لضغوط دراستى حالياً التى تستهلك اغلب يومى.

أحب أن اقول أولاً، اننى افضل أن اتكلم مع محاورين يؤمنون بعقولهم ويؤمنون بالتحليل المنطقى فوق كل شىء. ولهذا فتحت هذا الحوار لكى اناقشك بالطريقة التحليلية هذه. ولكن سؤالك:

لماذا؟ لما لا يكون المنطق نسبي؟

هذا السؤال يعنى أن أن 1 + 1 ربما لا تساوى 2. واذا كان هذا ما تقصدينه فبهذا يكون لديكى مشكلة كبيرة، لأنك تعتبرين كل شىء نسبى. لا يمكن أن يكون الأمر حقيقى بالنسبة لى وخيالى بالنسبة لكى. فالشمس إما موجودة أو غير موجودة. لا يمكن أن تكون موجودة بالنسبة لى وغير موجودة بالنسبة لكى. كل شىء يبدأ فى الوجود له علة. كل شىء جاء إلى الوجود هناك شىء آخر، مختلف عنه، جعله يبدأ أو يأتى فى الوجود. لو كان الفراغ الكمى له بداية، فهناك شىء آخر، مختلف عن الفراغ الكمى، جعله يبدأ فى الوجود.
لا يمكنك أن تقولى أننا لا نستطيع معرفة اى شىء قبل وجود الزمان والمكان لأن طبيعة كل شىء كانت مختلفة. و هل كان هناك شىء اصلاً قبل أن يوجدا الزمان والمكان؟ لم يكن هناك شىء، فحينما تقولى أن الفراغ الكمى موجود قبل الانفجار العظيم فهذا يعنى أنه كان هناك مكان وزمان. هذا الفراغ، هذه الطاقة، موجودة من حولنا فى اطار الزمان والمكان الموجودين فيه نحن.
عزيزتى، لن اعلق مرة أخرى على أننى لم اتكلم عن إله حتى الآن. ولن اكررها مرة أخرى. ولكن هذا يبين لى كيف اننى كمؤمن متمسك بالدليل وبالتحليل المنطقى إلى ابعد الحدود، وحضرتك، كملحدة أو لاأدرية أو لادينية، متمسكة بطريقة تفكير لا تلتزم بالمنهج التحليلى.

سألتك سؤال ولم تجيبينى:

ولكى ابدأ النقاش معكى فى هذه النقطة، فأسألك: هل عقيدتك حقاً أن الفراغ الكمى أزلى بالفعل أم انك تفترضين مجرد افتراض؟ هل تعتقدين أن هناك أدلة بالفعل تؤيد أزليته أم هذا مجرد طرح لأحد الإحتماليات الممكنة والواردة؟

واذا كانت إجابتك بالإيجاب، فعلى أى اساس بنيتيها؟ هل هناك فيزيائى يعتقد ذلك؟ احيلينى إليه من فضلك. أم ان هذا مجرد إحتمال تضعينه for sake of argument؟
إذا كانت هذه الطاقة أزلية، فما هى نقطة البداية التى إنطلقت تجاه المالانهاية الأزلية؟ دعينى ابسط لكى. لو كانت هذه الطاقة أزلية، اى انها منطلقة نحو مالانهاية زمنية فى الماضى. فما هى النقطة التى انطلقت منها هذه المالانهاية؟

تحياتى ومحبتى
 

حيرانة

New member
عضو
إنضم
6 ديسمبر 2011
المشاركات
82
مستوى التفاعل
3
النقاط
0
مرحبا فادي

حيرانة،
أهلاً بكى مرة أخرى. اعتذر عن تأخرى فى الرد لضغوط دراستى حالياً التى تستهلك اغلب يومى.

أحب أن اقول أولاً، اننى افضل أن اتكلم مع محاورين يؤمنون بعقولهم ويؤمنون بالتحليل المنطقى فوق كل شىء. ولهذا فتحت هذا الحوار لكى اناقشك بالطريقة التحليلية هذه. ولكن سؤالك:


أنت تخلط هنا بين الأمور
أنا لم أنفي وجود منطق متداول فيما بيننا في عالمنا
ولكن أنت تريد اسقاط منطقك على ما هو خارج الكون ونسيت أن منطقك لا يمكن أن يوجد بدون زمان ومكان
ولكن لا أستغرب ما دمت تقول هذا
V
V
V

حيرانة،
فحينما تقولى أن الفراغ الكمى موجود قبل الانفجار العظيم فهذا يعنى أنه كان هناك مكان وزمان.
تحياتى ومحبتى

لا أدري بالضبط من أين أتيت بهذه؟ ارجو أن لا تكون أتيت بها من الكتاب المقدس !
لا عزيزي الزمان والمكان الموجودين في إطار الكون الذي ولد عن طريق الانفجار الكبير الذي تسببت فيه تحولات الطاقة هو نتاج للانفجار الكبير
حتى الثقوب السوداء ليس فيها زمان ومكان وإن ابتلعت حضرتك فلن تشعر بألم ولن يتمزق جسمك أو يذوب او اي شيء وإنما ببساطة سيصير غير موجود من أصله لأنه لا توجد في الثقوب السوداء الشروط التي تحقق معادلة وجودك
لكن الزمكان الذي نعيش فيه والذي هو عبارة عن سيرورة لها بداية ونهاية لا يمكن باي شكل من الأشكال إيقافها لا تحتاجه الطاقة لتتحقق معادلة وجودها رياضيا
كل شيء يخضغ
لسيرورة زمنية لابد له من أصل وبداية
هذه هي القاعدة الصحيحة, وليس ما تتفضل به حضرتك

وشكرا
 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
الزميلة الفاضلة حيرانة:

قبل كل شىء: اجيبى على اسئلتى من فضلك. ان كان هذا حواراً فلا معنى أبداً لعدم ردك. سألتك العديد من الاسئلة وتتجاهلينها.

اولاً: وضعتى اقتباس لا افهم ابداً محتواه. لا افهم ما الذى تردين عليه، فانت تقتبسين مقدمتى فقط! ولكن الدليل المتاح امامنا هو المتوفر بين ايدينا فقط. وهذه مشكلة كبيرة اراها فى غالبية غير المؤمنين. لا استطيع أن اتخيل شجرة تفاح تطرح موز! ما تقولينه هو ذلك بالضبط، ان شجرة التفاح يمكن أن تطرح موز. تفترضين تناقضاً لا يمكن أن نصل به إلى حقيقة. المنطق ليس شيئاً فيزيائياً لكى يبدأ وينتهى فى اطارات محددة. فى اى مكان فى الكون لا يوجد بادىء دون علة لبدءه.

لن اجادلك كثيراً هنا: انت "تخمنين" انه ربما هناك اشياء تبدأ دون وجود سبب يجعلها تبدأ فى الوجود. ودليلك على هذا هو "لا شىء".

انا لن احشو الفِهم السليم فى عقلك هنا!

ثانياً: واحب ان يكون كلامى واضحاً جداً: لا يوجد طاقة لا تُوجد فى اطار الزمان والمكان، والفراغ الكمى هو عبارة عن طاقة اصلاً، اذن هو موجود فى اطار زمان ومكان. الطاقة لا توجد فى فراغ، والفراغ ليس سوى شيئاً سلبياً وليس كياناً مستقلاً (مثل الظلمة التى هى انعدام للنور فقط).

بكل بساطة، استدلالك بأن الكون نشأ من الفراغ الكمى لم يفعل شيئاً سوى أنه جعل السؤال يتأخر خطوة. فبدلاً من السؤال عن كيف بدأ الكون، نسأل الآن عن كيف بدأ الفراغ الكمى.

وسألتك سؤالين وسأعيدهما عليك:

1- هل تعتقدين أن الفراغ الكمى ازلياً أم ان هذا تخمين منكِ؟ تعتقدين أى لديك دليل على ذلك، تخمنين أى لا دليل لديكِ على ذلك. لو لديك دليل قدميه من فضلك.

2- اذا كنت ترين أن الفراغ الكمى أزلياً (سواء كان ذلك اعتقاد مبنى على دليل أو تخمين لا اصل له)، فما هى نقطة البداية التى انطلقت منها لانهائية الفراغ الكمى؟

وهذا اشرحه للقارىء: اذا تخيلنا أن هناك شىء ما فى هذا الكون أو خارجه ازلياً، عبارة عن خط مستقيم، اى لا نهائياً فى وجوده، فأحد نقطتى الخط المستقيم لا نهائية، فالثانية: هل هى لا نهائية ايضاً أم لها نقطة بداية؟

هذا بالطبع كم التنظير المبنى على افتراض لا دليل له مطلقاً من أن هناك شىء شىء يحدث من لا شىء ومن أن الفراغ الكمى أو الكون ازلياً. وهى جدلية قديمة قدّم لها الفلاسفة المسيحيين معالجات كثيرة، وسأعرضها على مدار هذا الحوار بنعمة الله.

تحياتى ومحبتى.
 

Molka Molkan

لستم المتكلمين
مشرف
إنضم
31 أغسطس 2009
المشاركات
25,034
مستوى التفاعل
837
النقاط
113
الإقامة
ويل لي إن كنتُ لا اُبشر
عذراً للتعليق الجانبي،

قبل كل شىء: اجيبى على اسئلتى من فضلك. ان كان هذا حواراً فلا معنى أبداً لعدم ردك. سألتك العديد من الاسئلة وتتجاهلينها.
الزميلة حيرانة، هذا هو أسلوبها المعتاد، فهى تفهم الحوار على أنه "إستجواب" لنا، ولا تجب على أي شيء يفيد في إستمرار الحوار..
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,079
مستوى التفاعل
1,056
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل


أنا أيضا أعتذر للمداخلة أخي الحبيب فادي، ولكن ما دمت في الفقرة الأخيرة "تشرح للقارئ" فلابد من بعض التعليق:


.....................................

وهذا اشرحه للقارىء: اذا تخيلنا أن هناك شىء ما فى هذا الكون أو خارجه ازلياً، عبارة عن خط مستقيم، اى لا نهائياً فى وجوده، فأحد نقطتى الخط المستقيم لا نهائية، فالثانية: هل هى لا نهائية ايضاً أم لها نقطة بداية؟


هذه تحديدا ـ في تقديري ـ هي مشكلة هذا الحوار، وربما هو ما تقصده "حيرانة": وهي أنك لو كنت "خارج" الكون فلا شيء يمكن وصفه أصلا بـ"الأزلي"، أو "اللانهائي"، أو حتى "البداية". كل هذا المفاهيم زمانية مكانية لا معنى لها إلا "داخل" الكون، وبعد ولادته التي بدأ معها الزمان والمكان وأصبحا شرطين من شروط العقل بدونهما لا يمكنه التعليل أو حتى مجرد الفهم. حتى تعبير "الفراغ الكمي" نفسه تعبير في جوهره غير دقيق إذا كان المقصود به "حالة الوجود" قبل الانفجار العظيم، لأن كلمة الفراغ هنا ليس لها معنى، لأن الفراغ و"مقابل" الفراغ ـ وهو "الملء"، أو المادة، أو غيرها ـ كلها مفاهيم زمكانية، كلها دوال "داخل الكون"، وكلها اصطلاحات "ما بعد الانفجار" وليس ما قبله.

لذلك نحن نقول "الله محبة" ولا نقول "الله مُحب"، لأنه ليس ثم "مقابل" لله، أي ليس ثم ذات أخرى تتحدد "ذات الله" بالمقابلة أو المقاربة أو المقارنة معها، وعليه فالله ليس "ذاتا" وإن كنا نقول ذلك فإننا نقوله تجاوزا. هكذا ننتقل أخيرا من النعت أو الوصف "الله مُحب" إلى المصدر "الله محبة"، فهذا هو أصل "الوجود اللاهوتي" الكلي الشامل قبل أن تبدأ الأكوان، ثم بعد ذلك فقط "داخل الأكوان" يصير "الله المحب" لوجود "المحبوب"، ويصير "الكامل" لأن هناك "الناقص"، ويصير "الحق" لأن ثم باطل ووهم، وهكذا. هنا تحديدا يكمن كل غباء الملحدين الذين ينكرون وجود الله، لأنهم ينكرون وجود "الذات" الإلهية، ولكن لا يفطنون أن الله بالأصل ليس ذاتا، وإنما فقط هكذا يؤمن به البسطاء لأن هذا هو الأقرب والأيسر لعقولهم.


الموضوع بالتأكيد يحتاج المزيد ولكن أكتفي بهذا القدر وأعتذر مرة أخرى للمداخلة. فقط أرجو أن تساهم هذه الرسالة في تقريب وجهات النظر بينكما، حفاظا على هذا الحوار الثري الذي أرجو أن يستمر وأن ينشط قليلا لأن كثيرون يتعلمون منه. تحياتي وربنا يبارك ويعوض تعبك أخي الحبيب.


 

Fadie

مسيحى
مشرف سابق
إنضم
15 أغسطس 2006
المشاركات
3,596
مستوى التفاعل
45
النقاط
0
خادم البتول،
النقطة التى لا استطيع أن افهمها فى طرح الزميلة حيرانة: كيف يمكن أن تُوجد طاقة، أو مادة بشكل عام، دون وجود مكان وزمان لها؟ كل هذا مجرد تخمين لا اساس علمى له ولا يمكن أن نصل له بأى طريقة استقرائية. لو أنه لا وجود للمكان والزمان قبل الانفجار، فلا شىء كان موجود قبل الانفجار، لأن فى ذلك الوقت لا معنى للوجود بمفهومه الأُندولوجى، مثلما يقف شخص فى القطب الشمالى ويسأل ما هو شمال القطب الشمالى! لو أن هناك طاقة، فلابد أنها وُجِدت فى حيز اطار الزمان والمكان.
ما يمكننا ان نتأكد منه هو أن الكون، المادة الموجودة بداخل اطار الزمان والمكان، جاءت من العدم. هذا العدم لم يكن قبله شىء. لم يكن هناك طاقة أو شكل من اشكال المادة قبل أن يكون هناك زمان ومكان. اى استنتاج آخر وأى طريقة أخرى لمحاولة فهم نشأة الكون هى مجرد تخيلات لا دليل عليها.
أما الإدعاء بأن الطاقة التى نشأ منها الكون ازلية فهو ليس سوى اننا أخرنا السؤال خطوة واحدة: بدلاً من السؤال حول نشأة الكون، نسأل الآن عن نشأة هذه الطاقة التى نشأ منها الكون. والزميلة حيرانة تدعى بأن هذه الطاقة أزلية، رغم أنه لا يوجد شىء اسمه "ازلى" واقعياً. لا يمكن لأحد أن يجد شيئاً لانهائياً فى الواقع، انما هو مفهوم فكرى نظرى لا يُوجد خارج العقل. ولهذا سألت الزميلة حيرانة: ما هى النقطة التى بدأت منها لانهائية هذه الطاقة؟ لأن هذا يعنى حتماً أن الطاقة أبدية ايضاً، فهى لانهائية من الناحيتين، الماضى والمستقبل. هذا يعنى ببساطة أنها تفترض بالضرورة أن الكون سيظل أبدياً!

الدليل العلمى يؤكد لنا أن الزمان والمكان لهما بداية، وان خلف الانفجار العظيم لم يكن هناك شىء، اى شىء إطلاقاً. الكون جاء للوجود من لا شىء. لا يوجد دليل على أنه كان هناك طاقة قبل الانفجار. لا يوجد دليل على انه كان هناك مكان وزمان قبل الانفجار.

فإن كان الكون قد جاء للوجود من لا شىء، فما الذى جعله يبدأ فى الوجود؟ الفيلسوف المسلم الكندى وضع "مبدأ الترجيح"، وفيه يقول أن الكون حينما كان لا شىء كان هناك احتمالين متساويين: إما أن يبقى عدماً أو يتحول إلى موجود، فما الذى جعله يتحول إلى موجود؟ ما الذى جعل احتمالية وجوده "تُرجح" على احتمالية بقاؤه عدماً؟

سؤال يجب على كل انسان أن يفكر فيه: لماذا هناك شىء بدلاً من لا شىء؟
 
أعلى