على حافة البئر - لقاء حي وحضور يروي عطش النفس

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0

18595357by9.jpg

" لأن شعبي عمل شرين تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا
لأنفسهم آباراً ، آباراً مشققة لا تضبط ماء
" (ار 2 : 13)


لكل إنسان عالمه الخاص الذي يعيش فيه ، فهو منذ مولدة يستيقظ وعيه على عالم يسير فيه متجولاً في برية قاحلة ، شمسها حارقة تلهب جلده أحياناً بتقرحات تحتاج لبلسم يشفيها ، وتتشقق شفتي قلبه ويشتهي أن يشرب من نبع حلو في بقعة ظليلة إذ في أعماقه دائماً يشعر بالعطش ، فيسافر في هذه الدنيا متجولاً يبحث عن ماء ليرتوي وترتاح نفسه في ظلال الراحة من شمس الآلام التي تجرح نفسيته كل يوم ، من آلام ومشقات وأحزان وأوجاع وفراق أحباب ، وإهمال أصدقاء وسعي متواصل لا ينتهي أبداً ، بل حزن يسلم ضيق ، وضيق يبعث اليأس ويطفئ الرجاء !!!

وخلال رحلة التيه ، نراه كلما أقام خيمته في مكان ليستقر فيه ، يحفر بئراً ليجد ماء يروي به نفسه ، والعجيب وما يُدهش فعلاً ، أن تاريخ الخلاص في الكتاب المقدس يبدأ دائماً من هنا : حفر بئر ماء !!!

لذلك حينما نقرأ الكتاب المقدس ونقطع رحلة في أوائل الأسفار ، نتعجب من أحداث إقامة آبار ماء عند الآباء ، فنسمع :
+ " و فتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء فذهبت و ملأت القربة ماء و سقت الغلام " (تك 21 : 19)
+ " و حفر عبيد اسحق في الوادي فوجدوا هناك بئر ماء حي " (تك 26 : 19)
+ " فعاد اسحق و نبش آبار الماء التي حفروها في أيام إبراهيم أبيه و طمها الفلسطينيون بعد موت أبيه و دعاها بأسماء كالأسماء التي دعاها بها أبوه " (تك 26 : 18)
وحينما نجد هذا نعبر عليه عبور الكرام ، دون أن ندرك المغزى ونعرف عمق الكتاب المقدس وتركيزه على الأحداث ، لا عبثاً ولا مرور العابرين ، بل لأهمية هذا الحدث البسيط العميق ، الذي لا يُرى إلا لمن تفتحت بصيرته الداخلية على ماء الله الحي وبنعمته ...

وتكتمل الصورة في إرميا ونسمع قوله الشهير : " لأن شعبي عمل شرين تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم آباراً ، آباراً مشققة لا تضبط ماء " (ار 2 : 13)

فنحن كبشر صرنا غرباء في ميراثنا الخاص . كل واحد فينا يشرب من بئره الخاص ، وكل واحد مستقر قلبه عند بئره المحفور ، ويُشيد بجواره إلهه الخاص : دينه – ماله – سلطانه – حبه – معرفته ... الخ ؛ ولكن لا زال عطشاناً ، لذلك فهو يحفر حيث يظن أنه سيجد ماء ليشرب ويرتوي !!!

ويواصل الإنسان الرحلة ، وحينما يكتشف أن البئر فارغ لا ماء فيه ، أو إن وجد ماء يجده شديد الملوحة ، ليزيد عطشه بل ويحرق جوفه ويلهبه ؛ فالحنين يأخذه إلى أمل الوصول إلى ماء حي يرويه ولا يحتاج أن يبحث عن غيره ، وأحياناً الألم يعتصرنا حينما نسمع من داخلنا أو من الآخرين قائلين :
* هذا ليس ينبوعاً
*
هذا ليس ماء

* هذا ليس مفهومنا عن الماء والينبوع
* الماء لا وجود له

ولكن الإنسان الواثق من نفسه ، ومصدر ثقته نبعها الله الذي رسم ملامحه فيه ، لا يمكنه أن يتخلى عن البحث أو مواصلة الانتظار : فعدم الإحساس بالعطش يعني اقترابه من رقاد الموت .

ولكن لا ينعس ولا ينام ذاك الذي يحفر في أعماق قلب الإنسان العطش والانتظار . فهو العطشان الأول بالأساس . وهو الذي يسعى في المسير إلينا منادياً النداء الأول : آدم أين أنت ، لأن كل آدم مستخبي هارباً من وجهه !!!
فهو لا يهدأ أو يسكت إلى أن يلتقينا عند آبارنا السخيفة :
فلنقم الآن من جوار آبارنا ، هاربين من أفكارنا وميولنا وشكل عبادتنا الهزيلة ، ومعرفتنا المشوشة ، وارتكازنا على ذواتنا ، ونتجول في أرجاء الكتب المقدسة بحثاً عن الآبار حتى نصل إلى الأناجيل ، وهناك نجد البئر التي عليها استراح المخلَّص ، بعد عناء سفر ، عندما أتت السامرية لتستقي منه وتأخذ المياة ...

فمن يشرب منه لا يعطش أبداً أو يُفتش عن آخر
ولحديثنا الممتع بقية رائعة
 
التعديل الأخير:

روزي86

كتكوتة المنتدي
عضو مبارك
إنضم
3 أكتوبر 2009
المشاركات
45,853
مستوى التفاعل
1,167
النقاط
0
الإقامة
cairo
موضوع جميل

ربنا يعوضك
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,326
مستوى التفاعل
3,201
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
فمن يشرب منه لا يعطش أبداً أو يُفتش عن آخر

موضوعاتكم كلها رائعه جدا

بشكركم للموضوع ولمجهودكم

ربنا يبارككم
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
ربنا يفرح قلوبكم بفيض ماء المسيح الحي والحلو والمشبع لكل نفس
أقبلوا مني كل تقدير المحبة يا أروع إخوة أحباء
النعمة معكم

 

kalimooo

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
23 يونيو 2008
المشاركات
143,884
مستوى التفاعل
1,788
النقاط
113
الإقامة
LEBANON


شكراااااا على الموضوع الرائع

سلام المسيح معك
 

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
فرحكم الله بينابيعه الحلوة التي تروي ظمأ النفس وتعطي راحة وفرح سماوي لا يزول
أقبلوا مني كل تقدير يا أروع إخوة احباء يسوع والقديسين ؛ النعمة معكم كل حين

 
أعلى