هدف الحياة هو
الحياة ذاتها! لماذا يجب أن يكون للحياة هدف آخر سواها؟
يحدث هذا لأننا ببساطة نتصور الحياة عادة كطريق أو مشوار أو رحلة، نسمّيها حتى "رحلة الحياة"، أو "مشوار الحياة"، وبالتالي فنحن نعيش وكأننا مسافرون دائما نحو مكان ما، غاية ما، أو
هدف ما. وكأي طريق نمضي فيه أو رحلة نبدأها: تتركز أفكارنا وعقولنا لا على الطريق نفسه ولكن على
الغاية التي نريد الذهاب لها،
المحطة التي ننتظر الوصول إليها،
الهدف الذي نحلم بتحقيقه.
ولكن هذا التصور عن الحياة رغم شيوعه ـ للأسف الشديد ـ هو أشقى تصور يمكن أن نتبناه وأفشل طريقة يمكن أن نحيا بها!
أولا نحن
نضيّع معظم حياتنا على هذا "الطريق"، نكافح لتحقيق الهدف وللوصول إلى الحلم، نعيش من ثم لسنوات وسنوات في حالة
الانتظار والترقب والرغبة، حتى إذا ما وصلنا إلى الهدف أخيرا: سعدنا به فقط
أياما معدودة!
ثانيا ماذا لو أننا في نصف الطريق، أو حتى في نهايته على بُعد خطوات فقط من هدفنا، ماذا لو كان تقدير السماء هو ألا نصل لهذا الهدف أبدا؟ تأمل كم يكون
الإحباط واليأس والحزن والمرارة حين ندرك أن أعمارنا ضاعت ـ
كفاحا وانتظارا وترقبا ـ ثم لم نحقق رغم ذلك حلمنا ولم نصل إلى هدفنا المنشود أبدا!
بدلا من ذلك:
الحياة هي نفسها الهدف، هنا والآن، في
هذه اللحظة!
الحياة ليست طريقا أو مشورا أو رحلة نصل في نهايتها إلى هدفنا، بل الحياة بالأحرى
رقصة جميلة، أو معزوفة من
الموسيقى!
وكما يشرح الفيلسوف الإنجليزي الكبير
آلان واتس: هل هدفنا حين نعزف الموسيقى أو ننصت لها هو أن نصل لنهاية المقطوعة؟ لو كان ذلك صحيحا لكانت أفضل الموسيقات هي الأقصر، الأسرع، التي تصل بنا إلى هذا "الهدف" دون انتظار طويل. لكن هدفنا بالأحرى هو الموسيقى ذاتها، نستمتع بها الآن في هذه اللحظة، وفي كل لحظة. بالمثل حين نرقص: هل هدفنا أن نصل إلى نقطة محددة أو إلى موضع معين في ساحة الرقص، أم بالأحرى نرقص للرقص ذاته، ونستمتع به في كل موضع وفي كل لحظة؟
كذلك الحياة تماما، نحياها لذاتها وليس لأي هدف آخر سواها، ونستمتع من ثم بها
في كل موضع وفي كل لحظة! نستمتع حتى لو كان موعد الرحيل غدا. نستمتع سيان تحقق أي حلم أو لم يتحقق. نستمتع لأننا
لم نستثمر أنفسنا ومشاعرنا لحساب المستقبل. نستمتع لأننا
لا نؤجل حياتنا وننتظر كي نحياها حين يتحقق هدفنا أخيرا، بل
نحيا الآن بالفعل ـ ونمتلئ بالحياة ـ هنا والآن في هذه اللحظة!