- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
اسمع يا ابني وانتبه لكلام الحكمة كي تتعلم
فأُريك بنعمة الله كيف تتأدب النفس بالتقوى
وأُظهر لك دقائق المعرفة في الحق باستنارة الذهن
الرب خلق البشر من التراب، وزرع فيهم بذرة الخلود ووهبهم قوته إذ طبع فيهم صورته الخاصة، ومنحهم لساناً وعينين وأُذنين، وعقلاً يُفكر ويعقل الأمور، وملأهم معرفة وحكمة وأراهم طريق الحياة والموت ووضع لهم الحرية للاختيار، وأعطاهم سلطاناً على الأرض بجميع قواتها وما فيها، وسلَّطهم على كل أعمال يديه، وألقى عينه في قلوبهم ليُريهم عظائم أعماله ليخدموا اسمه القدوس ويُخْبِروا بعظائم أفعاله. جعل المعرفة في متناول أيديهم ومنحهم العقل الراجح المُنير وسلَّمهُم شريعة الحياة، وأقام عهداً أبدياً معهم وأظهر لهم فرائضه لتكون هي حياتهم، وحذرهم من عمل الشرّ وأوصى كل واحد بقريبه
ولكن أفعال البشر كلها صارت مخالفة لشريعته المُحيية، والكل سقط تحت سلطان الموت باختياره، وبلا حجة أو عذر تمادوا في فعل الشر وزادوا شراً على شرّ، وصارت أعمال ظلمتهم ظاهرة كالشمس أمام عينيه، إذ أنه يرى ما يفعلونه، آثامهم لا تُخفى عن عينه وخطاياهم كلها أمامه، وحينما يتصاعد الشر ويغطي وجه الأرض يؤدب الأشرار لكي لا تتمادى الأرض في الشرّ ويحد سلطان الشيطان ليوقفه عند حد لا يتخطاه، وهو يمنح التائبين حق الرجوع إليه، ويُشجع الذين يفقدون الصبر ويسكنهم على رجاء.
الله الحي الدائم الحب هو الرب الصالح وحده، لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا، وإذ هو الخالق المحب البشر بتدبير حبه العظيم، أشرق بذاته في ملء الزمان كشمس برّ يحمل قوة الشفاء للبشرية المتعبة الواقعة تحت سلطان الموت التي شوكته الخطية وقوة الخطية هي الناموس الذي أدان البشر إذ أظهر أن أعمالهم خاطئة جداً تفيح منها رائحة الموت ولا يوجد قوة للصلاح ولا مقدرة على هزيمة الموت الذي يسكن أعضاء البشر، وقد وضع للناس أن يموتوا مرة وبعد ذلك الدينونة والحكم، لذلك قد وعد الرب وأقام عهداً أبدياً مع الآباء قديماً وتعهد بخلاص الإنسان من سلطان الموت، فأتى في ملء الزمان مولوداً من امرأة تحت الناموس ليفتدي كل من كان تحت الناموس مداناً واقعاً تحت عبودية سلطان الموت لينال التبني ويصير له سلطان أولاد الله مملوء من كل صلاح، بروح الصلاح، روح الله
وإذ قد ظهر في الجسد كنور أشرق على الجالسين في الموت وظلاله، جعل البشرية ترى جلال مجده، وتسمع آذانهم صوته المجيد، وتلمسه من جهة كلمة الحياة، مُظهراً زمن الخلاص فرح البشرية المتعبة، وصَبِرَ على كل من لم يؤمن وفاض برحمته على كل ضعيف وأثيم وخاطي وفاجر، لأنه أتى ليُخلِّص لا ليُهلك أو يُدين أحد، ولأنه يعرف سوء وضع البشر فازداد رغبة في العفو عنهم بمحبته التي لا تُحد، لذلك أظهر رحمة كثيرة، وقد وبخ الكثيرين ليؤدب ويُعلِّم ويُهذب ويُقوِّم في البرّ لكي يُعيد كل من تاه وضل عن طريق الحياة كراعٍ يرد قطيعه إليه، فيرحم الذين يقبلون تأديبه ويُسارعون إلى الارتماء عند قدميه طالبين رحمته... وقد أعلن برحمته ما وعد به: [ من يد الهاوية أفديهم من الموت أُخلصهم أين أوباؤك يا موت أين شوكتك يا هاوية، تختفي الندامة عن عيني ] (هوشع 13: 14)
وقد فاضت محبته وأُعلنت حينما قَبِلَ بسلطانه وإرادته وحده أن يضع ذاته للموت لكي يحوِّل موت الإنسان إلى نفسه ويبتلعه لقيامة [ ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً هذه الوصية قبلتها من أبي ] (يوحنا 10: 18)، حاملاً خطايا الكثيرين شافعاً في المذنبين رافعاً خطايانا على الخشبة [ لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه وأُحصي مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين ] (أش53: 12)، وبقوة سلطان لاهوته أبرق في الجحيم محطماً كل قوته ساحقاً الموت سحقاً، كاسراً شوكته قائماً بمجد عظيم بجسم البشرية التي شُفيت بالتمام في شخصه الحي، ولم يعد للموت سلطان لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقنا من ناموس الخطية والموت (رومية 8)، لذلك يحق لنا - بصفتنا تائبين آمنا به أنه قيامتنا وحياتنا كلنا فصرنا أبناء لله فيه - أن نهتف معاً بصوت ممتلئ مجداً مرنمين بتسبحة الخلاص التي لنا قائلين: [ أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية ] (1كورنثوس 15: 55).
___الموضوع كله مأخوذ من أسفار الكتاب المقدس ومعتمد على سفر يشوع ابن سيراخ مع كثير من الأسفار والعهد الجديد_____
التعديل الأخير: