أهلا وسهلا أستاذنا الحبيب. أشكرك على إضافاتك الهامة بالطبع كالعادة، ولكن كنت أرجو فقط أن تقرأ رسائلي جيدا كما أقرأ رسائلك. لأنني ـ وبكل وضوح ـ أقول برسالتي الأخيرة:
... أيضا أعتذر فقد انتبهت اليوم فقط إلى أن حديثنا عن القديس توما هو نفسه خارج الموضوع، وعباراتي العَرَضية في إطار الشرح صارت موضوعا بحد ذاته! إن كان لديك المزيد لم يزل حول قديسنا الكبير ـ ولا أعتقد هذا ولكن فرضا ـ فليكن ذلك إذاً في موضوع جديد خاص بذلك إن شاء الله أستاذنا الحبيب. ...
أرجو من ثم فضلا أن ترفع كل رسائلك الأخيرة هذه إلى موضوع جديد حول القديس توما، ويا حبذا لو كان ذلك بقسم "الأسئلة والأجوبة" لأنني لا أشارك عادة بقسم الشبهات ولا أميل للمجادلات أو حتى المناظرات عموما كما سبق وأخبرتك.
فإن فعلت هذا مشكورا فياحبذا أيضا ـ في هذا الموضوع الجديد ـ أن تحدد بالضبط ما هو السؤال، أو محور الخلاف. لأنني لم أحاول أبدا أن أثبت ألوهية المسيح من خلال عبارة توما. حديثنا هنا في الأصل كان عن القديس بطرس وعبارته التي تسيئون قراءتها عمدا، وما جاء ذكر القديس توما في هذا السياق إلا عَرَضا، فقط للتدليل على أن التلاميذ كان وعيهم ينمو وقلوبهم تستنير تدريجيا، وهو ما استمر حتى بعد صلب المسيح وقيامته وصعوده فلم يتقدّسوا ويتمجّدوا ويبلغوا التمام حقا والكمال إلا في يوم العنصرة تحديدا، حين حلّ أخيرا روح الله القدوس عليهم.
هذا كما ترى لا علاقة له أبدا بـ"إثبات ألوهية المسيح" من خلال عبارة توما. لم يكن هذا أبدا مقصدي. وإذا كانت هذه قضيتك حقا فمعذرة، هذا بالتأكيد ما لا أناقشه ولن أناقشه. لديك بالفعل آلاف الكتب تتراكم منذ ألفي عام حول هذا الأمر، كتبها مَن هم أفضل مني كثيرا، فإذا لم تجد عند كل هؤلاء ما يرد شكوكك أو يجيب أسئلتك فلا أظنك تجد ذلك عند ضعفي أبدا.
**************************
أخيرا، وعلى الهامش، أرجو فضلا أستاذنا الحبيب ألا تتدخل بأمور لا تعنيك وربما على الأرجح لا تدرك أبعادها تماما. كيف عرفت حقا أن أبينا الحبر الجليل متى المسكين كان "كثير الأخطاء"؟ سامحنى ولكن.. مَن أنت حقا كي تقر بأمر كهذا؟!
نعم كان هناك خلاف، ولكنه خلاف داخلي لاهوتي لا شأن لك مطلقا به. كان مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة ـ على سبيل المثال ـ يقول إننا نموت في المعمودية، بينما في المقابل كان الأب الجليل متى يقول إننا متنا مع المسيح على الصليب. هذا مثال للخلاف الذي كان بين الأبوين الكبيرين، وكانت لا شك عثرة في الكنيسة لولا الشيطان ما بدأت واستفحلت. حقيقة الأمر هي أن كلا الشيخين كان على صواب. كلا الأبوان الجليلان كان مُصيبا فيما ذهب إليه، وكلا القولان لاهوتيا صحيح صائب لا غبار أبدا عليه. نحن نموت حقا في المعمودية كـ"أشخاص"، كما أننا أيضا متنا مع المسيح على الصليب كـ"طبيعة"!
أي أنه لا "خطأ" هنا على الإطلاق. الفرق هو فقط التمييز بين "الشخص" و"الطبيعة" وما يعنيه هذان الاصطلاحان. فهل فات هذا التمييز على عملاقين بحجم قداسة البابا والشيخ الراهب؟ بالطبع لم يفت، فهم بالأحرى معلّمونا وأساتذتنا. لكنه الشيطان كما ذكرت ومكائد الشيطان وأعوانه. (كما لا ننسى بالطبع إسهام "المتفرجين" من أمثالك خارج الكنيسة، الذين تسعدهم كثيرا هذه الخلافات ويفرحون بها وسرعان ما ينشرونها)!
وعليه أرجو أستاذنا الحبيب ـ إذا فتحت موضوعا جديدا ـ أن تعيد الصياغة بحيث تتضح أولا أهدافك وما هو حقا غرض النقاش، ثم ثانيا أن تحذف هذا الجزء الذي يتعلق بأبينا الجليل متى و"أخطائه الكثيرة"، على ألا تتدخل فضلا فيما لا يعنيك مستقبلا، وفيما لم تتأهل بعد على الأرجح حتى لفهمه، معذرة، ناهيك عن مناقشته.
**************************
أشكرك ختاما لاهتمامك ومتابعتك، خاصة وقد قلتَ بنفسك: اسأل الله العلى القدير أن يرزقنى واياك الإخلاص فى طلب الحق. دعك بالتالي من الهراء والتشتت والمجادلة واطلب الحق مباشرة إن كنت مخلصا. أعود ان شاء الله بعد أسبوع من الآن، فحتى ذلك الحين لك أطيب المنى وحتى نلتقي. ♥