لماذا ترهبون الألم والموت – يسوع لن يغشنا

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0

لماذا ترهبون الألم والموت
يسوع لن يغشنا، لننطلق للفرح الأبدي


هذا مقال للقديس كبريانوس الأسقف الأفريقي، كتبه يوم انتشر في البلد وباء وبدأ الكثيرون يجزعون قائلين : [ ما فائدة الإيمان ، إن كان الله لا يحمينا من الوباء !!! ]
فكتب هذا المقال كاشفاً عن حقيقة الألم والموت بالنسبة للمؤمن، وهو نفسه استشهد وأحنى رأسه للسيف وهو يشكر الله، حتى ارتجف السياف من شدة إيمانه، كما روى بونطيوس كاتب سيرته المقدسة.
أترككم تتمتعوا بهذا المقال الرائع وسأضعه على أجزاء لتسهيل قراءته والاستمتاع بروح الإيمان الحي الذي فيه وهو كالآتي:
[ أعزائي الإخوة الأحباء
إن غالبيتكم يتسمون بالعقل الرزين والإيمان الثابت والروح الورعة. فلا يضطربون بسبب التزايد الحالي للوفيات، إنما كالصخرة القوية الراسخة يصمدون أمام هجوم العالم وثورة أمواج الزمن. هذا وإن كان ذلك الهجوم وتلك الأمواج ليست بالأمر الهين ولا تُقهر سريعاً. إنما هي تمتحن الآخرين بتجاربها .
غير أني ألاحظ أن من بين الشعب، يوجد أناس خائرين غير مجاهدين بعزم قلبهم الإلهي غير المغلوب، وذلك لانحرافهم عن الحق بسبب ضعف تفكيرهم أو فساد إيمانهم أو ترفههم في الحياة الزمنية أو تدللهم الجنسي أو لسبب آخر ... هذا الأمر الذي ليس لنا أن نخفيه أو نصمت بإزائه. لكنني أبذل بحسب كل ما أوتيت من جهد، لمقاومة خمولهم وترفههم هذا ... مستعيناً بوصايا الله ...
يسوع لن يغشنا :
أيها ألإخوة الأحباء .. من يحارب ( روحياً ) من أجل الله، يلزمه أن يعرف أنه قد وُضِع في معسكر قاسِ، على رجاء نوال جزاء سمائي، فلا يرتعب من عواصف العالم وأعاصيره، ولا يهتز منها، لأن الرب سبق أن أنبأنا عن كل ما سيحدث لنا.
لقد سبق فأخبرنا عن حدوث حروب ومجاعات وزلازل وأوبئة في كل مكان، وبحديثه هذا أوصى كنيسته وعلمها وهيأها وشددها لتحتمل كل ما سيأتي.
لقد سبق فانذرنا بأن الكارثة تتزايد شيئاً فشيئاً في أواخر الزمان، وذلك لكي لا نهتز من أي مخاطر مميتة غير متوقعة.
أنظروا، فأن ما أنبأنا عنه يحدث. وإذ يحدث إنما يتبعه أيضاً ما قد وعدنا به قائلاً " هكذا أنتم أيضاً متى رأيتم هذه الأشياء صائرة، فأعلموا أن ملكوت الله قريب " ( لو21: 31 ) .
هوذا ملكوت الله أيها الإخوة الأعزاء يقترب !! هوذا يأتي مع فناء العالم، مكافئة الحياة والتمتع بالخلاص الأبدي والسعادة الدائمة ونوال الفردوس المفقود !!!
هوذا السماويات أعدت لتحتل محل الأرضيات، والأمور العظيمة بدلاً من الفانيات، والأبديات عوض الفانيات. فما الداعي إذاً للقلق والجزع !!!
من يرى هذا ويرتعب في حزن، اللهم إلا الذي بلا رجاء ولا إيمان !! فيرهب الموت ذاك الذي لا يُريد الذهاب مع المسيح. ولا يُريد الذهاب مع المسيح ذاك الذي لا يؤمن أنه في طريقه إلى أن يملك مع المسيح إلى الأبد !!
مكتوب أن البار بالإيمان يحيا. فإن كنت باراً فبالإيمان تحيا وإن كنت بالحق مؤمناً بالمسيح ، فلماذا لا تحتضن تأكيدات دعوة الرب لك ، وتفرح متى تخلصت من الشيطان واقتربت لتكون مع المسيح في الفردوس .


  • + لماذا ترهبون الألم والموت – لننطلق إلى الفرح الأبدي
تمسك سمعان (الشيخ) الرجل البار ... بمواعيد الله بإيمان كامل ، حينما وعد من السماء أنه لا يرى الموت قبل أن يُعاين المسيح، فإنه ما أن جاء المسيح طفلاً إلى الهيكل مع أمه وعرفه بالروح. حتى أدرك أنه يلزمه أن يموت في تلك اللحظة، وفي وسط غمرة سعادته باقتراب الموت، وتأكده من استدعائه، حمل الطفل على ذراعيه وبارك الرب قائلاً " الآن أطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك " ( لو2 : 29 )، مثبتاً تزكيته، شاهداً بأن خدام الله عندما ينسحبون من وسط زوابع هذا العالم يدركهم السلام، فحرية، فهدوء وطمأنينة .

أننا بالموت نبلغ ميناء وطننا ( السماوي )، الراحة الأبدية، وبه ننال الخلود.
هذا هو سلامنا وهدوءنا النابع عن الإيمان، وراحتنا الثابتة الأبدية.

من جهة الراحة. ماذا نجد في العالم سوى حرب دائمة مع الشيطان، وصراع في معركة دائمة ضد سهامه وسيوفه ؟!!، حربنا قائمة ضد محبة المال والكبرياء والغضب وحب الظهور، وصراعنا دائم ضد الشهوات الجسدية وإغراءات العالم. ففكر الإنسان يحاصره العدو من كل جانب، وتحدق به هجمات الشيطان من كل ناحية. وبالجهد يقدر للفكر أن يدافع، وبالكاد يستطيع أن يقاوم في كل بقعة . فإن استهان بحب المال، ثارت فيه الشهوات، وأن غلب الشهوات انبثق حب الظهور. وإن انتصر على حب الظهور اشتعل فيه الغضب والكبرياء، وأغراه السكر والخمر، ومزق الحسد وفاقه مع الآخرين، وأفسدت الغيرة صداقاته.

وهكذا اضطهادات كثيرة كهذه تضايق القلب، ومع هذا لا يزال القلب يبتهج ببقائه كثيراً هنا بين حروب الشيطان !!! مع أنه كان الأجدر بنا أن تنصب اشتياقاتنا ورغباتنا في الإسراع بالذهاب عند المسيح، عن طريق الموت المعجل، إذ علمنا الرب نفسه قائلاً: " الحق الحق أقول لكم أنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح، أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح " ( يو 16: 20 ) .

  • من منا لا يرغب في أن يكون بلا حزن ؟!
  • من منا لا يتوق بالإسراع لنوال الفرح ؟!
لقد أعلن الرب نفسه أيضاً عن وقت تحويل حزننا إلى فرح بقوله: " ولكن سأراكم فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم " ( يو 16: 20 ). فما دام فرحنا يكمن في رؤية المسيح .. فأي عمى يصيب فكرنا !!، وأي سخافة تنتابنا متى أحببنا أحزان العالم وضيقاته ودموعه أكثر من الإسراع نحو الفرح الذي لا يُنزع عنا ؟ !! ]
للمقال بقية، وهو مترجم عن
The Writing of Nicene & Post Nicene Fathers
وقد ترجمها للعربية القمص تادرس يعقوب مالطي
وطبعها : كنيسة مار جرجس باسبورتنج
 
أعلى