موسوعة كاملة عن أباء الكنيسة وشهدائها وقديسها +++

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إسحق الهوريني القديس


نشأته ولد هذا القديس بمدينة هورين من أعمال شباس من أبوين تقيين، وقد تنحيت والدته سوسنه وهو صغير، فتزوج والده إبراهيم مرة أخرى، فكانت امرأة أبيه تبغضه بالرغم من صغر سنه، فلم تكن تعطيه طعامًا سوى القليل من الخبز، وكان ينطلق مع رعاة أبيه وهو في الخامسة من عمره يحمل الخبز معه، يوزعه على الرعاة ويبقى صائمًا حتى يعود إلى بيته. إذ شكاه أحد الرعاة لوالده أنه لا يأكل طوال النهار، أراد الوالد أن يتحقق الأمر بنفسه. رآه الصبي الصغير قادمًا من بعيد، وعرف أنه جاء خصيصًا ليراه إن كان يأكل الخبز أم يوزعه، وكان قد قام بتوزيعه، وإذ خاف من والده، جاء بثلاث قطع من طين وربطهم في طرف العباءة ليظن والده أنه محتفظ بالخبز، وكان ذلك على مشهد بعض الرعاة. جاء الوالد واتجه إلى العباءة وفك الرباطات ففوجئ الرعاة بوجود خبز حقيقي، فدهشوا للغاية، وإذا سألهم الوالد عن سرّ دهشتهم قصوا له ما فعله أبنه، فتعجب الوالد ومجّد الله. رهبنته إذ كبر الصبي كان يزداد قلبه شوقًا للحياة الرهبانية، فذهب إلى راهب قديس يدعى الأنبا إيليا، وأقام عنده مدة. وبعد نياحة الأنبا إيليا، مضى إسحق إلى جبل البرنوج، وأقام عند شيخ يدعى الأنبا زخرياس يتتلمذ على يديه (جبل البرنوج بنتريا، بمركز دمنهور بمحافظة البحيرة). إذ كان والده يجّد في البحث عنه، عثر عليه عند القديس، وسأله أن يرجع معه، وقد أشار عليه معلمه أن يطيع فعاد، ومكث مع والده حتى تنيح الأخير فوزع الابن كل ما ورثه، وأقام في مكان منفرد بناه خارج المدينة يمارس حياته النسكية، وبقى في هذا الموضع سرّ بركة لكثيرين حتى تنيح ودفن هناك، في 22 برمودة.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إسحق قس القلالي


وُلد القديس إسحق قس القلالي أو قس نتريا من أبوين فقيرين تقيين بصعيد مصر. كان يلتقي بالرهبان القادمين إلي الريف ويسمع لهم فأحب الحياة الرهبانية، وتتلمذ علي يدي القديس مقاريوس رئيس دير بسبير. كما رأى القديس أنبا أنطونيوس وتعلّم منه الصلاة، كما يظهر من مناظرته مع القديس يوحنا كاسيان (مناظرة عن الصلاة 9: 31). رحل إلى جبل نتريا، وتتلمذ على يد الأنبا كرونيوس الذي خلفه كقس ومدبر لنتريا والقلالي. عندما كبر المعلم في السن جدًا، إذ كان قد بلغ حوالي 110 سنة هذا وقد تتلمذ أيضًا على يدي القديس ثيؤدور الفرمي. التقى بالقديس الأنبا بامو (بيمين)، وتتدرب على يديه في الزهد خاصة في الملبس. طرد من نتريا على يد البابا ثاوفيلس (23) مع سميّه إسحق قس شيهيت وعدد من المتوحدين والرهبان بسبب ميولهم للعلامة أوريجينوس. بعد النفي عاد من فلسطين إلى نتريا ليمارس دوره الفعال. وقد أصيب في آخر أيامه بمرض شديد أنهكه، فلازم الفراش زمانًا طويلاً. تلمذته لأنبا كرونيوس يكشف لنا الأنبا إسحق قس القلالي كيف يدربه معلماه أنبا كرونيوس وأنبا تيؤدور بالعمل لا الكلام، مقدمين مفهومًا آبائيًا للتلمذة الحقة، إذ يقول: "عندما كنت شابًا صغيرًا اعتدت السكنى مع أنبا كرونيوس، ولم يكن يكلفني مطلقًا بعمل شيء ما. والآن، وقد صار شيخًا لا يستطيع التحكم في أطرافه، إلا أنه لا يزال يقف ويقدم لي الماء بيديه وكذلك الأمر مع الجميع. هذا هو ما كان يحدث أيضًا بالنسبة لأنبا تيؤدور الفرمي، إذ لم يكن يكلفني بعمل أيا كان نوعه. وكان يعد هو المائدة، وكنت أقول له: "لقد جئت يا أبي لكي أساعدك، فلماذا لا تطلب مني أن أؤدي لك عملاً؟" لكن الشيخ لم يكن يخاطبني بشيء بل كان يحفظ السكون. فصعدت أنا وأعلمت الشيوخ بالأمر، فجاءوا إليه قائلين: "يا أبانا لقد جاء إلى قداستك هذا الأخ لكي ما يعينك، فلماذا لا تأمره بعمل ما؟" أجابهم الشيخ: "وهل أنا رئيس دير حتى آمره؟ إنني لن أقول له شيئًا إلا عن رغبتي في أن يفعل هو مثلما يراني أعمل". "ومنذ ذلك الوقت كنت أسبقه في عمل الشيء قبل أن يقوم هو به، ولازال يعمل هو في صمت وهدوء، وبهذه الطريقة جعلني أتعلم أن أعمل في سكون وهدوء. مع أنبا بيمين يذكر لنا البستان أحاديث كثيرة نافعة وبدالة قوية تمت بين القديس إسحق قس القلالي والقديس الأنبا بيمين، نذكر منها: كنت جالسًا في إحدى المناسبات مع أنبا بيمين، فلاحظت أنه كان في دهش عظيم، وبما كان لي من تأثير عليه طلبت منه بإلحاح، قائلاً: "فيم تفكر يا أبي؟" وبعد إلحاح شديد أجاب، قائلاً: "كنت أتأمل في موضوع الصلب، حيث كانت القديسة مريم والدة الإله واقفة تبكي بجوار صليب مخلصنا، كنت أتمنى أن أشعر بمثل هذا كل الأوقات". في إحدى المناسبات رأى أحد الآباء الأنبا بيمين يصب ماء على قدميه (يغسلهما)، فقال أنبا إسحق لأنبا بيمين بدالة: "كيف يكون هذا؟ فبينما يدرب الآباء أنفسهم على أتعاب شاقة، وأعمال نسك عظيمة حتى أنهم قمعوا أجسادهم نراك تغسل قدميك؟" أجاب أنبا بيمين: "إننا لم نتعلم أن نكون قاتلين لأجسادنا، بل قاتلين لشهواتنا". مرة سمع أنبا إسحق صياح ديك، فقال لأنبا بيمين: هل يوجد دواجن هنا يا أبي؟ أجابه قائلاً: "لماذا تجبرني أن أتحدث إليك يا إسحق؟ الذين يشبهونك فقط هم الذين يسمعون مثل هذه الأصوات، أما المجاهد فلا يشغل نفسه بمثل هذه الأمور". اعتاد أبا إسحق قس القلالي أن يقول بأن أبا بامو (بيمين) كان يقول: يليق بلبس الراهب الذي يرتديه أن يكون هكذا: لو أُلقي خارج القلاية لمدة ثلاثة أيام لا يريد أحد أن يلتقطه. اعتاد أبا إسحق أن يقول للإخوة: إن آباءنا وأنبا بامو (بيمين) كانوا يلبسون خرقًا موصولة قديمة، أما الآن فتلبسون ثيابًا غالية الثمن. امضوا من هنا فقد أفسدتم الموضع. إنني لا أقدم لكم وصايا لأنكم لا تحفظونها. بكاؤه كان أبا إسحق وأبا إبراهيم يعيشان معًا. حدث أن دخل مرة أبا إبراهيم ليجد أبا إسحق يبكي، فقال له: "لماذا تبكي يا أبت؟" أجاب الشيخ: "ولماذا لا نبكي؟ لقد مات آباؤنا، وها عمل أيدينا (جهادنا الروحي) لا يكفي لأجرة المركب لكي نذهب ونفتقدهم، لهذا نحن أيتام (لا نجاهد كآبائنا)، من أجل هذا أبكي". عند الحصاد اعتاد الرهبان أن يقوموا ببعض الأعمال كالحصاد في الحقول القريبة حتى يأكلوا من تعب أيديهم. وقد روى لنا أنبا إسحق ما رآه بعينيه أن أحد الإخوة (الرهبان) إذ كان يقوم بالحصاد ذهب يستأذن صاحب الحقل ليأخذ سنبلة يفركها بيديه ويأكلها، فدُهش صاحب الحقل، قائلاً: "يا ابني الحقل هو لك، أتستأذني لكي تأكل؟!" وقد تأثر صاحب الحقل منتفعًا لما رأى ما بلغه الإخوة من حذر على أنفسهم. حبه للنسك حدثنا أحد الآباء كيف أنه في أيام أبا إسحق جاء أخ إلى كنيسة القلالي، وكان يرتدي قبعة صغيرة، فطرده الشيخ، قائلاً: "هذا الموضع هو للرهبان، إنك علماني ولا يليق بك أن تعيش هنا". نقاوة القلب لم أسمح قط لفكر ضد أخي يحزنني أن يدخل قلايتي، وكان همّي ألا أترك أحدًا يدخل قلايته وفي قلبه فكر ضدي. لعل هذا الحديث جاء ثمرة خبرة عاشها بعد أن سقط في إدانة أخ، فوبخه الملاك على ذلك، إذ جاء عنه: حدث أن أتى أبا إسحق إلى دير، فرأى أخًا يخطئ فأدانه، وإذ عاد إلى البرية وجد ملاكًا من عند الرب قد جاء ووقف أمام قلايته، وصار يقول له: "لن أسمح لك بالدخول". وإذ قاومه قائلاً: "ما هو الأمر؟" أجابه الملاك: "الرب بعثني إليك أسألك أين تشاء أن تطرح الأخ المخطئ الذي أنت أدنته؟" فتاب لوقته، وقال: "أخطأت، اغفر لي". عندئذ قال الملاك: "اصعد، فإن الرب قد غفر لك، ولكن عليك من الآن أن تحفظ نفسك من أن تدين أحدًا قبل أن يدينه الله". في كتاب "Bendicta" نسبت هذه القصة لإسحق التبايسي كإسحق آخر غير قس القلالي. هذا ويروي لنا عن نفسه أن الشيطان قد تجاسر وظهر له مطلاً من الطاقة قائلاً له أنه قد صار من أتباعه، وإذ فحص الأمر تذكر أنه تجاسر وتناول من الأسرار المقدسة ثلاثة أسابيع متتالية دون أن يصفح عن أحد. هكذا شعر أنه بهذا العمل عوض نوال بركة الاتحاد مع الله حُسب من أتباع عدو الخير، إذ عمل في قلبه عدم الصفح عن الآخرين. لهذا أسرع إلى الأخ، وبدموعه سأله أن يصفح عنه. الكبرياء يتقدم الآلام (الشهوات) جميعها الكبرياء ومحبة الذات.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إسحق قس شيهيت


انطلق إلى الصحراء وهو ابن سبع سنوات، وبالرغم من صغر سنه كان يحفظ بعض إصحاحات كاملة من الكتاب المقدس عن ظهر قلب، وقد اهتم كل حياته بالكتاب المقدس. يقول عنه المؤرخ القديس بلاديوس أنه حفظ الكتاب كله. منذ صغره تمتع بمواهب فائقة حيث كان يمسك الأفعى المقرنة القاتلة ولا تؤذيه. عاش 50 عامًا في حياة الوحدة وتتلمذ له 150 متوحدًا. وكان القديس الأنبا أثناسيوس يحبه وكان كثير الحديث عنه. نفي مع سميّه أنبا إسحق قس القلالي لميوله للعلامة أوريجينوس. يروي لنا الآباء عن قصة هروبه من الكهنوت ثم قبوله، وقد نُسبت خطأ للأب إسحق قس القلالي كما يرى بعض الدارسين، تتلخص في أن الأب إسحق سمع أنهم يريدون سيامته كاهنًا فانطلق إلى مصر، وذهب إلى حقل واختفى في وسط البيدر. انطلق الكهنة وراءه يبحثون عنه، وإذ بلغوا ذات الحقل توقفوا ليستريحوا إذ كان الليل قد حلّ. تركوا الدابة (الحمار) قليلاً وإذ به ينطلق وهم وراءه يريدون الإمساك به، حتى بلغ إلى الموضع الذي فيه القديس إسحق مختفيًا، فامتلأوا دهشة، وإذ أرادوا أن يربطوه ليحملوه عنوة منعهم قائلاً لهم: "إنني لن أهرب بعد، فإن هذه هي إرادة الله، وأينما هربت وجدت ذلك بعينه".

----------------------------

إسحق من شما الشهيد


كان يعمل في حراسة بستان، يسلك في حياة تقوية نسكية، يأكل مرة كل يومين من البقول، وكان محبًا للفقراء. ظهر له ملاك في رؤيا وسأله أن يمضي إلى الوالي ويعترف باسم السيد المسيح، وبالفعل تمم ذلك، ونال إكليل الشهادة في 25 من شهر أبيب، وقد دفن في بلده شما. الأنبا إسحق تلميذ الأنبا أبلوس: أنظر الأنبا إيساك (10 برمودة).


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إسخيون الشهيد

في أيام الإمبراطور داكيوس (ديسيوس)، كان والي الإسكندرية عنيفًا في اضطهاده للمسيحيين، وكما يقول المؤرخ يوسابيوس أنه بدأ الاضطهاد قبل إصدارالإمبراطور للمرسوم بذلك الأمر بحوالي سنة كاملة (أي سنة 249 م). كان المسيحيون في الإسكندرية يُساقون إلى المحاكمة ليسقطوا تحت أنواع كثيرة من العذابات، وإذ كان أحد المسيحيين يومًا ما يُحاكم، ورأى أدوات التعذيب يبدو أنه بدأ يضعف، وكاد أن ينهار، وينكر مسيحه، لكن ربنا يسوع المسيح لم يتركه هكذا، إذ فجأة رأى خمسة من الجند من بينهم جندي يدعى إسخيون Ischyion قد اقتحموا ساحة المحاكمة، الأمر الذي شدَّ أنظار الكل ليروا ما وراءهم، وإذ بهم ينطلقون ليقفوا بجوار المتهمين، معترفين أنهم تلاميذ المسيح. دُهش القاضي وكل الجماهير لهذا المنظر، خاصة وقد حمل هؤلاء الرجال بشاشة على وجوههم، وكأنهم قادمون لا لاحتمال العذابات وإنما لنوال فرح وأكاليل. هنا تشدد الرجل الخائر، وأدرك بقوة تملأ نفسه، وتعزيات الله في قلبه، بعد أن كان القاضي قد بدأ يتهلل بانهيار الرجل انقلبت كل الموازين، إذ أعلن الرجل شوقه لاحتمال كل عذاب من أجل إيمانه الحق. بدأ إسخيون يشهد للسيد ويكرز به وسط المحكمة، فأمر القاضي رجلاً يدعى أرمينيوس أن يعذب هذا الجندي، فصار يبتر أعضاء جسده، بل وفتح بطنه بعصا، ثم استشهد، وتبعه زملاؤه.
 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إسطفانا الساقط


في مرارة يسجل لنا القديس جيروم سيرة هذا الراهب العملاق الذي انهار بسبب الكبرياء، وانحل عن حياته الروحية ليعيش في الفساد والدنس، وقد صار عبرة لكل نفس متشامخة. قال القديس جيروم: "كان في الإسقيط رجل يدعى إسطفانا Stephana ، سكن في البرية تسعة وعشرين عامًا، كان ثوبه من سعف النخيل، يسلك حياة صارمة مدققة في إنكار الذات، ويمارس النسك حتى أنه لم يمل لأكل الوجبات العادية ذات المذاق الحسن، وكان ينتقد بشدة الذين يأكلون بسبب المرض طعامًا مطبوخًا أو يشربون حلوًا. لقد وُهب عطية الشفاء، فكان يخرج الشياطين بكلمة. حدث مرة أن إنسانًا به روح نجس جاء إلى الإسقيط ليُشفى، وإذ رأى الراهب أن الرجل يتعذب بشدة من الشيطان صلى فشفي. أخيرًا رفضته نعمة الله بسبب تشامخه وتعاليه المتزايد جدًا، فقد ظن في نفسه أن حياته وأعماله أعظم مما للآباء الآخرين، ففي البداية عزل نفسه عن الإخوة، ثم ذهب إلى أحد الأديرة بالإسكندرية كرئيس للمتوحدين. في كبريائه قال: "أأخضع أنا لمقاريوس؟ أليست حياتي وأعمالي أفضل من حياته وأعماله؟". وقد بلغ به الجنون (العظمة) أنه ذهب إلى الإسكندرية وسلم نفسه للنهم والسكر، وكان يأكل اللحوم بنهم أكثر من العاديين، وأخيرًا سقط في حفرة اشتهاء النساء. صار يذهب إلى بيوت الزانيات وإلى الأماكن البطالة، يرتبط بالزناة ويمارس شهواته بطريقة مخجلة، وكان يقول: "لست أفعل هذا بسبب الأهواء والزنا، إنني لا أفعل أمرًا مشينًا، فإن الالتصاق بالنساء ليس خطية إذ خلق الله الرجل والمرأة". حدث في الأيام أنني نزلت مع الطوباوي أوغريس إلى الإسكندرية لقضاء عمل هناك، وكان معنا أربعة إخوة. وإذ كنا عابرين في سوق المدينة التقينا براهب في غير قصد، وكان يتحدث مع زانية في أمور شهوانية. وإذ رآه الطوباوي أوغريس بكى وسقط عند قدميه وصار يتوسل إليه، أما الرجل فلم يهز له رأسه بأقل انحناءة، بل في تشامخ معيب وتعالٍ أجابه، قائلاً: "ماذا تطلبون أيها المراؤون والمخادعون هنا؟" صار الطوباوي أوغريس يتوسل إليه أن يذهب معنا إلى حيث نقيم لكنه لم يقبل بأية وسيلة، وبصعوبة شديدة جاء معنا. وإذ دخلنا وصلينا وقع الطوباوي أوغريس على عنقه وقبّله، والدموع تنهمر منه، وهو يقول: "حقًا يا حبيبي لقد هبطت من الخدمة الإلهية التي للملائكة إلى أعماق الشر! لقد تحولت عن الحديث عن الله لتتحدث مع الزانيات! عوض الحياة وخدمة الملائكة اخترت حياة الشياطين! أسألك، وأتوسل إليك ألا تقطع الرجاء في خلاصك؛ قم وتعال معنا إلى البرية، فإن الله الرحيم قادر أن يردك إلى درجتك الأولى". كان فهمه قد أصيب بالعمى بواسطة الشيطان فلم يعرف كيف ينصت لما قيل له، ولا ما يجيب به. وإنما قال لأوغريس: "كنت حتى الآن تائهًا، لكني عرفت طريق الحق". ثم بدأ يسخر بالآباء، قائلاً: "إنكم تائهون، تقطنون البرية بسمة باطلة، من أجل الناس لا الله، وها أنتم أمام الذين يشاهدونكم كأصنام زيّنها البشر ليتعبدوا لها". وهكذا في كبرياء إبليس وعجرفته صار يستهزئ بالآباء، ثم تركهم ومضى. وقد بكى الطوباوي أوغريس والإخوة وتنهدوا من أجله كثيرًا. هذا الرجل أخذ عذراء يتيمة تعيش بمفردها كراهبة بخطة دنيئة، تحت ستار أنه يتصدق عليها فيما تحتاج إليه، وكان في حقيقة الأمر يود أن يشبع شهوته. وإذ عاش معها بطريقة منحطة لمدة عامين، أخيرًا جاء بعض اللصوص ليلاً، وربطوه بحبال حتى قدم لهم كل ما في مسكنه، ثم رفعوه مع المرأة التي يصنع معها الشر إلى منزل يوجد به قش ورُبط الاثنان وأشعلوا في البيت نار فماتا أشر ميتة. فيهما قد تحقق ما قاله معلم الأمم: "وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق" (رو 1: 28). بمعنى آخر أن حرق النار هنا هو عربون للنار التي يتعذب بها الأشرار. الآن فإن ما حدث لإسطفانا إنما لأنه عزل نفسه عن الإخوة، وانتفخ في ذهنه، وظن في نفسه أنه كامل".


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إسطفانوس الليبي


يروي لنا القديس بلاديوس سيرة الطوباوي إسطفانوس الذي من أصل ليبي، وقد عاش ناسكًا في البرية على حدود مارماريكا Marmarica ومريوط في الصحراء الغربية (يبدو بالقرب من ليبيا)، وتشعر من حديثه عنه مدى اشتياقه أن يلتقي معه لولا بعد المسافة، وقد سمع عنه من القديسين أمونيوس وأُغريس اللذين زاراه في مرضه. قال عنه القديس بلاديوس: [سكن في البرية ستين عامًا، وقد بلغ مرتفعات تدبير الحياة الكاملة، وحُسب (بنعمة الله) أهلاً أن يهب تعزية للغير، حتى أن كل متألم – أيا كان – إذ يقترب منه يخرج فرحًا. وقد تعرف عليه الطوباوي أنطونيوس. إسطفانوس هذا استمر في هذه الحياة حتى أيامنا، لكنني لم أعش معه قط، ولا التقيت به، لأن الجبل الذي يقطنه بعيد عني جدًا. القديسان أمونيوس وأغريس اللذان ذهبا لافتقاده رويا لي قصصًا عنه، فقد قالا: إذ ذهبنا إليه وجدناه في مرض خطير جدًا، فقد أصيب بأورام في الأجزاء السفلية من جسده، أصيب "بغرغرينة"، وقد وجدنا طبيبًا يبتر أجزاءً من جسمه (غالبًا إحدى رجليه). ومع هذا كان القديس يعمل بيديه، يجدل سعفًا، وكان يتحدث معنا بينما كان الطبيب يبتر في جسده. كان محتملاً ذلك بصبرٍ، كما لو كان البتر في جسم غير جسمه، وإذ بُترت هذه الأجزاء كأن شعرًا قد قُص، استمر القديس بنعمة الله دون أن يعطي الأمر اهتمامًا. صار الطبيب يربط الجراحات بينما جلس هو ليجدل السلال بيديه، وتحدث معنا فرحًا شاكرًا لله... لقد وقفنا ونحن مندهشين لهذه المأساة، إذ لم نكن قادرين على احتمال رؤية الإنسان الذي سلك حياة نسكية روحية سامية أن تُبتر أعضاؤه تحت الضرورة. أدرك الطوباوي أفكارنا، وإذ شعر بحزننا، أجاب قائلاً لنا: "لا تحزنا يا بني لهذا الأمر، ولا يضعف إيمانكما بسبب هذا الأمر فإن الله لن يصنع شرًا قط، بل بالعكس يتطلع إلى نهاية سعيدة (لأعماله). كم من مرة استحقت هذه الأعضاء الحكم بالعقوبة! لقد استحقت الأعضاء البتر، فلتجازى هنا أفضل من أن تجازى بعد الرحيل من هذا العالم". هذا ما نطق به معنا، فأراحنا، وأرسلنا، قائلاً لنا: [لا تتعثروا عندما تجدًان تجارب من هذا النوع تحل بالقديسين، فبها يبنينا الله، ويهبنا الراحة ويثبتنا في النواميس التي هي ضد التجارب. لقد رويت هذه الأمور لكي لا تتعجبوا عندما ترون قديسين يسقطون في ضيقات
 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إسماعيل ورفيقاه الشهداء


أرسل ملك الفرس إرسالية تتكون من ثلاثة شبان مسيحيين يدعون مانوئيل وسابيلSabiel وإسماعيل وكانوا أبناء ساحر مشهور، بعثهم برسالة إلى الإمبراطور يوليانوس الجاحد، قبيل الحرب التي اشتعلت بينهما وقُتل فيها يوليانوس. استقبلهم يوليانوس بحفاوة عظيمة وسألهم أن ينتظروه في بيثينية. وإذ جاء الإمبراطور رأى السفراء الثلاثة حشودًا ضخمة من الجماهير تتدفق على المعبد تكريمًا للإمبراطور، يقدمون تقدمات وعبادات للوثن. حزن الشبان، وصاروا يقرعون صدورهم. دعاهم حاجب الملك – وكان هنديًا – أن يدخلوا المعبد ويقدموا ذبائح فرفضوا بإصرار. ثار يوليانوس على هذا الموقف عندما سمع بتصرفاتهم وأمر بقتلهم وحرق أجسادهم، مع أنهم غرباء غير تابعين لمملكته... الأمر الذي لا يحمل أية لياقة إنسانية. إذ سمع ملك الفرس ما فعله يوليانوس بسفرائه غضب جدًا وحسبها إهانة موجه له شخصيًا بل ولكل بلده، لذا دخل معه في حرب أدت إلى هلاك يوليانوس مضطهد الكنيسة. يُعيَّد لهم الغرب في 17 يونيو.

-----------------------------

إشعياء وبسويس الأسبانيان


يحدثنا المؤرخ الرهباني بلاديوس عن أخين من أب أسباني يدعيان بسويس Poesius (أو بشوي) وإشعياء لا نعرف عنهما أكثر مما ورد في كتابه، إذ يقول: [كذلك كان هناك (في جبل نتريا) بسويس وإشعياء، وهما ابنان لتاجر أسباني. مات والدهما فقسّما ميراثهما البالغ خمسة آلاف قطعة من العملة وثيابًا وعبيدًا. تشاورا معًا ودبرا أمرهما هكذا: "يا أخي، ما هي الحياة التي سنعيشها؟ إن اشتغلنا بالتجارة كأبينا فإننا سنترك تعبنا لآخرين؟ وسنتعرض لمخاطر القراصنة في أعالي البحار. هلم بنا نمارس الحياة الرهبانية فننتفع بخيرات أبينا ولا نخسر نفوسنا" استهوتهما فكرة الحياة الرهبانية لكنهما اختلفا في وجهة النظر، فإنهما إذ قسّما ميراثهما كان كل منهما يود أن يرضي الله بأسلوب حياة مختلف. فقام واحد بتوزيع كل ما عنده على الأديرة والكنائس والسجون، وتعلم صنعة كي يكسب قوته بالتعب، مكرسًا وقته في التداريب النسكية والصلاة. أما الآخر فلم يوزع ماله بل بنى به ديرًا لنفسه وقبل قليلاً من الإخوة، وكان في كل سبت وأحد يقيم ثلاث أو أربع موائد يستضيف إليها كل غريب ومريض وشيخ وفقير، هكذا صرف أمواله. ولما مات كلاهما كثرت الأقاويل عنهما مع أن كليهما سلك بالكمال. فضّل البعض الواحد والبعض الثاني. وإذ حدثت منافسة بين الإخوة في مديح واحد عن الآخر، ذهبوا إلى الطوباوي بامبو ووضعوا الحكم بين يديه، طالبين أن يعرفوا أي الطريقتين أفضل. فقال لهم: "كلاهما كامل، أحدهما أظهر عمل إبراهيم (كرم الضيافة) والآخر عمل إيليا (إنكار الذات)". سأل فريق: "نتوسل إليك عند قدميك كيف يمكن أن يتساوى الاثنان؟" وكان هذا الفريق يظن أن الناسك هو الأعظم، مصرّين أنه نفذ ما أمر به الإنجيل إذ باع كل ماله معطيًا إياه للمساكين وحمل صليبه وتبع المخلص في صلواته (لو 18: 22؛ 9: 23، 14: 27). أما الآخرون فأكدوا أن إشعياء قد شارك الفقراء في كل شيء إذ كان يجلس في مفارق الطرق ويضم المتضايقين، فلم يكن يخفف عن نفسه فقط، بل كان يخفف عن الآخرين مهتمًا بالمرضى ومعينًا لهم. أخبرهم بامبو: "مرة أخرى أقول أنهما متساويان، وأؤكد لكل واحد منكم أنه لو كان الأول لم يعش ناسكًا لما كان مستحقًا أن يقارن بصلاح الآخر. أما الآخر فإن كان قد أنعش الغرباء لكنه قد أنعش نفسه (روحيًا)، فإنه وإن بدى حاملاً أثقال التعب (الضيافة للغرباء) لكنه كان يشعر بالراحة (الروحية) بعد ذلك. انتظروا إلى أن أنال إعلانًا من الله، ثم تعالوا إليّ وأعلمكم". جاءوا إليه بعد أيام، فأخبرهم: "رأيت كليهما واقفين في الفردوس في حضرة الله". هذه القصة تكشف عن مفهوم الكلمات الرسولية: "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح، واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد، وأنواع أعمال موجودة لكن الله واحد الذي يعمل للكل" (1كو 12: 4-6). يلزمنا لا أن ننشغل بنوع موهبتنا فنفتخر بها على غيرنا، أو تصغر نفوسنا أمام مواهب الغير... إنما نهتم كيف نضرم مواهبنا بالروح القدس، فنُحسب أمناء لننال الكنز الأبدي!


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إشعياء وهور وبولس


يروي لنا القديس جيروم في كتابه عن تاريخ الرهبان، أن ثلاثة من الرهبان النساك الكاملين التقوا معًا عند شاطئ النهر الكبير، وكان الثلاثة يريدون زيارة معترف يدعى نوبي Nopi، وكان مقيمًا في مدينة بعيدة. يبدو أنه في شيء من الدعابة قالوا لنرى من يغلب ويكرمه الله فيبلغ بنا سريعًا إلى الموضع، عندئذ قال أباهور أو أبا أور: "إنني أسأل الله هذه العطية أن ننطلق إلى المدينة بقوة الروح بلا تعب"، في الحال صلى فوجدوا قاربًا معدًا للرحلة، وفي وقت قصير جدًا بلغوا المدينة مع أن الريح كانت مضادة. إذ صعدوا من النهر قال إشعياء: "أكثير على الله يا أحبائي إن كان الرجل الذي نحن قادمون إليه يأتي إلينا ويقابلنا ويحدثنا عن حياته وأعماله؟! "أما بولس فقال: "لقد أعلن الله لي إنه سيأخذه بعد ثلاثة أيام... "لم يسيروا إلا قليلاً جدًا وإذا بالرجل يلتقي بهم ويحيهم. قال له بولس: "أخبرنا أيها الأخ عن حياتك وأعمالك فإنك سترحل إلى الله بعد غد". قال أبا نوبي: "مبارك هو الله الذي أعلن لي هذه الأمور، وأظهر لي مجيئكم، وكشف لي عن حياتكم وأعمالكم". إذ وصف لهم استقامة سلوكهم مع بعضهم البعض، وأظهر لهم حياتهم وكيف يجاهدون، بدأ الحديث معهم عن حياته وأعماله، قائلاً: "منذ اليوم الذي فيه اعترفت باسم ربنا يسوع المسيح، مخلصنا وإلهنا، لم تخرج كلمة بطالة من فمي على الأرض، ولم آخذ شيئًا أرضيًا، فإن ملاكًا يطعمني بغذاء سماوي. ليس في قلبي شهوة أكثر من الله. الله لم يخفِ عني شيئًا مجيدًا ومكرمًا. لم أكن محتاجا لنور لعينيّ. لم أنم في النهار، وبالليل لا أكف عن التوسلات لله. ملاك الرب يصاحبني على الدوام، ويظهر لي قدرة العالم العتيد؛ نوره لا يفارق عقلي. ما أطلبه من الله يهبني إياه حالاً. في كل الأوقات أرى ربوات الملائكة واقفين أمام الله. وأرى جماعات القديسين، كما أنظر جموع الشهداء. أتطلع إلى نصرات الرهبان المتألمين. أشاهد أعمال الإخوة المتوحدين، وجموع الأبرار. أرى كل الخليقة تمجد الله. أرى الشيطان وقد أُسلم للنار المحرقة، كما أنظر ملائكته يعانون العذابات، أما الأبرار فينالون غبطة بلا توقف". إذ نطق المعترف نوبي بذلك، كما تحدث معهم في أمور روحية كثيرة، في اليوم الثالث أسلم الروح، وجاءت ملائكة وجيوش من الشهداء تستقبل نفسه وتحملها وهي تسبح... وقد سمع الإخوة الثلاثة أصواتهم كما رأوهم عيانًا.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إغريغوريوس العجائبي القديس


كتب لنا عن حياته سميّه القديس إغريغوريوس أسقف نيصص، كما امتدحه القديس باسيليوس الكبير مشبهًا إيّاه في عجائبه بموسى النبي. إنه يمثل الإنسان الذي في أعماقه يشتاق للحق فلا يقبل الإيمان المسيحي فحسب، وإنما قبله بقوة في حياته ليحيا بروح إنجيلي رسولي، ومع قداسة حياته العجيبة عمل كارزًا بين الوثنيين بقوة فائقة. نشأته كان يدعى قبل عماده ثيؤدور، ولد في قيصرية الجديدة ببنطس، من أبوين ذوي شهرة وكرامة عالية، وثنيين. توفي والده وهو في الرابعة عشرة من عمره، لكنه أكمل تعليمه إذ كان محبًا للمعرفة ومشتاقًا إلى إدراك الحق، وكان مهتمًا بدراسة القانون. في عام 233 م، صاحب أخته التي رافقت زوجها، الذي كان له مركزه في ولاية قيصرية فلسطين، وأيضًا معه أخوه أثينادوراس Athenodorus، الذي صار بعد ذلك أسقفًا واحتمل الكثير من أجل الإيمان بالسيد المسيح. هناك في قيصرية الجديدة كان العلامة أوريجينوس قد وصل وافتتح مدرسته بها، فحضر غريغوريوس (ثيؤدور) بدء افتتاحها، وعوض توجهه إلى بيروت ليتعلم القانون ارتبط هو وأخوه بالعلامة أوريجينوس وأحبّاه جدًا إذ يقول: "أرشدنا ملاك الرب في طريق هذه الحياة، وربطنا بحبل المودة مع هذا الرجل العظيم، الذي منه سنستفيد جدًا، فأحسن استقبالنا مع عدم معرفته السابقة لنا، ومع كونه مسيحيًا، وأظهر لنا سرورًا كأننا أناس هداهم الله إلى أشراكه ليصطادنا ويربحنا للإنجيل وينقذنا من ظلام عبادة الأوثان". على يدي العلامة أوريجينوس قبل الأخّان الإيمان المسيحي، وأدركا أن الحق الذي يطلبانه لا يوجد في كتب الفلاسفة والفكر البشري المجرد، وإنما ننعم به خلال نور الإيمان وإعلانات الله الفائقة للنفس... وهكذا انضم الأخان إلى الموعوظين الذين يتتلمذون على يدي العلامة أوريجينوس ويسمعون تفسيره للكتب الإلهية. تتلمذ القديس غريغوريوس على يدي معلمه لمدة خمس سنوات، وفي السنة 238م عاد إلى مدينته "قيصرية الجديدة" بعد أن شكر معلمه علانية في مقال أمام حشد كبير، مادحًا إياه على لباقته وحكمته التي بهما قاده في دراسته، كما بعث المعلم رسالة لتلميذه فيها يدعوه ابنه المكرم، حاثًا إياه أن يضرم كل مواهبه وطاقاته لحساب الرب، وأن ينتفع بما درسه من فلسفات في خدمة الإيمان وذلك كما استخدم العبرانيون ما أخذوه من المصريين في إقامة خيمة الاجتماع. قيل أنه قبل ذهابه إلى بلده انطلق أولاً إلى الإسكندرية، ربما للاستزادة ببعض المعرفة من جهة الطب والفلسفة. وقد اتسم بنقاوة وطهارة مع أنه لم يكن بعد قد نال سّر العماد. قيل أن بعض الحاقدين أرادوا تشويه صورته، وإذ كان يتباحث مع بعض الوثنيين في أمور فلسفية دخلت عليهم امرأة زانية، ونظرت إليه علانية تطلب أجرتها، لتوحي للحاضرين أنه ارتكب معها الخطية، أما هو فلم يضطرب بل طلب من أحد الحاضرين أن يعطيها ما تطلبه. إذ أخذت الدراهم التي طلبتها دخلها روح شرير وصارت معذبة جدًا، فقام ثيؤدو (غريغوريوس) وصلى من أجلها فخرج الروح الشرير، واعترفت أمام الحاضرين عن الذين حثوها أن تفعل هذا لإفساد سيرة هذا الرجل. عماده إذ عاد إلى مدينته نال سرّ العماد ودُعي غريغوريوس في المعمودية. انطلق إلى البرية يمارس حياة الخلوة والتأمل ودراسة الكتاب المقدس؛ غير أن القديس فيديموس أسقف أماسيا إذ سمع عنه اشتاق إلى سيامته أسقفًا على مدينة قيصرية الجديدة التي لم يكن بها من المسيحيين سوى 17 شخصًا. شعر القديس بذلك فهرب، لكن فيديموس وقد تمررت نفسه من أجل المدينة التي بلا رعاية وقف أمام الله بدموع يصرخ، إنه وإن كان قد عجز عن وضع الأيدي على غريغوريوس ليكون أسقفًا فليسمح الله ويقبله أسقفًا ويتصرف. إذ سمع غريغوريوس ذلك لم يحتمل الهروب فعاد يقبل الأسقفية. أعماله الرعوية إذ كان الأسقف الجديد سائرًا في المدينة وجد هيكل وثن فدخله وصار يصلي طوال الليل، وفي الصباح إذ جاء كاهن الوثن وجد الشياطين قد هربت من الهيكل فتضايق جدًا، وذهب إلى حاكم المدينة يشكو إليه أن مسيحيًا دخل الهيكل وأخرج منه آلهتهم. وإذ سمع الأسقف بذلك التقى بالكاهن، وبدأ يحدثه عن الله الحقيقي، موضحا له حقائق الإيمان. ولكن الكاهن طلب أن تعود آلهته إلى الهيكل، عندئذ كتب له القديس على ورقة، جاء فيها: "من غريغوريوس إلى الشيطان، يقول لك: "ارجع". وإذ حمل الكاهن الورقة إلى المذبح عادت الشياطين، وأدرك الكاهن تفاهة هذه الأرواح الشريرةن فانطلق إلى القديس يطلب منه أن يعرفه بالحق، وبالفعل بشره بالإنجيل وأكد له ذلك بأن أمر باسم السيد المسيح أن تتحرك صخرة كانت أمامه فتحركت. سمع الوثنيون في المدينة بما حدث فخرج الكثيرون يرحبون به، ويطلبون منه أن يكرز لهم، ولم يمض زمان طويل حتى آمن كثيرون من خلال عظاته وسيرته المقدسة في الرب، وأعمال الله العجيبة به التي حدثنا عن بعضها القديس غريغوريوس أسقف نيصص، كما قال عنه القديس باسيليوس الكبير: "خلال عمل الروح كان لإغريغوريوس سلطانًا على الأرواح الشريرة، وقد حوّل مجاري أنهار باسم المسيح، وجفف بحيرة كانت علة نزاع بين أخين، وأنبأ عن أمور مقبلة متساويًا مع الأنبياء... هذه الآيات والعجائب رآها الأصدقاء كما أعداء الحق وكأنه موسى آخر". يقول القديس غريغوريوس النيصي: "يستحيل علينا أن نورد كل عجائب هذا القديس، وإنما يكفينا أن نقول أن بكلمة واحدة وبعلامة الصليب المقدس يشفي جموعًا من مرضى، لذا كان الجميع يحسبونه قديسًا". قيل أن يهوديين احتالا عليه إما بقصد إفساد شهرته كصانع عجائب أو لاختلاس مالٍ منه، فتظاهر أحدهما كميت وطلب الثاني صدقة ليكفنه، فأعطاه القديس رداءه إذ لم يكن معه مال، ومضى الشاب يستهزئ بالقديس، وراح يقول لصديقه: انهض لنضحك على أسقف دعاه المسيحيون نبيًا يصنع عجائب، غير أن الشاب وجد زميله قد فارق الحياة فعلاً. اختيار الكسندر الفحام أسقفًا جاءه مجموعة من مدينة كومنا Comona يطلبون منه أن يختار لهم أسقفًا، مقدمين له مجموعة من الشرفاء العلماء جزيلي الاعتبار، أما هو فقال لهم: "هذه السمات لا تكفي، بل الأجدر بكم أن تختاروا إنسانًا قديسًا حكيمًا". حينئذ قال أحد الحاضرين أنه بهذا يجب أن يكون الكسندر الفحام أسقفًا، وكان هذا الرجل ماهرًا في الفلسفة لكنه تغرب عن بلده وصار يعمل كفحّام، يحمل صورة المهانة، بعيدًا عن الأنظار. استدعاه القديس فجاء، وكانت ثيابه ووجه ويداه قد تلوثت بالفحم، مملوءًا سوادًا، فضار الحاضرون يضحكون كيف يصير هذا الرجل أسقفًا، لكن إذ جلس مع القديس أدرك الكثير عن حياته، وبالفعل سيّم أسقفا واستشهد في 11 أغسطس. سماته كتب لنا القديس باسيليوس الكبير عن سمات هذا القديس، وقد تعرف هو وأخوه إغريغوريوس أسقف نيصص على سيرته من جدتهما ماكرينا التي ربتهما، وكانت ماكرينا قد تعرفت عليه أيام الصبا وسمعت عظاته، فكان تروي لحفيديها ما رأته فيه وسمعته منه، فقال القديس باسيليوس أنه في تقواه أظهر وقارًا عظيمًا واحتشامًا؛ لم يغط رأسه قط في الصلاة (ربما يقصد بأكاليل الأساقفة)، أحب البساطة والتواضع في كلماته... كان يكره الكذب والبطلان، لم يغضب قط ولا حملت كلماته أو سلوكه مرارة! في اضطهاد ديسيوس حوالي سنة 250 م إذ التهب الاضطهاد في عهد ديسيوس (داكيوس) نصح شعبه أن يختفي حتى لا يتعرض أحد للضعف خلال الآلام فينكر إيمانه، وهو نفسه اعتزل في البرية ومعه فقط كاهن وثني قد قبل الإيمان على يديه وسامه شماسًا معه. إذ سمع الوثنيون أنه مختفي في البرية أرسلوا جندًا ليقبضوا عليه، لكنهم عادوا ليقولوا أنهم لم يجدوا في البرية سوى شجرتين. وإذ عادوا من جديد يفتشون عنه وجدوه مع شمامسه يصليان وقد ظهرا لهم من قبل كشجرتين. رأي القائد ذلك فأتى إلى الأسقف وخرّ عند قدميه وأعلن إيمانه بالسيد المسيح، طالبًا منه أن يقبله معه في البرية. تعرض الشعب للضيق، وإذ انتهى الاضطهاد، عاد القديس يمارس عمله الرعوي، كما عين أعيادًا للشهداء الذين كابدوا الآلام وقت الاضطهاد. تعرضت البلاد لوباء معدٍ خطير، وبصلاة القديس شُفي الكثيرون وزال الوباء، فآمن كثير من الوثنيين بالسيد المسيح. أخيرًا فقد قيل إنه استلم المدينة بها 17 مسيحيًا، وعند نياحته سنة 268م لم يكن بها سوي 17 وثنيًا. يُعيَّد له الغرب في 17 نوفمبر، والكنيسة القبطية في 21 هاتور. بركة صلواته تكون معنا آمين.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
إغريغوريوس النزينزي القديس


شارك القديس يوحنا الحبيب في لقبه "اللاهوتي" أو "الثيؤلوغوس"، بسبب براعته في الحديث عن الثالوث القدوس بإلهام إلهي، ولالتحام حياته التقوية بعمل الثالوث القدوس ويعتبر أحد الثلاثة آباء الكبادوك العظام: باسيليوس الكبير، وغريغوريوس أسقف نيصص، وغريغوريوس الثيؤلوغوس، عاشوا في عصر واحد في الكبادوك بآسيا الصغرى، لهم دورهم الفعّال بعد القديس أثناسيوس الرسولي في مقاومة الأريوسية. نشأته ولد حوالي عام 329 م بقرية أريانزوسArianzus جنوب غربي الكبادوك، والدته القديسة نوناNonna التي كسبت زوجها الثري والقاضي إلى الإيمان المسيحي عام 325م، بل وصار أسقفًا على نزينزا لمدة 45 عامًا. عاش تحت رعاية أمه التي بعثت فيه حب الكتب المقدسة والحياة الفاضلة في الرب مع الصلاة بتقوى وورع. روى لنا عن نفسه أنه إذ كان فتى رأى في حلم فتاتين جميلتين محتشمتين ترتديان ثيابًا بيضاء، قالت له إحداهما: أنا العفة، والأخرى: أنا الحكمة. وكانتا واقفتين أمام عرش السيد المسيح. وإذ استيقظ من نومه شعر بحنين شديد نحو العفة يتزايد على الدوام طوال عمره، هذا وقد اتسم بالحكمة الإلهية في دراسته للقضايا اللاهوتية وسلوكه. التحق مع أخيه الأكبر قيصر بأعلى المعاهد في قيصرية كبادوكية حيث تعرفا على القديس باسيليوس. إذ كان غريغوريوس يميل لدراسة القانون ذهب إلى قيصرية فلسطين ليلتحق بمدرستها الشهيرة في الخطابة. ثم سافر مع أخيه إلى الإسكندرية حيث كان القديس ديديموس الضرير مديرًا للمدرسة اللاهوتية. قضى غريغوريوس فترة قصيرة بمصر ثم أبحر إلى أثينا للاستزادة في العلم (الفلسفة). وهناك التقى بصديقه باسيليوس ليعيشا معًا في حياة روحية مشتركة حتى قيل عنهما أنهما عقل واحد في جسدين. هناك أيضًا التقى بيوليانوس الذي كان يتظاهر بالمسيحية، وكان يود صداقة غريغوريوس، لكن سرعان ما اكتشف القديس خطورته الخفية، حتى قال عنه: "ما أشرس هذا الوحش الذي تربيه المملكة (الرومانية) في حضنها"، فصار يتجنب معاشرته. وعندما جلس يوليانوس على العرش حاول اجتذاب غريغوريوس ولم يفلح، وإنما نجح في اكتساب أخيه قيصريوس الذي عينه كطبيب إمبراطوري، فكتب إليه غريغوريوس ليترك هذا الذئب الخاطف، وبالفعل تركه. مكث في أثينا عشر سنوات، وإذ رحل عنها صديقه الحميم باسيليوس، تركها هو أيضًا ليعود حوالي عام 357م. في نزينزا أراد أن يعيش في بلده حياة الوحدة يكرس كل وقته وطاقاته لدراسة الكتاب المقدس مع العبادة، إلا أن صديقه باسيليوس دعاه ليعيش معه في الدير الذي أسسه في بنطس، فذهب إليه حيث قضى ثلاثة أعوام في حياة نسكية رائعة مع تجميع لكتابات العلامة أوريجينوس في تفسيره للكتاب المقدس. دعاه والده في ذلك الحين لمساعدته إذ كان قد بلغ أكثر من ثمانين عامًا، وكان قد رسم أسقفًا في نزينزا، وهناك أصر الشعب على سيامته كاهنًا بالرغم من تحاشيه لنوال أية درجة كهنوتية ورغبته في الهروب، وتم ذلك على يدي والده عام 361م. كان والده مع شيخوخته بسيطًا فسقط في التوقيع على مرسوم مجمع ريميني الذي يحمل اتجاهًا شبه أريوسي مما أثار الشعب ضده، فقام غريغوريوس يُظهر ما في المرسوم من خبث خفي وكشف لأبيه خداع هؤلاء النصف أريوسيين فاعتذر الأب عن توقيعه المرسوم، وعاد الشعب إلى الأسقف من جديد. سيامته أسقفًا إذ سيم القديس باسيليوس رئيس أساقفة قيصرية أراد أن يحيط نفسه بجماعة من الأساقفة المستقيمي الرأي، لتحطيم البدع المنتشرة في ذلك الحين فألح على صديقه غريغوريوس أن يقبل سيامته أسقفًا على سازيما، فرفض لكنه ألح عليه هو ووالد غريغوريوس فاضطر أن يقبل نعمة الأسقفية عام 372 م، لكنه لم يدخل الإيبارشية إذ كانت موضع نزاع بين القديس باسيليوس والأسقف أنتيموس. عاد القديس غريغوريوس إلى خلوته لكن والده الأسقف طلب معونته، فجاء إليه مشترطًا ألا يرتبط بالإيبارشية. وبالفعل إذ تنيح والده عام 374م ووالدته في نفس السنة وزع ممتلكاته التي ورثها وانفرد في دير يمارس الحياة النسكية مع التأمل والدراسة خمس سنوات. في القسطنطينية إذ سمع أن مدينة القسطنطينية امتلأت بالهراطقة حتى استولوا على جميع الكنائس اضطر أن يقبل دعوة المؤمنين هناك تحت إحساسه بالالتزام بالمسئولية. وفي فترة قصيرة استطاع أن يرد كثير من الشعب من الهرطقات إلى الإيمان المستقيم. وفي سنة 381م إذ انعقد المجمع المسكوني الثاني بالقسطنطينية كان الاتجاه سائدًا أن يُثبت القديس إغريغوريوس على القسطنطينية، وإذ اعترض الفريق المصري على هذا من جهة أنه سبق فسيم أسقفًا على إيبارشية أخرى أعلن أنه كمحب للوحدة والسلام يرفض قبول تثبيته، خاصة وأنه لا يشتهي المراكز، وقد ترك المدينة بعد أن ودّع الأساقفة والشعب بخطاب مؤثر للغاية، ثم ذهب إلي نزينزا يقاوم بدعة أتباع أبوليناريوس. وفي سنة 381م اعتكف بجوار المدينة ليستعد لرحيله من هذا العالم عام 390م. تعيِّد له الكنيسة اليونانية في 10 مايو، أما كنيستنا ففي 24 توت. كتاباته ترك لنا القداس الإلهي (الإغريغوري) وكنزًا من الكتابات اللاهوتية العميقة مع عظات ورسائل وقصائد. 1. العظات: أجمل ما تركه لنا هو 45 عظة قدمها في أهم فترة في حياته من 379 – 381م، حينما كان أسقفًا على القسطنطينية، جاذبًا أنظار العالم إليه. 2. القصائد الشعرية: كتبها في أواخر حياته، في خلوته باريانزيم Arianzum لم يبق سوى 400 قصيدة، في أحدها سجل لنا علة اتجاهه للشعر في أواخر حياته، ألا وهو إظهار أن الثقافة المسيحية الجديدة ليست أقل من الثقافة الوثنية بأية حال، ولأن بعض الهرطقات كالأبولينارية تستخدم القصائد في نشر أفكارها، لهذا استخدم ذات السلاح للرد عليها. جاءت بعض قصائده لاهوتية، والبعض سلوكية. 3. رسائله: أول مؤلف باليونانية ينشر رسائله، وذلك بناء على طلب نيكوبولسNicobulus حفيد أخته جورجونيا. بغير قصد وضع نظرية "كتابة الرسائل"، إذ طلب أن تكون الرسالة قصيرة، وواضحة، ولطيفة (رقيقة)، وبسيطة (رسالة 51، 54). مدحه القديس باسيليوس، إذ كتب إليه يقول: "وصلتني رسالتك أول أمس، هي بالحقيقة منك، ليس من جهة الخط وإنما من جهة نوع الرسالة، فإن كانت عباراتها قليلة لكنها تقدم الكثير". من كلماته من لا يؤمن بأن القديسة مريم والدة الإله "ثيؤتوكس"، يعنفه اللاهوت (رسالة 101). لسان الكاهن يتوسط لدى الرب فيقيم المرضى؛ لتصنع ما هو أعظم بتقديس الليتورجيا فتمحى خطاياي الكثيرة عندما تقيم ذبيحة القيامة.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
+++ بسم الثالوث القدوس +++
++ الممجد الى نهاية الدهر ++
+ أمين +


الجزء الثانى

فى هذا الموضوع موسوعة كاملة نادرة جدا للغاية عن كل او معظم شهداء الكنيسة الابرار وقديسيها وابائها الاطهار ..

مرتبة ابجديا حصلت عليها من سنوات بصعوبة وكنت ازيد منها كل فترة ومحفوظة لدى على ملفات ورد سوف انقل منها كل يوم بقدر الممكن مشاركات هنا لكم ..​
 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
بائيسة القديسة

وُلدت في منوف في القرن الرابع الميلادي من أبوين غنيين، ونشأت في حياة مقدسة وكانت منذ صباها تحب العبادة لله وخدمة الفقراء. إذ تنيح والداها اشتاقت أن تنطلق إلى إحدى بيوت العذارى، فقامت توزع أموالها على المحتاجين، وتأوي في بيتها الغرباء، لكن عدو الخير لم يتركها إذ استطاع بعض الأشرار أن يميلوا قلبها شيئًا فشيئًا حتى انهارت تمامًا، واستسلمت للخطية، فصار بيتها مكانًا للفساد. سمع آباء شيهيت بما حدث فحزنوا جدًا، وقضوا فترة في الصوم والصلاة من أجلها ثم طلبوا من القديس يحنس القصير أن يمضي إليها، وبالفعل أطاع، وإذ تهيأت لاستقباله، دخل وهو يرتل: "إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك معي"، ثم صار يوبخها على استهتارها وهو يبكي بمرارة. سألته عن سرّ بكائه، فأجاب أنه يعاين الشياطين تلهو على وجهها. سألته إن كان لها توبة، ففتح أمامها باب الرجاء وسألها أن تترك هذا الموضع وتنطلق معه إلى البرية. إذ مال النهار سألها أن ترقد في موضع بعيد، وإذ قام في نصف الليل رأى عمودًا من نورٍ نازلاً من السماء والملائكة تحمل نفسها. اقترب إليها ليجدها قد رقدت، فسجد إلى الأرض يشكر الله على صنيعه معها، وسمع صوتًا يقول: "لقد قُبلت توبتها في الساعة التى تابت فيها، لأنها قدمت توبة خالصة من قلبها". دفن القديس جسدها وانطلق إلى البرية يخبر الآباء بما حدث، فمجدوا الله. تعيد لها الكنيسة في الثاني من شهر مسرى.ش


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
بائيسوس


"بائيسوس" او "بئيسوس" Paesius أو بائيس من الأسماء التي كانت شائعة بين الرهبان والشهداء الأولين، نذكر منهم: 1. الشهيد بائيسوس: شهيد مصري قدم حياته مع آخرين ذبيحة حب لله في السنة الثانية للاضطهاد الذي أثاره دقلديانوس. قام بتعذيبهم والي فلسطين أوربانوس Urbanus، في قيصرية (يوسابيوس: شهداء فلسطين 3). 2. الشهيد بائيسي Paesi أو بائيسوس أو إيسي Isi: أخ الشهيدة تكله، وهما مصريان (8 كيهك)، من أبي صير غرب الأشمونين (راجع إيسي). 3. القديس بائيسوس أخ أنبا إشعياء الاسقيطي: (راجع إشعياء). 4. القديس بائيسوس أخ أنبا بيمن المتوحد: ويسمي أيضًا "بولا" أحد سبعة إخوة. 5. القديس بائيسوس أخ الأنبا بولا والأنبا بيشوي: أحيانًا يُذكر اسم "بائيسوس" عن "بيشوي".


----------------------


بابياس الأسقف


القديس بابياس أسقف هيرابوليس بآسيا الصغرىSt. Papias of Hierapolis (حوالى سنة 80 - 160م)، كما يقول القديس إيرينيؤس في القرن الثاني إنه تلميذ القديس يوحنا اللاهوتي (الإنجيلي) وصديق القديس بوليكاربوس. كان رجلاً ذا ثقافة عالية، له معرفة بالكتاب المقدس، أعطى اهتمامًا خاصًا بجمع التقليد الشفوي الخاص بحياة السيد المسيح وأقواله. فقد وضع عمله المشهور: "تفسير أقوال الرب" Expositions of the Oracles of the Lord في خمسة كتب، للأسف لم يصلنا منه إلا مقتطفات في كتابات إيرينيؤس ويوسابيوس. قدم في هذا العمل ملاحظاته على الإنجيلين بحسب مرقس ولوقا، كما أبرز الاهتمام بالتقليد الشفوي خلال شهود العيان للسيد المسيح. أول من تحدث عن المُلك الألفي بطريقة حرفية بكون السيد المسيح سيملك على الأرض، وكان يظن بذلك أنه يحقق ما ورد في النبوات، لكن الكنيسة رفضت ذلك.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
بابياس ورفقاؤه الشهداء


من كورنثوس نُفيّ جماعة من الشبان من كورنثوس باليونان إلى منطقة طيبة بصعيد مصر بسبب إعلانهم عن إيمانهم بالسيد المسيح، وذلك في عهد الإمبراطور مرقس أوريليوس نوميريان، سنة 284م. أما أسماء هؤلاء الشبان فهي: بابياسPapias ، فيكتوريانوس، فيكتور (بقطر)، أنيسيفورس، كلوديانوس، ديسقورس، سيرابيون. إذ التقى هؤلاء الشبان بالوالي سابينوس، وقد ظهرت عليهم علامات الوقار والاتزان مع الغِنى والشرف رقّ لحالهم، وصار يحثهم بلطفٍ سائلاً إيَّاهم أن يترفَّقوا بشبابهم وينكروا مسيحهم ويخضعوا لإله الإمبراطور حتى لا يتعرضوا للعذابات المريرة وإلى فقدان حياتهم. أجابه الشباب بلطف وحزم مُعلنين إيمانهم بمسيحهم، أما عن الآلام التي هدَّدهم بها فقالوا له: "هذه هي طلبتنا التي لن نكف عن أن نسألها من ربنا خلال صلواتنا البسيطة، وإننا نشعر بسعادة عظيمة إن استجيب لنا". عندئذ عرَّضهم لبعض المتاعب البسيطة ليرى إن كانوا ينهارون أمامها، وإذ أظهروا كل ثبات عذبهم بعنف. مع الشهيد فيكتوريانوس كما اعتاد الولاة الرومان، سأل الوالي سابينوس فيكتوريانوس عن اسمه، وكانت الإجابة أنه مسيحي. هدَّده الوالي بالعذابات القاسية التي يعدَّها له إن لم يذبح للآلهة، فأجابه: "إنني أخشى الآلام الفائقة الوصف التي تنتظرني إن ارتدِّيت عن إيماني، أما عن العذابات التى تعدّها لي فإني أتقبلها حتى أنجو من العذابات التي ما بعد الحياة، هذه التي أُعدَّت لكم وللشيطان أبيكم". ابتكر سابينوس طريقة للتعذيب، إذ جاء بساق شجرة طويلة من البلوط وجوَّفها وملأها فتحات، ثم قال لفيكتوريانوس في سخرية: "أدخل إلى مخدعك الجديد". أجابه القديس: "يالك من مسكين! إنك تريد أن تسخر بي بهذه الوسيلة مع إنني أينما وُجدت أكون أنا نفسي منزلاً يسكن فيه إلهي يسوع المسيح، الذي بفضله أحتمل كل عذاباتكم". دخل فيكتوريانوس في ساق الشجرة بنفسه، ثم أُعطيت الإشارة للجلادين أن يُدخلوا أدوات حديدية مسننة من الفتحات حتى امتلأ جسد القديس من الجراحات، وكان الدم ينزف من كل جانب، وكان الوالي في سخرية يقول لعسكره: "قولوا لفيكتوريانوس الذكي أن يحمى إيمانه الذي يبشر به". أُخرِج الشهيد لكي يسحق الجند يديه ورجليه بالمطارق، ثم قطعوا رأسه بالسيف، ونال إكليل الاستشهاد. مع الشهيد سابينوس ورفقائه أمر الحاكم ببتر يديّ سابينوس ورجليه وإلقاء جسده في الاسطوانة الخشبية، وكان الشهيد يصرخ: "هذا كله يزيد من مجدي الأبدي". وإذ خرج كجثة هامدة ضربوه بالسيف، لتنطلق نفسه متهللة إلى الفردوس. أما أنيسيفورس فإذ رأى رفيقيه اللذين استشهدا انطلق بنفسه نحو الاسطوانة طالبًا من الوالي أن يُسرع بالحكم عليه، فأمر الوالي بإخراجه من الاسطوانة ليُشوى بالنار؛ لكن قبل مفارقة نفسه لجسده قطَّعوا جسمه إلى أجزاءٍ صغيرة، أما نفس القديس فكانت ممتصَّة في المجد الأبدي. جاء دور كلوديانوس فقُطع جسمه إربًا وألقيَّ بها عند أقدام زملائه الباقين لعلَّهم يرتعبون. أما سيرابيون فقُطعت رأسه، وبابياس ألقيّ في النهر، وهكذا نال الكل إكليل الشهادة، حاملين بفرح سمات ربنا يسوع المصلوب!


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
بابيلاس الشهيد


تحتفل الكنيسة القبطية بعيد استشهاد القديس بابيلاس أو فافيلاس أو فيلاس في 28 طوبة. وهو أسقف لا نعرف اسم إيبارشيته، حاكمه نوماريوس في عهد دقلديانوس. قام بمحاولة إغرائه بمراكز زمنية فسخر بذلك. صار يعذبه مع ثلاثة فتيان، وأخيرًا قطع رؤوسهم لينالوا إكليل الاستشهاد. قابل أمر نوماريوس بفرحٍ وبشاشةٍ، ثم أخذ يصلي، وعاد ليقول في رقة للجلادين: "اكملوا أوامر الملك يا أولادي!

-----------------------


بابيلاس القديس


يُعتبر القديس بابيلاس Babylas أو بابيلوس من أعظم أساقفة أنطاكيا الأولين بعد القديس أغناطيوس النوراني. سيم بطريركًا على أنطاكية حوالي سنة 237م خلفًا لزبينوس Zebinus، وبقيَّ الراعي الساهر على شعب الله، السالك بروح التقوى والحب مع الحزم لمدة 13 سنة. عاصر ثلاثة ملوك، هم غرديانوس Gordian وفيلبس وداكيوس. حزم مع الإمبراطور يروي لنا المؤرخ يوسابيوس أن فيلبس كان من أصل عربي من بلاد حوران، وكان هو وزوجته سفيرا مسيحيين. عمل كجنديٍ صغيرٍ وتدرج في الرتب حتى استطاع أن يتولى الحكم خلفًا لغرديانوس بناء على طلب الجيش بينما كان غرديانوس على سرير الموت سنة 244م، وكانت الحرب دائرة بين الرومان والفرس. أخيرًا إذ استتب الأمر بعقد مصالحة مع سابور الأول ملك الفرس، قتل فيلبس ابن الملك غرديانس الذي كان قد أوصاه به ووكَّل إليه عنايته، حتى يخلو له الجو منطلقًا إلى روما بمساندة الجيش. في الطريق مرّ بأنطاكية وكان عيد القيامة قد حلّ، فذهب فيلبس إلى الكنيسة يقدم قرابينه كعادة المؤمنين. وإذ بلغ باب الكنيسة ومعه أحد كبار رجال الجيش خرج إليه البطريرك بابيلاس ومنعه من الدخول إلى بيت الله ما لم يقدم توبة صادقة عن قتله للطفل البريء، وبالفعل لم يدخل فيلبس الكنيسة وبقيّ في الخارج مع جماعة الباكين يطلب بدموع مراحم الله. بقيّ هذا الحدث في ذهن الكنيسة عبر الأجيال درسًا حيًّا وعمليًّا للرعاية الصادقة بلا محاباة، حيث يهتم الراعي بخلاص المؤمنين دون النظر إلى كرامتهم الزمنية. هنا أود أن أؤكد أن الإمبراطور ما كان يمكنه أن يقف هكذا في صفوف التائبين الباكين لو لم يشعر مع حزم البطريرك حبه له وشوقه الحقيقي لخلاص نفسه، وأدرك أنه لم يفعل ذلك عن تشامخٍ بل في اتضاعٍ. بقيّ فيلبس خمس سنوات ملكًا (244 - 249م) لم يخدم فيها الكنيسة بشيء، لا بقليل ولا بكثير، إنما يمكن أن يُقال أن الكنيسة استراحت في أيامه من الاضطهاد للعمل الرعوي والكرازي لتُجابه حلقات من الضيق الشديد بعد ذلك. كما فعلت يُفعل بك في عام 249م ثار الجند على الإمبراطور كما على سلفه وقتلوه ليخلفه داكيوس أحد أعضاء مجلس الشيوخ، وكان قد وثق فيلبس فيه وطلب منه أن يخمد ثورة الجيوش عليه لكنه خانه واحتلَّ مركزه؛ وكأن ما قد سبق فصنعه في سلفه غرديانوس ارتدَّ عليه. وكما يقول الكتاب: "كما فعلت يُفعل بك، عملك يرتد على رأسك" (عو 15). وأيضًا: "لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون" (مت 52:26). عذاباته تولى داكيوس الحكم لمدة سنتين تقريبًا ولم يكن له عمل سوى اضطهاد الكنيسة. في أيامه أُلقيّ القبض على البطريرك بابيلاس ومعه ثلاثة أولاد أيتام أعمارهم 12، 9، 7 سنوات كان يهتم بهم البطريرك، وصار الوالي يعذب الأربعة حتى مات الأولاد الثلاثة من العذابات أمام عيني البطريرك، وأخيرًا أُلقيّ بابيلاس في السجن ليرقد في الرب من شدة الآلام، وإن كان القديس يوحنا الذهبي الفم يرى أنه قُطعت رأسه. بنى القيصر غاليوس Gallus أخ يوليانوس الجاحد كنيسة فخمة باسم الشهيد بابيلاس في ضواحي مدينة أنطاكية وذلك في منتصف القرن الرابع، وجاء أخوه يوليانوس فهدمها، فحمل المؤمنون رفاته إلى المدينة بالتسابيح. شيَّد الغربيون كنائس كثيرة في فرنسا وإيطاليا وأسبانيا باسم الشهيد، لإعجابهم بغيرته وشجاعته. ويحتفلون بعيده في 24 يناير بينما يحتفل اليونانيون به في 4 سبتمبر.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
باخوس الشهيد


تُعيد الكنيسة القبطية للقديس سرجيوس (أبوسرجة) في 10 بابة، والقديس باخوس Baccus أو فاخوس في 4 بابه من كل عام، وتوجد في مصر القديمة كنيسة أثرية باسم القديس سرجيوس تسمى كنيسة أبي سرجة، بها المغارة الأثرية اسفل الهيكل القبلي حيث هربت إليها العائلة المقدسة. قدَّم لنا القديس ساويرس الأنطاكي مقالاً (57) عن هذين الشهيدين قام المتنيح الشماس يوسف حبيب بترجمته ونشره عام 1969. أمام مكسيميانوس وقف الشابان سرجيوس القائد بالجيش الروماني في منطقة سوريا والعامل في المدرسة العسكرية ومساعده واخس (باخوس) أمام مكسيميانوس الطاغية شريك دقلديانوس ومثيره ضد المسيحيين، يشهدان للسيد المسيح ويرفضان التبخير للأوثان، وكان قد استدعاهما لهذا الغرض. لاطفهما في البداية، وأخذهما كصديقين له إلى الهيكل جوبيتر حيث قُدمت مائدة من اللحوم المذبوحة للأوثان، وطُلب منهما أن يشاركاه في المائدة فرفضا بإصرار، عندئذ أمر بتجريدهم من النياشين التي على صدريهما وأن يُقادا في سوق المدينة وهما مرتديان ملابس النساء لتحطيم نفسيّتهما، أما هما فبقوة الروح قالا له: "يا من تحارب الله، أتظن أنك تثبط أرواحنا بجعلنا في شكل أنثى؟ إنك تستطيع بالقوة أن تلبس الأجساد ملابس النساء، لكنك لن تلبس أرواحنا المتوثبة رداء الجبن!..." أدرك الرجلان أن هذه الثياب لن تسيء إليهما، فقد حمل السيد على رأسه إكليل الشوك وسخر به اليهود، فكان ذلك سرّ فداء للبشرية وعلامة حب إلهي للإنسان. حقًا جاءت الوصية: "لا يكن متاع رجلٍ على امرأة، ولا يلبس رجل ثوب امرأة، لأن كل من يفعل ذلك مكروه لدى الرب" (تث22: 5)، هذه الوصية يلتزم بها كل مسيحي روحيًا بمعنى أن يمارس الإنسان العمل حسب العطية والموهبة التي أُعطيت له برضى، فلا يشتهي الرجل أن يقوم بدور المرأة، ولا المرأة بدور الرجل. عاد مكسيميانوس يلتقي بهما فدخلا معه في حوار روحي بأدب وهدوء مع شجاعةٍ وحزمٍ، وإذ شعر بالخجل أرسلهما إلى أنطيوخوس والي سوريا لكي يلاطفهما ويقنعهما بالعدول عن إيمانهما لينالا كرامات عظيمة، فسافرا إلى نواحي الفرات حيث كان الوالي مقيمًا. أمام أنطيوخوس والى سوريا التقيا بالوالي الذي تفرغ لهما محاولاً إغرائهما، أما هما فكانا ثابتين على الإيمان. أمر الوالي بتعرية واخس، وتناوب الجند على جلده بأعصاب البقر على ظهره وبطنه حتى اسلم الروح تحت قسوة الجلدات، وطُرح جسمه في الصحراء فجاءت بعض الوحوش الضارية تحرس جسده بطريقة معجزية حتى جاء بعض المؤمنين وحملوا الجسد. في الليل ظهر القديس باخوس لرفيقه سرجيوس يدعوه إلى المساكن العلوية ويبثّ فيه روح الشجاعة فامتلأ سرجيوس فرحًا وتهليلاً. في الغد استدعى انطيوخوس الوالي القديس سرجيوس أمامه في مدينة روصافا Rosafa التي تبعد حوالي 20 ميلاً من مدينة بربالسا التي استشهد فيها القديس باخوس. هناك صدر الأمر بأن يسير القديس بأحذية بها مسامير مدبَّبة لمسافة طويلة، فكان يذكر القديس جراحات السيد المسيح، كما كان يردِّد كلمات الرسول: "حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام". في الليل شُفيّ القديس من جراحاته فاغتاظ القاضي وأمر بتكرار الأمر في اليوم التالي. وقد حسب القديس ذلك مجدًا له، محتملاً صليب سيده، فأمر القاضي بعد فترة قصيرة بقطع رأسه (حوالي عام 303م). تُعيد له الكنيسة اليونانية واللاتينية في 8 أكتوبر.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
باخوم الإخميمي الشهيد



سيرة هذا الفلاح الأُمِّي الذي استشهد وهو شاب مع أخته ضالشوم التي لم تبلغ سوى الثامنة من عمرها تكشف عن عمل الله الفائق، لا في احتمال الآلام فحسب وإنما في الغلبة على الوالي خلال الفكر الروحي المستنير، وكما قيل: "يكون الجميع متعلِّمين من الله" (يو 6 :45). تنيح والده موسى وهو في الثامنة عشرة من عمره، وكانت أخته ضالشوم جنينًا في الشهر السابع في بطن أمها. احتضن رجل غني يُدعى سمعان هذه الأسرة الفقيرة التقيَّة، فسلَّم باخوم فلاحة بستانه عند قرية سفلاق في الجنوب، وهي قرية تقع شمال شرقي أخميم عند الجبل، وقد اتفق معه أن يعطيه عُشر الثمار ليعيش بها مع أمه وأخته الصغيرة. لقاؤه مع أريانا إذ أثار الإمبراطور دقلديانوس الاضطهاد جال أريانا والي أنصنا في كل الصعيد ينكِّل بالمسيحيين. وإذ دخل مدينة أخميم صنع احتفالاَ ضخمًا في البربا (معبد الوثن) وقدَّم هدايا ثم انطلق ليمارس هوايته ضد المسيحيين في أخميم وتخومها، فأرسل أولاً جنده إلى قرية شنشيف شمال المدينة للقبض على المسيحيين، فجاءوا بعددٍ كبيرٍ ومعهم الكاهن القس كندس (قنطس). عاد فأرسل فرقة أخرى اتجهت نحو قرية سفلاق، فجاءوا بهذا الفلاح الأُمي وكان يلبس ثوبًا باليًا، تظهر عليه علامات الفقر. التقى به الجند، وإذ سأله القائد عن اسمه، أجاب أنه مسيحي، فاغتاظ القائد وأمر الجند أن يربطوا في عنقه حجرًا كبيرًا، أما هو ففي بساطة الإيمان طلب معونة مخلصه وقام والحجر مُعلَّق كأنه بلا وزن، فنسب القائد إليه ممارسة السحر، وطلب من الجند أن يقتادوه إلى الوالي بعد ربطه في عجلة وكانوا في الطريق يضربونه بقسوة ووالدته وأخته الطفلة تسيران وراءه، وقيل إن الحجر الذي عُلِّق في عنقه وقد تلطخ بدمه صار يتدحرج نحوه حتى دُهش الجند. أمام الوالي صار يتحدث بحكمة وتقوى حتى دُهش أريانا من أين لمثل هذا الفلاح الأُمي هذه الحكمة. وإذ أصرَّ ألاّ يبخر للأوثان أمر أريانا بتعذيبه، فكانوا يجرحون جسده والدماء تتصبب على الأرض، والجلْد ينهال عليه حتى غُشيَّ عليه. وإذ فاق من غشيته حسب نفسه غير أهلٍ لهذه الكرامة أن يُهان من أجل السيد المسيح، ودخل مع الوالي في حوارٍ. اشتدت العذابات على القديس باخوم، وإذ بأخته ضالشوم الصغيرة السن (8 سنوات) تنطلق نحوه وتشهد لمسيحها، تود أن تشاركه إكليله، فاغتاظ الوالي كيف تتجاسر طفلة فلاحة وتندفع هكذا نحو أخيها المتألم، فأمر بضربها، وسقطت مغشيًا عليها. رفع باخوم وجهه إلى السماء وصلى إلى السيد المسيح أن يسند هذه الطفلة ويسنده، وأن يثبتهما في جهادهما، وكان الجند يندهشون لصلاته القوية، خاصة وأن نورًا أشرق عليهما وشفى جراحاتهما. تقدمت الطفلة إلى أخيها وأمسكت بيده، وتقدم الاثنان إلى الوالي الذي قدَّم للطفلة ثوبين من الحرير الفاخر وقليلاً من البخور، وطلب منها أن تضع البخور في المجامر، فلم تبالِ بكلماته. أمر الوالي بوضع جمر نار على صدر الطفلة وتحت جنبيها، وربط عنقها بسلاسلٍ، وإذ لم تنثنِ عن إيمانها ألقوها في مِرْجل به ماء يغلي، أما باخوم فقلعوا أظافر يديه ورجليه. قُطعت رأسيهما في 22 من كيهك، وقام أهل قريتهما بتكفينهما ودفنهما، ثم بُنيّ دير باسمهما في قرية سفلاق لازال قائمًا. نبيل سليم: الشهيدان أنبا باخوم وأخته ضالشوم، 1967.


 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
باخوميوس القديس


إن كان القديس أنطونيوس الكبير يُعتبر أب الأسرة الرهبانية، بكونه أول قائد للحركة الرهبانية في العالم، تتلمذ على يديه متوحِّدون عاشوا في مغائر أو قلالي منفردة حوله، كما كان مرشدًا لعددٍ كبيرٍ من قادة الحركة الرهبانية في مصر وخارجها، فإن القديس باخوميوس يُعتبر أب نظام الشركة. إنه أول أب يشيد ديرًا يضم داخل أسواره جماعة رهبانية تعيش في حياة الشركة في عبادتها وكل تصرفاتها. نشأته وُلد بالصعيد الأقصى من والدين وثنيين حوالي عام 292م، وكان باخوميوس منذ طفولته محبًا للعفة والطهارة، غير راضٍ عن العبادة الوثنية، ولا يشترك في ولائمها. أخذه والداه دفعة ليُقدما ذبيحة للشياطين التي في النهر، وإذ رآه كاهن الوثن صرخ: "أقصوا عدوّ الآلهة من هنا حتى تكف عن غضبها علينا، وتعود فتحضر الآلهة!"، فحزن الوالدان جدًا. في صبوته إذ حمل طعامًا للرعاة، بات في المساء هناك، وكان لأحدهما بنتان جميلتان، فجاءت إحداهما تطلب منه أن يضطجع معها، وأما هو فأجابها: "لا تدعيني ارتكب هذا الفعل الدنس! هل عيناي عينا كلب فأنام مع أختي؟" وإذ خلَّصه الرب من يديها، هرب مسرعًا إلى بيته. قبوله المسيحية تجنَّد باخوميوس في الجيش، وكان منطلقاً مع زملائه لقمع ثورة ضد الإمبراطور. في الطريق استراحوا عند مدينة لاتوبوليس (إسنا) وكان الكل منهك القوى، فجاء أهل المدينة يقدمون لهم طعامًا وشرابًا بسخاءٍ وفرحٍ. سأل باخوميوس عن سبب هذا الكرم، فقيل له إنهم يفعلون هذا من أجل إله السماء، فهم محبّون للجميع. بعد صلاة طويلة قرر أن يصير مسيحيًا إن عاد سالمًا. وبتدبيرٍ إلهي خَمَدت الثورة وسُرِّح الجنود، فانطلق إلى شينوفسكيون (قصر الصياد) حيث سجَّل اسمه في قائمة الموعوظين، ونال العماد المقدس. بقيّ في القرية ثلاث سنوات يمارس أعمال المحبة والرحمة، خاصة عندما حلّ بها وباء فكان لا يكف عن خدمة الجميع. مع الأنبا بلامون أحبت القرية كلها القديس باخوميوس، لكن قلبه كان يلتهب نحو التكريس للعبادة، وإذ سمع عن راهبٍ قديسٍ يسكن البرية بجوار القرية يدعى "بلامون" انطلق إليه، وسأله أن يقبله تلميذًا له. أظهر له القديس بلامون صعوبة الحياة الرهبانية، وطلب منه أن يرجع إلى القرية يجرِّب نفسه بتداريب معينة لكنه أمام ثبات قلب باخوميوس قبله، بل وأحبَّه جدًا، خاصة وأن باخوميوس قد اتسم بالطاعة مع النسك الشديد وحب العبادة. تأسيس نظام الشركة كان القديس باخوميوس متهللاً بحياة الوحدة، سعيدًا بعمل الله معه خلال أبيه الروحي أنبا بلامون، لكن قلبه كان متوجعًا من جهة إدراكه أن كثيرين يشتهون الحياة الرهبانية لكنهم عاجزين عن ممارسة حياة الوحدة القاسية، فكان يطلب من أجلهم. وفي أحد الأيام إذ كان يجمع حطبًا في منطقة طبانسين (جنوب قصر الصياد)، ظهر له ملاك، وطلب منه أن يقيم ديرًا هناك، وأعطاه لوحًا به البنود الأساسية لنظام الشركة، وقد جاءت سهلة للغاية، يستطيع الكثيرون أن يمارسوها. أخبر القديس باخوميوس معلِّمه الأنبا بلامون بما حدث، ففرح الأب جدًا وبارك العمل، وبالرغم من شيخوخته لم يعترض على إقامة نظام جديد للرهبنة لم يعهده، بل ذهب معه إلى طبانسين وساعده في تأسيس الدير، ثم استأذن منه ليعود إلى مغارته على أن يلتقيا مرة كل عام، تارة في الدير وأخرى في المغارة، وإن كان القديس بلامون لم يعشْ كثيرًا بعد ذلك. أسس القديس باخوميوس أول دير له حوالي عام 318م في طبانسين بالقرب من باقو أو بابو، وقد أعطاه الله نعمة في أعين الكثيرين حتى أنشأ في المنطقة حوالي عشرة أديرة، وكان عدد الرهبان في الدير الرئيسي بباقو وحده حوالي 1500 راهبًا. جاءه أخوه الأكبر يوحنا حيث ترهَّب عنده، وكان يعمل معه بكل طاقته في تأسيس هذا النظام، كما جاءته أخته فقابلها وشجَّعها على الحياة الرهبانية، وأسس لها ديرًا في الاتجاه المقابل من النيل، ضمَّ حوالي 300 راهبة تحت قيادتها. أهم ملامح هذا النظام نال هذا النظام تقدير الكنيسة حتى من قادة نظام الوحدة، فقد امتدح القديس أنبا أنطونيوس القديس باخوميوس على عمله هذا، وحسب نجاحه عطيَّة من الله. وقد حفظت سيرة القديس باخوميوس ونظام الشركة في كثير من التفاصيل، إذ وصلت إلينا بأكثر من لغة ولهجة، كالقبطية البحيرية والصعيدية وأيضًا باليونانية الخ... أكتفي هنا بتقديم الخطوط العريضة لملامح هذا النظام. 1. قام هذا النظام كحركة شعبية (علمانية)، لذا رفض القديس باخوميوس أن ينال درجة كهنوتية، وعندما شعر أن البابا أثناسيوس في زيارته له سيقوم بسيامته كاهنًا هرب، واضطر البابا أن يطمئنه قائلاً لأولاده أنه لن يمد يده عليه لسيامته وإنما يطلب بركته. وبالفعل عند عودة البابا من أسوان استقبله القديس بفرحٍ شديدٍ. بهذا قدَّم نفسه مثلاً حيًا للحياة الرهبانية كي لا يشتهي أحد درجة كهنوتية ويجد عدو الخير مجالاً لبث الغيرة بين الرهبان. 2. اتَّسم النظام الباخومي أنه يناسب الكثيرين، فمن جهة الصوم يأكل الراهب مرتين كل يوم، ويمارس صلوات جماعية متكررة، كما يقوم بعملٍ يناسب مواهبه وقدراته مثل النجارة أو الفلاحة أو الطبخ أو الغزل أو البناء أو النسخ، ولكل جماعة رئيس يدير الأمور ماديًا وروحيًا، وكان العمل جزءًا أساسيًا من الحياة الروحية. 3. انفتحت الأديرة لغير المصريين مثل اليونان والرومان، ولكل جماعة منهم رئيس يدبِّر حياتهم في الرب. 4. سُمح للشخصيات البارزة المحبة للوحدة أن تُمارس هذه الحياة، وكان القديس باخوميوس كثيرًا ما يجتمع بالمتوحدين. سمات القديس باخوميوس تبقى شخصية القديس باخوميوس بارزة عبر العصور كشخصية قيادية عجيبة جمعت الآلاف في الأديرة المتقاربة والبعيدة بالصعيد، يدبِّر أمورها بروح الحب مع الحزم، مهتمًا في نفس الوقت بخلاص كل نفسٍ ونموِّها الروحي. عُرف القديس بوادعته واتضاعه، فعندما سأله بعض الإخوة عن أي منظر أو رؤيا قد أعجبته، أجاب أنه يُعجب بمنظر أخٍ وديعٍ إذ فيه يسكن الله. ظهر له الشيطان مرة على شكل السيد المسيح، وهو يقول: "افرح يا باخوميوس لأني جئت لافتقادك". أما هو ففي اتضاع أعلن أنه يريد أن يرى السيد المسيح في الحياة الأبدية لا بالعين الجسدية هنا، وللحال صار الشيطان كدخَّان تلاشى. مع حبه الشديد لأولاده ورقَّته في التعامل وطول أناته كان يتسم أيضًا بالحزم. جاء عنه إذ أراد افتقاد بعض الأديرة طلب من مدبر المائدة أن يهتم بالإخوة ويعد لهم طعامًا مطبوخًا، لكن الأخ لم يفعل ذلك. وعندما عاد القديس إلى الدير اشتكى له أحد الشباب الحديثين في الرهبنة أنه منذ فترة طويلة لم يُقدم لهم طعامًا مطبوخًا، فأجابه القديس أنه سيهتم بأمرهم بنفسه. استدعى الموكل بهذا العمل، وسأله عن أمر تدبير المائدة، فأجابه أنه طهي الطعام في البداية وكان الكل يمتنعون عن أكله زهدًا، لهذا توقف عن الطهي وشغل وقته في عمل سلالٍ. طلب منه القديس أن يحضر كل ما صنعه من سلال، وفي وسط كل الرهبان أمر بحرق السلال موضحًا لهم ضرورة الطاعة، كاشفًا لهم أنه كان من الأفضل أن يخسر الدير الطعام الذي يمتنع الرهبان عن أكله بإرادتهم عن أن يفقد الدير شخصًا واحداً يتعثر بسبب حرمانه من الطعام المطبوخ بغير إرادته. نياحته انتشر وباء في صعيد مصر وأصيب كثير من الرهبان حيث تنيَّحوا، كما تنيَّح بسبب هذا الوباء القديس باخوميوس في عام 348م. يعيد له الغرب في 14 مايو، وتعيد له الكنيسة القبطية في 14 بشنس. أثره في العالم نظام الشركة كما أسَّسه القديس باخوميوس جذب قلوب الكثيرين من قادة الفكر الرهباني في الشرق والغرب، فقاموا بترجمته وتطبيقه عمليًا إن لم يكن في مُجمله ففي أغلبه. منهم القديس باسيليوس الكبير والقديس يوحنا كاسيان والأب قيصريوس أسقف أرل Arles وخلفه أوريليوس، والأب بندكت الذي وضع نظامه المشهور كأب للرهبنة الغربية، مقتبسًا الكثير من النظام الباخومي.
 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
 

Son Ava Karas

يســوع رفيقي
عضو مبارك
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
1,258
مستوى التفاعل
54
النقاط
0
باخيـاروس


قدم لنا جيناديوس فصلاً عن فليسوفٍ مسيحي يُدعى باخياروس Bachiarius (فصل24)، كرَّس كل إمكانياته ووقته لله. يرى البعض أنه كان راهبًا أسبانيًا من Gallaecia وظن البعض أنه أسقف. كتب مقالاً دفاعيًا "عن الإيمان" Libellus de fide حوالي عام 383م، وجَّهه لأسقف المدينة (ربما روما)... ويرى جيناديوس أنه في هذا المقال دافع عن نفسه ضد الذين أساءوا فهم تنقلاته الكثيرة، مؤكدًا أنه لم يقم بهذه الأسفار خوفًا من الناس بل من أجل الله، تاركًا أرضه وعشيرته ليصير شريكًا مع أب الآباء إبراهيم. ويرى بعض الدارسين أن هذا المقال كان دفاعًا عن أرثوذكسيته، معلنًا أنه ترك مدينته وصار يتجول لأن مدينته سقطت في البدع المنسوبة لأوريجانوس (مثل وجود مسبق للنفس قبل الحمل بالإنسان) وهلفيديوس منكر دوام بتولية العذراء. له ايضًا مقال De reparatione lapsi وجهه إلى رئيس دير يدعى جانياروس Januarius ورهبانه، لأنهم طَردوا راهبًا ارتكب خطية بشعة ولم يقبلوا توبته، وأغلقوا أمامه باب الرجاء في العودة إلى الحياة المقدسة. وقد طلب من الراهب أن يترك من ارتكب معها الشر، ويكمل توبته، ولا يقوم بالزواج منها. لهذا المقال أهمية خاصة في الكشف عن مفهوم التوبة عند الأسبان في ذلك الحين.

---------------------


باديموس الشهيد


استشهد القديس الأب باديموس Abbot Bademius حوالي عام 376م، في اضطهاد سابور ملك الفرس. نشأ هذا الأب في مدينة Bethlapat، وكان إنسانًا تقيًا، محبًا لحياة الوحدة، وقد أنشأ ديرًا ضمَّ الكثيرين، إذ كان هذا الأب قد نال شهرة عظيمة لقداسة سيرته. في عهد سابور الثاني أُلقيَّ القبض عليه مع سبعة من رهبانه، وكانوا يُضربون يوميًا ويُلقون في سجنٍ مظلمٍ. في نفس الوقت أُلقيّ القبض على رجل مسيحي يُدعى نرسان يعمل في البلاط، هذا إذ رأى العذابات انهار وقَبِلَ جحد سيده، وإذ أراد الملك أن يختبر صدق نيته طلب منه أن يقتل باديموس بالسيف. وبالفعل أمسك بالسيف وهمَّ يضرب به فيبست يده، عندئذ عاتبه الأب قائلاً: "يا نرسان، ما هذا الشر العنيف الذي انحدرت إليه حتى إنك لم تجحد الله فحسب وإنما استطعت أن تقتل عبيده؟" أمام إغراءات الملك قسَّى الرجل قلبه وحاول مرات أن يضرب بالسيف وكانت يد الله تمنعه لعلَّه يتوب، وإذ أصر سمح له الرب، فأصابت ضربته الأب باديموس فسبَّبت له جرحًا قاتلاً، نال على أثره إكليل الاستشهاد


 
أعلى