جتلكوا بئا بالفلكلور الجميل
و من اجمل الحجات الى متقدرش تمسك وسطك و نفسك لما تسمعها و لازم هتتنطط و تغنى و ترقص معاها
الليله الكبيرة
https://youtu.be/r4SyIkPplDY
شوفي يا ست البنات: اللي فكرت أتكلم عليه بعد رسالتك دي هو فقط "
الإيقاع" في الليلة الكبيرة. في عالم الإيقاع يوجد عشرات بل مئات الإيقاعات، لكن يوجد 3 إيقاعات فقط هي تحديدا "
مفاتيح المزاج" المصري (والشرقي عموما إلى حد كبير). دي الإيقاعات اللي تاخد المصري مباشرة لحالة البهجة والرقص، أو الأنس والسلطنة، أو حتى الطرب الكامل كما في الألحان القديمة.
أول وأشهر إيقاع هو طبعا "
المقسوم".. شعبيا "الواحدة ونص" اللي بيرقص عليه المصريين (وغيرهم، خاصة في الشام أقرب "الأمزجة" لمصر، لكن مثلا الخليج لأ.. الخليج مزاج مختلف وإيقاع مختلف). الإيقاع التاني اسمه "
أيوب".. أو أحيانا "دقة زار". وده اللي المصريين "بيذكروا" عليه. بيدخلوا فعلا حالة "الوجد" الإلهي* عليه!
وأخيرا إيقاع اسمه "
الواحدة الكبيرة" وده تحديدا لزوم "الطرب". شغل الست وعبد الوهاب وليلى مراد وفريد وحتى فيروز والزمن الجميل عموما. تقريبا لا تخلو أغنية كلاسيكية منه. وده بالتالي من النادر تسمعيه حاليا! نكتفي بالتالي هنا بمقسوم وأيوب.
المقسـوم:
نسمع أولا رتم المقسوم. "الواحدة ونص" كلنا عارفينه طبعا. المهم يعني هو ده اللي "المزيكاتية" بيقولوا عليه "مقسوم":
[YOUTUBE]P93-tK5OTh4[/YOUTUBE]
فالشيخ سيد مكاوي بقا الله يسامحه "المزاج" ومفاتيح المزاج دي كانت تخصصه الدقيق!
هو باختصار كان بيلاعبنا طول "الليلة الكبيرة" وبيلاغينا بالمقسوم ده بالذات. بيخرج منه عشان يرجع له تاني. بيقدمه بجميع أشكاله وألوانه وزخرفاته. جاب لنا حتى كمان "
مصمودي" أخو "مقسوم" شقيقه التوأم، الخالق الناطق، بردو حضر يشارك في "الليلة"! حتى المشهد اللي ظهر فيه الطبل البلدي أو الصعيدي مع المزمار عمله أيضا مقسوم مع إن فيه رتم تاني بالفعل اسمه "الصعيدي" وكان ممكن أيضا من حيث "ميزانه" يركب تماما مع الموسيقى!
[YOUTUBE]OX_EtRZyNsg[/YOUTUBE]
كما نرى إيقاع "مقسوم" جميل ولكن في الحقيقة أشعر شخصيا أن هناك لمسات أيضا من شقيقه التوأم "مصمودي الصغير". أقترح هذا الفيديو الجميل لشرح الفرق الدقيق بين مقسوم ومصمودي:
[YOUTUBE]zyv98-g9M3M[/YOUTUBE]
فلذلك ده هو السبب إنك بتقولي:
«متقدرش تمسك وسطك ونفسك لما تسمعها ولازم هتتنطط وتغنى وترقص معاها»! بالضبط. هو ده بالضبط المقصود وهو ده بالضبط تأثير "المقسوم" تحديدا، واللي طبعا اختاره الشيخ سيد عمدا مع سبق الإصرار والتسلطن!
أيـــوب:
وأما "أيوب" فقدمه الشيخ سيد مرتين في وسط الغزل الجميل ده.. نسمع أولا رتم أيوب ـ بردو كلنا عارفينه ياما سمعناه، لكن هو ده المقصود لما نقول
أيوب:
[YOUTUBE]2fJJiRwaQyU[/YOUTUBE]
ده سمعناه في البدايات في لقطة سريعة (خلفية: عَجَمياااه .. باللوووز.. طعمياااه.. أراجوووز).. بعد كده الشيخ سيد ـ من خبثه الموسيقي ـ "خبّاه" فعلا.. احتفظ بيه للآخر تماما عشان ما يتحرقش.. خلاه تحديدا لمشهد "
الأنس والجلجلة" ـ عشان يختم أحلى ختام وتبقا فعلا أنس وجلجلة!
[YOUTUBE]Ljwe-BS5ReQ[/YOUTUBE]
يا سلام! نقول إيه بس!
سمعتي الفيديو الأخير ده؟ طيب خلينا نطلع لحظة بره الإيقاع وارجعي من فضلك اسمعي تاني بس المرة دي خدي بالك من "
النـــاي" تحديدا! شوفي الناي هنا بيعمل إيه في الخلفية بالذات عند "يمامة حايمة".. يعني اقفلي "تراك" أو صوت المطرب نفسه خالص من عقلك وركزي بس مع الناي شوفي بيعمل إيه عند جملة "
ويمامة حايمة عليه تسبح ربها"!
التغزيل ده، السماسم دي، الزخارف دي اللي بيعملها الناي هنا: ده بقا "توزيع" مش "لحن".. وده بقا الشيخ سيد وهو بيتسحّب يحط اللمسة السحرية اللي ح تعلّي المزاج كله ـ فعلا بدون ما نشعر! الحقيقة الناي نفسه هنا بيرقص والناي نفسه متسلطن! باختصار احنا أمام "أسطى" كبير جدا بعد ما خلص اللحن بيرش عليه بالناي ده أخيرا شوية "ماورد" ـ مية ورد ـ عشان احنا كمان لما
ندوق ونشم نوصل معاه بدون ما نشعر لحالة الأنس والسلطنة ـ مع الكلمات اللي طبعا لا أجمل ولا أروع!
* * *
كتبت كتير مع إن اللي سمعناه ده كله على بعضه أقل من 3 دقائق فقط! (عشان كده قلت احنا ممكن نكتب كتاب في الليلة الكبيرة
). ده طبعا غير الكلمات الشقية البديعة! نقول في الختام معلومة واحدة كمان على الماشي بخصوص الكلمات:
وسّع وسّع وسّع وسّع
أنا ازق الطارة واضرب ميت بمبه
ده أنا الأسطي عمارة من درب شكمبه
صيتي من القلعة لسويقة اللالا أنا واخد السمعة
شخصية "الأسطى عمارة" ـ
أبو بدلة جديدة ـ لما بيقول: "
صيتي من القلعة لسويقة اللالا": هنا عمنا صلاح جاهين كان بينكّت أصلا بس فاتت على معظمنا النكتة. أولا فيه فعلا سويقة اسمها "سويقة اللالا"! وفيه فعلا "درب شكمبه"! الكلام ده كله بجد! جاهين ـ عاشق المحروسة ـ كان باختصار "معجون" في تراب مصر القديمة وحواريها وقهاويها وناسها الجميلة. أما النكتة هنا فهي إن المسافة بين القلعة وسويقة اللالا ـ نطاق صيت وشهرة وسمعة الأسطى عمارة اللي بيفتخر بيها ـ هي في الحقيقة مجرد
أمتار معدودة! سويقة اللالا دي تقريبا "لزق" في القلعة!
المبدعان سيد مكاوي وصلاح جاهين أثناء إعداد الليلة الكبيرة - 1961
دي بالتالي مجرد فكرة بسيطة جدا عن حجم الشغل اللي في الأوبريت ده وحجم
الصدق سواء في كلماته أو نغماته. لكن هو كده لازم عشان يطلع فعلا عمل خالد بقاله النهارده تقريبا 60 سنة ولسه بنسمعه! شخصيا أعتقد درس الليلة الكبيرة والزمن الجميل كله في كلمة واحدة هو "
الإخلاص"! الإخلاص سر الجمال وسر النجاح وحتى سر المتعة! ياريت احنا كمان بالتالي نسمع "بذمة" عشان نعرف ندوق
ونستطعم فعلا، بالذات شغل "الصنعة" القديم شغل الزمن الجميل!
* * *
ختاما الليلة الحلوة الليلة الكبيرة دي كلها طبعا ببركة حضورك يا حبـو يا قمرتنا واختيارك البديع فعلا. أنا بس يادوب شاورت بسرعة على كام وردة في بستان كبير جدا فاجئتينا بيه اسمه الليلة الكبيرة. أشكرك على السهرة الجميلة وأتمنى كل أيامك محبة وجمال وكل ليلاتك أنس وجلجلة.
___________________
* بمناسبة الوجد الإلهي: من الملاحظات الطريفة إن الدراويش والناس الطيبين عموما في الموالد ـ عند "السيدة" مثلا ـ نلاقيهم يبدأوا مع الموسيقى والمدائح بنداء "يا أم العواجز" مثلا.. ثم تدريجيا مع الاندماج الشديد في الذكر والرقص/التمايل نسمع هتافات مثل "مدد يا كريمة".. ثم أخيرا ـ لما يوصلوا فعلا لقمة الوجد والذوبان ـ تلاقيهم ينادوا "يا ماما"! نفس الشيء مع "البدوي" أو "الحسين": هنا أيضا بنسمع طلب الـ"مدد" و"شيللاه" (شيء لله) بألقاب مثل "شيخ العرب".. "أبو السباع".. "وليّ النعم".. تدريجيا حتى ينتهوا بنداء "يا بابا"! يعني باختصار: الإنسان البسيط بيوصل تلقائيا في قمة المحبة والوجد والذوبان لمرحلة "البنوة" ـ اللي هي بالعكس "بيبدأ" المسيحي من عندها سواء تجاه الست العدرا أو السيد له المجد!
عايز اقول "طيب ما كان من الأول"!
لكن هو المهم فعلا في الملاحظة دي إنها بتكشف لنا احنا نفسنا أولا "مقام المسيحي" ده فين وأد إيه المقام ده فعلا رفيع جدا وعالي! الإنسان المسيحي، على شرع المحبة، حرفيا يبدأ حيث ينتهي الآخرون!