مواضيع خاصه بقداسه البابا

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
الإلتزام افضل من الإلزام

يعيش مستريحاً ومطمئناً. من يتعامل مع إنسان ملتزم.
فالإنسان الملتزم يلتزم بكل كلمة يقولها. ولكل وعد يعد به..
ويلتزم بكل اتفاق يبرمه مع آخرين. وبكل نظام يخضع له. وبكل عهد بينه وبين الله. وكل وصية من وصاياه.. إنه يلتزم بمباديء معينة. وبقيم وأخلاقيات. وقواعد روحية يتبعها.
إن قال كلمة. يكون لها احترامها عند الناس ووزنها. بل تكون أفضل من أي اتفاق مكتوب وموثّق. بل حتي إن لم يقل كلمة. وإنما هزّ رأسه بعلامة الموافقة. يدرك الحاضرون تماماً أنه سوف يلتزم بهذه الموافقة. بدون إمضاء ودون شهود.
إنه الالتزام بالكلمة والوعد...
* * *
كذلك فهو يفي بكل نذوره التي نذرها. لأنها اتفاقات مع الله
نقول هذا. لأنه كثيراً ما يقع شخص في ضيقة أو إشكال. فيرفع قلبه إلي الله تبارك اسمه. وينذر نذوراً: إن نجيتني من هذه الضيقة. وحللت لي هذا الإشكال. سأفعل وأفعل... ولكنه بعد ذلك. إما أن ينسي هذا النذر. أو يماطل في الوفاء به. أو يحاول تغييره إلي شيء آخر.. أو أنه يقول مع الشاعر:
كم وعدتُ الله وعداً حانثاً :. ليتني من خوف ضعفي لم أعدْ
أما الإنسان الملتزم. فإنه يلتزم بكل نذوره ووعوده
* * *
الملتزم أيضاً يلتزم بتعهد الوظيفة وشرف المهنة
إن ضابط الحربية. وضابط الشرطة في حفل التخرج يتلو مع زملائه قَسَماً وتعهداً. يلتزم به في حياته العسكرية. وكذلك كل سفير جديد. وكل وزير جديد قبل استلام عمله يتلو أيضاً تعهداً وقسماً. وكل صاحب مهنة. عليه التزام من جهة شرف المهنة عليه الالتزام به. منه ما يسمي سرّ المهنة. كالمحامي والمحاسب في الحفاظ علي أسرار موكله.. والطبيب كذلك.
إنه الالتزام بشرف المهنة. والالتزام بالأمانة فيها
* * *
هناك أيضاً الالتزام بحفظ النظام العام
لعل منه الالتزام بقواعد المرور. فإننا نري أن كثيراً من الحوادث يكون سببها عدم الالتزام بالسرعة المقررة. أو في اتجاه المرور.
وفي النظام العام الالتزام بها تفرضه المطارات من تفتيش الحقائب والأشخاص. وما تفرضه الضرائب والجمارك من التزامات. وعدم التحايل للتخلص من استحقاقات الدولة مالياً بأنواع من الحيل. كثيراً ما يتحايل بها الأشخاص للتهرب من التزاماتهم.
* * *
ليتنا نضيف أيضاً إلي التزاماتنا. الاهتمام بالبيئة والنظافة
فجمال البيئة. والحفاظ علي نظافة شوارعنا. هو جزء هام من التزامنا. والإنسان الملتزم لا يلقي ورقة في الطريق. ولا يلقي عقب سيجارة حيثما اتفق له. فتزدحم كثير من الطرقات بأعقاب السجائر. بل في بعض الأحياء الشعبية يلقون بأكوام من القمامة في شوارعها وتتجمع حولها الحشرات. غير مبالين ولا ملتزمين بنظافة الطرقات ولا بمنظرها. ولا بقواعد الصحة فيها..!
ومن عدم الالتزام أيضاً. عدم الاهتمام بنظافة نهر النيل وبعض الترع. سواء بما تلقيه فيه بعض المصانع من بقاياها. أو استخدام بعض الأفراد له بطريقة سيئة..!
* * *
الالتزام يشمل أيضاً الالتزام براحة الآخرين وبصحتهم
فالتدخين في الأماكن المغلقة كالحجرات أو وسائل المواصلات. فيه عدم التزام بصحة الآخرين. إذ يلزمهم باستنشاق ما ينفثه من دخان. فيستنشقونه علي الرغم منهم..! ولذلك فإن كثيراً من شركات الطيران منعت التدخين في طائراتها. التزاماً بالحفاظ علي صحة الركاب. سواء كانت رحلات داخل البلاد أو عابرة للمحيطات.
كذلك في الالتزام براحة الناس وصحتهم. كثير من البلاد الغربية قسمت أحياء مدنها إلي مناطق Zones بحيث لا يمكن التصريح بمصانع في أماكن السكني. إنما للمصانع أحياء أخري طبقاً لنظام ال Zoning وذلك لإراحة الناس من ضوضاء المصانع ودخانها.
نرجو مراعاة مثل هذا في مناطق كحلوان بما فيها من مصانع ومحاجر تهدد الكثير من السكان بأمراض الصدر.
* * *
من المسائل الهامة في موضوع الالتزام: الالتزام بالمواعيد
ويشمل هذا الأمر: الالتزام بموعد بدء اللقاء أو الاجتماع. والالتزام بمدته ونهايته.. والإنسان الملتزم يمكنك أن تضبط ساعتك علي مجيئه. بينما غير الملتزم كثيراً ما يتأخر عن موعده. ثم يقدم أعذاراً كثيرة لسبب تأخره.
إنسان آخر يأتي لزيارة. ولا يلتزم بموعد تنتهي زيارته فيه. ويطول الوقت. وهو لا يبالي بمواعيد مضيفه! جاء أشخاص من هذا النوع لزيارة مكرم عبيد. وطالت جلستهم. فقال لهم "أهلاً بكم وسهلاً. تأتون أهلاً. ولا تخرجون سهلاً!".
* * *
وفي عدم الالتزام بالمواعيد. يوجد نوعان آخران:
منهما الالتزام بموعد الكلمات في الاجتماعات. وفي التليفونات
فربما في اجتماع عام. يكون مقرراً لكل متكلم عشر دقائق مثلاً:
فيقف أحدهم ولا يلتزم بالزمن المحدد له. ويطيل الكلام حتي يزيد علي نصف الساعة! غير مبالي بالوقت اللازم لمن سوف يتكلم بعده. ولا بالموعد المقرر لنهاية ذلك الاجتماع..! مما يحدث ارتباكاً في الكلمات التالية. والمتكلمين. وفي قدرة الحاضرين علي الاستماع.
مثال ذلك أيضا من يطلب شخصاً في التليفون. دون أن يلتزم بفترة معينة للحديث. ويظل يتكلم غير واضع في ذهنه وقت الذي يتحدث إليه. وهل هو متفرغ له أم غير متفرغ.
* * *
الالتزام يشمل كذلك بعض العلاقات والواجبات الاجتماعية
مادمنا نعيش في مجتمع. فنحن ملتزمون بواجبات نحو الآخرين. لا نستطيع أن نقصر فيها. وإلا فإننا بذلك نسيء إلي مشاعر الناس.
نحن ملتزمون بتعزية الآخرين في حالات الوفاة. وبتهنئتهم في حالات الفرح والنجاح والترقية. كذلك ملتزمون بزيارة المرضي والاطمئنان علي صحتهم. وبمواساة كل من هو في كارثة.
إن قصرنا في هذا الالتزام. تسوء علاقتنا بغيرنا. ونكون موضعاً للومهم. واتهامنا بعدم المحبة. وعدم القيام



تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
داله القديسين عند الله


إن عرفنا مقدار الدالة التى بين الله ومحبيه تملكتنا الغيرة , ويلتهب قلبنا فنود ان نكونمثلهم . وسنحاول هنا ان نستعرض بعض امثله :
قيل عن ابينا ابراهيم انه خليل الله . ونحن نتشفع به فى الصلاة , فنقول له فى الصلاة الساعة السادسة " من اجل ابراهيم حبيبك ..." انه حبيب الله , صديقه , بينه وبين الله داله ... عندما اراد الله ان يحرق سدوم , قال الرب , " هل اخفى عن ابراهيم ما انا فاعله ؟" ( تك 18: 17 ) .ياللعجب ان الله لم يرد ان يحرق سدوم قبل ان يخبر ابراهيم اولا ويتافهم معه فى الموضوع ... ومن يكون ابراهيم هذا يارب ؟ اليس حفنة من " تراب ورماد " ( تك 18: 27 ) . كلا -يجيب الرب - انه حبيبى وصديقى . لابد ان اخبره اولا واخذ رايه ...
ويخبر الله ابراهيم . ويتفاهم معه ابراهيم بداله : -
"افتهلك البار مع الاثيم ؟ ... حاشا لك ان تفعل . مثل هذا الامر .... حاشا لك . اديان الارض كلها لا يصنع عدلا ؟ ... انه اسلوب قد لانستطيع ان نكلم به بعض البشر خوفا منهم , ولكن ابراهيم يكلم به الله بكل جراة وداله . ويظل يتفاوض معه : عسى ان يكون خمسون بارا فى المدينه ... ربما نقص الخمسون بارا خمسه ... عسى ان يكون هناك اربعون ....ثلاثون .... عشرة ... ويستجيب الرب ويقول " لا أهلك من اجل العشرة ...." 0 تك 18 : 32 ) . انها صداقة مع الله ... عجب ان يوجد اناس لهم صداقة مثل هذة مع الله , يتفاهم معهم ... نفس الوضع الذى حدث مع ابراهيم حدث لموسى ايضا .... صنع اليهود عجلا من ذهب وعبدوه . فغضب الرب جدا من هذة الخيانه التى خانوة بها , بعد سلسلة من المعجزات عملها معهم , وبعد سلسلة من الاحسانات قدمها اليهم . وفكر الله ان يهلك هذا الشعب . ولكنه رأى ان يخبر موسى اولا . وبعد ان شرح الرب لموسلى كيف ان هذا الشعب صلب الرقبة قال له " اتركنى ....لافنيهم " ( خر 32: 10 ) ونحن نقف فى خشوع امام كلمة " اتركنى " .... ما معنى هذا الكلام ايها الرب الهنا القادر على كل شئ ... هل انت محتاج ان يتركك موسى لتفعل ؟ هل هو ممسك بك ليمنعك ؟ وهل هو يستطيع ؟ .... على ان عجبنا يزداد , ليس فقط من كلام الله , بل بالاكثر من رد موسى ... فكلما قال يعقوب للرب وهو يصارعه " لا اتركك ..."
( تك 32: 26 ) , هكذا قال موسى للرب ...فى جراة وداله المحبة قال له : " ارجع يارب عن حمو غضبك . واندم على الشر " ( خر 32: 12 ) .....كلام جرئ عجيب من يقدر ان يقوله للرب , بل من يقدر ان يقوله لاحد الرؤساء على الارض .....؟ ويعلل موسى احتجاجه :لئلا يقولوا قد اخرجهم بخبث من ارض العبودية , لكى يهلكهم فى الفقر .... والعجيب ان الرب لم يغضب من كلام موسى ,بل وافقه ... ونفذ له ما يريد .... ويقول فى ذلك الكتاب " فندم الرب على الشر الذى قال انه سيفعله " ( خر 32 : 14 ) .... ما هذا يارب ؟ يجيب انهم اصدقائى , لهم داله عندى . عجبا اى رجل هو موسى هذا ؟ بل اية داله هى هذه بين الله واحبائه .... ان قرأ خاطئ عنها , يشعر بحرارة الغيرة تلهب قلبه ... ليترك ما هو فيه , ويصير مثل هؤلاء

تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
الحرية انواعها وضوابطها


لقد خلق الله الإنسان حرا. وبالحرية ميزه عن مخلوقات أخري كثيرة. وقد تغني الناس بالحرية. فقال أحد أدباء الغرب: 'لو انك فقدت كل شيء، ماعدا الحرية، فأنت لاتزال غنيا'. وتجاه الحرية، يقف ذلك السؤال الشهير:

'هل الإنسان مسير أم مخير؟'

وواضح ان الإنسان مخير في كل ما يفعله. ولكي لاينحرف بحريته فيخطيء، زوده الله بالعقل الذي ينير أمامه الطريق، وأيضا بالضمير لكي يميز بين الخير والشر. كما زوده كذلك بالوصية الإلهية لكي يلتزم بها في كل تصرفات حياته.

والدليل علي حرية الإنسان، ان الحرية ترتبط دائما بالمسئولية، فإن لم يكن الشخص حر الإرادة، فلا مسئولية عليه، وان لم يكن حرا، فكيف يلتزم بوصايا الله؟! وما لزوم أمور عديدة ينهاه الله عنها، إن لم تكن له حرية إرادة؟ وإلا انطبق عليه قول الشاعر:

ألقاه في اليم مكتوفا وقال له.. إياك إياك ان تبتل بالماء

كذلك فإن ارتكاب الخطيئة دليل علي ان الإنسان مخير.. لأن الله لايسير أحدا في طريق خاطيء.. إنما المخطيء يرتكب الخطأ عن طريق اختياره له.

وأيضا ان لم تكن هناك حرية، فلا حساب إذن ولا دينونة في الآخرة ولا ثواب ولاعقاب.

***

الإنسان إذن مخير لا مسير.. فهل هو مخير في كل شيء؟

طبعا لم يكن أي شخص مخيرا من جهة البلد الذي ولد فيه، ولا من جهة الجنس الذي ينتمي إليه. ولم يكن مخيرا في نوع شكله وملامحه، وفي فصيلة دمه، وفي كثير من المواهب التي اعطيت له، أو التي حرم منها.. لم يكن مخيرا في نشأته، ولا في اختيار أسرته، ولا فيما ورثه عن تلك الأسرة من دم ومن عقل، وأمور اجتماعية..

ولكنه علي الرغم من كل هذا هو مخير في تصرفاته، ومخير في أن يصلح بقدر الإمكان من مستوي نشأته، كما في تغيير مستواه في أمور عديدة.

***

هنا ونسأل: هل الإنسان حر في أحلامه؟

وللإجابة علي هذا السؤال، نقول ان هناك أنواعا من الأحلام، فقد توجد أحلام عبارة عن إعلان من الله، مثل الأحلام التي فسرها يوسف الصديق لفرعون. وهناك أحلام أخري عبارة عن حروب من الشياطين. وهذان النوعان لا إرادة للإنسان فيهما ولا حرية، وبالتالي لامسئولية.

غير ان هناك أحلاما ناتجة عما يخزنه كل شخص في عقله الباطن من شهوات أو رغبات أو أفكار أو مخاوف.. وما تجمعه الحواس من نظر وسمع.. وهذه قد تظهر له بصورة أحلام. ويبدو انه لاحرية للإنسان فيها. ولكنها ناتجة عن حرية سابقة، فيما خزنه لنفسه.. وهي لاتدخل في نطاق الأمور الإرادية، إنما في شبه الإرادية أو نصف الإرادية. وعليه مسئولية تجاهها، علي الأقل من جهة الأسباب التي أوصلتها إليه.

ولهذا، فإن كان الإنسان أمينا علي نفسه وروحياته أثناء الصحو، ستكون أحلامه أمينة له أثناء نومه.

***

ضوابط الحرية وحدودها

إن الإنسان فيما هو مخير فيما يفعل، لكنه ليس مخيرا بطريقة مطلقة، إنما تحد من حريته أمور مهمة تنطبق علي الكل.

فله ان يستخدم حريته، بحيث لايعتدي علي حريات الاخرين وحقوقهم، فلا تستخدم الحرية في إهانة الغير، ولا في السب والقذف، ولا ان تبني راحته علي تعب الاخرين. وليس هو حرا في استخدام العنف ضد غيره.

وهو أيضا حر في حدود الالتزام بالنظام العام، والالتزام بالآداب العامة، وبقوانين البلد الذي يعيش. مثال ذلك فإنه في أكثر البلاد تمسكا بالحرية، لايستطيع أحد أن يكسر قواعد المرور وإشاراته، ويقول: أنا حر أفعل ما أشاء!

هو أيضا حر في حدود وصايا الله، فلا يعصاها ويسلك حسب هواه. وهكذا فإن المؤمنين بالحرية، ينادون بالحرية المنضبطة، وليس بالحرية المطلقة.

ولهذا، فإن الذي يتجاوز حدود حريته، ولا يلتزم بالوضع السليم، فإن القانون يلزمه بذلك، والعقوبة تردعه.. بل ان حرية الإنسان ينبغي ضبطها منذ الصغر. وهنا يبرز لزوم التربية والتعليم. ويقوم واجب الأسرة في ضبط حرية الطفل، بحكمة، حتي لاينحرف. ثم واجب المدرسة أيضا في تعليم الطلبة قواعد الحرية وحدودها وضوابطها.

***

كذلك ليس الإنسان حرا في ايذاء نفسه:

فلا يقع الإنسان في إدمان الخمر أو المخدرات أو التدخين، ويتلف صحته وإرادته، ويضيع ماله فيما يضره. ويقول أنا حر!.. كلا، ليس هو حرا فيما يجلب له الأذي. فصحته وديعة في يديه، لايملكها وحده، بل يملكها أيضا المجتمع الذي رباه ورعاه، والذي هو مكلف بخدمته وأداء واجبه نحوه.. كذلك ليس الإنسان حرا في أن يقتل نفسه، أي ينتحر بطريقة ما. فحياته ليست ملكا له وحده. كما انه ليس حرا في كسر وصية الله القائلة 'لاتقتل'. والتي تنطبق أيضا عليه من جهة نفسه كما من جهة غيره.

***

أنواع الحرية

في نطاق الحرية المنضبطة، توجد أنواع من الحرية، منها الحرية الشخصية، حرية الإرادة، وحرية الفكر، وحرية إبداء الرأي، وحرية الاجتماع، وحرية العقيدة، والحرية السياسية.

فالإنسان من حقه ان يفكر بحرية كما يشاء. ولكن بضوابط: فليس من حريته ان يسرح في أفكار ظالمة، أو في أفكار نجسة، وان كانت قوانين الدولة لاتردعه من جهة هذا الفكر، فإن الضمير يوبخه، ويأمره ان يضبط فكره حتي لايدنس نفسه.. ثم هل في حريته ان يعتنق فكرا هداما؟! وان اختار بحريته هذا الفكر، فليس من حقه ان ينشره. وإلا فإنه يؤذي المجتمع الذي يعيش فيه. وهنا من حق الدولة ان تضبط الأفكار الهدامة التي تبلبل أذهان الناس وتقود تصرفاتهم في اتجاه ضار.

***

الإنسان له حرية العقيدة، من جهة الدين والتدين، وما يتبع ذلك من حرية العبادة.

وقد تمادي البعض في هذه الحرية، حتي وصلوا في بعض البلاد إلي الالحاد. كما وصلوا إلي كثير من الانحرافات العقيدية وإلي تشويش أذهان الآخرين، ونشر الشكوك في الثوابت من الأمور الإيمانية. وتجرأ بعضهم في بلاد الغرب إلي مطالبتهم بعدم تدريس الدين، لأنه لايوافق معتقداتهم. كذلك وصل بهم الأمر إلي الشذوذ الجنسي والمطالبة باعتماد قانون من الدولة. وبعض الدول سمحت لهم بهذا كما في كندا. كما ضغطوا علي بعض الهيئات الدينية لاعتماد الشذوذ. وطالبوا لأنفسهم بحقوق كشواذ.

***

أما عن الحرية السياسية فللإنسان الحق في اختيار النهج السياسي الذي يوافقه، والحزب السياسي الذي يستريح لمبادئه.

كما ان له حق الانتخاب وحق الترشيح في حدود القانون. ولكن الحرية السياسية ينبغي أن تكون منضبطة أيضا. فلا ينضم أحد إلي نهج سياسي مدمر، ولاينضم إلي حزب متمرد علي النظام، يثير الشقاق ويدعو إلي التخريب وإلي محاولة قلب نظام الحكم.

وفي نطاق الحرية السياسية، تدخل حرية الصحافة وحرية النشر والمفروض في هذه الحرية ان تكون منضبطة أيضا، بحيث لاتكون أداة تشهير بالناس، وسب البعض وقذفهم بحجة حرية الرأي. ولايجوز للصحافة ان تخرج من الناحية الموضوعية إلي النواحي الشخصية، التي تمس أعراض الناس وسمعتهم وأمورهم الشخصية.

إن الحرية سلاح ذو حدين، فهي نافعة ولازمة ان سارت في طريق سليم. وإلا إذا انحرفت فإنها تضر الإنسان ومن حوله.

***

الحرية الحقيقية

ختاما ما هي الحرية الحقيقية؟ ذلك لأن هناك بعض الناس يسمون أنفسهم أي متحررين، وهم يسيرون حسب هواهم في طريق خاطيء، يتحررون فيه من القيم والثوابت..!

أما الحرية الحقيقية، فهي ان يتحرر الإنسان من كل فكر خاطيء، ومن كل طبع رديء، ومن كل شهوة منحرفة، ومن كل خطيئة.

مثل هذا الإنسان إذا منح الحرية فإنه سيسلك فيها بأسلوب سليم نافع له ولغيره..

لذلك علي طالب الحرية، ان يتحرر أولا من الداخل.. وبهذا يمكنه ان يستخدم الحرية للخير.


تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
نقاء القلب و كمال التوبة

ثمار التوبة وعلاماتها

كيف تعرف أنك قد تبت؟
وكيف يعرف الغير توبتك؟ إن التوبة ليست مجرد عمل قلبي‏,‏ إنما هناك أعمال وثمار تليق بها‏,‏ كما قيل من ثمارهم تعرفونهم‏.‏ فما هي هذه الثمار التي تدل علي أن الإنسان تائب‏.‏


أول علامة للتوبة هي الاعتراف بالخطأ‏.‏ وأول مرحلة لذلك هي أن تعترف بينك وبين نفسك بأنك قد أخطأت‏,‏ ولكي تصل إلي ذلك عليك أن تحاسب نفسك بدقة‏,‏ وتشعر في أعماقك باقتناع كامل بأنك قد أخطأت‏,‏ لأنه بدون هذا لاتكون توبة‏.‏ وصدق ذلك القديس الذي قال احكم يا أخي علي نفسك قبل أن يحكموا عليك‏.‏ فالذي لايدين نفسه ولايحكم عليها‏.‏ لايحدث أنه يقف أمام الله معترفا بخطيئته طالبا المغفرة‏,‏ فالإنسان التائب يشعر أنه أخطأ إلي الله‏,‏ بكسره لوصاياه‏,‏ وبخيانته لقلب الله الحنون العطوف الذي تولاه بالعناية والرعاية والحب والستر ولكنه مع ذلك أحب الخطية أكثر من محبته الله‏!.‏ والذي يعترف بينه وبين نفسه أنه قد أخطأ لايجوز له أن يبرر ذاته‏,‏ أو يدافع عن نفسه أو يلصق مسئولية أخطائه للآخرين‏.‏ والتائب الذي يشعر بأنه في خطيئته قد أساء إلي غيره‏,‏ فإنه في توبته يجب ان يذهب إلي من أذنب إليه ويحاول أن يرضي قلبه من جهته ويصالحه‏.‏ لأنه لايليق بالتائب أن تكون هناك نفوس متضايقة منه وهو لايعبأ‏!‏ وكيف يطلب من الله المغفرة‏,‏ بينما هناك نفوس أخري تشكوه إلي الله؟‏!‏
هناك أمران يمنعان من التوبة ومن الاعتراف بالخطأ‏,‏ هما الأعذار والبر الذاتي‏..‏ كأن يعتذر الإنسان بضعفه‏,‏ أو بضعف الطبيعة البشرية عموما‏,‏ أو بشدة الحروب الخارجية‏,‏ أو أنه ارتكب الخطيئة عن جهل أو نسيان‏,‏ أو كان فيها ضحية لغيره وبذلك يلصق المسئولية بغيره أو أنه يتهم القادة الدينيين بعدم رعايتهم له‏.‏ بل اكثر من ذلك كله يعاتب الله سبحانه‏,‏ لأنه لم يرسل إليه معونة تمنعه من السقوط‏.‏ أما التائب الحقيقي فيقف أمام الله كمذنب لايبرئ ذاته‏.‏ أما الأعذار فإنها تحاول أن تغطي علي الخطية أو تخفف من ثقلها‏,‏ لا أن تتوب عنها‏..‏ أما البر الذاتي فهو أخطر‏,‏ لأنه ينكر وجود الخطيئة أصلا‏.‏ إنه أخطر من الاعذار التي تعترف بوجود خطيئة‏,‏ وإنما تحاول أن تهرب من مسئوليتها أو تقلل منها‏.‏ وعجيب أن الهاربين من مسئولية أخطائهم‏:‏ إن واجههم احد بخطاياهم يجادلون كثيرا ولا يعترفون‏.‏
إن الأخطاء التي نعترف بسقوطنا فيها‏,‏ هي التي نتوب عنها ونطلب عنها مغفرة‏.‏ ولسنا نندم فقط علي الخطايا التي نعرفها ونعترف بها‏,‏ بل نحتاج أيضا أن نندم علي خطايا أخري يكشفها الله لنا فيما بعد‏,‏ أو تنكشف لنا من خلال قراءتنا الروحية‏,‏ أو مانسمعه من العظات ومن أفواه المرشدبن فنبدأ أن نتوب عنها‏.‏ وهكذا ننمو في توبتنا‏.‏ لأن مقايسنا الروحية تصبح أكثر حساسية وموازيننا الروحية تصبح اكثر دقة‏.‏ فلا نعرف فقط أخطاءنا‏,‏ إنما بالأكثر نشعر بثقل هذه الخطايا وبشاعتها‏.‏ ومن الجائز أن فضائلنا التي نفتخر بها الآن نلوم ذاتنا بسببها فيما بعد بسبب صآلتها وتفاهتها وضعف مستواها‏,‏ كلما تتسع أمامنا الآفاق الروحية‏.‏ خير لنا مادمنا في الجسد‏,‏ ومادامت أمامنا فرصة للتوبة‏,‏ أن نعترف بأننا أخطأنا ونتوب قبل أن يغلق الباب‏.‏
والتائب الذي يشعر ببشاعة الخطية‏,‏ يشعر أيضا بالخجل منها‏,‏ وكأنه يقول لنفسه كيف أمكن أن أسقط وأصل إلي هذا المستوي؟‏!‏ أين كان عقلي وأين كان ضميري؟ كيف ضعفت وكيف استسلمت؟‏!‏ إنه يخجل من خطيئته التي تتعب ذاكرته وتطارده‏,‏ كأنها سياط من نار تلهب ضميره‏.‏ إنه يخجل من محبة الله له‏,‏ وكيف أنه قابل محبة الله بالجحود والنكران وبالخيانة أيضا‏!.‏
ويخجل أيضا من ان الله كان يراه في سقطاته‏,‏ الله الكلي القداسة والكمال‏..‏ ويخجل من طول أناة الله عليه وكيف صبر عليه‏!‏ ويخجل من أرواح القديسين والملائكة‏,‏ الذين كانوا يرونه في سقطته ويتعجبون ويصلون من أجله لكي يقوم‏..‏ بل يخجل أيضا من أرواح أقربائه وأصدقائه الذين انتقلوا من هذا العالم‏,‏ وكيف أنهم لابد يتعجبون من حالته‏..‏ بل يخجل أيضا من اعدائه الذين يشمتون به إن عرفوا سقطاته‏..‏ بل يخجل من وعوده التي وعد بها الله من قبل‏,‏ وكيف أنه حنث بكل عهوده‏.‏
وفي خجله من خطاياه تصغر نفسه في عينيه لسبب مايراه من سقوطها وضعفها‏.‏ لكل ذلك نحن نطوب التائبين الذين يشعرون بالخزي من خطاياهم‏.‏
ومن علامات التوبة الحقيقية‏:‏الندم وتحمل آلام وخز الضمير وتبكيته‏,‏ وكذلك قبول العقوبات التي يفرضها علي نفسه أو التي تفرض عليه من المجتمع فيقبلها برضا وبغير تذمر ولاشكوي‏,‏ وهو شاعر أنه يستحق كل هذا‏.‏ وازدياد ندم الإنسان وألمه علي خطاياه السابقة إنما يدل ذلك علي حساسية في قلبه المرهف وضميره الدقيق‏.‏ وصدق القديس أنطونيوس الكبير حينما قال‏:‏ إن ذكرنا خطايانا‏,‏ لايذكرها لنا الله‏,‏ وإن نسينا خطايانا يذكرنا بها الله‏.‏ نعم اذكر خطاياك لكي تعرف ضعفك فتحترس وتدقق فيما بعد‏.‏ واذكرها لكي تعرف كم غفر الله لك في توبتك‏.‏ وبندمك ولومك لنفسك علي خطاياك‏,‏ تصل إلي حالة من الاتضاع‏,‏ التي تبكت بها نفسك علي سقوطها‏,‏ ولايعود قلبك يرتفع وتتكبر وبلومك لنفسك ومعرفتك بضعفها‏,‏ تقتني الشفقة علي المخطئين‏.‏
ومن علامات التوبة إصلاح نتائج الخطأ‏.‏ الإنسان الذي ظلم غيره من قبل من المفروض في توبته أن يرد إليه اعتباره‏.‏ والذي سرق من أحد يجب عليه أن يرد المسروق بقدر استطاعته والذي شهر بغيره وأساء إلي سمعته ينبغي عليه أن يصلح ذلك أيضا‏.‏
وإن كان إصلاح نتائج الخطية غير ممكن‏,‏ فعلي الأقل يجب أن تنسحق النفس لهذا السبب إذا ارتكب الإنسان خطايا من الصعب علاج نتائجها‏.‏
إن التائب الحقيقي الذي شعر بضعفه لايركز علي خطايا غيره‏,‏ إنما علي خطاياه وحده‏,‏ كذلك ينبغي أن يغفر لغيره ما أساء به إليه‏,‏ كما غفر الرب له‏.‏


نقاء القلب‏..‏ وكمال التوبة

كمال التوبة ليس هو مجرد عدم فعل الخطية‏,‏ إنما هو كراهية الخطة‏.‏ أي أن القلب يكون قد تنقي تماما من كل محبة للخطية أو تجاوب معها‏.‏ وهكذا يكون القلب نقيا‏.‏ إذن فالتوبة الكاملة هي علامة علي نقاء القلب‏.‏ ولكن ماهو المقياس الذي يثبت كمال التوبة؟‏.‏




‏**‏ وقد يظن الانسان انه تائب بسبب انه ترك الخطية الرئيسية التي تتعب ضميره‏,‏ ولم يعد يسقط فيها الآن اي انه لم يعد يزني أو يسرق او يغش ولم يرتكب خطايا في هذا المستوي‏.‏ لذلك استراح ضميره‏,‏ وظن انه تاب‏....!‏ وربما في نفس الوقت يكون واقعا في خطايا كثيرة يعتبرها طفيفة‏,‏ ولا تدخل في مقاييسه الخاصة بالتوبة‏.‏ مثل الحديث بافتخار عن النفس‏,‏ والفرح لمديح الناس‏,‏ وتبرير الذات باستمرار‏,‏ والتشبث بالرأي الذي يقود الي العناد‏,‏ مع إهمال بعض عناصر العبادة كالصلاة مثلا‏,‏ وربما عدم احتمال الإساءة‏,‏ وعدم دفع نصيب الله في ماله‏...‏ ومع هذا كله‏,‏ ضميره لايوبخه‏.‏ لانه لم يصل الي المستوي الذي يتبكت فيه علي امثال هذه الأمور‏.‏
إنه ولاشك محتاج الي ان ترتقي مقايسه الروحية‏,‏ لكي يتوب عن أمثال هذه الخطايا التي يعتبرها طفيفة او لايلتفت إليها باهتمام‏!‏ وعليه ان يطردها جميعها من قلبه ومن فكره‏.‏
وهنا يصعد الإنسان درجة في سلم التوبة لكي ينضج روحيا‏,‏ ويصير ضميره حساسا جدا‏.‏
فهل إذا وصل الي هذه الدرجة نحكم عليه بأنه وصل الي نقاوة القلب؟ هنا نبدي ملاحظة هامة‏,‏ لكي تكون لنا دقة في الحكم وهي‏:‏
ربما هو لايخطئ‏,‏ لأن الشيطان قد تركه الي حين‏.‏ والشيطان حكيم في المحاربة بالخطيئة‏.‏ يعرف متي يحارب‏,‏ وكيف يحارب‏,‏ وفي أية خطية يركز قتاله‏...‏ فإن وجد شخصا متحمسا جدا لحياة البر‏,‏ ومستعدا‏,‏ يتركه فترة حتي يثق هذا الإنسان بنفسه ثقة كاملة ربما تدفعه الي التهوان والتراخي وعدم التدقيق‏.‏ ثم يرجع الشيطان اليه في وقت يكون فيه اقل استعدادا وحرصا فيسهل إسقاطه‏.‏
وهذه الفترة لاتكون فترة انتصار علي الخطية‏,‏ إنما فترة عدم قتال‏.‏ إنها فترة راحة من الحروب الروحية‏,‏ وليست انتصارا من الله‏.‏ فإن وجدت نفسك لاتسقط في خطية معينة‏,‏ ربما لايعني هذا أنك تنقيت منها تماما‏.‏ وربما يرجع السبب الي ان الشيطان لايقاتلك بها حاليا‏,‏ او ربما الظروف الحالية غير مواتية‏,‏ ولاتوجد عثرات ومسببات للخطي‏,‏ ولا ما يثيرك من جهتها‏!‏ والشيطان لايقاتلك الآن‏,‏ ليس حبا في إراحتك‏,‏ وإنما لانه يجهز لك فخا من نوع آخر وربما يكون هذا الفخ هو الافتخار بنقاوتك‏.‏
ومن الملاحظ ان بعض الخطايا لها مواسم‏,‏ وليست دائمة‏.‏ إنها مثل دورات الألم أو الوجع‏.‏
تلف دورتها في عنف وشدة‏,‏ ثم تهدأ‏,‏ ثم تلف دورة اخري‏,‏ وهكذا‏...‏ أو مثل نبات له أحيانا موسم رقود وفي وقت آخر موسم إزهار وإثمار‏.‏
أو من الجائز ان الله ـ تبارك اسمه ـ اراد ان يريحك فترة من إرهاق الخطية حتي لاتبتلع نفسك من اليأس‏.‏ لذلك تدركك مراحم الله‏,‏ وتحفظك النعمة وتسندك ولو إلي حين‏.‏ فتمر عليك فترة هدوء لاتزعجك الخطية‏,‏ لأنك غير مقاتل بها حاليا‏.‏
أو من الجائز انك مستريح الآن لأن صلوات قد رفعت لأجلك‏,‏ سواء من قديسين في السماء‏,‏ او من أحباء لك علي الأرض‏.‏ واستجاب الرب لهم‏,‏ واسترحت من الخطية وضغطاتها‏.‏
ولذلك نقول ان هناك فرقا بين نقاوة الأطفال‏,‏ ونقاوة الناضجين سنا وروحا‏.‏ حقا ان الاطفال لهم قلب نقي بسيط لم يعرف الخطية بعد‏,‏ ولم يدخلوا بعد في حرب روحية‏,‏ ولم تختبر إرادتهم بعد‏.‏ اي انهم لم يصلوا الي السن التي تختبر فيها ارادتهم‏.‏ وهم غير الكبار الناضجين الذين دخلوا في حروب العدو وقاتلوا وانتصروا‏,‏ ورفضت ارادتهم الحرة كل اغراءات الخطية‏.‏ هؤلاء لهم مكافأة الغالبين التي ليست للأطفال‏.‏ وما أعظم الذين يصلون الي نقاوة مثل نقاوة الاطفال بعد صراعات وحروب روحية خرجوا منها منتصرين‏.‏
والنقاوة الكاملة هي نقاوة من جميع الخطايا بكل صورها وأنواعها‏.‏ سواء كانت بالعمل او بالفكر‏,‏ أو بالحواس‏,‏ أو بمشاعر القلب‏,‏ او بسقطات اللسان‏.‏ ولاتظن اذن انك قد وصلت الي درجة نقاء القلب‏,‏ إن كنت قد تخلصت من بعض الخطايا التي كان لها سلطان عليك‏,‏ إنما النقاوة الحقيقية هي النقاوة الكاملة الشاملة بحيث لايكون لأية خطية من الخطايا سلطان عليك‏,‏ فهل انت كذلك؟ وهل تنقيت من جميع الخطايا حتي التي تتنكر في كل فضيلة لتخدعك‏.‏
والنقاوة الحقيقية تكون نابعة من القلب وليست مظهرية خارجية‏.‏ يذكرني هذا الامر بأن كثيرا من الوعاظ حينما يتكلمون عن حشمة المرأة‏,‏ يركزون علي ملابسها وزينتها وشكلها الخارجي‏,‏ دون ان يهتموا بالقلب ومحبة العفةوالحشمة فيه‏,‏ هذا الذي إذا وصلت إليه المرأة‏,‏ يكون من نتائجه تلقائيا حشمة الملابس والزينة‏.‏ كذلك ينبغي للعمل النقي‏,‏ أن يكون نقيا ايضا في أهدافه ووسائله‏,‏ ويحكم عليه ضمير صالح غير منحرف‏,‏ ويعتبر الانسان نقيا تماما لو دخل في كل حرب مع الخطية في عمقها وشدتها ولم يهتز‏.‏ فاختبار نقاوة القلب يأتي من الحروب الروحية الشديدة في استمرارها وإلحاحها‏.‏ لان الشخص قد ينتصر مرة‏,‏ ولكنه لو استمرت الضغوط مدة طويلة ربما يضعف امامها ولايقوي علي المقاومة‏.‏ والشيطان يختبر كل شخص‏,‏ ويدرس نواحي الضعف فيه‏,‏ ويضغط بشدة علي نقط الضعف‏,‏ وتزداد حروبه قسوة‏.‏ إن نقاوة القلب درجة عالية جدا‏,‏ لاتكون في بدء الحياة الروحية إنما قد يصل اليها الانسان بعد اختبارات طويلة منتصرا علي كل أنواع الخطايا‏,‏ فكرا‏,‏ وقلبا وحواسا ولسانا وجسدا وعملا‏.‏

تابع

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
نقاء القلب و كمال التوبة

ثمار التوبة وعلاماتها

كيف تعرف أنك قد تبت؟
وكيف يعرف الغير توبتك؟ إن التوبة ليست مجرد عمل قلبي‏,‏ إنما هناك أعمال وثمار تليق بها‏,‏ كما قيل من ثمارهم تعرفونهم‏.‏ فما هي هذه الثمار التي تدل علي أن الإنسان تائب‏.‏


أول علامة للتوبة هي الاعتراف بالخطأ‏.‏ وأول مرحلة لذلك هي أن تعترف بينك وبين نفسك بأنك قد أخطأت‏,‏ ولكي تصل إلي ذلك عليك أن تحاسب نفسك بدقة‏,‏ وتشعر في أعماقك باقتناع كامل بأنك قد أخطأت‏,‏ لأنه بدون هذا لاتكون توبة‏.‏ وصدق ذلك القديس الذي قال احكم يا أخي علي نفسك قبل أن يحكموا عليك‏.‏ فالذي لايدين نفسه ولايحكم عليها‏.‏ لايحدث أنه يقف أمام الله معترفا بخطيئته طالبا المغفرة‏,‏ فالإنسان التائب يشعر أنه أخطأ إلي الله‏,‏ بكسره لوصاياه‏,‏ وبخيانته لقلب الله الحنون العطوف الذي تولاه بالعناية والرعاية والحب والستر ولكنه مع ذلك أحب الخطية أكثر من محبته الله‏!.‏ والذي يعترف بينه وبين نفسه أنه قد أخطأ لايجوز له أن يبرر ذاته‏,‏ أو يدافع عن نفسه أو يلصق مسئولية أخطائه للآخرين‏.‏ والتائب الذي يشعر بأنه في خطيئته قد أساء إلي غيره‏,‏ فإنه في توبته يجب ان يذهب إلي من أذنب إليه ويحاول أن يرضي قلبه من جهته ويصالحه‏.‏ لأنه لايليق بالتائب أن تكون هناك نفوس متضايقة منه وهو لايعبأ‏!‏ وكيف يطلب من الله المغفرة‏,‏ بينما هناك نفوس أخري تشكوه إلي الله؟‏!‏
هناك أمران يمنعان من التوبة ومن الاعتراف بالخطأ‏,‏ هما الأعذار والبر الذاتي‏..‏ كأن يعتذر الإنسان بضعفه‏,‏ أو بضعف الطبيعة البشرية عموما‏,‏ أو بشدة الحروب الخارجية‏,‏ أو أنه ارتكب الخطيئة عن جهل أو نسيان‏,‏ أو كان فيها ضحية لغيره وبذلك يلصق المسئولية بغيره أو أنه يتهم القادة الدينيين بعدم رعايتهم له‏.‏ بل اكثر من ذلك كله يعاتب الله سبحانه‏,‏ لأنه لم يرسل إليه معونة تمنعه من السقوط‏.‏ أما التائب الحقيقي فيقف أمام الله كمذنب لايبرئ ذاته‏.‏ أما الأعذار فإنها تحاول أن تغطي علي الخطية أو تخفف من ثقلها‏,‏ لا أن تتوب عنها‏..‏ أما البر الذاتي فهو أخطر‏,‏ لأنه ينكر وجود الخطيئة أصلا‏.‏ إنه أخطر من الاعذار التي تعترف بوجود خطيئة‏,‏ وإنما تحاول أن تهرب من مسئوليتها أو تقلل منها‏.‏ وعجيب أن الهاربين من مسئولية أخطائهم‏:‏ إن واجههم احد بخطاياهم يجادلون كثيرا ولا يعترفون‏.‏
إن الأخطاء التي نعترف بسقوطنا فيها‏,‏ هي التي نتوب عنها ونطلب عنها مغفرة‏.‏ ولسنا نندم فقط علي الخطايا التي نعرفها ونعترف بها‏,‏ بل نحتاج أيضا أن نندم علي خطايا أخري يكشفها الله لنا فيما بعد‏,‏ أو تنكشف لنا من خلال قراءتنا الروحية‏,‏ أو مانسمعه من العظات ومن أفواه المرشدبن فنبدأ أن نتوب عنها‏.‏ وهكذا ننمو في توبتنا‏.‏ لأن مقايسنا الروحية تصبح أكثر حساسية وموازيننا الروحية تصبح اكثر دقة‏.‏ فلا نعرف فقط أخطاءنا‏,‏ إنما بالأكثر نشعر بثقل هذه الخطايا وبشاعتها‏.‏ ومن الجائز أن فضائلنا التي نفتخر بها الآن نلوم ذاتنا بسببها فيما بعد بسبب صآلتها وتفاهتها وضعف مستواها‏,‏ كلما تتسع أمامنا الآفاق الروحية‏.‏ خير لنا مادمنا في الجسد‏,‏ ومادامت أمامنا فرصة للتوبة‏,‏ أن نعترف بأننا أخطأنا ونتوب قبل أن يغلق الباب‏.‏
والتائب الذي يشعر ببشاعة الخطية‏,‏ يشعر أيضا بالخجل منها‏,‏ وكأنه يقول لنفسه كيف أمكن أن أسقط وأصل إلي هذا المستوي؟‏!‏ أين كان عقلي وأين كان ضميري؟ كيف ضعفت وكيف استسلمت؟‏!‏ إنه يخجل من خطيئته التي تتعب ذاكرته وتطارده‏,‏ كأنها سياط من نار تلهب ضميره‏.‏ إنه يخجل من محبة الله له‏,‏ وكيف أنه قابل محبة الله بالجحود والنكران وبالخيانة أيضا‏!.‏
ويخجل أيضا من ان الله كان يراه في سقطاته‏,‏ الله الكلي القداسة والكمال‏..‏ ويخجل من طول أناة الله عليه وكيف صبر عليه‏!‏ ويخجل من أرواح القديسين والملائكة‏,‏ الذين كانوا يرونه في سقطته ويتعجبون ويصلون من أجله لكي يقوم‏..‏ بل يخجل أيضا من أرواح أقربائه وأصدقائه الذين انتقلوا من هذا العالم‏,‏ وكيف أنهم لابد يتعجبون من حالته‏..‏ بل يخجل أيضا من اعدائه الذين يشمتون به إن عرفوا سقطاته‏..‏ بل يخجل من وعوده التي وعد بها الله من قبل‏,‏ وكيف أنه حنث بكل عهوده‏.‏
وفي خجله من خطاياه تصغر نفسه في عينيه لسبب مايراه من سقوطها وضعفها‏.‏ لكل ذلك نحن نطوب التائبين الذين يشعرون بالخزي من خطاياهم‏.‏
ومن علامات التوبة الحقيقية‏:‏الندم وتحمل آلام وخز الضمير وتبكيته‏,‏ وكذلك قبول العقوبات التي يفرضها علي نفسه أو التي تفرض عليه من المجتمع فيقبلها برضا وبغير تذمر ولاشكوي‏,‏ وهو شاعر أنه يستحق كل هذا‏.‏ وازدياد ندم الإنسان وألمه علي خطاياه السابقة إنما يدل ذلك علي حساسية في قلبه المرهف وضميره الدقيق‏.‏ وصدق القديس أنطونيوس الكبير حينما قال‏:‏ إن ذكرنا خطايانا‏,‏ لايذكرها لنا الله‏,‏ وإن نسينا خطايانا يذكرنا بها الله‏.‏ نعم اذكر خطاياك لكي تعرف ضعفك فتحترس وتدقق فيما بعد‏.‏ واذكرها لكي تعرف كم غفر الله لك في توبتك‏.‏ وبندمك ولومك لنفسك علي خطاياك‏,‏ تصل إلي حالة من الاتضاع‏,‏ التي تبكت بها نفسك علي سقوطها‏,‏ ولايعود قلبك يرتفع وتتكبر وبلومك لنفسك ومعرفتك بضعفها‏,‏ تقتني الشفقة علي المخطئين‏.‏
ومن علامات التوبة إصلاح نتائج الخطأ‏.‏ الإنسان الذي ظلم غيره من قبل من المفروض في توبته أن يرد إليه اعتباره‏.‏ والذي سرق من أحد يجب عليه أن يرد المسروق بقدر استطاعته والذي شهر بغيره وأساء إلي سمعته ينبغي عليه أن يصلح ذلك أيضا‏.‏
وإن كان إصلاح نتائج الخطية غير ممكن‏,‏ فعلي الأقل يجب أن تنسحق النفس لهذا السبب إذا ارتكب الإنسان خطايا من الصعب علاج نتائجها‏.‏
إن التائب الحقيقي الذي شعر بضعفه لايركز علي خطايا غيره‏,‏ إنما علي خطاياه وحده‏,‏ كذلك ينبغي أن يغفر لغيره ما أساء به إليه‏,‏ كما غفر الرب له‏.‏


نقاء القلب‏..‏ وكمال التوبة

كمال التوبة ليس هو مجرد عدم فعل الخطية‏,‏ إنما هو كراهية الخطة‏.‏ أي أن القلب يكون قد تنقي تماما من كل محبة للخطية أو تجاوب معها‏.‏ وهكذا يكون القلب نقيا‏.‏ إذن فالتوبة الكاملة هي علامة علي نقاء القلب‏.‏ ولكن ماهو المقياس الذي يثبت كمال التوبة؟‏.‏




‏**‏ وقد يظن الانسان انه تائب بسبب انه ترك الخطية الرئيسية التي تتعب ضميره‏,‏ ولم يعد يسقط فيها الآن اي انه لم يعد يزني أو يسرق او يغش ولم يرتكب خطايا في هذا المستوي‏.‏ لذلك استراح ضميره‏,‏ وظن انه تاب‏....!‏ وربما في نفس الوقت يكون واقعا في خطايا كثيرة يعتبرها طفيفة‏,‏ ولا تدخل في مقاييسه الخاصة بالتوبة‏.‏ مثل الحديث بافتخار عن النفس‏,‏ والفرح لمديح الناس‏,‏ وتبرير الذات باستمرار‏,‏ والتشبث بالرأي الذي يقود الي العناد‏,‏ مع إهمال بعض عناصر العبادة كالصلاة مثلا‏,‏ وربما عدم احتمال الإساءة‏,‏ وعدم دفع نصيب الله في ماله‏...‏ ومع هذا كله‏,‏ ضميره لايوبخه‏.‏ لانه لم يصل الي المستوي الذي يتبكت فيه علي امثال هذه الأمور‏.‏
إنه ولاشك محتاج الي ان ترتقي مقايسه الروحية‏,‏ لكي يتوب عن أمثال هذه الخطايا التي يعتبرها طفيفة او لايلتفت إليها باهتمام‏!‏ وعليه ان يطردها جميعها من قلبه ومن فكره‏.‏
وهنا يصعد الإنسان درجة في سلم التوبة لكي ينضج روحيا‏,‏ ويصير ضميره حساسا جدا‏.‏
فهل إذا وصل الي هذه الدرجة نحكم عليه بأنه وصل الي نقاوة القلب؟ هنا نبدي ملاحظة هامة‏,‏ لكي تكون لنا دقة في الحكم وهي‏:‏
ربما هو لايخطئ‏,‏ لأن الشيطان قد تركه الي حين‏.‏ والشيطان حكيم في المحاربة بالخطيئة‏.‏ يعرف متي يحارب‏,‏ وكيف يحارب‏,‏ وفي أية خطية يركز قتاله‏...‏ فإن وجد شخصا متحمسا جدا لحياة البر‏,‏ ومستعدا‏,‏ يتركه فترة حتي يثق هذا الإنسان بنفسه ثقة كاملة ربما تدفعه الي التهوان والتراخي وعدم التدقيق‏.‏ ثم يرجع الشيطان اليه في وقت يكون فيه اقل استعدادا وحرصا فيسهل إسقاطه‏.‏
وهذه الفترة لاتكون فترة انتصار علي الخطية‏,‏ إنما فترة عدم قتال‏.‏ إنها فترة راحة من الحروب الروحية‏,‏ وليست انتصارا من الله‏.‏ فإن وجدت نفسك لاتسقط في خطية معينة‏,‏ ربما لايعني هذا أنك تنقيت منها تماما‏.‏ وربما يرجع السبب الي ان الشيطان لايقاتلك بها حاليا‏,‏ او ربما الظروف الحالية غير مواتية‏,‏ ولاتوجد عثرات ومسببات للخطي‏,‏ ولا ما يثيرك من جهتها‏!‏ والشيطان لايقاتلك الآن‏,‏ ليس حبا في إراحتك‏,‏ وإنما لانه يجهز لك فخا من نوع آخر وربما يكون هذا الفخ هو الافتخار بنقاوتك‏.‏
ومن الملاحظ ان بعض الخطايا لها مواسم‏,‏ وليست دائمة‏.‏ إنها مثل دورات الألم أو الوجع‏.‏
تلف دورتها في عنف وشدة‏,‏ ثم تهدأ‏,‏ ثم تلف دورة اخري‏,‏ وهكذا‏...‏ أو مثل نبات له أحيانا موسم رقود وفي وقت آخر موسم إزهار وإثمار‏.‏
أو من الجائز ان الله ـ تبارك اسمه ـ اراد ان يريحك فترة من إرهاق الخطية حتي لاتبتلع نفسك من اليأس‏.‏ لذلك تدركك مراحم الله‏,‏ وتحفظك النعمة وتسندك ولو إلي حين‏.‏ فتمر عليك فترة هدوء لاتزعجك الخطية‏,‏ لأنك غير مقاتل بها حاليا‏.‏
أو من الجائز انك مستريح الآن لأن صلوات قد رفعت لأجلك‏,‏ سواء من قديسين في السماء‏,‏ او من أحباء لك علي الأرض‏.‏ واستجاب الرب لهم‏,‏ واسترحت من الخطية وضغطاتها‏.‏
ولذلك نقول ان هناك فرقا بين نقاوة الأطفال‏,‏ ونقاوة الناضجين سنا وروحا‏.‏ حقا ان الاطفال لهم قلب نقي بسيط لم يعرف الخطية بعد‏,‏ ولم يدخلوا بعد في حرب روحية‏,‏ ولم تختبر إرادتهم بعد‏.‏ اي انهم لم يصلوا الي السن التي تختبر فيها ارادتهم‏.‏ وهم غير الكبار الناضجين الذين دخلوا في حروب العدو وقاتلوا وانتصروا‏,‏ ورفضت ارادتهم الحرة كل اغراءات الخطية‏.‏ هؤلاء لهم مكافأة الغالبين التي ليست للأطفال‏.‏ وما أعظم الذين يصلون الي نقاوة مثل نقاوة الاطفال بعد صراعات وحروب روحية خرجوا منها منتصرين‏.‏
والنقاوة الكاملة هي نقاوة من جميع الخطايا بكل صورها وأنواعها‏.‏ سواء كانت بالعمل او بالفكر‏,‏ أو بالحواس‏,‏ أو بمشاعر القلب‏,‏ او بسقطات اللسان‏.‏ ولاتظن اذن انك قد وصلت الي درجة نقاء القلب‏,‏ إن كنت قد تخلصت من بعض الخطايا التي كان لها سلطان عليك‏,‏ إنما النقاوة الحقيقية هي النقاوة الكاملة الشاملة بحيث لايكون لأية خطية من الخطايا سلطان عليك‏,‏ فهل انت كذلك؟ وهل تنقيت من جميع الخطايا حتي التي تتنكر في كل فضيلة لتخدعك‏.‏
والنقاوة الحقيقية تكون نابعة من القلب وليست مظهرية خارجية‏.‏ يذكرني هذا الامر بأن كثيرا من الوعاظ حينما يتكلمون عن حشمة المرأة‏,‏ يركزون علي ملابسها وزينتها وشكلها الخارجي‏,‏ دون ان يهتموا بالقلب ومحبة العفةوالحشمة فيه‏,‏ هذا الذي إذا وصلت إليه المرأة‏,‏ يكون من نتائجه تلقائيا حشمة الملابس والزينة‏.‏ كذلك ينبغي للعمل النقي‏,‏ أن يكون نقيا ايضا في أهدافه ووسائله‏,‏ ويحكم عليه ضمير صالح غير منحرف‏,‏ ويعتبر الانسان نقيا تماما لو دخل في كل حرب مع الخطية في عمقها وشدتها ولم يهتز‏.‏ فاختبار نقاوة القلب يأتي من الحروب الروحية الشديدة في استمرارها وإلحاحها‏.‏ لان الشخص قد ينتصر مرة‏,‏ ولكنه لو استمرت الضغوط مدة طويلة ربما يضعف امامها ولايقوي علي المقاومة‏.‏ والشيطان يختبر كل شخص‏,‏ ويدرس نواحي الضعف فيه‏,‏ ويضغط بشدة علي نقط الضعف‏,‏ وتزداد حروبه قسوة‏.‏ إن نقاوة القلب درجة عالية جدا‏,‏ لاتكون في بدء الحياة الروحية إنما قد يصل اليها الانسان بعد اختبارات طويلة منتصرا علي كل أنواع الخطايا‏,‏ فكرا‏,‏ وقلبا وحواسا ولسانا وجسدا وعملا‏.‏

تابع

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
ثلاثه تفاصيل للأمانه



لست أقصد فقط مجرد الأمانة في المال والأمور المادية، أي أن الانسان لا يكون سارقا أو ناهبا لغيره.. إنما أقصد الأمانة بوجه عام في كل حياة الإنسان الروحية، في تفاصيل ثلاثة: أمانة في علاقته مع الله، ومع الناس، ومع نفسه..

كثيرون بدأوا الحياة معا.. ولكن بعضهم وصل، والبعض لم يصلوا، والبعض تأخر، فما السبب في كل ذلك؟ السبب هو مقدار أمانة كل منهم. فالذين وصلوا هم الذين كانوا في غاية الأمانة في أداء دورهم في الحياة والقيام بواجباتهم ومسئولياتهم علي أكمل وجه..

- والامانة تشمل الأمور العالمية، كما تشمل الأمور الروحية. فكما يهتم الانسان بروحياته، ينبغي أن يكون أمينا في كل عمل يعمله. فالتلميذ ينبغي أن يكون أمينا في دراسته، في مذاكرته ومراجعته ونجاحه وتفوقه. وكذلك العامل في إتقانه لعمله وحفظه لمواعيده. وبالمثل الموظف وكل من هو في مسئولية. فيوسف الصديق كان انسانا روحيا وأمينا في عمله، سواء في خدمته لنوطيفار حتي ازدهر عمل الرجل. كما كان خادما في عمله كوزير تموين لمصر، حتي أنقذها وأنقذ البلاد المحيطة لها من المجاعة.

وتوجد في الحياة العملية أمور لاختبار الأمانة مثال ذلك: هل من الامانة ان يحصل شخص علي شهادة مرضية زائفة، يقدمها للحصول علي عطلة من العمل بدون وجه حق؟ وهو في ذلك لا يكتفي بأن يكون غير أمين، انما يوقع الطبيب معه ويجره إلي الخطأ معه! كذلك من يأخذ بدل سفر بدون وجه حق، أو يطالب بمكافأة علي عمل زائد overtime، بينما يمكن القيام بنفس العمل في الوقت العادي بدون زيادة!

والامثلة كثيرة من جهة عدم الأمانة في الحياة العملية، منها من ينقل الأخبار بطريقة غير أمينة، أو من لا يكون أمينا علي سر اؤتمن عليه. كذلك من لا يؤدي أية مهمة كلف بها بالأمانة المطلوبة

الأمانة تجاه الله:
فقلبك الذي هو ملك لله، لا تفتحه لأعدائه، وهكذا فإن الانسان الأمين نحو الله وحفظ وصاياه، لا يتساهل مع أية خطية، ولا يتراخي مع الفكر الخاطيء، بل بكل أمانة يطرده بسرعة ولا يقبل أن يفصله أي فكر أو أية مشاعر عن محبة الله وعن طاعة وحفظ وصاياه. وهو يحفظ تلك الوصايا ولا يحيد عنها أمينا في تنفيذها لا يلتمس في ذلك ولا تبريرا وينتصر علي كل العوائق.

هو أمين أيضا في صلواته وكل نواحي عبادته، وأمين في عقيدته وفي إيمانه وفي تقديم صورة مشرقة عن الانسان المؤمن. وهو أمين في خدمة بيت الله وفي دعوة الناس اليه. ويفعل ذلك بكل جدية، يبدأ يومه بالله وينهيه بذكر اسمه. ويحيا باستمرار في حياة الشكر، يشكر الله علي نعمته وستره ورضاه. ولا يتذمر مطلقا علي مشيئة الله.. وهو باستمرار حريص علي انه لا ينطق باسم الله إلا بخشوع يليق بعزة الله وجلاله ومجده.

والامين في علاقته بالله يكون أمينا في نذوره وعهوده يعرف أنه من الخير له ألا ينذر من أن ينذر ولا يفي. كما يكون أمينا أيضا في واجباته المالية من نحو الله

أمانة الإنسان نحو نفسه:
يضع أمامه مصيره الابدي. فيهتم بروحه ونقاوة قلبه. ويكون أمينا كل الأمانة في مقاومة الخطية، وفي السلوك في حياة الفضيلة والبر. ويعطي روحه غذاءها اليومي من الصلوات والتراتيل وقراءة كتاب الله والتأمل فيه. ولا يقتصر علي مجرد الاهتمام بالجسد واحتياجاته بل يجعل روحياته في المرتبة الاولي من اهتماماته بحيث ينمو كل حين في حياة البر، حتي يصل الي الكمال النسبي الممكن له كإنسان.. كذلك يكون أمينا في تثقيف نفسه بكل مصادر المعرفة والحكمة حتي ينمو في عقله وفكره وذكائه. وان كان طالب علم، يكون أمينا في دراسته لكي يصل- ليس فقط الي النجاح ـ انما الي التفوق أيضا والامتياز.

والانسان الامين لا يعتذر مطلقا بقلة امكانياته، انما يحاول أن ينمي امكانياته وقدراته بجميع الطرق. وهو لا يعتذر بالعوائق والموانع، بل يبذل كل جهده للانتصار عليها. وفي كل يقوي ارادته فلا تخور ولا تضعف.

والانسان الامين لايتساهل مع نفسه في أي شيء. بل يضبط نفسه تماما. وذلك لانه ان تساهل من جهة أخطاء الحواس، تحاربه الافكار. وان تساهل مع الافكار، تحاربه الشهوات. وان تساهل مع الشهوات، يسقط في العمل الخاطيء، انه في امانته يكون كالجبل الراسخ تصدمه العواصف والانواء فلا تنال منه شيئا.

والانسان الامين نحو نفسه، يكون أمينا أيضا من جهة وقته. فيستغل كل دقيقة من حياته لفائدته وفائدة الآخرين.

وهو بدرك تماما أن الوقت جزء من حياته لا يجوز له أن يبدده.. ويحرص علي أن يكون وقته في صالحه وليس ضده، بحيث لا يندم علي وقت قضاه في عمل ما.

الانسان الامين علي نفسه، يعرف ان له نفسا واحدة ان خسرها خسر كل شيء وليس ما يعوضها.. وهكذا يذكر باستمرار انه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه لذلك فهو يهتم بحاضر نفسه ومستقبلها ويحرص علي خلاص نفسه

أمانته نحو الاخرين:
والانسان الامين يحتفظ بأسرار الناس لا يفشي شيئا منها ولو لاقرب المقربين اليه. ولا يفضح ضعفات أحد بل يكون سترا له وغطاء. وان وجد أحدا محتاجا الي معونة لا يقصر في إعانته، ويفعل ذلك في سرية بحيث لا يخجله أمام غيره.. ويكون معينا لمن ليس له معين، ونورا للسائرين في الظلمة.

وأمانته نحو الآخرين تلزمه أن يشاركهم في احزانهم وفي أفراحهم، وتقتضيه الامانة ان يزور المريض منهم، وأن يعزي من يحتاج الي تعزية وان يقدم النصيحة المخلصة لمن يلزمه النصح، وأن يشترك في حل مشاكل من هو في ضيقة، مادام هذا الامر في قدرته. ويكون قلبا محبا للكل، ويحترم الصغير منهم والكبير، ولا يحتقر الساقط بل يساعده علي القيام.

***

علي أن هناك من يسأل بعد كل هذا:
ولكن ماذا استطيع أن أفعل. ان كان لا يمكنني الوصول الي هذا المستوي؟ وان كنت- علي الرغم من ضعفي ـ أريد أن أكون أمينا الامانة كلها، فكيف أبدأ؟!
 
أعلى