الحــب الــعـجـيـب
أولاً : هكذا أحب ربنا العالم
لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحيوه البدية , لأنه لم يرسل الله إبنه ليدين العالم بل ليخلص العالم ( يوحنا 3: 16- 17)
بالحب الذى أحبه الله للعالم بذل إبنه المحبوب ليخلص العالم وبالحب أيضاً قدم المسيح حياته فداء عنا ويوضح لنا السيد المسيح مقدار حبه لنا فى إنجيل معلمنا يوحنا البشير : " الذى عنده وصاياى ويحفظها فهو الذى يحبنى , والذى يحبنى يحبه أبى وأنا أحبه وأظهر له ذاتى " ( يوحنا 14: 21)
بالحب يعلن السيد المسيح ذاته لنا ويضيف قائلاً فى يوحنا : إن أحبنى أحد يحفظ كلامى ويحبه ابى وإليه نأتى وعنده نصنع منزلاً " ( يوحنا 14: 23)
بالفعل لن نفهم ولن نصل إلى مستوى هذه المحبة , ولكن بالحب بالقلب المنفتح تستطيع أن تصل , لأنه هكذا نكون قد وصلنا إلى عمق محبة المسيح لنا , إذ ملأ حب المسيح قلوبنا , وحب المسيح ليس كلام , ولكنه مثل النور القوى لا يستطيع احد أن يخفيه , يكون ظاهر ومضئ فى كل تصرفاتنا وأعمالنا ويضيف السيد المسيح قائلاً : "كما أحبنى الآب كذلك أحببتكم أنا , إثيتوا فى محبتى " ( يوحنا 15 : 7)
ويعطينا السيد المسيح وصية هامة : " هذه وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم " ( يوحنا 15: 12)
بهذه الوصية نكون فعلاً تلاميذ السيد المسيح إن أحببنا بعضنا البعض لأنه قال : " قد سميتكم أحباء " والأحباء يربطهم رباط المحبة بالمحبوب وببعضهم البعض 0
والآن عزيزى القارئ .. ليسأل كل منا نفسه .. أين أنتِ يا نفسى من هذا الحب العظيم ؟ هل أحببت المسيح بالقدر الكافى ؟ هل تحبْ كل الناس كل الناس كما أمرك المحبوب ؟ .. أم أنك تحب الذى يحبك فقط !
قد قال السيد المسيح فى إنجيل معلمنا لوقا الرسول : " وإن أحببتم الذين يحبونكم فأى فضل لكم فإن الخطاة أيضاً يحبون الذين يحبونكم " أحبوا أعدائكم " ( لوقا 6: 33)
هل تحبين يا نفسى أعدائك ؟ ... إذا كان هناك من لا تقوى على محبته فتكونى يا نفسى لا زلت بعيده جداً عن محبة المسيح , ولم يملآ قلبك حب المحبوب وكما كتب معلمنا يوحنا الحبيب : " نحن نعلم أننا إنتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الآخرين من لا يحب أخاه يبق فى الموت كل من يبغض أخاه يبق فى الموت كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابته فيه " ( 1 يوحنا 3: 14)
ثانياً: الذى عنده وصاياى ويحفظها هو الذى يحبنى
1- مع التلميذ الذى كان يسوع يحبه
عزيزى القارئ ..
إن حب المسيح لنا اعظم وأكبر من أن نكتب عنه ومهما حاولنا وصف هذا الحب العجيب فسنجد أنفسنا عاجزين ولن نجد الكلمات المناسبة التى تستطيع أن تفى بالغرض ولذلك وجد أن افضل طريقة للكتابة عن هذا الحب العجيب وكيفية التمتع به هى أن نجول معاً فى الكتاب المقدس وان نعيش مع من إختبر حب المسيح وتمتع به – ولا بد عزيزى القارئ أنك توافقنى عندما أقف عند يوحنا الرسول أى يوحنا الحبيب الذى قال عنه الكتاب " التلميذ الذى كان يسوع يحبه " .. وكيف لا .. وهو الوحيد الذى كان يتكئ فى حضن يسوع المكان الذى فيه الراحة .. السلام .. الأمن .. وسمع دقات قلب المسيح التى تفيض بكل محبة وحنان 0
والسؤال .. وهل كان يسوع يحب يوحنا فقط ؟ .. بالطبع لا .. كان يحب الجميع ولكن يوحنا الحبيب كان أول من إختبر هذا الحب العظيم الذى لا حدود له , وتمتع به كل الإستمتاع فى حضن المسيح الحبيب ومن أجل هذا الحب كان يوحنا الحبيب هو التلميذ الوحيد الذى تبع يسوع إلى الصليب ووقف بجوار الصليب وشاهد آلام المسيح على الصليب وأيضاً هو أول من جاء إلى القبر بعد قيامة السيد المسيح يقول الكتاب فى يوحنا " فخرج بطرس والتلميذ الآخر واتيا إلى القبر وكان الإثنان يركضان معاً فسبق التلميذ الاخر وجاء أولاً إلى القبر ( يوحنا 20: 3-4) 0
ونجد أيضاً التلميذ الذى يحبه يسوع واقفاً إلى جوار الصليب مع القديسة العذراء مريم يقول الكتاب فى يوحنا " فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذى كان يحبه واقفاً قال يا إمرأه هوذا إبنك ثم قال للتلميذ هوذا أمك , ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته " ( يوحنا 19: 26- 27) 0
لو لم يكن يوحنا الحبيب يعرف جيداً كم أحبه يسوع حتى الصليب وأى شرف وإمتياز حصل عليه أن تكون أم يسوع أماً له وهو إبن لها وأن الرب يسوع المسيح هو الذى أوصى بذلك 0
يوحنا الحبيب هو أصغر التلاميذ سناً إلا أنه هو الذى عرف الرب يسوع بعد قيامته على بحيرة طبرية حيث يقول الكتاب فى يوحنا " فقال ذلك التلميذ الذى كان يسوع يحبه لبطرس هو الرب " ( يوحنا 21:7)
كيف لا يعرف من أحبه وإتكأ فى حضنه !
يوحنا الحبيب الوحيد الذى كتب فى يوحنا " بكى يسوع " ( يوحنا 11: 35)
رب المجد يبكى .. أيه محبة هذه التى تجعل الرب يبكى وهذا التلميذ الذى ألهبته دموع الحبيب ولم ينساها وإنفرد بتدوينها كما إنفرد بتدوين صلاة يسوع فى يوحنا 17 .. الصلاة التى تفيض حباً لا يخطر على بال أحد .. حب يفوق كل عقل وخيال 0
عزيزى القارئ .. إن المسيح يحبك هذه حقيقة مؤكدة
والسؤال – هل تتمتع بهذا الحب العجيب ؟
تعال معى نقترب إلى الحبيب لننعم بحبه الذى يفوق كل حب وتتكأ فى حضن يسوع .. إن حضنه واسع يسع كل البشرية , وكل واحد منا يقول بثقة " أنا الذى يسوع يحبه ومات من أجله وصلى أن أكون فيه وهو فى "
2- مع شاول الطرسوسى الذى دعى بولس الرسول
أسمح يا عزيزى القارئ أن نكمل مسيرتنا مع من إختبر حب السيد المسيح وذلك من الكتاب المقدس وأعتقد يا عزيزى القارئ أن شخصية بولس الرسول الذى دعى شاول الطرسوسى أعظم مثل لمن إختبر حب المسيح وقدم حياته وكل ما يملك لهذا الحب العجيب .
جميعنا يعلم من هو شاول ففى سفر أعمال الرسل " أما شاول فكان لم يزل ينفث تهديداً وقتلاُ على تلاميذ الرب . فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد إناساً من الطريق رجالاٌ أو نساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم " ( أعمال 9:1)
هكذا كان شاول إلى أن إلتقى برب المجد فى الطريق إلى دمشق فكيف إذاُ عاتبه الرب على ما فعله ؟ عاتبه بكلمات لمست قلب شاول ليصبح بعد هذا اللقاء بولس الرسول لأنه عرف حب رب المجد له رغم قتله لتلاميذ الرب والشرور الكثيرة التى فعلها ويقول الرب عنه إلى حنانيا فى رؤيا : " هذا إناء مختار ليحمل إسمى أمام أمم وملوك وبنى إسرائيل لأنى سأريه كم ينبغى أن يتألم من أجل إسمى " ( أعمال 9: 15- 16)
ونرى فى سفر أعمال الرسل ما قام به بولس الرسول من أجل إسم المسيح ورحلاته الكثيرة لنشر كلمة الرب وما تعرض له من عذاب وآلام من أجل المهمة العظيمة التى كلفه بها الرب .
وعندما نقرأ رسائل بولس الرسول نجد فيها الحب كل الحب للسيد المسيح فى رسالته إلى أهل أفسس : " إذ سبق فعيننا للتبنى بيسوع المسيح نفسه حسب مسرة مشيئته لمدح مجد نعمته التى أنعم بها علينا فى المحبوب " ( أفسس 1: 5-6)
لقب المسيح بالمحبوب ياله من لقب فيه ملئ الحب وفى رسالته إلى أهل رومية قال : " من سيفصلنى عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم إضطهاد أم جوع أم عرى أم خطر أم سيف كما هو مكتوب من أجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح " ( رومية 8: 35-36)
هل سمعت أو رأيت يا عزيزى القارئ عن حب مثل هذا الحب لقد عرف بولس الرسول محبة المسيح لنا ولذلك أحب المسيح واوصل لنا هذا الحب العظيم فى رسائله .
وفى رسالته إلى أفسس قال : " ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم وأنتم متأصلون ومتأسسون فى المحبة حتى تستطيعون أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض الطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكى تمتلئوا إلى كل ملئ الله " ( أفسس 3: 17- 19)
لن أجد الكلمات المناسبة لكى أكتب تعليق على ما كتبه بولس الرسول عن محبة المسيح ولكنى سوف أرنم للرب إلهى:
أحببتنى قبل الزمان بزمان أحببتنى وحبك عجيب ليس كإنسان
علمنى أن أحبك وأعيش العمر لحبك فى جرحك أحتمى وعند قدميك أرتمى فأنت هو الله محبتى
3- بطرس الرسول الذى كان إسمه سمعان بن يونا
فى إنجيل معلمنا متى البشير " وإذا كان يسوع ماشياً عند البحر أبصر أخوين سمعان الذى يقال له بطرس واندراوس أخاه يلقيان شبكة فى البحر فإنهما كانا صيادين , فقال لهما هلما ورائى فأجعلكما صيادى الناس , فللوقت تركا الشباك وتبعاه " ( متى 18: 20)
هكذا كان لقاء رب المجد مع بطرس الرسول العظيم الذى لم يفكر لحظة ولم يسأل – أين سنذهب ؟ .. كيف ؟ .. أو .. ! يقول الكتاب تركا الشباك وتبعاه , لأنه عرف منذ أن دعى من اللحظة الأولى , من هو يسوع المحب الذى لا يقاوم .
وأيضاً فى إنجيل معلمنا متى البشير " قال لهم يسوع وأنتم من تقولون أنى انا ؟ فأجاب سمعان بطرس وقال : أنت هو المسيح إبن الله الحى , فأجاب يسوع وقال له : طوبى لك يا سمعان إبن يونا إن لحما ودماً لم يعلن لك لكن ابى الذى فى السموات وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها "
ونحن جميعا إن بطرس فى لحظة ضعف بشرى قبل حلول عطية الروح القدس أنكر المسيح ثلاث مرات لكنه ندم وبكى بكاءاً مراً , وبعد صلب رب المجد وقيامته يقول الكتاب أظهر يسوع نفسه لتلاميذه وتغدوا معاً ثم يسأل الحبيب كما جاء فى إنجبل معلمنا يوحنا البشير " فبعد ما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بي يونا أتحبنى أكثر من هؤلاء قال له : نعم يارب أنت تعلم أنى أحبك , قال له : " أرع خرافى " قال له أيضاً ثانية يا سمعان بن يونا أتحبنى , فحزن بطرس لأنه قال له ثالة أتحبنى فقال له يا رب أنت تعلم كل شئ , أنت تعرف أنى أحبك قال له :
" أرع غنمى " ( يوحنا 21: 15- 18)
لقد إختار الرب بطرس الرسول لمهمة عظيمة , وكان لابد ان يعاتبه عن ما صدر منه , وكان حديثه يحمل الحب والتذكير والعتاب معاً , أعاد على مسامعه ثلاث مرات المهمة التى كلفه بها " إرع غنمى "
هذا هو مسيحنا دائماً لطيف المحادثة , صلباً , شديداً , إذا ما رأى ما يستحق اللوم , لا يصيح , ولا يتكلم إلا قليلاً , متواضع , محب 0
وبعد حلول الروح القدس على التلاميذ فى يوم الخمسين يقول الكتاب المقدس فى سفر أعمال الرسل وقف بطرس وهو ممتلئ من الروح القدس وتكلم عن الحبيب وشرح لهم ويؤكد أنه هو المسيح , فينضم فى ذلك اليوم ثلاث الآف , وفى اليوم التالى يتكلم بنفس القوة ويصبح عدد الرجال خمسة الآف , ويؤيد الرب رسوله بآيات وعجائب مثل إقامة الأعرج من بطن أمه فمشى , وإقامة طابيثا أى غزالة من الأموات وغيرها من الآيات والعجائب وإستشهد بطرس مصلوب منكس الرأس لأنه عرف حب المسيح وتمتع بهذا الحب العجيب وتأكد أنه حب أثمن من الحياة 0
4- مع دموع المــرأة الخـــاطـئـة
كتب معلمنا لوقا البشير ( لوقا 7)عن لقاء رب المجد مع المرأة الخاطئة يقول " وسأله واحد من الفريسيين أن ياكل معه فدخل بيت الفريسى وإتكأ وإذا إمرأة فى المدينة كانت خاطئة إذ علمت أنه متكئ فى بيت الفريسى جائت بقارورة طيب ووقفت عند قدمية من ورائه باكية وإبتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب "
ياله من لقاء رائع يتجلى فيه الحب بصورة جميلة تفوق كل عقل وخيال , منذ علمت المرأة بوجود السيد المسيح أسلمته قلبها وحياتها وإندفعت تجرى إليه ويقول الكتاب أنها وقفت عند قدميه من ورائه باكية لم تحتمل أن تقف امامه وجهاً لوجه وتواجه السيد وهى تحمل خطيتها , فوقفت من ورائه باكية نادمة تائبة تطلب المغفرة , لذلك تركها تلمسة وتغسل قدميه الكريمة بدموعها , لأنها دموع طاهرة نقية , دموع التوبة , وتمسح قدمية بشعر رأسها , وبذلك تكون قد وضعت أعلى أعلى جزء من جسدها عند قدمى السيد المسيح , ولم تكتفى بذلك بل دهنت بالطيب قدميه وقبل ذلك قبلتهما , لقد فعلت هذه المرأة كل شئ دون أن تنطق بكلمة واحدة , إعترفت بخطيتها وندمت عليها وقدمت توبة أكيدة , أسعدت قلب الحبيب الرقيق فقبل توبتها وأعطاها هذه البركة العظيمة .
ولكن الفريسى لم يفهم ذلك لم يعجبه ما حدث , ويعلم الرب ما يدور داخل الفريسى ويخاطبه بمثل لكى يرتقى إلى ما حدث " مثل المديونان " على الواحد خمسمائة دينار وعلى الآخر خمسون ولم يكن لهما ما يوفيان وسامحهما صاحب الدين ثم يسأله الرب أيهما يكون أكثر حباً لصاحب الدين فأجاب الفريسى قائلاً : " الذى سامحه بالأكثر"0
ويشرح الرب للفريسى الفرق بين لقاءه له وبين لقاء المرأة التى كانت خاطئة وكيف غسلت قدميه بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها وقبلت قدميه ودهنتهما بالطيب , والفريسى لم يعط ماء لقدمى السيد ولم يقبله ولم يدهن رأسه بزيت ثم يلتفت إلى المرأة التى كانت خاطئة ويؤكد لها أن خطاياها الكثيرة قد غفرت لأنها أحبت كثيراً ويقول لها : "إيمانك خلصك إذهبى بسلام "
عزيزى القارئ .. هذا هو مسيحنا طيب رقيق محب يحب كل من يقبل إليه مهما كانت خطيته كبيرة ويقول : " من يقبل إلى لا أخرجه خارجاً " يحب دموع التوبة والندم على الخطية هيا بنا قبل فوات الفرصة نقدم دموعنا علامة على الندم والتوبة والرجوع إلى حضن الحبيب 0
5- السيد المسيح يقول لسيدة سامرية : إعطينى لأشرب ..
" إعطينى لأشرب " هكذا بدا السيد المسيح حديثه مع المرأة السامرية , بدأ الحديث بكل رقة , لأنه هو هكذا دائماً لا يقتحم حياة أحد مرةٌ واحدة , ولكنه يقرع على الباب أولاً , وبهذه الطريقة أوصى تلاميذة عندما أرسلهم للكرازة قائلاً : " وأيه مدينة أو قرية دخلتموها فإفحصوا من فيها مستحق وأقيموا هناك حتى تخرجوا , وحين تدخلون البيت سلموا عليه فإن كان البيت مستحقاً فليأت سلامكم عليه ولكن إن لم يكن مستحقاً فليرجع سلامكم إليكم ومن لا يقبلكم ولا يسمع كلامكم فأخرجوا خارجاً من ذلك البيت أو من تلك المدينة وأنفضوا غبار أرجلكم " ( متى 10: 11-14)
" أعطينى لأشرب " .. إلى هذه الدرجة يتواضع ملك الملوك لكى يصل إلى المرأه سامرية , وهو يعلم جيداً أنها مرأه تعيش فى الخطية ولكنه كاشف القلوب وعالم كل شئ يعرف انها سوف تترك الخطية وتتبعه) .
تتعجب المرأة من طلبه لأنه يهودى وهى سامرية ثم يقدم لها نفسه بطريقة تتناسب مع فكرها قائلاً :" لو كنت تعلمين عطية الله ومنْ هو الذى يقول لك إعطينى لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيا ً" ( يوحنا 4)
وبهذه الكلمات يلمس الرب قلب المرأة السامرية وتفتح قلبها ولكن عقلها ما زال أرضى وترد عليه: يا سيد لا دلو لك والبئر عميقة فمن أين لك الماء الحى ؟ " .
يعلم السيد المسيح انها منحت قلبها , أصبحت مستعدة أن تتقبل منه فيرتقى بها خطوة أخرى قائلاً : " كل من يشرب من هذا الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة ابدية " وهنا تسلم المرأة السامرية قلبها بالكامل وعقلها وتجيب " يا سيد أعطنى من هذا الماء لكى لا أعطش ولا آتى هنا لأستقى " .. ويختبرها السيد المسيح ويـتأكد من صدقها عندما يسألها عن زوجها وتجيبه ولم تخفى خطيتها ويقول لها : " هذا قلت بالصدق " وفى تلك اللحظة تعلم المرأة أنه يعلم عنها كل شئ وتشهد له قائلة : " أرى أنك نبى "وتسلم حياتها للسيد .. وتسأل عن السجود لك ؟ وكيف ؟ واين يكون ؟ ويرد عليها السيد المسيح قائلاً : " أنتم تسجدون لما لستم تعلمون أما نحن فنسجد لما نعلم لأن الخلاص هو من عند اليهود ولكن تأتى ساعة وهى الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له , الله روح والذين يسجدوا له بالروح والحق ينبغى أن يسجدوا "
وبهذه الكلمات يصل السيد المسيح بالمرأة إلى معرفة شخصه وتعلم أنه المسيح ويؤكد لها : " أنا الذى أكلمك " 0
وهكذا يرتقى بها السيد المسيح إلى أن تصل إلى معرفة شخصه الكريم وتترك جرتها والعالم وتنادى فى المدينة صائحة هلموا أنظروا إنساناً قال لى كل ما فعلت .. ألَعلٌ هذا هو المسيا..