"لا حرام مع ضرورة" وثيقة سرية للإخوان المسلمين تعدّ الأخطر في تاريخهم
تناولت صحيفة "التحرير" المصرية ما وصفته بـ "وثيقة سرية" حصلت عليها من أحد قيادات جماعة "الإخوان المسلمين"، معتبرة إياها بمثابة "إعلان حرب" وأن الوثيقة التي وصفت بـ"السرية" هي أخطر ما خرج من كهوف الجماعة عبر التاريخ، فهي تكشف طبيعة منهج الفقه السياسي للإخوان في مصر. والوثيقة، بحسب ما جاء في الصحيفة، صدرت عقب ثورة 25 يناير وحملت اسم "ميدان التحرير"، الذي انطلقت منه الثورة مطيحة بالرئيس السابق حسني مبارك، مطلع العام 2011، هي عبار ة عن ترجمة فقهية لكتاب "معالم في الطريق" لقيادي راحل من قيادات الجماعة سيد قطب، والجزء الثاني من كتاب "الفريضة الغائبة" والذي ترتب عليه اغتيال الراحل أنور السادات.
وتشير الصحيفة إلى أن الوثيقة جاءت نتيجة التخوف من رد فعل شباب الإخوان على موقف قيادات الجماعة من أحداث شارع محمد محمود ومحيط وزارة الداخلية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، وأنه كان لها مفعول السحر على شباب الإخوان فكانوا الأمن المركزي الذي يُعمل جسده ولا يُعمل عقله، واستطاعت أن تقنع الشباب بأن موقف الجماعة من الأحداث هو "عين الشرع" و"قلب الحقيقة".
ويذكر أنه قد وقعت اشتباكات في ميدان التحرير، ومحيطه، وشارع محمد محمود، في قلب القاهرة، في التاسع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر، عقب جمعة المطلب الواحد، واستمرت حتي الجمعة التالية 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، وأدت إلى مصرع 41 متظاهرًا، إضافة إلى آلاف المصابين وجاءت معظم الإصابات في العيون والوجه والصدر نتيجة استخدام الخرطوش إضافة إلى حالات الاختناق نتيجة استخدام الغاز المسيل للدموع، وفي الجمعة 25 تشرين الثاني/ نوفمبر توافد الآلاف على ميدان التحرير وكافة الميادين في مصر استجابة للدعوة إلي جمعة الفرصة الأخيرة التي كان علي رأس مطالبها تخلي المجلس الأعلى للقوات المسلحة الفوري عن السلطة في مصر، نتيجة أحداث محمد محمود، لحكومة إنقاذ وطني تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية لإدارة المرحلة الانتقالية حتى انتخابات البرلمان والرئاسة في أسرع وقت، وشاركت معظم الأحزاب والقوى السياسية في هذه المليونية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة ، التي أعلنت رفضها لها.
وتابعت الصحيفة أن موضوع الوثيقة التي نشرت نسخة منها في عددها الصادر اليوم السبت، الأخطر والأخطأ في تاريخ جماعة "الإخوان المسلمين"، فهو يدور حول ما وصفته بـ"النسخة الإسلامية من الميكيافيلية" باستخدام أدوات الفقه الإسلامي في غير موضوعها، فكان التبرير الجاهز لكل خطايا الجماعة.
وجاء في الوثيقة :"ولأن هناك من ضد فرضة الخلافة، يجب علينا أن نسعى لها بكل الوسائل حتى لو كانت هذه الوسائل في ظاهرها مفسدة، فالضرورات تبيح المحظورات، وهذه القاعدة هي إحدى القواعد الكلية الفرعية التي أدرجها بعض العلماء تحت قاعدة "الضرر يُزال" والبعض الآخر"المشقة تجلب التيسير" ... وقول الفقيهين المسلميّن أبن القيّم وابن سعدي"لا واجب مع عجز، ولا حرام مع ضرورة.."حد
وتضع الوثيقة القاعدة الشرعية التي تحكم عمل الجماعة خلال المرحلة بأنها" السياسة الشرعية لها أحكامها، ومن أحكامها تغليب الأوجب على الواجب والأصوب على الصائب، وإذا كان من الواجب في الانتخابات أن يكون أفراد قائمة الإخوان من أصحاب الكفاءات الشرعية والسياسية ممن يشتركون معنا في الغايات ولا يحاربون إقامة دولة الإسلام ...فإن الأوجب أن نتمترس في قوائمنا "بالجاهلين من الناصريين والنصارى والليبراليين من أجل صد هجمات التيار الجاهلي في المجتمع".
وأوضحت الصحيفة أن وثيقة الجماعة تُشير إلى أن ثورة يناير هي ثمار كفاح ونضال وجهاد الإخوان، كما تُشير إلى الموقف السياسي للجماعة :"وإذا كنا قد جاهدنا في العقود الماضية ضد التزوير وتزييف إرادة الشعب المسلم ودخلنا السجون والمعتقلات وصودرت أموالنا واستشهد من استشهد من إخواننا، فإن ثورة يناير وأحداثها ونتائجها كانت بلا شك تتويجًا لجهادنا، لذلك كان للإسلام أن يجني ثمار هذا الجهاد، وطريقة جني الثمار هي الأدق والأخطر في طريق التمكين لدولة الإسلام، لذلك كان لها فقهها ... "
وتحدثت الوثيقة عن الموقف من المجلس العسكري: "الاصطدام مع المجلس العسكري كان من شأنه أن يعيدنا إلى الوراء سنوات، لذلك كان لنا أن نضبط التعامل مع المجلس العسكري الحاكم الفعلي للبلاد وفقًا لمعيار المصالح والمفاسد وكذلك الأمر مع الانتخابات التي صممت الفرق المناوئة للإسلام تعطيلها خوفًا من إقامة دولة الإسلام.... كل هؤلاء وسائل في طريق التمكين لدولة الإسلام التي منها سيكون التمكين لدين الله في الأرض، وقد أجاز الفقهاء أن نترخص في الوسائل من أجل تحقيق مقاصد الإسلام".
واختتمت الصحيفة تعليقها على الوثيقة موضحةً أن "الفقه الباطني" في الحقيقة أخطر ما أخرجته الجماعة عبر عقودها.