الانتفاضات الشعبية، تاريخ وأهداف
الخميس ٢٧ يناير ٢٠١١ - ٠٣: ٠٢ م +01:00 CET
الأب القمص أفرايم الأورشليمي
الانتفاضات الشعبية في مصر
إن كان التاريخ لا يذكر بالضبط متى كانت أول مظاهرة أو احتجاج ضد الظلم والفساد، لكن الذي وصل إلينا من قصة احتجاج الفلاح الفصيح ورسائله للفرعون الذي اعتصم ببابه سبعة أيام يشكو الظلم.. ويتباطأ الفرعون عن الاستجابة، ويكتب له الفلاح شكواه بأدب وبلاغة، ويعيد الشكوى وينمق أسلوب العرض وألفاظه، كما سجلتها أوراق البردي لتصل إلينا عبر آلاف السنين.
وقد اكتشف الآثاريون المخطوطات التي تثبت أن مجموعة من العمال تظاهروا في عصر رمسيس الثالث، لعدم تقاضيهم حقوقهم، وكانوا يتقاضون مقابل العمل الحبوب والزيت، وكل ما يمكن العيش به، وظلوا سته عشر يومًا حاملين المشاعل ليلاً حتي ينتبه الفرعون لهم، وقد أكد العالم الراحل "سليم حسن" ما جاء فى البرديات في كتابه عن تاريخ مصر القديمة.
كانت وستبقي المظاهرات وسيلة للتعبير عن السخط وعدم الرضاء والضغط لتحقيق مطالب المتظاهرين. ومنذ أن هتف المصريون "يا عزيز يا عزيز كبة تاخد الإنجليز"، و"الاستقلال التام أو الموت الزؤام"، "يا حرية فينك فينك أمن الدولة بينا وبينك".. و"غلوا السكر غلوا الزيت خلونا بعنا عفش البيت"، والمظاهرات تعلو وتهبط سواء كظاهرة عامة أو لجماعة معينة لها مطالب خاصة، وآخر هذه المظاهرات هي مظاهرات يوم الغضب التي بدات يوم 25 يناير الجاري، لكن يتدخل النظام الحاكم فما أن تشتعل الحناجر بالهتافات، حتى تسقط فوق الرؤوس الهراوات وقنابل الدخان، وتصوب فوهات المدافع.
إلا أن عام 2007 شهد لونًا جديدًا من حقوق المتظاهرين، فبدلاً من قطف رؤوس المتظاهرين والزج بهم إلى غياهب السجون، أصبحت مصر تعيش المظاهرات الإيجابية، يعني تستجيب الحكومة لحل مشاكلهم حتى أصبحت المظاهرات هي الحل.. بدأ من ثورة العطش التي قطع لأجلها بسطاء منطقة الحامول وبلطيم والرياض في كفر الشيخ الطريق.. وانتهاءً بإضراب ومظاهرات موظفو الضرائب العقارية أمام مجلس الوزراء. كلما كان التعبير عن الرأي بالتظاهر السلمي دون إضرار بحياة الآخرين أو الممتلكات العامة والخاصة، والحرص على إيصال أهداف المحتجين بوعي، كلما استطاعت المظاهرات إيصال صوتها والاستجابة لمطالبها.
وقد سجلت أوراق التاريخ الحديث أن المصريين عرفوا المظاهرات مع غزو المحتل لبلادهم، وكانت المظاهرات أولى وسائل المقاومة، وقد ظهر ذلك جليًا في ثورة القاهرة الأولى ضد المحتل الفرنسى، وكان ذلك في عام 1798، وقادها "عمر مكرم"، ثم ثورة القاهرة الثانية في عام1800 في منطقة بولاق، والتي قادها "مصطفي البشتيلي" نسبة إلي بلدته بشتيل. أيضا عرفت مصر مظاهرات شعبية تؤيد تولية "عمر مكرم" لـ"محمد علي" باشا لاعتلاء عرش مصر، وتلك واقعة غريبة، لم يذكر التاريخ خباياها وأسرارها، فقد كان البلد يعاني فراغًا دستوريًا، وكانت فرصة مواتية ليتولى حكم مصر أحد أبناء البلد.
ولعل أول مظاهرة شعبية سلمية تلك التي حدثت في سبتمبر1881، وهي مظاهرة عابدين بقيادة "أحمد عرابي" باشا أمام خديوي مصر، وقد أطلق عليها المغرضون "هوجة عرابي" وطالب أصحاب المصالح وهم في كل مكان وزمان برأس عرابي وليس نفيه فقط. وفي مظاهرات 1919 ضد الاستعمار الانجليزى تظاهر الرجال والنساء معًا، وهذا ليس بغريب، فقد أورد "عبد الرحمن الجبرتي" في كتابه الشهير "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" والشهير بتاريخ الجبرتي؛ أول مظاهرة نسائية في وجه قرار "نابليون بونابرت" بتحريم سكن القبور وإبعاد المساكن عنها.. وثار الناس وغضبوا ولكن العجيب في ذلك أن سكن القبور قديم جدا رغم اتساع الأرض والصحراء حول القاهرة حينذاك. يقول الجبرتي: "ذهب جماعة من القواسة ـ يعني الجنود المصريين، الذين يخدمون الفرنساوية، وشرعوا في هدم التراكيب المبنية على المقابر بتربة الأزبكية وتمهيدها بالأرض، فشاع الخبر بذلك وتسامح أصحاب الترب بتلك البقعة، فخرجوا من كل حدب وصوب ينسلون، وأكثرهم النساء الساكنات بحارة المدابغ وباب اللوق وكوم الشيخ سلامة والغوالة والمناصرة وقنطرة الأمير حسن وقلعة الكلاب، إلى أن صاروا كالجراد المنتشر ولهم صياح وضجيج، واجتمعوا في الأزبكية ووقفوا تحت بيت صاري عسكر نابليون، فنزل لهم المترجمون واعتذروا بأن صاري عسكر لا علم له بذلك الهدم، ولم يأمر به وإنما أمر بمنع الدفن فقط، فرجعوا إلي أماكنهم ورفع الهدم عنهم".
طرق انتقال السلطة والانتفاضات الشعبية
لانتقال السلطة السياسية في عالم اليوم طرقًا متعددة، أشهرها الانتقال السلمي للسلطة، عن طريق الانتخاب الحر في صناديق الاقتراع، سواء مباشرة باختيار رئيس الجمهورية، أو اختيار ممثلي السلطة التشريعية، كأغلبية تشكل الوزارة أو بائتلافها مع أحزاب أخرى، لتحوز الأغلبية في البرلمان، أو بالوراثة في النظم الملكية، كما أن الكثير من الأنظمة في العالم الثالث قد تغير بالانقلابات العسكرية. إلا أننا لاحظنا في العصر الحديث حدوث تغيير السلطة بالانتفاضات الشعبية في عدة دول، وكان المحرك للمظاهرات هو السخط الشعبي، وعدم الرضاء ودكتاتورية النظم القائمة، وعدم تلبيتها لمطالب الشعب أو مصالحه؟ مع وجود الأنظمة القمعية قامت العديد من الثورات بالتغيير، صحيح حدث في التاريخ الغربي الكثير من الفوضى، ففي بداية الثورة الفرنسية حطمت المظاهرات سجن الباستيل، وأيضًا الثورة الأمريكية التي تحولت إلى حرب أهلية بين الشمال والجنوب، لكن الحال تغير الآن وأصبحنا نشاهد المظاهرات الحضارية التي تخاطب العقل، وهذا يتطلب مناخًا تتاح فيه حرية التعبير بطريقة حضارية، لا يعتدي فيها المتظاهرون على المنشآت، ولا يستخدم فيها البوليس الهراوات والعنف، أو يبدأ به ضد المتظاهرين، تلك وقفة حضارية لابد منها لنقف في مصاف الدول المتحضرة.
في أثيوبيا
صباح أحد أيام 1974 في أديس أبابا، ملأ سائق (تاكسي) خزان سيارته بالوقود، ودفع الثمن لعامل محطة المحروقات، فطلب منه هذا ضعف المبلغ المعهود، ولما استفسر السائق عن سبب مضاعفة السعر، أبلغه أن الحكومة ضاعفت الأسعار ليلاً، فأصيب السائق بنوية هيسترية، وأخذ يصرخ في الشارع ويمزق ثيابه ويشكو كيف يمكن أن يعيل أسرته أمام هذا الغلاء، وقبل أن تنتهي نوبته الهيسترية كان عدد المنظاهرين الذين يتبعونه تجاوز الآلاف ثم عشرات الآلاف، ولم يكن يقودهم حزب أو فئة أو تنظيم، ودامت المظاهرات عشرة أيام حتى استغل العسكر الانتفاضة فاستولوا على السلطة وأعدموا الإمبراطور "هيلا سيلاسي".
الانتفاضة الفلسطينة الأولى
عام 1987 صدمت سيارة يقودها مستوطن إسرائيلي عددًا من مواطني غزة، فاشتعلت الانتفاضة الأولى في جميع مدن وقرى فلسطين، وأربكت سلطات الاحتلال، حتى أن "إسحق رابين" تمنى أن يستيقظ يومًا ويجد غزة قد غرقت في البحر، وبقيت الانتفاضة مشتعلة دون حزب أو تنظيم أو قيادة، إلى أن تدخلت القيادة الفلسطينية وتوصلت مع العدو الإسرائيلي إلى اتفاقية "أوسلو"، فخمدت الانتفاضة الأولى وطويت صفحتها. إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى بعد دخول "شارون" الحرم الأقصى، ولكن وهجها خبأ مع تدخل الاحتلال الإسرائيلي والسلطة في قمع الانتفاضة.
الثورة ضد الظلم في رومانيا
وفي عام 1989، دعا الرئيس الروماني تشاوشيسكو (الجماهير) بواسطة حزبه وأجهزة أمنه، والمنظمات النقابية والشعبية التابعة للنظام، فجمع عشرات الألوف كما هي العادة، وبدأ الرئيس يلقي كلمة حماسية في الجموع، وما أن وصل إلى منتصف كلمته حتى صرخ أحد المتجمهرين بهتاف ضد الرئيس وسياساته، فانقلبت (الجماهير) المتلقية خلال دقائق وبدأت انتفاضة عنيفة دون حزب يقودها، أو تنظيم سياسي، لا سري ولا علني، وما أن جاء المساء حتى سقط النظام ثم أعدم الرئيس وزوجته، وبعدها قرر الشعب الروماني أن يتبنى نظامًا جديدًا، وأسس أحزابًا وتكتلاتًا سياسية جديدة، وقفز على السلطة بعض قادة الحزب الحاكم، ومغامرون وصيادو الفرص.
الثورة الشعبية في تشيكوسلوفاكيا
عام 1989 أيضًا خرج عشرات المواطنين في "براغ" (تشيكوسلوفاكيا) متظاهرين ضد النظام، فأطلق جندي النار عليهم وقتل أحدهم فالتهبت المدينة، وخلال ساعات بلغ عدد المتظاهرين عشرات الألوف، دون حزب أو تنظيم يقودهم، ثم استعاروا بعض المقاعد والطاولات من المحلات التجارية المجاورة، وبنوا (منصة للخطابة) وأخذوا يهاجمون النظام، وصدرت عن أحد الخطباء عبارة (نحن حزب المنصة) وما لبثوا أن أسقطوا النظام واستلم (حزب المنصة) الحكم، ثم تدبروا أمورهم فيما بعد، وشكلوا أحزابًا وأسسوا نظامًا سياسيًا جديدًا.
الثورة ضد حكم الشاه في إيران
عام 1979 في إيران، كان نظام "الشاهنشاه" يملك المال والسلاح (كان جيشه أقوى قوة في الشرق الأوسط بعد إسرائيل) كما كان يعتمد على "السافاك" (الجهاز الأمني سيء الصيت)، ثم انتفضت جماهير الشعوب الإيرانية عزلاء بدون سلاح، وما هي إلا أيام حتى رحل الشاه هاربًا، تاركًا بلاده لجماهير لا يقودها حزب ولا تنظيم، إلى أن سد "الخميني" ورجال الدين الفراغ، وتولوا السلطة.
ثورة الياسمين في تونس
في الشهر الحالي انتفض التونسيون نتيجة للبطالة والغلاء والفساد، بعد أن قام أحد الشباب بإشعال النيران فى نفسة أحتجاجاً على الاوضاع المعيشية التى يحياها،وحاول الرئيس التونسى المخلوع أن يمتص غضب الغاضبين والتضحية بوزير الداخلية، ولكن الثائرون لم يهدأ لهم بالاً إلا برحيل وانهيار النظام، وهروب زين العابدين.
هناك عشرات الأمثلة عن مثل هذه الانتفاضات في دول العالم المختلفة، التي استطاعت الجماهير الشعبية العزلاء من خلالها، أن تسقط الأنظمة، دون أن تكون لها أحزابها أو قياداتها أو برامجها.
أسباب وأهداف ومفاهيم مشتركة
المؤشر الأول هو أن هذه الأنظمة التي جرى الانتفاض ضدها وسقطت تتقاسم عوامل مشتركة، على رأسها أنها لم تستطع أن تعالج قضايا الغلاء والفقر والجوع في مجتمعاتها، ولم تشغل نفسها باحتياجات الناس وهمومهم، كما أنها جميعها أنظمة قمعية صادرت الحريات واستسهلت الاعتقال، وغابت عنها الديموقراطية وألغت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، كما تجاهلت المساواة وتكافؤ الفرص، ورفضت تداول السلطة، وقبل هذا وبعده استشرى الفساد في جسم هذه الأنظمة وإداراتها وسلطاتها ومسؤوليها، حتى كأن مهمتهم هي جمع المال وحماية النهابين من أقربائهم وأصدقائهم، وبالتالي نضجت الظروف الموضوعية للهبات الشعبية التي لم تكن تنتظر سوى شرارة للاشتعال، ولذلك كانت جميعها انتفاضات مفاجئة للأنظمة وللناس وللعالم الخارجي على حد سواء أما المؤشرالثاني فهو أن مثل هذه الأنظمة استبعدت أحزاب المعارضة، وعزلتها، وسجنت ناشطيها وقادتها وحرمتها من النشاط في وسطها الشعبي، وعندما قامت الانتفاضات لم تجد من يقودها، كما لم تجد الأنظمة القائمة من تتفاوض معه، لأن الانتفاضات بدون قيادات، وأحزاب المعارضة محاصرة أو ملاحقة، مما ترك فراغاً أدى إلى عمليات عنفية من جهة وقفز فئات أخرى على السلطة من جهة اخرى. أما المؤشر الثالث فهو الظاهرة الجديدة التي يتصف بها عصرنا وأعني ثورة الاتصال، فقد كان (الفيسبوك وإلإيميل والأنترنيت) وغيرها وسيلة فعالة لنقل المعلومة بين المنتفضين وتوجيههم والقيام بدور الأحزاب الغائبة، ولعل هذا المؤشر يفتح أعين بعض الأنظمة التي تقمع الحريات الصحفية والإعلامية، ويقنعها أن عملها هو عبث لا يفيد، لأن وهم الأنظمة بجدوى حجب المواقع الإلكترونية أو التضييق على حرية وسائل الإعلام هو مجرد وهم وعمل بدون فعالية، فمثلما يحجبون بسهولة يستطيع المتلقي إلغاء الحجب بسهولة أيضًا إن ما جرى في تونس، وفي البلدان الأخرى التي أشرت إليها، جدير بالدراسة وأخذ العبر، ليس فقط من قبل المنظرين السياسيين والأيديولوجيين، وإنما أيضًا وأساسًا من الأنظمة السياسية في عالمنا النامي.
بلد مبنى على الصخر
السبت ٢٢ يناير ٢٠١١ - ٠٢: ٣٢ م +01:00 CET
بقلم: القمص أفرايم الأورشليمي
مقومات قوية للثبات والأستقرار
عندما نريد أن نؤسس لبيت مبنى على الصخر، يثبت ضد تيارات الحياة المتغيرة والعواصف والرياح والزلازل يجب أن نبنى البيت على صخر وأرض قوية تحتمل البناء والمتغيرات.
ونحتاج لأهل الخبرة فى البناء وهندسة الزلازل وعمل الدعائم والقواعد الخرسانيه لثبات وبقاء بيتنا مستقر وراسخ.
وعندما تؤسس الدولة على العدل والمساواة والحرية والتعبير عن إرادة مختلف أبنائها والتخطيط السليم وحق المواطن فى أختيار سلطاته وبناء دولة موسسات تبنى على الشفافية والراقبة والمحاسبة القانونية ورفع الظلم. بعد أن عٌلم السيد المسيح له الجموع العظة على الجبل والتى تتضمن أهم مبادئ السلوك الإنسانى الراقى والفاضل قال للجموع "فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل المطر و جاءت الأمطار و هبت الرياح و وقعت على ذلك البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسسًا على الصخر.
و كل مَن يسمع أقوالي هذه و لا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل. فنزل المطر و جاءت الأمطار و هبت الرياح و صدمت ذلك البيت فسقط و كان سقوطه عظيمًا" متى 24:7-27.
ولكن قد تكون الحسابات الخاطئة أو فساد الضمير أو حتى سوء التخطيط والتقدير عوامل لإنهيار البيت وعدم ثباته أمام الأحداث والمحن والظروف.
إن الإصلاح المطلوب لابد أن يسبقه تحديد دقيق للمشكلات التى نواجهها وتحليل جيد واعِ لأسبابه واقتراحات محددة لحل ما نعانى منه استنادًا لدراسات علمية جادة.
إن أي مراقب للمجتمع المصري سيكتشف كم الفساد والرشوة المستشرى في مجالات عديدة وعلى مستويات مختلفة ولابد من تحديد لأنواع الفساد وأسبابه ووضع استراتيجية لمكافحته. نعم قد يوجد فساد فى أي نظام ديمقراطى لكن يتم كشفه من أعلى هرم السلطة إلى أسفله وفى إسرائيل كمثل مجاور ننتقده فى سياساته لكن يجب أن نتعلم منه أيضًا، تم خلع الرئيس من منصبة ومحاكمته فى حالة الرشوة لعزرا ويتسمان والحكم وإدانة موسى قصاب بالتحرش الجنسى كما تم محاكمة رؤساء وزرائها السابقين شارون ثم إيهود أولمرت بتهم الفساد والرشوة ونتنياهو فى فترة رئاسته السابقة بتهمة نقل هدايا قُدمت له بصفته رئيس وزراء إلى بيته الخاص وتم إرجاعها وتغريمه فليس أحد كبير على المسألة القانونية من الكبير للصغير .
إننا إذ نطبق ذلك على الدول وعوامل استقرارها ونجاحها فإننا عندما ننظر حولنا ونرى كيف صمدت الدول أما متغيرات كثيرة؟ وكيف سقطت الدول وأنهارت الممالك بفعل هزات مختلفة؟ لنفكر معًا ونقرأ أحدث التاريخ وحتى البعيد والقريب فانهيار الأمبراطورية البريطانية التى كانت لا تغيب عنها الشمس ثم إنهار الاتحاد السوفيتى وتفككه إلى دويلات كلها مدعاة للتعلم، كما أن انهيار أنظمة الحكم الدكتاتورى حتى فى العصر الحديث بسقوط نظام الشاه فى أيران وحكم "تشاوسيسكو" فى رومانيا وماركوس فى الفلبين وأخيرًا حكم زين العابدين بن على فى تونس ولا أحد يعلم أي نظام سيكون التالى؟
لكن قد تعجل أو تؤجل بعض النظم بمصيرها المحتوم بقدر ما تتعلم العبر والدروس من التاريخ. لعلنا نتعلم الدروس والعبر ولعل أنظمة الحكم والمسئولين فيها يتعلموا من أخطاء الماضى والحاضر للبناء لمستقبل أفضل.
إن الأمر لا يحتاج لمحللين سياسيين فقط، ولكن للعديد من المختصين في شتى فروع المعرفة المختلفة؛ لتحليل الظواهر من حولنا. فإن تفرع العلوم أخل بالوعي الشامل للإنسان بما حوله وبمجتمعه، ولهذا نرى حاجة أنظمة الحكم إلى العديد من المستشاريين الأمناء في مختلف المجالات للعمل معًا من أجل تقديم الدعم والمشورة والرأي والتخطيط والتنفيذ والمتابعة والمحاسبة.
مجالات الخلل والضعف
في البراكين المدمرة نرى هياج الأرض من تحتنا وتقلباتها تبحث عن النقطة الأضعف من الأرض، والطبقات غير الصلبة، وتُحدث فيها الشروخ الأرضية التي تخرج منها حمم البركان الحارق والمدمِّر، ويكون تأثيره مدمرًا إن لم يكن هناك توقُّع وعلاج وأبعاد للسكان في تلك المناطق. هكذا ونحن نبحث عن الاستقرار وعدم الوصول إلى البراكين السياسية، علينا أن نبحث في مواطن الضعف في بلادنا ومعالجتها، حتى لا تستفحل الأخطاء أو تحدث الكوارث.
القائد والبرج العاجي
في العديد من الدول نرى الطبقة الحاكمة تعيش في برج عاجي منعزل عن الشعب وهمومه وآلامه ومشاكله، ويُحاط الحكام والقادة ببعض الانتهازيين والمستفيدين، ويعتمد المسئولون على التقارير السرية التي تُكتب لتناسب ميولهم وأهوائهم ومخططاتهم، وكلما استفحل الداء، انعدمت فرص الشفاء . وهكذا نرى القائد المُلهَم والمؤمن، ولا يفيق القائد الإ على كابوس أنه المكروه والمخدوع والهارب والمطارد والمطلوب للعدالة
الاستبداد السياسي والتداول الديمقراطي للسلطة
في أنظمة الحكم غير الديمقراطية، يسود القمع والظلم والفساد والرشوة، ونرى كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والجيش والأمن والصحافة والاعلام تكون في خدمة النظام الحاكم والقائد الأوحد. إن التداول الديمقراطي والسلمي للسلطة في دولة المؤسسات والقانون والمواطنة، وقيام كل سلطة في الدولة بوظائفها، وقيام الأحزاب بدورها الرائد في تبني قضايا المواطن والوطن لخلق حراك سياسي ومجتمعي وتداول ديمقراطي آمن للسلطة التنفيذية والتشريعية، يضمن سلامة الوطن والمواطن في ظل نظام يعمل على تنفيذ الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي من أجلها تم انتخابه. أما أن تسود سلطة الحزب الواحد القائم على سلطات دكتاتورية وفساد إداري وبيروقراطي، ومصلحة النظام تكون هي العليا فوق مصلحة الوطن والمواطن؛ فإنها لابد أن تؤدي إلى أخطار وزلازل، وعلى الأقل تقود إلى انتشار الظلم والفساد والتخلف في شتى مجالات الحياة.
الفقر والبطالة والحرمان
إن الظروف الاقتصادية الضاغطة، من بطالة وفقر وحرمان وإهمال لفئات واسعة من الشعب، ومطالبهم العادلة والمشروعة، وعدم تمثيل النظام لهم، والفساد الإداري والمالي والمحاسبي، تدفع رجل الشارع العادي قبل المثقف والواعي إلى عدم الرضا الذى يصل في مرحلة فقدان الأمل ثم الثورة الشاملة ضد فساد النظام ورموزه، وهذا ما رأيناه في سقوط النظام التونسي.
الحرية وحق الحياة كقيمة عليا
إن الإنسان في سعيه في الحياة، يظل يبحث عن حقه في الطعام والشراب الصحىيوالسكن المعقول والأمن والأمان، وتأمين مستقبل أفضل له ولأولاده، وحقه في الحياة الحرة الكريمة، ومن ثم التقدم والمساهمة في التقدم والرخاء لمجتمعه وموطنه. ولكن عندما يجد أن بلاده قد ضاقت به وضاق بها، وحتى فرص الرحيل منها بحثًا عن وطن أفضل قد انعدمت، وإذ يصدم المواطن بالعراقيل والبيروقراطية والفساد، فقد يصبر، ولكن عندما يتحول كل ذلك إلى تذمُّر جماعي وعدم رضا لغالبية الشعب، فإنه لابد أن يأتي اليوم الذي تتأجج فيه المشاعر، ولو بفعلة الفاعل، ليتحول إلى ثورة شعبية ضد الفساد والمفسدين.
الإعلام والرأي العام ودوره الفاعل
نحن نعيش في عصر الإعلام والكمبيوتر والسموات المفتوحة، وقد أصبح من المستحيل حجب الحقائق عن عيون وعقول الناس.. في عصر التعليم والثقافة والفكر المستنير وانتشار القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية، كما تُسمى في "تونس" والتواصل الاجتماعي على النت.. كل ذلك جعل المواطنين- لاسيما الشباب- والذين يشكلون القوى الضاربة في المجتمع، غير راضين على أوضاعهم المعيشية الصعبة في ظل البطالة وانعدام فرص الحل في مستقبل أفضل، مما يدفعهم للثورة على سوء الأحوال المعيشية والحياتية التي يحيونها، وعلى النظم السياسية البحث الجاد والعملي في حل مشاكل الشباب، وخلق فرص العمل والمعيشة الكريمة، والتمثيل السياسي والفكري والروحي المناسب لهم في مختلف المجالات.
الفئات المهمَّشة والمظلومة
يظن البعض أن النظام الديمقراطي هو حكم الأغلبية دون النظر إلى حاجات الأقليات في المجتمع، ويتشدق البعض بأنهم يمثلون حكم الأغلبية وهم لا يمثلون إلا أنفسهم وشلة المستغلين والبيروقراطية التي تزوِّر الحقائق، وتعمل لمصلحة قلة منتفعة لا تفيق إلا على ثورة الجياع! إن التمثيل الصادق لمختلف أطياف وفئات الشارع السياسي والديني والعرقي والنقابي، يجعل العدل يعم والاستقرار يستمر وعجلة التقدم تسير .
وفي بلاد العالم الثالث التي تتستر على الفساد والمفسدين، ويخشى الشعب من مواجهة بطش النظام، كما يخشون فساد المؤسسات- كل ذلك يهدِّد الشرعية و مقومات المجتمع كله؛ فالرشوة والمحسوبية إذا تفشَّت، فإن أسس العدالة تزول والاستبداد يتوحش. إن عدم المساواة، والاعتداء على حقوق الآخرين واستبداد النظم البوليسية القمعية، هو المعجِّل بالقضاء، وحكم حتمي بالمصير البائس على تلك الدول وهبوب رياح التغيير .
دعوة للبناء الراسخ والتقدم
من منطلق الحرص على مستقبل بلادنا، فإننا ندعو للعمل الجاد والصادق والأمين، وعلى مختلف المستويات، لاسيما لرجال الفكر والسياسة والاقتصاد والدين والمجتمع والقانون والمعرفة، من أجل البحث والتعاون والتخطيط لبناء مسقبل أفضل لبلادنا. وهذا يحتاج إلى عمل جاد لعلاج مواطن الخلل وأوجه القصور، والاهتمام بالفقراء، وربط الأجور بالأسعار، والبحث في أفق الحل الأمثل للمشكلات القائمة دون زيف أو تغطية لعوراتنا، وتركها كنار تحت الرماد يمكن أن تشتعل متى توافرت الظروف. على نظام الحكم أن يقود موجة التغيير الديمقراطي، وبناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، وأن يكون لدى المسئولين الحس الوطني والشعبي والوعي بحاجات ومتطلبات المرحلة الحالية، وحاجات المواطنين وتطلعات الشباب، وقيام السلطة التشريعية- المنتخبة بديمقراطية- بوظائفها في سن القوانين ومراقبة عمل السلطة التنفيذية، والتمثيل الحقيقي للأحزاب ومختلف فئات الشعب فيها، كضمانات حقيقية للتقدم والاستقرار .
الإصلاح السياسي يجب أن يسمح بحرية الأحزاب والأفراد والجمعيات والمؤسسات وغيرها؛ لكي تمارس صلاحياتها في البناء والنقد واقتراح الحلول، ليستفيد المجتمع كله من التنوع، وإتاحة الفرصة لكل الاتجاهات الفكرية والسياسية والدينية والعرقية؛ لأن الوطن ملك لجميع المواطنين. كما أن مكافحة الفساد ليس مسئولية فرد مهما علت نزاهته، بل هي مسئولية نظام ومؤسسات وهيئات وحقوق إنسان، لمراقبة وتنفيذ القانون ومكافأة المتميزين ومعاقبة المسئيين بما يتناسب مع جرائمهم.
إن الإصلاح السياسي والاجتماعي والديمقراطي يجب أن يأتي من الداخل، وذلك لمعالجة المخاطر الخارجية- سواء السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية- المحدقة ببلادنا، ولعلاج مخاطر الفساد والإرهاب والفقر والمرض والجهل. فلا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال، ونقول "نحن في أحسن الأحوال"؛ فالبيت المصري يتعرَّض لمخاطر جمة ورياح آتية من الشمال، حيث نرى سقوط كل النظم الشمولية في الدول الشرقية، ومراقبة الغرب لكل ما يحدث في بلادنا، ولا يمكن لنا الصراخ مطالبين بعدم تدخل أحد في شئوننا في عصر السماوات المفتوحة وسرعة نقل الخبر، وفي ظل تلقينا للمساعدات الخارجية، بل ونحن ننتقد ونطالب بإصلاح أحوال الآخرين، وفي ظل حقوق الإنسان التي تقرها المواثيق الدولية والتزام الدول بها وتوقيعها عليها. إن الخطر مُحدِق بنا من الجنوب بما فيه من صراعات في أفريقيا وتقسيم "السودان" ومحاصرة شريان حياتنا "مجرى النيل"، ومن الشرق وما تمثله "إسرائيل" من مصدر رعب نووي وصراع على الأرض في ظل عدم وجود أفق سلام شامل، بل بوادر حرب إيرانية إسرائيلة، ومن الغرب ورياح التغيير القادمة من "تونس" بثورة الجياع والمهمَّشين على الظلم والفساد.. كل ذلك ألا يكون دافعًا لنا في "مصر" مسئولين ومواطنين وأصحاب فكر وضمير وتطلع لمستقبل أفضل؛ لكي نعمل بالسعي الدائم والواعي والمستنير لمعالجة مواطن الضعف والخلل، وعمل أجندات عاجلة للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني الواجب للعبور إلى شاطئ الأمان؟!
انا اعلم ان الموضوع قديم بقاله سنتين من 2011 و لكني ادعوكم لقراءه الاحداث مرة اخري فما اشبه اليوم بالبارحة مع الفارق انه نظام اعتي تلك المره نظرا لاحتماءه بالميليشيات مثل حازمون و تنظيم الاخوان
و الداخليه لسه برضه بلطجيه
و لكنها منهاره تلك المره و الوزير الحالي ليس بقوه حبيب العادلي ابدا
افرزت الثوره تلك المره العنف المسلح و هو رد فعل متوقع علي بلطجه الاخوان
و بالامس من كان حول مبارك عاقلون مثل عمر سليمان و حسام بدراوي فنصحوه بالتنحي و انصت لهم اما تلك المره الذين حول مرسي اعنت و اشدو هيودوه في داهيه لان الله اكرمهم بنعمه الغباء
غير مبارك حكومته لكي يرضي الناس اما مرسي فمزيد من الاستفزاز و احتقار الشعب و التعالي عليه
نظام مبارك سقط في 18 يوم
اما مرسي متي سيسقط الله اعلم قد ياخذ 20 يوم او سنة او عشره او حرب اهليه
ارجعوا للموضوع الان و اعيدوا قراءته
فقط قراءه بدون ردود لانه موضوع قديم جدا
المظاهرات الان عددها اكبر و ان كانت في مواقع اقل...
خرج الناس ليسقطوا كهل عجوز سكران بخمر السلطه فتسلط عليهم الحكم الثيوقراطي مثل ولايه المرشد في ايران و لكن هيهات