- 143 –
ولأنَّ هذه المعجزات والعجائب، أو الظواهر الإعجازيّة التي حدثت وقت صلبه وموته، غير عاديّة، وقد برهنت بصورة قاطعة علي أنَّ المصلوب لم يكن سوي رب المجد، المسيح، فقد زعم البعض عدم صحّتها، بحُجَّة أنَّها، كما يزعمون، غير مُدَوَّنّة في التاريخ العام، فقال أحدهم " هذه حادثة عظيمة لو صحَّت لدوَّنها التاريخ العامّ الذي لم يُشِرْ إلي المسيح بكلمة (حسب إدّعائه). ولو صحَّت أيضًا لآمن الرومان واليهود 000 ولكن (حسب زعمه) لم تردْ أخبار بإيمان أحد من اليهود علي أثر تلك البيِّنات الباهرات!! ". وهذا الإدعاء المبني علي الهوي وغير المدروس لا أساس له من الصحة ويتجاهل حقائق التاريخ المؤكدة .
أولاً: لأنَّه عندما صُلب المسيح وحدثت هذه الظواهر الإعجازيَّة لم تكنْ بشارته ورسالته المسيحيّة قد خرجت خارج نطاق فلسطين وسوريا وكان في نظر أهل هذه البلاد مُجَرَّد " نبي اليهود "(11) أو " النبي الذي من ناصرة الجليل "(12)، وبالتالي فلم يكن أحد قد سمع به كثيرًا خارج فلسطين أو سوريا. كما أنَّ عمليّة القبض عليه ومحاكمته وصلبه وموته لم تستغرق أكثر من 20 ساعة، من بعد عشاء الخميس إلي ما قبل غروب شمس يوم الجمعة، فقد تمَّ كلّ شئ بصورة مفاجئة وسريعة، وهذا لم يجعل أحدًا خارج أورشليم يعرف شيئًا عمَّا حدث إلا بعد ذلك بأيَّام فما بالنا بالعالم الوثنيّ خارج فلسطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(11) يقول الكتاب انه " كان عندهم مثل نبي " (مت5:14؛46:21) .
(12) ) متى 11:21 ولم يطلب السيد من تلاميذه أن يذهبوا إلى العالم أجمع وإلى أقصى الأرض كلها إلا بعد قيامته (متى29:28؛ أع8:1). كما أن طلب منهم أن لا يبرحوا أورشليم إلا بعد أن يحل عليهم الروح القدس (لو 49:24).
ــــــــــ