العدل الالهي

Namilos

New member
إنضم
16 نوفمبر 2020
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
مش تضييع وقت ولا حاجه بلعكس .

احنا وصلنا ان العدم لا يتصف بل الاتصاف هو للموجودات (فالاوصاف التي قلتها لا يمكن أن يتصف بها المعدوم حال عدمه ولكن إذا وجد سيتصف بها) وده غير إلى انهيت به ردك وهو (لأنه قد تبين أنه لا إشكال في أن يتصف العدم)
المعدوم يتصف عادي مفيش مشكلة مثل عدم الدواء يتصف أنه مهلك وعدم أبي وأمي يؤدي إلى عدم وجودي فعدم هذين الشخصين هو مؤثر في الواقع لأنه يؤدي إلى عدمي أنا أي الواقع كان سيتغير إذا لم يوجدو
ووصفي للمعدوم بصفة وجودية هو وصف اعتباري اي وصفته باعتبار ما كان سيؤول إلي مصيره إذا وجد، فالان أستطيع أن اصف أن ابني الذي لم يولد بأنني سأهتم به إذا انجبته..

فلو حضرتك متفق معايا ان الاتصاف هو فى حاله الوجود ("ولكن إذا وجد سيتصف بها" ) فبالتالى الظلم وأى تأثر هو فى حاله الوجود برضه ، لو كان وجوده خير له لكنه غير موجود ده مش ظلم له
قد تبين أن العدم يمكن أن يتصف فلا إشكال في وصف الشخص المعدوم بالتعرض للظلم، مثل عدم الأكسجين يؤدي إلي موت الإنسان و فقدانه حقه في الحياة أي أن العدم ظالم.فما الإشكال أن يكون مظلوم....

2.انا بلفت نظرك إلى ان امثلتك مش دقيقه لأنها بتتكلم على أفعال مش كيانات ومينفعش تساوى بين الاتنين ، وفعلا عدم وجود البشر مؤثر وانا قولت ده
"العدم فعلا مؤثر لكن مؤثر على الموجودات مش المعدومات ده انا عايز اضيف كمان انه احيانا وجود بعض الأشخاص الصالحين بيتسبب بدون قصد فى جعل أشخاص صالحين هالكين....."
العدم مؤثر في المعدوم بأن يحافظ على عدم شخص معين فلو افترضنا عدم الله لكان المتحقق هو عدمي وعدمك للأبد...

3."ولكن يجب علينا أن نتغاضي عن ذلك و ننظر إلى ما سيحدث بالفعل على أرض الواقع..ولا يجب سوى الإعتبار بأن الإنسان مصيره الذي يستحقه هو الذي يحدده بنفسه.."
كلامك بيناقض طرحك لانه إلى بيحصل على أرض الواقع نتيجه تحديد الإنسان لمصيره وحياته ، لكن حضرتك متمسك باحقيه وجود عدد لانهائي من البشر النظريين إلى بتقتضي تزاوج كل انسان مع كل انسانه (عدد لانهائي ) عدد لانهائي من المرات ، فين الواقع ف كده ؟
هذه مشكلة أكبر وهي تعدد السيناريوهات المنسوبة لشخص بعينه والتي تعكس جوهره التي يجب أن يتحدد بها مصيره الأبدي..
وإذا كان ده مش عاجب حضرتك لأن الشخص المعدوم ممكن يبقي مؤمن مرة و غير مؤمن في الأخري..فده ممكن نطبقه عليك وعلي أنا..

4."ومن هنا يتبين أن الإنسان المعدوم المنسوب إليه الإيمان ولم يولد هذا تعرض للظلم "

ازاى هينسب له الايمان ؟ تبعا لانهي "سيناريو" حسب تعبيرك ؟ فطالما هو مش موجود فهو ممكن يكون مؤمن وممكن يكون هالك زى قطه شرودنغر كده ، مفيش شخص غير موجود له مزيه ع شخص آخر غير موجود وزى مقولت قبل كده انه وجود أي شخص بياثر على شخص غيره .
أنسب له الإيمان لأنه كان سيؤمن إذا وجد فهذا المعدوم منسوب إليه هذه الكينونة و أنت أيضا منسوب إليك هذه الكينونة أزلا فالاول له حق النعيم الأبدي والوجود في الدنيا كي يؤمن مثلك فلماذا هذا التحيز الإلهي!!
 

stevv

Member
عضو
إنضم
12 أبريل 2018
المشاركات
129
مستوى التفاعل
16
النقاط
18
أنسب له الإيمان لأنه كان سيؤمن إذا وجد فهذا المعدوم منسوب إليه هذه الكينونة و أنت أيضا منسوب إليك هذه الكينونة أزلا فالاول له حق النعيم الأبدي والوجود في الدنيا كي يؤمن مثلك فلماذا هذا التحيز الإلهي!!

مبدئيا هو مش تحيز الهي ولا حاجه لأنه مش اختيار إلهي حسب وجهه النظر إلى انا بقدمها لكن اختيار انساني عشوائي مبتقودهوش اى تحيز ، محدش يعرف يصديقي اذا كان هيؤمن ولا لا ده شئ مبيتحددش غير لما يتوجد اى انسان غير موجود فهو محايد ايمانيا قد يؤمن وقد يهلك على حسب الموجودات إلى حواليه غير واحد بدل واحد والمؤمن ممكن يصبح هالك ، إلى انا عايز اوصلهولك ان الحياه ماشيه فى خط زمني معين يحكمه السبب والنتيجه لو لعبت فى ده انت بتنشا خطوط زمنيه لانهائيه كل واحد منهم مختلف عن التاني ، المؤمن هنا ملحد هناك ، عايز اديك مثال ، نفرض فى المسار الطبيعي للحياه فى شخص اسمه مينا وده شخص صالح وهيروح الملكوت لما لعبنا فى الحياه خلينا فى واحد تاني صالح برضه اسمه فادي لكن فادى فى مرحله من حياته مكنش شاب كويس فادي صاحب مينا وخده معاه فى السكه إلى مش كويسه بعد كده فادى تاب لكن مينا كمل ، بكده مينا المرادي بقي هالك وفادي مؤمن .

انا صدقني فاهم وجهه نظرك ، بس الموضوع معقد وحتي لو.كان بسيط وحتي لو كان بوضوح شخص هالك وشخص مؤمن ، مفيش ظلم بيتاخد ضد واحد مش موجود مش واعي . ومش هدف الله وجود عدد لانهائي من البشر هو اصلا مخلقش غير واحد ، اكثر شخص مثالي ممكن يتوجد ، كل ما أتى بعد ذلك مترتب على قراراته .

خليني أسألك سؤال ، انت مش عجبك النظام ده ، تقترح ايه ، عايز العالم يبقي عامل ازاى بالظبط ؟
 

Namilos

New member
إنضم
16 نوفمبر 2020
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أنا أقصد بالتحيز الإلهي أنه سمح بوجودك ولم يخلق شخص آخر بشكل مباشر كان سيؤمن حال وجوده، فهنا موضع القبح و الظلم..
أما عن مثال مينا وفادي وأن الوضع انعكس تماماً ، فلماذا يختار الله سيناريو واحد ليحدد من خلاله مصير الشخص الأبدي فباقي السيناريوهات تعكس طبيعة هذا الشخص، فمن الخطأ اعتماد سيناريو واحد و إهمال الآخرين..
أما عن النموذج الذي يجب أن يحدث،فانا كائن ضعيف لا أدري ما الأمثل ولكن بعقلي المتواضع أعتقد أن هذا التدبير الإلهي فيه عيوب وخلل كبير وسلبيات هائلة العدد وظلم فاحش للكثير، مما يجعل فكرة الكمال الإلهي و القداسة المطلة محل شك..
تحياتي
 

stevv

Member
عضو
إنضم
12 أبريل 2018
المشاركات
129
مستوى التفاعل
16
النقاط
18
1."أنا أقصد بالتحيز الإلهي أنه سمح بوجودك ولم يخلق شخص آخر بشكل مباشر كان سيؤمن حال وجوده، فهنا موضع القبح و الظلم.."
الله ملهوش دور فى عمليه الوجود «حسب وجهه النظر الي بقدمها » عشان يكون ظالم او عادل ، "لم يخلق بشكل مباشر " تقصد بيها ايه ؟

2."أما عن مثال مينا وفادي وأن الوضع انعكس تماماً ، فلماذا يختار الله سيناريو واحد ليحدد من خلاله مصير الشخص الأبدي فباقي السيناريوهات تعكس طبيعة هذا الشخص، فمن الخطأ اعتماد سيناريو واحد و إهمال الآخرين.."

انت كده خدتني لحته تاني ، انا بالمثال بدلل على انه منقدرش نقول ان ده لو وجد كان هيبقي مؤمن ، هل انت متفق معايا فى ده ولا لا قبل مننتقل لنقطه تانيه ؟

3."ما عن النموذج الذي يجب أن يحدث،فانا كائن ضعيف لا أدري ما الأمثل ولكن بعقلي المتواضع أعتقد أن هذا التدبير الإلهي فيه عيوب وخلل كبير وسلبيات هائلة العدد وظلم فاحش للكثير"

عندك حق ، وانا مقصدش حللي انت الموضوع ، قصدي انت عايز ايه عشان ميكونش فيه مشكله ، أصل مينفعش تقولي مش عارف ايه الأمثل وشايف ان إلى احنا فى ده مش الأمثل بالتالى انت عندك فكره عن الأمثل .

الواقع إلى احنا فيه بيعتمد طريقه التكاثر للوجود وأى موجود مختلف بالمناسبه هو ناتج جينات ذكر وانثي ، يعني دفاعك عن المعدومين هو دفاع عن نواتج مختلفه للتكاثر محصلتش فى الواقع ، لو مفيش تكاثر فمفيش موجودات مختلفه ومفيش حاجه تدافع عنها ، انت بقي عايز ايه ؟ ، هل عايز الله يخلق كل انسان بشكل معجزى بدون تكاثر باعتبارات التكاثر ؟ هل ده إلى انت قاصده ب"يخلق بشكل مباشر" او أكون عام اكتر ، انت عايز الله هو إلى يتحكم فى الوجود مش الانسان ، مش شبكه السبب والنتيجه ؟
 

Namilos

New member
إنضم
16 نوفمبر 2020
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الحل الأمثل أن الله لا يخلق أصلاً، لأنه إذا خلق شخص ما وهو آدم، فلماذا آدم؟ لماذا لا يخلق كائنات أخري شبيهة به، لماذا تحيز الله له وأخرجه إلى الوجود دون الآخرين اللانهائيين العدد ، فكلهم يمكن أن يقعوا في الخطأ و يمكن أن يعيشون حياة صالحة،فبالتالي خلق شخص دون الآخر فيه ظلم للكثير..
وأما عن دافع المحبة الإلهية فالله محب أزلا لم يكتسب تلك الصفة بخلقه آدم..
فالحل الإلهي هو ألا يخلق من الأساس منعا للتحيز ..
هذا حسب وجهة نظري المتواضعة ...
وأخيرا
تحية محبة لك أخي الكريم..
 

stevv

Member
عضو
إنضم
12 أبريل 2018
المشاركات
129
مستوى التفاعل
16
النقاط
18

لاحظ انت عملت مشكله ووقعت فيها ، انت حطيت نفسك فى Loop ، ،لأن بتعاملك مع المعدومات وكانها موجودات وصلت لنتيجه الاعدام ، بمعني انك لغيت حيز الوجود كاملا عشان تصالح مابين الموجودات والعدميات ، فبالتالي الله مش هيخلق اى انسان ، ومش هيخلق اى نوع من الكائنات ، ليه يخلق ملايكه وميخلقش كائنات غيرهم مش ده ظلم ؟ ليه يخلق اى حاجه وميخلقش غيرها ؟ بالتالي انت شايف انك حافظت على واحده من صفات الله وهي الحب لكنك عطلت غيرها وهو الخلق وبالتالي الله ظالم لأنه حرم الوجود من الوجود ، ظالم لأنه حرم الناس إلى كانت هتبقي موجوده لو خلق آدم من أنها تبقي موجوده ، فهتلاقي نفسك بتلف ف حلقه ، لو خلق يبقي ظالم عشان فى بشر نظريين مش هيتوجدوا ولو مخلقش يبقي ظالم عشان حرم البشر الفعليين من الوجود .

بالتالى أصبح ظالم وكمان عاجز

فانت حرمت مليارات البشر من الوجود عشان تساوى بينهم وبين مليارات البشر الغير موجودين والغير واعيين إلى هو عليا وعلي اعدائي ، ولو الله هيوزنها ، تخلق عدد من البشر الي يتمتعوا بالملكوت فى المقابل فى عدد من البشر مش هيتوجدوا والبشر هما إلى هيحددو ده (هو متحيزش لحد معين ولا البشر متحيزين لحد معين ) او مخلقش خالص وكله ميتوجدش ؟

انت بنيت كل ده على فرض وهو ان الله مفروض عليه الخلق وان الوجود احقيه وليست هبه
فخليني أسألك سؤال انت لو هتروح تلعب كورة وخدت كام واحد من اصحابك ومخدتش كل اصحابك إلى تعرفهم ع مدار حياتك هل انت ظالم او متحيز ؟ لا انت عايز تلعب مع دول انت عايز تعمل كده دى ارادتك ، انت حر ياسيدي ، مش هتروح تجيب الجامعه كلها تلعب معاك ، الله مش مفروض عليه يخلق او ميخلقش المانح مش مجبر ع المنح .
 

Namilos

New member
إنضم
16 نوفمبر 2020
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
طب خليني اسأل حضرتك سؤال
لو ربنا خلقك بشكل مباشر ولم توجد أنت عن طريق تزاوج أبيك و أمك، وقال لك أنا خلقتك ساعة واحدة ثم سأفنيك مرة أخرى ، وفي نفس الحين خلقت آدم و سيتنعم معي للأبد في حين أن العدم مصيرك للأبد فماذا ستقول؟!
أترك الجواب لك ..
أنا عارف الجواب اللي بيدور في ذهنك وهو الإحساس بالظلم، فكلنا بشر طبيعتنا واحدة ، فبالتالي المساواة في الفضل واجبة ما لم يوجد شيء يجعل شخص له الأولوية و الافضلية لنوال الفضل..
وكون أننا لا نساوي بين الناس في الفضل في حياتنا اليومية فهذا لأننا قدراتنا محدودة، وعدالتنا محدودة أيضا ونسبية فلا نلام لأننا ضعاف و إرادتنا ليست مطلقة..
أما عن استنكارك أن المعدوم لا يتعرض للظلم ، فقد بينا أن العدم يمكن أن يكون مؤثرا فلا مانع أن يتأثر أيضا، فاتصافه بصفة جائز عقلا...
 

stevv

Member
عضو
إنضم
12 أبريل 2018
المشاركات
129
مستوى التفاعل
16
النقاط
18
"لو ربنا خلقك بشكل مباشر ولم توجد أنت عن طريق تزاوج أبيك و أمك، وقال لك أنا خلقتك ساعة واحدة ثم سأفنيك مرة أخرى ، وفي نفس الحين خلقت آدم و سيتنعم معي للأبد في حين أن العدم مصيرك للأبد فماذا ستقول؟!
أترك الجواب لك .."

شخصيا انا هكون سعيد جدا بحاجه زى كده لكن انت مش عايز جوابي الشخصي انت عايز جواب عام نيابه عن الطبيعه الانسانيه ، بالتالي الجواب هو اني هضايق ، مش عشان مصيرى العدم لكن عشان خلقني وانا مصيرى العدم ، زى شعور الموت كده الإنسان مبيزعلش عشان هيموت لكن بيزعل عشان عاش وف الآخر هيموت .

دى مشكلتك ياصديقي انك بتعامل الميت او المعدوم ع اساس انه موجود ، حتي لو إلى اتخلق وهيفني ده حس بالظلم إلى حضرتك شايفه وبالطريقه إلى حضرتك شايفها ف ده لأنه " موجود " مش عدم .

"فبالتالي المساواة في الفضل واجبة ما لم يوجد شيء يجعل شخص له الأولوية و الافضلية لنوال الفضل.."

لا يفندم حضرتك عاكسها المساواه فى الفضل غير واجبه إلا لو كان هناك استحقاقيه وبما أن مفيش حد سواء الموجود او الغير موجود مستحق للوجود بالتالى مفيش احقيه لأى حد
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,086
مستوى التفاعل
1,068
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

[FONT=&quot]أسعد الله مساء الأحباء جميعا. شكرا للحوار الجميل، ولي في النهاية إذا سمح الوقت تعقيب مختصر، ربما يكون هاما خاصة في ميدان البحث والتأمل الروحي. مشكلة هذا السؤال ـ ومشكلة الفلسفة بوجه عام ـ هي أننا نتعامل مع أفكار ومفاهيم مجردة. لكن الأفكار والمفاهيم ـ كالكلمات والرموز ـ دورها هو فقط تمثيل الحقيقة والتعبير عنها. ليست هي نفسها الحقيقة ولكنها فقط تمثلها وترمز إليها.


[FONT=&quot]كلمة النار مثلا لن تحرق هذه الشاشة. كلمة الماء لن تصيبها بالبلل. لماذا؟ لأنها مجرد رموز، أشارات ترمز فقط للنار أو للماء. كذلك بالضبط الأفكار: تمثل الحقائق وترمز إليها لكنها ليست الحقائق ذاتها. شتان مثلا بين "فكرة النار" بعقولنا وبين "النار" كما نعاينها في الواقع. شتان بين "فكرة الماء" وبين خبرة "الماء" نفسها. (وبالمثل شتان بين "فكرة الله" وبين "الله" ذاته، السبب الذي لأجله تستحيل معرفة الله عقلا! ذلك أن عقولنا لا تملك إلا هذه الأفكار، هذه التمثيلات والرموز التي تشير فقط إلى حقيقته سبحانه، أما حقيقته نفسها فكالنار والماء وكل شيء بالوجود: لا يمكن إدراكها حقا إلا عبر الخبرة المباشرة)!


[FONT=&quot]
هذه الأفكار لا شك ميّزت الإنسان عن سائر الخليقة، أعطتنا قدرة "الرمز" للأشياء نيابة عن "الأشياء" نفسها، ساعدتنا بالتالي في اختراع اللغة والتواصل فيما بيننا، وهكذا ظهرت الحضارة الإنسانية كلها. ولكن كان لذلك ثمن باهظ أيضا، وأشير هنا باختصار إلى نقطتين رئيسيتين:
[FONT=&quot]الأولى: هي أننا صرنا نخلط بين الرمز والحقيقة التي يشير الرمز إليها، وأوضح مثال على ذلك في حياتنا هو خلطنا مثلا بين المال والثروة! المال ـ هذه الأوراق النقدية ـ هو مجرد رمز أو تعبير عن الثروة، التي هي الأرض مثلا أو العقارات أو الذهب. لكننا ـ نتيجة الخلط ـ صرنا نشتهي المال ذاته، نسعى لجمعه وتكديسه، وكأنه هو نفسه الثروة لا مجرد تعبير عنها!


[FONT=&quot]الثانية وهي الأهم: هنا أننا أضفنا إلى الواقع ـ عالم الخبرة المباشرة، الحياة نفسها كما نحياها ـ عالما آخر موازيا لا يوجد إلا بعقولنا فقط، ثم أصبحنا نعيش في هذا العالم العقلي المفترض! على سبيل المثال: كم امرأة قابلت في حياتك؟ عشرة؟ مائة؟ ألف؟ الإجابات كلها خاطئة، لأنك ببساطة لم تقابل ولا حتى امرأة واحدة طيلة حياتك!

[FONT=&quot]
لإدراك ذلك انظر جيدا إلى "خبرتك" نفسها، وفقط خبرتك لا "أفكارك" عن هذه الخبرة: ما قابلته حقا كان وجها معينا رأته عيناك، يصاحبه صوت مميّز سمعته أذناك، وعطر شمّه أنفك، وربما يدان لمستهما أيضا يداك. هذه هي خبرتك الحية الحقيقية نفسها، التي جاءتك تحت عنوان عام هو "ليلى" مثلا، والتي تتميز به عن خبرة أخرى باسم "سارة"، أو باسم "ماري"، وهكذا.


[FONT=&quot]لكن العقل يأخذ هذه الخبرات المتنوعة فيجرّدها من كل ما هو متميز أو مختلف، يأخذ المشترك فقط فيما بينها ثم يضع لذلك مفهوما عاما يضمها جميعا: "امرأة"! صارت هناك بالتالي "ليلى" و"سارة" و"ماري" إلخ، وصارت هناك أيضا "امرأة"! في الواقع نفسه،في الحياة كما نعيشها، ليست هناك حقا أي "امرأة". هناك فقط خبرات حية نابضة شديدة الثراء نسميها ليلى، أو سارة أو ماري. أما في عقولنا فهناك تجريد لكل هذه الخبرات: امرأة!

هكذا ظهرت "مفاهيم" جديدة لا حصر لها: امرأة، رجل، قطة، كلب، بيت، مقعد، منتدى، إلخ. كل هذه ليست سوى مفاهيم عقلية مجردة (إضافة عقلية نضيفها نحن فوق خليقة الله، كما نضيف "خريطة" على وجه الأرض ونقسمها دولا متعددة)، وكلها بالتالي لا وجود له حقا بخبرتنا نفسها أو بواقعنا المباشر!


[FONT=&quot]ثم انتقل العقل بعد ذلك من هذه المفاهيم الأولى إلى المفاهيم العامة: الخير، الشر، الحب، العدل، الحرية، الوجود، العدم، إلخ! أي أننا نعيش ببساطة في بحر من المفاهيم العقلية المجردة![/FONT]

[FONT=&quot]***[/FONT]

[FONT=&quot]أما آثار ذلك قكانت وخيمة على حياتنا! أهمها أننا أصبحنا تدريجيا نعيش في هذا العالم العقلي الموازي ـ عالم المفاهيم التي لا وجود لها ـ ونسينا أن نعيش الحياة نفسها، الخبرة المباشرة ذاتها، بكل روعتها وتفاصيلها وثرائها! [/FONT]

[FONT=&quot](من آثار ذلك أيضا أننا صرنا نتكلم مثلا عن المحبة ونفكر في المحبة بينما لا ننتبه وربما حتى لا نعرف كم من المحبة نبذل حقا في حياتنا! نتكلم عن البر ونفكر بالبر أكثر مما نهتم بممارسة البر فعليا! نتكلم عن الكبرياء وننكر الكبرياء بينما قد ينطوي سلوكنا على الكبرياء دون أن نشعر! نعيش وكأن "أفكارنا" السامية تكفي بحد ذاتها كي يتوافق "سلوكنا" تلقائيا مع هذه الأفكار. ولكن فرق بين أن نؤمن عقليا بالمحبة وأن نحب فعلا! فرق بين أن ننكر عقليا الكبرياء وأن يكون تصرفنا متواضع حقا! فرق بين أن نعتنق عقليا إيمان المسيح، وأن تمتلئ حياتنا من ثم بالمواعظ والترانيم، وبين أن يكون سلوكنا مسيحيا فعلا! كل هذا الخلل ينتج من أننا نعيش طوال الوقت في عالمين اثنين معا: نحن من ناحية سجناء عالم عقلي مجرد، عالم وهمي تماما يمتلئ بأفكار البر ومفاهيم الصلاح والتقوى والمحبة، بينما من ناحية أخرى تعيش أجسادنا واقعيا في عالم آخر، عالم الخبرة الحية المباشرة، الذي فيه بالعكس نخطئ ونعثر ونشك ونكره ونطمع ونخاف ونتكبر ويظهر كل ضعفنا، ولكن دون أن نعترف بذلك وحتى دون أن نشعر به معظم الوقت)![/FONT]

[FONT=&quot]البحث في "المفاهيم" لا شك هام جدا، ولكن حتى لا نطيل أكثر من ذلك نعود لرسالتك وللنقطة التي نهدف إليها من كل هذا:[/FONT]

[FONT=&quot]..........................................[/FONT]

[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
[/FONT]
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,086
مستوى التفاعل
1,068
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل

..........................................


ببساطة ليس هناك شيء اسمه "العدم" يا صديقي. هذا مجرد "مفهوم" عقلي آخر. مجرد "فكرة" لا توجد إلا بعقولنا فقط. أما في الحياة وفي خبرتنا نفسها فلا يوجد أبدا أيّ عدم! بل حتى منطقيا: إذا قلنا إن "العدم موجود" فليس أكثر تناقضا من هذه العبارة نفسها!

«الله يخلق من العدم» تعبير نقوله تجاوزا، بالأساس كي ننفي وجود "مادة أزلية أولى" للخلق كما ذهبت بعض الديانات والفلسفات القديمة. من أين أتى هذا العالم، وكيف أتى؟ هذا السؤال حيّر الإنسان طويلا. الصعوبة هنا لا تكمن في اكتشاف أن إلها ما خلق العالم، هذا بالعكس هو الجزء السهل. الصعوبة بالأحرى هي كيف يخلق هذا الإله ـ الكامل المطلق القدوس المتسامي ـ عالما هو على العكس من ذلك تماما: مادي نسبي محدود زائل يعتريه الفساد وتملأه الشرور؟! من هنا ظهرت بالتالي كل البدائل، بما في ذلك وجود مادة أزلية أولى مع الله، هي التي منها جاء هذا الخلق المادي المنظور!


ولكن نعود على أي حال لسؤالك حتى نشير أيضا كيف جانبت الصواب مرة أخرى (بعد افتراضك أن العدم ـ وهو مجرد مفهوم عقلي ـ موجود فعليا). وهنا نسأل: هل يمكن أن يوجد ـ من حيث المبدأ ـ أشخاص ما بعلم الله لم يخلقهم بعد، ولن يخلقهم أبدا؟

هذا السؤال ينطوي كذلك على افتراض خاطئ، وهو أن الله يخلق في الزمن، بينما الله فوق الزمن، بل خارج الزمن كليا. نحن داخل الزمن ومن ثم "نستقبل" ما خلق الله زمنيا. نقول بالتالي إنه خلق هتلر مثلا قبل الأم تريزا، أو خلق غاندي بعد مارتن لوثر. أما الله ـ لأنه خارج الزمن ـ فليس لديه "قبل" أو "بعد"! الله "هنا والآن" فقط، ودائما! بالأحرى يخلق الله كل شيء ـ كما قال القديس أوغسطين ـ في لحظة واحدة! بل أكثر من ذلك: الله يخلق كل شيء ويُبيد أيضا كل شيء في لحظة واحدة، نفس اللحظة الواحدة! نحن بالطبع لا نستطيع فهم ذلك أبدا بعقولنا، لأن العقل لا يعمل إلا عبر إطار الزمن.

(لكن المثال الذي قد يقرّب الأمر قليلا لفهمنا هو مثال المسافر في قطار: يرى عبر نافذته الأشجار مثلا تتوالى وراء بعضها. أما لو أنه خرج من القطار وارتفع عاليا بما يكفي فسوف يرى الأشجار كلها قائمة في نفس اللحظة الواحدة. فنافذة القطار هي العقل، والأشجار هي الحوادث التي تحدث كأنها وراء بعضها، بينما كلها في الحقيقة قائم حادث الآن بالفعل).


من ثم بالنسبة لله: كل ما فكر فيه أو تخيّله سبحانه، إذا جاز التعبير، أو كل ما عرفه بتعبير أدق، بمجرد أن عرفه: ظهر فوريا إلى الوجود! هذا هو معنى "الخلق" من العدم! خلق الله الشيء أي عرفه، وحيث أن المعرفة تكون عبر العقل الإلهي فمن هنا يُنسب الخلق دائما إلى اللوجوس، أو اللوغوس كما ينطقها أخوتنا العرب! خلق الله العالم بكلمته، أي عرفه بعقله الإلهي! (لذلك مثلا حين عرف السيد المسيح أن "لعازر نام": على الفور صار لعازر في هذه اللحظة نائما، لا ميتا! فلما لم يفهم التلاميذ ما فعل العقل الإلهي للتوّ قال لهم حسب عقولهم البشرية: "لعازر مات")!

(بالمثل عندما "لعن التينة" المسكينة، التي يبكي المسلمون حتى اليوم عليها ويعايروننا بها!
icon10.gif
هو لم "يلعنها" حقا أيها البلهاء كأنما انتقاما منها، حاشا! بل هي موجودة أصلا لأنه عرفها، من ثم أعاد فقط تعريفها، صحّح أو غيّر فقط معرفته هو نفسه لها ـ بحيث يتفق مظهرها مع جوهرها ـ هذا كل ما بالأمر)!


لنتذكر أيضا في هذا السياق أننا نوجد بالله أصلا! يقول لسان العطر: «يطلبون الله ... مع أنه عن كل واحد منا ليس بعيدا، لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد»!


وعليه ـ ختاما ـ ليس هناك حقا أي إنسان في علم الله فقط ولم يُخلق بعد، بل معرفة الله نفسها لأي إنسان هي خلقه، هي وجوده نفسه، وإن "ظهر" هذا الإنسان بالنسبة لحواسنا وعقولنا فقط في نقطة معينة داخل الزمان والمكان!

عذرا للإطالة مع تحياتي ومحبتي.


 
أعلى