لماذا الصليب علامة المسيحية
:download:
منذ نشأة المسيحية استخدم المسيحيون علامة الصليب ... هذه حقيقة يؤكدها جميع العلماء والباحثين .. فالصليب وعلامة الصليب تراث تقليدى يتغلغل فى حياة المؤمنين بتسليم رسولى ..
يقول القديس باسيليوس الكبير [ لقد تسلم المسيحيون علامة الصليب ضمن التقاليد غير المدونة التى انحدرت إليهم من رسل المسيح ، الذين علمونا أن نرسم بعلامة الصليب أولئك الذين آمنوا باسم الرب يسوع المسيح ] .
وتعلم الكنيسة أبناءها المؤمنين أن يرسموا علامة الصليب على ذواتهم عند بدء الصلوات وفى ختامها . عند النوم وحال اليقظة . فى دخولهم إلى بيوتهم وخروجهم منها . فى أكلهم وشربهم . عند بدء كل عمل ، وعند ارتداء ثيابهم .. وبالجملة فإن علامة الصليب تتخلل حياتهم اليومية .. لقد صاحبت كل عمل دينى أو دنيوى فى حياة المسيحى من اليقظة فى الصباح حتى رقاد النوم فى الليل .
يقول القديس يوحنا الذهبى الفم [ إن علامة الصليب التى كان الناس يفزعون منها قبلا ، صار كل واحد يتنافس عليها ، حتى صارت فى كل مكان بين الحكام والعامة . بين الرجال والنساء ، بين المتزوجين وغير المتزوجين . بين الأسرى والأحرار . الجميع يصنعونها فى كل موضع كريم ومكرم ، ويحملونها يوميا ، وكأنها منقوشة على جباههم كما على عمود . نراها على المائدة المقدسة ، وفى رسامة الكهنة . ونراها متألقة فوق جسد المسيح فى العشاء السرى . وفى كل مكان يمكن للإنسان أن يلاحظه . يحتفى بها فى البيوت ، فى الأسواق ، فى الصحارى ، وفى الطريق العالية فوق الجبال ، فى شقوق الأرض ، فوق التلال ، وفوق البحر . فى السفن فى الجزر ، فى العربات ، فى الثياب . فوق الآنية الذهب والفضة ... على أجسام الأشخاص الذين بهم أرواح نجسة .. فى الحرب والسلم . نهارا وليلا . فى تجمعات النساك . وهكذا يتنافس الجميع فى البحث عن هذه الهبة العجيبة ، والنعمة التى لا يعبر عنها ] .
فلماذا يرسم المسيحيون علامة الصليب ؟
( 1 ) ليبرهنوا على تبعيتهم للمسيح المصلوب .. فالصليب هو العلامة المميزة للمؤمنين بالمسيح ، المنضمين تحت لوائه ، لأنه علامة مخلصهم ..
فالصليب سوف يظهر مرة أخرى فى السماء كالعلم الذى يتقدم أمام الملك .. وحينئذ ينظر إليه الذين طعنوه والذين استهزأوا به . وإذ يعرفونه ( المسيح ) من الصليب يندمون حيث لا زمان للتوبة . أما نحن فنفتخر بالصليب ونعظمه عابدين الرب الذى أتى وصلب عليه .
( 2 ) إعلانا لإيمانهم المسيحى وافتخارا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به تم فداؤنا وخلاصنا وانفصالنا عن الشيطان والعالم ، وانطلاقنا من أسر اجحيم وعبودية إبليس " أما أنا فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به صلب العالم لى وأنا صلبت للعالم " ( غلاطية 6 : 14 ) .
( 3 ) إيمانا من المسيحيين بأن جميع بركات العهد الجديد الروحية إنما كانت بفضل صليب مخلصنا ..
( 4 ) وحين يرسم المؤمنون الصليب على جباههم ، أو حين يرسمه الكهنة على المؤمنين أو على أوانى الكنيسة يذكرون كل المعانى التى تشتمل عليها الديانة المسيحية ...
فيذكرون عمل المسيح الفادى وخلاصه العظيم ، وجميع البركات الخلاصية النابعة من الصليب .. ويذكرون أنهم ليسوا بعد لأنفسهم ، بل للذى مات لأجلهم وقام ( 2 كو 5 : 15 ) .. ويذكرون أنهم اشتروا . بدم ثمين ، فعليهم أن يمجدوا الله فى أرواحهم وفى أجسادهم التى هى له ( 1 كو 6 : 20 ) .. وعندما يذكرون تلك المعانى تضطرم فيهم محبة الله ، ويزدادون تعلقا به ورجاء فيه ...
إذن فعلامة الصليب – والحال هذه – ليست سوى خلاصة سريعة للمسيحية فى عقائدها وروحياتها . فإذا رسمنا الصليب استعدنا فى لحظة المعانى المرتبطة بالصليب من إيمان بالله ووحدة طبيعته وتثليث أقانيمه ولاهوت المسيح وتجسده وصلبه وفداءه وقيامته ، وما ارتبط بكل هذه الأحداث من بركات خلاصية .
( 5 ) للصليب فوائد أخرى غير تلك :
أ – فبرسم علامة الصليب يطرد المسيحيون قوات الشر المحيطة .. لأن الشيطان الذى هزم بالصليب لا يطيق هذه العلامة التى بها سحق واندحر ..
ب – وبرسم علامة الصليب يتشجع المؤمنون فى مواجهة الصعاب والتجارب ضد إيمانهم
يقول القديس الأنبا انطونيوس أب الرهبان [ إن الشياطين توجه هجماتها المنظورة للجبناء . فارسموا أنفسكم بعلامة الصليب بشجاعة ، ودعوا هؤلاء يسخرون من ذواتهم . وأما أنتم فتحصنوا بالصليب ] .
جـ - والصليب علاج ضد التجارب من جهة بعض الخطايا .. [ الصليب دواء للغضب ] .. [ الصليب دواء للشهوة الدنسة ] ..
د – ويستخدم الصليب شافيا من المرض أو السم ، وعلامة قوة على كل قوى الطبيعة المعادية لنا ..
هـ - كما استخدم الصليب لتطهير الأماكن وتقديس الكنائس والأوانى والطعام والشراب وغيرها من الأشياء التى أعتبرت غير طاهرة . أو التى استخدمت فى أغراض وثنية فى العصور الأولى ................ ويلاحظ انة لم يرد لفظ الصليب فى أسفار العهد القديم ، لكنه ورد بأكثر من معنى فى كتاب العهد الجديد . وأكتسبت معنى خاصا لأرتباطها بموت المسيح ، هناك كلمتان مستعملتان للتعبير عن آلة التعذيب التى نفذ بها حكم الموت على الرب يسوع : اكسيلون xylon وتعنى خشبة أو شجرة ، استاوروس stauros وتعنى صليب بمفهومه الحالى ... الكلمة الأولى وردت للتعبير عن الخشب كمادة . راجع : [ تث 21 : 23 ، أع 5 : 30 ، 10 : 39 ، 1 بط 2 : 24 ، غلا 3 : 13 ) .
وقد وردت كلمة استاروس ومشتقاتها فى قصة آلام المسيح . راجع [ مر 15 : 1 – 47 ، متى 27 : 1 ، لوقا 23 : 1 – 56 ، يو 18 : 19 : 24 ، رؤيا 11 : 8 ) .. كما وردت فى رسائل بولس الرسول ..
إن كلمة " اكسيلون " تعنى شجرة .. وهذا يقودنا للتفكير فى شجرة الحياة التى كانت فى وسط الجنة ( تك 2 : 9 ) .. تلك التى بعد أن طرد الإنسان الأول من الجنة ، أقيم كاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إليها . وهى التى قال الله عنها : " لعله ( الإنسان ) يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد " ( تك 3 : 24 ) .. وتعود هذه الشجرة – شجرة الحياة – للظهور ثانية فى سفر الرؤيا " من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التى فى وسط فردوس الله " ( رؤ 2 : 7 ) .
ونقرأ عن أورشليم الجديدة فى سفر الرؤيا ، أنه على جانبى نهر الحياة فيها تنمو " شجرة حياة تصنع أثنتى عشرة ثمرة وتعطى كل شهر ثمرها .. وورق الشجرة لشفاء الأمم " ( رؤ 22 : 2 ) .. ونقرأ أن الأبرار وحدهم لهم سلطان على هذه الشجرة ( رؤ 22 : 14 ) .
وهكذا نرى أن ما كان ممنوعا ومحرما على الإنسان الأول صار مباحا للخليقة الجديدة .. إن شجرة الحياة ترمز للحياة ، وتقدم الحياة عكس ما يقدمه الصليب ( الخشبة ) ألا وهو الموت
بقلم:المتنيح الانبا يؤانس اسقف الغربية
:download:
منذ نشأة المسيحية استخدم المسيحيون علامة الصليب ... هذه حقيقة يؤكدها جميع العلماء والباحثين .. فالصليب وعلامة الصليب تراث تقليدى يتغلغل فى حياة المؤمنين بتسليم رسولى ..
يقول القديس باسيليوس الكبير [ لقد تسلم المسيحيون علامة الصليب ضمن التقاليد غير المدونة التى انحدرت إليهم من رسل المسيح ، الذين علمونا أن نرسم بعلامة الصليب أولئك الذين آمنوا باسم الرب يسوع المسيح ] .
وتعلم الكنيسة أبناءها المؤمنين أن يرسموا علامة الصليب على ذواتهم عند بدء الصلوات وفى ختامها . عند النوم وحال اليقظة . فى دخولهم إلى بيوتهم وخروجهم منها . فى أكلهم وشربهم . عند بدء كل عمل ، وعند ارتداء ثيابهم .. وبالجملة فإن علامة الصليب تتخلل حياتهم اليومية .. لقد صاحبت كل عمل دينى أو دنيوى فى حياة المسيحى من اليقظة فى الصباح حتى رقاد النوم فى الليل .
يقول القديس يوحنا الذهبى الفم [ إن علامة الصليب التى كان الناس يفزعون منها قبلا ، صار كل واحد يتنافس عليها ، حتى صارت فى كل مكان بين الحكام والعامة . بين الرجال والنساء ، بين المتزوجين وغير المتزوجين . بين الأسرى والأحرار . الجميع يصنعونها فى كل موضع كريم ومكرم ، ويحملونها يوميا ، وكأنها منقوشة على جباههم كما على عمود . نراها على المائدة المقدسة ، وفى رسامة الكهنة . ونراها متألقة فوق جسد المسيح فى العشاء السرى . وفى كل مكان يمكن للإنسان أن يلاحظه . يحتفى بها فى البيوت ، فى الأسواق ، فى الصحارى ، وفى الطريق العالية فوق الجبال ، فى شقوق الأرض ، فوق التلال ، وفوق البحر . فى السفن فى الجزر ، فى العربات ، فى الثياب . فوق الآنية الذهب والفضة ... على أجسام الأشخاص الذين بهم أرواح نجسة .. فى الحرب والسلم . نهارا وليلا . فى تجمعات النساك . وهكذا يتنافس الجميع فى البحث عن هذه الهبة العجيبة ، والنعمة التى لا يعبر عنها ] .
فلماذا يرسم المسيحيون علامة الصليب ؟
( 1 ) ليبرهنوا على تبعيتهم للمسيح المصلوب .. فالصليب هو العلامة المميزة للمؤمنين بالمسيح ، المنضمين تحت لوائه ، لأنه علامة مخلصهم ..
فالصليب سوف يظهر مرة أخرى فى السماء كالعلم الذى يتقدم أمام الملك .. وحينئذ ينظر إليه الذين طعنوه والذين استهزأوا به . وإذ يعرفونه ( المسيح ) من الصليب يندمون حيث لا زمان للتوبة . أما نحن فنفتخر بالصليب ونعظمه عابدين الرب الذى أتى وصلب عليه .
( 2 ) إعلانا لإيمانهم المسيحى وافتخارا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به تم فداؤنا وخلاصنا وانفصالنا عن الشيطان والعالم ، وانطلاقنا من أسر اجحيم وعبودية إبليس " أما أنا فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به صلب العالم لى وأنا صلبت للعالم " ( غلاطية 6 : 14 ) .
( 3 ) إيمانا من المسيحيين بأن جميع بركات العهد الجديد الروحية إنما كانت بفضل صليب مخلصنا ..
( 4 ) وحين يرسم المؤمنون الصليب على جباههم ، أو حين يرسمه الكهنة على المؤمنين أو على أوانى الكنيسة يذكرون كل المعانى التى تشتمل عليها الديانة المسيحية ...
فيذكرون عمل المسيح الفادى وخلاصه العظيم ، وجميع البركات الخلاصية النابعة من الصليب .. ويذكرون أنهم ليسوا بعد لأنفسهم ، بل للذى مات لأجلهم وقام ( 2 كو 5 : 15 ) .. ويذكرون أنهم اشتروا . بدم ثمين ، فعليهم أن يمجدوا الله فى أرواحهم وفى أجسادهم التى هى له ( 1 كو 6 : 20 ) .. وعندما يذكرون تلك المعانى تضطرم فيهم محبة الله ، ويزدادون تعلقا به ورجاء فيه ...
إذن فعلامة الصليب – والحال هذه – ليست سوى خلاصة سريعة للمسيحية فى عقائدها وروحياتها . فإذا رسمنا الصليب استعدنا فى لحظة المعانى المرتبطة بالصليب من إيمان بالله ووحدة طبيعته وتثليث أقانيمه ولاهوت المسيح وتجسده وصلبه وفداءه وقيامته ، وما ارتبط بكل هذه الأحداث من بركات خلاصية .
( 5 ) للصليب فوائد أخرى غير تلك :
أ – فبرسم علامة الصليب يطرد المسيحيون قوات الشر المحيطة .. لأن الشيطان الذى هزم بالصليب لا يطيق هذه العلامة التى بها سحق واندحر ..
ب – وبرسم علامة الصليب يتشجع المؤمنون فى مواجهة الصعاب والتجارب ضد إيمانهم
يقول القديس الأنبا انطونيوس أب الرهبان [ إن الشياطين توجه هجماتها المنظورة للجبناء . فارسموا أنفسكم بعلامة الصليب بشجاعة ، ودعوا هؤلاء يسخرون من ذواتهم . وأما أنتم فتحصنوا بالصليب ] .
جـ - والصليب علاج ضد التجارب من جهة بعض الخطايا .. [ الصليب دواء للغضب ] .. [ الصليب دواء للشهوة الدنسة ] ..
د – ويستخدم الصليب شافيا من المرض أو السم ، وعلامة قوة على كل قوى الطبيعة المعادية لنا ..
هـ - كما استخدم الصليب لتطهير الأماكن وتقديس الكنائس والأوانى والطعام والشراب وغيرها من الأشياء التى أعتبرت غير طاهرة . أو التى استخدمت فى أغراض وثنية فى العصور الأولى ................ ويلاحظ انة لم يرد لفظ الصليب فى أسفار العهد القديم ، لكنه ورد بأكثر من معنى فى كتاب العهد الجديد . وأكتسبت معنى خاصا لأرتباطها بموت المسيح ، هناك كلمتان مستعملتان للتعبير عن آلة التعذيب التى نفذ بها حكم الموت على الرب يسوع : اكسيلون xylon وتعنى خشبة أو شجرة ، استاوروس stauros وتعنى صليب بمفهومه الحالى ... الكلمة الأولى وردت للتعبير عن الخشب كمادة . راجع : [ تث 21 : 23 ، أع 5 : 30 ، 10 : 39 ، 1 بط 2 : 24 ، غلا 3 : 13 ) .
وقد وردت كلمة استاروس ومشتقاتها فى قصة آلام المسيح . راجع [ مر 15 : 1 – 47 ، متى 27 : 1 ، لوقا 23 : 1 – 56 ، يو 18 : 19 : 24 ، رؤيا 11 : 8 ) .. كما وردت فى رسائل بولس الرسول ..
إن كلمة " اكسيلون " تعنى شجرة .. وهذا يقودنا للتفكير فى شجرة الحياة التى كانت فى وسط الجنة ( تك 2 : 9 ) .. تلك التى بعد أن طرد الإنسان الأول من الجنة ، أقيم كاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إليها . وهى التى قال الله عنها : " لعله ( الإنسان ) يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد " ( تك 3 : 24 ) .. وتعود هذه الشجرة – شجرة الحياة – للظهور ثانية فى سفر الرؤيا " من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التى فى وسط فردوس الله " ( رؤ 2 : 7 ) .
ونقرأ عن أورشليم الجديدة فى سفر الرؤيا ، أنه على جانبى نهر الحياة فيها تنمو " شجرة حياة تصنع أثنتى عشرة ثمرة وتعطى كل شهر ثمرها .. وورق الشجرة لشفاء الأمم " ( رؤ 22 : 2 ) .. ونقرأ أن الأبرار وحدهم لهم سلطان على هذه الشجرة ( رؤ 22 : 14 ) .
وهكذا نرى أن ما كان ممنوعا ومحرما على الإنسان الأول صار مباحا للخليقة الجديدة .. إن شجرة الحياة ترمز للحياة ، وتقدم الحياة عكس ما يقدمه الصليب ( الخشبة ) ألا وهو الموت
بقلم:المتنيح الانبا يؤانس اسقف الغربية
:download: