ما معني: "فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا." (كو 2: 9).

Popsamy

Member
إنضم
12 سبتمبر 2022
المشاركات
56
مستوى التفاعل
45
النقاط
18
سلام ونعمة
عندي سؤال ارجو الإجابة عليه
السؤال : ما معني اية
"فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا." (
كو 2: 9
)
اللاهوت غير محدود فما معني
(
مِلْءِ اللاَّهُوتِ)
وايضا ما الفرق بين هذه الآية والاية التي تقول:
ولبس روح الرب جدعون فضرب بالبوق, فاجتمع أبيعزر وراء
أو آية :وأجعل روحي في داخلكم, وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها.
 

My Rock

خدام الكل
مدير المنتدى
إنضم
16 مارس 2005
المشاركات
27,311
مستوى التفاعل
3,159
النقاط
113
الإقامة
منقوش على كفيه
الأخ العزيز،

المعنى هو ان أتحاد اللاهوت بالناسوت في التجسد ليس جزءي بل كمل. بمعنى ليس جزء من لاهوت الله تجسد بل اللاهوت بالكامل.

راجع التفاسير التالية:

أنطونيوس فكري
فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً. كلمة اللاهوت تعنى الكيان الإلهى والجوهر الإلهى. ففى التجسد لم يتحد جزء من اللاهوت مع جسد المسيح بل كل اللاهوت. اللاهوت بالكامل إتحد بالجسد. فالمسيح هو الله حتى لو إتخذ شكل إنسان. وكلمة يحل = جاءت بمعنى الإستمرار أى أن الألوهية ساكنة فيه على الدوام، كل الطبيعة الإلهية فى كمالها.
وهذه الآية تشير أيضاً لأن المسيح لم يترك جسده بعد أن أنهى عمله الفدائى بل لقد كان إتحاد اللاهوت بالجسد (الناسوت) بلا أختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولم ينفصلا قط لحظة واحدة ولا طرفة عين. وفى هذه الآية نرى رداً على الغنوسيين فالمسيح هو الله نفسه وليس أيوناً وَسَطاً.

تادرس يعقوب
يعلن الكاتب بأكثر وضوح أن في المسيح يحل "ملء" اللاهوت جسديًا (1 :19)، وأن المسيح هو الرأس (18:1)، رأس كل رياسة وسلطان (1: 16)، وكل ذلك له نتائجه في مجتمع الكاتب فهم يشتركون في ملء المسيح (9:1) لأنهم جسده. وكما أن الختان علامة عهد مع الله بالنسبة لليهود هكذا في معمودية الأمم صار المسيحيون شعب عهدٍ. فالمعمودية للأمم هي رمز للختان غير البدني (الروحي) الذي بها يتشبهون بالمسيح إذ يشاركونه ختانه ومعمودية موته مدفونين ومشتركين أيضًا في قيامته (رو 6: 3-5).

v إننا نؤمن بأن العماد الذي تمّ في المسيح هو الاتّحاد الأكمل... وأما فينا نحن فمع أنه قيل أنه "حلّ فينا" إلا أن حلوله فينا هو حلول نسبي، أي بالمشاركة والنعمة، لأن فيه وحده "يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" [9]، أي أن الحلول الكائن فيه ليس مجرد حلول نسبي أو بالمشاركة مثلنا... بل هو اتحاد حقيقي بين طبيعة الإلهية غير المحدودة وهيكل جسده المولود من العذراء.

القديس مقاريوس الكبير

v ملء اللاهوت الساكن فيه جسديًا يؤكد حقيقة طبيعته (الإلهية). هي هي (طبيعة الله) الذاتية ووحدة الطبيعة الحية، التي لا يمكن انقسامها بالتمايز لا يمكن انقسامها أيضًا بولادة طبيعة حية.

إذ تحقق التجسد باتحاد اللاهوت مع الناسوت صار لنا حق التمتع بغنى المسيح خلال اتحادنا معه، إذ نصير مملوءين فيه. خلال هذا الملء صار لنا إمكانية القيامة معه، والجلوس معه في السماويات (أف 2: 6)، وأن نملك أيضا معه (2 تي 2: 12)، لا يعوزنا شيء (رو 8: 32)، إذ يصير كل شيء هو لنا (1 كو 3: 21).

القديس هيلاري أسقف بواتييه

v لقد سند المحتاجين وأعطى حياة للمائتين، حتى ندرك أنه من الجسد الذي فيه حلّ ملء اللاهوت، الجسـد الذي سكنت فيه الحياة، قد أعان عوز المعـتازين (كو 2: 9).

القديس افرام السرياني

v كلمة "ملء" تعني "الكل المتكامل The whole... فهو "الرأس" وأنتم مملوءون فيه معناها أن مالكم هو منه وليس بأقل مما له.
 

Popsamy

Member
إنضم
12 سبتمبر 2022
المشاركات
56
مستوى التفاعل
45
النقاط
18
الأخ العزيز،

المعنى هو ان أتحاد اللاهوت بالناسوت في التجسد ليس جزءي بل كمل. بمعنى ليس جزء من لاهوت الله تجسد بل اللاهوت بالكامل.

راجع التفاسير التالية:

أنطونيوس فكري
فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً. كلمة اللاهوت تعنى الكيان الإلهى والجوهر الإلهى. ففى التجسد لم يتحد جزء من اللاهوت مع جسد المسيح بل كل اللاهوت. اللاهوت بالكامل إتحد بالجسد. فالمسيح هو الله حتى لو إتخذ شكل إنسان. وكلمة يحل = جاءت بمعنى الإستمرار أى أن الألوهية ساكنة فيه على الدوام، كل الطبيعة الإلهية فى كمالها.
وهذه الآية تشير أيضاً لأن المسيح لم يترك جسده بعد أن أنهى عمله الفدائى بل لقد كان إتحاد اللاهوت بالجسد (الناسوت) بلا أختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولم ينفصلا قط لحظة واحدة ولا طرفة عين. وفى هذه الآية نرى رداً على الغنوسيين فالمسيح هو الله نفسه وليس أيوناً وَسَطاً.

تادرس يعقوب
يعلن الكاتب بأكثر وضوح أن في المسيح يحل "ملء" اللاهوت جسديًا (1 :19)، وأن المسيح هو الرأس (18:1)، رأس كل رياسة وسلطان (1: 16)، وكل ذلك له نتائجه في مجتمع الكاتب فهم يشتركون في ملء المسيح (9:1) لأنهم جسده. وكما أن الختان علامة عهد مع الله بالنسبة لليهود هكذا في معمودية الأمم صار المسيحيون شعب عهدٍ. فالمعمودية للأمم هي رمز للختان غير البدني (الروحي) الذي بها يتشبهون بالمسيح إذ يشاركونه ختانه ومعمودية موته مدفونين ومشتركين أيضًا في قيامته (رو 6: 3-5).

v إننا نؤمن بأن العماد الذي تمّ في المسيح هو الاتّحاد الأكمل... وأما فينا نحن فمع أنه قيل أنه "حلّ فينا" إلا أن حلوله فينا هو حلول نسبي، أي بالمشاركة والنعمة، لأن فيه وحده "يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" [9]، أي أن الحلول الكائن فيه ليس مجرد حلول نسبي أو بالمشاركة مثلنا... بل هو اتحاد حقيقي بين طبيعة الإلهية غير المحدودة وهيكل جسده المولود من العذراء.

القديس مقاريوس الكبير

v ملء اللاهوت الساكن فيه جسديًا يؤكد حقيقة طبيعته (الإلهية). هي هي (طبيعة الله) الذاتية ووحدة الطبيعة الحية، التي لا يمكن انقسامها بالتمايز لا يمكن انقسامها أيضًا بولادة طبيعة حية.

إذ تحقق التجسد باتحاد اللاهوت مع الناسوت صار لنا حق التمتع بغنى المسيح خلال اتحادنا معه، إذ نصير مملوءين فيه. خلال هذا الملء صار لنا إمكانية القيامة معه، والجلوس معه في السماويات (أف 2: 6)، وأن نملك أيضا معه (2 تي 2: 12)، لا يعوزنا شيء (رو 8: 32)، إذ يصير كل شيء هو لنا (1 كو 3: 21).

القديس هيلاري أسقف بواتييه

v لقد سند المحتاجين وأعطى حياة للمائتين، حتى ندرك أنه من الجسد الذي فيه حلّ ملء اللاهوت، الجسـد الذي سكنت فيه الحياة، قد أعان عوز المعـتازين (كو 2: 9).

القديس افرام السرياني

v كلمة "ملء" تعني "الكل المتكامل The whole... فهو "الرأس" وأنتم مملوءون فيه معناها أن مالكم هو منه وليس بأقل مما له.
شكرا لك
ولكن انا لم أفهم جيدا بعد كيف ملئ اللاهوت يعني اللاهوت بالكامل هل للاهوت حجم معين اصلا ؟
وايضا ما معني اللاهوت بالكامل بقي في المسيح
هل يعني اللاهوت بقي محدود؟؟
وكيف هذا الجسد المحدود يحوي الغير محدود؟؟
معلش تحملني لأني صراحة مش فاهم
 

عابد يهوه

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
10 ديسمبر 2008
المشاركات
1,283
مستوى التفاعل
157
النقاط
63
فيه يحل كل ملئ اللاهوت جسديا يتحدث عن اتحاد كامل للطبيعه الالهيه بالطبيعه البشرية ولا يعني مثل سكب ماء في كوب لان الكوب لا يسع كل الماء ..
واتحاد اللاهوت في الجسد لا يحده الجسد لان لاهوت المسيح مالئ الوجود ولا يخلو منه مكان كما صرح المسيح في العديد من الايات انه موجود في كل مكان ..
 

My Rock

خدام الكل
مدير المنتدى
إنضم
16 مارس 2005
المشاركات
27,311
مستوى التفاعل
3,159
النقاط
113
الإقامة
منقوش على كفيه
ولكن انا لم أفهم جيدا بعد كيف ملئ اللاهوت يعني اللاهوت بالكامل هل للاهوت حجم معين اصلا ؟
لا يا صديقي اللاهوت ليس له حجم. ملىء اللاهوت معناها ليس جزء مع اللاهوت بل باكلمه بدون تجزئة او تقسيم.
المعنى هنا ان التجسد حدث بكل لاهوت الله وليس بجزء عنه وبطبيعة المعنى ليس ان لاهوت الله تحدد بحجم او بجسد المسيح.


وايضا ما معني اللاهوت بالكامل بقي في المسيح
هل يعني اللاهوت بقي محدود؟؟
معناها ان الله بكامله بدون تجزئة او تقسيم تجسد في المسيح. المسيح اله كامل وانسان كامل. ليس جزء من الله وجزء من انسان.
وكيف هذا الجسد المحدود يحوي الغير محدود؟؟

جسد المسيح المحدود لم يحد الله. النص لم يقل ذلك والكتاب المقدس بعهديه يذكر ان الله غير محدود.

مثلا عندما نقول ان رحمة الخالق حلت على فلان لا يعني هذا ان رحمة الخالق محدودة بحدود الشخص الذي استلم الرحمة.

لاهوت الخالق لم ينحصر في جسد المسيح لكن اللاهوت بكامله تجسد في جسد المسيح. الله غير محدود ولا يحده شيء ومن غير المنطقي ان يؤخذ هذا النص خارج عن سياقه بهذه الطريقة. الخالق لا يتجزء وافعاله كلها تمثل لاهوته بكامله والتجسد ليس مختلف عن ذلك.
 

Popsamy

Member
إنضم
12 سبتمبر 2022
المشاركات
56
مستوى التفاعل
45
النقاط
18
يا ريت نسمع منك يا Popsamyالغالي إذا وصلك الرد أم بعد عشان نوضح اكثر لو لزم الأمر.
أشكرك لو تفضلت و رديت على سؤالي.
انا فقط اريد ان افهم كيف هذا الجسد المحدود ممتلئ باللاهوت الغير محدود بأكمله ؟
وسؤال ايضا بما ان الجسد حل فيه اللاهوت كله وليس جزء من اللاهوت هل هكذا أصبح اللاهوت محدود؟ لأنه أصبح في مكان واحد وهو جسد المسيح

و آسف لاني هتعبكوا معايا بس ارجوكم تحملوني لأني بصراحة مش فاهم
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,649
مستوى التفاعل
3,559
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
و آسف لاني هتعبكوا معايا بس ارجوكم تحملوني لأني بصراحة مش فاهم
أولاً، أرجوك ألا تتأسف على سؤال في موضوع تريد توضيحه. خيرٌ لك أن تسأل من أن تتأسف بعد فوات الأوان لأنك لم تسأل ..... واضح يا غالي!؟

اللاهوت يشير الى طبيعة الله غير المحدودة و غير المُدْرَكَة بالعقل البشري.
غير المحدودة لأن الله لا يحده الزمان و لا المكان.

معنى "لا يجده الزمان"
أن الوقت غير موجود عند الله.
أمس و اليوم و غداً هي ديمومة دائمة الحركة عند الله - يعني الوقت عنده دائماً "حاضر".
أشرح أكثر، بالنسبة للإنسان الزمن يمضى و يصبح في خبر كان، لكن عند الله الماضي لا يزال حاضراً الآن، و المستقبل بكل ما يحمله من أحداث يجهلها الإنسان هو أيضاً حاضر الآن عند الله، لأن الله هو خالق الوقت\الزمن أجل الإنسان.
اليك الدليل من الكتاب المقدس من سفر التكوين، أول كتاب في العهد القديم:
هنا نرى أن الوقت لم يكن موجوداً قبل أن الله خلق الله العالم من أجل الإنسان، لأن لم يكن هناك ليل و لا نهار و بالتالي لم توجد الأيام، و الأيام تعني الوقت و الزمن.
لو تابعت قراءة السفر ستجد:
"وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْما ثَانِيا"
"وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْما ثَالِثا"
الى أن تصل الى اليوم السادس، و في اليوم السابع انهى الرب عمله.
الله لا يحتاج الى الوقت إنما خلقه رفقاً و محبة بالإنسان لكي يجعل من الليل وقتاً لراحة الإنسان.

الخلاصة:
الله خارج حدود الوقت لأنه خالق الوقت و الخالق لا تحده خليقته- يعني لا يحده الوقت أو الزمن.

معنى "لا يجده المكان : الله روح و لا جسد له ليحده المكان. كما أن المكان مخلوق و المخلوق لا يحد الخالق.
فإذا كان المكان لا يحد الخالق كذلك الجسد الذي اتخذه كلمة الله من مريم العذراء بحلول الروح القدس عليها لا يحد الله غير المحدود.
المسيح هو كلمة الله، هو الله، الذي به تكون الكون و هو الحياة. فكيف يحده الجسد و هو خالق الجسد.
لقد أبدع التلميذ الحبيب يوحنا، بوحي الروح القدس، في الكلام عن الوهية المسيح قبل أن يتجسد، إذ قال:


فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.
كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.
فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ
وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً.

أرجو أن تكون مشاركتي قد ساهمت مع مشاركات الأحبة قبلي في الرد على سؤالك.

أرجوك، كن على يقين أننا نفرح بأسئلتك و لا ننزعج.
أترجاك أن تسأل اكثر إن لم تصلك الفكرة بعد.
بإنتظار قراءة ردك. و دمت بنعمة المسيح.
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,649
مستوى التفاعل
3,559
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
شكراً عابد يهوه الغالي على فيديو الأخ وحيد الممتاز.

أرجو من الغالي Popsamy أن يخصص وقتاُ قصيراُ لمشاهدته و بتأني. و يا ريت نسمع منك تعليق.
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,075
مستوى التفاعل
1,051
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
سلام ونعمة، وتحياتي لكل الأحباء. أعتقد أن المعنى لم يصل بعد فاسمحوا لي بإضافة بسيطة.
أخي الحبيب: معنى الآية والمقصود منها يختلف قليلا عما تسأل عنه الآن. أقترح بالتالي أن نضع الآية جانبا، ولو مؤقتا، وأن نركز فقط على مسألة اللاهوت ـ غير المحدود ـ وكيف تحدد في جسد أو في مكان محدود.
أولا كلمة "في" لا تعني بالضرورة "الاحتواء". عندما نقول مثلا إن «الجوهرة في الصندوق» فهذا احتواء. الصندوق "يحتوي" الجوهرة، والجوهرة بالتالي "أصغر" حتما من الصندوق الذي يحتويها. فإذا فكرت بالطريقة نفسها في مسألة التجسد أصابتك الحيرة والدهشة، لأن الصندوق هنا (الجسد) أصغر كثيرا من الجوهرة التي يحتويها (اللاهوت). في الحقيقة أصغر بما لا يُقارن أو حتى نستطيع إدراكه أو تخيّله، لأن اللاهوت ببساطة غير محدود، كان ولا يزال دائما، فكيف "احتواه" هذا الجسد الصغير المحدود؟
لكن التجسد في الحقيقة لا يعني الاحتواء، وإنما يعني الظهور: «عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد». كلمة "في" هنا لا تدل على "الاحتواء" كما في مثال الصندوق والجوهرة، وإنما تدل على محل الظهور والإعلان. وأعطيك لذلك مثالا آخر: الإرسال التليفزيوني يملأ المكان وينتشر ـ فرضا ـ في كل مكان. مع ذلك فهو يظهر في جهاز التليفزيون الصغير المحدود. هل يعني هذا إن الإرسال نفسه ـ كل هذه الموجات والترددات التي تملأ المكان ـ صارت هي نفسها محدودة أو توقفت عن الانتشار في كل مكان؟ بالطبع لا. ما زال الإرسال يملأ المكان، رغم أنه ظهر "في" جهاز صغير محدود.
أيضا لو أن هذا الجهاز تعطل، لو أننا كسرناه أو ضربناه أو حتى صلبناه، هل يعني هذا أن الإرسال نفسه ـ غير المحدود غير المنظور ـ تعطل؟ هل يعني هذا أن الإرسال نفسه كُسر أو ضُرب أو صُلب؟ بالطبع لا. ما يزال الإرسال هو نفسه وكما كان دائما، غير محدود غير منظور، كان وما يزال منزّها متعاليا عن كل هذه الوقائع الأرضية ـ كل هذه الحادثات التي تنصرف فقط على الجهاز المادي المحدود، محل الظهور والإعلان، ولكن لا تنصرف أبدا على الإرسال نفسه.
***
هذا على أي حال مجرد تشبيه لا أكثر، فقط لتقريب الصورة قليلا لعقولنا، وحاشا أن يكون له سبحانه أي تشبيه أو مثال. أخيرا يبقى فقط أن نتساءل: هل تجسد "كل" اللاهوت؟ هل ظهر "كل" اللاهوت في الجسد؟
هذا السؤال في الحقيقة هو نفسه سؤال خاطئ، بل لا معنى له. إذا كان اللاهوت غير محدود فكيف يكون له "كل" أو "جزء"؟ إن مفهوم "الكل" ـ فكرة "الكل" نفسها ـ وكذلك مفهوم "الجزء": كلاهما لا ينصرف على اللاهوت، لأن اللاهوت ببساطة مطلق غير محدود، لا يمكن وصفه بـ"كل" أو "جزء"!
وهذا بالتالي ما يعود بنا إلى الآية الشريفة والمقصود منها: تعبيرات مثل "ملء اللاهوت" أو "كل ملء اللاهوت" ـ أو حتى تعبير "الإله الكامل" كما قد نقرأ أحيانا ـ هذه التعبيرات لا تقصد المعنى الحرفي القريب، الذي لا ينصرف ابتداء على اللاهوت كما رأينا. هذه التعبيرات بالأحرى أقرب إلى اصطلاحات خاصة تشير عادة إلى «الجوهر» أو «الطبيعة» الإلهية، بجميع خواصها دون نقصان. ربما تحتاج هذه النقطة بالتالي إلى بعض التفصيل فاخبرني فضلا إذا كنت مهتما، وإن كنت أفضل ألا تنشغل بهذه التفصيلات اللاهوتية حاليا. يكفينا في هذه الرسالة فقط أن نزيل التناقض والغموض عن مسألة التجسد وكيف أنه لا يعني أبدا "الاحتواء" أو "التحديد" أو "التقييد" أو "الإحاطة" أو غير ذلك مما يتعارض مع ألوهية الله، بأي صورة من الصور، تنزّه سبحانه وتعالى عن كل ذلك. تحياتي ومحبتي.
 
أعلى