الرد على أهم 10 أسئلة عن هوية كاتب إنجيل متى
قدمنا يوم أمس 10 أدلة قوية تشير الى متى! بأنه كاتب إنجيله واليوم نرد على أكثر الاسئلة تردداً وتكراراً. القاسم المشترك بين هذه الاسئلة هي أسئلة إفتراضية مبنية على فكرة نظرية المؤامرة ولا وجود لأي أدلة ملموسة تدعم اي من هذه الافكار.
السؤال الأول: هوية كاتب الإنجيل مجهولة
يحاول المشكك هنا ان يطعن بمتى بكونه مجهول وليس كاتب إنجيله. الحجة المستخدمة هنا ضعيفة جداً مبنية على أن متى لم يعلن في أنجيله إنه هو كاتب الإنجيل.
بطبيعة الحال، هذا العنوان الرنان الذي يدعي انه كاتب إنجيل متى هو مجهول لإن نص إنجيل متى لا يذكر من هو كاتبه. فأنجيل متى مكتوب بضمير الغائب لاسباب كثيرة منها انه الإسلوب المعتاد عليه في ذلك الوقت من الفين سنة خاصة في كتابة السيرة الشخصية إضافة الى التواضع والتركيز على شخصية ورسالته المسيح بدلاً من التركيز على الكاتب.
إضافة الى ان لدينا عشرات الادلة والإقتباسات المبكرة التي تدل على أن متى كتب أنجيله بشاهدة اباء الكنيسة الأولة والمخطوطات.
السؤال الثاني: لاتعرف متى وأين كُتب الإنجيل
يحاول المشكك هنا ان يهول موضوع تاريخ ومكان كتابة الإنجيل الى انه مجهول تماماً ولا نعرف تاريخ الكتابة. الأنجيل بطبيعة الحال لا يذكر لنا في أي سنة كُتب كما هو الحال مع أغلب الوثائق التاريخية القديمة لان هذه التكنلوجيا لم تكن موجودة في ذلك الوقت ولا يوجد مصدر يسجل تاريخ كتابة الكتب كما هو الحال في وقتنا الحالي.
ولذكر بعض الأمثلة فلو نظرنا الى الالياذة وتاريخ كتابتها فهو يتراجح بين بداية القرن السابع واواخر القرن الثامن قبل الميلاد. لو نظرنا للمؤرخ يوسيفوس وتاريخ كتاباته التاريخية فهي تتراجح بين بداية ونهاية السبعينات بعد الميلاد. لو نظرنا حتى لشكسبير وقصته روميو وجوليت فتاريخ الكتابية يتراجح بداية ونهاية عقد ال 1590 بعد الميلاد.
كل هذه هي مجرد أمثلة لتوصيل الفكرة، انه عدم معرفة تاريخ الكتابة بالظبط شئ متعارف عليه مع الوثائق القديمة وما نتمتع به الان من معرفة دقيقة لتاريخ الكتب الحالية شئ لم يكن متاحاً قبل الفين سنة.
مع ذلك يحاول العلماء معرفة تاريخ كتابة إنجيل متى عن طريق الأحداث التي فيه (عدم ذكر هدم الهيكل كإشارة الى انه مكتوب قبل سنة 70 ميلادية) وعن طريق الإقتباسات من الكتب الاخرى المبكرة مثل الديداكية واقتباسات اجناتيوس الوفيرة. هذه الدلالات يعتبرها العلماء المسيحيين انها تدل على إن الانجيل كُتب بين سنة 62 و سنة 70 ميلادية. هناك بعض الاراء الليبرالية ومن العلماء الملحدين التي تحاول ان الانجيل كُتب بين سنة 70 و 80 بسبب إقتباس متى من مرقس الذي كتب إنجيله في منتصف الستينات.
سواء كان الانجيل كُتب في الستينات ام السبعينات فنحن لنا فكرة جيدة جداً عن فترة كتابة الانجيل والموضوع ليس مجهول كما يصفه المشكك.
السؤال الثالث: لا توجد إشارات وادلة من داخل الإنجيل بأن الكاتب هو متى
هذا الإعتراض يشابه كثيراً الإعتراض الأول. فبالرغم من ان إسم متى لم يُعلن بأنه هو كاتب الأنجيل الا ان هناك الكثير من الدلالات التي تتوافق مع شخصية متى بكونه يهودي من فلسطين معاين للمسيح ومتعلم ويعرف القراءة والكتابة والحساب نظراً لعمله كعشار. هذا الموضوع يمكن كتابة عشرات الصفحات للرد عليه فالعلماء فاضوا كثيراً بالامثلة التي تؤكد انسجام الادلة الداخلية مع شخصية متى. مع ذلك سأخصص موضوع خاص يلخص أهم الأدلة الداخلية من إنجيل متى التي تشير الى متى.
السؤال الرابع: لا توجد إشارات وادلة من داخل الإنجيل بأن الكاتب من تلاميذ المسيح ال 12 او الرسل 72
السؤال الخامس: لا توجد إشارات وادلة من داخل الأنجيل ان الكاتب هو يهودي من سكان فلسطين
السؤال السادس: لا توجد إشارات وادلة من داخل الأنجيل ان الكاتب هو شاهد عيان لما حدث خلال حياة المسيح
هذا الإعتراضات تشابه كثيراً الإعتراض الأول والثالث. والرد عليه من جديد هو بسيط. عدم ذكر الإنجيل لهوية الكاتب لا تعني ان الكاتب مجهول. فلدينا المخطوطات وإقتباسات أباء الكنيسة الأولى تشير وبإتفاق تام بأن متى هو كاتب الإنجيل.
السؤال السابع: كاتب الإنجيل نقل أنجيل مرقس وبالتالي كاتب الإنجيل ليس من تلاميذ المسيح وليس شاهد عيان
هذا الإعتراض يحاول ان يقول ان كاتب إنجيل متى ليس شاعد عيان وليس من تلاميذ المسيح لانه أقتبس جزء من إنجيله من مرقس الذي هو ليس شاهد عيان.
نحن نعرف أن مرقس هو تلميذ بطرس وأن مرقس دون إنجيله بإملاء الروح القدس وشهادة العيان من جهة الرسول بطرس الذي كان ملازماً للمسيح في خدمته وموته وقيامته. وبالتالي لايوجد اي أشكال ان يقتبس متى شاهد العيان من مرقس تلميذ بطرس شاهد العيان. متى وبطرس شهدوا نفس الحقائق والأحداث ولا إشكال ان يشترك شهود العيان في شهادتهم.
السؤال الثامن: الإنجيل لا يدعي انه مكتوب بوحي مقدس
هذا الإعتراض يحاول ان يقول ان الإنجيل ليس مكتوب بوحي مقدس لانه لايذكر ذلك بصورة مباشرة.
نحن نعرف ان العهد الجديد فيه أشارات كثيرة الى انه موحى به بوحي إلهي. فنرى في رسالة تيموثاوس الثانية 3 : 16 "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ،". نفس الشئ يكرره الرسول بطرس في رسالته الأولى 1 : 21 "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.".
السؤال التاسع: إسم انجيل متى تم اضافته في فترة لاحقة
هذا الإعتراض يحاول ان يقول انه في القرون الأولى لم يعرف المسيحييون من هو كاتب الإنجيل ومن ثم تمت فبركة هذا الإسم في وقت لاحق.
بداية هذا الإعتراض لا دليل عليه و الحجة على من أدعى. لكن بدل تقديم حجج ودلائل يتم تقديم نظرية المؤامرة التي تفترظ انه بالخفاء تم تحديد من هو كاتب الإنجيل.
هذا الشئ هو محض خيال ولا يوجد أي دليل تاريخي يذكر لنا ان الإنجيل كان مجهول الهوية او ان إسم متى تمت إضافته في وقت لاحق. بالعكس، كل كتابات اباء الكنيسة الأولى وكل المخطوطات تحمل إسم متى فقط ولا غير.
أضافة إسم في وقت متأخر في زمن لم تكن فيه أي سلطة كنسية موحدة شئ غير مرجح لانه من غير الممكن ان يتفق كل المسيحيين على إضافة إسم متى بدون إعتراض او تدوين تاريخي لهذا الحدث.
السؤال العاشر: أصول مصادر كتابات الاباء مفقودة وبالتالي لايمكننا ان نعتمد عليها كأدلة خصوصة كتابات بابياس وبوليكارب وأيروناوس
هذا الإعتراض يحاول أن يرفض شهادة اباء الكنيسة بدون أي حجة واي دليل. اباء الكنيسة نعرف سيرتهم وتاريخهم وكتاباتهم التي كانت تُقتبس منها من قبل أباء آخرين.
بالرغم من أن بعض كتاباتهم مفقودة كما هو الحال مع الكثير من الوثائق التاريخية القديمة الا ان هذا الشئ لا يُقلل من قيمة كتاباتهم وشهاداتهم في أصالة نصوص العهد الجديد.