النجم الأحمر العملاق
في المستقبل البعيد وخلال أربعة مليارات عام تقريبا، ستصبح الشمس أكثر سخونة بعدة أضعاف مقارنة بدرجة حرارتها الحالية، ستكون الأرض عبارة عن كوكب مهجور فقد الحياة منذ ملايين السنين، بينما تنبت الحياة في أماكن أخرى من المجموعة الشمسية، ولكن هذا لن يستمر إلى الأبد، فالشمس ستتوقف عن أداء مهمتها وبالتالي ستفقد المجموعة الشمسية القلب النابض لها، وستتحول تدريجيا إلى خرابة كبيرة في الفضاء السرمدي!
هذا النجم العزيز..
الشمس تتكون بشكل أساسي من غاز الهيدروجين والهيليوم، ثم مجموعة من العناصر بنسب طفيفة مثل الحديد والأوكسجين والزنك، وتدور الشمس حول نفسها في حركة تسمى الدوران التفاضلي، حيث إن محورها يدور حول نفسه في 25 يوما، أما القطبان فيدوران في 37 يوما، وكأن الشمس تُعصر عصّرا، وهي تبعد عن الأرض مسافة 93 مليون ميل أو 147.6 مليون كم.
ينتظر الشمس مستقبل مظلم وهو أن تتحول إلى نجم أحمر عملاق، فلون النجم يحدد درجة حرارته وكثافته، فالنجم الأزرق هو نجم ذو درجة حرارة تساوي 35 ألف درجة مئوية، وله درجة كثافة هائلة علماً بأنه الأشد سطوعا والأكبر حجما، يليه النجم الأبيض الذي تصل درجة حرارته إلى 10 آلاف درجة مئوية، ثم الأصفر بـ 6000 درجة مئوية، ثم البرتقالي، فالأحمر، وهو الأقل نشاطا، ويعتبر النهاية الأخيرة لأي نجم قبل أن يتحول إلى قزم أبيض أو ثقب أسود!
النجم الأحمر العملاق..
القس أنجلو ساكي
أول من اكتشف المستقبل المظلم للشمس هو القس "أنجلو ساكي" فلكي الفاتيكان، هذا القس كان يستخدم المحلل الطيفي لتحليل الضوء القادم من النجوم، وهي تقنية جديدة وحديثة في تلك الفترة، وتتحدد المادة المكونة للنجم من أنماط الألوان والظل الذي يعطيه المحلل الطيفي، وسجل "أنجلو" أنماطا للنجوم في مفكرته ذات ألوان مختلفة، منها النجم الأزرق والأصفر والأحمر.
العالم الشهير فريد هويل
وعندما جاء عالم الفلك الأشهر "فريد هويل" صاحب تسمية "الانفجار الكبير"، وضع هذه الأنماط المختلفة للنجوم في نظرية كبيرة ولكنها تضع سيناريو مأساويا لموت النجم الوحيد الذي يمد الأرض بالحياة.
كل نجم له حصة محددة من الوقود يأخذها حتى نهاية عمره، لذا فإن شمسنا ستتحول إلى "نجم أحمر عملاق"، وهذا يعني أنها ستختنق في الرواسب النهائية لوقودها، الشمس ستنتفخ بعد خمسة مليارات عام لتصل في حجم 5000 ضعف حجمها الحالي، حتى إنها ستصل إلى المدار الأرضي الحالي، والقلب سينكمش إلى درجة كبيرة، مما سيحدث انفجارا كبيرا بسبب الهيدروجين المحصور بين القلب والطبقات الخارجية، طبعا لا سبيل للحديث عن الأرض في تلك اللحظة، سيكون الوقف أشبه بوضع قطعة من الثلج في كوب من الماء المغلي.
الشمس ستتمدد قبل أن تنفجر
وعندما تنتهي عملية الانفجار، سيتلاشى الوهج في الفضاء، تاركا القلب عبارة عن نجم أبيض قزم، هذا القزم الأبيض له كثافة هائلة حتى إن كثافة السنتيمتر الواحد يقدر بطن متري! وهذا يعني غياب نظامنا الشمسي في الظلام إلى الأبد، الكواكب المتبقية ستدور حول نجم ثقيل معتم نسبيا، وفي هذه الأثناء لابد للبشر أن يهاجروا المجموعة الشمسية إلى واحدة أخرى، وربما هذا الكون إلى كون آخر.. من يدري؟!
سيناريو البقاء أو الفناء..
الشمس ستتمدد حتى أنها ستصل الى الأرض
ربما يكون هذا السيناريو بعيدا جدا، خمسة مليارات عام ليست فترة هينة، ولكن صدق أو لا تصدق يعمل فريق كامل في وكالة ناسا منذ عدة سنوات لإعداد ملف كامل للهجرة المحتملة للبشر، إلى داخل أحد الكواكب القريبة أولا على غرار المريخ أو أوروبا قمر المشترى، وإلى خارج المجموعة الشمسية بعدها، بل يحاول البعض منهم اصطياد كوكب مناسب للهجرة النهائية إليه، فعلى الرغم من أن النجوم الموجودة في السماء تفوق عدد الرمال الموجودة على شواطئ الكرة الأرضية، ولكن لم يكتشف بنسبة 100% وجود كوكب واحد يدور حول أحد النجوم في هذه المنظومة الهائلة، كان هناك ادعاءات كثيرة من قبل باكتشاف كواكب وتوابع وما شابه ذلك، ولكن في النهاية كان يثبت خطأ هذا الاكتشاف، الفكرة الأساسية لمعرفة وجود كوكب من عدمه هو رؤية هذا الكوكب وتصويره، وهذا مستحيل عمليا نظراً للتباين الواضح بين إضاءة الكوكب وإضاءة النجم، نسبة التباين قد تصل إلى 1 إلى مليون ضعف الإضاءة لصالح النجم، فضلا عن صغر حجم الكوكب وبعده الذي يقدر بمئات السنوات الضوئية، وهذا يعني أنه من المستحيل رؤية كوكب يدور حول نجم يشع ضوءا.
العلماء لم يتأكدوا بنسبة مطلقة من وجود كواكب أخرى في المجرات البعيدة
حتى بعد اكتشاف وجود كواكب تدور حول نجوم أخرى في الفضاء البعيد، لابد من معرفة هل هو صالح لحياة البشر أم لا؟.. ولكي تعرف هذا لابد أن يذهب إليه البشر ويطرقوا سطحه بآلاتهم، وهذا مستحيل أيضا في الوقت الحالي وبتقنيات الفضاء المحدودة على الرغم من كل تقدم أحرزه البشر في هذا الصدد.
وعلى الرغم من هذا لم يهدأ العلماء أيضا في سبيل اصطياد هذا الكوكب البعيد غير المعلوم، ففي مناطق متفرقة من العالم في أمريكا وكندا وأوروبا وحتى في اليابان، تعمل فرق في مراصد للنظر إلى حركة النجوم، فكما تؤثر جاذبية النجوم الهائلة على الكواكب المحيطة بها إن وجدت، تؤثر جاذبية تلك الكواكب على النجوم ولو بدرجة ضعيفة، ولكن التذبذب في حركة النجم يمكن ملاحظته، وربما في المستقبل نجدا كوكبا في هذا الكون قادرا على استقبال البشر، وإنقاذ الجنس البشري، قبل أن ينتهي كل شيء.