شيء جميل أن يكّرم الإنسان اجتماعيا أو أدبيا وهذا يحصل حسب مقاييس البشر في كل بلد أو منطقة أو قارة , وهذا جيد ومهم في أمور الحياة الدنيا . أما في الأمور الروحية فتكريم الإنسان روحيا أو تقديس الإنسان فهذه من أمور الله ومقاييسه , وهي تكون حسب كلمته . لأنه هو القدوس وهو منبع القداسة وهو الوحيد الذي يقدّس , أما نحن فناقصون ولا نستطيع أن نقّدس أحد ولا نستطيع أن نقول عن أحد أنه قديس مهما على شأنه . فالمرجع لهذا الأمر هو كلمة الله المقدسة .
يتساءلون من هم القديسون ؟ هل هم الأموات التي كانت سيرة حياتهم حسنة ومشهود لهم والذين بعد موتهم قد صنعوا عجائب . وبعد فحص هذه العجائب من قبل بعض الأشخاص المهمين نقدر أن نقول عنهم أنهم قديسين ,وهل هم بنظر الله قديسين على أساس هذه الشروط ؟ أن سيرة حياة البشر على الأرض وسلوكهم وأعمالهم لا تجعل منهم قديسين . كيف ؟
فكم من ديانات في الشرق لها آلهة أخرى من الحجر والبشر وحتى من الحيوانات ولا تعترف بالله , وكم من ديانات وبدع لا تعترف بيسوع المسيح كالمخلص الوحيد , وتابعيها يعيشون حياة تقوى وتقشف مستمر , ويصنعون الخير ويحبون الفقير ولا يسببون أذى لأحد . فهل هم بنظر الله قديسون ؟ وماذا عن الملحدون في بعض الدول وحسب قوانينها لا يؤذون أحد بل ويصنعنون الخير أكثر من المؤمنين ويرسلون الأموال لمساعدة الأطفال في الدول الفقيرة , هل هم قديسون بنظر الله ؟ طبعا لا . فالحياة المسلكية الجيدة والصالحة لا تعطي الإنسان صفة القداسة .
أما عن صنع العجائب : أي على الإنسان المطوّب قديس أن يكون قد صنع بعد موته على الأقل عجيبتين .
فبما أن الأمر هو روحي بحت فيجب علينا أن نفحصه على كلمة الله لكي نعرف فيما إذا كان هذا الحكم صحيحا أم لا , أي أن شرط القداسة يأتي من صنع العجائب, فلنسمع ما يقوله الرب في ( متى 11 : 9) عن يوحنا المعمدان :
( لكن ماذا خرجتم لتنظروا أنبيا, نعم أقول لكم وأفضل من نبي , الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ) وفي انجيل يوحنا 10 :41 يقول ( فأتى إليه " أي الى يسوع " كثيرون وقالوا أن يوحنا لم يفعل آية واحدة ولكن كل ما قاله يوحنا عن هذا كان حقا ) فإذا كان يوحنا المعمدان بنظر الرب أعظم من نبي وهو لم يفعل ولا عجيبة واحدة , إذا موضوع العجائب ليس له دخل في تقديس البشر .
فلماذا إذا يعتقد الناس أن القداسة هي في السلوك الجيد وصنع العجائب ؟ الجواب لأن عدو الخير وضع في عقول الناس بواسطة بعض الأشخاص هكذا تعاليم لكي يوهم الناس أن القديس هو إنسان غير عادي , ولكي يقولوا في أنفسهم نحن لا نستطيع أن نصل الى هكذا مستوى من الحياة المسيحية . فيدفعهم ليفعلوا مايحلوا لهم وباعتقادهم أنهم بعد الموت يصلّون عليهم والله يدبر الأمر , فيقعون في الخطية ويبتعدون عن الله , وهذا ما يريده الشيطان عدو الخير . فمن هم القديسون بنظر الله ؟ هل هم الأشخاص الذين ماتوا وهم أتقياء , أم الأحياء ؟ فلنسمع ما يقوله الكتاب المقدس عن هذا الموضوع , فالكلام الصحيح هو كلام الله وليس كلام البشر .
الإنسان القديس حسب تعريف الكتاب المقدس هو الإنسان المخصص للرب . نراها في سفر الخروج 13 : 2 عندما كلم الرب موسى قائلا : ( قدّس لي كل بكر كل فاتح رحم من الناس ومن البهائم إنه لي ) أي أن كل فاتح رحم هو مخصص للرب . وهنا موسى لا يستطيع أن يقدس الإنسان والبهائم كما يفهمها الناس اليوم أي أن يصبحوا قديسين فالحيوان على الأقل ليس بقديس , بل المقصود أن يخصص للرب فالبكر مهم جدا عند الرب .
وعن يوم الرب في الوصية الرابعة ( اذكر يوم الرب لتقدسه ) أي تخصصه للرب . وأيضا كلم الرب موسى في سفر الخروج 31 : 12 ( ... أنا الرب الذي يقدسكم ) فليس البشر يقدسون البشر .
وعن عشور أموالهم التي كان عليهم تقديمها للرب قال في سفر اللاويين 27 : 30 ( وكل عشر الأرض من حبوب الأرض وأثمار الشجر فهو للرب قدس للرب ) أي خاص للرب . وفي المزمور 16 : 3 يقول ( القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مسرتي بهم ) فكيف يطوبون الأموات فقط ويجعلون منهم قديسين .
أما في العهد الجديد : فيقول الرسول بطرس في رسالته الأولى 1 : 14 ( كأولاد الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم قديسين في كل سيرة لأنه مكتوب كونوا قديسين لأني أنا قدوس ) وهنا الرسول بطرس يكلم المؤمنين في الكنيسة الذين على قيد الحياة أن يكونوا قديسين , فالقداسة لا تكون بعد الموت فقط. وفي أعمال الرسل 9 : 13 عندما كلم الرب حنانيا بشأن شاول ( بولس ) ( فأجاب حنانيا يارب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم من الشرور فعل بقديسيك في أورشليم ) أي عن اضطهاده للمؤمنين الأحياء .
الى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح )رو1: 7 وفي رسالتيه الى كنيسة كورونثوس يقول ( بولس المدعو رسولا ليسوع المسيح بمشيئة الله وسوستانيس الأخ الى كنيسة الله التي في كورونثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا )1كو1: 1 وفي رسالته الثانية لهم ( بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثاوث الأخ الى كنيسة الله التي في كورونثوس مع القديسين أجمعين الذين في جميع أخائيا )2كو1: 1 وفي رسالته الى أهل أفسس ( بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله الى القديسين الذين في أفسس والمؤمنين في المسيح يسوع )أفسس1:1 والى أهل فيليبي كتب ( بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح الى جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيليبي مع اساقفة وشمامسة )فيليبي1: 1 والى أهل كولوسي كتب ( بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثاوس الأخ الى القديسين في كولوسي والاخوة المؤمنين في المسيح )كولوسي1:1-2 . فهل الرسائل ترسل الى أموات ؟