لمسة يسوع
Well-known member
- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 2,949
- مستوى التفاعل
- 908
- النقاط
- 113
ماذا يعني لك ميلاد المسيح؟
×ماذا يعني لك ميلاد المسيح؟
بقلم صاحب السيادة المطران يوحنّا جهاد بطّاحرئيس اساقفة دمشق للسريان الكاثوليك
ماذا يعني لك ميلاد المسيح؟
ميلاد يسوع المسيح هو أعظم إعلان عن محبة الله للبشرية. إنه البداية التي أضاءت ظلمة العالم، وجلبت الرجاء إلى القلوب المكسورة. من خلال ميلاده، قدم لنا الله أعظم هدية: المصالحة والسلام والخلاص.
ميلاده كان رسالة: أن الله قريب منا، يتجسد في وسطنا ليعيش آلامنا وأفراحنا، وليرشدنا إلى طريق الحق والحياة. ومن خلال حياة المسيح وتعاليمه، تعلمنا المحبة غير المشروطة، الغفران، والخدمة المتفانية للآخرين.
ميلاد المسيح ليس مجرد ذكرى تاريخية؛ بل هو دعوة مستمرة للعيش في مصالحة وأتصال مع الله مع مصدر النور والسلام والمحبة التي جُسدت أمامنا منذ ألفي سنة بإبنه يسوع المسيح.
ها نحن على أبواب استقبال مناسبة من أجمل المناسبات، حقًا ليست مجرد حَدث من الماضي أو في المخيّلة انتقشت كذكريات. الميلاد ليس فقط فرصة لتبادل التحيات والمعيادات، وليس بابًا ذهبيًا للربح والمبيعات. إنه يسمو ببعدٍ آخر فوق المرئيات، إنه تدبير للخلاص من إله السماوات، فيه تمت الوعود وتجسدت النبوءات، ورنمت الملائكة بأجمل الترنيمات.
حقًا انَّ حادثة الميلاد فريدة، أنها إعلان المحبة الأكيدة. ميلاد المسيح قَسّمَ التاريخ إلى نصفين، قسم البشر إلى نوعين: الأول أعلنَهُ ربًا، والثاني أرادَ موتَهُ صلبًا!
دعني أخبرك صديقي بمعنى العيد الجوهري والحقيقي:
في كل حرف من احرف كلمة “ميلاد”، يختبأ معنى وإعلان بين الطّيات:
“م”- مغفرة: عِندما ظهرَ الملاك ليوسف في حلم، أعلَنَ لهُ عن إسم المولود: “وتَدعو اسمه يسوع، لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم”(متى 1: 21). والإسم في الكتاب المقدس يحمل شخصية صاحبه. إسم “يسوع” معناه المُخلّص. فميلاده كان المحطة الأولى في رحلة الصليب. نعم، يسوع لم يولد كأي طفل، ولم يُسَمى أحد بهذا الإسم سواه، لأنه هو المخلص ومانح الغفران.
“ي”- يقين: فقد تَمَّت النبوءات المتعلقة بمجيء المسيا في الميلاد، لقد جاء اليوم الذي وعَد به الرب الآباء والأجداد، رغم الإنتظار الطويل.
لربما تنتظر تحقيق وعدٍ وعدك به الرب منذ سنوات طويلة، وانتظرت ليالي ولم تظهر أي علامة وليس باليد حيلة، وقلت في نفسك: “إن طلبتي للتحقيق مستحيلة”. أشجعك أن ترفع أعينك الى السماء وتلتمس من الرب الرجاء. ففي الوقت المعَيَّن سيأتي.
“ل”- لمسة إلهية: بميلاد المسيح، لامَسَت السماء الأرض! وخلال حياته، جالَ يصنع خيرًا ويشفي الناس، يلمس بيديه الحنونة والقديرة أعين العميان فتُفتح، والمرأة المنحنية فتنتصب، يلمس النعش فيقوم الميت. إن لمسته فيها شفاء، قوة وحياة. قد تحتاج إلى لمسة إلهيه اليوم: لمسة للشفاء، للقوة، لبناء علاقاتك، ولعملك، أو لمسه لإحياء قلبك وحياتك الروحية. أطلبهُ، إنه حي، وحتمًا لن يَرُدّك خائبًا. أطلبه ليلمسك لمسه حقيقية في هذا الميلاد، ويعطيك سؤل قلبك في الميعاد!
“أ”- أمل: بعد 400 سنة فاصلة بين العهد القديم والعهد الجديد، 400 سنة لم يكن فيها أي كلمة أو إعلان من السماء، وبعد فشل كل محاولات الإنسان البائسة بإصلاح نفسه وبالتقرب إلى الله، لاح نور الأمل في الأرجاء، وسَطَع مجد الرب في السماء، مُعلنًا الأخبار السارة لرعاة فقراء وبسطاء! “ولدَ لكم اليوم مُخلص”، هذا المُخلص أدخَل الأمل إلى العالم اليائس، الأمل بالخلاص، الأمل لحياة أفضل وعهدٍ أفضل. قد تكون ظروفك قاسية، وحاولتَ محاولات عديمة الجدوى لتغييرها، تعَثّرتَ مرة تلو الأخرى، لقد جاء المسيح ليعطيك الأمل والرجاء. إنه رجاءٌ حي يتجدد في كل يوم، ويغلب كل تعبٍ ويأسٍ وَهَم. إن كنت تجتاز في ضيق وتصرخ:”ما العَمل”؟ إلتفت اليه، فتجد الراحة والسلام والأمل.
“د”- دفئ: يمتاز موسم الميلاد بأجوائه الدافئة، المملوءة والمشحونة بالمحبة والتَوَدُّد. لكن ماذا مع القلب؟ هل اختبر دفئ محبة الله؟ أم ما زال مُجمّدًا ببرودة العالم والخطية. لقد ولدَ المسيح في مذوذ، ولم يكن له ما يُدَفّئهُ سوى أنفاس الحيوانات! اختبر البرد، لذالك فإنه يعرف جيدًا معنى هذا الشعور.
إن كانت محبتك للرب قد بَرَدت، ومحبتك للآخرين كذلك، وإن كنتَ قد فقدت حرارتك وحماسك في الخدمة، في العمل أو في العلاقات، اقترب منه، وأطلب بأن يسطع بنور محبته ويذيب كل جليد في داخلك، وشعاعه يحيي كل مجالاتك.
في هذه الأيام اعايد أبناء بلدي سورية متمنيًا لهم أعياد ميلادية ملؤها الرجاء والتسامح والتطلع إلى الأمام.
المسيح ولد هلليلويا.