كيف صرت مجنونا (جبران خليل جبران)

أرزنا

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أبريل 2007
المشاركات
1,100
مستوى التفاعل
26
النقاط
0
الإقامة
قلب يسوع
رد على: كيف صرت مجنونا (جبران خليل جبران)

الطموح
جلس ثلاثة الى خوان في حانة وكان الأول حائكاً والثاني نجاراً والثالث حفار قبور .
فقال الحائك لرفيقه : " قد بعت اليوم كفناً بديعاً من الكتان بدينارين . فلنشرب ما طاب لنا من الخمر . "
فقال لهما حفار القبور : " إنني لم أحفر اليوم سوى قبر واحد أيها الصديقان ولكن الذي استأجرني دفع لي الأجر مضاعفاً . فلنستحل بقليل من العسل ."
فحفلت بهم الخمارة في تلك اليلة لأنهم طلبوا الخمر والحم والعسل مراراً وكانوا يرقصون طرباً .
أما صاحب الحانة فكان يلتفت بين آونة وأخرى الى زوجته متبسماً وهو يكاد لا يصدق ما يراه بعينيه . لأن ضيوفه الثلاثة كانوا ينفقون المال من غير حساب .
وظل الأصحاب في الحانة الى ساعة متأخرة من اليل يأكلون ويشربون . وبعد أن امتلأوا من كل شيء انصرفوا وهم يغنون ويضجون .
وكان صاحب الحانة وزوجته واقفين بباب حانتهما يشيعان ضيوفهما بأنظارهما .
فقالت المرأة لزوجها : حبذا لو الحظ يسعدنا في كل يوم بمثل هؤلاء الزبائن الكرماء الشرفاء فإننا نتمكن وقتئذ من إعفاء ابننا الوحيد من خدمة هذه الحانة القذرة ونستطيع تعليمه في المستقبل قسيساً
 

أرزنا

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أبريل 2007
المشاركات
1,100
مستوى التفاعل
26
النقاط
0
الإقامة
قلب يسوع
رد على: كيف صرت مجنونا (جبران خليل جبران)

سلام المسيح
اللذة الجديدة
اخترعت في ليلتي الماضية لذة جديدة .
وبينما كنت اتمتع بها لأول مرة رأيت ملاكاً وشيطاناً قد وقفا ببابي يتخاصمان ويتناقشان على تعريف لذتي .
فكان الأول يصرخ بأعلى صوته قائلاً : " إنها خطيئة مميتة . "
فيعترضه الثاني قائلاً : " بصوت أشد من صوته : " لا لعمري إنها فضيلة . "
 

أرزنا

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أبريل 2007
المشاركات
1,100
مستوى التفاعل
26
النقاط
0
الإقامة
قلب يسوع
رد على: كيف صرت مجنونا (جبران خليل جبران)

سلام المسيح
اللغة الأخرى
حدث أنه بعد ميلادي بثلاثة أيام كنت متكئاً في مهدي الحريري أتفرس بلهفة غريبة في العالم الجديد حوالي .
فقالت أمي للمرضع : " كيف حال ولدي اليوم ؟ " فأجابتها قائلة : " هو بخير يا سيدتي فقد أطعمته ثلاث مرات ولم أر قط قبله طفلاً بشوشاً مثله . "
فما سمعت ذلك حتى ثار ثائر غضبي وصرخت قائلاً : " لا تصدقي لا تصدقي ذلك يا أماه فإن فراشي خشن الملمس والحليب الذي رضعته مر المذاق ورائحة الثدي كريهة في أنفي فيا شد ما بي من تعاسة ! "
فلم تفهم أمي لغتي وكذلك المرضع لم تفقه ما قلته لآنني خاطبتها بلغة العالم الذي أتيت منه .
وفي اليوم الحادي والعشرين لولادتي وهو اليوم الذي تعمدت فيه قال الكاهن لأمي : " إنني أهنئك يا سيدتي أن إبنك ولد مسيحياً . "
فقلت للكاهن مندهشاً : " إذا كان الأمر كما تقول فأحر بأمك التي في السماء أن تكون تعسة بك لأنك لم تولد بعد مسيحياً . "
فلم يفهم الكاهن ما قلته له بلغتي .
وبعد سبعة أقمار جاءنا عراف فتفرس في وجهي مالياً وقال لأمي : " إن إبنك هذا سيكون زعيماً داهية وسيتبعه الناس طائعين . "
فصرخت بأعلى صوتي قائلاً : " تلك نبوءة كاذبة فأنا أدرى بنفسي وأعلم يقيناً أنني سأدرس الموسيقى والغناء ولن أكون إلا موسيقياً . "
ولشد ما دهشت إذ لم يفهم أحد لغتي مع أنني كنت قد بلغت ذلك الحد من عمري .
ولقد مر على ذلك ثلاث وثلاثون سنة وقد ماتت أمي والمرضع والكاهن (ظلل الله أرواحهم برحمته ) . أما العراف فلا يزال حياً يرزق . وقد رأيته في الأمس أمام الهيكل فحدثته وحدثني وأطلعته على انخراطي في سلك أبناء الموسيقى فقال لي : " قد طالما وثقت بأنك ستكون موسيقياً كبيراً ولقد سبقت في أيام طفولتك فأنبأت أمك بمستقبلك هذا "
فصدقت أقواله لأني أنا نفسي نسيت لغة العالم الذي أتيت منه .
 
أعلى