صوت صارخ
New member
مَذبح القلب
آباء الكنيسة اعتبروا دائماً أن القلب هو المكان الفعلي للصلاة. كتب الأب سباستيان:
"أحد سمات القلب دوره الليتورجي الدّاخلي : هو المذبج بداخل مقدس الهيكلِ المشكل بالجسم (1كو19:6)ِ ، وعلى هذا المذبح يَجِبُ أَنْ تقدم ذبيحة الصلاة الداخلية بشكل مستمر. فكرة أن الصلاة ذبيحة شيء مألوف من العهد القديم (مز2:141)، بينما عند السريان نُصَّ بشكل محدد أن القلب هو المكان الذي ينبغي للصلاة أن تأخذ مكانها فيه فنجد عند القديس افراهات والقديس مارأفرام السرياني أن القلب هو مكان ذبيحة الصلاة استناداً على مت 6:6 ( أدخل إلى مخدعك وأغلق بابك)، ونجد ذلك أيضاً في تفسير هذه الآية عند اوريجانوس وأمبروسيوس. في كتاب سلم السماء تعبير "مذبح القلب" يظهر بشكل بارز، نجد في هذا العمل مفهوماً لليتورجية ذا ثلاثة أبعاد، التي يجب أن تأخذ مكاناً في آن واحد : في الكنيسة المرئية على الأرض، وفي كنيسة قلب الفرد المسيحي، وفي الكنيسة السماوية"
القديس نيقوديموس يدعو القلب "ملجأ"، ومار أسحق يدعوه "بيت الفهم"، فمثل الحيوان إذا أنزعج وخاف يجري ليحتمي في وكره، هكذا أيضا عقل الإنسان عندما ينزعج يجري للقلب ويصيح :"يا يسوعي ساعدني .. يا يسوعي خلصني " .... وهكذا يتحرر."
دخول مَذبح القلب
تحثنا القديسة سينجلتيك أن نُبَّخِر مذبح القلب "ببخور الصلاة المقدس، فكما تُطرَد المخلوقات السامة ببعض السموم القوية، هكذا تُطرَد أيضاً الأفكار الشريرة بالصلاة " يحثنا القديس يوحنا كاسيان على الدخول بكثرة إلى المقدس الداخلي, مذبح القلب, فهو يقترح ترديد صلوات قصيرة، وبسبب قوة الصلوات نتجنب تشتت الفكر فيكتب:
" نحن نصلي في غرفتنا الداخلية عندما نسحب قلبنا بالكامل من صخب أفكارنا وهمومنا، وبنوع من الحوار السري, كالذي يدور بين الأصدقاء القريبين, نكشف رغباتنا أمام الرب"
القديس يوحنا ذهبي الفم يذكرنا أنه يجب أن تكون الصلاة صادرة لا من الفم بل من القلب:
"بالصلاة, لا أقصد التي من الفم فقط بل الصلاة التي تنبع من أعماق القلب, تماماً كمثل الأشجار التي لها جذور عميقة لا تتحطم ولا تُقتلع من العواصف، هكذا أيضاً الصلوات الصادرة من أعماق القلب, التي لها جذورها هناك, ترتفع للسماء بثقة كاملة، ولا تُطرَح خارج المسار عند اعتداء أي فكر، ولهذا السبب قال المزمور "من الأعماق صرخت إليك يارب" مز1:130"
يشرح القديس ثيوفان الناسك كيف أن الله يستجيب للصلاة الشخصية بشعور أكيد من الدفء فيقول:
"عندما تؤسس حياتك في إنسانك الداخلي بتذكر الله المستمر، حينئذ المسيح الرب سوف يدخل ويسكن في داخلك. الإثنان (جهادك ونعمة الله) يَعمَلان معاً. وإليك هذه العلامة التي بها تكون واثقاً أن هذا العمل المجيد قد بدأ فى داخلك، سوف تختبر شعوراً أكيداً بالدفء نحو الرب، وإن أكملت كل شيء مقرر فهذا الشعور سوف يبدأ في الظهور أكثر فأكثر، ومع الوقت سيصير مستمراً. هذا الشعور لذيذ وطوباوي ومن بداية ظهوره يحثنا على أن نطلبه ونشتهيه لئلا إن تهاوننا يترك القلب، ففيه تذوق الفردوس."
قال أحد الأشخاص : "دعوة الله لحياة البرية هي بالتحديد دعوة للصلاة ، دعوة لحوار مع الله شخص لشخص"