اختبار بولس مع مؤمني غلاطية يذكّرنا أننا نقيم لنا أعداء من بين أصدقائنا عندما نخبرهم بالحقيقة. لقد عرّف الرسول هؤلاء الناس إلى الرب وغذّاهم بالإيمان. لكن وبعد مدّة عندما ظهر معلّمون كذبة وتسلّلوا إلى الكنيسة، وجب على بولس أن يحذّر المؤمنين أنهم بدأوا بترك المسيح لصالح الناموس. وهذا جعلهم عدائيّين نحو أبيهم في الإيمان.
وكان هذا صحيحاً أيضاً في زمن العهد القديم. كان إيليا أميناً وصريحاً في رسالته عندما التقى بآخاب، إذ قال، «أَأَنْتَ هُوَ مُكَدِّرُ إِسْرَائِيلَ؟» (ملوك الأول 17:18). «مكدّر اسرائيل؟» لماذا؟ كان إيليا من أفضل أصدقاء إسرائيل! لكن الشكر الذي قدّموا له كان اتهامه العلني كمسّبب المشاكل.
كان ميخا نبياً شجاعاً. وعندما سأل يهوشافاط إن كان هنالك نبي للرب يستطيع أن يستشيره، قال ملك إسرائيل، «يوجد بعد رجل واحد لسؤال الرب به ولكنني أبغضه لأنه لا يتنبأ عليَّ خيراً بل شراً، وهو ميخا بن يملة» (ملوك الأول 8:22). لم يُرد الملك أن يسمع الحق وكان يكره من يتكلّم له بالحق.
في العهد الجديد نلتقي بيوحنا المعمدان يقول لهيرودس، «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيك» (مرقس 18:6).
كان حقاً، لكن معالجة الحق بشجاعة كهذه أدّت بيوحنا إلى إعدامه.
لقد أثار ربّنا يسوع الكراهية في قلوب اليهود غير المؤمنين. ما سبب تلك الكراهية. لأنه قال لهم الحق. فقد قال، «وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ» (يوحنا 40:8).
كتب توماس جفرسون يقول، «إن أردت الهرب من مكيدة ما ينبغي أن تحجز نفسك داخل خط الواجب البليد العادي. هنالك وجهان لكل سؤال، فإذا أخذت أحدهما بتصميم وعملت به فإن الذين يأخذون الوجه الآخر يكونون مُعادين بقدر ما يشعرون بإنجازه».
الحق يؤلم دائماً. بدل إحناء الرأس له، يشتم الناس عادة مَن يتفوه به. لقد حسب خادم الله الحقيقي الثمن مسبقاً. ينبغي أن يقول الحق أو يفقد حياته. يعرف أن جروح الصديق أمينة، لكن قُبلات العدو خدّاعة. (أمثال 6:27).
لا يترك الله أبداً نفسه بلا شاهد. في أحلك الأيام ظلمة، يصدح له صوت واضح، بنغمات بيّنة. وغالباً ما وفي الأحوال غير العادية يقيم معترِف غير متوقّع ليتكّلم باِسمه بشجاعة.
في أيام ما قبل الطوفان، كانت الأرض تغمرها الإباحية والعنف. لكن كان نوح هناك ليأخذ موقفاً شجاعاً لأجل الرب.
كان يبدو لإيليا أن كل إسرائيل قد غرقت في عبادة الأوثان، لكن كان لدى الله 700 رجل لم يسجدوا لبعل.
في وسط موت روحي وانحطاط أخلاقي تقدّم كل من جان هاس، مارتن لوثر وجان نوكس على مسرح التاريخ ليدافعوا عن صالح العلي.
وقبل زمن قصير اعتُرِف بالله عند اختراع التلغراف. أوّل رسالة بثّت كانت تقول، «ما شكّله الله!»
في طريق عودتها إلى الأرض بعد أول رحلة بشرية إلى القمر، في ليلة الميلاد 1968 قام روّاد الفضاء في ابولو 8 بقراءة من سفر التكوين 1: 1-10، ثم اختتموا قائلين، «من فريق أبولو 8 ننهي ب...ليبارككم الله جميعاً على الأرض الطيبة.»
بالرغم من الإحتجاجات الشديدة من الملحدين، أصدرت وكالة بريد الولايات المتحدة طابعاً بريديّاً باِسم أبولو 8 يحمل كلمات من سفر التكوين 1:1، «في البدء.» .
تحمل عملة الولايات المتحدة شعاراً «نتّكل على الله.»
تحمل الرزنامة السنوية «م» تذكّرنا بسنة ميلاد الرب.
وهل من المصادفة أن تحمل نجوم السماء هيئة عذراء، طفل-رجل، حية وصليباً-كلها إشارات مهمّة في عملية الفداء؟ إنها الإنجيل في السماء.
حتّى الملحدون يقترفون أخطاء أحياناً باعترافهم بالرب. قال أحد الحكّام الملحدين في مؤتمر قمّة في النمسا عام 1979، «لن يسامحنا الله إذا فشلنا.»
هنالك وصيّة أخلاقية معيّنة في الكون وهي الإعتراف العلني به. عندما سبّح التلاميذ الرب يسوع كملك جاء باسم الرب، طالَبه الفرّيسيون بتعنيفهم. لكنه قال: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هَؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!» (لوقا40:19).
ينبغي ألاّ نخشى أن ينعدم في يوم التغنّي باِسم الله وإهمال إكرامه. في اللحظة التي يعلن فيها الإنسان موته يقيم له شهوداً ليقهروا أعداءه ويعزّوا أصدقاءه.
يُصاب قاريء هذه الأعداد بصدمة أن الخائفين وغير المؤمنين معاً في نفس اللائحة مع مَن نعتقد أنهم مجرمين وأشراراً وسينالون نفس العقاب الأبدي.
ولربما الصدمة الأكبر أن تلاحظ أن الخائفين في أول اللائحة. وهذا ينبغي أن يكون موقظاً ومنذراً لمن يعتذر عن جُبنه كأنه أمراً تافه. ربما يخافون أن يقبلوا الرب يسوع بسبب تعليقات أصدقائهم أو بسبب كونهم ذوي طباع رجعية. لن يتسامح الله مع تفاهة كهذه لأنه يراها كجبن يستحق العقاب.
ينبغي أن تكون موعية لأصحاب المكان الثاني على اللائحة-غير المؤمنين. نسمع بعض الناس يقولون، «لا أستطيع أن أومن» أو «ليتني أستطيع أن أومن.» لكن هذه كلمات غير جدية. لا شيء في الرب يجعل من المستحيل على الناس أن يؤمنوا به. لا تكمن المشكلة في عقل الإنسان بل في أرادته. غير المؤمنين لا يريدون أن يؤمنوا به. قال الرب يسوع لليهود غير المؤمنين في أيامه: «لاَ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ» (يوحنا 40:5).
لا شك في أن الكثير من الخائفين وغير المؤمنين يعتبرون أنفسهم محترمين، مهذّبين وأصحاب أخلاق حميدة. لا علاقة لهم في هذه الحياة مع المجرمين، مع اللا أخلاقيين، أو مع الذين يمارسون السحر. لكن السخرية هي أنهم سيقضون الأبدية برفقتهم لأنهم لم يقبلوا المسيح للخلاص.
نصيبهم هو «فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي.» هذه هي قمّة المأساة. ربما يناقش الناس عن وجود جهنم، أو حقيقة العقاب الأبدي، لكن الكتاب المقدس واضح جداً. جهنم حقيقة موجودة لكل حياة بدون المسيح.
إن ما يجعل الأمر محزناً أكثر أنه لا الخائفين ولا غير المؤمنين أو أي من الآخرين المذكورين مضطر على الذهاب إلى بحيرة النار. كل هذا غير ضروري. لو فقط يتوبوا عن خوفهم وعن شكوكهم وعن خطاياهم ويرجعوا إلى الرب يسوع ببساطة وثقة الإيمان، فيحصلوا على المغفرة، على التطهير ويصبحوا مناسبين للسماء.
لو كتب هذا العدد رجال دون وحي إلهي لكنّا نقرأ، «لا تعطي مجالاً لأحد أن يدوس عليك. رد عليهم بجرعة من دوائهم.» يفكّر العالم بالمعاملة بالمثل والانتقام.
لكننا نتعلّم درساً مختلفاً في مدرسة يسوع. ينبغي ألاّ نسمح لأنفسنا أن يغلبنا الشر. بل نستعمل الخير لنغلب الشر.
تقدّم إحدى القصص عن فرنسيس العسيسي مثلاً عن هذه النقطة. بينما كان لا يزال صبيًّا صغيراً يلعب في جوار بيته اكتشف أن هناك صدى لصوته عندما كان يصرخ. وكان هذا اختباره الأول في الصدى. فابتدأ يجري التجارب. صاح، «أكرهك.» فرجعت الرسالة اليه، «أكرهك.» رفع صوته صائحاً، «أكرهك.» عادت الكلمات إليه بقوة أكثر، «أكرهك.» في المرة الثالثة صرخ بكل قوّته «أكرهك» وعادت الكلمات اليه بلهجة شديدة «أكرهك.» كان هذا كل ما استطاع تحمّله. عاد راكضاً إلى بيته يشهق بالبكاء. سمعت والدته صوت بكائه في ساحة البيت وسألته، «ما الأمر يا عزيزي؟» أجاب، «هنالك صبي صغير يكرهني.» فكّرت للحظة ثم قالت، «سأقول لك ما يجب أن تعمل. أخرج إلى هناك وقل لهذا الصبي أنك تحبّه.»
وهكذا أسرع الصبي خارجاً وصاح «أحبك.» وبكل تأكيد عادت الكلمات إليه واضحة جليّة، «أحبك.» صاح ثانية بصوت أشد، «أحبك» وثانية سمع الجواب «أحبك.» وفي المرة الثالثة صاح بصوت ينم عن الإخلاص، «أحبك» فعادت الكلمات إليه رقيقة، «أحبك.»
بينما أكتب هذه الكلمات هنالك أناس في كل العالم يصرخون الواحد على الآخر»أكرهك» ويتساءلون لِمَ يزداد التوّتر. يعبّر العديد من الشعوب عن كرههم لشعوب أخرى. جماعات دينية مشغولة بالحروبات فيما بينها. أجناس بشرية تجاهد ضد بعضها. الجيران يتقاتلون مع بعضهم البعض. بيوت تتمزّق بالشجار والمرارة. يسمح هؤلاء الناس لأنفسهم أن يهزمهم الشر لأن الكراهية تولد كراهية. لو يغيرّوا من سياساتهم بمقابلة الشر بالمحبة فيغلبون الشر بالخير. فيكتشفوا أن المحبة تولد المحبة.
«لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ.» (يونان 9:2)
جميعنا نعرف «رابح النفوس» الغيور الذي يندفع في كل اتجاه يمسك بتلابيب مرشّحين لا يشك فيهم، يقودهم عن طريق معادلة خلاصية، ويلح عليهم حتى يعملوا اعترافا لكي يتخلّصوا منه. يمسك بمرشح آخر ثم يفتش عن آخر ليحصي رؤوساً. هل هذه هي الكرازة؟
نضطر للإعتراف أنها ليست كذلك. هذا نوع من المضايقة الدينية. مثل أي خدمة تُقدّم بطاقة الجسد، تضرّ أكثر مما تنفع.
كان جان سكون على صواب عندما كتب يقول، «المفتاح بيد المسيح. هو الذي يفتح الباب. فدعونا لا ندخل بطريقة احتفالية من أبواب لا تزال مغلقة. يجب أن ننتظر حتى يفتح لنا. لا يزال البعض يؤذي عمل المسيح بالشهادة الفظة أو الصريحة. من الصواب جدّاً أن نطلب خلاص أهلنا في البيت وزملائنا في العمل. لكننا في بعض الأحيان نريد أن نسبق الرب. كن صبورا! صلّ ِبحرارة وأظهر محبتك، انتظر متوقعاً المناسبة للشهادة.»
ربما لا نتّفق تماماً مع عقيدة ديتريخ بونهوفر، لكن يمكننا أن نقبل بقلوبنا كلماته التالية: «كلمة الخلاص لها حدودها. لا يملك القوة ولا الحق ليجبر الآخرين بها. كل محاولة لفرض البشارة بالقوة، أو الركض وراء الناس لتحويلهم، أو استخدام مصادرنا الخاصة للترتيب لخلاص الآخرين يكون تافهاً وخطراً...سنصادف الغيظ الأعمى لقلوب قاسية ومظلمة وهذا يكون عبثاً ومضراً. المتاجرة بكلمة نعمة رخيصة يثير وبكل بساطة اشمئزاز العالم، وتدور في النهاية ضد كل من يحاول أن يحمّلوها ما لا تريد.»
التجديد الحقيقي هو من عمل الروح القدس. ليس «من مشيئة رجل» بمعنى أن الشخص لا يمكنه أن يصل إلى نتيجة بجهوده الذاتية مهما حسنت النوايا. كل من يدخل مضطراً إلى إيمان المسيح دون موافقته إرادته التامة يُصاب بالوهم وبالسخط وغالباً ما يتحوّل إلى عدو لصليب المسيح.
أعظم الإختبارات في الحياة المسيحية هي عندما يستخدمنا الروح القدس لخلاص شخص آخر. لكنه شاذ وغريب عندما نحاول نحن بمجهودنا الخاص.
الأسلوب العادي في الكرازة الشخصية للمؤمن هو أن يشهد في محيط حياته اليومية. وهذا لا يعني أن الله لا يستخدم أبداً طريقة التوجّه المباشر إلى غريب كلياً وتقديم البشارة له. لكن يكون المؤمن مقنعاً أكثر عندما يشهد لأناس يعرفوه ويستطيعون أن يروا الفرق الذي يعمله المسيح في حياته. وهذا بالضبط ما عمله سمعان.
يخبرنا وولتر هنريشسون عن شاب كان يخشى جدّاً الشهادة بين زملائه في الكلية. سأله هنريشسون مرّة، «كم شخصاً تعرف في الكليّة معرفة شخصية؟ أي تتذكّر أسماءهم عندما تراهم.» بعد مكوثه لمدّة شهرين كان يعرف اثنين أو ثلاثة فقط.
فقلت له، «يا، جو، في الأسابيع الأربع القادمة أريدك أن تتعرّف إلى أكبر عدد ممكن. ليكن هدفنا خمسون شخصاً. لست مضطراً أن تشهد لهم. ولا حتى أن تخبرهم أنك مؤمن بالمسيح. كل ما عليك أن تعمله هو أن تتعرّف عليهم. قِف معهم وتحدّث إليهم. إشترك في اللعب معهم. رافقهم إلى المباريات الرياضية. تناول طعامك معهم. اعمل ما تريد لكن تعرّف إلى خمسون شخصاً وبعد شهر من اليوم سأعود وتعرّفني عليهم كل واحد باِسمه.
عندما التقى هنرشسون ذلك الشاب بعد شهر، كان ذاك الشاب قد قاد ستة من الأشخاص للرب. «لا نتكلّم عن معرفة خمسين شخصاً. ليس ذلك ضروريّاً. لقد اكتشف لنفسه أنه صار صديقاً للعشّارين والخطاة، لقد رتّب الرب له فُرص ليشارك بإيمانه.»
بالنسبة لأسلوب الكرازة هذا داخل نطاق حياتنا اليومية، هنالك ملاحظتان نأخذهما بعين الإعتبار. أوّلاً، حياة العامل الخاصة مهمة. يُبان الفرق في مسيرته قريباً من الرب. ربما يكون ماهراً في تقديم رسالة الخلاص لكن إن لا تكن حياته مقدسة فكل عمله باطل.
الملاحظة الثانية هي أن هذا الأسلوب لا يضع تشديداً على النتائج الحالية وهذا في صالح المصلوب. لقد شبّه يسوع عملية الخلاص بنمو حبة الحنطة. لا تحصد الغلال في نفس اليوم التي زرعت فيه. صحيح أن بعض الناس يخلصون أوّل مرّة يسمعون بها البشارة، لكنهم يمثّلون نسبة صغيرة من المجموع. وبصورة عامة، يسبق التجديد فترة من سماع الكلمة، من مقاومة صوت الروح القدس.
يصرّ الروح القدس على تذكير الإنسان الهالك بين وقت وآخر بحياته القصيرة التي ينصّ عليها الإنجيل. باستعمال التشبيهات المتكرّرة يذكّرنا الرب أن أيامنا قصيرة وتمر بسرعة.
فمثلاً يشبه الحياة بالريح (أيوب 7:7)، نوجد وبعد لحظة نرحل ولا نعود. يردّد صاحب المزامير قائلاً «ريح تذهب ولا تعود» (مزمور 39:78).
يذكّر بلداد دون نجاح أيوب أن «أيامنا على الأرض ظل» (أيوب 9:8)، وتتردّد نفس الصورة في مزمور11:102، «أيامي كظل مائل.» الظل سريع الزوال، يدوم لوقت قصير.
يصف داود أيامه كأشبار (مزمور 5:39)، بعرض كف يده. يرى الحياة كرحلة تطول عشرة سنتمترات.
يصوّر موسى، رجل الله، الحياة كسِنة (مزمور 5:90)، يمر فيها الوقت دون إدراك له.
في نفس المكان يتكّلم موسى عن الناس وحياتهم كعشب: «بِالْغَدَاةِ كَعُشْبٍ يَزُولُ. بِالْغَدَاةِ يُزْهِرُ فَيَزُولُ. عِنْدَ الْمَسَاءِ يُجَزُّ فَيَيْبَسُ» (مزمور 6،5:90).
وبعد عدّة قرون يستعمل داود نفس التشبيه في وصف الزوال: «الإِنْسَانُ مِثْلُ الْعُشْبِ أَيَّامُهُ. كَزَهْرِ الْحَقْلِ كَذَلِكَ يُزْهِرُ. لأَنَّ رِيحاً تَعْبُرُ عَلَيْهِ فَلاَ يَكُونُ وَلاَ يَعْرِفُهُ مَوْضِعُهُ بَعْدُ (مزمور 16،15:103). وكما قال سبيرجن «يُزرع العشب، ينمو، يتطاير، يقطع ويمضي.» وباختصار هذه هي الحياة.
وأخيراً يضيف يعقوب شهادته أن الحياة ما هي إلاّ بخاراً (يعقوب 14:4)، يظهر قليلاً ثم يضمحلّ.
هذه الكثرة من التشبيهات لها هدفان. أولاً، ينبغي أن تحفّز غير المؤمنين على الإدراك أن الحياة قصيرة فيدركوا أهمية استعدادهم لملاقاة الرب. ثانياً، ينبغي أن تدفع المؤمنين ليحصوا أيامهم لينالوا قلب حكمة (مزمور 12:90). وينتج عن ذلك حياة تقوى وتكريس للمسيح في حياةَ تستمر إلى الأبد.
حذّر الرب شعبه إسرائيل من اللهو مع عالم السحر. ترتبط جميع الأعمال المدوّنة في الأعداد السابقة مع الأرواح الشريرة ولذلك ينبغي تجنّبها. وهذا التحذير ينطبق على المؤمنين في أيامنا كما كان في العهد القديم.
العرافة هي التنبّؤ بالحظ. تنطوي على استعمال كرة من البلّور، رؤية الغيب، قراءة كف اليد، علم الفراسة، قراءة فنجان القهوة وكل طريقة أخرى مشابهة للتنبّؤ بالمستقبل.
المنجّم يراقب الأزمنة، وهو يستدل بواسطة موقع النجوم والكواكب ليتبيّن تأثيرها على الشؤون البشرية. زاوية الأبراج اليومية في الصحف ترتبط بالتنجيم وكذلك أيضاً استعمال دولاب البروج.
الساحر هو كل من يؤثّر على الآخرين بواسطة السحر والتعاويذ.
الساحرة هي امرأة تمارس قوى خارقة للطبيعة بالاتصال مع الأرواح الشريرة. هذه الإتصالات شرّيرة جداً وضارّة.
الساحر هو كل من يتلفّظ بلعنات أو شتائم على الآخرين ويملك قوى شيطانية لتحقيق لعناته. ( هكذا لعنات لا تأثير لها على المؤمنين).
مستشارون روحيون ووسطاء يمكنهم الإتصال مع عالم الأرواح الشريرة. هذه الأرواح صور أقرباء متوفّين لطالبي مشورة الوسطاء.
يستعمل الساحر فنون السحر في عالم الأرواح.
مستحضر الأرواح يكون غالباً شخصاً يعلن ولاءه لاستحضار أرواح المتوفّين لكي يكشف المستقبل أو لكي يؤثّر على الأحداث.
يجب على المؤمنين أن يتجنّبوا كل هؤلاء وكل ظواهر الروحيات مثل اليوجا، التأمل الفائق، كريشنا، جلسات استحضار الأرواح، السحر الأسود، السحر الأبيض، الشفاء عن طريق الأرواح، دراسة علم الأرقام والصلاة للمتوفّين. وينبغي أن يعلموا أن المواد التالية ما هي إلا أدوات العمل في الروحيات: مشروبات لتنشيط الذهن، ورق اللعب، ورق قراءة الحظ، أحجار النرد، قلائد للعنق، ميداليات، تعاويذ، أحجار الدومينو، عيدان وعظام (عندما تستخدم لأهداف روحانية).
الاحد 3 تشرين الأول
«فَشَفَى كَثِيرِينَ كَانُوا مَرْضَى بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَخْرَجَ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً.» (مرقس 34:1)
يميل العديد من المؤمنين إلى الاعتقاد أن السكنى بالأرواح ظاهرة كانت أيام الرب على الأرض لكنها غير موجودة اليوم. وهذه فكرة خاطئة ينبغي تصحيحها. تتحدّث الصحف كل يوم تقريباً عن جريمة جنونية تعطي انطباعاً على تسلّط الأرواح الشرّيرة. هنالك أعراض لسكنى الأرواح تساعدنا على التعرّف والتمييز عن الأمراض العقلية.
أوّلاً، يقود الروح الشرير ضحيّته إلى العنف والتدمير. إن هدف الروح الشرير دائماً هو التدمير.
الشخص المسكون بالأرواح الشريرة يحمل شخصّيتين أو أكثر، شخصيته وشخصية الروح الشرير. يمكن أن يتكلّم بصوت مختلف ويعرّف نفسه بأسماء مختلفة.
يتمتع هذا الشخص بقدرات غير طبيعية أو بقوى غير طبيعية في المعرفة.
مع أنه يتكلّم في بعض الأحيان بغطرسة عن الرب يسوع، لكن سلوكه العادي يكون محفوفاً بالتجديف والرد العنيف لكل ذِكر للرب أو للصلاة أو لدم الرب يسوع أو لكلمة الله.
سلوكه غريب جدّاً يتصف بالشرود والقلق. بحيث لا يتمكّن الآخرون من فهمه، أو السيطرة عليه أو حتى تأهيله. يمكن أن يميل للانتحار، ويعيش مستعبداً للخوف وللخرافات.
ترتبط السكنى بالأرواح ارتباطاً وثيقاً باستخدام المخدّرات التي تقود إلى الهلوسة. وهذه المخدّرات تدخل بالشخص إلى عالم فائق وتفتح ذاته لدخول الأرواح. كلمة «السحر» أو «الشعوذة» المستعملة في الكتاب تنحدر من أصل يوناني يعني عقار أو مخدّر.
الشخص المسكون بالأرواح يكون عادة سادي، يبدي قسوة عقلية وجسدية وأحياناً يشّوه ويقطّع أجساد ضحاياه.
آخرون ربما يكونون مرضى يزورون المدافن ويجمعون الجماجم أو عظاماً أخرى أو تستحوذ عليهم قصص الرعب.
يلعب كل من الشمس والقمر، وخاصة القمر الجديد، دوراً أساسياً في التأثير على عالم الأرواح. ومِن هنا الوعد الكتابي للمؤمنين، «لا تضربك الشمس بالنهار ولا القمر بالليل» (مزمور 6:121).
يمكن إخراج الأرواح بالصلاة وبسلطان اسم الرب يسوع. لكن الخلاص الدائم للشخص يكون فقط في الولادة الجديدة بواسطة الإيمان بالمخلّص.
[Q-BIBLE]عيناه كالحمام على مجاري المياه، مغسولتان باللبن، جالستان في وقبيهما ( نش 5: 12 )
[/Q-BIBLE]
ليس مثل العين في التعبير عما يسكنه الإنسان في الباطن. إنها في صمتها تتكلم بلغة أكثر وضوحًا من كلام الشفتين.
عندما نظر الرب إلى الجالسين حوله ( مر 3: 34 )، كم كانت تحمل تلك النظرة من معاني عميقة! لقد كانت مُعبرة عما في قلبه من محبة وسرور بأولئك الذين يصنعون مشيئة أبيه؛ أولئك الذين دعاهم إخوته وأخواته وأمه. وعندما انتهره بطرس لأنه تكلم مع تلاميذه عن آلامه وموته «[Q-BIBLE]التفت الرب وأبصر تلاميذه، فانتهر بطرس» ( مر 8: 33 )[/Q-BIBLE]. وما كان أعمق تلك النظرة أيضًا! إنها كانت تعبِّر عن محبته لهم وعن بركته الأبدية بواسطة ذلك الموت.
ومَنْ يستطيع أن يصف عيني الرب عندما تحدَّث بهما إلى بطرس وهو في بيت رئيس الكهنة؟
وفي سفر الرؤيا (ص5) يتحدث الرائي عن الخروف الذي له «سبع أعين»، والرقم سبعة يشير إلى الملء والكمال «[Q-BIBLE]لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه[/Q-BIBLE]» ( 2أخ 16: 9 ).
وجدير بنا ـ أيها الأحباء ـ أن نتتبع نظرات الرب إلينا، فإنه يعلِّمنا ويرشدنا بنظرات عينيه «[Q-BIBLE]أُعلِّمك وأرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك، عيني عليك[/Q-BIBLE]» ( مز 32: 8 ).
ولقد رأت العروس عيني حبيبها في صورة تعبِّر عن اللطف والوداعة «كالحمام على مجاري المياه». كما رأت فيهما أجمل صورة للطهارة والنقاوة « مغسولتان باللبن »، فعواطف المحبة واللطف والحنان تشع من هاتين العينين، ولكنهما أيضًا تفيضان طهارة وقداسة. وهذه الصفات مجتمعة معًا؛ اللطف والحنان مع الطهارة والقداسة، هي ما يريد أن تتصف بها عروسه وحبيبته.
ولكن ما أكبر الفرق بين عينيه كما تصفهما العروس وبين عينيه اللتين رآهما يوحنا في جزيرة بطمس «[Q-BIBLE]عيناه كلهيب نارٍ[/Q-BIBLE] » ( رؤ 1: 14 ). ففي هذه الصورة الأخيرة يُرى كمَن يقضي في وسط الكنائس، فنراه في طهارته الفائقة يعمل بسلطانه القضائي لإدانة كل ما لا يتفق مع الحق والقداسة، وتُرى عيناه بهذه الصورة بسبب التهاون وعدم التقدير لجمال وطهارة عينيه اللتين « كالحمام »، وبالتالي لعدم المُبالاة بمحبته التي تقود إلى الطهارة والقداسة، وهذا ما وصلت إليه المسيحية الاسمية بصفة عامة، ولِذا رأى يوحنا الرب في صورته القضائية.
[Q-BIBLE]كما يشتاق الإيَّل إلى جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي[/Q-BIBLE] ( مز 42: 1 ، 2)
كيف يمكننا الاقتراب إلى الله بطريقة عملية؟
هناك ثلاث عناصر لذلك:
(1) الصلاة: أهم طريقة للاقتراب إلى الله هي الصلاة. قال موسى رجل الله: «لأنه أيُّ شعبٍ هو عظيم له آلهة قريبة منه كالرب إلهنا في كل أدعيتنا إليه؟» ( تث 4: 7 ). وقال داود عبد الرب: «الرب قريبٌ لكل الذين يدعونه» ( مز 145: 18 ). وقال إشعياء النبي: «ادعوه وهو قريب» ( إش 55: 6 ). وقال بولس الرسول: «الرب قريبٌ ... بالصلاة والدعاء مع الشكر» ( في 4: 5 ، 6).
كم يحب القديس الصلاة! ليس لأن الصلاة تزيد من رصيد حسناته عند الله، ويمكنه بها تعويض بعض من سيئاته، ولا حتى لأن مفعولها عجيب ونتائجها باهرة، بل إنه يحبها في المقام الأول لأنها تُحضره بالقرب من قلب الله، حيث يحب أن يجد نفسه دائمًا.
(2) قراءة كلمة الله: إن كلمة الله هي التعبير الدقيق والكامل عنه، فلا عَجَب أن الوحي عندما يتكلم عن الكلمة المكتوبة، يتحول مباشرةً للحديث عن الله ( عب 4: 12 ، 13)، وعندما يتكلم عن الله، فإنه يتحول مباشرةً بعدها للحديث عن الكلمة (أم30).
ما أعظم هذه الكلمة التي قال الرسول عنها إنها: «موحى بها من الله»! والمعنى الحرفي لهذه العبارة هو أن الكتاب المقدس هو ذات أنفاس الله. آه، كم تجعلني هذه الكلمة قريبًا جدًا من الله، إلى الدرجة التي فيها أستنشق أنفاس الله ذاته! ما أبرك أن نتمتع بهذه الأنفاس المُنعشة في وسط الجو الفاسد والخانق الذي من حولنا!
(3) حضور اجتماعات القديسين: كلنا نعرف الآية الجميلة التي تُعتبر أساس اجتماعاتنا حول المسيح والتي قالها الرب له المجد: «لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم» ( مت 18: 20 )، وبالتالي فحضور المؤمن اجتماعات الكنيسة للعبادة تجعله قريبًا جدًا من الرب الحاضر في الوسط.
هل نحن ضمن المُتعلقين بالرب ( مز 91: 14 )، الذين: «من كل قلوبهم يطلبونه» ( مز 119: 2 )، المفكّرين في اسمه ( ملا 3: 16 )، المشتاقين إليه كما يشتاق الإيِّل إلى جداول المياه ( مز 42: 1 )؟
أشتاق أن أقتربُ لسيدي القديرْ
وشوقُ قلبي أنني في طُرقهِ أسيرْ
إن راجت إشاعة حول سكّان إحدى مدن إسرائيل أنهم تركوا الرب ليعبدوا الأوثان، ينبغي أن يجري تحقيقاً شاملاً قبل اتّخاذ أي خطوات تأديبيّة.
نحن أيضاً يجب ألاّ نكون أقل حذراً عندما نسمع إشاعة أو نميمة، لكن ينبغي أن نطبّق ستّة امتحانات: هل هي هرطقة؟ هل فحصت؟ هل فتّشت؟ هل استفسرت باجتهاد؟ هل هذا صحيح؟ هل هو أكيد؟
في الواقع تكون فكرة جيّدة إن استعملنا نفس الشمولية والحذر قبل نقل أخبار مثيرة تدور في الأوساط الدينية بين وقت وآخر. إسمحوا لي أن أقدّم بعض الأمثلة!
في وقت سابق انتشرت قصة أن حجارة لبناء هيكل في أورشليم جُمعت في مخازن ميناء في نيويورك، جاهزة للشحن إلى إسرائيل عندما يحل الوقت المناسب. قيل أن الحجارة من صخور ولاية إنديانا. نشر المسيحيون الأخبار بكل حماس، إلى أن كُذِّبت وعُلم أن لا أساس من الصحة لهذا التقرير.
وفي وقت آخر، انتشرت قصة أن العلماء أدخلوا معلومات مكثّفة بخصوص رزنامة التاريخ البشري إلى الكومبيوتر وأن النتائج قد أثبتت حقيقة أخبار الكتاب بخصوص اليوم الطويل في سفر يشوع. يتلهّف المؤمنون لسماع أية أخبار لتأكيد الكتاب المقدس وينشرون القصص في المجلاّت والإذاعات. ثم تنفجر الفقاعة. يتبيّن أن لا أساس لها من الصحة.
وقبل وقت ليس ببعيد، استُعمل حساب رياضي ليطرح اسم شخصية غير شعبية يمكن أن يكون ضد المسيح (المسيح الكذاب). والعملية الحسابية تعمل بهذا الشكل: تعين قيمة عددية لكل حرف من حروف اسم الشخصية. وبعد اتّباع سلسلة من عمليات الجمع والطرح، الضرب والقسمة ينتج العدد 666، وطبعاً هذه العملية لا تثبت أي شيء بتاتا. إذ يمكن برمجة الحاسوب ليعطي نتيجة 666 لكل اسم تقريباً.
بين يدي نبذة تقول أن شارلز داروين، في أيامه الأخيرة، تنصل من نظرية النشوء والارتقاء وعاد إلى إيمانه بالكتاب المقدس. يمكن أن يكون هذا صحيحاً. أريد أن أصدّق أن هذا صحيح. ربما سأكتشف في يوم من الأيام أن هذا صحيح. لكن في هذه الأثناء لا أملك أية وثيقة تثبت القصة، ولا أجرؤ على نشرها إلى أن أحصل على تأكيد.
نوفّر على أنفسنا الكثير من الإحراج ونحفظ الإيمان المسيحي من تشويه سمعته إن كنّا نطبّق الستّة امتحانات في عدد اليوم: هل هي هرطقة؟ هل فحصت؟ هل فتّشت؟ هل استفسرت باجتهاد؟ هل هذا صحيح؟ هل هو أكيد؟
يرتبط الترنيم هنا مع الامتلاء بالروح، وكأن الترنيم نتيجة أكيدة للامتلاء. ربما لهذا السبب كانت الإنتعاشات على مرّ التاريخ مصحوبة بالترنيم. الانتعاش في ويلز-بريطانيا مثال بارز على ذلك.
لا يملك أحد مواضيع للترنيم مثل المسيحيين، ولا يملك شعب آخر مثل هذا الإرث من المزامير، الترانيم والأغاني الروحية. تعبّر ترانيمنا بلغة جليلة عمّا نُحسّ به عادة لكن لا يمكننا أن نعبّر عنه. تعبّر بعض الترانيم عن أفكار أبعد من اختباراتنا الخاصة- ترانيم تنمّ عن تكريس تام مثل «كل ما لي وحياتي مُلك فاديَّ يسوع.» في هذه الحالات، نرنّم هذه الترانيم تعبيراً لطموحات قلوبنا.
في الأغاني الروحية لا يُعتبر الإيقاع ولا اللحن. أهم شيء هو الرسالة التي تصدر من القلب وترتفع إلى الله بقوة الروح القدس. وقد عبّرت ماري بولي عن هذا الحق بقولها:
«نعرف أيها الرب أنه ليس المهم حلاوة الأغنية، لكن ما يتعلّمه القلب من الروح يرفع اللحن إليك».
يستطيع الروح القدس أن يستخدم الترنيم تماماً كما يستخدم الكرازة بالكلمة. سمعت والدة جانان جينيس فلاّحاً يرنّم بينما كان يحرث حقله، وقرّرت ألا تُقدِم على الانتحار بالغرق في نهر. وقد قال الدكتور جينيس لاحقاً:
«كل ما أنا عليه لِلّه، مدين به لحرّاث مسيحي متواضع يرنّم تسابيح للرب بينما كان يقوم بعمله المتواضع.»
ينبغي على العاملين في خدمة الموسيقى المسيحية أن يأخذوا حَذرهم من خَطرَين. أوّلهما خطر تسلُّل الذات. كما في باقي الخدمات العامة، ما أسهل أن نطير في رحلة الغرور الذاتي. تكمن هناك دائماً التجربة لمحاولة التأثير على الناس بالموهبة بدلاً من الترنيم لمجد الله ولبركة شعبه.
والآخر هو خطر الترفيه بدل البناء. كل هذا ممكن جداً عند ترنيم الكلمات بصحبة موسيقى بارعة ومع ذلك لا توصل الرسالة لقلوب السامعين. ومن الممكن إثارة الناس عاطفياً بترانيم تافهة، طائشة ولا تليق بالرب الذي نحبّه.
يختلف تذوّق الموسيقى مع اختلاف الثقافات، لكن في جميع الثقافات ينبغي أن تكون الترانيم مبنيّة على عقائد صحيحة، موقّرة متناسقة، وبنّاءة روحياً.
بعد تجديد شاول الطرسوسي، سمعت كنائس اليهودية أن هذا الذي كان كبير المضطهِدين للإيمان المسيحي قد صار كارزاً غيوراً ومدافعاً عن الإيمان. كان ذاك تحوّلاً عظيماً.
وفي السنين السابقة، كانت هنالك حوادث مدهشة حيث قام بعض الرجال بتحوّل مُشابه.
اتّفق كل من لورد ليتلتون وجلبرت ويست أن يعملا معاً لزعزعة إيمان المدافعين عن الكتاب المقدس. يقوم ليتلتون بإثبات بُطلان قصة تجديد شاول بينما يعمل ويست على تقديم البرهان القاطع على أن قيامة المسيح كانت خرافة. اعترف كلاهما بأن معلوماتهما عن الكتاب المقدس كانت واهنة، لكنّهما قررّا «لكي نكون صادقين ينبغي على الأقل أن ندرس البراهين». تداوَلا في فترات متقاربة أثناء عملهما على موضوعيهما. في إحدى هذه المداولات فتح ليتلتون قلبه لصديقه واعترف أنه ابتدأ يشعر أن هناك بعض الحقيقة في القصة.
أجاب الآخر أنه هو أيضاً قد صُدم قليلاً من نتائج دراسته. أخيراً، عندما كان كتاباهما جاهزين، اجتمع المؤلّفان معاً واكتشفا أن كلا منهما بدل الكتابة ضد، أنتجا كتباً لصالح الموضوعين الذين سخرا منهما في البداية. وقد اتّفقا أنه بعد الغوص في جميع البراهين كخبيرين شرعيّين، لا يستطيعان أن يقوما بأي شيء آخر سوى قبول حقيقة ما يدوّنه الكتاب المقدس فيما يختص بالموضوعين» (فريدريك وود). كتاب ليتلتون كان «تجديد القدّيس بولس». أمّا عنوان كتاب ويست فكان «قيامة يسوع المسيح».
طلب الملحد روبرت إنجرسول من لو والاس (أحد اللا أدريين) أن يؤلّف كتاباً يبيّن «أكذوبة» قصة حياة يسوع المسيح. أمضى والاس سنين طويلة يبحث في الموضوع، مسبّباً الحزن الشديد لزوجته المؤمنة. ثم بدأ بالكتابة. وبعد أن أنهى ما يقرُب من أربعة فصول، أدرك أن السجلاّت المتعلّقة بالمسيح كانت حقيقية. سقط على ركبته تائباً ووضع ثقته بالمسيح رباً ومخلصاً. ثم قام بتأليف كتاب «بن حور» مقدّماً المسيح كابن الله القدّوس.
أراد فرانك موريسون أن يكتب قصة عن المسيح، لكن بما أنه لا يؤمن بالمعجزات، قرّر أن يحدّد نفسه بالسبعة أيام ما قبل الصلب. وبينما كان يدرس قصص الكتاب أضاف موضوع القيامة. بعد اقتناعه بأن المسيح قد قام حقّاً، قَبِله مخلّصاً وكتب كتابه المشهور «مَن دحرج الحجر؟» والفصل الأول بعنوان «الكتاب الذي رفض أن يُكتب».
الكتاب المقدس حيّ وقوي وأمضى من كل سيف ذي حدّين. برهانه الأعظم في داخله. كل من يهاجمه ويسخر منه ينبغي أن يواجه إمكانية الإيمان به يوماً ما ويصبح بطله المُكرّس