رد: طبيعة السيد المسيح (دعوة للبحث )
هذه هى عبارة أنا هو التالية والموجهة للذين سلموا أنفسهم للمسيح. لقد أعطى المسيح فى الليلة السابقة لصلبه "حديث الوداع الملكى" لقد شرع لتوه العشاء الربانى (يوحنا لا يسجل لنا هذا) عندما أعلن أنه على وشك الرحيل (13: 33،36 و14: 2-3) وأضاف: "وتعلمون حيث أنا ذاهب وتعلمون الطريق" (14: 4) وأجابه توما المتحير: "يا سيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق". لقد أراد أن تتضح الأمور ولم يقبل أن تفوت كلمة الرب دون أن يفهمها تماماً وهنا تظهر أمانة الرجل الفعلية. وقد أعطى هذا يسوع الفرصة ليشرح ويوضح ما قاله. وهكذا يجيب: "أنا هو الطريق و الحق و الحياة" وأضاف "ليس أحد يأتى إلى الآب إلا بى" (14: 6) برغم الجدل حول هذه الكلمات وإختلاف الترجمة والتفسير إلا أن البناء اللغوى يوضح أن هناك ثلاثة أشياء مميزة يقولها المسيح عن نفسه (التأكيد فى الجملة هو على كلمة "الطريق" حيث إنها هنا لب الموضوع) (14: 5) إلا أن المعانى الثلاث "الطريق" و"الحق" و" الحياة" تأتى فى ترابط لغوى مما يدل على أن المسيح أعلن ثلاثة أشياء واضحة ومميزة عن نفسه.
هژںه¸–هœ°ه€: كنيسة صداقة القديسين مقولة أنا هو تثبت ألوهية المسيح
فى البدء يقول: "أنا هو الطريق" ونرى هنا حصرية لا يمكن تجاهلها أو إنكارها. حين نرى أن يسوع يشير إلى أنه ذاهب إلى بيت أبيه (14: 2) و أن لا أحد يأتى إلى الآب إلا بى (14: 6) فإننا ندرك أنه لا يتكلم عن طريق معنوى ولكن عن طريق الخلاص. طريق الخلاص الموصل إلى الآب. فهو يقول بثقة أنه ليس واحد من عدة طرق مؤدية إلى الآب و لكنه "ال" طريق. هذا الإعلان المذهل يضرب أعماق مجتمعاتنا التعددية وفلسفاتنا التى ننتمى إليها ونتمسك بها، وبضربة قاضية يحطم أفكار الإنسان الخاطئة عن التقرب إلى الله ويؤكد "إنفراده". إن موته هو البديل والتكفير ويرتبط بشدة بكونه هو "الطريق" حيث أن تصالح الله مع الخطاة سيتم من خلال موته هذا.
ثم يقول أنه " الحق" مما يعبر عن صدقه وأمانته المطلقة فكل ما قاله وعمله يمكننا أن نثق به ونصدقه، ليس فقط لأنه يقول الحق ولكن لأنه هو نفسه الحق. لأنه هو كلمة الله الذى صار جسدا (1: 1،14). وكما يلاحظ كارسون بفراسة: "يسوع هو الحق لأنه يجسد قمة إعلان الله إذ يخبر عن الله نفسه (1: 18). فهو يقول ويعمل ما أعطاه الآب أن يقول ويعمل (5: 19 ؛ 8: 29) وهو بالحق يدعى الله (1: 1، 18؛ 20: 28) فهو إعلان الله عن ذاته بالنعمة، وهو كلمة الله الذى صار جسداً (1: 14).
وثالثاً، يعلن يسوع أنه هو "الحياة". وكما يقول موريس :"إن هذا يأخذنا لنفس مجال مقولة "أنا هو القيامة و الحياة"". ومرة أخرى نرى يسوع مقترناً بالحياة بشكل كبير. "لأنه هو وحده له حياة مميزة وموجود بذاته مثل الآب (5: 18) إنه هو الحياة و مصدر الحياة لآخرين (3: 16)".
ومن هنا نستخلص أن "مجمل هذه الأقوال يوضح أن ليسوع وضع خاص به وحده فهو الطريق الوحيد إلى الله ويمكننا الوثوق به كلياً، كما أن علاقته بالحق والحياة لا يمكن لغيره أن يدعيها"
و الآن نأتى إلى آخر مقولات أنا هو التى لها خبر. فى أثناء الحديث فى العلية أعلن يسوع مرتين أنه هو "الكرمة". فى المرة الأولى يربط بينه وبين الآب حين يقول: "أنا الكرمة الحقيقية وأبى هو الكرام" (15: 1) و فى المرة الثانية يربط بينه وبين المؤمن حين يعلن: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان" (21) ثم يشير إلى أن المخلص والذين يخلصهم يثبت أحدهم فى الآخر (15: 5)
كثير من المعلقين يشير إلى الصلة بين قول يسوع هذا وبين إستخدام العهد القديم لتشبيه الكرمة. أحد هؤلاء هو اللاهوتى المعروف بروس ملنى الذى يقول فى تعلقه على إنجيل يوحنا والذى يركز فيه على رسالة يسوع: "إن صورة الكرمة تخدم موضوع "الرسالة" بطريقتين هامتين. أولاً لأنها كانت الرمز الأعظم لإسرائيل . كرمة ذهبية وارفة تظلل على ساحة الهيكل، والعملة التى تسك فى أثناء الثورة ضد روما (68 – 70 بعد الميلاد) كانت أيضا تحمل رمز الكرمة". ويحمل العهد القديم إشارات عديدة مشابهة. وربما يكون مزمور 80 هو أهمها صلة بقول المسيح "أنا الكرمة الحقيقية" (15: 1) حيث يربط بين الكلام عن إسرائيل "كرمة من مصر نقلت" (مز80: 8) و بين "ابن آدم الذى إخترته لنفسك" (مز80: 17).
و لكن الكرمة "محترقة بنار" (مز 80: 16). لقد فشلت إسرائيل فى القيام بالدور الذى إختارها له الله وهو أن تكون "نوراً للأمم" (أشعياء 49: 6) ليصل خلاص الرب إلى أقصى الأرض، ولكن إسرائيل بدلاً من أن تدخل إلى الأمم الأخرى كداعية إنجذبت إلى آلهة الأمم المحيطة بها. وقادهم إنحرافهم لقرون عديدة عن خطة الله إلى الحضيض برفضهم المسيح وإنكارهم ملك الله عليهم (يوحنا 19: 15) ولكن خطة الله التى إرتدت عنها إسرائيل نهائياً لم تسقط على الأرض بل رفعها من جديد هذا الواقف فى وسط إسرائيل وسط تلاميذه. وعلى عكس الكرمة التى دمرت نفسها بالعصيان فإن يسوع هو "الكرمة الحقيقية"، فهو الإبن المطيع الذى يحقق الهدف القديم من إسرائيل وذلك من خلال تضحيته ورسالته، فتصل الكلمة إلى الأمم و"تتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تكوين 12: 3)
ثم يكمل قائلاً: "لصورة الكرمة إشارة ثانية أقل لاهوتية إلى البشارة، فالكرمة بالأساس هى زرعة منفعة، توجد لتؤتى بثمر" ويصور لنا دابليو تمبل بفصاحة عمل الكرمة لإعطاء ثمر فيقول: "تعيش الكرمة لتعطى دماء حياتها، زهرتها صغيرة وثمارها وافرة وحين تنضج الثمار وتصبح الكرمة لبرهة عظيمة فإن كنز العنب ينزع عنها وتقطع حتى الساق" وينعكس فائدة الكرمة هذه فى تركيز يسوع على إعطاء الثمر (بوضوح فى الآيات 2، 4-5، 8، 16). ولهذا يجب أن نحترس من تفسيرات هذا الجزء التى تركز فقط على علاقتنا الروحية مع الله لأن القوة الدافعة الحقيقية فيه هى تجديد رسالة إسرائيل من خلال يسوع المسيح وجماعة التلاميذ. ففى حين أن الجانب الشخصى غير غائب تماما (فى إشارة يسوع فى تعاليمه إلى المحبة والطاعة: 10، 12، 17) إلا أن التركيز الأساسى يبقى بشدة على الموضوعية والبشارة.
يسوع الذى تمجد فى موته وقيامته سيرتفع من هذا العالم وسيرسل تلاميذه إلى أرجاء العالم ليكملوا المهمة فى "غيابه" وهذا هو المعنى الرئيسى لقول يسوع: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان".
وأنا أتفق مع ميلنى فى تفسيره أن يسوع هو محقق أهداف الله التبشيرية من خلال حياته و موته ومن ثم قيامته وأنه هو الكرمة الحقيقية. ولكننى لا أتفق معه تماماً فى تفسيره "أنا الكرمة وأنتم الأغصان" وأميل أكثر إلى شرح موريس حين قال: "القول الثانى يؤكد على الإرتباط الوثيق مع المسيح"، فقد قال المسيح: "الذى يثبت فى وأنا فيه هذا يأتى بثمر كثير، لأنكم بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (15: 5) ويضيف قائلاً: "من الخطأ أن نظن أننا بقدرة الجسد نستطيع أن نفعل ما يرضى الله لأننا فى ذلك نحتاج إلى القوة التى يستطيع هو وحده أن يمنحنا إياها. حالة الإثمار فى الخدمة المسيحية هى إرتباط وثيق مع المسيح .. هو لم يعطنا شرح واف عن الثمرة ولكن فى العهد الجديد عادة ما تعنى الكلمة خصال الشخصية المسيحية (متى 3: 8 ؛ 7: 20 ؛ رومية 6: 22 ؛ غلاطية 5: 22) و يجب أن نرى هذا كقصد أساسى هنا.
هژںه¸–هœ°ه€: كنيسة صداقة القديسين مقولة أنا هو تثبت ألوهية المسيح
عندما نرى أن الخلاص يأتى من الله (يونان 2: 9) وأن الله ارسل يسوع المسيح ليكون "نوراً للأمم" حتى يصل "خلاص الرب إلى أقصى الأرض" (أشعياء 49: 6) وأن تحول الشخص إلى مؤمن يكون ممكناً فقط من خلال عمل الروح القدس الساكن فيه (رومية 8: 9) ومن خلال الإرتباط الوثيق مع المسيح (يوحنا 15: 5) نستطيع أن نرى أن عبارة "أنا هو" هنا كما فى المرات السابقة تدل على ألوهيته.
بعد أن تأملنا بإيجاز فى مقولة "أنا هو" التى يليها خبر نأتى إلى المرات التى لا يليها فيها خبر. قد يكون صحيحا أن الكلمات اليونانية "ego eimi" والتى ترجمتها "أنا هو" تحمل فى العادة معنى إنسانى بسيط (كما فى يوحنا 9: 9 ؛ 12: 26) لكن إستخدام يوحنا لهذا التعبير مميز جداً، كما أشرنا سابقاً، وتتضح هذه الحقيقة عندما ننظر للمقاطع التالية فى سياقها.
فى الإصحاح الرابع من إنجيل يوحنا نرى يسوع يتحدث إلى المرأة السامرية عند البئر. وعندما تقول أن الأمور التى تحدثوا عنها سوف يخبرهم عنها المسيح المنتظر يجيبها يسوع "أنا هو الذى يكلمك" (4: 26) ويشير موريس إلى أن إثلبرت شتوفر "ينكر أن هذا تأكيد غير مباشر أنه المسيا" ويصر على أن يوحنا يتمنى لو أن إجابة يسوع تفهم كصيغة التجلى "ANI HU" وبالرغم من إنى أختلف تماما مع شتوفر فى أن هذه العبارة ليست تأكيداً غير مباشر على أنه المسيا إذ أن تحليل بناء الجملة يؤكد أنها كذلك لأن يسوع هنا يرد مباشرة على كلامها عن المسيا (4: 15) إلا أننى أتفق معه على أنها "صيغة تجلى"، فكما ذكرنا سابقا يستخدم يوحنا هذه العبارة بشكل مميز جدا بهدف التأكيد على الألوهية. ولا أجد تعارض بين فهم قول يسوع هذا على أنه تأكيد غير مباشر على أنه المسيح وبين القول بألوهيته.
وكما رأينا قبلا فإن يوحنا يقصد أن يظهر بوضوح ألوهية يسوع وأنه ايضا المسيا. (20: 30-31) كما نرى الصلة بين أنه "النبى الآتى إلى العالم" (6: 14) و بين ألوهيته (6: 33)
ونجد مقولة "أنا هو" فى مقطعين آخرين فى إصحاح 8 و 13. فى الإصحاح الثامن آية 24 يقول يسوع لليهود: "لأنكم إن لم تؤمنوا إنى أنا هو تموتون فى خطاياكم" وفى الإصحاح 13 آية 19 يقول لتلاميذه: "أقول لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون إنى أنا هو" ويوضح لنا موريس قائلاً: "فى هاتين الآيتين نجد يوحنا يركز تأكيده على أهمية الإيمان المرتبط بشخص يسوع ذاته. فى المرتين نجد يسوع يؤكد لمن يكلمهم على أهمية أن يثقوا فيه "أنه هو" ويظهر ذلك على أنه إعلان مشاركته فى الطبيعة الإلهية".
ونجد أكثر مقولات "أنا هو" المألوفة والتى لا يليها خبر فى الإصحاح الثامن آية 58 حيث يسحب يسوع بساط علم اللاهوت من تحت أقدام اليهود عندما أكد بثقة إنه موجود قبل الكل وبالتالى أكد ألوهيته عندما أعلن: "الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" ويدل سياق الكلام هنا على أن يسوع يعلن عن ألوهيته إذ أن الكتاب يسجل هنا: "فرفعوا حجارة ليرجموه". لقد ذكر يوحنا قبل ذلك أن اليهود حاولوا قتل يسوع لنفس السبب إذ "قال أن الله أبوه معادلا نفسه بالله" (5: 18)
الآن وبعد أن تأملنا مجموعتى مقولات "أنا هو" من الناحية التاريخية والأدبية واللغوية واللاهوتية نستخلص أن عبارة "أنا هو" تثبت ألوهية المسيح وعندما نطق يسوع بهذه الكلمات المقدسة أراد أن ينقل إلينا هذه الحقيقة المذهلة عن طبيعته الإلهية، وكذلك فعل القديس يوحنا عندما سجل لنا هذه الكلمات التى تعطى الحياة.
Read more: http://www.ava-kyrillos.com/forums/f292/t15277/#ixzz0gZKVQZea
"أنا هو الطريق والحق والحياة"
هذه هى عبارة أنا هو التالية والموجهة للذين سلموا أنفسهم للمسيح. لقد أعطى المسيح فى الليلة السابقة لصلبه "حديث الوداع الملكى" لقد شرع لتوه العشاء الربانى (يوحنا لا يسجل لنا هذا) عندما أعلن أنه على وشك الرحيل (13: 33،36 و14: 2-3) وأضاف: "وتعلمون حيث أنا ذاهب وتعلمون الطريق" (14: 4) وأجابه توما المتحير: "يا سيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق". لقد أراد أن تتضح الأمور ولم يقبل أن تفوت كلمة الرب دون أن يفهمها تماماً وهنا تظهر أمانة الرجل الفعلية. وقد أعطى هذا يسوع الفرصة ليشرح ويوضح ما قاله. وهكذا يجيب: "أنا هو الطريق و الحق و الحياة" وأضاف "ليس أحد يأتى إلى الآب إلا بى" (14: 6) برغم الجدل حول هذه الكلمات وإختلاف الترجمة والتفسير إلا أن البناء اللغوى يوضح أن هناك ثلاثة أشياء مميزة يقولها المسيح عن نفسه (التأكيد فى الجملة هو على كلمة "الطريق" حيث إنها هنا لب الموضوع) (14: 5) إلا أن المعانى الثلاث "الطريق" و"الحق" و" الحياة" تأتى فى ترابط لغوى مما يدل على أن المسيح أعلن ثلاثة أشياء واضحة ومميزة عن نفسه.
هژںه¸–هœ°ه€: كنيسة صداقة القديسين مقولة أنا هو تثبت ألوهية المسيح
فى البدء يقول: "أنا هو الطريق" ونرى هنا حصرية لا يمكن تجاهلها أو إنكارها. حين نرى أن يسوع يشير إلى أنه ذاهب إلى بيت أبيه (14: 2) و أن لا أحد يأتى إلى الآب إلا بى (14: 6) فإننا ندرك أنه لا يتكلم عن طريق معنوى ولكن عن طريق الخلاص. طريق الخلاص الموصل إلى الآب. فهو يقول بثقة أنه ليس واحد من عدة طرق مؤدية إلى الآب و لكنه "ال" طريق. هذا الإعلان المذهل يضرب أعماق مجتمعاتنا التعددية وفلسفاتنا التى ننتمى إليها ونتمسك بها، وبضربة قاضية يحطم أفكار الإنسان الخاطئة عن التقرب إلى الله ويؤكد "إنفراده". إن موته هو البديل والتكفير ويرتبط بشدة بكونه هو "الطريق" حيث أن تصالح الله مع الخطاة سيتم من خلال موته هذا.
ثم يقول أنه " الحق" مما يعبر عن صدقه وأمانته المطلقة فكل ما قاله وعمله يمكننا أن نثق به ونصدقه، ليس فقط لأنه يقول الحق ولكن لأنه هو نفسه الحق. لأنه هو كلمة الله الذى صار جسدا (1: 1،14). وكما يلاحظ كارسون بفراسة: "يسوع هو الحق لأنه يجسد قمة إعلان الله إذ يخبر عن الله نفسه (1: 18). فهو يقول ويعمل ما أعطاه الآب أن يقول ويعمل (5: 19 ؛ 8: 29) وهو بالحق يدعى الله (1: 1، 18؛ 20: 28) فهو إعلان الله عن ذاته بالنعمة، وهو كلمة الله الذى صار جسداً (1: 14).
وثالثاً، يعلن يسوع أنه هو "الحياة". وكما يقول موريس :"إن هذا يأخذنا لنفس مجال مقولة "أنا هو القيامة و الحياة"". ومرة أخرى نرى يسوع مقترناً بالحياة بشكل كبير. "لأنه هو وحده له حياة مميزة وموجود بذاته مثل الآب (5: 18) إنه هو الحياة و مصدر الحياة لآخرين (3: 16)".
ومن هنا نستخلص أن "مجمل هذه الأقوال يوضح أن ليسوع وضع خاص به وحده فهو الطريق الوحيد إلى الله ويمكننا الوثوق به كلياً، كما أن علاقته بالحق والحياة لا يمكن لغيره أن يدعيها"
"أنا الكرمة الحقيقية"
و الآن نأتى إلى آخر مقولات أنا هو التى لها خبر. فى أثناء الحديث فى العلية أعلن يسوع مرتين أنه هو "الكرمة". فى المرة الأولى يربط بينه وبين الآب حين يقول: "أنا الكرمة الحقيقية وأبى هو الكرام" (15: 1) و فى المرة الثانية يربط بينه وبين المؤمن حين يعلن: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان" (21) ثم يشير إلى أن المخلص والذين يخلصهم يثبت أحدهم فى الآخر (15: 5)
كثير من المعلقين يشير إلى الصلة بين قول يسوع هذا وبين إستخدام العهد القديم لتشبيه الكرمة. أحد هؤلاء هو اللاهوتى المعروف بروس ملنى الذى يقول فى تعلقه على إنجيل يوحنا والذى يركز فيه على رسالة يسوع: "إن صورة الكرمة تخدم موضوع "الرسالة" بطريقتين هامتين. أولاً لأنها كانت الرمز الأعظم لإسرائيل . كرمة ذهبية وارفة تظلل على ساحة الهيكل، والعملة التى تسك فى أثناء الثورة ضد روما (68 – 70 بعد الميلاد) كانت أيضا تحمل رمز الكرمة". ويحمل العهد القديم إشارات عديدة مشابهة. وربما يكون مزمور 80 هو أهمها صلة بقول المسيح "أنا الكرمة الحقيقية" (15: 1) حيث يربط بين الكلام عن إسرائيل "كرمة من مصر نقلت" (مز80: 8) و بين "ابن آدم الذى إخترته لنفسك" (مز80: 17).
و لكن الكرمة "محترقة بنار" (مز 80: 16). لقد فشلت إسرائيل فى القيام بالدور الذى إختارها له الله وهو أن تكون "نوراً للأمم" (أشعياء 49: 6) ليصل خلاص الرب إلى أقصى الأرض، ولكن إسرائيل بدلاً من أن تدخل إلى الأمم الأخرى كداعية إنجذبت إلى آلهة الأمم المحيطة بها. وقادهم إنحرافهم لقرون عديدة عن خطة الله إلى الحضيض برفضهم المسيح وإنكارهم ملك الله عليهم (يوحنا 19: 15) ولكن خطة الله التى إرتدت عنها إسرائيل نهائياً لم تسقط على الأرض بل رفعها من جديد هذا الواقف فى وسط إسرائيل وسط تلاميذه. وعلى عكس الكرمة التى دمرت نفسها بالعصيان فإن يسوع هو "الكرمة الحقيقية"، فهو الإبن المطيع الذى يحقق الهدف القديم من إسرائيل وذلك من خلال تضحيته ورسالته، فتصل الكلمة إلى الأمم و"تتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تكوين 12: 3)
ثم يكمل قائلاً: "لصورة الكرمة إشارة ثانية أقل لاهوتية إلى البشارة، فالكرمة بالأساس هى زرعة منفعة، توجد لتؤتى بثمر" ويصور لنا دابليو تمبل بفصاحة عمل الكرمة لإعطاء ثمر فيقول: "تعيش الكرمة لتعطى دماء حياتها، زهرتها صغيرة وثمارها وافرة وحين تنضج الثمار وتصبح الكرمة لبرهة عظيمة فإن كنز العنب ينزع عنها وتقطع حتى الساق" وينعكس فائدة الكرمة هذه فى تركيز يسوع على إعطاء الثمر (بوضوح فى الآيات 2، 4-5، 8، 16). ولهذا يجب أن نحترس من تفسيرات هذا الجزء التى تركز فقط على علاقتنا الروحية مع الله لأن القوة الدافعة الحقيقية فيه هى تجديد رسالة إسرائيل من خلال يسوع المسيح وجماعة التلاميذ. ففى حين أن الجانب الشخصى غير غائب تماما (فى إشارة يسوع فى تعاليمه إلى المحبة والطاعة: 10، 12، 17) إلا أن التركيز الأساسى يبقى بشدة على الموضوعية والبشارة.
يسوع الذى تمجد فى موته وقيامته سيرتفع من هذا العالم وسيرسل تلاميذه إلى أرجاء العالم ليكملوا المهمة فى "غيابه" وهذا هو المعنى الرئيسى لقول يسوع: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان".
وأنا أتفق مع ميلنى فى تفسيره أن يسوع هو محقق أهداف الله التبشيرية من خلال حياته و موته ومن ثم قيامته وأنه هو الكرمة الحقيقية. ولكننى لا أتفق معه تماماً فى تفسيره "أنا الكرمة وأنتم الأغصان" وأميل أكثر إلى شرح موريس حين قال: "القول الثانى يؤكد على الإرتباط الوثيق مع المسيح"، فقد قال المسيح: "الذى يثبت فى وأنا فيه هذا يأتى بثمر كثير، لأنكم بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (15: 5) ويضيف قائلاً: "من الخطأ أن نظن أننا بقدرة الجسد نستطيع أن نفعل ما يرضى الله لأننا فى ذلك نحتاج إلى القوة التى يستطيع هو وحده أن يمنحنا إياها. حالة الإثمار فى الخدمة المسيحية هى إرتباط وثيق مع المسيح .. هو لم يعطنا شرح واف عن الثمرة ولكن فى العهد الجديد عادة ما تعنى الكلمة خصال الشخصية المسيحية (متى 3: 8 ؛ 7: 20 ؛ رومية 6: 22 ؛ غلاطية 5: 22) و يجب أن نرى هذا كقصد أساسى هنا.
هژںه¸–هœ°ه€: كنيسة صداقة القديسين مقولة أنا هو تثبت ألوهية المسيح
عندما نرى أن الخلاص يأتى من الله (يونان 2: 9) وأن الله ارسل يسوع المسيح ليكون "نوراً للأمم" حتى يصل "خلاص الرب إلى أقصى الأرض" (أشعياء 49: 6) وأن تحول الشخص إلى مؤمن يكون ممكناً فقط من خلال عمل الروح القدس الساكن فيه (رومية 8: 9) ومن خلال الإرتباط الوثيق مع المسيح (يوحنا 15: 5) نستطيع أن نرى أن عبارة "أنا هو" هنا كما فى المرات السابقة تدل على ألوهيته.
"أنا هو" بدون خبر
بعد أن تأملنا بإيجاز فى مقولة "أنا هو" التى يليها خبر نأتى إلى المرات التى لا يليها فيها خبر. قد يكون صحيحا أن الكلمات اليونانية "ego eimi" والتى ترجمتها "أنا هو" تحمل فى العادة معنى إنسانى بسيط (كما فى يوحنا 9: 9 ؛ 12: 26) لكن إستخدام يوحنا لهذا التعبير مميز جداً، كما أشرنا سابقاً، وتتضح هذه الحقيقة عندما ننظر للمقاطع التالية فى سياقها.
فى الإصحاح الرابع من إنجيل يوحنا نرى يسوع يتحدث إلى المرأة السامرية عند البئر. وعندما تقول أن الأمور التى تحدثوا عنها سوف يخبرهم عنها المسيح المنتظر يجيبها يسوع "أنا هو الذى يكلمك" (4: 26) ويشير موريس إلى أن إثلبرت شتوفر "ينكر أن هذا تأكيد غير مباشر أنه المسيا" ويصر على أن يوحنا يتمنى لو أن إجابة يسوع تفهم كصيغة التجلى "ANI HU" وبالرغم من إنى أختلف تماما مع شتوفر فى أن هذه العبارة ليست تأكيداً غير مباشر على أنه المسيا إذ أن تحليل بناء الجملة يؤكد أنها كذلك لأن يسوع هنا يرد مباشرة على كلامها عن المسيا (4: 15) إلا أننى أتفق معه على أنها "صيغة تجلى"، فكما ذكرنا سابقا يستخدم يوحنا هذه العبارة بشكل مميز جدا بهدف التأكيد على الألوهية. ولا أجد تعارض بين فهم قول يسوع هذا على أنه تأكيد غير مباشر على أنه المسيح وبين القول بألوهيته.
وكما رأينا قبلا فإن يوحنا يقصد أن يظهر بوضوح ألوهية يسوع وأنه ايضا المسيا. (20: 30-31) كما نرى الصلة بين أنه "النبى الآتى إلى العالم" (6: 14) و بين ألوهيته (6: 33)
ونجد مقولة "أنا هو" فى مقطعين آخرين فى إصحاح 8 و 13. فى الإصحاح الثامن آية 24 يقول يسوع لليهود: "لأنكم إن لم تؤمنوا إنى أنا هو تموتون فى خطاياكم" وفى الإصحاح 13 آية 19 يقول لتلاميذه: "أقول لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون إنى أنا هو" ويوضح لنا موريس قائلاً: "فى هاتين الآيتين نجد يوحنا يركز تأكيده على أهمية الإيمان المرتبط بشخص يسوع ذاته. فى المرتين نجد يسوع يؤكد لمن يكلمهم على أهمية أن يثقوا فيه "أنه هو" ويظهر ذلك على أنه إعلان مشاركته فى الطبيعة الإلهية".
ونجد أكثر مقولات "أنا هو" المألوفة والتى لا يليها خبر فى الإصحاح الثامن آية 58 حيث يسحب يسوع بساط علم اللاهوت من تحت أقدام اليهود عندما أكد بثقة إنه موجود قبل الكل وبالتالى أكد ألوهيته عندما أعلن: "الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" ويدل سياق الكلام هنا على أن يسوع يعلن عن ألوهيته إذ أن الكتاب يسجل هنا: "فرفعوا حجارة ليرجموه". لقد ذكر يوحنا قبل ذلك أن اليهود حاولوا قتل يسوع لنفس السبب إذ "قال أن الله أبوه معادلا نفسه بالله" (5: 18)
الآن وبعد أن تأملنا مجموعتى مقولات "أنا هو" من الناحية التاريخية والأدبية واللغوية واللاهوتية نستخلص أن عبارة "أنا هو" تثبت ألوهية المسيح وعندما نطق يسوع بهذه الكلمات المقدسة أراد أن ينقل إلينا هذه الحقيقة المذهلة عن طبيعته الإلهية، وكذلك فعل القديس يوحنا عندما سجل لنا هذه الكلمات التى تعطى الحياة.
Read more: http://www.ava-kyrillos.com/forums/f292/t15277/#ixzz0gZKVQZea