لا تجعل راحتك على تعب الآخرين

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus


لا تجعل راحتك على تعب الآخرين

قداسه البابا شنودة الثالث



ما أكثر الخطايا التي يقع فيها من يبنى راحته على تعب الآخرين... وسنضرب لذلك أمثلة عديدة منها:
1- من يقيم حفلة ساهرة صاخبة، بميكروفونات تنقل الصوت عاليًا عبر عدة شوارع...

ويستمر على ذلك إلى ما بعد منتصف الليل في لهو وغناء وضوضاء. ولا يبالى في كل ذلك بشعور غيره ولا بمصلحته! فالمحتاج إلى نوم لا يستطيع أن ينام. والتلميذ لا يستطيع أن يذاكر. والمريض يزعجه الصوت، وربما يكون قد تناول حبوبًا منومة تفقد مفعولها. وباقى الناس تفقد حريتهم في الكلام وفى القراءة وفي الاستمتاع بوقتهم... ولكن صاحب الحفلة مسرور بحفلته، وغير عابئ بتأثيرها على غيره!

* ومثال ذلك أيضًا: من يفتح راديو أو ترانزستور في أتوبيس أو قطار... هو يريد أن يسمع ولا يهمه غيره...

2- مثال آخر: من يجد لذته في التهكم والضحك على غيره...


فيتخذ ذلك الشخص مجالًا للسخرية والتفكه والتسلية، غير مبال بجرح مشاعره, جاعلًا السامعين يشاركونه في جعل ذلك الإنسان أضحوكة لهم.. وبخاصة إن كان لا يستطيع الدفاع عن نفسه، أو يحتشم من ذلك لأن الذي يستهزئ به أكبر منه سنًا أو مقامًا...

هذا الساخر إنما يحاول أن يجد راحته في تعب غيره نفسيًا

3- كذلك من يدخن سيجارة, وبجواره من يكره رائحتها...

ينفخ دخانها في وجهه أو فيما حوله. ولا يهمه أن غيره يكاد يختنق من رائحة الدخان, وبخاصة لو كان ذلك في مكان مغلق! ونشكر الله أن كثيرًا من شركات الطيران تمنع التدخين داخل الطائرة... ونلاحظ أن زوجات كثيرات يتعبن من أزواجهن المدخنين الذين يعكرون جو البيت كله برائحة دخانهم...

* يدخل تحت بند التدخين أيضًا المصانع التي تلوث الجو بالدخان، وتؤذى صحة الإنسان.. وكذلك العربات التي تنفث في سيرها دخانًا.

4- مثال آخر: من يتعب غيره بمكالمات تليفونية قد تطول...

يطلب غيره تليفونيا في أي وقت. وقد يكون ذاك نائمًا, أو على مائدة الطعام, أو عنده ضيوف, أو يكون منشغلًا بعمل هام يجب أن يقوم به.. ويظل هذا الشخص يتكلم ويتكلم, دون أن يسأل هل الذي يسمعه لديه وقت لسماعه أم لا؟ بينما اللياقة تقتضى أن يسأل..!

5- وبنفس الوضع، الحكم على بعض الزيارات...

إنسان يزور صديقًا أو قريبًا له على غير موعد، دون أن يتأكد هل هذا الصديق مستعد لاستقباله ام لا! ولكنه يدخل ويجلس ويتكلم. وقد تطول الجلسة, وصاحب البيت يخجل من أن يقول له أنه مُنشغل, أو كان على وشك الخروج لمهمة معينة أو موعد مع آخرين... ويكون هذا الضيف وهو جالس في بيت صاحبه, إنما هو جالس على أعصابه!

وما أصعب مثل هذه الزيارات إن كانت خلال أيام الأمتحانات، ويعلو فيها الصوت، والطلبة الذين في البيت يحتاجون إلى هدوء.. ولكن هؤلاء الضيوف يحاولون أن يجدوا راحتهم, ولو على تعب غيرهم!

6- أيضًا هناك اشخاص يريدون أن يتكلموا, وربما في موضوعات لا يستريح لها سامعوها..!

وقد يتحدثون عن أسرار أناس آخرين, أو مشاكل معينة, أو أخطاء قد حدثت, أو يفتحون أذهان سامعيهم لمعرفة أمور جديدة عليهم من الخير لهم أن لا يعرفوها.. ولكنهم يريدون أن يتكلموا, ولو أتعبوا السامعين, ولو صبوا في آذانهم معلومات مؤذية, ولو أتلفوا أفكارهم..!

وقد يحاول السامع أن يهرب, ولكنهم يضغطون بالكلام لأنه يجدون متعتهم في الحديث, شاء السامع أن يسمع أم لم يشأ! هذا بالأضافة إلى إضاعة وقته..

7- كذلك من يضغط على غيره, إنما يبحث عن راحة هو بتعب الغير..

وقد يكون هذا الضغط على إرادته, لكي ينفذ ما لا يريد! وربما يُستخدم فيه أحيانًا الإلحاح المتعب الذي يشكل ضغطًا على أعصابه وعلى اُذنيه, وقد يكون الضغط مباشرًا أو عن طريق وسطاء. أو قد يكون ضغطًا على ضميره بلون من التهديد... المهم أن يصل هذا الشخص إلى تحقيق غرضه بالضغط أو بضغوط. ولا يهمه مطلقًا شعور من يضغط عليه, ولا تعب أعصابه أو تعب ضميره, وتعب فكره وتعب ارادته, ومقدار الوقت الذي تستغرقه الضغوط...

8- هناك أشخاص آخرون يستريحون نفسيًا عن طريق الشكوى والبكاء, ويشركون غيرهم في آلامهم باستماع مشاكلهم ومتاعبهم وأحزانهم...

ولو حدث ذلك مرةً أو في أحدى المناسبات, لكن ممكنًا الإحتمال بشعور المشاركة الإجتماعية.. ولكن ماذا عن أشخاص تعودوا الشكوى والبكاء والنكد..؟! فما أن يقابلوا حتى ينفتح ريكوردر الشكوى والحزن والتعب والبكاء إلى غير ما لا نهاية! ومهما حاول السامع أن يخفف عنهم لا يستطيع. ويزداد الأنين والتعب, وربما لغير سبب أو لسبب تافه, أو بحديث متكرر وبلا نتيجة! المهم أنه يريدون أن ينفسوا عن أنفسهم, ولو تعب سامعوهم... نصيحتى لمثل هذا الشاكى أن ينظر إلى ملامح سامعه.. ويرى هل تعب أو ضجر؟ وهل من الممكن أن يكمل كلامه أم لا...

ما أكثر الذين يفقدون أصدقائهم ومعارفهم, بمداومة الشكوى والبكاء...

9- نقطة أخرى هى التبرج:

إنسانة تقف طويلًا أمام المرآة قبل أن تخرج من منزلها. ولا تفارق المرآة حتى ترضى تمامًا عن نفسها وأنها صارت في منتهى الجمال والفتنة, وأن كل من يراها لابد سيعجب بها! ولا يهمها في كل ذلك أنها قد توقع غيرها في شَرك. بل كل راحتها النفسية أن تكون موضع الإعجاب, ولو تعب الذين يعجبون بها! نصيحتى لها: لا تجعلى محبة الذات تقودك, بل اهتمى أن لا تكونى عثرة لأحد...

10- نقطة مشابهة, مع اختلاف في التفاصيل: وهى بعض المُتزينات في الحفلات:

إنسانة تريد أن تكون الأولى في إحدى الحفلات. وقد تحضر حفل عُرس, وتحاول أن تكون أجمل وأشيك من العروس نفسها! فتلبس ملابس فوق مستوى الكل, وتتحلى بحلىّ لا تتحلى به إمرأة أخرى. تريد أن تجذب إنتباه الكل, ولو ألغت وجود غيرها! حتى ولو أتعبت باقى النساء وشعرن بصغر نفس وبضآلتهن إلى جوارها! هذه أيضا تبحث عن راحتها بتعب الآخريات.

وإن ناقشها أحد في ذلك, ترد قائلة "إنها حفلة, ويجب أن أهتم فيها بأناقتى".

نعم، ولكن في حدود المعقول, ودون إثارة الغيرة, ودون الدخول في مقارنات. اليس في الحفلة ما يناسب مستوى المشتركات فيها, بأناقة معقولة..

تابع​

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus



11- ما أكثر المشاكل العائلية التي سببها أيضًا: من يجعل راحته على تعب غيره, ولا يبالى بمن يتعبه!

مثال ذلك: الزوجة التي تطلب من زوجها طلبات فوق طاقته المالية، وبهذا ترهقه ماليًا، أو تضطره إلى الإقتراض أو إلى الديون. أو أن يقول لها "ليس معى". وأحيانًا تحرجه بالتحدث عن حظها العاثر في أن تتزوج رجلًا ليس معه ما ينفقه عليها! وهكذا تجرح شعوره...

ونفس الكلام ينطبق على الإبن الذي يكّلف والديه بما هو فوق طاقتهما...

وخارج محيط الأسرة، يمكن أن نذكر المواطن الذي يطلب هو أيضًا من الدولة ما هو فوق طاقتها...
12- ومثال آخر للذين يجعلون راحتهم على تعب غيرهم:

من يريد أن يبنى مجده على هدم غيره. ويظن بهذا أنه يُظهر تفوقه!

مِثل كاتب يريد أن يحطم جميع البديهيات والمسلّمات التي يعرفها الكل, محاولًا أن يثبت خطأها لكي يقدم رأيًا جديدًا, كأنه يفهم أكثر من سابقيه, أو أنه هو الوحيد الذي يفهم! وأن كل ما ورثناه من الأجيال السابقة هو خطأ في خطأ! ومن هنا نشأ المبتدعون الذين يبتدعون شيئًا جديدًا لعله يبنى لهم مجدًا... وهنا أحب أن أفرّق بين المبتدعين والمبدعين..

ومن الأمثلة: أيضًا من يريد أن يظهر علمه بناء على جهل غيره. أو أن يسأل غيره أسئلة محرجة المقصود بها أن، يظهر جهل ذاك. ثم يجيب هو على نفس الأسئلة ليظهر تفوقه...

13- مثال آخر: من يخفى مواهب غيره لكي تظهر مواهبه هو:

فلا يسمح لغيره بالظهور, لكي يبقى وحده في الصورة... كالأستاذ الجامعى الذى لا يعطى المعيد فرصة ولا درجة علمية إلا بشق الأنفس.

ونفس الإشكال يقع فيه غالبية الناشئين: فلا فرصة سهلة لكاتب ناشئ, أو لمخترع ناشئ, أو لفنانٍ ناشئ. لأن الكبار والمشهورين يريدون أن يحتكروا العبقرية ذاتها! ويجدون راحتهم في أن يخلو الجو لهم بلا منافس مهما تعب كل الناشئين. فيحتكرون الجو, ويحتكرون الغير..!

ويدخل في هذا المجال أيضًا: من يحضر اجتماعًا أو حوارًا, ولا يعطى فرصة لغيره أن يتكلم, فيكون وحده هو المتكلم الظاهر...

14- ومن أمثلة الراحة بتعب الآخرين: الزوج الغياّر.

إنه الزوج الذى- من أجل غيرته على زوجته- يكاد يحبسها في البيت, لا يراها أحد, ولاتتكلم مع أحد. ولا تضحك على فكاهة قالها الغير مهما كانت فكاهة تُضحك الحجر! وإلا يقيم الدنيا ويقعدها... كأنما أشترى عصفورة جميلة وحبسها في قفص. حتى إن غنّت داخل القفص, يمنعها من الغناء... وهكذا تضيقّ عليها تضييقًا يجعلها تكره الحياة بسببه... وإن جادلته أو عاتبته, يقول لها "هذا هو الذي يريحنى"! ولكنها راحة على تعب غيرك, لا تقيم فيها أي اعتبار لشعور زوجتك.

ومثل الزوج الغيّار, الزوجة الغيّارة أو النكدية, أو الكثيرة التحقيق مع زوجها في كل تحركاته ومقابلاته. والتي ترهقه بأسئلة تحرجه. وذلك لكي تطمئن هى وتستريح, مهما تعب هو...

15- وتظهر الراحة على تعب الآخرين في مشكلة الزحام:

فكل واحد في الزحام يريد أن يسبق غيره, أو يأخذ مكان غيره, أو يصل هو ولا يهمه أن يصل غيره أو لا يصل! ويظهر هذا الأمر بشكل أوضح في مشاكل المرور: من جهة السيارة التي تريد أن تمّر ولو عطلت غيرها أو عطلت المرور كله...

* ويشبه هذا من يحرص على الأماكن الأولى في بعض الإجتماعات, أو يحاول أن يحجزها قبل مجيئه بطريقة ما, وكذلك من يقف في اجتماع, ولو أخفى الرؤية عن غيره. والعجيب أن هذا الزحام قد يحدث في الأماكن المقدسة أيضًا.

وقد سمعنا مرة على سقوط ووفاة بعض التلاميذ الصغار, نتيجة لزحامهم خوفًا أو هربًا.
16- وموضوع الزحام يذكرنا بالمنافسات عمومًا.

ونقصد بالذات المنافسات التي يلجأ فيها البعض إلى طرق خاطئة, لكي يتعبوا غيرهم أو يتخلصوا منه... منها المنافسة في محيط الوظائف والمناصب والترقى...حيث يزيح المنافس شخصًا من مكانه ومركزه ليحل محله, أو يأخذ درجة أو علاوة بدلًا منه, ولو بتقديم شكاوى ضده أو إشاعة المذمة فيه, أو يتسبب فى فشله لكي يضيعة... ويدخل في مثل هذه المنافسات, المضاربات في الأسواق.

أما في مجال السياسة, فيحدث أحيانًا أن يحارب حزب حزبًا آخر ينافسه, أو يحاول إسقاطه في الانتخابات بطرق غير مشروعة, أو ينشر عنه أخبارًا كاذبة!
17- مثال آخر: هو أنواع من السرقة والغش والاحتكار:

فالنشال يريد أن يأخذ ما في جيب غيره, ليضعه في جيبه هو. وينطبق هذا على كل سرقة أو ربح غير مشروع... سواء كان ضحيته أفرادًا أو الدولة.

ويدخل في هذا المجال: الغش في التجارة, واحتكار الأسواق, والمضاربات فيها, والربا الفاحش, والسوق السوداء, والهروب من الضرائب أو الجمارك, والإقرارات المزيفة للذمة المالية.. في كل هذه, يبنى كل إنسان راحته على تعب غيره...

ومثلها صاحب العمل الذي يبخس أجور العمال والموظفين, لكي يغتنى هو, وكأنه يسرق تعبهم وعرقهم. وكذلك الذي يطلب رشوة لكي يتتمم عملًا مشروعًا! إنها أيضًا سرقة, وقد تكون بالإكراه أو الإلزام. وهى راحة خاطئة على تعب الآخرين... وأيضًا من يسرق فكر غيره وينسبه إلى نفسه. ومن يترجم كتابًا من تأليف غيره وينسبه إلى نفسه..

18- نذكر كذلك النظرية المعروفة بأسم (كبش الفداء):

تحدث مثلًا سرقة كبيرة في إحدى الشركات يقوم بها أحد الكبار. ولكي ينجو هذا الكبير من المسئولية, يُقدم- بدلًا منه- موظف بسيط, أو مدير الحسابات, أو عضو مجلس إدارة منتدب. وتلصق التهمة بأحد هؤلاء, بينما ينجو المخطئ الحقيقى, وينال راحته بتعب غيره. الذي يُعتبر كبش الفداء...

كذلك محاولة النجاة من مسئولية أي خطأ بإلصاقه بشخص آخر.

وبالمثل من يتهم غيره ظلمًا, لكي يفلت هو من العقوبة..

19- يدخل في موضوعنا هذا: الاستعمار والحروب:

حيث تجد إحدى الدول القوية راحتها في تحطيم دولة أخرى, أو في أستغلالها لمصلحتها, أو حصارها أقتصاديًا, أو استعمارها..

وقد يفعل الأفراد مثل هذا في حدودهم الضيقة...
20- نذكر أيضًا محبى الاستطلاع, ومحبى معرفة أسرار الناس:

كثيرًا ما يجد هؤلاء راحتهم في ما يتعب غيرهم.. سواء الذين يريدون معرفة أسرارهم, أو الذين يلحون عليهم بالسؤال لكي يستخرجوا منهم معلومات عن طريق الأسئلة المتواترة والإلحاح المتعب, حتى يعصروهم عصرًا لكي يحصلوا على كل ما عندهم من معلومات بالضغط والإحراج...

21- هناك أيضًا: إغتصاب الفتيات وإغراؤهن:

فقد يجد شاب راحته الجنسية في أن يضيّع فتاة ويغتصبها, ويقضى بهذا على مستقبلها... وحتى مجرد العلاقة التي تشغل عقل الفتاة وعاطفتها, وتؤثر سلبيًا على سمعتها, وعلى دراستها إن كانت تلميذة أو طالبة في الجامعة... كل ذلك لمجرد أن يجد الشاب متعته في مصادقة فتاة, مهما أساء إليها بهذة الصداقة! إنها راحة مبنية على تعب الآخرين...
22- أخيرًا: موضوع الغضب والنرفزة...

إنسان أعصابه متعبة ومتضايق. يريد أن ينفّس عن ضيقه بأن يصب غضبه على الآخرين كلامًا أو كتابةً, لكي يستريح هو مهما تعبوا هم! وما ذنبهم في تعرضهم لأعصابه المرهقة ؟! وإن عاتبته في ذلك, يقول لك:" لم أستطع أن أستريح إلا بعد أن قلت هذه الكلمة"! ولكنها راحة خاطئة سببت تعبًا لغيرك.
 
أعلى