هل توجد شفاعة للقديسين
قبل قراءة البحث احب ان انوه للقراء الكرام: انني لم اكتبه لغاية التجريح باي مسيحي، بل لشرح وجهة نظر من يؤمن بشفاعة القديسين
منذ فجر المسيحية ظهرت البدع المختلفة في الكنيسة وبرزت تعاليم غريبة عن المسيحية ومخالفة لها فقاومتها الكنيسة المقدسة فثارت حولها الأبحاث واحتدم الجدل العنيف والنقاش الحاد ولا غرو فالرسول بولس يحذر أهل كورنثوس منها إذ يقول"لا بد أن تكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكون ظاهرين بينكم"(1كو 19:11) فعقدت عدة مجامع مقدسة لتثبيت الإيمان القويم وتحديد صيغة العقيدة المسيحية والحكم على أصحاب البدع الفاسدة وزارعي بذور الشقاق في بيعة الله.كان أول هذه المجامـع مجمع أورشليم الذي رأسه القديس يعقوب أخو الرب نحو سنة 51م بسبب قوم انحدروا من اليهودية "وجعلوا يعلمون الاخوة أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا"(أع1:15) وبعد النقاش والبحث الدقيق قرر مجمع الرسل ما يلي:" قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً فوق هذه الأشياء التي لا بُدّ منها وهي أن تمتنعوا عمّا ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعمّا تفعلون"(أع28:15و29) وتستنتج من عبارة "قد رأى الروح القدس ونحن" أن سلطة البت في قضية إيمانية وتحديد عقيدة ما إنما هي للمجمع وحده وبإرشاد الروح القدس. ثم عقدت مجامع مقدسة في نيقية سنة 325م الذي وضع فيه القسم الأول من قانون الإيمان وحسم قضيتين خاصتين بالعقيدة وهما لاهوت السيد المسيح ومعمودية الهراطقة ،ومجمع قسطنطينية سنة381 م الذي فحص بدعة مقدونيوس أسقف القسطنطينية الذي أنكر ألوهية الروح القدس، فحرمه وبدعته الشنعاء وأضاف القسم الثاني من قانون الإيمان، ومجمع أفسس سنة 431م وكان من اجل بدعة نسطور أسقف القسطنطينية الذي قال "أن العذراء مريم لم تلد إلهاً متجسداً لكنها ولدت إنساناً بحتاً حلّ عليه الإله عند عماده في الثلاثين من عمره، ومن أجل ذلك لا ينبغي تسمية العذراء بوالدة الإله بل والدة المسيح " اتخذت الكنيسة القرارات المناسبة والحاسمة وهكذا انتصرت كنيسة الله التي اقتناها بدمه . وفي عصرنا هذا ظهرت بدع كثيرة ليست إلا امتداد لبدع نسطور وآريوس واوطاخي وغيرهم من الكفرة لكنهم إتّخذوا لأنفسهم أسماء بـرَّاقـة جميلة كَجَمَال القبور المجصصة (المطلية بالكلس أو الجبس) التي خارجها ابيض ناصع وداخلها عظام نجسة متعفنة وهذه بعض الأسماء : شهود يهوة (الله) واهم ما في الأمر ان ما يسمى الديمقراطية وحرية الرأي والإيمان كان دائماً الترس المنيع لهؤلاء الهراقطة العصريون.
لذلك ارتأيت ان اكتب عن شفاعة القديسين ولماذا تؤمن الكنائس الرسولية بهم ورأي كنيستنا السريانية الأرثوذكسية الإنطاكية العريقة الجذور والإيمان بهذا الموضوع وأرجو من المؤمنين خاصة الشباب والشابات ان يقرءوا هذا الموضوع بتأن، وروية.
من حوالي خمسة أعوام سألني أحد الأشخاص السؤال التالي : المسيح هو الوسيط الوحيد فلا حاجة لشفاعة القدّيسين وانتم تضيعون وقتكم امام الأيقونات بدل من الطلب من السيد المسيح مباشرةً. لذلك خطر على بالي كتابة هذا البحث، وفيه نشرح وجهة نظرنا بمحبة.
وقبل الجواب على هذا السؤال احب ان اذكر تعريف الشفاعة والوساطة لغةً لأن التميز بينهم هام جداً ل.
جاء في المنجد في اللغة:
-الوَسَاطة:عمل الوَسِيط
الوَسِيط:ج وسَطاء م وَسِطة: المتوسط بين المتخاصمين، يقال"هو وسيط فيهم" أي هو ارفعهم مقاماً وأشرفهم نسباً.
-شَفَعَ: شفاعةً لفلان او فيه إلى زيدٍ: طلب من زيدٍ ان يعاونه، ويقال "فلان يعاديني وله شافعٌ" أي وله معينٌ يعينه على عداوتي.
أنّ وساطة السيد المسيح له المجد فريدة في نوعها فهي وساطة فداء عام. هو الوسيط الوحيد للعهد الجديد الذي تمّ بسفك دمه هو لا دم غيره، بينما تجد للعهد القديم وسطاء كثيرين: آدم وإبراهيم وغيرهما.
وساطة السيد المسيح فريدة وحيدة في شأن العهد الجديد بخلاف وسطاء العهد القديم، كما أنّ ذبيحته وحيدة فريدة بخلاف التعدد في ذبائح العهد القديم:" والى وسيط العهد الجديد يسوع والى دم رشٍ يتكلَّم افضل من هابيل"(عبرا 24:12). "ولاجل هذا هو (الرب يسوع) وسيط عهدٍ جديد لكي يكون المدعوُّون اذ صار موتٌ لفداء التعديات التي في العهد الاَّول ينالون وعدا الميراث الابديّ "(عبرا 15:9)، وفي عبرانيين 10-12:8" اذ يقول آنفاً انك ذبيحةً وقرباناً ومحرقاتٍ وذبائح للخطية لم تُرِد ولا سررت بها. التي تُقدَّم حسب الناموس (الشريعة) ثم قال هانذا اجئُ لافعل مشيئَتك ياالله. ينـزع الاَّول لكي يثبت الثاني. فبهذه المشيئة نحن مقدَّسون بتقديم جسد يسوع مرَّةً واحدة. وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدّم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة ان تنـزع الخطية. واما هذا (الرب يسوع) فبعد ما قدَّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس الى الابد عن يمين الله ".
أما شفاعة القديسين فهي من نوع خاص لا يتعارض مع وساطة السيد المسيح الشاملة. شفاعة القديسين ليست وساطة فداء لأنهم هم أنفسهم مفديّون ، حتى العذراء مريم إنما شفاعتهم هي ثانوية لنيل نعم متفرقة مادّية أو روحية.فنفوذهم عند الله هو في مواضيع خارج الفداء الشامل الذي لا يملكه إلاّ السيد المسيح وحده.
ولكي نتأكد أولاً من وساطة السيد المسيح الفدائية لنطالع ما يلي:
"قال له يسوع (لتوما) أنا الطريق والحق والحياة لا يأتي أحد إلى الآب إلا بي"(يوحنا:6:14)، "وليس بأحدٍ غيرهِ الخلاص لأن ليس اسمٌ آخر تحت السماءِ قد أُعطي بين الناس بهِ ينبغي ان نخلص"(أع 12:4)، " و ليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا بالله بربنا يسوع المسيح الذي نلنا به الان المصالحة"(رو11:5)، "وهو يشفع فينا"(رو 34:8)،"لانهُ فيهِ سرَّ ان يحلَّ كل المِلءِِ. وان يصالح بهِ الكل لنفسهِ عاملاً الصلح بدم صليبهِ بواسطتهِ سواءٌ كان ما على الارض ام ما في السموات "(كولوسي 19:1-20)، "لأنه يوجد الهٌ واحدٌ ووسيطٌ واحدٌ بين الله والناس الانسان يسوع المسيح الذي بـذل نفسهُ فِديَةً لأجل الجميع "(1 تيموثاوس 5:2-6)، "ولاجل هذا هو وسيط عهدٍ جديد لكي يكون المدعوُّن اذ صار موتٌ لفداءِ التعدّيات التي في العهد الاوَّل ينالون وعد الميراث الابديّ "(عب 15:9).
هذه الآيات كافية لإقناعنا بأنّ وساطة السيد المسيح هي من نوع فريد!. وهذه الوساطة لا تمنع السيد المسيح نفسه من أن يأخذ بعين الاعتبار دعاء وطلبات القديسين الذين أحبوه للغاية، فيكرمهم بالاستماع إليهم وتلبية طلباتهم : " فقال بطرس ليس لي فضّةٌ ولا ذهبٌ، ولكن الذي لي فإِيَّاهُ اعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قُم وامشِ. وامسكهُ بيدهِ اليمنى واقامهُ ففي الحال تشدَّدت رجلاهُ وكعباهُ فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما الى الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبّح
الله "(أع6:3-8). " فاطلب اوَّلَ كلّ شيءٍ ان تقام طلباتٌ وصلواتٌ وابتهالاتٌ وتشكُّراتٌ لاجل جميع الناس، لاجل الملوك وجميع الذين هم في منصبٍ لكي نقضي حياةً مطمئنةً هادئة في كل تقوى وقار. لان هذا حسن ومقبول لدى الله الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون. لانهُ يوجد الهٌ واحدٌ ووسيطٌ واحدٌ بين الله والناس الانسان يسوع المسيح الذي بـذل نفسهُ فِـديـَةً لاجل الجميع"(1 تيموثاوس1:2-6).
وساطة السيد المسيح لا تمنعنا من الصلاة لأجل غيرنا من الناس بل هذا حسن ومقبول . فقد انفرد الرب يسوع في عمل الفداء ولم يشاركه فيه أحد، ولكنّه لم ينفرد بصنع العجائب وقوة الصلاة والدعاء من أجل الآخرين ، وشاء أن يشترك معه أحباؤه القديسون بفتحه باب شفاعة ثانوية خاصّة.
شفاعة القديسين الأطهار:
كتب يوحنا الرسول" إن خطئ أحدكم فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار"(1 يوحنا 1:2). فهل هذه الآية تنفي وجود شفاعة للقديسين؟ طبعاً لا لأن شفاعة القديسين فريدة لأنه " هو كفّارة عن خطايانا …وخطايا العالم كلّه أيضاً"(1يوحنا 2:2) ولكن النص لا يقول إن شفاعة السيد المسيح وحيدة. وسنرى غيرها، ولكنّ مستواها من نوع آخر.
صحيح أن السيد المسيح قال "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والمثقلين وأنا أريحكم…لأن نيري هين وحملي خفيف". وهذا لا ينكر شفاعة القديسين لأن ما قاله السيد المسيح قاله لا عن القديسين وشفاعتهم بل عن أعدائه الفريسيون الذين كانوا يحمّلون الناس في الديانة أحمالاً لا تطاق، لذلك أردف الرب يسوع قائلاً: لأن نيري لين وحملي خفيف، أي ألين وأخف من نير الفريسيون.
من جهة أخرى ليس السيد المسيح حسب الكتاب المقدس الشفيع الوحيد بل الوسيط الوحيد! فالروح القدس شفيع لنا: "الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا توصف" رومية 16:8. وشفاعة القديسين ما هي إلا من تدفق ينابيع المسيح، وإذا صنع القديس أعجوبة أو نال لغيره نعمة فبقوة اسم السيد المسيح، وإليك البرهان:
" فقال بطرس ليس لي فضّةٌ ولا ذهبٌ، ولكن الذي لي فإِيَّاهُ اعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قُم وامشِ. وامسكهُ بيدهِ اليمنى واقامهُ ففي الحال تشدَّدت رجلاهُ وكعباهُ فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما الى الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبّح الله "(أع 6:3-8).
وهذا أيضا استعراض حافل للشفاعة والشفعاء:
- نوح في يشوع بن سيراخ 17:44: وُجِدَ نوح باراً وكاملاً وبه كانت المصالحة في زمن الغضب.
- إبراهيم في تكوين 20:18-33. قصة شفاعة إبراهيم بأهل سدوم وعمورة :" فقال الرب إن وجدت في سدوم خمسين بـارّاً في المدينة فإني أصفح عن المكان كلّه من أجلهم". ثم نرى الرب( يتنازل) إلى أربعين وثلاثين وعشرين وعشرة ! كذلك في تكوين 24:26.
- لوط في تكوين 21:19:"فقال له هاأنذا قد شفعتك في هذا الأمر أيضاً، بأن لا أقلب المدينة التي ذكرت". يقبل الله شفاعة لوط من أجل مدينة صوعر. ونلاحظ أنّ اللهيعطي النعم بسبب إبراهيم وإسحَق ويعقوب وداود وهم متوفّون.
موسى في خروج11:32-14:" فتضرع موسى امام الرب الهه و قال لماذا يا رب يحمى غضبك على شعبك الذي أخرجته من ارض مصر بقوة عظيمة و يد شديدة لماذا يتكلم المصريون قائلين أخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبال و يفنيهم عن وجه الأرض ارجع عن حمو غضبك و اندم على الشر بشعبك اذكر إبراهيم و اسحق و إسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك و قلت لهم اكثر نسلكم كنجوم السماء و أعطى نسلكم كل هذه الأرض التي تكلمت عنها فيملكونها إلى الأبد فندم الرب على الشر الذي قال انه يفعله بشعبه "
وكذلك أيضاً في تثنية الاشتراع 26:9-27 و18:9-19 و20:9 .حيث ترى موسى يشفع بأخيه هارون أيضاً في ذلك الوقت.
ومزمور 23:106 "فَهمَّ أن يُدمرهم لولا أنّ موسى مختاره وقف في الثلمة تلقاء وجهه ليرد غضبه عن اتلافهم"
- هارون في عدد 47:16-48:" فاخذ هرون كما قال موسى و ركض إلى وسط الجماعة و إذا الوبا قد أبتدأ في الشعب فوضع البخور و كفر عن الشعب و وقف بين الموتى و الأحياء فامتنع الوبا ".
- داود في 1ملوك "فقال الرب لسليمان من اجل ان ذلك عندك ولم تحفظ عهدي و فرائضي التي أوصيتك بها فإني امزق المملكة عنك تمزيقا و اعطيها لعبدك إلا اني لا افعل ذلك في أيامك من اجل داود أبيك بل من يد ابنك امزقها على اني لا امزق منك المملكة كلها بل أعطى سبطا واحدا لابنك لأجل داود عبدي و لأجل أورشليم التي اخترتها".
وفي اشعيا 35:37"و احامي عن هذه المدينة لاخلصها من اجل نفسي و من اجل داود عبدي". وكذلك في 1ملوك4:15.
-1صموئيل 5:7و9"فقال صموئيل اجمعوا كل إسرائيل الى المصفاة فاصلي لاجلكم الى الرب …وصرخ صموئيل الى الرب من اجل إسرائيل فاستجاب له الرب".
- أيوب في أيوب 8:42 " و الآن فخذوا لانفسكم سبعة ثيران و سبعة كباش و اذهبوا الى عبدي ايوب و اصعدوا محرقة لأجل أنفسكم و عبدي أيوب يصلي من أجلكم لاني ارفع وجهه لئلا اصنع معكم حسب حماقتكم لانكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب".
وأيوب 1:5 "ادع الآن فهل لك من مجيب و إلى أي القديسين تلتفت".
حتى أليعازر التيماني أحد أخلاّء أيوب، هو أيضاً من حزب الشفاعة.
- ارميا في ارميا 2:42(الشعب يطلب صلاته)"صلّ إلى الرب إلهك من لأجلنا".
يهوديت 29:8و33" فالان صلي عنا لأنكِ امرأة قديسة متقية لله و أنا اخرج مع وصيفتي و صلوا أن ينظر الرب الى شعبه إسرائيل خمسة أيام كما قلتم و أنا لا احب أن تفحصوا عن قصدي و من الآن حتى أعلمكم به لا تصنعوا شيئا غير الصلاة عني إلى الرب إلهنا".
- باروك 13:1"و صلوا من أجلنا إلى الرب إلهنا فانا قد خطئنا إلى الرب إلهنا ".
السيد المسيح يوصينا بأن نصلّي بعضنا لبعض في متى 4:5"و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم و يطردونكم".
وفي لوقا 28:6" باركوا لاعنيكم و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم".
وهو نفسه صلّى لأجل أعدائه وغفر لهم في لوقا 34:23"فقال يسوع يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون".
وتلميذه استفانوس غفر للذين رجموه نقرأ في أعمال 59:7و60 " فكانوا يرجمون استفانوس و هو يدعو و يقول أيها الرب يسوع اقبل روحي ثم جثا على ركبتيه و صرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه الخطية و اذ قال هذا رقد".
والشعب يطلب صلاة الأبرار في ارميا 2:42 ويهوديت 29:8 وباروك 13:1.
والأبرار يطلبون صلاة الشعب:
في كولوسي 2:4-4"واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر مصلين في ذلك لأجلنا نحن أيضا ليفتح الرب لنا بابا للكلام لنتكلم بسر المسيح الذي من اجله أنا موثق أيضا كي أظهره كما يجب أن أتكلم".
وفي 2تسالونيكي 1:3"أخيرا أيها الاخوة صلوا لأجلنا لكي تجري كلمة الرب و تتمجد كما عندكم أيضا".
ورومية 30:15"فاطلب إليكم أيها الاخوة بربنا يسوع المسيح و بمحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات من اجلي الى الله".
والأبرار يطلبون صلاة الشعب بعضهم من أجل بعض:
"و صلوا بعضكم لأجل بعض لكي تشفوا طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها" يعقوب 16:5.
وفي 2 تيموثاوس3:1"أني اشكر الله الذي اعبده من أجدادي بضمير طاهر كما أذكرك بلا انقطاع في طلباتي ليلا و نهارا".
وباروك 11:1"و صلوا من اجل حياة نبوخذ نصَّر ملك بابل و حياة بلشصر ابنه لكي تكون أيامهما كأيام السماء على الأرض".
وفي 1 تيموثاوس 1:2-7 يسأل القديس بولس"فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات و صلوات و ابتهالات و تشكرات لأجل جميع الناس لأجل الملوك و جميع الذين هم في منصب لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى و وقار لان هذا حسن و مقبول لدى مخلصنا الله…".
وفي أفسس 18:6-19 يقول"مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح و ساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة و طلبة لأجل جميع القديسين و لأجلي لكي يعطى لي كلام عند افتتاح فمي لاعلم جهارا بسر الإنجيل ".
كذلك صلوات الشعب والقديسين تصل إلى الله لا رأساً بل عن طريق الملائكة الأطهار:
"انك حين كنت تصلي بدموع و تدفن الموتى و تترك طعامك و تخبئ الموتى في بيتك نهارا و تدفنهم ليلا كنت أنا ارفع صلاتك إلى الرب و إذ كنت مقبولا امام الله كان لا بد أن تمتحن بتجربة و الآن فان الرب قد أرسلني لأشفيك و اخلص سارة كنتك من الشيطان فاني أنا رافائيل الملاك أحد السبعة الواقفين امام الرب" طوبيا 12:12-15.
"و جاء ملاك آخر و وقف عند المذبح و معه مبخرة من ذهب و أعطى بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي امام العرش فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك امام الله" رؤيا 3:8-4.
" فأجاب سيمون و قال اطلبا أنتما الى الرب من اجلي لكي لا يأتي علي شيء مما ذكرتما" أعمال 24:8.
نختم هذا الموضوع بآية من الرسالة إلى العبرانيين تفيد أننا في وحدة حال أي جسد واحد مع القديسين الذين وصلوا إلى الحياة الأبدية إلى الكمال، بجوار ربهم، لذا يستطيعون أن يشفعوا فينا"و كنيسة أبكار مكتوبين في السماوات و الى الله ديان الجميع و إلى أرواح أبرار مكملين"عبرانين23:12.
نصوص من الكتاب المقدس عن شفاعة القديسين الموتى:
قد يظن البعض أن الشفاعة موجودة فقط عند القديسين الأحياء غير أن شفاعة القديسين الموتى واضحة من بعض النصوص في الكتاب المقدس، كما أنها ثابتة لأسباب لاهوتية كتابية وطيدة منها أن الموت الجسدي، في حياة الإيمان ، ليس نهاية أيّ شئ، ولا يقطع علاقات الإنسان بخالقه واخوته. ومهما يكن من أمر فها إنّ كلمة الله الملهمة نفسها تأتي لنجدة ضعفنا مبيّنة وجاهة القديسين الموتى في سبيل الأحياء نقرأ في خروج 11:32-14 "فتضرع موسى امام الرب إلهه… (من أجل الشعب وهذه شفاعة) اذكر إبراهيم و اسحق و إسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك…فندم الرب على الشر الذي قال انه يفعله بشعبه".
في مزمور 10:132 نقرأ " من اجل داود عبدك لا ترد وجه مسيِحكَ".هنا يتوسل المترنم بوجاهة الملك المتوفّى داود مستمطراً البركة على العرش وعلى العاهل المستوي عليه.
عبرانين 23:12"و كنيسة أبكار مكتوبين في السماوات و إلى الله ديان الجميع و إلى أرواح أبرار مكملين" والأبرار الذين بلغوا الكمال هم القديسون المتوفون. فنحن في وحدة حال معهم، لا مع أجسادهم التي دفنت بسلام بل مع أرواحهم التي هي حيّة، بما أن الكل له يحيا.
التأمل في كلمات الكتاب المقدس حول الشفاعة التي لا تعرف حدّ الموت:
لا أساس في الكتاب المقدس للنظرية التي تحصر شفاعة القديسين وغيرهم طالما هم على هذه الأرض، ولا نصّ من الكتاب يؤيد تلك الفكرة. بل بخلاف ذلك ، نجد تأكيداً لاستمرار الحياة بعد الموت، إذ"فيرجع التراب إلى الأرض كما كان و ترجع الروح إلى الله الذي أعطاها " (الجامعة 12 : 7). وان إبراهيم واسحق ويعقوب "إله أحياء" كما قال السيد المسيح له المجد للذين جادلوه عن القيامة من الأموات.
أما بولس الرسول فأكد أن "من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف" رومية 35:8، فما المانع والحالة هذه ، أن تستمر صلاة الناس بعضهم من أجل بعض، الأموات من أجل الأحياء والأحياء من أجل الأموات، بما أن الله تعالى سيّد الزمان؟ وبما أنهم كلهم أعضاء جسد واحد رأسه السيد المسيح؟ فهل يُفصلون بالموت عن جسد المسيح (الذي هو سائر الأعضاء) وعن السيد المسيح نفسه؟ قطعاً لا.
ومن ناحية منطقية، إذ كان للقديسين شفاعة عند الله تعالى ووجاهة، وهم على هذه الأرض مع أنهم فيها معرضون كل ساعة للخطيئة، وكما يكتب بولس الرسول"في دار غربة عن الرب"، أفلا تكون عندهم شفاعة أكبر عندما ينتقلون إلى جوار ربّهم وعندما لا يعودون بعد وفاتهم معرّضين للخطايا؟.
ارجو ان نضع الكبرياء الفكري والعناد جانباً فنحن لا نحَرث بالماء، أو نتكلم في طاحونة هواء، إن لشفاعة القديسين الموتى من أجل الأحياء والأموات أساس وطيد في العقيدة التي تدعوها الكنيسة" شركة القديسين" أي الاشتراك بين جميع المؤمنين بالمسيح في كل الخيرات الروحية، كما أن تلك الشركة تمتد إلى الاشتراك في الآلام وتحمل أثقال الغير ونتائج خطاياهم. وعبّرت كتب العهد الجديد عن هذه الشركة في نصوص عديدة منها:
عبرانيين 23:12 حيث نقرأ أن المؤمنين الأحياء في وحدة حال معنوية حقيقية مع أرواح الأبرار الذين بلغوا الكمال، رومية 35:8 وما يليه حيث يخبرنا الرسول بولس أن الموت لا يفصلنا عن محبة المسيح ( وهي تشمل محبتنا لجميع الناس). إلا أن الآيات الأكثر صلة بهذا الموضوع موجودة في سياق" جسد المسيح السرّي" أي الكنيسة، فيها يبقى المؤمن عضواً من السيد المسيح له المجد وعضواً لأخيه المؤمن، سواء عاش أو مات" لأننا إن عشنا فللرب نعيش و إن متنا فللرب نموت فان عشنا و إن متنا فللرب نحن" (رومية 14 : 8)، و "فان كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه و إن كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه ،و أما انتم فجسد المسيح و أعضاؤه أفرادا. فوضع الله أناساً في الكنيسة أولا رسلا ثانيا أنبياء ثالثا معلمين ثم قوات و بعد ذلك مواهب شفاء اعواناً تدابير و أنواع ألسنة"1كورنثوس26:12-28. وأيضا الآية 13 من نفس الرسالة "لأننا جميعنا بروح واحد أيضا اعتمدنا إلى جسد واحد"(حتى الآية 26).
بناء على الآيات الشريفة المقدسة التي سبق ذكرها، وبناء على تقليد الكنيسة الجامعة الراسخ منذ القرون الاولى، يستنتج المرء أن المؤمنين أجمعين الذين نالوا المعمودية هم جسد واحد وأن الموت لا يبطل المعمودية التي تجمعهم وأن الرسل والأنبياء والمعلمين الأولين لم يكفّوا عن أن يكونوا أعضاء كاملين في جسد السيد المسيح له المجد، بل الأقرب إلى الصواب انهم بميتتهم الصالحة عبروا مرحلة الامتحان وانتقلوا نهائياً إلى أورشليم السماوية متحولين من الكنيسة المجاهدة إلى الكنيسة المنتصرة وستبقى أبدا منتصرة لأن الرب معها دائماً "وابواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت16: 18).
ذخائـر القديسين:
هناك من لا يؤمن بذخائر القديسين ويجادلون المؤمنين بهذا الأمر وكأن ذخائر القديسين وشفاعتهم هي السبب لعدم إيمانهم بعقائد الكنيسة الجامعة المقدسة الرسولية. لذلك رأيت انه من المناسب الحديث عن هذا الموضوع لعلاقته المباشرة بشفاعة القديسين.
عند إجراء مسابقات في الكتاب المقدس قد يطرح السؤال التالي (ميت يُحي ميت من هو!!) نقرأ في العهد القديم:" و مات أليشع فدفنوه و كان غزاة مواب تدخل على الأرض عند دخول السنة .وفيما كانوا (الإسرائيليين) يدفنون رجلا إذا بهم قد رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر أليشع فلما نزل الرجل و مس عظام أليشع عاش و قام على رجليه"2ملوك20:13 –21 ". فقال إشعياء خذوا قرص تين فاخذوها و وضعوها على الدبل فبرئ" 2ملوك7:20.
ونقرأ في العهد الجديد:" و إذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه و مست هدب ثوبه" (متى 20:9-21، مرقس 22:5، لوقا 41:8-42)، "و طلبوا إليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء" متى 36:14.
وما يقال عن ذخائر المسيح يقال عن ذخائر قدسيه:
"حتى انهم كانوا يحملون المرضى خارجا في الشوارع و يضعونهم على فرش و أسرة حتى إذا جاء بطرس يخيم ولو ظله على أحد منهم" أعمال 15:5، "و كان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة حتى كان يؤتى عن جسده(جسد القديس بولس الرسول) بمناديل او مازر الى المرضى فتزول عنهم الأمراض و تخرج الأرواح الشريرة منهم"أعمال 11:19-12.
وتفتخر كنيستنا السريانية الأرثوذكسية الإنطاكية بامتلاكها ذخيرة عظيمة هي زنار السيدة العذراء الذي اكتشف سنة 1953م في كنيسة العذراء في حمص في سورية التي دعيت بكنيسة أم الزنار ولا يزال هناك يتبرك به المؤمنون.
وهل في الختام من برهان أكبر من قول السيد المسيح في يوحنا 12:14:" الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فالأعمال التي أنا اعملها يعملها هو أيضا و يعمل اعظم منها لاني ماض إلى ابي".
لماذا نكرّم السيدة العذراء ونطلب شفاعتها:
يقول البعض ان العذراء مريم أدت مهمتها بولادتها للسيد المسيح فيجب أن تهمل كما يهمل الوعاء الفارغ أو العلبة التي أخذنا منها كنـزاً أو خاتماً ثميناً، وهذا السؤال هو من أهم الأسئلة التي يسألها من ينكر شفاعة القديسين، لذلك ارجوا ان نقرأ الأسطر التالية بتروي لأننا نحن الكنيسة السريانية الجامعة الرسولية المقدسة نؤمن بالعقل والمنطق أيضا لإثبات معتقداتنا الرسولية لا بالكلام المعسول المزيف.
بالنسبة للسؤال السابق نقول:هل الوالدة جرّة أو وعاء؟ هل الجرّة من فخّار ، وما فيها من سمن أو عسل أو فضّة أو ذهب هو ليس من طبيعة الجرّة.
إن السيدة العذراء حوت السيد المسيح، أعطته الجسد فهو عظم من عظامها ولحم من لحمها.
الجرّة ليست أمّ الكنـز وإن احتوته، والعذراء ليست بجرّة،إنها أمّ الرب: " فمن أين لي هذا أن تأتى ام ربي إليّ "لوقا 43:1.
عندما نقول عن السيدة العذراء: " أمّ الله" لا نقصد أنها أمّ اللاهوت (الروح) بل أمّ الإنسان يسوع الذي هو إله! فوالدة الطبيب والمحامي ليست أمّ الطب ولا القضاء، وعندما نقول إن الكلمة بنت الشفة هذا لا يعني إن الكلمة تزوجت الشفة وأنجبت الكلمة.
وتقول السيدة العذراء في لوقا 48:1 إن جميع الأجيال تطوّبها لأن القدير صنع بها عظائم، فهل يطوّبها ويهنئها كل المسيحيين؟ مع الأسف منهم فئات تتجاهل ولا تذكر اسمها حتى انهم يرفضون دعوتها بالسيدة ويقولون مريم فقط لكنهم عندما يلقون محاضراتهم يبدؤون بهذه العبارة: أيتها السيدات أيها السادة. ومنهم من يعترض على عبارة الله يرحمه التي تقال لأهل الفقيد لاعتقادهم انه بموته سيجازيه الله تعالى حسب أعماله فما النفع لقول العبارة السابقة؟ أظنهم عندما يواسون ميت يجلسون في بيت الفقيد عند دخولهم يقولون مرحبا يا شباب وعند خروجهم يقولون خاطركم أو مع السلامة! إذا إن مات واحد منهم وقلت له الله (لا يرحمه) يجب أن لا يغضبوا لأن الله يجازي الميت حسب عمله ! انهم كما يقول الكتاب المقدس عميان وقادة عميان، لا يدخلون ولا يريدون لغيرهم أن يدخلوا.
معجزات عن طريق الصور :
إذا أنكر أحد أن باستطاعة القدرة الإلهية أن تقوم بمعجزات عن طريق الصور والتماثيل الروحية فليقرأ عن الحية النحاسية التي أمر الله تعالى موسى بصناعتها، لا للعبادة بل للشفاء والخلاص، وأشار إليها الرب يسوع المسيح له المجد بأنها رمز للمسيح المصلوب (يوحنا 14:3)" و كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان".
"فصلى موسى لأجل الشعب (الذين كانوا قد تكلّموا على الله وموسى فأرسل إليهم الله تعالى حيّات ناريّة) فقال الرب لموسى اصنع لك حية محرقة (وهو تعالى القائل: لا تصنع لك صورة ولا منحوتاً..) و ضعها على راية فكل من لدغ ونظر إليها يحيا فصنع موسى حية من نحاس ووضعها على الراية فكان متى لدغت حية إنسانا و نظر إلى حية النحاس يحيا" سفر العدد5:21-9.
يستنتج المرء من الحادثة المذكورة ومن شفاء كل من كان ينظر إلى الحية النحاسية أن الله لم يُحرّم صنع الصور والتماثيل بل الأصنام، وأن في بعض الصور والتماثيل المقدسة بقوّة الله، قدرة على الشفاء، كما ندرك شفاعة القديسين على غرار موسى. أما الحية النحاسية والسارية فلم يرزلهما الله لا في العهد القديم ولا في العهد الجديد إذ شهد السيد المسيح فيها إشارة إلى شخصه المصلوب والى صليبه الكريم المحيي، فعلينا نحن المسيحيين أن ننظر إلى المصلوب وأن نضع حيّتنا النحاسية على سارية، لا أن نزيل شخص المصلوب أي الحيّة لنحتفظ فقط بالسارية أي الصليب وحده.
شفاعة السيدة العذراء
كتب قداسة سيدنا البطريرك المعظم مار اغناطيوس زكا عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس في كتابه (بحوث ج2) صفحة 227 :
(إن الكنيسة السريانية تتشفع بالسيدة العذراء مريم، وإن العجائب التي اجترحتها العذراء للكنيسة وللمؤمنين، لا تحصى. أما زنارها فهو موضع تكريم ومصدر بركة، ولا عجب فإذا كانت الثياب توضع على جسم الرسول بولس ثم تؤخذ فتوضع على المرضى فينالون الشفاء، فكم بالحري زنار سيدتنا العذراء الذي نسجته بيديها الطاهرتين، وتمنطقت به، بل على الأغلب قد لامس أيضاً جسد الفادي بالذات؟).
لا تعبد إلاّ الله (كتاب بحوث ج2 صفحة 228):
(قلنا إننا نتشفع بالعذراء … ولكننا لا نعبدها ، بل لا نعبد إلاّ الله وحده. ونستنكر خرافة عبادة مريم، فليس في السماء ولا على الأرض ولا تحت الأرض اسم سوى اسم يسوع، له تجثو الركب كافة، لأنه مخلص العالم. أما العذراء فهي بشر، ومن عبدها كفر(أع11:14-6) وهي تقول عن نفسها :"تبتهج روحي بالله مخلصي، لأنه نظر إلى تواضع أمته فهوذا منذ الآن تعطيني الطوبى جميع الأجيال، لأن القدير صنع بي عظائم"(لوقا 49:1) فعلينا أن نطوبها بالاقتداء بفضائلها بحفظ كلام الله والتفكّر به في قلبها بصلاة عقلية حقيقية، فهي المثال الصالح للبتولين والبتولات والمتزوجين والمتزوجات، وللآباء والأمهات بتربية الأولاد التربية الصالحة، بالمحافظة على شريعة الرب والقيام بفرائضه، فليبارك الرب كل من تشفّع بالعذراء مريم واقتدى بسيرتها الطاهرة. وإن خير ما نختم به حديثنا عنها طلبة لمار يعقوب السروجي القائل ما ترجمته:" صلاتك معنا أيتها المباركة، صلاتك معنا . إن الرب يستجيب إلى صلواتك ويغفر لنا. فتضرعي أيتها الممتلئة نعمة والتمسي ممن هو مملوء رحمة ليرحم النفوس التي تطلب الرحمة آمين) ، (صلاة القومه الأولى من ليلة الاثنين في كتاب الإشحيم صفحة 20).
بعد كل هذه الآيات البينات من الكتاب المقدس عن حقيقة شفاعة القديسين رأيت من الضروري ان اوضح بعض النقاط التي كثيراً ما نسمعها من الجماعات الغير مؤمنه بالشفاعة، التي يستشهدون بها عن صدقهم ويطعنون في الكنائس التقليدية :
النقطة الاولى:
يقولون إن لكل مؤمن صلاحية أن يفسر الكتاب المقدس رسمياً وبشكل صائب:
ونحن نقول إن العقل السليم يقول لا. لايمكن لكل مؤمن أن يفسر الكتاب المقدس. ولكن لنستمع إلى الكتاب المقدس نفسه، حيث ينفي القديس مار بطرس الرسول بشكل قاطع أن يكون لأيّ فرد من الناس (كفرد) سلطان على تأويل صائب وصحيح للكتاب المقدس الملهم من الروح القدس: " عالمين هذا اولاً ان كلَّ نبوَّة الكتاب ليست من تفسيرٍ خاصٍ
( وفي بعض الترجمات تفسير فرد من الناس ).لأنه لم تأتِ نبوَّةٌ قط بمشيئَة انسانٍ بل تكلَّم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس"(2بطرس 20:1-21 . راجع أيضاً 2بطرس 3: 16 يحرّف الكتاب قوم لا علم عندهم ولا رسوخ).
وبما أنّ روح القدس ألهم الكتاب فهو يستطيع تفسيره (إي الروح القدس). أمّا إذا خرج كل إنسان بتفسير فإنَّ الحق يضيع, والدليل على ضياع الحق موجود عند الفئات التي لا تعترف بسلطة الكنيسة وتعطي كل فرد أو كل مجموعة صلاحية تفسير الكتب المقدّسة. لذانجد عندهم آلاف التفسيرات والسلطات المتضاربة المتناقضة. وينعتون الكنائس التقليدية الرسولية بانها كنائس قديمة وعجوزة وكأن السيد المسيح له المجد رأس الكنيسة وراعيها والروح القدس مُلهم الآباء ومعزّيهم كأنهم اجساد مادية يتقدم بهم العمر ويصيروا عجائـز.
النقطة الثانية:
يقولون إن الكتاب المقدس سهل الإدراك والتفسير:
ونحن نقول لهم يقول العقل السليم لا. إن الكتاب المقدس ليس سهل الإدراك والتفسير بهذه السهولة، لأنّ الكتاب المقدس سلسلة كتب تتكلَّم عن الله، كتبت في الماضي السحيق في لغات قديمة يجهلها معظمنا. وهاك الدليل من الكتاب المقدس على صعوبة بعض مواضيعه وصعوبة تفسيره ككل. يقول القدّيس مار بطرس الرسول عن رسائل مار بولس الرسول:
" كما في الرسائل كلها ايضاً متكلماً فيها عن هذه الامور. التي فيها اشياء عسرة الفهم يحرّفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب ايضاً لهلاك انفسهم"(2بطرس 3: 16)، ونقرأ في العبرانيين " الذي من جهتِه (أي في السيد المسيح) الكلام كثيرٌ عندنا وعسر التفسير لننطق به اذ قد صرتم متباطِئي (متثاقلي)المسامع " عبرانيين 11:5-12).
واذا كان الروح القدس يفسر الكتاب المقدس أو آيات منه لكل إنسان فلماذا لم يفسّرها إذن للحبشي؟ جاء في اعمال الرسل 30:8-35)" فبادر إليهِ فيلبس وسمعهُ يقرأ النبي اشعياء فقال ألعلك تفهم ما انت تقرأُ. فقال كيف يمكنني ان لم يرشدني احد ( لماذا لم يلهمه روح القدس في تلك الساعة؟)... فأجاب الخصي فيلبس وقال اطلب اليك. عن مَنْ يقول النبي هذا. عن نفسه ام عن واحدٍ آخر. ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشَّرهُ بيسوع".
اذاً الروح القدس هو الذي ارشد الرسول فيلبس ليفسر النص السابق بينا عجز الحبشي ان يفهم ما يقرأ لولا فيلبس ومع انه كان متديناً ومثقفاً ويجب أن يفهم ما يقرأ.
كتب الرسول بطرس في رسالته الثانية(15:3 ) عن الذين يحرفون الكتب المقدسة هم قوم لا علم عندهم ولا رسوخ. والرسوخ الذي يتحدث عنه الرسول بطرس هو الانتماء إلى جذور الإيمان وإلى اصول العقيدة المسيحية والاصول تعني الارتباط مع السيد المسيح والرسل. وكنيستنا الانطاكية السريانية الارثوذكسية فيها هذا الرسوخ الرسولي، فهي تعود إلى الرسل، واول ما سمي المسيحيون بهذا الاسم كان في انطاكية وبطاركتنا خلفاء للرسل. كنيستنا تعود الى ألفي سنة تقريباً، منذ العنصرة، وليست مثل البدع التي نشأت بعد القرن الخامس عشر. فلا الحفريات ولا الكتابات ولا المنقوشات ولا المخطوطات ولا المؤرخين من مسيحيين وغير مسيحيين يذكرون تلك الفئات الضالة، كما أنهم لا يذكرون معتقداتها ولا تصرّفاتها مجتمعة. ولنأخذ مثلاً : إنَّ وجود أجران معمودية صغيرة يثبت تاريخياً معمودية الاطفال بالاضافة إلى 3 نصوص في أعمال الرسل ونص 1كورنثس 1: 16، لم يشك أحد في معمودية الصغار قبل مجئ الهولندي منو سيمونيس في حوالي سنة 1506.
يقدر كل إنسان أن يختبئ وراء الكتب المقدسة مدّعياً أنّ السيد المسيح أو الرسل أسّسوا جماعته.
وغالبية مؤسسي هذه الجماعات المنحرفة عن المسيحية والتي لا يعترف بها المسيحيون اصلا مثل شهود يهوة، درسوا في دول غربية ويفتخر اعضاؤها ان الكثير منهم يحمل شهادة دكتوراة في الكتاب المقدس.
ونحن نقول بدورنا انهم متعلّمون علم فئة متمردة على الكنيسة منشقّة عنها ليس عندهم دكتوراه لا في اللاهوت ولا في التفسير الرسولَّيين للكتب المقدسة، بل عندهم دكتوراه في لاهوت هذه الحركات والفئات وفي تفسيرها هي للكتب المقدسة. عندهم شئ من العلم، وليس عندهم رسوخ في الإيمان. أي أنهم لا يسيرون بحسب الإيمان القويم الجامع الرسولي، بل يتبعون أفكاراً وتفسيرات أوجدها رجال أوروبيون غربيون أو أمريكيون، ولا يتبعون تعليم السيد المسيح ولا رسله الأطهار ولا تلاميذهم الأبرار.
قد يكون بعض كهنتنا أو مؤمنونا أقل منهم علماً في آيات الكتاب المقدس، وقد يكونون أبرع منهم في حفظها غيباً والاستشهاد بها ومعرفة أماكنها، لكن علمهم علم ناقص مشوّه، علم من "لم يسمع من الكنيسة"، كنيستنا الرسولية. وعلمهم ليس العلم الصحيح لأن الرسوخ في الإيمان الرسولي ينقصهم.
أما نحن فقد نجهل مثلاً احدى لغات الكتاب المقدس الاصلية. قد ننسى احياناً أين تقع هذه الآية أو تلك. ولكننا نتبع الايمان الرسولي والعقائد الاصيلة، فالتفسير الذي يقدّمه لنا كهنتنا وأساقفتنا ومعلموناهو التفسير الرسولي الصحيح الموجود منذ نشأة الدين المسيحي والصادر من أورشليم (فلسطين) وأنطاكية (سورية) وروما والإسكندرية، لا من المانيا الغربية ولا من الولايات المتحدة ولا من سويسرا. التعليم الذي نقله إلينا كهنتنا وآباؤنا وأجدادنا صادر عن القرون الاولى للميلاد، حين كان المسيحيون مثلاً يستخدمون الصليب إشارة ويرسمونه على وجوههم وأجسادهم. أمّا عقائد تلك الفئات وتفسيراتها لا نجد لها أثراً قبل العصور الوسطى. لذلك يجب ان نشكر الله تعالى كثيراً على اننا ابناء كنيسة عريقة قدمت الكثير من الشهداء في سبيل إيمانهاحتى من اقرب الناس لها، وآباؤنا القديسون سلمونا الامانه جاهزة نقية. نحن لم نعاني مثلهم ولم نُضهد مثلهم، هم قاموا بالواجب على اكمل وجه، لذلك يجب ان نفتخر بكنيستنا ونحافظ على تعاليمها نقية وبذلك نقدم ولو شئ صغير من الاخلاص والمحبة لدماء اولئك القدسين ابطال الإيمان المسيحي فنحن اولاد الشهداء القديسين، وأهم شئ يجب علينا ان نُطيعتعاليم الكنيسة والآباء رؤساء الابرشات والآباء الكهنة لانهم وضِعوا لكي لا ننجر وراء التعاليم المضله، ولكي يرعونا ويحمونا من ابليس المتجسد داخل تلك الحركات، فلا تـهـزنا رياح الحاجة المادية وننكر عقيدة كنيستنا الرسولية وجهادها لضيق مؤقت الم بنا. وعلى المؤمن الحقيقي ان يصلي لرجال الدين لأنهم بحاجة الى صلوات المؤمنين لكي يخدموا أبناء الرعية المنتشرة في كل انحاء العالم، فهم اختاروا هذا الطريق لكي يتعبوا فيه محبتاً بالسيد المسيح ولكي يرتاح المؤمنين وليس العكس.
المراجع:
1. الكتاب المقدس.
2. كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية وقانونية المجامع المسكونية.قداسة الحبر الأعظم مار اغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس.
3. بحوث لاهوتية عقيدية تاريخية روحية الجزء الثاني. قداسة الحبر الأعظم مار اغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس.
4. الجواب من الكتاب. الأب يعقوب سعادة بمشاركة بيتر مدروس.
5. المنجد في اللغة والأعلام. دار المشرق بيروت.
Mor Antonios
:36_33_7:
التعديل الأخير: