- إنضم
- 24 ديسمبر 2012
- المشاركات
- 2,622
- مستوى التفاعل
- 786
- النقاط
- 113
نظرية الحق النسبي
يعيش الشبيبة المعاصرة في حالة ضياع وفراغ، وتشتت وانحراف، لم يسبق لها مثيل في عصور التاريخ. ويحار رجال الدين وعلماء النفس والمربّون في تعليل هذه الظاهرة، ومن أجل ذلك تراهم ينكبون على تحليلها لعلّهم يتبيّنون الأسباب المؤدية لمعاناة الشبيبة منها، ويقدّمون الحل والعلاج.
*
ويسرنا أن ننشر هذه المقالة للدكتور القس الراحل لبيب ميخائيل عن الفلسفة التي أفسدت الشباب في حلقتين. وإليكم المقالة الأولى:
من الظواهر السائدة في عالم اليوم، ظاهرة انحلال الشباب واستهتاره، وإغراقه في الجنس، وعدم رغبته في أخذ الحياة مأخذ الجد، وحمل مسؤولياتها برجولة. وسبب هذا التدهور في حياة غالبية الشباب هو اعتناقهم لفلسفة جديدة هدّامة تتلخص في نظريتين:
النظرية الأولى:
نظرية الحق النسبي
والنظرية الثانية:
نظرية الحياة للآن
* * *
النظرية الأولى:
نظرية الحق النسبي
فبسبب تعدد الأديان، وتعدد المذاهب في الدين الواحد، وتعدد الفلسفات التي تعالج مفاهيم الحياة، وتضارب الآراء والتفاسير وتعارضها في الموضوع الواحد، وعدم وجود الرغبة المخلصة في البحث عن الحق من جانب الشباب، اعتنق كثيرون منهم نظرية الحق النسبي، وتعني هذه النظرية أنه لا يوجد حق مطلق، وعلى هذا فلا داعي للتمسك بالمثل العليا أو بالأخلاقيات السامية، لأن ما يعتبره البعض خطأ، يعتبره آخرون صوابًا، وما كان شرًا منذ ربع قرن أصبح الآن تصرفًا مقبولاً، وحتى الإيمان بوجود إلوهيم لم يعد العقيدة السائدة على الجميع. إذن فالحق نسبي، ولا يوجد حق مطلق في هذه الدنيا!
واعتناق هذه النظرية الهدامة، قلب كل المبادئ والمثل العليا في الحياة، ووصل بالكثيرين إلى درجة إنكار وجود إلوهيم، وبغير شك أنه حين يصل المرء إلى حدّ إنكار وجود إلوهيم، فإنه بالتالي يتدهور إلى حضيض الشر، ولا تبقى حياته خاضعة لسلطة عليا تضبط تصرفاته وتراقب نوازعه.
*
ذلك لأن إلوهيم – تبارك اسمه - هو أعلى سلطة في الوجود، بل هو مصدر كل سلطة قانونية، وهو بسلطانه الإلهي قد حدد في كلمته التي أعطاها للناس ما هو الحلال وما هو الحرام، وهو الذي سيعاقب المتمرّد ويكافئ المطيع، فإذا انعدم إيمان إنسان في وجود إلوهيم هوى ذلك الإنسان تلقائيًا إلى مهاوي الفساد، وفقد القدرة على التمييز بين الحلال والحرام.
هذا ما تؤكده كلمة إلوهيم:
" قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ:
«لَيْسَ إِلهٌ».
فَسَدُوا وَرَجِسُوا بِأَفْعَالِهِمْ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا. "
(مزمور 1:14)
فالشخص الذي ينكر وجود إلوهيم ولو في قلبه يسير إلى الفساد ويهوي إلى مهاوي الرذيلة.
"لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اإلوهيم لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ إلوهيم الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ. لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ إلوهيم أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ."
(رومية 21:1-24)
*
لا بد من اليقين إذًا بأن إلوهيم حق مطلق لا يعتريه التغيير.
" لأَنِّي أَنَا يَهْوَهُ لاَ أَتَغَيَّرُ "
(ملاخي 6:3)
"مُنْذُ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ أَنْتَ إلوهيم."
(مزمور 2:90)
"... أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ."
(يعقوب 17:1)
ولأن إلوهيم لا يتغيّر قط، فكلمته لا تتغيّر.
"لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ."
(تثنية 2:4)
" كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ إلوهيم نَقِيَّةٌ ... لاَ تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ."
(أمثال 5:30-6)
" إِلَى الأَبَدِ يَا يَهْوَه كَلِمَتُكَ مُثَبَّتَةٌ فِي السَّمَاوَاتِ."
(مزمور 89:119)
"لأَنَّ: «كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ،...وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ ."
(1بطرس 24:1-25)
ولأن إلوهيم لا يتغيّر، وكلمته بالتالي لا تتغيّر، فنحن نستطيع أن نضع ثقتنا المطلقة في إلوهيم وفي كلمته، متيقنين أن الكتاب المقدس يحوي الحق المطلق الذي نحتاج إليه كأساس لإيماننا وحياتنا على هذه الأرض، ولتحديد مصيرنا بعد الموت.
*
ولا عبرة بما يقال عن كثرة المذاهب والتفاسير، إذ أن الكتاب المقدس لا يحوي سوى حق واحد بين دفتيه، وطوبى لمن يبحث بإخلاص عن هذا الحق حتى يجده.
قديمًا سأل بيلاطس المسيح، وهو حائر كملايين الشباب الحائر:
"مَا هُوَ الْحَقُّ؟"
(يوحنا 38:18)،
ولم ينتظر الجواب، لكن المسيح كان قد قال لتلاميذه قبل أن يسأله بيلاطس سؤاله الحائر:
"أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ."
(يوحنا 6:14)
فالمسيح، له المجد، هو الطريق للباحثين عن الطريق إلى السماء.
وهو الحق المتجسد للباحثين عن الحق. ففي كلماته، وتصرفاته، ودقائق حياته نجد الحق المطلق الذي لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه.
وهو الحياة، لأنه فيه الحياة، ولأنه مصدر الحياة، ولأن حياته ترسم الأسلوب الصحيح للحياة.
وعلى هذا فنحن نستطيع أن نثق فيه، وأن نعطيه حق السيادة المطلقة على حياتنا، وحين نقبله مخلصًا وربًا وسيدًا على الحياة يقودنا بحكمته في مدارج الحق، ويحفظ أقدامنا من الزلق في طريق الغواية والفساد.
إن نظرية الحق النسبي، نظرية هدّامة، فالطريق إلى الإيمان الواثق هو الإيمان في الحق المطلق الذي هو إلوهيم.
{الدكتور القس لبيب ميخائيل}
* * *
يارب أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين
يسوع يحبك ...
التعديل الأخير: